عرض مشاركة واحدة
قديم 21-04-2013, 03:35 PM
المشاركة 2

  • غير متواجد
رد: سلْسلة الدّار الآخرة - الحديث عن الجنة ( 26)






فضل الزهد في الدنيا والتقشف في المأكل
الحسن البصري رضي الله عنه كان يقتات هو وأهله بعيش وملح، وامرأته لم تكن صاخبة ساخطة إنما كانت طيبة
لأن علاقته بالله صحيحة فصحح الله له علاقته بزوجته. لذلك قال ربنا: وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ [الأنبياء:90] لماذا؟
قال: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].
اللهم احشرنا في زمرتهم يا رب العالمين!
إذاً: هناك عباد من عباد الله موصولون بالله عز وجل، زاهدون في الدنيا متقشفون فيها، أكلهم فيها العيش والملح،
لا يكثرون من تناول المباحات التي تسبب التخمة، فيحتاج الإنسان بعد ذلك إلى التقشف أو الريجيم لتنقيص الوزن
كما تصنعه بعض النساء اللاتي يطلبن رشاقة الجسم، فيخربن بيوت أزواجهن بهذا الريجيم.
وهناك ريجيم إلهي وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه)
فقال: لقيمات، وليس أكلات، أو وجبات، ولقيمات مفردها لقيمة: تصغير لقمة.
(فإن لم يكن) يعني: أنه أكول، (فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) فيقوم من الأكل ولا تزال عنده رغبة
فيه، فإن من أكل كثيراً نام كثيراً، وذكر الله قليلاً، وندم يوم القيامة طويلاً. ومن أكل قليلاً نام قليلاً، وذكر الله كثيراً،
وفرح طويلاً. فمن أكل قليلاً خفت معدته فنام قليلاً، ومن أكل كثيراً ثقلت معدته فنام كثيراً، فالأفضل للمسلم أن
يرفع يده عن الطعام ونفسه تشتهيه؛ ولذلك فإن سيدنا أبا بكر و سيدنا عمر لم يجدا طعاماً في بيتيهما ذات يوم، فذهب أبو بكر إلى عمر بن الخطاب حبيبه وأخيه، وبينما هو ذاهب في الطريق إلى عمر وجد عمر قادماً إليه يبحث
عن طعام عنده، فذهبا معاً إلى سيدنا الحبيب الذي راودته الجبال الشم من ذهب عن نفسه فأراها أيما شمم
لو قال لأحد: كن ذهباً بإذن الله لكان، فدقا على باب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فأذن لهما، فاستحيا كل
منهما أن يفاتح الرسول بما يريد، وهذا تأدب مع مقام النبوة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:
أتدري يا أبا بكر ويا عمر منذ كم يوم لم يدخل جوف نبيكم طعام؟
وفي غزوة الخندق كان النبي صلى الله عليه وسلم يربط حجراً على بطنه من شدة الجوع؛ لأنه كان يضرب بالفأس
مع الصحابة، فلم يقعد وهم يعملون.
وكان يمر الشهر والشهران، والهلال والهلالان ولا يوقد في بيت رسول الله قدر وما كان يعيشهم إلا الأسودان:
التمر والماء، أو البلح والماء. وسيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يظل في المسجد إلى أن تطلع الشمس، ثم
يصلي ركعتي الضحى ثم يرجع إلى بيته فيقول لنسائه: أعندكم طعام؟ فيقلن له:
لا والله يا رسول الله! فيقول: (اللهم إني صائم). ولذلك أجاز أبو حنيفة أن ينوي المسلم الصيام في النفل من بعد شروق الشمس، فإذا وجدت نفسك مستعداً للصيام وأنت في وسط النهار قبل الزوال..
ولم تطعم شيئاً فقل إني صائم.
فهذه مسألة. فإذا كنت صائماً صوم تطوع وأتى لك زائر فجأة وسيتغدى عندك، فمن حكم الفقه والإسلام أن تأكل
مع الضيف، لتدخل السرور على قلب أخيك المسلم، وإدخالك السرور على قلب أخيك المسلم أحب عند الله من الصيام؛ لأن الصيام سنة، وإدخال السرور على المسلمين فرض. فحين تنكد على امرأتك، أو على أولادك فهذا
ظلم، أو أن امرأتك تنكد عليك فإن هذا ظلم، وقد دخلت امرأة النار في هرة عذبتها، وكم من امرأة تبيت باكية من زوجها، وأخت تبيت باكية من أخيها، وابنة تبيت باكية من أمها وأبيها، وأب وأم يبيتان باكيين من ظلم وعقوق الأبناء والبنات، وزوج يبيت باكياً من ظلم أبنائه وزوجته، سبحان الله! (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).
