عرض مشاركة واحدة
قديم 16-12-2009, 02:31 AM
المشاركة 24

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الفصل الثاني: موقف أهل السنة من التعطيل

نُمِرُّهَا صَرِيحَةً كَمَا أَتَتْ
مَعَ اعْتِقَادِنَا لِمَا لَهُ اقْتَضَتْ

مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلاَ تَعْطِيلِ
وَغَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلاَ تَمْثِيلِ

بَلْ قَوْلُنَا قَوْلُ أَئِمَّةِ الْهُدَى
طُوبَى لِمَنْ بِهَدْيِهِمْ قَدِ اهْتَدَى


(ولا تعطيل) أي للنصوص بنفي ما اقتضته من صفات كمال الله تعالى ونعوت
جلاله فإن نفي ذلك لازمه نفي الذات ووصفه بالعدم المحض إذ ما لا يوصف
بصفة هو العدم تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا ولهذا قال
السلف الصالح رحمهم الله تعالى في الجهمية إنهم يحاولون أن يقولوا ليس
في السماء إله يعبد وذلك لجحودهم صفات كماله ونعوت جلاله التي وصف بها
نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك يتضمن التكذيب بالكتاب
والسنة والافتراء على الله كذبا
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى
لِّلْكَافِرِينَ وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ
رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم
بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ
} [الزمر: 32-35].

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي –
ص462

التعطيل بمعنى التخلية والترك، كقوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ} [الحج: 45]، أي:
مخلاة متروكة.
والمراد بالتعطيل: إنكار ما أثبت الله لنفسه من الأسماء والصفات، سواء كان كلياً
أو جزئياً، وسواء كان ذلك بتحريف أو بجحود، هذا كله يسمى تعطيلاً.
فأهل السنة والجماعة لا يعطلون أي اسم من أسماء الله، أو أي صفة من صفات
الله ولا يجحدونها، بل يقرون بها إقراراً كاملاً.
فإن قلت: ما الفرق بين التعطيل والتحريف؟
قلنا: التحريف في الدليل والتعطيل في المدلول، فمثلاً:
إذا قال قائل: معنى قوله تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} [المائدة: 64]، أي بل قوتاه
هذا محرف للدليل، ومعطل للمراد الصحيح، لأن المراد اليد الحقيقية، فقد عطل
المعنى المراد، وأثبت معنى غير المراد. وإذا قال: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان، لا أدري!
أفوض الأمر إلى الله، لا أثبت اليد الحقيقية، ولا اليد المحرف إليها اللفظ. نقول:
هذا معطل، وليس بمحرف، لأنه لم يغير معنى اللفظ، ولم يفسره بغير مراده
لكن عطل معناه الذي يراد به، وهو إثبات اليد لله عز وجل.
أهل السنة والجماعة يتبرءون من الطريقتين:
الطريقة الأولى: التي هي تحريف
اللفظ بتعطيل معناه الحقيقي المراد إلى معنى غير مراد.

والطريقة الثانية: وهي طريقة أهل التفويض
فهم لا يفوضون المعنى كما يقول المفوضة بل يقولون:
نحن نقول: {بَلْ يَدَاهُ}، أي: يداه الحقيقيتان {مَبْسُوطَتَان}، وهما غير القوة والنعمة.
فعقيدة أهل السنة والجماعة بريئة من التحريف ومن التعطيل.

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين – 1/91

الفصل الثالث: موقف أهل السنة من التفويض

قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه المعروف بـ (العقل والنقل): وأما التفويض
فمن المعلوم أن الله أمرنا بتدبر القرآن وحضنا على عقله وفهمه، فكيف يجوز مع
ذلك أن يراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله – إلى أن قال: وحينئذٍ فيكون
ما وصف الله به نفسه في القرآن أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء
معناه. بل يقولون كلاماً لا يعقلون معناه، قال: ومعلوم أن هذا قدح في القرآن
والأنبياء إذ كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدىً وبياناً للناس، وأمر الرسول
أن يبلغ البلاغ المبين، وأن يبين للناس ما نزل إليهم وأمر بتدبر القرآن وعقله ومع
هذا فأشرف ما فيه وهو ما أخبر به الرب عن صفاته... لا يعلم أحد معناه فلا يعقل
ولا يتدبر، ولا يكون الرسول بيَّن للناس ما نزل إليهم، ولا بلغ البلاغ المبين، وعلى
هذا التقدير فيقول كل ملحدٍ ومبتدعٍ: الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي
وعقلي، وليس في النصوص ما يناقض ذلك؛ لأن تلك النصوص مشكلة متشابهة
ولا يعلم أحد معناها، وما لا يعلم أحد معناه لا يجوز أن يستدل به، فيبقى هذا
الكلام سداً لباب الهدى والبيان من جهة الأنبياء، وفتحاً لباب من يعارضهم
ويقول: إن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق الأنبياء؛ لأننا نحن نعلم
ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية، والأنبياء لم يعلموا ما يقولون فضلاً عن أن
يبينوا مرادهم، فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة
والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد.اهـ. كلام الشيخ وهو كلام سديد
من ذي رأي رشيد، وما عليه مزيد – رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجمعنا
به في جنات النعيم .

