عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-2009, 06:27 PM
المشاركة 4

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المبحث الثالث: موضوعات علم العقيدة

الإيمان، والإسلام، والغيبيات، والنبوات، والقدر، والأخبار، وأصول الأحكام القطعية
وسائر أصول الدين والاعتقاد، ويتبعه الرد على أهل الأهواء والبدع وسائر الملل
والنحل الضالة، والموقف منهم

مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة لناصر بن عبد الكريم العقل - ص10

وموضوع علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة يدور على أمور منها: بيان حقيقة
الإيمان بالله تعالى وتوحيده، وما يجب له تعالى من صفات الجلال والكمال، مع
إفراده وحده بالعبادة دون شريك، والإيمان بالملائكة الأبرار والرسل الأطهار، وما
يتعلق باليوم الآخر والقضاء والقدر، كما يدور على ضد التوحيد وهو الشرك وهو
الكفر وبيان حقيقتهما وأنواعهما، وقد يقال إن موضوع علم التوحيد يدور على محاور
ثلاثة،،،
وذلك على النحو التالي:

1- ذات الله تعالى أو الإلهيات، والبحث في ذات الله تعالى من حيثيات ثلاث
ما يتصف به تعالى... وما يتنزه عنه... وحقه على عباده....
2- ذوات الرسل الكرام أو النبوات والبحث فيها من الحيثيات التالية:
ما يلزم ويجب عليهم... ما يجوز في حقهم... ما يستحيل في حقهم...
ما يجب على أتباعهم.
3- السمعيات أو الغيبيات: وهو ما يتوقف الإيمان به على مجرد ورود السمع أو
الوحي به، وليس للعقل في إثباتها أو نفيها مدخل كأشراط الساعة وتفاصيل
البعث... والبحث في السمعيات أو مسائل الغيب يكون من حيث اعتقادها وهو
يقوم على دعامتين: الإقرار بها مع التصديق ويقابله الجحود والإنكار لها، الإمرار
لها مع إثبات معناها ويقابله الخوض في الكنه والحقيقة، ومحاولة التصور والتوهم
بالعقل بعيدا عن النقل.
وضابط السمعيات: أن العقل لا يمنعها ولا يحيلها، ولا يقدر على ذلك، ولا يقدر
أن يوجبها ولا يحار في ذلك، فمتى ما صح النقل عن الله عز وجل ورسوله
صلى الله عليه وسلم فإن الواجب اعتقاد ذلك والإقرار به، ودفع كل تعارض
موهوم بين شرع الله وهو الوحي وبين خلقه وهو العقل،... والقاعدة الذهبية
هو أنه لا يتعارض وحي صحيح مع عقل صريح عند التحقيق

تمهيد

العقيدة لها مصدران أساسيان، هما: كتاب الله تعالى (القرآن الكريم).
وما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالرسول صلى الله عليه وسلم
لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. وإجماع السلف الصالح: مصدرٌ مبناه
على الكتاب والسنة.
أما الفطرة والعقل السليم فهما مؤيدان يوافقان الكتاب والسنة، ويدركان أصول
الاعتقاد على الإجمال لا على التفصيل، فالعقل والفطرة يدركان وجود الله وعظمته
وضرورة طاعته وعبادته، واتصافه بصفات العظمة والجلال على وجه العموم. كما أن
العقل والفطرة السليمين يدركان ضرورة النبوات وإرسال الرسل، وضرورة البعث
والجزاء على الأعمال، كذلك، على الإجمال لا على التفصيل.
أما هذه الأمور وسائر أمور الغيب، فلا سبيل إلى إدراك شيء منها على التفصيل
إلا عن طريق الكتاب والسنة (الوحي)، وإلا لما كانت غيباً وتعارض النص الصريح
من الكتاب والسنة مع العقل الصحيح (السليم) غير متصور أصلاً، بل هو مستحيل
فإذا جاء ما يوهم ذلك فإن الوحي مقدم ومحكم. لأنه صادر عن المعصوم
- صلى الله عليه وسلم - والعقل لا عصمة له، بل هو نظر البشر الناقص.
وهو معرض للوهم والخطأ والنسيان والهوى والجهل والعجز، فهو قطعاً ناقص

مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة لناصر بن عبد الكريم العقل - ص28

إن علم التوحيد يستمد من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، وذلك بمعرفة مناهج
الاستنباط، وطرائق الاستدلال، واستخراج الأحكام عند أهل السنة، وهذا يلزم
له إلمام بالعربية التي هي لسان الوحي، قرآنا وسنة، وبها نطق أهل العلم في
الأمة من السلف الصالح، كما يلزم له إدامة نظر في كتب الشروح والتفسير المأثور
للقرآن والحديث، مع بلوغ غاية من علم الأصول، إذ هو سبيل الوصول إلى معرفة
الأحكام الشرعية، العقدية والعملية، التي هي مناط السعادة الدنيوية والأخروية.
أنواع أدلة علم التوحيد:
وأما أنواع أدلة علم التوحيد المرضية، فهذا ما سنفصل فيه القول لعظيم أهميتها؛
وذلك لأن علم التوحيد أوثق العلوم الشرعية دليلاً، وأصرحها برهانا، وأظهرها بياناً
تقوم دعائم دلائله على صحائح المنقول، والإجماع الصحيح المتلقى بالقبول
ثم صرائح وبراهين المعقول، والفطرة المستقيمة السالمة من الانحراف
وهذه إشارة إلى أنواع هذه الأدلة التي يؤيد بعضها بعضا .

المصدر الأول: النقل الصحيح

إن صحائح المنقول تشمل الكتاب العزيز والسنة الصحيحة، قال تعالى:
{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:89]، والعقيدة في الله تعالى
من أهم ما بين الله في كتابه، قال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}
[الإسراء: 9]، وأهم ذلك العقيدة في الله وفي أنبيائه ورسالاته والغيب وما يحويه.
وعن السنة قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}
[النجم: 3-4]، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:
((قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)) .
وبيان مسائل الاعتقاد من أول وأولى ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم
للأمة في نصوص السنة، وهو صلى الله عليه وسلم أنصح الأمة وأفصحها
وأحرصها على أمانة البلاغ والرسالة، لهذا كانت نصوص السنة مع الكتاب هي
معول السلف ومعتمدهم في الاستدلال على مسائل الاعتقاد.قال شيخ الإسلام
عن أهل السنة: هم أهل الكتاب والسنة؛ لأنهم يؤثرون كلام الله على كلام غيره
من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد صلى الله عليه وسلم على هدي
كل أحد، ويتبعون آثاره صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً .يقول الإمام البربهاري:
واعلم أنه من قال في دين الله برأيه وقياسه وتأوله من غير حجة من السنة والجماعة
فقد قال على الله ما لا يعلم، ومن قال على الله ما لا يعلم فهو من المتكلفين.
والحق ما جاء من عند الله عز وجل، والسنة ما سنه رسول الله ...
صلى الله عليه وسلم، والجماعة ما اجتمع عليه أصحاب رسول الله ...
صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان.
ومن اقتصر على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلج على أهل البدعة
كلهم، واستراح بدنه، وسلم له دينه إن شاء الله، لأن رسول الله...
صلى الله عليه وسلم قال:
((ستفترق أمتي))، وبيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم...
الفرقة الناجية منها فقال: ((ما أنا عليه وأصحابي)) ، فهذا هو الشفاء
والبيان، والأمر الواضح، والمنار المستقيم .وأهل السنة لا يستدلون بالقرآن
دون السنة؛ بل بالسنة والقرآن، ولا يكمل دين العبد إلا بالإيمان بما فيهما؛
لأنهما مما أوتيه الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: صلى الله عليه وسلم:
((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)) .
فهما في الاحتجاج والاستدلال سواء، لا يعزل أحدهما من أجل التحاكم إلى
الآخر، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}
[النساء: 59] وقال تعالى:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}
[النساء: 65].يقول البربهاري: وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده ويريد القرآن
فلا شك أنه رجل قد احتوى على الزندقة، فقم عنه ودعه .
ولا يعارض صحيح النقل - من أدلة علم العقيدة - بوهم الرأي وخطل القياس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فكان من الأصول المتفق عليها من الصحابة
والتابعين لهم بإحسان، أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن، لا برأيه ولا ذوقه
ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده.. فكان القرآن هو الإمام الذي يقتدى به، ولهذا
لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس، ولا بذوق
ووجد ومكاشفة، ولا قال قط: قد تعارض في هذا العقل والنقل، فضلاً عن أن يقول:
فيجب تقديم العقل، والنقل إما أن يفوض وإما أن يؤول!.. ولم يكن السلف يقبلون
معارضة الآية إلا بآية تفسرها أو تنسخها، أو بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم
تفسرها، فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين القرآن وتدل عليه وتعبر
عنه .
وسنة النبي صلى الله عليه وسلم يحتج بها مطلقا - بشرط الصحة -، لا فرق
في ذلك بين العقائد والأحكام من حيث حجيتها ومجالها، ولا بين المتواتر والآحاد
من حيث ثبوتها وقبولها

