قديم 28-08-2009, 05:43 PM
المشاركة 138
~غلا~
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي



قصير..في الواجبات / .تأخير صلاة / ..غيبة / ..سماع .. أغنيه.. / كذبه..!

وكثير..غيرها..مما تنهش وتأكل حسناتنا..!

أصبحت مثل النيران..تحرق كل شئ..

وقد..لاترحمنا..ولا تبقي لنا شيئاً .. من الحسنات..

::
:
.


أليس..هناك..من حـل..ينجينا ؟! و يطفئ تلك النيران!

حـل..يبقي..على بعض تلكـ.. الحسنات..ويحافظ عليها..

::
:
.

/ نعم /..

علينا..أن ..نجدد..حياتنا..

بالمـزيـد مـن الطاعات..

نُدخـل على عبادتنا..طاعات وسنن يحبها الله وسوله..

ونبتعد عن كل نار معصية...وشرارهــا

::
:
.

أبسط..تلكـ ..الطاعات..صلاة الضحى..والسنن الرواتب..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر".

::
:
.

فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم "" يصبح على كل سلامي (أي مفصل ) من أحدكم صدقة , فكل تسبيحه صدقة , وكل تحميده صدقة, وكل تهليله صدقة , كل تكبيرة صدقة , وأمر بالمعروف صدقه , ونهي عن المنكر صدقة , ويجزي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى """

::
:
.

هـيَّا..يا حبيبه..

من الآن.. اعزمي..على أن لا..تتركي صلاة الضحى..

و تـذ كـري..

[أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل]

أليست..طاعه..تستحق الإستمرار عليها

وصلاتي..نجاتي..



عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يصبح على كل سُلامىمن أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بمعروف صدقة، ونهيٌ عن منكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى".




فإن صلاة الأوابين فعلها يسير، وفضلها كبير، وثوابها جزيل، ولو لم يكن لها فضل إلا أنها تجزئ عن الصدقة التي تصبح على مفاصل الإنسان كل يوم لكفاها فضلاً ، وزاد المرء عليها حرصـاً ، فما صفة هذه الصلاة ؟ وكم عدد ركعاتها؟ وما حكمها وأفضل أوقاتها؟ وما يتعلق بها؟ هذا ما نود الإشارة إليه في هذه العجالة ، فنقول وبالله التوفيق:

::

عدد ركعاتها

أقل صلاة الضحى: ركعتان.
أفضلها: أربع ركعات، مثنى مثنى.
أكثرها: ثمان ركعات، وقيل اثنتا عشرة ركعة، وقيل لا حدَّ لأكثرها.

صفتها

كان صلى الله عليه وسلم يخفف فيها القراءة، مع إتمام الركوع والسجود، فهي صلاة قصيرة خفيفة، فعن أم هانئ رضي الله عنها في وصفها لصلاته لها: "... فلم أر قط أخَـفًّ منها، غير أنه يتم الركوع والسجود".

::

وقتها

من ارتفاع الشمس إلى الزوال.

أفضل وقتها

عندما ترمض الفصال، لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال".

قال النووي رحمه الله: (تَرْمَض بفتح التاء والميم، والرمضاء الرمل الذي اشتدت حرارته من المشمس أي حين يبول الفصلان من شدة الحر في أخفافها).


وقال: قال صاحب الحاوي: وقتها المختار: إذا مضى ربع النهار).


حكمها

صلاة الضحى سنة مؤكدة، وهذا مذهب الجمهور، منهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، وعند أبي حنيفة مندوبة.

الأدلة على سنية صلاة الضحى

الأدلة على سنية صلاة الضحى كثيرة، نذكر منها ما يأتي:

1. حديث أم هانئ السابق :" أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثماني ركعات"

2. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر".

الحكمة في عدم مواظبته صلى الله عليه وسلم على صلاة الضحى

العلة والحكمة في عدم مواظبته ومداومته على صلاة الضحى هي نفس العلة التي من أجلها لم يداوم على صلاة التراويح في جماعة، وهي خشية أن تفرض على الأمة، وكان يحب لأمته التخفيف، وبهذا يُجمع بين الأحاديث التي وردت في فضلها والآثار التي نفت مداومته صلى الله عليه وسلم عليها


واللهَ أسأل أن ييسرنا لليسرى، وأن ينفعنا بالذكرى، وصلى الله وسلم وبارك على الرحمة المهداة، والنعمـة المسداة، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


موقع الدين نصيحة



قديم 28-08-2009, 06:55 PM
المشاركة 139
موقوف من قبل الادارة
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
المفرط في صلاته في الماضي

من كان مفرطا في صلاته خاصة الطهارة جهلا أو عمدا ثم هداه الله للمحافظة عليها فهل لا بد له من قضاء الصلاة في تلك المدة و هي سبع سنوات أم يكفي التطوع لتعويضها خاصة أن ذالك يتعبه؟

أنه إذا لم يعرف أنه ترك الصلاة يوما من الأيام و كان يصليها دائما لكنه كان مفرطا في كثير من أمورها جهلا مثلا فإني لا أرى وجوب القضاء عليه لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يأمر المسيء صلاته بالقضاء مع أنه أخبره أن ما كان يفعله ليس صلاة فقال

فقال: إرجع صل فإنك لم تصل
و مع ذالك لم يأمره بقضاء شيء مما مضى أما إذا كان قد عرف أنه ترك صلا ة بعينها و تذكر ذالك فإن عليه أن يقضي تلك الصلاة إلا إذا كان شاكا في وجوبها فإنه كان كافرا في تلك اللحظة و عليه أن يؤمن و أن يحسن في المستقبل.


وضع الإصبعين على العينين عند قول المؤذن أشهد أن محمدا رسول الله

ما هو أصل وضع أصابع اليد على العينين في النداء للصلاة عند قول المنادي أشهد أن محمد رسول الله وهل يقي ذالك من العمى؟

أن هذه أيضا بدعة اشتهرت بين الناس و سببها رؤيا رآها أحد الناس و هي مجرد حلم قد لا يكون صحيحا فلذالك لا يمكن الاعتماد عليها في التشريع و بالأخص أن الناس يفعلون ذالك تعبدا و التعبد مقصور على ما أمر الله به و رسوله صلى الله عليه وسلم فهذه بدعة ضلالة و يجب على من اعتادها أن يتركها من الناس.

محل وضع اليدين في القبض

عن محل وضع اليدين في القبض في الصلاة و كيفية ذالك و هل يمكن للإنسان أن يخفي سنة رفع اليدين عند الركوع مثلا قصد المحافظة على الجماعة في البوادي؟

أن قبض اليدين في الصلاة جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم هيئتان إحداهما تسمى بالقبض و الأخرى تسمى بالوضع فالقبض هو أن يمسك الإنسان شماله بيمينه عند الرصغ و يضعهما على صدره و القبض آخذ من الكف و الرصغ فقط الصورة الثانية هي وضع اليمنى على اليسرى فتكون آخذة من الكف و الرصغ و الساعد الثلاثة و يجعلهما على صدره و قد جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقبض تحت سرته و قد طبعت نسخة من سنن أبي داود في بلاد الهند و مذهب الهنود في الغالب المذهب الحنفي و المذهب الحنفي فيه أن سنة القبض تحت السرة فأضيف في سنن أبي داود في بعض أحاديث القبض تحت سرته لكن هذا تحريف للحديث و لا ينبغي للإنسان أن يغتر به فالكتب المطبوعة يرجع فيها إلى أهل العلم و أهل الرواية الذين يعرفون صحيحها من محرفها و لهذا فالصدر متسع فهو من النحر إلى نهاية عظام الصدر فكل ذالك يمكن القبض فيه و إذا قبض تحت سرته فقد فعل ذالك من هو خير منه و هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلا حرج في ذالك.

أما الرفع فقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم الرفع عند تكبيرة الإحرام و رواه عنه خمسة و سبعون من أصحابه و روي عنه الرفع كذالك عند الركوع و في الرفع منه و في القيام من الجلسة الوسطى لكنه لم يكن كالرفع الأول فهو رفع دون ذالك فالرفع الأول يصل به إلى فروع أذنيه الرفع عند تكبيرة الإحرام يصل به إلى فروع أذنيه و الرفع في غير ذالك يصل به إلى منكبيه أو إلى ثدييه و من هنا فقد يخفى على من خلفه و بهذا إذا كان الإنسان إماما فإن رفعه لن يراه من خلفه إلا عند تكبيرة الإحرام فالرفع عند الركوع سيكون إلى ثدييه أو إلى منكبيه و الرفع كذالك في الرفع عند الركوع سيكون إلى ثدييه أو إلى منكبيه وهكذا و لا ينبغي إخفاء السنة بل هي ليست مما يستحيى منه ينبغي أن يظهر الإنسان سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم و من أحيى سنة ميتة كتب له أجرها و أجر من عمل بها كذالك

الصلاة في الزوايا

عن حكم الصلاة في الزوايا المختصة هل هي مثل حكم الصلاة في المساجد أم لا ؟

أن المساجد التي تقام فيها الصلاة و التي هي وقف عام فتحت أبوابها أمام الناس و لم يختص بها إنسان و لم يجعلها تحت يده وحده هذه هي المساجد أما المصليات التي تتبع للأشخاص فإن العلماء ذكروا أنها لا يصح وقفها ما لم يخل بين الناس و بينها فإذا بنى إنسان مسجدا و لكنه اختص بمفاتيحه و أمسكها عنده و لم يفتحه للناس و لم يخل بين الناس و بينه فإنه لا يعتبر مسجدا و لا وقفا عاما للمسلمين و لذالك لا يكون حكم الصلاة فيه كحكم الصلاة في المسجد.

حكم فرض الإمام غلبة على الجماعة

ما حكم جماعة من المسلمين فرضت عليها الدولة إماما راتبا و في الجماعة من هو أعلم من هذا الإمام؟

أن عليها أن تشاور جماعة المسجد فإذا كان جمهورهم يكرهون هذا الإمام الذي فرض عليهم و لا يقبلونه فإن الإمام عاص و عليهم أن ينصحوه و يبينوا له ذالك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر من الأمور العظيمة إمامة الرجل لقوم و هم له كارهون فإذا كانوا يكرهونه فعليه أن لا يؤمهم بوجه من الوجوه و عليهم أن ينصحوه بذالك و عليه هو أن يجتنب ما توعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الوعيد الشديد.


موضع اليدين في الصلاة

قال أبو حميد رضي الله عنه في وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه، أليس في هذا دليل واضح لمن قال بسدل اليدين في الصلاة؟

لا، فموضع اليدين في الصلاة هو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم و عرف من فعله و هو وضع اليدين على الصدر فهذا استقرار كل عضو في موضعه، فموضع العضو لا يقصد به موضعه في الخلقة و لا موضعه في حال الإضجاع أو الجلوس أو القيام فذالك مختلف إنما يقصد به موضعه في الصلاة، فموضع اليدين في الصلاة في حال القيام هو الصدر، أن يجعل الإنسان يساره على صدره ثم يضع يمينه فوقها أو يقبضها بها فهذا موضع اليدين في الصلاة.

تحريك السبابة في الصلاة

تحريك السبابة في الصلاة؟

ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وعليه وسلم كان يشير بها، يشير بالمسبحة، و يشير فعل مضارع، و الفعل المضارع يقتضي التجدد، الجملة الفعلية تقتضي التجدد و الحدوث و الفعل المضارع أيضا يقتضي التكرار، فإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بسبابته فمعنى الإشارة بها التحريك

و أيضا في حديث زائدة ابن قدامة أنه كان يحركها بلفظ التحريك و هي زيادة ثقة.


سقوط النجاسة على المصلي

ما حكم سقوط النجاسة على المصلي في الصلاة؟

أن النجاسة إذا أحس بها المصلي في الصلاة فعليه أن يقطع صلاته حتى يتطهر منها فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في الصلاة فأتاه جبريل فأخبره أن في إحدى نعليه قذرا فخلعهما.

هيئة الإنحناء للسجود و الرفع منه

ما هو أصح الأقوال في وضع اليدين أثناء الإنحناء من الركوع إلى السجود، و كذالك أثناء الرفع من السجود هل تقدم اليدان أم تؤخران؟

أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبرك الإنسان في الصلاة كما يبرك البعير، ، لكن البعير ركبتاه فيه من الأمام في يديه و الإنسان ركبتاه فيه من الخلف في الجانب الذي فيه رجلاه فلذالك اختلف أهل العلم في النهي هنا على أيهما ينصب، فالبعير يثني ركبتيه أولا و يضرب بهما الأرض ثم بعد ذالك يبرك بمؤخرته فهل المقصود هنا في النهي إذا أراد الإنسان النهي عن محاكاة البعير تماما فينبغي أن يضع ركبتيه أولا على الأرض لأن هذا هو المخالف تماما لهيئة البعير لأن ركبتي الإنسان فيه من الخلف بخلاف البعير في أسفله.

و قالت طائفة أخرى بل يضع يديه أولا لأن هذا المخالف للبعير لأن البعير لا يضع كفيه على الأرض في حال بروكه إذا برك بل يثني ركبتيه فيضرب بهما الأرض أولا.

و قد ذكر بعض أهل العلم جمعا بين الأمرين فقالوا:

المنهي عنه هو ضرب الأرض بشدة أي النزول بشدة سواء كان على اليدين أو على الركبتين فعلى الإنسان في الصلاة أن ينزل بلطف سواء نزل على يديه أولا أو على ركبتيه.

والقضية ليس فيها ترجيح من ناحية الدليل لأن الأحاديث ليس فيها تعارض واصح إنما الخلاف فقط في فهمها في تنزيلها على الهيئة، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وصف لهيئة سجوده ماذا كان يعمل في ذات سجوده هو أما أمره فليس فيه تعارض لكنه قول و الأقوال محتملة للتفسيرات.

قديم 28-08-2009, 06:55 PM
المشاركة 140
موقوف من قبل الادارة
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
بها مسجد و لها إمام راتب و أراد أن يصلي لهم الجمعة فرفض شيخ منهم فبماذا تنصحون الإمام و الحالة هذه؟

إن الله سبحانه وتعالى أوجب صلاة الجمعة على المسلمين و النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فلم يستطع أن يصليها إذ ذاك فصلاها مصعب ابن عمير و أبو أمامة أسعد ابن زرارة بأهل المدينة و كان أكثرهم إذ ذاك شبابا فكانوا يجتمعون تحت ظلال النخل بنقيع الخضمات بحرة بني بياضة بهز النبيت فيصلي لهم أبو أمامة الجمعة و هي أول جمعة صليت في الإسلام و قد جاء وجوب الجمعة في القرآن و السنة فقد قال الله تعالى: ﴿يأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع﴾ و قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال: «لقد هممت أن أبعث رجالا فليأتوا بحطب أو بحزم من الحطب ثم أوقد نارا ثم أقدم للناس رجلا يصلي بهم ثم أخالف إلى بيوت قوم يتخلفون عن الجمعة فأحرق عليهم بيوتهم» و هذا في صحيح مسلم و فيه التصريح بصلاة الجمعة و الحديث له روايات أخرى فيها ذكر صلاة غير الجمعة لكن هذه الرواية التي فيها التصريح بالجمعة في صحيح مسلم و كذالك في الحديث الآخر «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين» و كذالك صح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: «ألا هل يوشك أن يتخذ أحدكم الضبنة على رأسه ميل أو ميلين تأتي الجمعة فلا يشهدها ثم تأتي الجمعة فلا يشهدها ثم تأتي الجمعة فلا يشهدها ثلاث جمع متواليات فيطبع على قلبه بطابع النفاق» فمن تخلف عن ثلاث جمع متواليات من غير عذر طبع على قلبه بطابع النفاق و قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة إمرأة و عبدا و مريضا و مسافرا» و هذا الحديث صريح في أن الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا هؤلاء الأربعة و كثير من الناس يتذرعون لترك الجمعة في القرى ببعض الشروط التي بعضها يذكره بعض المتأخرين من الفقهاء منغير دليل و بعضه وهمي لم يذكره أي أحد من الفقهاء فبعض الناس يشترطون الأمن و يقولون نحن عاجزون عن القتال و الدفاع لو صال علينا جيش و هذا الشرط لا يقول به أحد من الفقهاء و النبي صلى الله عليه و سلم لم يترك الجمعة في أيام غزوة الأحزاب و تعرفون ما فيها من الضيق ﴿إذ جاءوكم من فوقكم و من أسفل منكم و إذ زاغت الأبصار و بلغت القلوب الحناجر و تظنون بالله الظنونا ﴾ و بعضهم يقول هذه القرية ليس فيها سوق قائمة و لا مستشفى و لا كذا و لا كذا يعد هذه الأمور التي ما أنزل الله بها من سلطان و ما شرطت و لا قال بها أحد من الفقهاء و بعضهم يذكر الجماعة والعدد و المسجد المبني الجامع و هذه فعلا شروط يذكرها بعض الفقهاء لكن ليس لها دليل فقد أخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا كانوا ثلاتة فليأمهم أحدهم» و قال الإمام عبد الحق الإشبيلي و هو من أئمة المالكية هذا عام في الجمعة و في غيرها لا مخصص له من الشرع فهذا يقتضي أن كل ثلاثة حاضرين غير مرضى و ليس فيهم إمرأة و لا عبد فتجب عليهم الجمعة إذا أدركتهم فيصلونها يخطب أحدهم و يستمع اثنان في أي مكان و لو كان ذالك في سجن أو غيره بل قد نص المتأخرون من المالكية على أن الأسرى يصلون الجمعة في مكان أسرهم و بالنسبة لهذا الإمام عليه أن ينصح الناس بوجوب الجمعة و أن يدعوهم إليها و أن يصليها و أن لا يراعي في ذالك محابات أحد فهذا أمر الله سبحانه و تعالى لا يترك لأمر الناس.


ما حكم من لا يستيقظ عند صلاة الفجر إلا الثامنة و زيادة و هذا بالدوام؟

هذا السؤال ما حكم من لا يستيقظ عند صلاة الفجر إلا الثامنة و زيادة و هذا بالدوام؟

هذا الإنسان لم يذكر الله عند نومه و قد بال الشيطان في أذنه فلا بد إذا كان المسلم يعلم خطر عدم شهود صلاة الفجر في الجماعة و يعلم أنها صلاة المنافقين هي التي يتخلفون عنها و أن الذي يشهدها هو في ذمة الله طيلة يومه و يعرف أن من لم يشهدها اتصف بصفة من صفات المنافقين و أن الملائكة تشهدها ﴿و قرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا﴾ لا بد أن يحرص على حضورها غاية الحرص و ذالك بوضع المنبه سواء كان بالهاتف أو في الساعة الناطقة أو غير ذالك و بوصية أهله و بوصية جيرانه أن يطرقوا عليه الباب ليوقظوه فهذا من التعاون على البر و التقوى و إذا كان الإنسان يعرف من نفسه ثقلا في نومه فلا بد أن ينام بالقدر الذي يكفيه قبل وقت الفجر لا بد أن يعجل النوم بالقدر الذي يكفيه إذا كان يعلم أنه لا بد يحتاج إلى أربع ساعات من النوم لا بد أن يجعلها قبل صلاة الفجر إذا كان يعرف أنه يحتاج إلى خمس ساعات كذالك لا بد أن يعجلها و التعاون على شهود الصلاة في الجماعة من المهمات التي لا بد منها و لذالك لا بد أن يوصي الإنسان جيرانه أن يطرقوا عليه الباب أن يوقظوه على الصلاة فهذه من المهمات لو أن أمرا دنيويا فاته لأيقظه جيرانه عليه إذا كان بيته سيشب فيه حريق فلم يوقظه جيرانه على ذالك و هم يرونه أليس سيلومهم؟ سيلومهم لا محالة و هذا أعظم من الحريق حين تفوته صلاة الفجر فلذالك من المهم أن يوصي جيرانه أن يوقظوه على صلاة الفجر وأن يوصي من يتصل عليه حتى لو لم يكن جاره يوصي من يتصل عليه بالهاتف يوقظه بالتلفون.


