|
قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال أحدهم ذات يومٍ متعجّباً : فلانٌ إمامُنا يبكي عند كلّ آية !! فقلت : ربّما وجد من عظيم التدبّر ما رقّ له قلبُهُ وهَمَلَت منه عيناه ، وإن كانت آيات الوعد والوعيد هي مظنّة البكاء ورقّة القلب إلا أنّ في آيات الأحكام الشرعية المتضمّنة لصلاح أحوال الأسرة والمجتمع ما يفسّر وصف القرآن بأنه ( موعظة ) و (يهدي للتي هي أقوَمُ ) ، ولك أن تتأمّل بعض آيات ( الطلاق ) على سبيل المثال .. نعم .. ( آيات الطلاق) التي ربّما ظنّ بعض الناس أنها بمنأى عن الوعظ والتذكير الذي هو مظنّة الخشوع وما يتبعه من بكاءٍ ووجل قلب ، فإذا هي متضمّنة من فواصل الوعظ وقوارع التذكير ما تلين له الأفئدة . والآن ..دونك هذه الآيات : ـ \"الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)\" تأمّل كيف كانت بداية الآية الكريمة حكما شرعيا يتعلق بالطلاق والعدد الذي تحصل به الرجعة ، وهو حكم فقهي ، ولذا فهذه الآية مصنّفة ضمن آيات الأحكام ، لكن كانت خاتمتها وعظاً زاجراً لمن يتساهل في هذا الحكم فيحمله عدم خوفه من الله تعالى إلى أن يقع في الظلم الذي حرّمه الله تعالى على نفسه وجعله بين عباده محرّما . ـ وآيةٌ أخرى : \" وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)\" لقد تضمّنت هذه الآية الكريمة حكما شرعيا جاء في فاتحتِها وهو إرشاد المطلّق إلى الإحسان في الطلاق والزجر عن الإمساك ضراراً ، أما الخاتمة فكانت ردعا وزجرا بل جاء النصّ صريحاً \" يعِظُكُم بِهِ \" ، ثم جاء التذكير بالتقوى والإشارة إلى ضرورة مراقبة الله تعالى . ـ وآية ثالثة ـ ولا زلنا في الباب نفسِهِ (باب الطلاق ) ـ : \"وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) تأمّل كيف كان الحديث عن مشكلة العضل ـ وهي واحدة من المشكلات الاجتماعيّة التي لا تزال إلى يوم الناسِ هذا ـ جاءت الآية الكريمة في بيان النهي عن إحدى صورِ العضل ، وكان شأنُها شأنَ سابقاتِها من مخاطبة المؤمنين وتذكيرهم ، وقد جاء وعظاً مباشراً مصرّحاً به ( يُوعَظُ ) . قال أبو حيّان في \"البحر المحيط \" (2/221) : (وذكر الإيمان بالله لأنه تعالى هو المكلف لعباده ، الناهي لهم ، والآمر . و : اليوم الآخر ، لأنه هو الذي يحصل به التخويف ، وتجنى فيه ثمرة مخالفة النهي . وخص المؤمنين لأنه لا ينتفع بالوعظ إلاَّ المؤمن ، إذ نور الإيمان يرشده إلى القبول ) ـ وآيةٌ رابعة: \" وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ \" قال الله تعالى في خاتمتها : \" وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)\" والقضيّة هنا في شأن الوالدات ما عليهنّ وما لَهنّ ـ مطلّفاتٍ أو غيرهن ـ وفي شأن حقّ الطفل ، فجاءت الآية خاتمة للتذكير برعاية هذه الحقوق واستحضار التقوى وترسيخ جانب المراقبة في أدائها . ـ وآيةٌ خامسة : قال تعالى : \" وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)\" إنّها تربية على استحضار علم الله تعالى وإحاطته بسرائر الأمور ومكنونات الصدور ولو كان المقامُ مقامَ حكمٍ شرعيٍ متعلّقٍ بقضيّة خِطبة المعتدّة . ـ وأختم الأمثلة بهذه الآية الكريمة : \"وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) \" ما أعظم هذا القرآن .. ! في جملةٍ يسيرةٍ يقترن الوعظ بالحكم الفقهي ليثمرَ هذا الاقترانُ في نفس المتأمّلِ قاعدةً من أعظم قواعد الإصلاح المجتمعي بل هي أعظمُها ، ألا إنّها ( ترسيخ الإيمان ) و (تقوية الخوف من الله ) لا سيّما في (أبواب التعامل ) و (حقوق الناس ) . واقرأ سورة ( الطلاق ) و (النساء ) وغيرَهما إن