المصدر الثاني:الإجماع

والإجماع مصدر من مصادر الأدلة الاعتقادية؛ لأنه يستند في حقيقته إلى الوحي
المعصوم من كتاب وسنة، وأكثر مسائل الاعتقاد محل إجماع بين الصحابة
والسلف الصالح، ولا تجتمع الأمة في أمور العقيدة ولا غيرها على ضلالة وباطل.
فالإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمدون عليه في العلم والدين، والإجماع الذي
ينضبط ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثر الخلاف وانتشرت الأمة
وعلى هذا فإجماع السلف الصالح في أمور الاعتقاد حجة شرعية ملزمة لمن
جاء بعدهم، وهو إجماع معصوم، ولا تجوز مخالفته،،
"فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة نبيه وما اتفقت عليه الأمة
فهذه الثلاثة أصول معصومة .

المصدر الثالث: العقل الصريح

العقل مصدر من مصادر المعرفة الدينية، إلا أنه ليس مصدراً مستقلاً؛
بل يحتاج إلى تنبيه الشرع، وإرشاده إلى الأدلة؛ لأن الاعتماد على محض
العقل، سبيل للتفرق والتنازع ، فالعقل لن يهتدي إلا بالوحي، والوحي
لا يلغي العقل.
وقد رفع الوحي من قيمة العقل وحث على التعقل، وأثنى على العقلاء،،
قال تعالى:
{فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ
وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الألْبَابِ
} [الزمر: 17-18].
والنصوص الشرعية قد جاءت متضمنة الأدلة العقلية صافية من كل كدر، فما
على العقل إلا فهمها وإدراكها، فمن ذلك: قوله تعالى:
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}
[الأنبياء: 22].
وقال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور:35].
وقال جل وعلا:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}
[سورة النساء: 82]. وخوض العقل في أمور الإلهيات باستقلال عن الوحي
مظنة الهلاك وسبيل الضلال. يقول ابن رشد الفيلسوف -وهو ممن خاض بالعقل
في مسائل الاعتقاد وطالت تجربته-: لم يقل أحد من الناس في العلوم الإلهية
قولا يعتد به، وليس يعصم أحد من الخطأ إلا من عصمه الله تعالى بأمر إلهي خارج
عن طبيعة الإنسان، وهم الأنبياء . والمقارنة بين طريقة الوحي وطرق الفلاسفة
والمتكلمين في بحث أمور العقيدة هي مقارنة بين الصواب والخطأ، والصحيح
والفاسد، والنافع والضار.يقول الرازي - بعد طول بحث -: ولقد اختبرت الطرق
الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيت فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها
في القرآن. وقال: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيتها
تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن.. ومن جرب مثل
تجربتي عرف مثل معرفتي .فميزان صحة المعقولات هي الموافقة للكتاب
والسنة. قال في (الحجة): وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسنة أمامهم، وطلبوا
الدين من قبلهما، وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتاب
والسنة، فإن وجدوه موافقاً لهما قبلوه، وشكروا الله حيث أراهم ذلك ووفقهم عليه
وإن وجدوه مخالفاً لهم تركوا ما وقع لهم، وأقبلوا على الكتاب والسنة، ورجعوا
بالتهمة على أنفسهم . والعقل قد يهتدي بنفسه إلى مسائل الاعتقاد الكبار
على سبيل الإجمال، كإثبات وجود الله مع ثبوت ذلك في الفطرة أولاً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: واعلم أن عامة مسائل أصول الدين الكبار مما