ل هناك دليل على جواز اقتداء المسافر بالمقيم؟

هل هناك دليل على جواز اقتداء المسافر بالمقيم؟

نعم فقد كان الناس يأتون المدينة و هم مسافرون فيصلون وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون معه الصلوات و كان صلى الله عليه وسلم في ذالك يعلم الصلاة و يبين لهم الهدي كمالك ابن الجويرث و أصحابه و كعدد كثير من المسافرين الذين يأتون فيمرون بالمدينة فيصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم و يقتدون به و هذه المسألة و هي اقتداء المسافر بالمقيم و القيم بالمسافر الكراهة التي يذكرها الفقهاء في المسألتين معا لا دليل عليها فإن اقتداء المقيم بالمسافر ثابت في السنة فقد أخرج ابن القاسم في المدونة و عبد الله بن أحمد في زيادات المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بمكة فيقول يأهل البلد قوموا و أتموا ركعتين فإننا قوم سفر فيصلى هو ركعتين لأنه لا يحل له الإتمام بمكة لأنه هاجر فباعها لله فيصلى بها ركعتين و يقول يأهل البلد قوموا فأتموا ركعتين فإننا قوم سفر و هذا الحديث صريح في اقتداء المقيم بالمسافر و كان أبو بكر بعده يفعل و عمر كذالك و عثمان و علي فكل الخلفاء الراشدين كانوا إذا حجوا أو اعتمروا يصلون بالناس أئمة و يقتدي بهم المقيمون و هم على قصرهم إلا أن عثمان رضي الله عنه أتم بمكة فسئل عن ذالك فقال تزوجت بها و قد سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«من تأهل ببلدة فهو منهم» و قد خالفه عدد من الصحابة و وافقته عائشة و ابن مسعود فرأوا أن المهاجر إذا تزوج بمكة فقد أصبح من أهلها من جديد و هذا رأي لهم و قد خالفهم فيه جمهور الصحابة فجمهور الصحابة يرون أن المهاجرين لا يحل لهم الإقامة بمكة و قد أخرج البخاري في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثا» و في رواية «لا يقيمن مهاجر بعد قضاء يسكه بمكة أكثر من ثلاث» فالمهاجرون باعوا مكة لله فلذالك في حديث سعد ابن أبي وقاص في الصحيحن أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه يعوده و هو بمكة فلما أتاه و رأي شدة المرض الذي به قال: «اللهم امض لأصحابي هجرتهم فدعا الله» فدعا الله له أن الله له هجرته و أن لا يموت بمكة قال ولكن البائس سعد ابن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة فسعد ابن خولة من المهاجرين و قد جاء لمكة فمرض فمات بها فقال النبي صلى عليه وسلم: و لكن البائس أي المسكين سعد ابن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أي يتألم له و يتوجع له أن مات بمكة و لذالك كانوا يوصون إذا ماتوا بمكة أن تنقل أي ينقلوا منها و يدفنون خارجها كما فعل عمر و أسماء بنت أبي بكر و عدد من المهاجرين الذين ماتوا بمكة نقوا إلى خارجها فدفنوا خارجها و قد وصلى إليهم البنيان اليوم فمقبرة المهاجرين هي الآن بالزاهر و تشتهر بين الناس بمقبرة الشهداء و هي مقبرة المهاجرين فيها عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير و أسماء بنت أبي بكر و عدد من المهاجرين معهم.


ل قيل ببطلان صلاة المسافر خلف المقيم؟

هل قيل ببطلان صلاة المسافر خلف المقيم؟

أبدا لا يمكن أن يقال هذا فقصارى الأمر الكراهة كما قال: خليل كعكسه و تأكد فيكره عنه متأخري المالكية اقتداء المسافر بالمقيم و المقيم بالمسافر إذا كانوا جماعتين لأن كلا على سنته لكن مع ذالك إذا اقتدى به فصلاته صحيحة بالإجماع لا يختلف في هذا اثنان و إتمامه هو لصلاته اقتداء بالإمام إذا كان مسافرا فاقتدى بالإمام المتم محل خلاف بينهم على أربعة أقوال: القول الأول: أنه يتم معه و هذا ما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سأل عن المسافر يأتم بالمقيم فقال: يتم معه تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم. و القول الثاني: ينتظره حتى إذا قام من الجلسة الوسطى أحرم فصلى معه الركعتين الأخيرتين فقط و سلم معه. القول الثالث: أنه يصلى معه الركعتين الأوليين فإذا جلس الجلسة الوسطى يقي المسافر جالسا إلى السلام فسلم معه. و القول الرابع: أنه إذا أتم الجلسة الوسطى فقام الإمام إلى الركعة الثالثة سلم هو و انصرف كصلاة الخوف قياسا على صلاة الخوف و هذه الأقوال الأربعة أرجحها أنه يتم معه لأن ابن عباس صرح بأنها السنة قال: يتم معه تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.


ما التحقيق في قضاء تارك الصلاة عمدا؟

ما التحقيق في قضاء تارك الصلاة عمدا؟

إن الصلاة أمر عظيم جدا من أمور الإسلام و قد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما جرح و شق بطنه فدخل عليه شاب من الأنصار و قد أقيمت الصلاة فقال: يا أمير المؤمنين الصلاة الصلاة فقال: نعم و لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة و هو جريح ينتظر الموت و مع ذالك قال هذا فقام يصلى و لهذا فقد اختلف أهل العلم في تركها إذا كان للتكاسل من غير جحد لوجوبها و من غير شك فيه هل يعتبر كفرا أ, لا فقد أجمعوا على أن ترك الصلاة جحدا لها إنكار لوجوبها أو شكا فيها كفر لأن الصلاة من المعلوم من الدين بالضرورة و اختلفوا فيمن تركها تكاسلا من غير جحد إذا ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها فإنه يقتل عند الجميع لكن قتله على الكفر أو على الجحد محل فذهب أحمد ابن حنبل و إسحاق ابن راهويه و عبد الملك ابن حبيب من المالكية إلى أنه يقتل على الكفر فلا يورث و لا يصلى عليه و لا يدفن في مقابر المسلمين و استدل هؤلاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «حد ما بين المرء و الكفر و الشر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر» و بقوله صلى الله عليه وسلم:«العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» و ذهب جمهور أهل العلم إلى أن المقصود بالكفر حينئذ من تركها جحدا أو نحو ذالك لأنه لو أخذ بها النص على إطلاعه فمن تركها فقد كفر لشمل ذالك من تركها نسيانا أو تركها نوما و محل إجماع بين أنهما لا يكفران بذالك فمن ترك الصلاة نسيانا أو تركها نوما فإنه لا يكفر بتركها قطعا لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن القلم مرفوع عن النائم حتى يستيقظ و قال في النسيان: « من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها متى ما ذكرها فإن وقتها ذكرها فإن الله تعالى يقول:﴿أقم الصلاة لذكري﴾ و هنا الحديث صريح في أن الناسي يعيدها فهو صريح في أنه لم يكفر بذالك فالجمهور يرون أن هذه الآحاديث التي فيها تارك الصلاة إنما تنصب على تاركها جحدا أو إنكارا أو شكا و أنها لا تشمل تاركها تكاسلا و على هذا فإن من تركها تكاسلا إذا قلنا بعدم تكفيره و هذا مذهب الجمهور فإنه يقضي من مضى من صلاته قياسا على النائم و الناسي لأن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بحكم النائم و الناسي فقال: «من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها متى ما ذكرها فإن وقتها ذكرها» و هذا يقاس عليه من تركها تكاسلا بجامع الترك و بجامع عدم التكفير فهذا لا فرق بينه و بين من تركها نسيانا أو نوما مثلا.


قديم 29-08-2009, 08:16 AM
المشاركة 141
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
صلاة الاستسقاء بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الإمام البعلي -رحمه الله تعالى- باب صلاة الاستسقاء سنة، وصفتها وأحكامها كالعيد، ويأمر بالتوبة وترك الظلم والصيام والصدقة، ثم يخرج بهم ليوم يعدهم ببذلة وتخشع وتذلل وتضرع بلا طيب، فيصلي ركعتين ثم يخطب واحدة يكثر فيها الاستغفار والدعاء والمأثور أحسن، ثم يحول ردائه ويخرج أهل الذمة ناحية إن خرجوا لا بيوم، وإن خيف كثرة المياه قال اللهم: حوالينا ولا علينا ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به . --------------------------------------------------------------------------------السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. صلاة الاستسقاء هي الصلاة عندما يحتاج الناس إلى المطر، يستسقون ربهم يقولون: "يا ربنا اسقنا " يعني: أنزل علينا المطر حتى تسقي أرضنا وتسقي أشجارنا وتسقي دوابنا، فهذا سبب تسميتها بالاستسقاء، مشتقة من السقي الذي هو سقي الماء، قال الله -تعالى-: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ يعني: طلب لقومه أن يسقوا، فيقال استسقى المسلمون يعني: طلبوا من ربهم أن يسقيهم؛ وذلك لأن الناس لا يستغنون عن ربهم، ولا عن فضله، فإن العباد محتاجون إليه في كل حالة، لا غنى بهم عن ربهم طرفة عين، وليس هناك ما ينزل من السماء من الرزق إلا المطر، نزله الله -تعالى- من السماء وسماه مباركا، قال تعالى وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا . فلذلك تسن صلاة الاستسقاء، يعني: طلب السقيا، فأولًا يعترف المسلمون بأن الجدب والقحط الذي يصيبهم بسبب الذنوب، قال الله -تعالى-: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ هكذا أخبر بأن المصائب سببها الذنوب، وأن ما يعفو الله عنه أنه أكثر مما يعاقبهم به، وأخبر بأنه لو عاملهم بما يستحقون من الذنوب لأهلك الدواب التي على الأرض، قال تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ أي: على وجه الأرض. وجاء في بعض الأحاديث أو الآثار أنه إذا أجدبت الأرض، فإن البهائم ترفع رؤوسها إلى السماء وتقول -أو تلعن عصاة بنى آدم وتقول-: "منعنا القطرة بسبب ذنوبهم" أي: عصاة بنى آدم، وجاء في بعض الآثار أن الحبارى تموت في وكرها من ظلم الظلمة. فإذن نقول على أهل البلاد التي يصابون بالقحط ونحوه أن يتذكروا أن ذلك بسبب سيئات اقترفوها، وأن هذا القحط ابتلاء من الله حتى يتذكروا أنهم مذنبون، وحتى يتوبوا وينيبوا إلى ربهم ويعترفوا بخطاياهم، هذا كله قبل أن يدعو رجاء أن يتوب الله -تعالى- عليهم وأن يرحمهم؛ ولذلك على الأئمة والخطباء في الجوامع ونحوها إذا حصل هذا الجدب أن يكثروا من تذكير الناس ووعظهم، ويخبروهم بأنهم هم السبب، وأن ذنوبهم هي التي حالت بينهم وبين رضى الله، وأوقعت بهم ما أوقعت من هذا السخط ومن هذا القحط والجدب والجفاف، ويبس الأشجار وغور المياه وانقطاع الأنهار كما هو واقع في الكثير من البلاد التي أصيبت بهذه المصيبة. من ثم بعد ذلك عليهم أن يصلوا هذه الصلاة وتسمى صلاة الاستسقاء، وتسمى صلاة الاستغاثة؛ وذلك لأنهم يطلبون من ربهم أن يغيثهم، والغيث والغوث هو الإجابة والإعطاء لما يطلبوا، إذا أغاثهم فمعناه أنه أعطاهم ما يطلبونه منه، يقول الله -تعالى-: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا أي: يأتي بالغوث، الغوث هو إجابة سؤالهم، وإزالة شدتهم، فإن كل من دعوته فأغاثك فإن إغاثته هي إجابة ما أنت فيه وإعطاءك ما تطلبه ونصرك له إذا استغاثك، قال الله -تعالى-: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ أي: قال له أغثني فإني مضطر إلى إغاثتك، يعني: إلى نصرك، وقال الله -تعالى-: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ يعني: في غزوة بدر، لما أحدث المشركون بالمسلمين استغاثوا ربهم، يا ربنا أغثنا أغاثهم الله بالملائكة فكانت الملائكة غيث لهم وغوثا ونصرا. فنصر الله -تعالى- يسمى غوثا، والمطر عند الاضطرار إذا دعوا ربهم يسمى غوثًا، يعني: إجابة لهم وتفريجًا لكرباتهم؛ لذلك تسمى هذه الصلاة صلاة الاستغاثة لأنهم يطلبون الغوث الذي هو إزالة الكرب. هذه الصلاة سنة، تقدم أنها من آكد السنن، كثير من الفقهاء يجعلون آكد السنن هذه الصلاة، وبعضهم يقول: آكدها الكسوف، وكل منهم مجتهد، ولعل الصلاتين -الكسوف والاستسقاء- متقاربتان في الأهمية، هذه مهمة وهذه مهمة، وليست أحدهما فرضا، وإنما هي سنة مؤكدة. على الإمام إذا أراد أن يستسقوا أن يحدد لهم يومًا، ويقول: موعدكم اليوم الفلاني أخرجوا فيه للاستسقاء، اطلبوا من ربكم الاستسقاء، فيخرجون ويصلون صلاة الاستسقاء . ويجوز أن يستسقي بعضهم بمفرده أو يستسقي أهل بلد وحدهم، أو أهل بيت أو نحو ذلك، فإن الله -تعالى- يجيب من دعاه، والوقائع كثيرة، ذكر أن صاحب نخل خاف أن ييبس نخله، طلب من أهل البلدة أن يستسقوا، فقالوا: ننتظر أمرا من الملك، فخرج هو وأهله وأهل بيته وأطفاله إلى جانب نخلهم، فصلى ركعتين بعد طلوع الشمس ودعا الله -تعالى- مع أنه عامي، وقلب عباءته ورجع، فأنشأ الله سحابة أمطرت على شعب قريب من نخله فشرب نخله حتى روي، ولم يشرب غير نخله إلا خمس نخلات من جاره، أجاب الله -تعالى- دعوته، وكذلك جاء أحد الصالحين ووجد أخاه قد غار الماء من بئره، فاستقبل القبلة ودعا الله وبالغ في الدعاء، فما أمس الليل حتى جاء سيل وسقى ذلك النخل الذي كاد أن يموت، شخص واحد ولكنه من الصالحين دعا الله -تعالى- فأجاب الله دعوته. وتذكرون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان في غزوة تبوك، وكانوا في برية لا ماء فيها، فخافوا أن يموتوا من العطش، فدعا الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرسل الله سحابة فأمطرت عليهم حتى استنقعت الأرض، فشربوا وشربت رواحلهم، وملئوا القرب معهم، ملئوا كل قربة، ثم نظروا وإذا السحابة لم تتجاوز محطتهم، لم تتجاوز رحلهم، بل كان عليهم على رؤوسهم فقط . وكذلك لما أجدبت مرة دخل رجل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب فطلب منه وقال: "جاع العيال وانقطعت السبل وهلكت الدواب فادعوا الله يغيثها أو يغيثنا" أنشأ الله سحابة وامتدت في السماء، وأرسل الله المطر، واستمر ذلك أسبوعا، والمطر ينزل، ففي الجمعة الآتية جاء رجل، وطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو الله بإمساكها، فدعا الله -تعالى- فانجابت السحب، وخرجوا يمشون في الشمس. وكذلك لما خرج بهم إلى الجبانة، يستسقي بهم في المدينة في البقيع، يقول: إنه لما دعا الله -تعالى-، ورجعوا أنشأ الله سحابة وأمطروا قبل أن يصلوا إلى بيوتهم، فلما أقبلوا سعوا إلى الكن، فضحك من متعجبًا من حرصهم على الكن، وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، يعني: أن الله -تعالى- أجاب دعوته في الوقت نفسه في هذه الوقائع وغير ذلك كثير . فهكذا إذا دعوا الله -تعالى- فهو أكرم من أن يردهم، ولكن عليهم قبل ذلك أن يتوبوا، وأن يصلحوا أعمالهم، فإن الذنوب سبب للعقوبات، قال الله -تعالى-: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ . صفة صلاة الاستسقاء كصلاة العيد، يعني: أنه يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، هذا هو القول الراجح، يبدأ بالصلاة ركعتين، صفتهما كركعتي العيد، يفتتح الأولى بسبع تكبيرات بعد التحريمة، يقف بين كل تكبيرتين قدر ما يقول: "الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا إلى آخره، كذلك الثانية يفتتحها بخمس تكبيرات، يجهر فيها بالقراءة، يقرأ فيها ما تيسر، سواء قرأ بسبح والغاشية أو بغيرهما، يرفع يديه مع كل تكبيره من التكبيرات الزوائد وبعد ما يصلي ركعتين يخطب بهم، إلا أنه ذكروا أن الخطبة واحدة، خطبة العيد يخطب خطبتين يجلس بينهما، وأما الاستسقاء فيخطب خطبة واحدة، وإن أطال وجلس وخطب ثانية فله ذلك؛ لأن الجلوس بين خطبتي الجمعة لأجل أن يريح نفسه بعد الخطبة الأولى. الخطبة يقف على مكان مرتفع، يجعل له مكان مرتفعا بدرجتين أو ثلاث، يأمرهم بالتوبة، يأمرهم بالتوبة وذلك لأن الذنوب سبب العقوبات، والتوبة تمحو الذنوب، التوبة هي الإقلاع عن السيئات والمخالفات، ولها ثلاثة شروط أولها: الإقلاع عن الذنب، الذي يقول: أنا تائب وهو مستمر على ذنبه لا تقبل توبته، الثاني: الأسف والندم على ما مضى من السيئات، وطلب الله المغفرة، الثالث: المعاهدة والتعهد أنه لا يعود إلى الذنوب مرة أخرى، بل يقلع عنها ويتركها بقية حياته، يأمرهم بالتوبة النصوح. ثانيا: يأمرهم بترك الظلم، أي: ترك الظلم بينهم، في الحديث القدسي يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا فيحثهم على التخلي عن المظالم، وأن يرد كل منهم ما عنده من المظالم، سواء كان الظلم بين العبد وبين ربه بالتوبة، أو بين العباد فيما بينهم. ثالثًا: يستحب صيام ذلك اليوم ليكون سببا في قبول الدعاء، جاء في حديث دعوة الصائم لا ترد أو ثلاثة لا ترد دعوتهم: -ذكر منهم- الصائم حتى يفطر . رابعا: يأمرهم بالصدقة، يأمرهم أن يتصدقوا؛ لأن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والصدقة تدفع ميتة السوء، ولعل هذه الأوامر يأمرهم بها قبل الخروج، يعني: في يوم الجمعة أو في خطبتها أو في المجتمعات يأمرهم بهذه الأربع: "التوبة وترك الظلم والصيام والصدقة". يخرج بهم ليوم يعدهم فيه يحدد لهم يوما، ثم يخرجون ويخرج الإمام، يخرجون ببذلة أي: بثياب بذلة، لا يخرجون بإعجاب ولا بتكبر ولا بتجمل، بل يخرجون بثياب متواضعة، وهي ثياب البذلة، أي: الثياب العادية، فلا يلبسون ما يلبسونه في أيام الأعياد. يخرجون أيضا بتخشع، أي: بخشوع وخضوع خاشعة أبصارهم، ذليلة أبدانهم، منكسرة قلوبهم، يخرجون بتذلل، أي: يؤثرون التذلل، الذل لله -تعالى- سبب للعز، فيتركون الترفع بأنفسهم والشموخ بأنوفهم والتكبر على ربهم، بل يتذللون لله ويستكينون له، كذلك يتضرعون، التضرع هو كثرة الدعاء مع الإلحاح فيه ومع إظهار الضراعة التي هي الخشية ونحوها. إذا خرجوا كلهم بهذا التبذل والتخشع والتذلل والتضرع رجي بذلك أن يجيبهم الله؛ لأنه قال في بعض الآثار: "أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي" كذلك لا يتطيب إلا أنه لا يكون مع رائحة منتنة، بل يكون في ثيابه العادية ولا يحتاج إلا أن يطيب ثيابه، هذه صفة خروجهم. يصلي بهم ركعتين، يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، الركعتان مثل ركعتي العيد في افتتاحها بالتكبيرات الزوائد وفي الجهر بالقراءة، يخطب بعد ذلك واحدة خطبة واحدة، وإن أطالها واحتاج أن يجلس في أثنائها فله ذلك، تحتوي هذه الخطبة على الاستغفار والدعاء يكثر فيها من الآيات التي فيها الاستغفار أو الأمر به، مثل قول نوح: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب . ذكر أن ابن عباس ألقى مرة موعظة، وجعل الناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: إني مئناث -لا يولد لي إلا إناث- فقال له: عليك بالاستغفار، أكثر من الاستغفار، وقرأ له هذه الآية: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ما قال ببنين وبنات، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا يقول ذلك الرجل: فلزمت الاستغفار، فكنت استغفر كل يوم ألف مرة، يقول: استغفر الله، استغفر الله في الصباح والمساء، فرزقه الله -تعالى- بنينا، وهذا مصداق ما ذكر الله وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ فالاستغفار سبب لأن يمد الله -تعالى- عباده، ويجعل لهم أنهارا، أي: جارية، ومثل قوله مع هود -عليه السلام-: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ أمرهم بالاستغفار وأخبرهم بأن الله -تعالى- يرسل السماء عليهم مدرارا، أي: يغيثهم ويذكر لهم الأدعية التي فيها الاستغفار، مثل قوله تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ومثل قوله حكاية عن الأبوين: قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . هكذا أخبر أنهما بادرا إلى المغفرة وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وقول بني إسرائيل: لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وقول نوح -عليه السلام-: وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ وقول موسى: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ والآيات مثلها كثيرة. وكذلك أيضا ما ذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن سعود أو قال ابن عمر "كنا نعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة ربي اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" وكان يقول: أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة يقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه أو يقول: ربي اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ونحو ذلك. الغفر هو الستر، اغفر لي يعني: استر سيئاتي، ومنه سمي المغفر الذي يلبس على الرأس؛ لأنه يستر الرأس من وقع السلاح، فمعنى اغفر لي يعني: امحوا سيئاتي وأزل عني آثارها واسترها ولا تؤاخذني بها. ويكون هذه الاستغفار من أحب الأعمال إلى الله، وذلك لأن فيه اعتراف العباد بأنهم مذنبون، وأن الله -تعالى- هو الذي يغفر الذنوب كما في قوله تعالى: لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ فيكثر من الاستغفار سواء بالآيات أو بالأحاديث. جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت هكذا أخبر بأن هذا سيد الاستغفار . وطلب أبو بكر -رضي الله عنه- أن يعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاء يدعو به في صلاته، فأرشده أن يقول: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم هذا وهو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، أمره بأن يعترف بذنبه حتى يغفر الله -تعالى- له، وكذلك أمر الله نبيه أن يستغفر لذنبه وللمؤمنين: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ هكذا أمره أن يستغفر لذنبه، مع أن الله -تعالى- قال: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ أخبر بأنه قد غفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه، ومع ذلك كان يستغفر الله، كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. يكثر أيضا من الدعاء، والمأثور أحسن، أي: المأثور من الدعاء أولى بأن يأتي به، ذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظ عنه أنه كان يدعو فيقول: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث هذا من المأثور. ومن المستحسن أن يقول: اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، القانطين هم الذين يقطعون الرجاء . في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا هكذا أخبر من بعد ما قنطوا دل ذلك على أن القنوط قد يقع منهم، فيقول: لا تجعلنا من القانطين، أي: الآيسين من فضلك، حفظ عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في دعائه: اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت هذا من المأثور، فالمأثور أحسن. وإن دعا بغير ذلك مما يستنبط من الآيات إذا قال: "اللهم أنزل من السماء ماء طهورا فأسق به بلدة ميتا" أسقي به بلدة ميتا أو فأحي به بلدة ميتا، وأسقيه مما خلقت أنعامًا وأناسي كثيرة، هذا مأخوذ من الآية التي في سورة الفرقان، إذا قال: "اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك" فإن ذلك من الأدعية المأثورة يعني: المنقولة إما مرفوعة، وإما عن سلف الأمة. وهكذا إذا قال: اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا، أو اللهم ارفع عنا الجوع، ارفع عنا الجوع والجهد والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إن بالعباد والبلاد من اللاؤاء والشدة والضيق والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، يكثر من الأدعية بعد الموعظة وبعد التذكير. ثم بعد ذلك يحول ردائه إذا كان على المعتاد أن الأكسية التي عليهم إزار ورداء كلباس المحرم، بعد الخطبة يستقبل القبلة ويدعو، كذلك أيضا المصلون يدعون ويرفعون أيديهم دعاء خفيا، ثم يقلبون أرديتهم، يجعل ظاهره باطنه، إذا كان عليه رداء جعل باطنه ظاهره، وإن كان عليه عباءة أو مشلة جعل ظاهره باطنه، يعني: قلبه، وإن لم يكن عليه إلا عمامته قلبها أيضا، أي: حولها فجعل الظاهر باطنا، قيل إن الحكمة في ذلك أن تتحول الحال أن يحول الله -تعالى- حالتهم من بؤس إلى سعة، من ضيق إلى سعة، من شدة إلى فرج، من قحط إلى خصب، يحول الله -تعالى- حالتهم، يقول: إذا كان عندهم أهل الذمة، أهل الذمة هو المعاهدون الذين لهم عهد ولهم ذمة من اليهود أو النصارى، فإنه يجوز أن يخرجوا، ولكن يكونوا في ناحية يستغيثون ويدعون في ناحية، ولا يختلطوا مع المسلمين . إذا أرادوا الخروج؛ وذلك لأنهم لهم ديانة ولهم رزق رزق من الله -تعالى-، فلا يمنعون أن يخرجوا، ولكن لا يخرجون في يوم خاص، بل يكون خروجهم يوم يخرج المسلمون، فلا يخرجون بيوم لماذا؟ مخافة أن ينزل المطر بعد استغاثتهم فيعتقد العوام أنهم أولى بالهدى، ويقولون: دعونا فلم يقبل منا، ودعا اليهود فقبل منهم، لا يؤذن لهم أن يخرجوا في يوم خاص. إذا نزلت الأمطار وخيف الغرق وخيف كثرة الغرق، فإنه يدعو، ذكر أن ذلك أن رجلا دخل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، وقد ادلهم المطر وكثر واستمر أسبوعًا، فخاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله تهدمت القصور، وانقطعت السبل، فادعوا الله يمسكها فرفع يديه وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر فانجابت الغيوم وخرجوا يمشون في الشمس . يقول أيضا يقرأ أو يدعو بآخر سورة البقرة لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . هكذا يدعو إذا دعوا، ولكن ما نزل المطر يعيدون الاستسقاء مرة أخرى وثالثة ورابعة؛ حتى يرحمهم بكثرة دعائهم، إن الله يحب الملحين في الدعاء، وإذا تأخر المطر فعليهم أن يتفقدوا أنفسهم، ويعلموا أن ما أصابهم فإنه بشؤم ذنوبهم، فعليهم أن يتوبوا وأن يجددوا التوبة حتى يرحمهم الله تعالى.


