عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-2010, 04:42 PM
المشاركة 94

  • غير متواجد
رد: المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. ]]
المطلب الخامس: معنى ورُود النّار

******
ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بورود النار المذكور في قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا} [مريم: 71] هو دخول النار ، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه ، وكان يستدل على ذلك بقول الله تعالى في فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود: 98] ، وبقوله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86] ، وقوله: {لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا} [الأنبياء: 99] ، وروى مسلم الأعور عن مجاهد: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم:71] قال: داخلها. وذهب بعض أهل العلم إلى أن المراد بالورود هنا المرور على الصراط ، يقول شارح (الطحاوية): واختلف المفسرون في المراد بالورود في قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم: 71] ما هو؟ والأظهر والأقوى أنه المرور على الصراط قال تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] . وفي (الصحيح) ) أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده ، لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة ، قالت حفصة: فقلت: يا رسول الله ، أليس الله يقول: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم: 71] . فقال: ألم تسمعيه قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] .)) وأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن ورود النار لا يستلزم دخولها ، وأن النجاة من الشر لا تستلزم حصوله ، بل تستلزم انعقاد سببه ، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ، ولم يتمكنوا منه يقال: نجاه الله منهم . ولهذا قال تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا} [هود: 58 ] ، {فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا} [هود: 66 ] {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا} [هود: 94 ] ، ولم يكن العذاب أصابهم ، ولكن أصاب غيرهم ، ولولا ما خصهم الله به من أسباب النجاة ، لأصابهم ما أصاب أولئك ، وكذلك حال الوارد على النار ، يمرون فوقها على الصراط ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثياً ، فقد بين صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المذكور أن الورود هو الورود على الصراط . والحق أن الورود على النار ورودان: ورود الكفار أهل النار ، فهذا ورود دخول لا شك في ذلك كما قال تعالى: في شأن فرعون:{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود: 98 ] ، أي: بئس المدخل المدخول . والورود الثاني: ورود الموحدين ، أي مرورهم على الصراط على النحو المذكور في الأحاديث.

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 277

المطلب السادس: حقيقة الصّراط ومعتقد أهل السنة فيه

******

قال السفاريني: الصراط في اللغة: الطريق الواضح . ومنه قول جرير:

أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوج الموارد مستقيم


وفي الشرع: جسر ممدود على متن جهنم ، يرده الأولون والآخرون ، فهو قنطرة بين الجنة والنار . وقد بين شارح (الطحاوية) معتقده في الصراط المذكور في الأحاديث فقال: ونؤمن بالصراط ، وهو جسر على جهنم ، إذا انتهى الناس بعد مفارقتهم الموقف إلى الظلمة التي دون الصراط ، كما قالت عائشة رضي الله عنها: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال: هم في الظلمة دون الجسر)) . وقد بيّن السفاريني رحمه الله تعالى: – موقف الفرق من الصراط ، وهل هو صراط مجازي أم حقيقي ؟ ثم قرر مذهب أهل الحق الذي دلت عليه النصوص فيه ، فقال: اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة ، لكن أهل الحق يثبتونه على ظاهره من كونه جسراً ممدوداً على متن جهنم ، أحدّ من السيف وأدق من الشعر ، وأنكر هذا الظاهر القاضي عبد الجبار المعتزلي ، وكثير من أتباعه زعماً منهم أنه لا يمكن عبوره ، وإن أمكن ففيه تعذيب ، ولا عذاب على المؤمنين والصلحاء يوم القيامة ، وإنما المراد طريق الجنة المشار إليه بقوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} [محمد: 5] ، وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات:23] ، ومنهم من حمله على الأدلة الواضحة والمباحات والأعمال الرديئة التي يسأل عنها ويؤاخذ بها ، وكل هذا باطل وخرافات لوجوب حمل النصوص على حقائقها ، وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء أو الطيران في الهواء ، أو الوقوف فيه، وقد أجاب صلى الله عليه وسلم عن سؤال حشر الكافر على وجهه بأن القدرة صالحة لذلك . وأنكر العلامة القرافي كون الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف ، وسبقه إلى ذلك شيخه العز بن عبد السلام ، والحق أن الصراط وردت به الأخبار الصحيحة وهو محمول على ظاهره بغير تأويل كما ثبت في (الصحيحين) و(المسانيد) و(السنن الصحاح) مما لا يحصى إلا بكلفة من أنه جسر مضروب على متن جهنم يمر عليه جميع الخلائق ، وهم في جوازه متفاوتون. وذكر القرطبي مذهب القائلين بمجازية الصراط ، المأوّلين للنصوص المصرحة به ، فقال: ذهب بعض من تكلم على أحاديث وصف الصراط بأنه أدق من الشعر ، وأحدُّ من السيف أن ذلك راجع إلى يسره وعسره على قدر الطاعات والمعاصي ، ولا يعلم حدود ذلك إلا الله تعالى: لخفائها وغموضها ، وقد جرت العادة بتسمية الغامض الخفي دقيق، فضرب المثل بدقة الشعر، فهذا من هذا الباب، ومعنى قوله: أحدّ من السيف أن الأمر الدقيق الذي يصعد من عند الله تعالى: إلى الملائكة في إجازة الناس على الصراط يكون في نفاذ حد السيف ومضيه إسراعاً منهم إلى طاعته وامتثاله ، ولا يكون له مرد كما أن السيف إذا نفذ بحده وقوة ضاربه في شيء لم يكن له بعد ذلك مرد ، وإما أن يقال: إن الصراط نفسه أحد من السيف وأدق من الشعر فذلك مدفوع بما وصف من أن الملائكة يقومون بجنبيه ، وأن فيه كلاليب وحسكاً ، أي أن من يمر عليه يقطع على بطنه ، ومنهم من يزل ثم يقوم ، وفيه أن من الذين يمرون عليه من يعطى النور بقدر موضع قدميه ، وفي ذلك إشارة إلى أن للمارين عليه مواطئ الأقدام ، ومعلوم أن دقة الشعر لا يحتمل هذا كله . ثم رد عليهم مقالتهم ، فقال: ما ذكره هذا القائل مردود بما ذكرنا من الأخبار وأن الإيمان يجب بذلك ، وأن القادر على إمساك الطير في الهواء قادر على أن يمسك عليه المؤمن ، فيجريه أو يمشيه ، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا عند الاستحالة ، ولا استحالة في ذلك للآثار المروية في ذلك ، وبيانها بنقل الأئمة العدول ، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور .

القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 279




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..