يعلم بالعقل . أما مسائل العقيدة التفصيلية مما يتعلق بذات الله تعالى وصفاته
ورسوله وأنبيائه، وما يجب لهم وما يستحيل، فما كانت العقول لتدركها لولا مجيء
الوحي.قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني: ولأن العقل لا مجال له في إدراك
الدين بكماله، وبالعلم يدرك بكماله ويقصد بالعلم الوحي.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: لا تحسبن أن العقول لو تركت وعلومها التي
تستفيدها بمجرد النظر، عرفت الله معرفة مفصلة بصفاته وأسمائه على وجه اليقين .
وقال اللالكائي رحمه الله: سياق ما يدل من كتاب الله عز وجل، وما روي
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن وجوب معرفة الله تعالى
وصفاته بالسمع لا بالعقل، قال الله تعالى يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم
بلفظ خاص والمراد به العام: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [محمد: 19]
وقال تبارك وتعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}
[الأنبياء: 25]، فأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن بالسمع
والوحي عرف الأنبياء قبله التوحيد...وكذلك وجوب معرفة الرسل بالسمع
قال الله تبارك وتعالى:
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ
وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
} [الأعراف: 158].. فدلّ على أن معرفة الله والرسل
بالسمع كما أخبر الله عز وجل، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة .
ثم إن كثيراً من مسائل الاعتقاد بعد معرفتها والعلم بها لا تدرك العقول حقيقتها
وكيفيتها، وذلك كصفات الله تعالى وأفعاله، وحقائق ما ورد من أمور اليوم الآخر
من الغيبيات التي لا يحيلها أو يردها العقل، ولا يوجبها أو يطلبها."ولهذا ضرب الله
تعالى الأمثال في القرآن الكريم لتقرير مسائل الغيب، تنبيهاً للعقول على إمكان
وجودها، فاستدل على النشأة الآخرة بالنشأة الأولى، وعلى خلق الإنسان
بخلق السماوات والأرض وهي أعظم وأبلغ في القدرة، وعلى البعث بعد الموت
بإحياء الأرض الميتة بعد إنزال الماء عليها" .قال السفاريني رحمه الله:
لو كانت العقول مستقلة بمعرفة الحق وأحكامه، لكانت الحجة قائمة على الناس
قبل بعث الرسل وإنزال الكتب، واللازم باطل بالنص:
{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15]، فكذا الملزوم .
وأخيراً: فإن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح؛ فالأول خلق الله تعالى
والثاني أمره، ولا يتخالفان؛ لأن مصدرهما واحد وهو الحق سبحانه:
{أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54].قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وليس في الكتاب والسنة وإجماع الأمة شيء يخالف العقل الصريح؛
لأن ما خالف العقل الصريح باطل، وليس في الكتاب والسنة والإجماع باطل
ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنى باطلاً
فالآفة منهم لا من الكتاب والسنة .ولذا قال الإمام محمد بن شهاب الزهري
رحمه الله: من الله عز وجل العلم، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم ،،
"وما أحسن المثل المضروب للنقل مع العقل، وهو أن العقل مع النقل
كالعامي المقلد مع العالم المجتهد؛ بل هو دون ذلك بكثير، فإن العامي
يمكنه أن يصير عالماً، ولا يمكن للعالم أن يصير نبيا رسولاً
.




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..