قديم 29-08-2009, 08:20 AM
المشاركة 142
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
شروط وجوب الصلاة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البعلي -رحمه الله تعالى-:
كتاب الصلاة
إنما فرض الخمس على مكلف، وهو المسلم العاقل البالغ، لا حائض ونفساء، ويأمر بها ابن سبع، ويضرب على تركها ابن عشر، فإن بلغ فيها أو بعدها في وقتها أعادها وما قبلها إن جمع إليها كالحائض تطهر، والكافر يسلم، والمجنون يفيق، ولو صلى كافر أسلم.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصلاة هي المقصودة مما تقدم، وإنما قدم الطهارة لأنها شرط لصحتها، والشرط يتقدم المشروط، وفي الطهارة تفاصيل؛ فلذلك يقدمونها حتى يعرف الإنسان كيف يتطهر، ثم بعد ذلك يعلمونه كيف يصلي.
الصلاة لغة الدعاء، هكذا عند العرب، قال الله -تعالى-: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ أي: أن دعاءك سكن، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا جاءه أحد بصدقته، قال: اللهم صلى على آل فلان، يقول ابن أبي أوفي: فجاءه أبي بصدقته، فقال: اللهم صلى على آل أبي أوفى وتعرف العرب ذلك قبل الإسلام حيث يقول شاعرهم:
وقابلهـا الريح في دنّها
وصلى على دنّها وارتسم

ويقول أيضا الأعشى:
تقـول بنتـي وقـد قـررت مرتحلا
يا ربي جنب أبي الأوصاب والوجــع
عليـك مثـل الـذي صليت فاغتنمي
نومـا فـإن لعيـن المـرء مضجـع

عليك مثل الذي صليت أي: عليك من الدعاء مثل الذي دعوتي لي، أطلقت الصلاة على هذه العبادة؛ لأنها تشتمل على الدعاء سواء دعاء العبادة أو دعاء المسألة، فيها دعاء مسألة، فيها في الفاتحة: "اهدنا الصراط" هذا دعاء مسألة، وكذلك بين السجدتين: رب اغفر لي رب اغفر لي، هذا دعاء مسألة، وكذلك في التشهد إذا قال: أعوذ بالله من المأثم والمغرم، ومن عذاب جهنم إلى آخره، هذا دعاء مسألة، يسأل ربه هذه الأشياء، وفيها دعاء العبادة، فإن التكبيرات دعاء عبادة، وكذلك التسبيحات، وكذلك الأفعال كالقيام والركوع والسجود والقعود والحركات، هذه كلها دعاء عبادة ولكن دعاء العبادة يتضمن دعاء المسألة، ودعاء المسألة يستلزم دعاء العبادة، وكيفية ذلك أن الإنسان إذا سألته لماذا تصلي؟ يقول: رجاء المغفرة ورجاء الرحمة، فلسان حاله يقول: أصلي لك يا رب حتى ترحمني، أصلي لك يا رب حتى تدخلني الجنة، فكأنه يسأل الله الجنة، ويسأل الله الرحمة، فدل على أن الصلاة دعاء، تتضمن دعاء المسألة، وهكذا يقال في كل العبادات، ومنها طلبك للعلم فإن لسان حالك سائل لو قيل لك لماذا تتعلم؟ ولماذا تأتي من مكان بعيد لأجل هذا التعلم؟ نطق لسانك بطلب الخير تقول: أتعلم حتى يثيبني الله أتعلم حتى يعظم الله لي الأجر، فلسان حالك يقول: يا رب إني أتعلم حتى تفقهني في الدين، وحتى ترزقني العبادة الصحيحة، وحتى تقبل مني عباداتي، فهذا دليل على أن دعاء العبادة يتضمن دعاء المسألة.
الحاصل أن الصلاة فيها دعاء العبادة كالركوع والسجود، وفيها دعاء المسألة كسؤال الهداية والمغفرة وما أشبه ذلك باتفاق أن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وأنها أعظم الأركان بعد التوحيد، وجاء في وجوبها وآكديتها أدلة كثيرة منها أنها عمود الدين في حديث أبي موسى وغيره الصلاة عماد الدين، وقال -صلى الله عليه وسلم-: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة أي: شبهت بعمود الخيمة إذا قامت العمود ارتفع بالخيمة، وإذا سقطت العمود سقطت الخيمة.
ومن آكديتها أنها فرضت في السماء، بقية الأركان نزل بها الوحي في الأرض، أسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وفرضت عليه الصلوات الخمس، فرضت خمسين صلاة ثم خففها حتى صارت خمسا، ومن أدى الخمسة فله أجر خمسين الحسنة بعشر أمثالها.
من أهميتها أنها أول ما يحاسب عنها العبد يوم القيامة، إن قبلت قبل عمله، وإن ردت رد سائر عمله، هكذا جاء في الأحاديث من أهميتها قوله -صلى الله عليه وسلم-: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة أي: آخر ما يذهب إذا ذهبت الصلاة ذهب الدين؛ لأنها آخر الدين، فكل شيء ذهب آخره فقد ذهب كله، فهي آخر ما يذهب من ديننا، ليس بعدها إسلام ولا دين.
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يكتب إلى الآفاق يقول: واعلموا أن أهم أعمالكم إلي الصلاة، ويقول: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، معناه أنه ترك الإسلام، وضاع عليه حظه من الدين، فلا يكون مسلما، يعني: يحكم له بأحكام الإسلام.
تكررت الصلاة في كل يوم خمس مرات؛ وذلك ليتذكر العبد عبادة الله، فإنه إذا صلى صلاة ثم اشتغل بعدها بدنياه، أو براحة نفسه دخلت عليه صلاة أخرى تذكره العبادة يشتغل بعدها بشيء من دنياه تدخل عليه الصلاة الثالثة، يتذكر بها العبادة، فتفرقت حتى يكون العبد في كل أوقاته متذكرا العبادة غير غافل عنها، وذلك لأن الإنسان إذا غفل وطال زمن غفلته نسي الآخرة، ونسي دينه، ونسي ربه، ونسي ما خلق له، واستولت الغفلة عليه، وقسا قلبه، وأعرض عن ربه، فإذا كان دائم الاتصال بربه فإنه لا ينسى لقاء الله، بل يكون في كل صلاة يجدد عهده بالعبادة، يتجدد عهده بذكر الله -تعالى- فلا يكون من الغافلين.
ولهذا قال بعض العلماء: الصلاة صلة بين العبد وبين ربه، بمعنى أنه يتصل بالله في كل وقت؛ حيث يكبر الله عددا من التكبيرات، وكذلك يسبحه الله، ويقرأ كلامه ويدعوه، ويتواضع له في حالاته؛ في ركوعه وسجوده وقيامه وقعوده، فيكون ذلك اتصال بربه يجعله من أهل الاتصال لا من أهل الانقطاع؛ ولهذا الذين يتركونها -نعوذ بالله- تثقل عليهم العبادات الأخرى، فلا يتعبدون، فلا يذكرون الله إلا قليلا، ولا يقرؤون القرآن، ولا يدعون الله ولا يتصدقون ولا يصدقون، ولا يؤمنون بالثواب إلا قليلا، فإذا تاب الله على أحدهم، وراجع هذه العبادة سهلت عليه بقية العبادات، وبقي على اتصال بالله عز وجل.
قال هاهنا: "إنما فرض الخمس على مكلف" وهو المسلم العاقل البالغ لا حائض ونفساء، الخمس يعني: الصلوات الخمس، ما فرضها الله -تعالى- إلا على المكلف هو المسلم فلا تقبل من الكافر؛ وذلك لأنه مطالب بشرطها وهو الإسلام، ولو صلى ما قبلت منه، بل أعماله كلها باطلة يبطلها الكفر، فإن الكفر يحبط الأعمال قال تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ فلأجل ذلك يطالب بشرطها، ولو كان مخاطبا بها بمعنى أنه يعذب على تركها في الآخرة زيادة على تعذيبه على ترك الإسلام، فيقال في النار هذا عذابك على الشرك، وهذا عذابك على ترك الصلاة، وكذلك بقية الأركان.
فإذا قال: كيف تطلب مني ولا تقبل؟ فالجواب: إئت بشرطها وهو الإسلام، إذا صليت قبل أن تسلم بطلت صلاتك، أبطلها شركك وكفرك.
"العاقل": لا تفرض على المجنون والمخبَّل الذي لا يفهم، فإن الله إذا أخذ ما وهب سقط ما وجب، ميز الله المكلفين بالعقول، المكلفون هم الإنس والجن، ميزهم الله بهذا العقل فلما ميزهم به فرض عليهم العبادات، فمن سلب عقله لم يفهم المجنون لا يفهم ما يقال له، ولا يدري الخير والشر، ولا يتصرف لنفسه تصرفا صحيحا، بل تصرفاته غير سليمة؛ فلا يطالب بالعبادات لعدم فهمه لها.
ثالثا: البالغ، الصغير لم يتكامل عقله، وذلك لأنه لا يزال طفلا لم يتكامل فهمه ولا إدراكه؛ فلأجل ذلك لا يكلف بها.
تسقط عن الحائض والنفساء؛ وذلك لوجود الحدث الدائم الذي لا ينقطع، والصلاة لا بد لها من طهارة، والحائض معها هذا الدم الذي يمنعها من الطهارة فعفي عنها وسقطت عنها ولا تقضيها، وكذا النفساء، ولو استمر معها دم النفاس ثلاثين أو أربعين يوما، فإن هذا الدم يمنعها من الطهارة، ولا تطالب بها بعد الانتهاء من مدة النفاس.
"يؤمر بها الصغير إذا بلغ سبع سنين، ويضرب على تركها إذا بلغ عشرا" أمره بعد السابعة أمر تعليم حتى يألفها؛ لأنه لم يكن بلغ، ولم يكن كلف، ولكنه في هذه السن يميز يجيب الدعاء، ويفهم الخطاب، ويرد الجواب، ويقضي الحاجة، إذا طلب منه أن يحضر كذا وكذا، إذا أرسل إلى أحد ذهب، وإذا استدعي أجاب، فله إدراك، ولكن لم يتكامل إدراكه، فيؤمر بها أمر تأديب وأمر تعليم؛ لئلا تثقل عليه عند التكليف، فإنه لو لم يؤمر بها، ثم فجأة بعد العشر أمر لثقلت عليه ولصعب عليه أن يداوم عليها، فإذا تدرب عليها ثلاث سنين -من السابعة إلى العاشرة- سهلت عليه عند الفرض، وصار يداوم عليها ويحبها، وصار قد عرف كيف يؤديها، تعلم أركانها وشروطها وصفتها وواجباتها، تعلمها قولا وتعلمها فعلا، فلأجل ذلك على ولي أمره أن يعلمه سواء أكان ذكرا أو أنثى، الطفلة إذا بلغت السبع ودخلت في الثامنة تعلمها أمها أو ولي أمرها الطهارة وكيفيتها، ونواقض الوضوء، وكذلك شروط الصلاة وواجباتها وصفتها.
كذلك الطفل يعلمه أبوه، فيعلمه الطهارة والنظافة، وتنظيف ثيابه ورفع الحدث، ويأخذه بيده إلى المسجد فيعلمه التكبير والركوع والسجود والقراءة والدعاء، وما يكون في الصلاة من واجبات ونحوها، يعلمه مرة بعد مرة ويهدده، ولكن لا يضربه ولا يشدد عليه؛ وذلك لأنه لم يتم تكليفه، إنما يتم إذا بلغ، فإذا بلغ عشر سنين فإنه يكون قد قارب البلوغ، يوجد من الأطفال من يبلغ وهو ابن عشر، يبلغ بالاحتلام أو يبلغ بالإنبات، ففي هذه الحال يكون مكلفا، وقبل ذلك لا يكون مكلفا، يعني: لا يعاقب جاء في الحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ وفسر البلوغ بأنه أن ينبت الشعر النابت حول الفرج، أو أن يبلغ خمس عشرة، أو أن يحتلم، ويحدث من كثير الاحتلام في الثانية عشر أو الحادية عشر فيكون قد بلغ، وكذا الإنبات ولما كانت تمام العاشرة مظنة التكليف أمروا وأدبوا وقال في الحديث: وفرقوا بينهم في المضاجع أي: لا ينام اثنان على فراش واحد ملتصق بعضهما ببعض، فإنهما قد بلغا أقرب البلوغ فيخاف من أحدهما أن يفعل بالآخر، فلأجل ذلك قال فرقوا بينهم في المضاجع بين ذكرين أو ذكر وأنثى؛ لأن ذلك قرب البلوغ.
فالحاصل أنه يضرب على تركها، ولكن يكون ضربا غير مبرح، لأن الضرب الشديد قد يثقلها عليه وقد ينفره، وقد يكره إليه هذه العبادة فيأتيها وهو كاره، فقبل أن يضربه يعلمه يرغبه، ويبين له ويحسه عليها، ويبين له فضلها وآثارها وفوائدها، وأنها فريضة الله، وأن الله تعبد بها عباده إذا بلغوا إلى أن يذهب عنهم الإدراك، يكون الإنسان مكلفا بهذه العبادة، ويبين له الأجر الذي يترتب على هذه العبادة وما أشبه ذلك.
الأجر في هذه الصلاة إذا صلى قبل البلوغ بعد السابعة أو بعد العاشرة قبل البلوغ، هل الأجر له أو الأجر لوالديه؟ الصحيح أنه يكون الأجر له، ولكن والداه لما ساعداه على هذه العبادة يثيبهما الله جزاء على إحسانهما وتعليمهما ودعوتهما له، فيكون لهما أجر.
يقول: "فإن بلغ فيها أو بعدها في وقتها أعادها وما قبلها إن جمعت إليها" صورة ذلك إذا بلغ في أثناء الصلاة، وقد صلى ركعة أو ركعتين بلغ في تلك اللحظة بأن تمت له خمسة عشر، يعني: تذكر أنه ولد في تلك اللحظة، وأن هذه اللحظة تمام خمسة عشر، يعني: بعدما صلى ركعتين يلزمه أن يعيدها، أن يعيد هذه الصلاة التي بلغ في أثنائها، لماذا؟ لأنه صلى أولها على أنها نفل، وقد أصبحت فرضا، كذلك لو بلغ بالاحتلام، إذا صلى مثلا العشاء قبل أن يبلغ، ونام فاحتلم تلك الليلة، وكانت أول احتلام ففي هذه الحال يكون قد بلغ قبل أن يخرج وقت العشاء، فماذا يفعل؟ يعيد العشاء ويعيد المغرب، وذلك لأنهما يجمعان، فإذا بلغ في أثناء وقت الثانية قضى الصلاتين، وهكذا لو نام بعد العصر قبل أن يبلغ، وبلغ بعدما نام قبل أن تغرب الشمس، أصبح قد بلغ في وقت العصر فتجب عليه العصر؛ لأنه صلاها نفلا، وتجب الظهر لأنها تجمع إليها، فيطالب بالصلاتين.
ولو قال: إني قد صليتهما، يقال: صليتهما وهما نفل، والآن قد أصبحتا فرضا، فعليك أن تبادر بهما وتقضيهما، ذكروا مثل ذلك: الحائض تطهر، والكافر يسلم، والمجنون يفيق، الحائض إذا طهرت من حيضها في آخر النهار بعد العصر قبل المغرب، تطالب بالصلاتين الظهر والعصر، يعني: طهرت في الساعة السادسة، يعني: آخر النهار، فلما طهرت كان الوقت باقيا، وقت العصر والظهر تجمع إليها، فتطالب بصلاة الظهر والعصر، تغتسل وتصليهما، ولو لم تغتسل إلا بعد الغروب تكون الظهر والعصر واجبتين عليها.
كذلك إذا طهرت آخر الليل، إذا طهرت في الساعة الثالثة قبل دخول وقت الفجر تكون مطالبة بالصلاتين، طهرت قبل أن ينتهي وقت العشاء، فتطالب بالعشاء وتطالب بالمغرب؛ لأن وقتهما واحد حيث يجمعان، كذلك لو طهرت قبل طلوع الفجر، قبل أن يطلع الفجر بعشر دقائق طهرت، ففي هذه الحال لا تطالب إلا بالفجر؛ لأنها أدركت آخر وقتها.
كذلك الكافر يسلم يطالب بالوقتين، إذا أسلم قبل غروب الشمس طولب بالصلاتين الظهر والعصر، وإذا أسلم في آخر الليل طولب بالصلاتين المغرب والعشاء، وإذا أسلم قبيل طلوع الشمس طولب بالفجر.
وهكذا المجنون يفيق، المجنون تسقط عنه الصلاة، فإذا أفاق وصح وعقل، أفاق قبل غروب الشمس بدقائق ألزم بالصلاتين الظهر والعصر، وإذا أفاق قبل طلوع الفجر ولو بدقائق ألزم بالصلاتين المغرب والعشاء، وإذا أفاق قبل أن تطلع الشمس بدقائق ألزم بصلاة الفجر.
أما إذا بلغ الطفل في الضحى فلا يقضي شيئا، وكذلك إذا طهرت الحائض في الضحى أي: ما بين طلوع الشمس أو زوالها، فلا تطالب بشيء، وكذلك لو أسلم الكافر، أو عقل المجنون في أول النهار، فلا يطالبون بشيء؛ وذلك لأنه ليس وقت عبادة، يعني: ما بين طلوع الشمس إلى زوالها، ليس وقت صلاة من الصلوات الخمس، المهم والذي يتكرر هو أمر الحائض، نقل عن الصحابة كعبد الرحمن بن عوف وغيره، هذا وكانوا يفعلونه بعهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرون الحائض إذا طهرت قد بقي من الوقت شيء أن تقضي تلك الصلاة، وتقضي ما يجمع إليها قبلها.
إذا صلى الكافر رأيناه يصلي حكمنا بإسلامه، فإذا رأينا منه بعد ذلك رجوعا عن الدين أو تمسك بالنصرانية حكمنا بردته؛ لأنك لما أسلمت بهذه الصلاة لزمك الاستمرار على الإسلام، ولا يجوز لك أن تترك دينك الذي اخترته، وهو الذي فيه هذه الصلاة فلا بد أنك تستمر، فإذا رجعت فإنك تعاقب وتقتل كما يقتل المرتد، فمن صلى وهو كافر حكمنا بإسلامه، وإذا ترك حكمنا بردته.