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح بن عثيمين –
ص44

وبهذا تعرف ضلال أو كذب من قالوا: إن طريقة السلف هي التفويض، هؤلاء ضلوا
إن قالوا ذلك عن جهل بطريقة السلف، وكذبوا إن قالوا ذلك عن عمد، أو نقول:
كذبوا على الوجهين على لغة الحجاز، لأن الكذب عند الحجازيين بمعنى الخطأ.
وعلى كل حال، لا شك أن الذين يقولون: إن مذهب أهل السنة هو التفويض
أنهم أخطأوا، لأن مذهب أهل السنة هو إثبات المعنى وتفويض الكيفية.
وليعلم أن القول بالتفويض ـ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ من شر أقوال
أهل البدع والإلحاد!
عندما يسمع الإنسان التفويض، يقول: هذا جيد، أسلم من هؤلاء وهؤلاء، لا أقول
بمذهب السلف، ولا أقول بمذهب أهل التأويل، أسلك سبيلاً وسطاً وأسلم من
هذا كله، وأقول: الله أعلم ولا ندري ما معناها. لكن يقول شيخ الإسلام: هذا
من شر أقوال أهل البدع والإلحاد‍‍‌‍.
وصدق رحمه الله. وإذا تأملته وجدته تكذيباً للقرآن وتجهيلاً للرسول..
صلى الله عليه وسلم واستطالة للفلاسفة.
تكذيب للقرآن، لأن الله يقول: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]
وأي بيان في كلمات لا يدرى ما معناها؟‍ وهي من أكثر ما يرد في القرآن، وأكثر
ما ورد في القرآن أسماء الله وصفاته، إذا كنا لا ندري ما معناها، هل يكون القرآن
تبياناً لكل شيء؟‌‍ أين البيان؟
إن هؤلاء يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدري عن معاني القرآن
فيما يتعلق بالأسماء والصفات وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يدري
فغيره من باب أولى.وأعجب من ذلك يقولون: الرسول صلى الله عليه وسلم
يتكلم في صفات الله، ولا يدري ما معناه يقول: ((ربنا الله الذي في السماء))
وإذا سئل عن هذا؟ قال: لا أدري. وكذلك في قوله: ((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا))
وإذا سئل ما معنى (ينزل ربنا)؟ قال: لا أدري.... وعلى هذا، فقس.
وهل هناك قدح أعظم من هذا القدح بالرسول صلى الله عليه وسلم بل هذا من
أكبر القدح رسول من عند الله ليبين للناس وهو لا يدري ما معنى آيات الصفات
وأحاديثها وهو يتكلم بالكلام ولا يدري معنى ذلك كله.
فهذان وجهان: تكذيب بالقرآن وتجهيل الرسول.
وفيه فتح الباب للزنادقة الذين تطاولوا على أهل التفويض، وقال: أنتم لا تعرفون
شيئاً، بل نحن الذين نعرف، وأخذوا يفسرون القرآن بغير ما أراد الله، وقالوا: كوننا
نثبت معاني للنصوص خير من كوننا أميين لا نعرف شيئاً وذهبوا يتكلمون
بما يريدون من معنى كلام الله وصفاته!! ولا يستطيع أهل التفويض أن يردوا عليهم
لأنهم يقولون: نحن لا نعلم ماذا أراد الله، فجائز أن يكون الذي يريد الله هو ما قلتم!
ففتحوا باب شرور عظيمة، ولهذا جاءت العبارة الكاذبة:
طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم!.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: هذه قالها بعض الأغبياء، وهو صحيح، أن القائل
غبي.
هذه الكلمة من أكذب ما يكون نطقاً ومدلولاً، "طريقة السلف أسلم وطريقة
الخلف أعلم وأحكم
"، كيف تكون أعلم وأحكم وتلك أسلم؟! لا يوجد سلامة
بدون علم وحكمة أبداً! فالذي لا يدري عن الطريق، لا يسلم، لأنه ليس معه
علم، لو كان معه علم وحكمة، لسلم، فلا سلامة إلا بعلم وحكمة.
إذا قلت: إن طريقة السلف أسلم، لزم أن تقول: هي أعلم وأحكم وإلا لكنت
متناقضاً.
إذاً، فالعبارة الصحيحة: "طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم"، وهذا معلوم

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين – 1/92





عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..