وكان الحسن البصري يأكل العيش والملح فقيل له، فقال: نأكل هذا حتى يتجهز لنا الشواء في الجنة يوم القيامة، فـالحسن البصري معتبر بالدنيا، وقد حصل لتلاميذه ذعر عندما رأوه يأكل العيش والملح فقالوا:
هؤلاء الأئمة يعيشون هكذا. وسأله رجل وقال: عندنا رجل يأكل في اليوم أكلة واحدة، فقال:
هذا طعام الصديقين المتقين. وسأله آخر وقال له: وعندنا من يأكل في اليوم أكلتين؟
فقال: هذا طعام المؤمنين.
وقال الثالث: وعندنا من يأكل في اليوم ثلاث أكلات، قال: مر أهله ليبنوا له معلفاً ليعلفوه فيه.
كيف لو قال له: ست أكلات، وبين كل أكلتين ثلاث وجبات؟ كان سيحصل لسيدنا الحسن البصري ذعر، ولو أن واحداً
من التابعين أو الصحابة يعيش في أوساطنا اليوم لحصل له ذعر. يقول الإمام أبو حنيفة : سوف يأتي زمان على أمة محمد لا يعرفون فيه إلا بالصلاة. فلو دخلت على أي مجتمع مسلم، دخلت منطقة (الدقي) -مثلاً- لعرفت أن أهلها مسلمون لأنهم مصلون يدخلون الجامع، وإلا فما الفرق بين شارع التحرير وشارع الشنزليزيه في باريس ..
أو أي شارع في أمريكا وأوروبا؟ أليس في باريس عرايا؟ فإن عندنا عرايا، وفي باريس بنوك ربوية، ففي كل مترين
تجد غضب الله ونقمته نازلة على البلد بسبب الربا، وفي أمريكا وأوروبا خمور وصالات المجون وكذلك في معظم
بلداننا الإسلامية، وهكذا.
إذاً: المسلمون لن يعرفوا إلا بالصلاة، فأريدكم أن تمسكوا بالصلاة بأيديكم وأسنانكم، وسوف تنقض عرى الإسلام عروة عروة أولها الحكم وآخرها الصلاة، اللهم أعد إلينا الحكم بكتابك وسنة حبيبك يا رب العالمين.




جزاء من يعرض عن السنة كترك الحجاب الإسلامي

ورأينا أيضاً أن الصراط جسر فوق النار والعياذ بالله، ويمر الناس عليه كل على قدر عمله وهناك عند
حوض الكوثر بعد العبور من الصراط يطرد من الحوض من تركوا سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم،
وردوا أمر الله عز وجل، وقلت حكماً ما زلت أكرره؛ لأن الموضة بدأت تنتشر مرة أخرى، وهو أن المرأة الغير
محجبة ولكنها مقتنعة بوجوب الحجاب، وتدعو الله أن يتم عليها هذه النعمة، فهي مؤمنة عاصية أو مسلمة
عاصية، لكن لو أن امرأة مسلمة لا تلبس الحجاب لعدم اقتناعها به؛ ولأنها ترى أن الحجاب حجاب القلب؛
وأن الله لم يأمر بالحجاب فهي كافرة قد ارتدت عن الإسلام، فالله يأمرها بالحجاب فترفض ذلك، وتكذب الله
ورسوله والقرآن، وتكذب من يبلغ عن رسول الله. فالدين ليس فيه رأي ولا اجتهادات، الدين عندنا:
قال الله في كتابه، وقال الحبيب في سنته، ثم الله أعلم، أو لا أعرف، فمن اقتنعت أن الله لم يأمر بالحجاب
فهي كافرة، أما مسلمة وهي غير محجبة، فهي مسلمة عاصية، ندعو الله لها بالهداية.