قديم 29-08-2009, 08:22 AM
المشاركة 143
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
مواقيت الصلاة

ووقت الظهر من الزوال إلى مصير ظل الشيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس، ثم يعقبه العصر وهي الوسطى والمختار إلى مصير ظل الشيء مثليه، ويبقى وقت الضرورة إلى الغروب، ثم يعقبه المغرب وهي الوتر، ويمتد إلى غروب الشفق الأحمر، ثم يعقبه العشاء، ويختار إلى ثلث الليل، ووقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني، وهو البياض المعترض في المشرق، ثم يعقبه الفجر، ويبقى إلى طلوع الشمس، ويدرك الوقت بتكبيرة كالجماعة والجمعة بركعة، وأوله أفضل إلا العشاء الآخرة ما لم يشك، والظهر في حر أو غيم لمن يقصد الجماعة، وحرم تأخيرها أو بعضها عن وقتها بغير عذر جمع وشغل بشرطها، فإن أخرها جحودا كفر، أو تهاونا دعي إليها فإن أبى وجب قتله إذا ضاق وقت التي بعدها، ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثا، فإن تاب وإلا قتل، ويجب القضاء على الفور مرتبا، إلا إن خشي فوت حاضرة، وإلا أتمها نفلا ثم رتب.

تكلم بعد ذلك على مواقيت الصلاة، وذلك لأن الله جعل لكل صلاة وقتاً، وهذا الوقت يتسع لها ويتسع لأكثر منها، توسعته من باب التسهيل حتى لا يكون هناك حرج، ولا يكون هناك مشقة، لو كان وقت الظهر قدر عشر دقائق ثم يخرج لشق على الناس، وكذلك بقية الأوقات، ولكن جعل الله وقت الظهر نحو ثلاث ساعات، كلها وقت الظهر، ووقت العصر أيضا نحو ثلاث ساعات، ووقت المغرب نحو ساعتين أو ساعة ونصف، ووقت العشاء قد يكون ست ساعات أو ثماني ساعات، أو ربما يصل إلى عشر ساعات في ليالي الشتاء، ووقت الفجر نحو ساعة ونصف، وذلك تسهيل على العباد، فإن العبد قد ينشغل في أول الوقت، وقد يغفل، وقد يكون له عذر يقتضي التأخير كسفر أو مرض، فجعل الله في الأوقات سعة.
قيل: إن الأوقات أو المواقيت تؤخذ من آيات في القرآن، وإن كانت مجملة، فمنها قول الله -تعالى- في سورة هود: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ فيدخل في طرفي النهار الطرف الأول الفجر، والطرف الثاني الظهر والعصر؛ لأنها الطرف الثاني الذي هو آخر النهار وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ المغرب والعشاء لأنهما في الليل، وقال تعالى في سورة الإسراء: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ فدلوك الشمس يعني: زوالها يدخل فيه الظهر والعصر، لأن وقتهما واحد وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ المغرب والعشاء، أو دلوك الشمس إلى غسق الليل، غسق الليل هو ظلمته المغرب والعشاء، وقرآن الفجر أي: صلاة الفجر ونحوها من الآيات.
اتفقوا على أن وقت الظهر بعد الزوال، ولا يجوز إيقاعها قبل الزوال، والمراد بالزوال زوال الشمس؛ وذلك لأن الشمس إذا طلعت لا يزال الظل ينقص، ينتصب لكل شاخص ظل، فكلما ارتفعت تناقص ذلك الظل إلى أن تكون فوق الرأس، ثم بعد ذلك تزول إلى جهة المغرب، فيبدأ الظل في الزيادة، فإذا بدأ في الزيادة، فذلك هو الزوال، فإذا زالت دخل وقت الظهر، إذا ابتدأ الظل في الزيادة، أولا كان يتناقص ثم بعد ذلك يكون يزيد إلى أن تغرب، فأول النهار إلى الزوال وهو ينقص وآخر النهار بعد الزوال وهو يزيد، فإذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، ويختلف الظل في بروج الشمس، فإن الشمس في الشتاء تكون في جهة الجنوب، وذلك في بعض البروج كبرج الجدي، فيكون الظل في جهة الشمال طويلا، فإذا ابتدأ في الزيادة ولو كان موجودا وقت الزوال دخل وقت الظهر، وأما في الصيف فإن الشمس تكون في وسط السماء، فبعض البروج كبرج السرطان لا يكون للإنسان ظل في وقت الزوال تكون الشمس فوق، ولا يكون للإنسان ظل، ظله تحت قدميه، فإذا كان له ظل ابتدأ الظل، ولو بقدر أصبع أو قدر سنتي، فذلك هو الزوال.
متى ينتهي وقت الظهر؟ إذا صار ظل الشيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس ظل الشيء مثله أي طوله، ولا يعد الظل الموجود وقت الزوال، أنت مثلا إذا وقفت وقت الزوال، وزالت الشمس انظر كم يكون ظلك؟ أحيانا يكون قدم وأحيانا يكون نصف قدم، وأحيانا يكون ثمانية أقدام، فهذا الموجود الذي زالت عليه الشمس لا تعده، احسب عليه زيادة حتى يكون ظلك مثلك، فعند ذلك يخرج وقت الظهر، ويبدأ وقت العصر، وظل الزوال يختلف باختلاف البروج التي هي منازل الشمس، والبروج اثنا عشر التي ذكرت في قوله: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا هذه البروج منها ما يكون فوق الرأس، يعني: الشمس ومنها ما تكون بعيدة ،نظم ذلك بعضهم لتحديد ظل الزوال رجزا يقول فيه: -
للظـل أقدام أتت محـررة دال وقـوس سبعة معتبرة وستة للعقـرب والحـوت دال للميـزان وحمل أوتي دال -يعني: أربعة- اثنان للثـور وللجـوزاء وواحـد لليث والعـذراء العذراء: يعني:السنبلة شرطان لا ظل له علانية جدي أتت أقدامه ثمانيـة

