عرض مشاركة واحدة
قديم 26-10-2010, 11:50 PM
المشاركة 2

 

  • غير متواجد
رد: لماذا لايعاقبني الله وانا اعصيه...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل جزاك الله وأخي نبيل كل خير ورزقكم الفردوس الاعلي وجميع المسلمين ..

أريد التأكد من صحة هذا الموضوع ...

لماذا لا يعاقبني الله وأنا أعصيه ..؟؟؟
أعتقد بأن هذا السؤال يطرح نفسه على أذهان الكثيرين فلا يجدون له اجابة ...
اليكم الاجابة .. ما ضرب الله عبدا بعقوبة أشد من قسوة القلب ...
جاء في قصص الأنبياء أن رجلا سأل النبي شعيب ( عليه السلام ) قائلا : لماذا لا يعاقبني الله وقد ارتكبت كل هذه الجرائم ..؟؟

فأجابه: أنت واقع تحت أقسى ألوان العقوبات وأنت لا تشعر . وقد عبر عن هذه القصة أحد العلماء بقوله : كان رجلا في عهد النبي شعيب عليه السلام يقول : ما أكثر العيوب التي يعلمها الله فيي وما أكثر الذنوب التي تقع مني ومع هذا فلا تنالني عقوبة الله.
فأوحى الله من وراء الغيب الى شعيب جوابا له بلسان فصيح : أنت قلت ما أكثر ذنوبي التي لا يؤاخذني الاله بها , انك تقول العكس أيها التارك للطريق فأنت أسير نفسك أنت لا تشعر , انك قيد السلاسل من الرأس حتى القدم , ان صدأك لنفسك قد أفسد كل باطنك , ومن كثرة ما تراكم الصدأ على قلبك فقد أصبح أعمى من رؤية الأسرار.
أي أنك تفكر تفكيرا عكسيا , فلو أن الله قد أخذك بعقوبة ظاهرة تشعر بها أنها عقوبة ,وكنت تتحملها فمن الممكن أن تكون تلك العقوبة سببا يدفعك الى اليقظة والانتباه , أما العقوبة التي أنت
واقع بها , وأصبحت فريسة في حبائلها , فهي أشد عليك , ألا وهي قسوة قلبك , وشدة اعراضك .

فاعلم أخي أنك ان لم تلاقي من الله عقوبة ظاهرة لسوء عملك , فهناك عقوبة باطنة , لا يدري
بها كثيرون , ألا وهي جفاء فلبك وقسوته , فالقلب محل الايمان , ان صلح صلح الجسم كله وان
فسد فسد الجسم كله ...... فكن على حذر




الجواب :


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

قد يكون كذلك ، أي : أن الإنسان يُعاقب ولا يشعر بالعقوبة .
قال ابن الجوزي : أعظم المعاقبة أن لا يُحِسّ المعاقَب بالعقوبة ، وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة ، كالفَرَح بالمال الحرام ، والتمكن من الذنوب . ومن هذه حاله ، لا يفوز بطاعة . اهـ .

ولذلك فإن العاقل الحصيف من يَرى أثر معصيته على حياته !
قال الفضيل بن عياض رحمه الله : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلُق حِماري وخَادمي .


وقد يُعاقَب الإنسان بالـنِّعَم !
قال عليه الصلاة والسلام : إذا رأيت الله يُعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحبّ فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) . رواه الإمام أحمد .

وقد يرتكب الإنسان الذنوب ولا يُعاقب لأمور :

الأول : أن الله عَفوّ حليم يُمهِل ولا يُهمِل ، ولا يُعاجِل بالعقوبة ، فقد يُمهل الله العاصي لِيتوب ، كما قال عليه الصلاة والسلام : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا . رواه مسلم .

الثاني : أن الله عزّ وَجَلّ اتَّصَف بالعفو ، وقد يعفو الله عزّ وَجَلّ عمّن عصاه ، وذلك راجع إلى مشيئته سبحانه وتعالى .

الثالث : أن الإنسان قد يكون له حَسَنات مَاحِيَة لتلك السيئات فلا يُعاقَب ، أو يفعل الحسنات فتُذهب أثر السيئات ، كما قال تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) .

الرابع : أن تُؤجّل له العقوبة في الآخرة ، وهذا في المعاصي التي لا تُعجّل عقوبتها .


والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد

"

ياربّ الطمأنينة التي تملأُ قلبي بذكرك ..