عرض مشاركة واحدة
قديم 16-12-2009, 02:36 AM
المشاركة 29

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
الفصل الأول: تحقيق الشهادتين

وهذان الأصلان هما تحقيق الشهادتين اللتين هما رأس الإسلام:
شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله. فإن الشهادة
لله بأنه لا إله إلا هو، تتضمن إخلاص الإلهية له، فلا يجوز أن يتأله القلب
غيره، لا بحب ولا خوف ولا رجاء، ولا إجلال، ولا إكرام ولا رغبة، ولا رهبة
بل لا بد أن يكون الدين كله لله، كما قال تعالى:
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه} [ الأنفال: 39].
فإذا كان بعض الدين لله، وبعضه لغير الله: كان في ذلك من الشرك بحسب
ذلك. وكمال الدين كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره:
((من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)) .
فالمؤمنون يحبون لله، والمشركون يحبون مع الله. كما قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ
أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ
اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ
} [البقرة: 165].
والشهادة بأن محمداً رسول الله، تتضمن تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته
في كل ما أمر. فما أثبته وجب إثباته، وما نفاه وجب نفيه، كما يجب على
الخلق أن يثبتوا لله ما أثبته من الأسماء والصفات، وينفوا عنه ما نفاه عنه
من مماثلة المخلوقات، فيخلصوا من التعطيل والتمثيل، ويكونوا في إثبات
بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل. وعليهم أن يفعلوا ما أمر به وأن ينتهوا عما نهى
عنه، ويحللوا ما حلله، ويحرموا ما حرمه، فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله
ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله، ولهذا ذم الله المشركين في سورة الأنعام
والأعراف وغيرهما، لكونهم حرموا ما لم يحرمه الله، ولكونهم شرعوا ديناً لم
يأذن به الله، كما في قوله تعالى:
{وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136] إلى آخر السورة.
وما ذكره في صدر سورة الأعراف، وكذلك قوله تعالى:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21].
وقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا
وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا
} [الأحزاب: 45، 46] فأخبره
أنه أرسله داعياً إليه بإذنه، فمن دعا إلى غير الله فقد أشرك، ومن دعا إليه
بغير إذنه فقد ابتدع. والشرك بدعة، والمبتدع يؤول إلى الشرك ولم يوجد مبتدع
إلا وفيه نوع من الشرك، كما قال تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن
دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ
عَمَّا يُشْرِكُونَ
} [التوبة: 31] وكان من إشراكهم بهم أنهم أحلوا لهم الحرام
فأطاعوهم، وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم.
وقد قال تعالى: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا
حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ
الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ
} [التوبة: 29] فقرن بعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر
أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق.
والمؤمنون صدقوا الرسول فيما أخبر به عن الله وعن اليوم الآخر، فآمنوا بالله
واليوم الآخر وأطاعوه فيما أمر ونهى، وحلل وحرم، فحرموا ما حرم الله ورسوله
ودانوا دين الحق، فإن الله بعث الرسول يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر
ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، فأمرهم بكل معروف، ونهاهم عن
كل منكر، وأحل لهم كل طيب، وحرم عليهم كل خبيث.

اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام أحمد بن
عبد الحليم بن تيمية – 2/842



جماع الدين وأصله ومبدؤه أمران هما:

توحيد الله تعالى بالعبادة بتحقيق شهادة ألا إله إلا الله.
تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم بتحقيق شهادة أن محمداً
رسول الله.
ولهذا كان الإقرار بهما هو الأصل في الحكم للمعين بالإسلام ودخوله فيه
وكان تحقيقهما وعدم مناقضتهما شرطاً لبقاء ذلك الوصف. وكانتا مفتاح
الجنة وشرط النجاة في الآخرة. فعليهما إذن مدار الدين كله.
وتحقيق الشهادتين هو الإسلام العام الذي أمر الله به جميع عباده، وذلك
بتوحيده واتباع رسله على اختلاف الشرائع التي يرسلون بها. ولهذا قال
الرسول صلى الله عليه وسلم:
((الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد)) .
فالرسل جميعاً إنما يأتون بأمر واحد هو توحيد الله تعالى
قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا
أَنَا فَاعْبُدُونِ
} [الأنبياء: 25].
ويقول تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ
إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
} [الأعراف: 65].
وقال تعالى {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ
إِلَهٍ غَيْرُهُ
} [الأعراف: 73]. وقال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ
يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ
} [الأعراف: 85].
ولهــذا فإن جميع أنبياء الله ومن اتبعهم على مر التاريخ مسلمون بهذا
الاعتبار. لأن حقيقة الإسلام هي إسلام القصد والنية والوجه لله وحده
كما قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ
واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
} [النساء: 125].
وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ
مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ
إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
} [البقرة: 130-131].
وحكى الله عنه عليه السلام قوله: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا
أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
}
[البقرة: 128]. وقال تعالى عن حواري عيسى عليه السلام:
{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا
مُسْلِمُونَ
} [المائدة: 111]. وذكر الله تعالى عن سحرة فرعون بعد أن أسلموا
أنهم قالـوا: {وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا
وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ
} [الأعراف: 126].
وعلى هذا فالتوحيد هو الغاية التي بعث لها جميع الرسل، واتباعهم هو
المنهج والطريق الذي لابد من سلوكه والالتزام به لتحقيق تلك الغاية.
ولهذا نجد اشتراط تحقيق الشهادتين لدخول الجنة والنجاة من النار.
كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول
الله لا يلقى الله بهما غير شاك فيهما إلا دخل الجنة
)) .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحد يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً
عبد الله ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار
)) .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يشهد أحد ألا إله إلا الله وأني رسول الله
فيدخل النار أو تطعمه
)) . وقال صلى الله عليه وسلم:
((من شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرمه الله على النار))
وحقيق بالتنبيه هنا بيان أن المراد بالشهادة هنا ليس مجرد النطق
بالشهادتين باللسان، وإنما المراد تحقيقهما ظاهراً وباطناً وعدم مناقضتهما.

ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة لعبد الله بن محمد القرني – ص32

لابد لتحقيق الإقرار بالشهادتين التي هي الدلالة المطابقة لأصل الدين من:


- العلم بمدلولها إجمالاً.
- الالتزام بذلك المدلول.
- ترك ما يناقض ذلك.


وهذه القضايا الثلاث مترابطة وضرورية في تحقيق أصل الدين لأنه لا يمكن
تحقيق الشهادتين دون العلم بمدلولها والالتزام الإجمالي بمقتضى ذلك
المدلول، كما لا يمكن تحقيقهما مع فعل ما يناقضها.

ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة لعبد الله بن محمد القرني – ص310





عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..