هذه هي البروج الاثنا عشر نظم هذا بعضهم مرتبا بقوله:
حمل الثور جوزة السرطان ورأى الليث سنبلـة الميـزان الليث -يعني: الأسد- ورمت عقرب بالقوس جديا وارتوى الدلو من بركة الحيتان
فهذه البروج تذكر في التقاويم، في التقويم القطري وغيره، وتذكر عدد أيامها، وتذكر مطالعها، فإذا نظرنا في البرج الذي نحن فيه عرفنا كم تزول الشمس عليه من قدم، ثم حسبنا الزيادة بعد الزوال، فإذا كان ظل الشيء مثله بعد الزوال، فإنه يخرج وقت الظهر ويدخل وقت العصر، سواء أكان ظل الزوال طويلا أو قصيرا.
يدخل وقت العصر إذا كان ظل الشيء مثله، وللعصر وقتان وقت اختيار ووقت اضطرار، فوقت الاضطرار يستمر إلى الغروب، ووقت الاختيار أن يكون ظل الشيء مثليه، فإذا كان ظل الشيء مثليه خرج وقت الاختيار لصلاة العصر وبقي وقت الضرورة، صلاة العصر يختار الإمام أحمد أنها هي الوسطى حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى فيختار أنها صلاة العصر؛ لأنه وجد أحاديث تؤيد هذا القول، ويختار الشافعي أنها صلاة الفجر، وفيها أقوال كثيرة ذكرها ابن كثير في التفسير، المختار في صلاة العصر إلى مصير ظل الشيء مثليه، ظل الإنسان طوله مرتين بعد فيء الزوال، أو ظل الجدار طوله مرتين بعد فيء الزوال، أو ظل النخلة طولها مرتين بعد فيء الزوال، هنالك يخرج وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى الغروب، بعد الغروب يدخل وقت المغرب.
المغرب وتر النهار ثلاث ركعات؛ ولذلك لا تقصر في السفر، لأنها وتر النهار، يدخل وقتها من حين غروب الشمس، ويمتد إلى غروب الشفق الأحمر، إذا غابت الشمس لوحظ أن في السماء حمرة من آثار الشمس، فإذا غابت تلك الحمرة وذلك الشفق الأحمر، خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء.
وقت العشاء أيضا نوعان: وقت اختيار ووقت اضطرار، فيختار الوقت الذي يكون عند مضي ثلث الليل، يعني: إلى أن يمضي ثلث الليل فهذا وقت الاختيار، والثلثان الباقيان هذا وقت اضطرار، وقت ضرورة إلى طلوع الفجر الثاني، فإذا طلع الفجر الثاني، الفجر الثاني هو البياض المعترض في المشرق، البياض الذي معترض ليس مستطيلا، المستطيل نور دقيق يكون في آخر الليل قبل أن يطلع الفجر بنحو ساعة، يسمى الفجر الكاذب، وأما المعترض في الأفق فهو الفجر الصادق، إذا طلع دخل وقت الفجر، وانتهى وقت الاختيار للعشاء، البياض المعترض في المشرق ينتهي به وقت العشاء، يعقبه الفجر، ويمتد وقت الفجر إلى طلوع الشمس، إذا طلعت الشمس خرج وقت الفجر.
"يدرك الوقت بتكبيرة" هذا أحد الأقوال، والقول الثاني أنه لا يدرك إلا بركعة، ومعنى ذلك أن من كبر تكبيرة واحدة قبل أن يخرج الوقت فصلاته أداء لا قضاء، وأما إذا خرج الوقت قبل تكبيرة واحدة فإن صلاته قضاء، يعتبر فاته الوقت، ويعتبر كأنه قضاها، قضى هذا الوقت، ولا شك أن الأداء أعظم أجرا وأكثر ثوبا من القضاء؛ لأن الذي يقضيها سيما إذا كان مفرطا يعتبر ملوما، وقد يعاقب سيما إذا أخرها عمدا، جاء في الحديث تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربع لا يذكر الله فيها إلا قليلا فأخبر بأنه منافق أو هذا من عمل المنافقين، الذي يؤخر الصلاة عمدا إلى أن يقرب الغروب، وتكون الشمس بين قرني شيطان، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة وقت الغروب ووقت الشروق؛ وذلك لأن الشيطان يقارن الشمس، ويقصد من ذلك أن يكون السجود له، فلأجل ذلك يبادر المصلي ويصلي قبل أن يأتي الوقت الذي يكون فيه كأنه يسجد للشيطان.
عرف بذلك أن المبادرة بالوقت هي الواجبة، الواجب المبادرة بالصلاة قبل خروج الوقت أو قبل آخره، ثم ذكر أنها تدرك بإدراك تكبيرة، والقول الثاني بإدراك ركعة، صورة ذلك إذا كبر قبل أن تطلع الشمس، وطلعت الشمس بعدما قال: الله أكبر، هل يكون مصليا صلاة لوقتها؟ هل تكون أداءً؟ أم يكون قضاءً؟
الفقهاء هنا يختارون أنها أداء، وكذلك الظهر إذا كبر قبل أن يخرج وقتها ثم خرج بعدما قال: الله أكبر، وكذلك العصر إذا غربت الشمس بعدما قال: الله أكبر، وكذلك المغرب إذا غرب الشفق بعدما كبر، أتى بتكبيرة واحدة ففي هذا الحال يقولون إنه قد أدرك الفضل، أي: فضل الوقت.
والقول الثاني أنه لا يكون مدركا إلا بإدراك ركعة؛ وذلك لأنه جاءت أحاديث كثيرة في الصحيحين عن جماعة من الصحابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر هكذا قال: "ركعة" بمعنى أنه صلى ركعة بركوعها وبسجدتيها والشمس لا تزال حية، وغربت الشمس لما قام إلى الركعة الثانية اعتبرناه أدرك الوقت فيكمل ويكون قد أدى، وكذلك إذا كبر قبل طلوع الشمس، وقرأ وركع وسجد، ولما قام للثانية وإذا الشمس قد طلعت أو طلع حاجبها يكون قد أدرك الوقت.
وكذلك بقية الأوقات تدرك بإدراك ركعة على ما جاء في هذا الحديث: من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر يعني: أدرك الوقت فعليه أن يتم بقية الركعات؛ لأنه بذلك يصير مدركا، وأما إذا طلعت الشمس قبل أن يدرك الركعة، ولو بعدما كبر ولو بعدما قرأ، فإنه لا يعتبر على هذا القول مدركا للوقت، بل تكون صلاته قضاءً، هذا معنى قوله في هذا المكان " ويدرك الوقت بتكبيرة " كالجماعة.
يذكرون هاهنا أيضا الخلاف إذا قلت: بأي شيء تكون مدركا الجماعة وحاصلا على فضل صلاة الجماعة؟ قيل: إنك تدركها بتكبيرة، وقيل: إنك لا تدركها إلا بركعة، ونتيجة الخلاف أنك إذا جئت والجماعة في التشهد الأخير، فإن قلنا: إنها تدرك بتكبيرة كبر معهم واجلس، ولو سلموا بعد تكبيرتك مباشرة؛ لأنك تكون مدركا لصلاة الجماعة لسبع وعشرين درجة، أدركتهم قبل أن يصلوا، وإذا قيل: إنها لا تدرك إلا بركعة، وجئتما وأنتما اثنان أو جماعة فلا تدخلا معهم؛ لأنه قد فاتتكم أربع ركعات أو ثلاث للمغرب، فلا تدخلوا معهم؛ لأنكم لا تكونون مدركين للجماعة، بل أقيموا جماعة أخرى حتى تكونوا جماعة، فإن اثنين، اثنان وما فوقهما جماعة، كما جاء ذلك في الحديث، وكذلك إذا أتيت وهم في الركعة الأخيرة وأنت وحدك، فإن كنت تؤمل أن يأتي جماعة متخلفون انتظر حتى تصلي معهم، وإن كنت تعرف أنه لا يأتي أحد بل كل من سمعهم يسلمون رجع وصلى في بيته، وإن كان هذا خطأ في هذه الحال ادخل معهم ولو لم تدرك إلا التشهد، ولو لم تدرك إلا التحريمة؛ لأن هذا قول الفقهاء أنك بذلك تكون مدركا لفضل الجماعة.
وهذا بخلاف الجمعة فإنها لا تدرك إلا بإدراك ركعة، فإذا جئت والإمام قد رفع من الركوع الثاني من صلاة الجمعة دخلت معهم، فادخل معهم بنية الظهر، إذا سلموا قم وصلي أربع ركعات ظهرا؛ لأن الجمعة فاتتك خطبتاها وفاتتك ركعتاها فلا تكون مدركا لفضل الجمعة، أما إذا أتيت وهم في الركعة الثانية وركعت معهم وكملت ركعة، ففي هذا الحال أدركت من الجمعة شيئا تعتد به، فلك أن تصلي ركعة، وتكون كأنك مدرك لصلاة الجمعة، هذا معنى قوله: "والجمعة بركعة".
"وأوله أفضل" يعني: أول الوقت أفضل إلا العشاء الآخرة ما لم يشك، والظهر في حر أو غيم لمن يقصد الجماعة، جاء حديث بلفظ: أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها والحديث المشهور: أي العمل أفضل؟ الصلاة على وقتها فالرواية التي فيها في أول وقتها تدل على أن المبادرة والصلاة أول الوقت أفضل، فمتى غربت الشمس واجتمعوا صلوا صلاة المغرب، متى دخل وقت العصر واجتمعوا صلوا صلاة العصر، يبادرون بها في أول الوقت في أول العصر إلا إذا استحب التأخير.
أما صلاة الظهر فإن كان هناك حر شديد وليس هناك تكييف ولا ما يخفف الحر، فإن تأخيرها أفضل، قال -صلى الله عليه وسلم-: إذا اشتد الحر فأَبْرِدُوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيْح جهنم لماذا؟ لأن شدة الحر تُذهب الخشوع، المصلي مأمور بأن يخشع، وبأن يخضع في صلاته، وإذا كان هناك ما يقلق راحته، وما يكدر عليه صلاته، فإنه يؤخرها إلى أن يزول ذلك الذي يسبب عليه قلقه.
ولذلك نُهي أن يصلي وقلبه منشغل بشيء متعلق به، كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان إذا كان بحضرة طعام قلبه تعلق به، ويُخشى أنه إذا صلى أُكل الطعام وهو شديد الجوع، أخَّر الصلاة حتى ينال من ذلك الطعام شهوته حتى لا يبقى قلبه مضطربًا.
كذلك إذا كان يدافعه أحد الأخبثين: البول والغائط، إذا صلى في تلك الحالة لم يطمئن في صلاته، فلا بد أن يأتي إلى الصلاة فارغ القلب حتى يُكبر بخشوع، ويقرأ بتدبر، ويركع بذل، ويسجد بعبادة، ويطمئن في صلاته.
وهكذا -أيضًا- شدة البرد، إذا كان هناك برد شديد فإن عليه أن يذهب إلى مكان يستدفئ فيه؛ لأن البرد أيضًا قد يقلق راحته، فلا بد أن يكون مطمئنًا في صلاته، فلذلك ذكروا أنه لا بد أن يؤخر الصلاة إلى أن يطمئن في شدة الحر، أما في هذه الأزمنة فإن المساجد مكيفة، والغالب أنه لا يكون هناك حر يصير معه شيء من القلق أو من الاضطراب، أما إذا كان يصلي وحده في بيته أو نحو ذلك فلا حاجة إلى الإبراد بأن يصلي؛ لأنه لا فرق بين تقديم الوقت وبين تأخيره.
أما بالنسبة لصلاة العشاء، فالأولى والأفضل تأخيرها إلى ثلث الليل، لكن إذا اعتاد الناس أداءها في الوقت الذي هو أول وقتها الذي هو بعد غروب الشفق، فإنه والحال هذه يكون جائزًا، فلو كانوا في بلد وكلهم لا ضرر عليهم التأخير، وكلهم يعرفون بعضهم بعضًا، ففي هذه الحال يفضل التأخير، أن يؤخروها إلى ثلث الليل إذا لم يكن عليهم مشقة.
أما بالنسبة إلى العصر، فإن الأفضل أن يبكَّر بها، سيما إذا كان هنا وقت غيم، يذكرون ذلك عندما كانوا لا يعرفون الوقت إلا بالشمس، في هذه الأزمنة يعرفون الوقت بدقة لوجود الساعات التي تبين الأوقات بالدقيقة، ولكن مع ذلك جاء في الحديث: بكِّروا بالعصر؛ فإن من فاتته فكأنما وُتِرَ أهله وماله يعني: سُلب، التبكير بها أفضل؛ لأن ذلك من المبادرة والمسارعة، ففسر المسارعة بالخيرات بأنها المبادرة إلى الصلوات في قوله تعالى: أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ يدخل في المسارعة المسارعة إلى أداء الصلوات في أول مواقيتها.
أما بالنسبة لصلاة الفجر فيها خلاف: الجمهور على التبكير، والحنفية يختارون التأخير؛ وذلك لأنه صح من حديث رافع بن خديج، قال -صلى الله عليه وسلم-: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر وفي رواية: أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم فلما جاء هذا الحديث عمل به الحنفية، فلا يصلون حتى يسفروا جدًّا، والذي جاء في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يغلِّس بها، كان يصلي الفجر بغلس.
في حديث جابر يقول: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الظهر بالهاجرة.. يعني بالهاجرة هي التي وسط النهار، والعصر والشمس نقية.. يعني ما بدأت في الاصفرار، والمغرب إذا وجبت.. يعني إذا غربت، والعشاء أحيانًا وأحيانًا إذا رآهم اجتمعوا عجّل، وإذا رآهم أبطئوا أخَّر، والفجر كان يصليها بغلس الغلس هو بقايا الظلمة، مع أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل، كان يطيل في صلاة الفجر صلاها مرة بسورة "قد أفلح المؤمنون" وكان يصليها بنحو مائة آية، أي بثلث سورة "البقرة" مما يدل على أنه يطيلها، فدل ذلك على أنه كان يبكر بها.
ذكرت عائشة قالت: "كان يشهد الفجر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساء متلففات بمروطهن فينصرفن ما يعرفهن أحد من الغلس" أي: من بقايا الظلمة، أي: لا يعرف بعضهن بعضًا من شدة الظلمة.
يقول: "وحرم تأخيرها" أي: تأخير الصلاة، أو تأخير بعضها عن وقتها بغير عذر جامع، أو شغل بشرطها؛ وذلك لأن تأخيرها يعتبر تفريطًا، فلا يجوز التفريط، الذي يفرط في صلاته يذهب الوقت أو يذهب أكثره، يعتبر مفرطًا، الله -تعالى- ذكر الذين يسارعون في الخيرات، والمسارعة هي الإتيان بها في أول ما تُمكن.
يجوز التأخير لمن ينوي الجمع كالمسافر إذا دخل عليه وقت الظهر وهو يمشي في الطريق، وشق عليه أن يقف مرتين: مرة للظهر ومرة للعصر، واصل السير إلى أن يدخل وقت العصر، ثم ينزل فيصلي الظهرين، وكذا المغرب دخل عليه المغرب وهو جاد في السير، شق عليه أن يقف مرتين مرة للمغرب ومرة للعشاء، واصل السير حتى ينزل في وقت العشاء، ويصلي العشاءين، هذا هو التأخير للجمع.
أما التأخير للشرط فهو إذا أخرها لأجل الاشتغال بشرطها إذا رُجي أن يحصل ذلك الشرط قريبًا، وقد تقدم في باب التيمم أنه إذا كان يرجو الوصول إلى الماء فإنه يؤخرها، إذا قلنا: إن وقت العصر يدخل في الساعة الثالثة والربع، دخل عليه وهو مسافر وليس معه ماء، وعرف أنه يأتي الماء في الساعة الرابعة أو الساعة الرابعة والنصف، يؤخرها إلى أن يأتي إلى الماء حتى يصلي بطهارة كاملة.
وهكذا إذا كان ينتظر لو أرسل واردًا أرسلوا سيارة تأتيهم بالماء، ودخل عليهم وقت العصر ولم يأتِ، ولكن عرفوا أنه يأتي بعد ساعة يؤخرونها إلى الساعة الرابعة أو الرابعة والربع حتى يأتي، أما إذا عرفوا أنه لا يأتيهم صلوا بالتيمم في أول الوقت.
وكذا إذا كان يشتغل بسترة، إذا لم يكن عنده سترة، عَارٍ، أو ما عنده إلا ثوب متمزق تخرج منه بعض عورته، ولكن أرسل من يأتيه بثوب وتأخر ذلك المُرسَل، ينتظره مثلا إلى الساعة الرابعة أو الساعة الرابعة والنصف حتى يأتي له بسترة يستر بها عورته، أو عنده ثوب عند الخياط، وتأخر عليه، يشتغل به الخياط، ينتظره مثلا ربع ساعة أو نصف ساعة حتى يصلي وقد ستر عورته.
وكذلك إذا كان عليه نجاسة وانتظر الماء حتى يغسل هذه النجاسة، وتأخر عليه الماء ينتظر ربع ساعة أو نصف ساعة حتى يصليها وقد تمت شروطها.
يقولون: "فإن أخرها جحودًا كفر" إذا أخّر الصلاة جاحدًا لوجوبها منكرًا لفرضيتها أو معترضا على الله وعلى شرعه بأنه فرض هذه الصلاة وأنها لا أهمية لها وأنها لا فائدة فيها، أو سب الصلاة: إنها تقطعنا عن الشغل، وتقطعنا عن الكسب، هذه الصلاة صلاة عائقة، هذه الصلاة شاغلة لا فائدة فيها، ليتها لم تُفرض علينا، لقد قطعت علينا أعمالنا.. كما ينقلون ذلك عن كثير.
يذكر لنا أحد الأخوان: كان بجواره الوافدون الذين يشتغلون في حِرف يدوية، هذا خياط، هذا صيدلي، هذا نجار، هذا في ورشة، فإذا دخل وقت الصلاة وجاءهم الهيئات الذين يأمرونهم بالإغلاق أخذوا يسبونهم، وأخذوا يسبون الصلاة ويسبون فرضيتها، يقولون: إنها قطعت علينا حرفتنا، قطعت علينا شغلنا.
وهذا يعتبر كفرًا؛ لأنهم يدَّعون أن فرضيتها ظلم، وأنها فرضت بلا فائدة، لا فائدة فيها، بل فيها ضرر، من قال ذلك أو اعتقده حتى ولو أدّاها اعتبر كافرًا.
إذا تركها تهاونًا وتكاسلًا فلا يحكم يكفره لأول مرة ولكن يُدعَى إليها مرة بعد مرة، فإذا أبى وامتنع وقال: لا أصلي، وفات وقت الثانية التي بعدها وجب قتله، إما أن تصلي وإلا قتلناك. فإذا قال: أنا أقر بها وأعتقدها فريضة وركنًا من أركان الإسلام وعموده التي لا قام إلا عليها ولا استقام، ولكني لا أصلي -صل وإلا قتلناك، -لا أصلي، أليس تُقِرُّ بأنها ركن الدين؟ أقر بأنها ركن الدين، ولكن لا أصلي.. ما عذرك؟ ليس لي عذر، هل نصدقه؟ هل يكون هذا صادقًا في أنه يقر بأنها ركن، وبأنها فريضة، وبأن الله توعد عليها العقاب، وبأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كفّر من تركها بقوله: بين العبد وبين الكفر تَرْكُ الصلاة وبقوله: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر .
أصر على ذلك وامتنع، وهو يقر بها وقُتل وهو ممتنع فماذا نفعل به؟ هل يُقتل كافرًا، أو يُقتل مؤمنًا، هل قتله حدًّا كقتل الزاني، أو قتله ردة كقتل الكافر؟ الصحيح أنه إذا امتنع وصبر على القتل وأصر عليه حتى قتل أننا نعتبره كاذبًا في الإقرار، وأننا نجزم بأنه من أهل الإنكار، وحينئذ يكون كافرًا؛ فلا يرثه أقاربه المسلمون، ولا تقر معه زوجته، وإذا قتل فإنه لا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين.
يقول: "ولا يُقتل حتى يستتاب ثلاثًا" قيل: إنها ثلاثة أيام، وقيل يستتاب ثلاث مرات فإن تاب وإلا قُتل، إذا ترك صلوات إما لمرض وإما لإغماء إذا أغمي عليه ثلاثة أيام، وألزمناه أن يقضي صلاة الثلاثة في هذه الحال يجب عليه القضاء، وكيف يقضي؟
يقضي على الفور يعني ساعة ما يتمكن، ولا يجوز له التأخير، يبادر فيقضيها على الفور، يرتبها: إذا كان أول صلاة تركها الظهر صلى ظهرًا عصرًا مغربًا عشاءً، وإذا تعب استراح، ثم واصل الصلوات.
إذا كان عليه خمس وعشرون صلاة أي صلاة خمسة أيام، صلى خمس صلوات وتعب، ينتظر حتى يريح نفسه، ثم قام وصلى ثلاثًا أخرى خمسًا وهكذا يبادر.
فإن كانت كثيرة لا يستطيع أن يصليها كلها في يوم صلى بعضها: في اليوم الأول عشرين أو ثلاثين صلاة، ثم يصلي بقيتها في اليوم الثاني، وفي الثالث إلى أن ينتهي من هذه الصلوات التي تركها، يكون مرتبًا.
لو دخل عليه وقت صلاة من الحاضرات قدّم الحاضرة إذا ابتدأ بالقضاء، ابتدأ في الساعة التاسعة صباحًا وعليه ثلاثون صلاة، ولما صلى خمس عشرة صلاة دخل عليه وقت الظهر، يترك الصلوات التي عليه ويصلي الظهر إذا خشي أن يفوت وقتها، وقت الاختيار.
يقول بعضهم: إذا لم يخش فوتها، فوت الوقت، فإنه يرتب ويؤخر هذه الصلاة التي حضر وقتها، إذا لم يخش فوات وقتها صلّاها ونواها نفلا ثم رتب، صورة ذلك: إذا كان آخر صلاة تركها صلاة الفجر، وكان عليه عشرون صلاة، فابتدأ من الساعة السابعة في الضحى، ودخل عليه وقت الظهر وقد بقي عليه ثلاث صلوات، نقول له: صلِّ الظهر وانوها نافلة، الحاضرة، ثم صلِّ الصلوات الثلاث التي بقيت عليك، ثم أعد صلاة الظهر حتى تكون الصلاة مرتبة.
هذه مقدمة في كتاب الصلاة ذكر بعد ذلك باب الأذان والإقامة.


قديم 29-08-2009, 08:25 AM
المشاركة 144
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
صفة الأذان والإقامة


وهما فرض كفاية على الرجال للصلوات الخمس، ويقاتل أهل المصر بتركهما، وهو خمسة عشر وهي إحدى عشرة.

الأذان من سنن المسلمين، المسلمون لهم شعار، شعارهم هذا الأذان، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يغِير على قوم يشك في إسلامهم استمع في وقت الصلاة، فإن سمع الأذان وإلا أغار، يعرف أن الأذان إنما هو من خصائص المسلمين، وأنهم قد أسلموا فلا يُغِير عليهم، فإن لم يسمع الأذان عرف بأنهم ليسوا مسلمين، هذا هو شعار المسلمين.
شعار النصارى الضرب بالناقوس، وشعار اليهود البوق الذي ينفخون فيه، وشعار المجوس النار التي يوقدونها لوقت عباداتهم، وشعار المسلمين رفع الصوت بالنداء للصلاة، ذكره الله تعالى في قوله: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا يعني إذا أذَّنتم، وكذلك قوله: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ النداء يكون بالأذان.
فهذا الأذان من شعائر الإسلام، اشتمل هذا الأذان على أذكار، على التكبيرات، ست تكبيرات، وعلى التشهدات، أربع تشهدات، وعلى التهليل في آخره، وجُعل في أثنائه النداء الذي هو الحيعلتان؛ نداءً المسلمين إخبارًا لهم بأن الوقت قد دخل، وأنه مدعوُّون لأداء هذه الصلاة، يقال لهم: حي على الصلاة، أي: هلموا لأدائها، حي على الفلاح، أي: حي على أسباب الفلاح الذي هو من صفات المؤمنين: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فهذا هو شعار الإسلام.
شُرع الأذان في السنة الثانية في أولها، أول ما قدموا لم يكونوا يؤذنون وإنما كانوا يتحرَّوْن؛ وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بين لهم المواقيت بدقة، بل قد عرف المواقيت قبل الهجرة، صلى معه جبريل -عليه السلام- في مكة في أول الوقت وفي آخره وقال الصلاة بين هذين الوقتين، فلما هاجر أخبرهم بالمواقيت، ولكن لما لم يكن هناك شعار ظاهر لم يكونوا يضبطون ذلك؛ فكان بعضهم يتأخر فتفوته، وبعضهم يتقدم فيجلس ينتظرها ساعة أو نحو ذلك فشق ذلك عليهم، فقالوا نريد أن نجعل شيئًا نعرف به الوقت.
ذكروا أن اليهود لهم البوق الذي ينفخون فيه، فأرادوا أن يتخذوه، وقالوا: هذا لليهود، لا نحب أن نتشبه بهم، ثم ذكروا النار، وعرفوا أيضًا أنها للمجوس، ثم ذكروا الناقوس الذي يُضرب حتى يعني هو شبه الطبق من نحاس أو نحوه، يضرب فيصير له صوت رفيع، وتفرقوا على ذلك.
يقول عبد الله بن زيد بن عبد ربه: " إني انصرفت وأنا مهتم بذلك، فطاف به طائف في النوم يحمل ناقوسًا، فقال: يا عبد الله، أتبيع الناقوس؟ قال: وما تريد به، قال: ندعو به للصلاة، فقال: أَوَلَا أدلُّك على أفضل من ذلك؛ أن تقول: الله أكبر، الله أكبر ".. فعلمه هذا الأذان ثم علمه الإقامة، أصبح وجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبره بهذه الرؤيا فقال: إنها لرؤيا حق، فألقه على بلال فإنه أندى منك صوتًا.
ولما سمعه عمر جاء وقال: يا رسول الله، والله لقد رأيت مثل ما رأى، فحمد النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه على ذلك، وأصبح الأذان شعارًا للصلوات الخمس، وكذلك الإقامة علمها ذلك الذي رآها، وقال: الإقامة كذا، فالأذان والإقامة فرض كفاية، إذا أذّن واحد سقط الإثم عن أهل البلد، فرض على الرجال، إذا كان المكان ليس فيه إلا نساء فلا أذان، تُمنع المرأة أن تؤذن.
الأذان خاص للصلوات الخمس الذي هو هذه التكبيرات، أما بقية الصلوات فلا، فصلاة العيدين ليس لها أذان، وصلاة الاستسقاء كذلك، أما صلاة الكسوف فيُنادَى لها بغير الأذان، ينادى لها بـ "الصلاة جامعة".
يُقاتل أهل المصر بتركهما، ذكرنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا لم يسمع الأذان على أهل الحي أغار وقاتلهم وعرف أنهم ليسوا من المسلمين.
الأذان خمس عشرة، خمس عشرة جملة، والإقامة إحدى عشرة، هذا هو الذي عليه العمل، وهو أذان بلال الذي كان يستمعه النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفره وفي حضره.
الحنفية عندهم الترجيع، يكون الأذان عندهم تسع عشرة جملة، وعندهم الإقامة كأذاننا بزيادة الإقامة، فالإقامة عندهم سبع عشرة جملة، اعتمادهم على حديث أبي محذورة وذلك لأن أبا محذورة لما كان في غزوة الفتح خرج هو وشباب معه لما سمعوا الأذان، أخذوا يقلدونه على وجه السخرية، سمع بهم النبي -صلى الله عليه وسلم، أرسل من يأتي بهم فأُتي بهم موثقين، فأمرهم أن يؤذنوا، أعجبه صوت أبي محذورة، لقنه الشهادة وأسلم وأمره أن يكون مؤذنًا بمكة، وكان يرجّع، يرفع صوته بالتشهدات الأربع ثم يكررها مرة ثانية مع خفض الصوت، ثم يستمر في بقية الأذان، فتكون التشهدات عنده ثماني، ولكن نصف التشهدات الأربع الأخيرة ما يرفع بها صوته، أخذ ذلك الحنفية وقالوا: هذا مؤذن الحرم إذا لم نعمل به فبماذا نعمل، أما الأئمة الآخرون فإنهم يتبعون أذان بلال وليس فيه ترجيع.
وأما الإقامة، فإن بلالا إنما يقيم إحدى عشرة جملة كإقامتنا الآن إحدى عشر، الحنفية نقلوا أن الإقامة في الحرم كانت سبعة عشر، يكبرون أربعًا ثم يتشهدون مرتين مرتين، ثم الحيعلة مرتين مرتين، ثم الإقامة مرتين ثم تكبيرتين ثم تهليلة.


قديم 29-08-2009, 08:27 AM
المشاركة 145
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي

سجــود السهــو....