وحوض الكوثر تذاد عنه كل امرأة غير محجبة، فكل من رد الأمر على الله لن يشرب من حوض الكوثر، وكل
من لم يستن بسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما قال فسوف يذاد عن حوض الكوثر،
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(يذاد أناس من أمتي عن الحوض يوم القيامة -أي: يطرود- فأقول: يا رب!
أمتي أمتي، فيقول: يا محمد إنك لم تدر ماذا أحدثوا من بعدك، إنهم رجعوا على أدبارهم القهقرى)
أي: تركوا الكتاب والسنة ورجعوا الوراء للجاهلية (فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل وغير).
فالجماعة الذين يعملون الأربعين والثانوية وأعياد الميلاد، يعملون أموراً جاهلية لم يشرعها الله، ولم يأذن
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأربعون بدعة فرعونية انتشرت في جميع أنحاء العالم من مصر،
كأن الفساد الفرعوني لم يخرج إلا من مصر فانتشر في بقاع الأرض..
وكنا نتمنى أن تنشر مصر الهدى والتقوى والإسلام، اللهم أعد الإسلام إلى المسلمين وأعد المسلمين
إلى الإسلام يا رب العالمين.
ثم رأينا بعد ذلك النار وما فيها من أنواع العذاب والعياذ بالله، في أربع حلقات تقريباً، ثم تكلمنا عن الجنة
ونعيمها وهذه هي الحلقة الرابعة عن جنة الرضوان، اللهم متعنا بجنة الرضوان يا رب العالمين.
أخرج الطبراني فيما يرويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز بسم الله الرحمن الرحيم
يعني: أنك لا تدخل البلاد التي تذهب إليها إلا بالجواز والتأشيرة، والجنة لا تدخلها إلا بجواز مكتوب فيه
بسم الله الرحمن الرحيم.
(هذا كتاب من الله لفلان ابن فلان أدخلوه جنة عالية، قطوفها دانية) ويأخذ هذا الكتاب بعد الميزان، بعد أن
يأخذ العبد كتابه بيمينه، اللهم اجعلنا من أهل اليمين يا رب!
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في كل شيء، فكان يأكل باليمين، ويصافح باليمين،
ويتصدق باليمين، ويمسح على رأس اليتيم باليمين، ولم يجعل الشمال إلا لدورات المياه، صحيح أن
الشمال ممكن أن تساعد في لأكل، لكن الأصل في الأكل اليمين، فالشمال مساعدة بأن تأخذ الطبق،
أو تساعد في التقطيع أو الخبز، لكن الفندقة أو أسلوب الفنادق يقول لك: لا بد أن تضع الشوكة في اليد
الشمال والسكين في اليمين، ولا ينفع أن تجعل الشوكة على اليمين والسكين على الشمال.
ولو قلت له: إنك أسرعت في الصلاة ولم تطمئن في ركوعك وسجودك؟ فإنه يتعلل بقوله: يا أستاذ!
الرب غفور رحيم. لعب الكرة قد وضعوا لها قوانين، فاللاعب لو خرج بدون إذن، فإنه يطرد من اللعب،
أو لمس الكرة بيده داخل منطقة الجزاء في خط الثمانية عشر، يصبح (فاول)
أو ضربة جزاء، والحكم يصفر، ولا يغضب اللاعب أبداً وهكذا، فلابد لمن يلعب أن يلعب بقانون.
أليس من باب أولى أن يكون للصلاة قانون وللزكاة قانون وللحج قانون، ولكلام الله قانون، ولكلام الحبيب
المصطفى قانون، أو أن الأمور تمشي هكذا، نعم نحن نعرف جيداً أن الرب غفور رحيم، لكن هناك قوانين.
(دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مسجده، فرأى رجلاً لا يطمئن في صلاته -أي:
يصلي بسرعة- فبعد أن أنهى الرجل صلاته، قال له: صل فإنك لم تصل) .
هذه نقطة خطيرة يا إخوان، لم يقل له صلاتك ناقصة، إنما قال له: صل فإنك لم تصل..
(فأعاد الرجل صلاته، ثم قال له: صل فإنك لم تصل، ثم أعاد للمرة الثالثة، فقال له:
صل فإنك لم تصل، قال: والله يا رسول الله لا أحسن إلا هذا، فقال له:
إذا قمت إلى الصلاة، فكبر واقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، وارفع حتى تطمئن
رافعاً، واسجد حتى تطمئن ساجداً، واجلس حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها
).
