عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2012, 11:20 AM
المشاركة 110

  • غير متواجد
رد: سيرةُ نبيّ الرّحمة وصَحابَته ( في حَلَقاتْ )



نـــــسبــــه

طلحة بن عبيـد اللـه بن عثمان التيمـي القرشي المكي المدني ، أبو محمـد لقد كان في تجارة له بأرض بصرى ،
حين لقي راهبا من خيار رهبانها ، وأنبأه أن النبي الذي سيخرج من أرض الحرم ، قد أهل عصره ، ونصحه باتباعه
وعاد الى مكـة ليسمع نبأ الوحي الذي يأتي الصادق الأميـن ، والرسالة التي يحملها ، فسارع الى أبي بكر
فوجـده الى جانب محمد مؤمنا ، فتيقن أن الاثنان لن يجتمعا الا علـى الحق ، فصحبه أبـو بكر الى الرسـول
-صلى الله عليه وسلم- حيث أسلم وكان من المسلمين الأوائل.

إيــمــانـــه
لقد كان طلحة -رضي الله عنه- من أثرياء قومه ومع هذا نال حظه من اضطهاد المشركين ، وهاجر الى المدينة
وشهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الا غزوة بدر ..
فقد ندبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه سعيد بن زيد الى خارج المدينة ، وعند عودتهما عاد المسلمون
من بدر ، فحزنا الا يكونا مع المسلمين ..
فطمأنهما النبي -صلى الله عليه وسلم-..
بأن لهما أجر المقاتلين تماما ، وقسم لهما من غنائم بدر كمن شهدها وقد سماه الرسول الكريم يوم أحُد..
( طلحة الخير ) وفي غزوة العشيرة ( طلحة الفياض ) ويوم حنين ( طلحة الجود ).

بطــولتــــه يــوم أحــد
في أحد أبصر طلحة -رضي الله عنه- جانب المعركة الذي يقف فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلقيه
هدفا للمشركين ، فسارع وسط زحام السيوف والرماح الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرآه والدم
يسيل من وجنتيه ، فجن جنونه وقفز أمام الرسول -صلى الله عليه وسلم- يضرب المشركين بيمينه
ويساره ، وسند الرسول -صلى الله عليه وسلم وحمله بعيدا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه ..
ويقول أبو بكر - رضي الله عنه- عندما يذكر أحدا :
( ذلك كله كان يوم طلحة ، كنت أول من جاء الى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي الرسول ولأبي
عبيدة بن الجراح: "دونكم أخاكم " ونظرنا ، واذا به بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية ، واذا أصبعه
مقطوعة ، فأصلحنا من شأنه
).
وقد نزل قوله تعالى : " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من
ينتظر ، وما بدلوا تبديلا
" .
تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية أمام الصحابة الكرام ، ثم أشار الى طلحة قائلا :
( من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض ، وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة )
ما أجملها من بشرى لطلحة -رضي الله عنه- ، فقد علم أن الله سيحميه من الفتنة طوال حياته وسيدخله
الجنة فما أجمله من ثواب.

عطائــه وجــوده
وهكذا عاش طلحة -رضي الله عنه- وسط المسلمين مرسيا لقواعد الدين ، مؤديا لحقوقه ، واذا أدى حق ربه
اتجه لتجارته ينميها ، فقد كان من أثرى المسلمين ، وثروته كانت دوما في خدمة الدين ، فكلما أخرج منها
الشيء الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ، تقول زوجته سعدى بنت عوف:
( دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟ فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى
أهمني وأكربني وقلت له: ما عليك ، اقسمه فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه
درهما
)
وفي احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من الدمع وقال :
( ان رجلا تبيت هذه الأموال في بيته لا يدري مايطرق من أمر ، لمغرور بالله )
فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع يوزعها حتى أسحر وما عنده منها درهما..
وكان -رضي الله عنه- من أكثر الناس برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ، لقد قيل :
( كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله )
( وكان يزوج أياماهم ، ويخدم عائلهم ، ويقضي دين غارمهم )
ويقول السائب بن زيد : ( صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدت أحدا ، أعم سخاء على
الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة
).

طلحــة والفتنــه
عندما نشبت الفتنة في زمن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أيد طلحة حجة المعارضين لعثمان ، وزكى
معظمهم فيما ينشدون من اصلاح ، ولكن أن يصل الأمر الى قتل عثمان -رضي الله عنه- ، لا لكان قاوم
الفتنة ، وما أيدها بأي صورة ، ولكن ماكان كان ، أتم المبايعة هو والزبير لعلي -رضي الله عنهم جميعا-
وخرجوا الى مكة معتمرين ، ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر عثمان..
وكانت ( وقعة الجمل ) عام 36 هجري طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع
علي -رضي الله عنه- عندما رأى أم المؤمنين ( عائشة ) في هودجها بأرض المعركة ، وصاح بطلحة:
( يا طلحة ، أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت ؟)
ثم قال للزبير: ( يا زبير : ناشدتك الله ، أتذكر يوم مر بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن بمكان
كذا ، فقال لك : يا زبير ، ألا تحب عليا ؟؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي ، وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟
فقال لك : يا زبير ، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم
)
فقال الزبير: ( نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته ، والله لاأقاتلك ).

الشهــــاده
وأقلع طلحـة و الزبيـر -رضي الله عنهما- عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعـا حياتهما ثمنا لانسحابهما ،
و لكن لقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا ، فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي ،
وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته..
وبعد أن انتهى علي -رضي الله عنه- من دفنهما ودعهما بكلمات أنهاها قائلا :
اني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمـان من الذين قال الله فيهم :
( ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ) ثم نظر الى قبريهما وقال :
( سمعت أذناي هاتان) رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : ( طلحة و الزبير ، جاراي في الجنة ).

قبـــــر طلحــة
مّا قُتِلَ طلحة دُفِنَ الى جانب الفرات ، فرآه حلماً بعض أهله فقال :
( ألاّ تُريحوني من هذا الماء فإني قد غرقت ) قالها ثلاثاً ، فأخبر من رآه ابن عباس ، فاستخرجوه بعد بضعة
وثلاثين سنة ، فإذا هو أخضر كأنه السِّلْق ، ولم يتغير منه إلا عُقْصته ، فاشتروا له داراً بعشرة آلاف ودفنوه
فيها ، وقبره معروف بالبصرة ، وكان عمره يوم قُتِلَ ستين سنة وقيل أكثر من ذلك.









عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..