السهو: هو النسيان، والإنسان محل النسيان، وقد سها النبي - صلى الله عليه وسلم-، قيل: إن الحكمة في سهوه أن يُشَرِّع، وأن يبين للناس كيف يكون أمرهم إذا وقع منهم السهو.
الإنسان يحرص على أن يقبل على صلاته حتى لا يسهو فيها، فيحرص على أن يفكر في قراءة القرآن إذا كان يقرأه أو يستمعه، وكذلك أن يتذكر في كلمات الأدعية والثناء، إذا يقول: " سبحان ربي العظيم " يتفكر فيها، وكذلك إذا قال: " ربنا ولك الحمد " يتذكر في ذلك، وإذا قال: " ملء السماوات و ملء الأرض " يتذكر في ذلك، يعرضه على قلبه، وإذا قال: " سبحان ربي الأعلى " فكر في ذلك، وإذا قال: "رب اغفر لي" فكر في ذلك، حتى يكون ذلك حافظا له عن الوسوسة التي تعترض له، وهذه الوسوسة لا شك أنها من الشيطان، قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الشيطان إذا سمع النداء أدبر، وإذا قضي الأذان أقبل، وإذا سمع الإقامة أدبر، وإذا سمع انتهاء الإقامة أقبل، فيوسوس للإنسان ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل فلا يدري كم صلى، ففي هذه الحالة أن على الإنسان أن يحرص على الإقبال على صلاته، وألا يجعل للشيطان عليه سبيلا .
لا يشرع السجود للعمد؛ وذلك لأن العمد يبطل الصلاة إذا ترك واجبا أو ترك ركنا فإن الصلاة تبطل، إذا كان ذلك عمدا، وإذا ترك ركنا، ولكن لم يأت به بطلت الركعة.
يشرع لسجود السهو، يشرع للسهو، السهو يعني: النسيان، في ثلاثة، الزيادة والنقص والشك، إذا كان ذلك نسيانا، فلو ركع ثم رفع وسها ثم ركع مرة ثانية، وتذكر أنه قد ركع، ثم أنحط من الأرض، يقال: عليك السجود؛ لأنك زدت بهذا الركن الذي هو الركوع مرة ثانية، وكذلك لو سجد في السجدة الواحدة ثلاث سجدات، اعتبر قد زاد في الصلاة فيسجد للسهو، وكذلك لو صلى الظهر خمسا ناسيا يعتبر أن عليه سجدة، يسجد للسهو، في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا شك أحدكم، فلم يدر أثلاثا أم أربعا، فليجعلها ثلاثا، وليأت بركعة وليسجد سجدتين، فإن كان صلى خمسا شفعتها صلاته -يعني: كانت السجدتان شفعا لصلاته، المطلوب من الصلاة أن تكون شفعا- فإن كان صلى تماما كانت ترغيما للشيطان أي: إذلالا له وأهانه له.
فيشرع للزيادة ويشرع للنقص أيضا، كما إذا نقص التشهد الأول لم يجلس له عليه سجود السهو، وكذلك لو نقص بترك: سبحان ربي العظيم، أو بترك: سبحان ربي الأعلى، أو لم يسلم إلا واحدة، أو ما صلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن عليه السهو السجود؛ لأنه نقص، وكذلك الشك، إذا شك في صلاته، شك هل أنا سجدت سجدة أو سجدتان؟ ولكن غلب على ظنه أنه سجدتان، عليه أن يسجد، ولا يكرر السجود وهكذا.
ويجب لما يبطل عمده الصلاة، إذا كان ذلك الفعل تبطل الصلاة بتعمده وجب السجود له إذا فعله سهوا، مثاله: إذا تعمد أن يكرر الركوع، يفعل كما في صلاة الكسوف بطلت صلاته إذا كان متعمدا، وإذا كان ساهيا أو ناسيا أو جاهلا فعليه سجود السهو، وكذلك إذا تعمد تكرار السجود، سجد في الركعة الواحدة ثلاث سجدات، اعتبر عمدا متلاعبا فتبطل صلاته، وهكذا أيضا لو كرر الجلوس أو ترك الجلوس بين السجدتين، يعني: عرفنا أنه ركن فلا بد أن يأتي بما ترك، إذا كان ركنا فلا بد أن يأتي به.
يقول: إذا شك في عدد هل هي ثلاثة أم أربعة؟ الثلاثة يقين والرابعة مشكوك بها، بنى على اليقين الذي هي الثلاث، وأتى بالرابعة حتى يتحقق كأنه صلى تماما.
إلا الإمام فعلى غالب ظنه، إذا صلى الإمام وشك: هل هي ثلاث أو أربع، غلب على ظنه أنها أربع فليبن عليه وليسلم؛ وذلك لأنه يترجح ظنه الغالب بترك المأمومين له، وعدم تسبيحهم له، يدل على أنه على صواب.
لو ترك ركنا أتى به ما لم يشرع في قراءة الثانية، فتبطل الركعة فقط، صورة ذلك: لو قرأ، ولما قرأ انحط ساجدا وترك الركوع، ثم رفع وجلس بين السجدتين، ثم تذكر أنه ما ركع، ففي هذه الحال يقوم وهو جالس، ويركع ثم يرفع ثم يسجد سجدتين، ولو كان قد سجدهما، لكن لو شرع في قراءة الركعة الثانية بطلت تلك الركعة، وأتى بركعة، يعني: قرأ ثم سجد ثم رفع وجلس، ثم سجد السجدة الثانية، ثم قام ثم شرع في القراءة، ثم تذكر أنه ما ركع الركعة الأولى، الركعة الأولى يلغيها، ويجعل هذه هي الركعة الأولى، يأتي بركعة تامة بدل تلك الركعة التي ترك منها ركنين؛ لأنه ما ركع ولا رفع.
وكذلك السجود فلو سجد سجدة واحدة، ثم قام ولم يجلس، وتذكر بعد ما قام وقبل أن يقرأ، عليه أن يجلس، ويقول: رب اغفر لي، ثم بعد ذلك يأتي بالسجدة الثانية، أما إذا سجد سجدة واحدة وقام وابتدأ في الركعة الثانية، وقرأ ابتدأ في القراءة فإنه يلغي الأولى، على أحد القولين، ولعل القول الأخر أنه لا يلغيها يعود للركعة الأولى ويتمم ما بقي منها؛ لأنه بقي منها ركنان، بقي منها الجلسة بين السجدتين، والسجدة الثانية، فلا بد أن يرجع ولو في نصف القراءة، ولو تذكر وهو راكع يجلس يقول: رب اغفر لي بين السجدتين، فيسجد السجدة الثانية، ويقوم للركعة التي بعدها.
محل السجود قبل السلام؛ وذلك لأنه جزء من الصلاة مرتبط بها، هذا هو الصحيح أن محله على الإطلاق قبل السلام، ولأن السلام يعتبر تحليلا، قال - صلى الله عليه وسلم -: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم لكن إذا سلم عن نقص أو بنى الإمام على غالب ظنه، فإن يسجد بعد السلام، وصورة المسألة الأولى: قصة أو حديث ذو اليدين: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين ظهرا أو عصرا، ثم سلم، ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد، وجلس عليها وشبك بين أصابعه، وخرج سرعان الناس، وقالوا: قصرت الصلاة، قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: لم أنس ولم تقصر، فقال: بلى، قد نسيت، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فقام وصلى ما بقي ثم سلم، ثم سجد سجدتين كسجود الصلاة أو أطول، ثم سلم فيعتبر ها هنا سلم ثلاث مرات؛ سلم بعد ما صلى ركعتين ناسيا، ثم أتى بالركعتين اللتان تركهما وتشهد ثم سلم، ثم أتى بسجدتي السهو ثم سلم، فجعل سجود السهو بعد ما سلم، هذا إذا سلم عن نقص، وكذلك لو ترك ركعة من الظهر أو من الرباعية أو من الثلاثية كالمغرب، ترك ركعة فإنه إذا سلم ثم نبه أتى بما ترك، فإنه يسلم ثم يسجد ثم يسلم، وكذلك الإمام إذا بنى على غالب ظنه، لو أنه في صلاته أعترضه أمر أعترضه شك، هل أنا صليت ثلاثا أو أربعا؟ ولكن أغلب ظنه أنها ثلاث، فأتى برابعة، أو أغلب ظنه أنها أربع، فيسلم على غالب ظنه ويسجد؛ لأنه على غالب ظنه، وموافقة المأمومين له يدل على أنه قد أصاب الصواب، ولكن يسجد بعد السلام من باب الاحتياط .


قديم 29-08-2009, 08:30 AM
المشاركة 146
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
.....صــلأأأأة التطــــــوع...

صلاة التطوع، أي: التنفل بالصلوات، وذلك لأن الصلاة عبادة محبوبة عند الله تعالى، فلما كانت قربة من القربات أكد أو فرض الفريضة التي هي سبعة عشر ركعة ورغب فيما بعد ذلك من التنفلات، ورغب في صلوات التطوع؛ جاء في حديث ربيعة: قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال: أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك. قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود أي: بكثرة التطوع بالصلاة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: الظمآن يروى والجائع يشبع، وأنا لا أشبع من الصلاة وثبت قوله: جعلت قرة عيني في الصلاة وكان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ؛ لأنه إذا دخل في الصلاة نسي هموم الدنيا وغمومها، وأقبل على ربه وانبسط قلبه وبدنه بهذه الصلاة، وكان أيضا يحث صحابته على أن يتعالجوا بالصلاة، أن يجعلوا الصلاة علاجا، مر على أبي هريرة مرة وهو يتألم، فقال: أتشتكي بطنك؟ قال: نعم، قال: عليك بالصلاة واستدل على ذلك بقوله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ أي: اجعلوا الصلاة إعانة لكم على أعدائكم وعلى أمور دينكم، وعلى همومكم وغمومكم، فلذلك يتأكد على المسلم أن يكثر من التطوع، أن يتطوع بالصلاة.
فآكد صلوات التطوع عند المؤلف: الاستسقاء ، وذهب ابن قدامة إلى أن الكسوف آكد، وكأن المؤلف سوى بينهما، آكدها: الاستسقاء والكسوف، بمعنى أنهما لأسباب، فالاستسقاء سببها القحط؛ يستسقون يعني: يطلبون ربهم أن يسقيهم، أن يغيثهم، والكسوف سببه الآية التي في الكون، إذا رأوا هذه الآية بادروا بالصلاة، فهما آكد التطوعات، لا يصلان إلى الفرض، ولكن يكونان من التطوع والتنقل.
بعد الاستسقاء والكسوف ذكروا أن آكدها التراويح، ولكن أسقط ذلك المؤلف واختار أن الذي بعد الكسوف الوتر، أي: صلاة الوتر؛ وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أوتروا يا أهل القرآن، من لم يوتر فليس منا يعني: يا أمة القرآن وهذا فيه وعيد، يعني: حافظوا على صلاة الوتر، فمن لم يوتر فليس منا، أي: ليس مثلنا، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحافظ على صلاة الوتر سفرا وحضرا، ما تركه حتى في الأسفار التي يلاقي فيها مشقة يحافظ على أدائها، على أداء الوتر، وجاء عن الإمام أحمد أنه قال: الذي يترك الوتر رجل سوء، ينبغي ألا تقبل شهادته، ثم محله بعد صلاة العشاء وقبل الفجر، بين هاتين الصلاتين؛ وذلك لأن الناس يعتادون قديما أن يناموا، الذين كانوا يعملون في النهار، فإذا صلوا العشاء ينامون، وقد لا يستيقظ أكثرهم إلا لصلاة الفجر فتفوت عليه الوتر، فأمر بأن يواظب عليها، والأفضل لمن يؤخر أنه لا يستيقظ، صلاتها قبل النوم، أوصى بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة، ولأبي الدرداء أو أبي ذر، أوصاه بثلاث: صيام ثلاث أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن يوتر قبل أن ينام هكذا وقيل: إن أبا هريرة كان في أول الليل يجلس يذاكر الحديث، يتذكر الأحاديث، فيخشى أنه ينام عن الوتر آخر الليل، فأمره أن يوتر قبل أن ينام.
ولا شك أن آخر الليل أفضل؛ لأنه وقت النزول الإلهي، فإذا وثق بأنه سوف يستيقظ آخر الليل أخر الوتر، وإن خاف ألا يستيقظ عجل الوتر.
أقل الوتر ركعة، يعني: الركعة الواحدة مجزئه؛ ذلك لأنها تسمي وترا؛ لأن الوتر هو العدد الفرد، الواحدة وتر والثلاث وتر والخمس وتر والسبع وتر، يعني: كل عدد فرد فإنه يسمي وترا، فأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة، والإحدى عشرة أيضا وتر، والثلاثة عشر والخمسة عشر والسبعة عشر، كل عدد فيه فرد فإنه يسمى وِترا أو يسمي وَترا، قرأ بعد القراء: وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ - قراءة - يعني: قراءة فصيحة ولأجل ذلك يستعمل الوِتر بكسر الواو، ويجوز أن تقول الوَتر.
الشفع هو العدد الزوج الاثنان والأربع والستة والثمانية، إذا صلاها إحدى عشرة يسلم من كل ركعتين مثنى مثنى؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فصل واحدة توتر لك ما قد صليت .
هكذا يسلم من كل ركعتين، جاءت الأحاديث الكثيرة بذلك، وكذلك تقول عائشة -رضي الله عنها-: كان يقول في كل ركعتين التحية يعني: يقرأ التحيات بعد كل ركعتين.
أدنى الكمال ثلاثا بسلامين هذا معني قوله بفصل، إذا صلى ثلاثا يصليها بسلامين، ركعتين بسلام ثم ركعة واحدة بسلام، هذا أدنى الكمال أعلاه كما عرفنا إحدى عشرة .
يقنط بعد الركوع بالمأثور بعد الركوع في الركعة الأخيرة من الوتر، سواء صلاه وحده أو صلاه في جماعة يقنط بعد الركوع، فيقول ما ورد من الأدعية المأثورة، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقنط بسورتي أُبَيّ، صورتان مكتوبتان في مصحف أُبَيّ، ولكنهما يظهر أنهما من الأدعية، وأن بلالا لم يبلغه أنهما نسخا.
الصورة الأولى هي قوله: " اللهم إنا نستعينك ونستهديك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونستغفرك ونتوب إليك، ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك " تسمى سورة الخلع؛ لأن فيها ونخلع.
والصورة الثانية: " اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونغشي عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق " وتسمى سورة الحفد، " وإليك نسعى ونحفد " ويقرأ أيضا بقوله: " اللهم أهدنا فيما هديت إلى آخره " وبقوله: " اللهم أني أعوذ برضاك من سخطك " إلى آخره، وبقوله: " اللهم أقسم لنا من خشيتك " إلى آخره وما تيسر.
ويقنط في الفجر للنازلة، إذا نزل بالمسلمين نازلة كعدو نزل بهم يخشون كَلَبَه، فإنه يقنط في الفجر، يدعو للمسلمين ويدعو على الكفار، هذه أن القنوط يكون عند النوازل، ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قتلت هذيل سبعين من القراء خداعا، جاءوا وقالوا: إن فينا إسلام فأرسل معنا من يفقهنا، أرسل معهم سبعين من القراء ظنا صدقهم، فلما جاءوا قتلوهم فقنت - صلى الله عليه وسلم - شهرا، يدعو على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان قبائل من هذيل، قنت شهرا ثم تركه.
بعد ذلك بعد الوتر في الآكدية الرواتب ، وتسمى السنن الرواتب، وهي عشرة وقيل: اثنى عشر، أربعا قبل الظهر، وأربعا بعدها، أو ركعتين جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربعا قبل الظهر بسلامين، وندب إلى أربع قبلها، فإذا صلى ركعتين قبلها وركعتين بعدها كفاه ذلك، وإن أراد الفضل والزيادة صلى أربعا قبلها بسلامين، وله أن يصلي أكثر من الأربع.
روي عن بعض السلف أنه كان يصلي ستا قبل الظهر، وستا بعدها، وأربعا قبل العصر وستا بعد المغرب وستا بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر، يعني: يكون قد زاد نحو عشرين ركعة، زاد أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها وأربعا قبل العصر، هذه اثنى عشر وأربعا بعد المغرب وأربعا بعد العشاء هذه عشرون.
من استكثر فإنه يجد ذلك عند الله تعالى، بعد المغرب ركعتين وبعد العشاء ركعتين وقبل الصبح ركعتين هذه هي الرواتب، آكدها ركعتي الصبح -سنة الصبح، كان - صلى الله عليه وسلم - يحث عليهما حتى قال: صلوهما ولو طردتكم الخيل يعني: من آكديتهما، وكان أيضا لا يتركهما حضرا وسفرا، وجاء أنه -صلى الله عليه وسلم - قال: ركعتي الفجر خير من الدنيا وما عليها يعني: دليل على فضل سنة الفجر.
بعد ذلك قد يكون قبل التراويح ، التراويح جعلها كثيرون قبل الوتر، يعني: في الآكدية، ولكن المؤلف أخرها بعد الوتر وبعد الرواتب، ولعل سبب تأخيرها أنها خاصة برمضان. عددها عشرون ركعة، هذا هو العدد المتبع؛ وذلك لأن عمر -رضي الله عنه- لما جمع الصحابة عليها أمرهم بأن يصلوها عشرين واستمروا على ذلك، يسلمون من ركل ركعتين يصلونها عشرين ركعة، ويطيلون فيها أيضا.
ذكروا أنهم يصلون بسورة البقرة يقرؤها في ثماني ركعات، بعض الأئمة في بلادنا -مع كونهم يصلون إحدى عشر ركعة- يجعلون البقرة في خمسين ركعة، في خمسين أو في ستين ركعة، وهذا خلاف ما كان يفعله سلف الأمة، فهي عشرون ركعة استمر عملهم على ذلك، ثم في أواخر القرن الأول كان أهل مكة إذا صلوا أربع ركعات يطوفون بالبيت، فقال أهل المدينة: ما عندنا بيت نطوف به، كيف ندرك أهل مكة ؟
فزادوا في عدد الركعات قالوا: بدل كل سبعة أشواط لأهل مكة نزيدها في الركعات أربع ركعات، فصارت التراويح عند أهل المدينة صارت ستا وثلاثين بالوتر، ستا وثلاثين، يعني: أنهم زادوا ستة عشر مع العشرين أصبحت ستا وثلاثين مع الوتر ثلاث، أصبحت تسعا وثلاثون، وعند بعضهم أنه جعلها أربعين والوتر، فيكون إحدى وأربعين ركعة، هكذا كانوا يصلونها، ومع ذلك كانوا يطيلون، ما كانوا ينصرفون إلا قرب السحور، إذا انصرفوا إلى أهلهم يقولون للخدام: أسرعوا بالطعام، يعني: أسرعوا بإعداد بالطعام الذي هو السحور .
النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاها ثلاث ليال بأصحابه، صلى ليلة وصلى خلفه قليل، وجاءت الليلة الثانية فزاد العدد، فصلى بهم إلى نصف الليل .
ثم جاء فزاد العدد في الليلة الرابعة، فصلى بهم الى آخر الليل .
يقول الراوي: حتى خفنا أن يفوتنا الفلاح، يعني: السحور؛ لتأخيره لهم، سواء أكان يصلي إحدى عشرة أو كان يصلي أكثر، والغالب أنه يصلي أكثر؛ لأنه استغرقت صلاته الليل، يعني: من العشاء إلى قبل الفجر بساعة أو نحوها، استغرقت صلاته هذا الليل كله، فدل على أنه قد يزيد في صلاته -في صلاة الليل في أركانها أو في عددها أو في قراءتها، أو ما أشبه ذلك، خاصة يوم في رمضان.
بعد ذلك صلاة الليل، يلي صلاة التراويح في الوتر صلاة الليل، يعني: التهجد في الليل؛ وذلك لأن الليل محل الهدوء، محل سكون الأصوات ونحوها .
فإذا صلى في الليل يستحب أن يكون في وسطه أو في الشطر الأخير منه الذي هو الثلث الأخير، فيصلي في الليل ما تيسر له، ساعة أو ساعتين أو أكثر أو أقل على حسب نشاطه؛ وذلك للأدلة الكثيرة التي ترغب في ذلك، مثل قول الله تعالى: أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا القانت: الخاشع .
آنَاءَ اللَّيْلِ يعني: ساعات الليل، سَاجِدًا وَقَائِمًا اقتصر على ركنين؛ لأنهما الركوع والسجود أشرف أركان الصلاة، والقائم -القيام أشد على المصلي، ذلك كثيرون، الذين يصلون جلوسا ويدعون أنهم يقنعون بالأجر؛ لأنه جاء في الحديث أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، يعني: إذا كان قادرا، ولكن معه شيء من الضعف .
صلاة التهجد هي من أفضل القربات، مدح الله تعالى أهلها في عدة آيات، كقوله تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يعني: أنهم يتقلبون لا يطمئنون في نومهم .
كان بعض الزهاد إذا نام قليلا انتبه وقام يصلي، واستمر على ذلك لا ينام إلا قليلا . فقيل له: فلماذا لا تنام؟ فقال: إن عجائب القرآن أثرن نومي، ما أخرج من أعجوبة إلا وقعت في أخرى. فكانوا يصلون الليل كله أو جله، بعد صلاة الليل في وسطه أو في الثلث الأخير من الليل تأتي صلاة النهار .
صلاة النهار أقل أجرا من صلاة الليل، وصلاة النهار يعني: في غير أوقات النهي، فيصلي في بيته، في الحديث: أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة يعني: يجعل من صلاته في بيته، قال -صلى الله عليه وسلم-: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا أي: مهجورة كما تهجر القبور، فقد عرفوا أن القراءة عند القبور لا تجوز، فقال: لا تجعلوا بيوتكم كالقبور التي لا يقرأ فيها، بل اقرءوا فيها، وصلوا فيها؛ لتعمروها بذكر الله تعالى، فالصلاة في بيته تعتبر من أفضل القربات.
كذلك صلاته في مسجده، إذا كان قربه مسجد، وأحب أن يصلي فيه بعض الرواتب أو يصلي فيه الضحى، أو يصلي فيه بالليل يكون في ذلك فيه أجر .
والأصل أن التطوع يكون قائما، إذا كان يريد الأجر تاما فإنه يصلي وهو قائم، إذا كان قادرا على ذلك؛ لقوله تعالى: أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا اقتصر على ركنين؛ لأنهما أفضل الصلاة، ثم قاعدا، إذا كان الإنسان معه شيء من الكسل، وكان نصف الأجر صلى وهو قاعد وأجره على النصف من صلاة القائم، هكذا جاء في الحديث: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، وصلاة النائم -يعني: المضجع- على النصف من صلاة القاعد فعرفنا بذلك أنه يجزئ القاعد القادر النشيط يجزؤه أن يصلي وهو جالس من باب إراحة النفس، ومع ذلك فإنه لا يزهد في الخير، لا يزهد في الأجر الكامل إلا محروم .
ذكر بعد ذلك صلاة الضحى، أدنى كمالها ركعتان، وأكثرها ثمان، إذا علت الشمس إلى الزوال، إذا علت الشمس ابتدأ وقتها، وإذا زالت انتهى وقتها، هذه صلاة الضحى، أقلها ركعتان كما في حديث أبي هريرة: وأن أصلي ركعتي الضحى وأكثرها ثمان بأربع تسليمات، ثمان ركعات يصليها إن شاء بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، وإن شاء في وسط الضحى، وإن شاء قبيل الظهر، أي: قبل أن يدخل وقت الظهر .
بعدها سجدات التلاوة : اختلف هل سجود التلاوة صلاة أو ليس بصلاة ؟
كأن الفقهاء ومنهم المؤلف يرون أنه صلاة، ولكن يميل شيخ إلاسلام إلى أنه ليس بصلاة . وإذا قيل: ما الفرق بين القولين ؟
إذا قيل: إنه صلاة فإنه لا يسجد في أوقات النهي، ولا بد أن يستقبل القبلة، ولا بد أن يكون متطهرا، ولا بد أن يكون ساترا لعورتة كما يكون ذلك في صلاته، والقول الثاني بعكس هذا، إذا قيل: إنه عبادة مستقلة لا تسمى صلاة، وليست صلاة بالعرف فإنه -والحال هذا- يجوز أن يسجد في أوقات النهي الموسعة والمضيقة، سجود التلاوة، ولو سجد لغير القبلة أجزأه ذلك؛ لأنه عبادة مستقلة، ولو انكشف بعض عورته في سجود التلاوة كفخذه أو نحوه فإنها لا تبطل بذلك؛ لأنها ليست بصلاة، وإنما هي عبادة مستقلة.
وفي شرعية سجود التلاوة وسجود الشكر دليل على فضل السجود، وأنه أفضل أعمال الصلاة.
سجود التلاوة أربع عشرة سجدة: الأعراف والرعد والنحل والإسراء ومريم وفي الحج سجدتان وفي الفرقان والنمل والسجدة وفصلت والنجم والإنشقاق والعلق.
وأما سجدة ص فإنهم لا يرونها من سجود التلاوة؛ وإنما يرونها جائزة ويرونها سجود شكر؛ وذلك لأنه روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكرا ويقول ابن عباس: " ص ليست من عزائم السجود، ولقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها" فدل ذلك على أنها سجدة شكر، وأما بقية السجدات فإنها سجدات تلاوة، ولها آكاديتها، وقد يعاب على الذي يتركها؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ فهذا ذم لمن يجعل السجود ولكن لا يسجد .
ثم هذه السجدات في حق القارئ، وفي حق المستمع، القارئ هو يعتبر كالإمام والمستمعون هم الذين يتابعونة ويستمعون الى قراءته، فإذا سجد سجدوا؛ وذلك لأنه يعتبر إمامهم .
روي أن رجلا كان يقرأ عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمر بآية سجدة، فتوقف وكأنه ينتظر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يسجد، فقال له: إنما أنت إمامنا يعني: إذا سجدت سجدنا . ويقول: إنها كالصلاة بلا تشهد، هكذا يجعلونها كالصلاة . وقد ذكرنا أن شيخ إلإسلام يرى أنها ليست كالصلاة، وأنه يجوز فيها أن يسجد وهو كاشف بعض عورته، ويجوز أن يسجد وهو على غير طهر، ويجوز أن يسجد ولو كان على بدنه نجاسة، ويجوز أن يسجد لغير القبلة، وهذه لا تكون في الصلاة، ولا يتشهد فيها، يدعو فيها بما ورد .
ذكر ابن القيم في زاد المعاد الأدعية التي وردت مثل قوله: أولا أن يقول: سبحان ربي الأعلى؛ لعموم قوله: اجعلوها في سجودكم
ثانيا: قوله (اللهم إني لك سجدت ……) إلى آخره .
ثالثا: الدعاء الذي جاء به الصحابة وسمعوه من شجرة، يقول: إني كنت أقرأ في برية، فسجدت وسجدت عندي شجرة وسمعتها تقول: ( اللهم اجعل لي بها أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعل لي عندك بها زخرا )، يقول الراوي: فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد بعد ذلك، وقال مثلما علمه الرجل عن دعاء الشجرة .
الساجد يدعو بما تيسر، يعني: له أن يدعو بهذا الدعاء أو بغيره؛ لأن الآثار قد جاءت، ولكن لم تحدد، وكان -صلى الله عليه وسلم- أحيانا يطيل، يطيل هذا السجود، وكان أيضا يسجد إذا جاءه أمر يسره فيسمى سجود الشكر، فربما يقع على الأرض يسجد ربع ساعة أو نصف ساعة في سجدة الشكر، يدعو الله تعالى ويحمده .