ومثل الذي يصلي وينقر صلاته نقر الغراب كالجائع يأكل التمرة والتمرتين لا تغنيان عنه شيئاً. ولذلك فإن
الذي لا يطمئن في الصلاة فإنها تلف كما يلف الثوب الخلق، أي: الثوب القديم، ويضرب بها وجه صاحبها،
وتقول له: ضيعك الله كما ضيعتني.


تربية النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه
وكان الصحابي الجليل سيدنا نعيمان بن عبد الله يحب الضحك، والصحابة كان فيهم مرح، لكنه مرح محدود،
فالرسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم وجد نعيمان قاعداً مع عدة نساء أمام عتبة داره، فلما رأى نعيمان
الحبيب عليه الصلاة والسلام وهو جالس بين النساء ولم يكن محارم له فسأله عن سبب جلوسه فقال: أفتل
حبلاً لبعير لي شرد، فيريد أن يستعذر من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أي كلام. وكلما لقيه الحبيب
عليه الصلاة والسلام قال له: ماذا فعل بعيرك الشرود يا نعيمان ؟ فكان نعيمان يختبئ من الرسول، وفي يوم
من الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم يبحث عن نعيمان ويسأل عنه، فقالوا: يا رسول الله!
إنه يصلي في آخر الصف، ويخرج قبل أن تراه، وهذا من شدة الإحراج والخجل الذي كان في الصحابة، ليس مثل
بعض الناس يكلم أحد المشايخ ويعبث بخاتمة في يده، والسيجارة في فمه ينفخ في وجهه، فالتدخين حرام.
المهم أن سيدنا الحبيب دخل المسجد في وقت لا يتعود الدخول فيه فوجد سيدنا نعيمان يصلي، فلمح الحبيب
وشم ريحته الزكية من جنبه، فأطال في الصلاة فعرف الرسول منه ذلك، فقال له:
( يا نعيمان لو أطلت إلى يوم القيامة لانتظرتك).
أي: أنا أعزك، فهذه طريقة تربية الحبيب لأصحابه، فقد كان شفيقاً، ولم يقل له: والله لن تفلح، وكان كله حنان
صلى الله عليه وسلم، فلما انتهى نعيمان من صلاته اتجه إلى الحبيب وقبل يده ورجله، فقال له صلى الله عليه وسلم: ماذا فعل بعيرك الشرود يا نعيمان ؟
فقال: ما شرد منذ أن أسلمت يا رسول الله، فكان قصد نعيمان ليس البعير، وإنما صاحب البعير، فيقال:
إن نعيمان عمر ولم ينحرف ولا ارتكب فاحشة ولا غلط منذ أن أسلم، فوضع الرسول يده على صدره وقال:
(اللهم حصن فرجه، واغفر ذنبه، ويسر أمره) فكان نعيمان يصلي بعد ذلك في الصف الأول خلف رسول الله.
فهذه هي طريقة التربية العظيمة. ولما جاء ابن عمه السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن المطلب بن عبد مناف وكان شبيهاً به صلى الله عليه وسلم، وجيء به أسيراً في غزوة أحد، وكان عنيفاً على الإسلام والمسلمين، فنظر
الرسول في الأسرى إلى أن وصل إليه فقال: (أطلقوا أخي، فإنه أشبه خلقي)
أي: أنه يشبه النبي عليه الصلاة والسلام في خلقه وشكله.
وهذا رد على الإخوة الذين يقولون: عيب أن تقول: الإخوة المسيحيون، فهذا حرم، ويرد عليهم بأن الرسول قال
للسائب
: أخي، فما كان من الرجل إلا أن بكى وقال: جزاك الله عن عشيرة وعن أهل يا رسول الله!
وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. هكذا كانت الدعوة، فالدعوة ليست بتقطيب الوجه، ولا بكثرة الكلام،
قال صلى الله عليه وسلم: (لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن ببسط الوجه وحسن الخلق)
اللهم ابسط وجوهنا، واشرح صدورنا، وحسن أخلاقنا كما حسنت خِلقتنا يا رب العالمين.












عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..