عرض مشاركة واحدة
قديم 16-12-2009, 02:58 AM
المشاركة 44

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]


المسألة الثانية: دلالة الحس



وأما دلالة الحس على وجود الله، فإن الإنسان يدعو الله عز وجل، يقول: يا رب!
ويدعو بالشيء، ثم يستجاب له فيه، وهذه دلالة حسية، هو نفسه لم يدع إلا الله
واستجاب الله له، رأى ذلك رأي العين وكذلك نحن نسمع عمن سبق وعمن في
عصرنا، أن الله استجاب لهم فالأعرابي الذي دخل والرسول صلى الله عليه وسلم
يخطب الناس يوم الجمعة قال: هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا
قال أنس: والله، ما في السماء من سحاب ولا قزعة (أي: قطعة سحاب) وما بيننا
وبين سلع (جبل في المدينة تأتي من جهته السحب) من بيت ولا دار وبعد دعاء
الرسول صلى الله عليه وسلم فوراً خرجت سحابة مثل الترس، وارتفعت في
السماء وانتشرت ورعدت، وبرقت، ونزل المطر، فما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم
إلا والمطر يتحادر من لحيته عليه الصلاة والسلام وهذا أمر واقع يدل على وجود
الخالق دلالة حسية وفي القرآن كثير من هذا، مثل:
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَه}
[الأنبياء:83-84] وغير ذلك من الآيات

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/56

المسألة الثالثة: دلالة الآيات الكونية



- دليل الخلق والحدوث
كل حادث لا بد له من محدث ولا محدث للحوادث إلا الله عز وجل، والحقيقة أن دلالة
الحوادث على المحدث دلالة حسية عقلية:
أما كونها حسية: فلأنها مشاهدة بالحس،
وأما كونها عقلية: فلأن العقل يدل على أن كل حادثٍ لا بد له من محدث،
ولهذا سئل أعرابي: بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدل على المسير، والبَعْرَة تدل على
البعير، فسماء ذات أبراجٍ وأرض ٌ ذات فجاج وبحارٌ ذات أمواج ألا تدل على السميع
البصير؟ الجواب: بلى، هذا أعرابي استدل على أن هذه الحوادث العظيمة تدل
على خالقٍ عظيم عز وجل، هو السميع البصير، فالحوادث دليل على وجود المحدث
ثم كل حادثٍ منها يدل على صفةٍ مناسبةٍ غير الوجود، فنزول المطر يدل لا شك
على وجود الخالق ويدل على رحمته وهذه دلالةٌ غير الدلالة على الوجود، وجود
الجدب والخوف والحروب تدل على وجود الخالق وتدل على غضب الله عز وجل
وانتقامه، فكل حادثٍ فله دلالتان:
دلالةٌ كلية عامة: تشترك فيها جميع الحوادث وهي وجود الخالق وجود المحدث
ودلالةٌ خاصة: في كل حادثٍ بما يختص به كدلالة الغيث على الرحمة ودلالة
الجدب على الغضب وهكذا، وهناك دلالة أخرى: النوازل التي تنزل لسبب دالة
على وجود الخالق، مثل: دعاء الله عز وجل ثم استجابته للدعاء دليل على وجوده
وهذه وإن كانت من باب دلالة الحادث على المحدث لكنها أخص، لما دعا النبي
صلى الله عليه وسلم الله أن يغيث الخلق قال: ((اللهم أغثنا اللهم أغثنا))
ثم نشأ السحاب وأمطر قبل أن ينزل من المنبر، هذا حديث أنس يدل على وجود
الخالق وهذا أخص من دلالة العموم

شرح العقيدة السفارينية لمحمد بن صالح بن عثيمين - ص45

فالآيات الكونية: ما يتعلق بالخلق والتكوين، مثال ذلك قوله:
{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا
لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
} [فصلت: 37]
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20]
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ
لِّلْعَالِمِينَ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ
لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي
بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ
وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ
} [الروم: 22-25]،
فهذه الآيات كونية وإن شئت، فقل: كونية قدرية، وكانت آية لله، لأنه لا يستطيع
الخلق أن يفعلوها، فمثلاً: لا يستطيع أحد أن يخلق مثل الشمس والقمر
ولا يستطيع أن يأتي بالليل إذا جاء النهار، ولا بالنهار إذا جاء الليل، فهذه الآيات
كونية

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/124

المسألة الرابعة: دلالة الشرع



وأما دلالة الشرع، فلأن ما جاءت به الرسل من شرائع الله تعالى المتضمنة لجميع
ما يصلح الخلق يدل على أن الذي أرسل بها رب رحيم حكيم، ولاسيما هذا القرآن
المجيد الذي أعجز البشر والجن أن يأتوا بمثله

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/56

الآيات الشرعية، وهي ما جاءت به الرسل من الوحي، كالقرآن العظيم وهو آيه
لقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}
[البقرة: 252] {وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا
نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ
} [العنكبوت: 50-51]
فجعله آيات

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين - 1/124

المسألة الخامسة: دلالة العقل



فأما دلالة العقل، فنقول: هل وجود هذه الكائنات بنفسها، أو وجدت هكذا صدفة؟
فإن قلت: وجدت بنفسها، فمستحيل عقلاً ما دامت هي معدومة؟ كيف تكون
موجودة وهي معدومة؟! المعدوم ليس بشيء حتى يوجد، إذاً لا يمكن أن توجد
نفسها بنفسها وإن قلت: وجدت صدفة، فنقول: هذا يستحيل أيضاً، فأنت أيها
الجاحد، هل ما أنتج من الطائرات والصواريخ والسيارات والآلات بأنواعها، هل وجد
هذا صدفة؟! فيقول: لا يمكن أن يكون فكذلك هذه الأطيار والجبال والشمس والقمر
والنجوم والشجر والجمر والرمال والبحار وغير ذلك لا يمكن أن توجد صدفة أبداً ويقال:
إن طائفة من السمنية جاءوا إلى أبي حنيفة رحمه الله، وهم من أهل الهند
فناظروه في إثبات الخالق عز وجل، وكان أبو حنيفة من أذكى العلماء فوعدهم أن
يأتوا بعد يوم أو يومين، فجاءوا، قالوا: ماذا قلت؟ قال أنا أفكر في سفينة مملوءة
من البضائع والأرزاق جاءت تشق عباب الماء حتى أرست في الميناء ونزلت الحمولة
وذهبت، وليس فيها قائد ولا حمالون قالوا: تفكر بهذا؟! قال: نعم قالوا: إذاً ليس
لك عقل! هل يعقل أن سفينة تأتي بدون قائد وتنزل وتنصرف؟! هذا ليس معقول!
قال: كيف لا تعقلون هذا، وتعقلون أن هذه السماوات والشمس والقمر والنجوم
والجبال والشجر والدواب والناس كلها بدون صانع؟ فعرفوا أن الرجل خاطبهم بعقولهم
وعجزوا عن جوابه هذا أو معناه وقيل لأعرابي من البادية: بم عرفت ربك؟ فقال:
الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات
فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟ ولهذا قال الله عز وجل:
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] فحينئذ يكون العقل دالاً
دلالة قطعية على وجود الله .

شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن صالح بن عثيمين 1/56

لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يغيث الخلق، قال اللهم أغثنا، اللهم أغثنا
ثم نشأ السحاب، وأمطر قبل أن ينزل من المنبر، هذا يدل على وجود الخالق

شرح العقيدة السفارينية لمحمد بن صالح بن عثيمين - ص46






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..