قديم 29-08-2009, 08:33 AM
المشاركة 147
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
"صلاة أهل الأعذار". من هم؟
المريض والمسافر والخائف، هؤلاء هم أهل الأعذار؛ وذلك لأنهم عليهم مشقة وعليهم صعوبة، فلهم عذر في أن يخففوا الصلاة، أو أن يقصروها، أو يتركوا شيئا من أركانها؛ حتى يكون ذلك أسهل عليهم، لأن المشقة تجلب التيسير.
بدأ بالمريض، جاء في حديث عمران بن حصين، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب لما كان به مرض.
هكذا يصلي وهو جالس أو قاعد، وذكرنا بالأمس حديث عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سقط من فرس، فجحش شقه، فصلى جالسا وصلى خلفه القوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا فدل على أنه صلى جالسا لأجل أنه يعجز عن أن يقوم؛ لأجل ما أصابه من ذلك السقوط، فللعاجز عن القيام لمرض أو كبر أن يصلي وهو جالس، إذا عجز عن القيام، وكذلك إذا كان القيام يزيد في مرضه، وكذلك إذا كان يلحقه مشقة، مشقة شديدة، كما لو كان الإمام يطيل في القراءة، وهو لا يتحمل الإطالة لكبره أو لمرضه، ويزيد ذلك في مرضه، فإنه يصلي جالسا.
اختار بعض العلماء أنه يفترش، يعني: يجلس مفترشا كجلوسه بين السجدتين. واختار آخرون أنه يتربع، يعني: يثني كل رجل إلى الأخرى، ويجعل ركبتيه متخالفتين في حالة القيام، وإذا أراد أن يسجد فإنه إذا كان قادرا، يسجد على الأعضاء السبعة إذا كان قادرا، فيجلس متربعا، يقرأ وهو متربع -يعني محل القيام-، يركع وهو متربع، يرفع وهو متربع، إذا أراد السجود ثنى رجليه وسجد، وسجد على أعضائه السبعة، هكذا كان يفعل ذلك بعض المشايخ ونحوهم من لهم خبرة، وآخرون يقولون: إن الجلوس مفترشا أرفق، فيجلس أحدهم مفترشا كجلوسه للتشهد.
وكذلك إذا عجز عن القيام وعن القعود، فإنه يصلي على جنبه، يفضل أن يصلي على الأيمن، فيكون وجهه إلى القبلة، إذا كان على جنبه، على جنبه الأيمن، في هذه البلاد يكون رأسه للشمال، ورجلاه للجنوب، ووجهه متوجه إلى القبلة، وفي كل بلاد بحسبها.
إذا عجز عن القعود وعن الإضجاع، صلى على ظهره مستلقيا يومئ إيماء، إن قدر على أن يحرك رأسه أومأ به، وأومأ بيده عند الركوع والسجود، وإذا عجز عن الحركة كلها، أومأ بطرفه، أي: بأجفان عينيه. هكذا قالوا.
اختار شيخ الإسلام -رحمه الله- أن المريض إذا وصل إلى حالة لا يقدر على تحريك شيء من بدنه، يديه ورأسه ونحو ذلك، ولا يقدر إلا على تحريك رمش عينيه، أنها تسقط عنه، وذلك لأنه عاجز عجزا كليا، فهو بذلك معذور فتسقط عنه، سيما أنه في تلك الحالة يكون مشتدا به المرض، في حالة حرجة شديدة، والذين حوله إذا رأوه وهو يلاقي ذلك المرض وتلك الآلام، رحموه ورفقوا به، ولا يقولون له: أد الصلاة. لأنه منشغل بما هو فيه، منشغل بما هو فيه من الآلام الشديدة؛ فلأجل ذلك يتسامحون معه، فلا يطلبون منه أن يصلي وهو في تلك الحالة.
يقول: "لو عجز عن القراءة". يعني: يشق عليه أن يحرك لسانه. "قرأ بقلبه" يعني: استحضر الفاتحة بقلبه، وكذلك السورة بعدها، وكذلك الأذكار "الأذكار التي في الصلاة" يعني: كتسبيح الركوع والسجود وسؤال المغفرة. يعجز عن التلفظ بذلك لشدة الألم، ففي هذه الحالة يحرك قلبه بذلك وتكفي، هذه صلاة المريض.