شئت لتدرك كيف كانت هذه الطريقة مطّردةً في آيات (الطلاق ) بل في غيرِها من الأحكام التي يغلب التساهل فيها ويغيب جانب العدل ويكون الظلمُ سيّدَ الموقف . وبعدُ .. فإن أيّ إصلاحٍ ـ في نواحي الحياةِ جميعِها ـ لا ينطلق من قواعد الإيمان ولا يهتدي بهدي القرآن فليس له نصيبٌ من مقوّمات البقاء ولا يستحقّ أن تسري الحياة في جسَدِه ، وواللهِ لن تغني ( النظريات المستوردة ) ـ البعيدة عن هدي القرآن ـ شيئاً ولن تثمر إصلاحاً ، والواقع خيرُ شاهد . إذا الإيمان ضاعَ فلا أمانٌ ولا دُنيا لمَن لم يُحيي دِيناً اللهمّ اهدِنا صراطك المستقيم ،وانفعنا بالقرآن العظيم ، وأعذنا من نزغات الشيطان الرجيم ، وصلّ وسلّم على خير خلقك وآله وصحبه أجمعين . يعقوب بن مطر العتيبي |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
• . . أم عبــد الرحمن يعافيك الرحمن غناتي على الطرح القيـــم ان شاء الله بميزان حسناتك الله يجزيك عني وعن سائر المسلمين جنات النعيم كل الشكر لك لـ عمقك جليل التقــدير آرق تحيه لقلبك • . • |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
اقتباس:
وَ إيآكِ شكرآ لك على آلتوآجدَ! . . |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
أم عبدالرحمن ربي يكتب لك الاجر والثواب من عنده يعطيك العافيه العطشان |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العـطــشان http://www.al-amakn.net/vb/amakn-4D/...s/viewpost.gif
أم عبدالرحمن ربي يكتب لك الاجر والثواب من عنده يعطيك العافيه العطشان وَ إيآكْ شكرآ لك على آلتوآجدَ! . . |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
●● مسـآءك إكليل التوليب أم عبد الرحمن جزآك الله كل خير وأثـآبك في ميزآن حسنـآتك إن شـآء الله لـ قلبك أنفـآس التوليب {.. سِر http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/4930_1237425830.gif ! |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
اقتباس:
وَ إيآكْ شكرآ لك على آلتوآجدَ! . . |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
جزاك الله خير الجزاء وبارك الله فيك
نسأل الله ان يجعلك في موازين حسناتك ونسأل الله ان يجعلك من اصحاب الفردوس الاعلى من الجنة اللهم آمين |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ~ آلغربآء ~ http://www.al-amakn.net/vb/amakn-4D/...s/viewpost.gif
جزاك الله خير الجزاء وبارك الله فيك نسأل الله ان يجعلك في موازين حسناتك ونسأل الله ان يجعلك من اصحاب الفردوس الاعلى من الجنة اللهم آمين وَ إيآكْ شكرآ لك على آلتوآجدَ! . . |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
مشكوره الله يعطيك العافيه |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
اقتباس:
الله يعافيك شكرآ لك على التوآجد ! . . |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
|
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
][ ام عبدالرحمن..’ جَزَاك الْلَّه خَيْر فِي مِيْزَان حَسَنَاتِك بِإِذْن الْلَّه بِشَغَف لِجَدِيْدِك شَتْائل اليَآسِمين لكَ http://vb.eqla3.com/images/smilies/rose.gif |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
جزاكِ الله خير الجزاء
ولاحرمتِ الاجر وجعله الله في ميزآن حسنــآنك |
رد: قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات )
ام عبد الرحمن
تاملات رائعه غاليتي فبارك الله فيك وبروعته نقلك المفيد في موازين حسناتك لك احترامي اطياف |
الساعة الآن 09:21 PM. |
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.