قديم 29-08-2009, 08:38 AM
المشاركة 148
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
صلاة الجماعة..... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
صلاة الجماعة، وهي أن يجتمعوا ويصلي بهم واحد منهم، والجمهور على أنها واجبة يعاقب من تركها بغير عذر، وما روي عن بعض الأئمة أنها سنة هو قول غريب .
وذهب بعض الأئمة وبعض العلماء أنها شرط، وأن من صلى وحده لا تصح صلاته إذا كان قادرا على أن يصلي مع الجماعة .
وقد دل على فرضيتها أو وجوبها الكتاب والسنة، وقد استدل ابن القيم بكتاب الصلاة على وجوبها بقول الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ اركعوا مع الراكعين، أي: لا تركع وحدك، اركع مع غيرك من المصلين، ويراد بالركوع هاهنا جنس الصلاة؛ لأنه تطلق على الصلاة أنها أربع ركعات، مع أنها أربع ركعات وثمان سجدات وأربع جلسات وتشهدان وأربع قيامات، ولكن أطلقت الركعة على جزء من الصلاة.
فقوله: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ أي: صلوا مع المصلين، أي: اجتمعوا معهم.
ومن الأدلة على وجوبها: قول الله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ يدعون يعني: يدعوهم المؤذن يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وهم سالمون قادرون فلا يأتون، فعوقبوا في الآخرة بأن حيل بينهم وبين السجود، إذا أراد أحدهم السجود انقلب على ظهره، فدل ذلك على أن من دعي إلى السجود، يعني: إلى الصلاة ولم يأت يخاف أن يحال بينه وبين السجود في الآخرة، وأولئك هم المنافقون .
فهذه من الأدلة القرآنية، ويمكن أن يوجد أدلة أخرى، وأما السنة فالأحاديث فيها كثيرة؛ منها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى أناس لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار .
لولا ما فيها من النساء والذرية همّ أن يحرق عليهم بيوتهم، وفي بعض الروايات عند أبي داود: إلى أناس يصلون في بيوتهم فدل على أنهم يصلون، ولكن يتركون الجماعة، فعوقبوا بأن استحقوا العذاب الدنيوي، ولا تحرق عليهم بيوتهم إلا وهم تاركون للواجب، فدل على وجوب صلاة الجماعة.
وكذلك جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر يعني: يسمع النداء، ومع ذلك لا يأتي إلى الصلاة، فلا صلاة له إلا من عذر .
وفي حديث الأعمى: رجل كان ضرير البصر وشاسع الدار بينه وبين المسجد نخل وواد، ليس له قائد يلائمه، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل تسمع النداء؟ قال: نعم . قال: فأجب وفي رواية: لا أجد لك رخصة ولو كان هناك رخصة أن يصلي أحد في منزلة وهو يسمع النداء لرخص لهذا الرجل ضرير البصر بعيد الدار بينه وبين المسجد نخيل وأودية كثيرة الهوام ونحوها، وليس له قائد يلائمه، أمره أن يجيب المنادي الذي هو المؤذن، ولم يجد له رخصة.
ثم إن الذين يتساهلون في الصلاة، إذا احتج عليهم بهذه الأحاديث يقولون: لماذا ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الجماعة، وأمر رجلا يصلي بالناس؟
الجواب أنه تركها لعذر، أراد أن يأتي هؤلاء في حالة الصلاة التي لا عذر لهم فيها، وأيضا فإن معه جماعة إذا صلى الأولون جاءه من معه وصلوا جماعة أخرى، فيكونون قد حصلوا على الجماعة. واستدلوا أيضا بحديث الفضل، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وفي رواية: بخمس وعشرين جزءا وهذا قد يستدل به على الوجوب؛ وذلك لأنه إذا فاته هذا الفضل الكبير، فاته سبع وعشرون أو خمس وعشرون دل على أنه ترك واجبا، ترك شيئا واجبا يعاقب عليه، ولو حصل له شيء من الثواب يعني: درجة واحدة جزء واحد لكان الذي فاته أعظم، الذي فاته كونه فاته سبع وعشرون أو خمس وعشرون، يدل على أنه مصاب بمصيبة كبيرة. لو أن إنسانا يتعاطى التجارة، وكل يوم يخسر في تجارته خمسة وعشرين دينارا لكان ذلك خسرانا مبينا يعض عليه يده على هذه الخسارة .
ولذلك المختار أنها جماعة، ولكن لو صلى وحده لا نأمره بالإعادة، ولكن نقول: فاتتك الجماعة وفاتك الخير وأثمت بهذا التأخير .
يختار المؤلف أنها واجبة يقول: (الجماعة واجبة على الرجال للخمس )، والواجب ما يعاقب على تركه، يثاب على فعله احتسابا، ويعاقب على تركه تهاونا .
وجوبها على الرجال، أما النساء فإن بيوتهن خير لهن، تجب للصلوات الخمس، وأما النوافل فإنها لا تجب، بل جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة يعني: النوافل أفضل أن يصليها في بيته إلا الصلوات المكتوبة المفروضة، فإنها واجبة على الرجال، أما أكثر صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- النوافل في بيته كسنة الظهر قبله أو بعده، وسنة المغرب بعده، وسنة العشاء بعده، وسنة الصبح وقيام الليل وتهجده، وصلاة الضحى، من أراد أن يتطوع فالبيت أفضل، وما ذاك إلا أنه يصلي منفردا، ولأنها أقرب إلى الإخلاص .
يقول: (وفي مسجد لا تقام إلا بحضوره أفضل) إذا كان هناك مسجد، والذين حوله عامة ليس عندهم من يؤمهم إذا حضرت أنت، وأنت قارئ صلوا جماعة، وإذا لم تحضر صلوا في بيوتهم، أو صلوا متفرقين، لا يعرفون القراءة، ولا يعرفون كيفية الصلاة، صلاتك بهم أفضل من صلاتك في مسجد آخر، ولو كان بعيدا، حيث أنك تكون سببا لاجتماعهم، وسببا في قبول صلاتهم، وسببا في مضاعفاتها، وإذا تخلفت فلا يجتمعون، بل يصلون فرادى أو في بيوتهم، والمسجد عامر وحوله أناس يحبون أن يصلوا فيه، ولا يجدون من يؤمهم .
الأفضل بعد ذلك الأكثر جماعة، إذا كان عندك مسجدان أو ثلاثة أحدهما جماعته صف، والثاني جماعته صفان، والثالث جماعته ثلاثة صفوف، تختار الأكثر. جاء في حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: صلاة الرجل مع الرجل أفضل من صلاته وحده يعني: إذا لم يجد جماعة وصلى وحده، وصلى معه واحد أفضل من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أفضل من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أفضل عند الله، يعني: صلاته مع مائة أفضل من صلاته مع تسعين، صلاته مع مائتين أفضل من صلاته مع مائة وخمسين، كلما كان أكثر جماعة؛ وذلك لأن في اجتماعهم تحصل الألفة، وتحصل الحكمة؛ لأن هذه الجماعة للرجال شرعت لأجل التعارف والتآلف، فإن أهل الحي إذا صلوا كل يوم خمس مرات في مسجدهم تعارفوا، هذا يعرف جاره، وهذا يعرف جاره الثاني ثم يعرف الثالث والرابع حتى يتعارفوا، وفي هذا التعارف جمع للكلمة، وفيه أيضا تعاون على الخير، وفيه أيضا تفقد لأحوال المسلمين، بحيث أنهم إذا كانوا يعرف بعضهم بعضا، ثم حصل أن فقدوا واحدا يوما أو يومين سألوا عنه: أين فلان؟ فقدناه في هذا المسجد، ما عذره؟ أين هو؟ فيسألون عنه إن كان مريضا يعودنه ويسلونه، ويحثونه على البصر، إن كان عاجزا عن سترة عن كسوة، أو نحو ذلك جمعوا له وهكذا فيكون في ذلك تعارف .
وكذلك تفقد أحوالهم يقولون: فلان ذو حاجة نتبرع له ونسد حاجته، وفلان جاهل نوجهه ونعلمه .. وهكذا، فاجتماع أهل الحي في مسجدهم أولى سيما إذا كانوا متكاثرين، إذا كانت المساجد سواء هذا المسجد فيه صفان، وكذلك الثاني وكذلك الثالث، فأيها أفضل ؟
المسجد العتيق وهو القديم؛ لأن العبادة فيه قديمة، فهو مسجد تألفه الملائكة منذ القدم، فيكون أفضل فإذا كانوا كلها سواء في القدم، فأيها أفضل؟ يفضل الأبعد . البعيد أفضل من القريب، لماذا؟ لكثرة الخطأ جاء عن - يقول بعض الصحابة: كان رجل لا أعلم أحدا أبعد منزلا منه، وكانت لا تخطئه الصلاة فقيل له: لو اشتريت حمار تركبه في الليل في الظلماء، فقال: ما أحب أن منزلي إلى جانب المسجد؛ لأني أريد أن يكتب لي مجيئي إلى المسجد ورجوعي إلى أهلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد كتب لك ذلك" .
يعني: خطواته من بيته إلى المسجد ثم رجوعه من المسجد إلى بيته تكتب له، وفي حديث أن البقاع خلت حول النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى المسجد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: دياركم تكتب آثاركم أي: الزموا دياركم حتى تكتب خطواتكم إلى المسجد، ويستدل على ذلك بقوله تعالى: وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ أي: نكتب تقدمهم إلى المساجد، ونكتب أيضا خطواتهم من بيوتهم إلى المساجد، ولما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- وجوب الصدقة في كل يوم عن أعضاء الإنسان: يصبح على كل سلامى من الناس صدقة يعني: عن كل مفصل، ثم قال: تعدل بين اثنين صدقة، وإن لكم بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل خطوة تخطوها إلى المسجد صدقة بكل خطوة تخطوها إلى المسجد صدقة.
ولذلك يستحب أن يقارب بين خطواته، يأتي مبكرا ثم يقارب بين خطواته، ولو كانت خطواته ألف خطوة فإنها تكتب له تكتب له صدقات؛ لأنه تصدق بقدر هذه الألف أو نحو ذلك .
وكذلك أيضا كان -صلى الله عليه وسلم- يحث على التقدم إلى المساجد، وعلى كثرة الخطا إليها، يقول -صلى الله عليه وسلم-: ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات، إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلك الرباط، فذلكم الرباط كثرة الخطا إلى المساجد يرفع الله تعالى بها الدرجات، فيكفر الله بها الخطايا، فهذا هو السبب في أنه يستحب الأبعد. وأما قوله: ثم البيت، يعني: إذا لم يكن عنده مسجد، فيجوز أن يجمع الجماعة الذين حوله، ويصلي بهم في أحد منازلهم .
يكثر في بعض الأحياء لا يبنون مسجدا، أو لا يوجد عند أحدهم مسجد، فيقال: عليكم أن تصلحوا ولو مظلة تصلون فيها، أو يتبرع أحدكم بجزء من بيته يؤذن فيه ويأتي إليه الجيران فيصلون فيه جماعة، ولا يجوز أن يصلي كل منهم في بيته وهم يقدرون على أن يجتمعوا.
يقول: (ولا يؤمن قبل راتب بغير إذنه)، المراد: الإمام الراتب الذي هو إمام في هذا المسجد، فلا يجوز ولو كنت أقرأ منه لا يجوز أن تصلي بهم بغير إذنه، أما إن قدمك فإن الحق له وقد تنازل، فإذا تأخر وخيف أن يمل المصلون جاز أن يصلي غيره، سيما إذا عرف أنه تأخر لعذر، وإذا عرف بأنه لا عذر له ينتظر، إذا حدد الانتظار للصلاة مثلا بثلث ساعة وتأخر فإنه ينتظر خمس دقائق أو عشر دقائق حتى يأتي؛ لأنه أحق بمسجده، والأولى أن يرسل إليه، يراسل يرسل إلى بيته، فربما أنه نائم أو نحو ذلك أو له عذر حتى يأذن إلا إذا خيف أن يخرج الوقت، ما لم يخش خروج الوقت، إذا خيف مثلا أن يخرج وقت الفجر بطلوع الشمس أو وقت المغرب بخروج الشفق أو نحو ذلك، فإنه - والحال هذه - يصلي غيره؛ اغتناما للوقت.
إذا أتيت إلى المسجد وصليت منفردا، ثم جاء جماعة يصلون صل معهم، اجعلها نافلة، وكذلك لو صليت في رحلك تعيدها مع الجماعة؛ جاء في حديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الفجر في مسجد الخير بمنى، فرأى رجلين في ناحية المسجد لم يصليا، فأمر بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما -أي: خائفين- فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: قد صلينا في رحالنا، فقال: لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما المسجد فصليا معهم تكن لكما نافلة .
ولو كان وقت نهي، فإن هذه صلاة فجر، يمكن أنهما صليا مبكرين، ويمكن أنهما صليا مع جماعة في رحلهم، ويمكن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- آخر صلاة الفجر؛ لأجل أن يجتمعوا في هذا المسجد -في مسجد الخير، فلما انصرف رآهما لم يصليا، فقال: إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما المسجد فصليا معهم تكن لكما نافلة .
كره بعض الأئمة والعلماء تتبع المساجد، يعني: إذا صليت مبكرا في هذا المسجد، فلا تقل: سوف أذهب إلى المسجد الثاني الذي يتأخر، وأصليها معهم، ثم صليت معهم، ثم تقول: سوف أذهب إلى المسجد الثالث أيضا، وإني سأدرك الصلاة معهم أيضا؛ لأن هذا لم يكن من فعل السلف، بل تكتفي بصلاتك الأولى، لكن لو أتيت لغرض كما لو صليت بمسجدك -مسجد يبكر، وأتيت لهذا المسجد؛ لأجل حضور درس أو محاضرة، فإنك تصلي معهم، ولو فاتك بعض الجماعة، فلو صليت هناك جماعة، وأتيت هؤلاء وقد صلوا ركعتين ادخل معهم وصل ركعتين، ثم إذا سلموا فقم وأت بركعتين، هكذا الحكم، تصلي ركعتين معهم وركعتين بعدهم عصرا أو نحو ذلك.
إذا كانت الصلاة وترا كالمغرب، إذا صليت المغرب في مسجد وجئت إلى هذا المسجد وهم يصلون، وأدركت الصلاة معهم المغرب، فإنك تشفعها بركعة، إذا صلوا ثلاثة وسلموا، قم واشفع بركعة لئلا تصلي المغرب مرتين فتكون شفعا، إذا صليت ثلاثا هناك وهنا ثلاثا أصبحوا سبعا يعني: ستا، والمطلوب أن تختم النهار بوتر؛ لأن المغرب وتر النهار، ولهذا لا تقصر الصلاة في السفر، يشفعوا المغرب بركعة .
يقول: (وتعاد في غير ثلاثة المساجد)، والصحيح أيضا أنها تعاد في الثلاثة، أي: المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي .
قوله: (وتعاد في غير الثلاثة مساجد) هذا هو القول الصحيح، ذهب الشافعية والحنفية إلى أنها لا تعاد، والأصحاب استدلوا على إعادتها بقصة ذلك الرجل الذي دخل بعدما صلوا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من يتصدق على هذا، فقام أبو بكر فصلى معه أليس هذه إعادة؟ هذا بلا شك دليل على أنها تعاد، وكذلك لو صلى وحده لم يحصل له إلا جزء من خمس وعشرين جزءا، فإذا صلى معه آخر حصلت له الجماعة .
روي ابن ماجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: اثنان فما فوقهما جماعة وبوب على ذلك البخاري بابٌ اثنان فما فوقهما جماعة، واستدل بحديث مالك بن الحويرث، وفيه: إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما فدل على أن الاثنين يصليان جماعة، فعلى هذا إذا دخلتما وأنتما اثنان فصليا جماعة، وكذلك إذا دخل ثلاثة أو أربعة أو عشرة بعد أن صلى أهل الجماعة الأولى، فإنهم يصلون جماعة، ولا يصلون فرادى؛ اغتناما لفضل الجماعة، لما ذكرنا أن فضل الجماعة خمس وعشرون أو سبع وعشرون درجة، يفوت ذلك من صلى وحده .
تشاهدون الحنفية من الباكستانيين والهنود ونحوهم إذا صلينا الجماعة، وجاءوا اثنان ثلاثة عشرة صلى كل واحد وحده، يصلي هذا وحده وهذا وحده، يقولون: هذا مذهب أبي حنيفة، وكذلك مذهب الشافعي، فيفوتهم فضل الجماعة. تكلم الفقهاء على هذه المسألة، وشدد بعضهم، وقالوا: لا تعاد، لا يصلى في المسجد الواحد جماعتان، بمعنى جماعة ثم جماعة، وقالوا: مخافة أن بعض الناس يجلسون في بيوتهم حتى تصلى الأولى، ويقولون: إذا فاتتنا الأولى أدركنا جماعة أخرى، فصلينا معهم، هكذا يعللون، فالجواب أن هذا ليس بعذر، ونقول أيضا: لا شك أن الجماعة الأولى التي يصلي بها الإمام الراتب أكثر أجرا، حيث أنهم هم الأولى، وهم الذين أذنوا وأقيم لهم، ولكن الجماعة الثانية لا نحرمها من أجر الجماعة، وكذا لو صلوا جماعة ثالثة، لو صلى الأولون وفرغوا، ثم جاء جماعة وصلوا وهم ثلاثة أو عشرة فصلوا وتفرقوا، ثم جاء جماعة ثالثة وصلوا، لا نحرمهم أجر الجماعة، يحصل لهم أجر الجماعة، ذكرنا قريبا قوله -صلى الله عليه وسلم-: صلاة الرجل مع الرجل أفضل من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أفضل من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أفضل عند الله، فهذا دليل على أنكم إذا جئتم، وقد صلى الجماعة فإنكم تعيدون جماعة أخرى، ولكم أجر الجماعة، وإن كان ذلك أقل من الجماعة الأولى، هكذا هو قول الجماعة، قول الأئمة المقتدى بهم .
يختار المؤلف أن الحرمين أو المساجد الثلاث لا تعاد فيها الجماعة، بل إذا جئت وقد صلى الناس في المسجد الحرام، وأنتم اثنان صلى كل واحد منكم وحده، والصحيح أنكما تصليان جماعة، أو تصلون جماعة، وما ذاك إلا أنه حرص على تحصيل فضيلة الجماعة في أي المساجد .
ثم نقول: مع الأسف أن كثيرا من الناس يجلسون في بيوتهم، وإذا سمعوا الإمام قد سلم صلوا في بيوتهم، وقالوا: قد فاتتنا الصلاة، أو يقول أحدهم: أخجل أن آتي فيستقبلوني الناس . نقول: لا تخجل ولا يخجل الثاني، إذا أتيت أنت، وأتى الثاني والثالث والرابع واجتمعتم جماعة، فأديتما صلاة الجماعة، فهو أفضل من صلاتكم في بيوتكم . قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صلاة الرجل في جماعة أفضل من صلاته في بيته، وفي سوقه بخمس وعشرين جزءا وصلاتك في بيتك وإن كانت جزءا يسيرا يفوتك هذا الخير، احضر وصل مع الجماعة الثانية ولك أجر الجماعة .
تكلم بعد ذلك على مسابقة الإمام، لو سبق إمامه بركن فلحقه فيه أو رفع فأتى به معه فلا بأس. وصورة ذلك إذا ركع الإمام وأنت قائم ثم ركعت وأدركته أجزأتك، أو وقفت ثم رفع الإمام وأنت واقف فركعت بسرعة، ثم أدركته في الرفع أدركته في الرفع أجزأ ذلك؛ لأنك تكون متابعا له .
وسبقه بركنين مبطل للصلاة، صورة ذلك ركع الإمام وأنت واقف، ثم رفع وأنت واقف، ثم سجد وأنت لا تزال واقفا، فاتك من هذه الركعة ركنان: الركوع والرفع، بطلت هذه الركعة، بطلت ركعتك؛ لأنك لم تتابع الإمام فيها، فتقضي ركعة.
ونيته معه عند التحريم، أي: نية هذين الركنين بشرط إذا أراد أن يقضي ركعة فإنه ينوي أن هذه بدل الركنين، أي: بدل الركعة التي ترك منها ركنين، فيشترط أن ينوي ذلك، ثم ننبه إلى أن كثيرا يسابقون الإمام، ومسابقة الإمام عند بعض العلماء تبطل الصلاة، وقد كتبت مقالة أو صفحة ذكرت فيها أحوال المأمومين مع الإمام، وأن للمأموم مع الإمام أربع حالات:
المسابقة والموافقة والمتابعة والمخالفة: فالمسابقة أن يركع قبل إمامه، فهذه عند الإمام أحمد قد تبطل الصلاة. الفقهاء يقولون: إذا ركعت والمأمومون قائمون لزمك أن ترفع وتأتي بالركوع بعدما يركع الإمام؛ وذلك لأن المسابقة كان الإنسان ليس مع المأموم ليس بمأموم، وكذلك لو ركع مع الإمام ورفع قبله فإنه يعتبر سابقه، لو رفع قبله ثم رفع الإمام فلحقه لزمه أن يعيد الركوع، ثم يرفع بعد الإمام، يرفع بعده حتى يكون متابعا أو مؤتما، وقد تكلم على مسألة المسابقة الإمام أحمد -رحمه الله- في رسالته التي تسمى: الرسالة السنية، وأورد أحاديث كثيرة بوجوب المتابعة وتحريم المسابقة والعقوبة عليها، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار ونقل عن ابن عمر رأى رجلا يسابق الإمام، فقال له: (لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت)، وكذلك قال ابن مسعود، وضربه ابن مسعود وقال: (أعد الصلاة)، دل على أنه لا صلاة له، حيث أمره أن يعيد الصلاة، وكذلك أيضا استدل بالحديث الذي فيه: الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم يعني: أنكم تابعون له، وبقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف وبقوله: إذا كبر الإمام فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر، فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا، ولا تركعوا حتى يركع .
الأحاديث كثيرة لا نطيل بها، في إمكانك مراجعة هذه الرسالة، وهي رسالة مفيدة -الرسالة السنية للإمام أحمد، ننصح بقراءتها مرة بعد مرة، وقد طبعت مرارا، ثم الحالة الثانية الموافقة، وهو أن يوافق الإمام، بمعنى: أنه يركع مع الإمام سواء، فهذه قد تنقص الصلاة؛ لأن الإمام يؤتم به: إنما جعل الإمام ليؤتم به .
الحالة الثالثة المتابعة، وهذه هي السنة، أن يقف المأموم حتى يركع الإمام، وينتهي من حركته، وينقطع صوته، ثم بعد ذلك يتبعونه إذا انحنى وركع وانتهى من التكبير لحقوه وأدركوه، قد يسبح قبلهم بقوله: (سبحان ربي العظيم) مرة، وهم إذا رفع بقوا إلى أن يتم رفعه، ويقول: (سمع الله لمن حمده) وينتهي من التسميع وهم ركوع، وبعد ذلك يتبعونه .
نلاحظ أن كثيرا ساعة ما يتحرك الإمام للرفع، يرفعون قبل أن ينتهي من التسميع، يعتبر هذا مسابقة .
الحالة الرابعة: المخالفة وهي التأخر، ذكر أنه إذا تأخر بركنين بطلت الركعة، فعليه أن يأتي ببدلها.


قديم 29-08-2009, 08:42 AM
المشاركة 149
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
الإمامة ........
من تصح إمامته

أحق الناس بها السلطان، ثم رب البيت، ثم الراتب، ثم الأقرأ، ثم الأفقه، ثم الأقدم سنا، ثم سلما، ثم الأقدم هجرة، ثم الأشرف، ثم الأتقى، ثم الحر، ثم البصير، ثم الحاضر، ثم القارع، ولا تصح من كافر ونجس ومحدث يعلمان ذلك، ولا من أمي ولا أرك ولا أخرس ومن به عذر مستمر.

ذكر بعد ذلك الإمامة، الإمام: هو الذي يتقدم الناس ويصلي بهم، فعليه أو يجب أن يكون من أهل الإمامة، ذكر أن الأحق بالإمامة السلطان؛ لأنه جاء في الحديث: لا يَؤُمّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه ولكن يدخل في السلطان الذي يُدَبِّر المكان كرئيس الجماعة، أو مدير المكتب، أو عميد المدرسة أو نحو ذلك، ما اختير للرئاسة إنه هو الأولى.
وقال بعضهم: إن السلطان هنا هو الحاكم، يعني: الملك إذا حضر فإنه يكون أولى بالإمامة من غيره؛ وذلك لأن إمامته عامة، ثم رب البيت إذا كانوا يصلون في بيت، كأن لم يكن عندهم مسجد فصاحب البيت أولى، في حديث أبي مسعود يقول -صلى الله عليه وسلم-: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنَّة، فإن كانوا في السُّنَّة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا -يعني إسلامًا، ثم قال في آخر الحديث: ولا يؤُمَّن الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يجلس في بيته على تكرمته إلا بإذنه .
فالمراد بـ "سلطانه": ولايته، فإذا كان لهذا الرجل سلطان على هذه المدرسة أو ولاية على هذا البيت فإنه يكون هو الأولى بأن يكون هو الإمام، ثم الراتب، يعني: الإمام الراتب المرتب المعين كإمام لهذا المسجد، فهو أولى ولو حضر عنده من هو أقرأ منه، ثم الأقرأ؛ لما كان في حديث أبي مسعود: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ولكن لا بد أن يكون عالمًا بالأحكام، أما إذا كان يحفظ القرآن ولكن لا يعلم مبطلات الصلاة، ولا يعلم أركانها أو واجباتها أو سننها فإنه يُقدم عليه من يعلم ذلك، ولو كان دونه في القراءة، ثم الأفقه، يعني: الأعلم بالأحكام.
الفقه: هو معرفة الأحكام، سيما أحكام هذه العبادة، يعرف ما يبطل الصلاة، ويعرف ما يُسجد له للسهو، ويعرف سنن الصلاة ولو كانت لا يبطل تركها ونحو ذلك، هذا هو الفقه؛ فإن استوى أكثر من واحد قُدم الأسن، يعني: الأكبر سنًّا من باب احترام ذوي الأسنان واحترامهم.
ثم بعد ذلك الأقدم إسلامًا، يعني: إذا كان هو الأقدم إسلامًا، لو أسلم جماعة وكانوا سواء في القراءة والفقه يقدم الذي أسلم قبلهم، يعني: أسلم قبلهم بسنة أو نصف سنة.
ثم الأقدم هجرة، الهجرة: كانوا إذا أسلموا بمكة هاجروا إلى المدينة، والذي يكون متقدم الهجرة يكون أكثر فقهًا؛ لأنه يجالس النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتعلم منه، فإذا استووا في ذلك كله قدم الأشرف نسبًا، يعني: الأشهر، وجاء في حديث وإن كان ضعيفًا: قدِّموا قُريشًا ولا تَقَدَّمُوهَا أي: لا تتقدموا عليها كأئمة.
ثم بعد الأشرف الأتقى، ينظر أيهما أقوى تقوى، يعني: أتقى لله -تعالى- وأورع فيكون هو الأحق، ثم إذا كان فيهم حر وعبد، فالحر أولى من العبد؛ وذلك لأنه أكمل معنويًّا؛ لأن العبد ناقص معنويًّا حيث إنه لا يتصرف في نفسه.
ثم البصير، إذا كان الاثنان سواء أحدهما ضرير أعمى والآخر بصير، فالبصير أولى؛ وذلك لأنه يبصر ما أمامه، ولأنه يعرف ما يعرفونه ونحو ذلك، لكن إذا كان الأعمى أقرأ أو أفقه، فإنه يقدم.
ثم الحاضر، الحضري يقدم على البدوي؛ وذلك لأن البدوي قد يكون معه جفاء، ويكون معه جهل أو نحو ذلك، فإذا استووا في ذلك كله استعمل القرعة، فيقرع بينهم، فمن قرع فإنه المقدم، قد يكونون كلهم قُراء وفقهاء ومُسنُّون ومهاجرون وأتقياء وأحرار، ولكن قد يستوون أيضًا في الجهل، قد يكونون كلهم غير علماء، لا علم ولا قراءة ولا تقوى ولا بصر فعند ذلك تستعمل القرعة.
لا تصح من كافر: لا يجوز أن يتقدم الكافرُ المسلمَ؛ وذلك لأنها عبادة، ولأن الكافر لا صلاة له، ولو صلى فإنه يكون مستهترًا، فلا يُصَلِّ بالمسلمين.
ولا تصح الإقامة من نجس، إذا كان عليه نجس.. على ثوبه دم أو بول أو خمر، نجاسة عينية وهو يعلم ذلك، فإذا صلى وهو لا يعلم بالنجاسة ثم علم بها بعد الصلاة فإنه لا يعيد ولا يعيد المأموم، يعني: أنه قد يقع عليه نجاسة، لكن بعض العلماء يفرقون بين ما إذا علمها وتساهل، فعليه أن يعيد، وإذا لم يعلمها إلا بعدما انصرف فإنه لا يعيد، سواء كان إمامًا أو مأمومًا.
إذا انصرفت من صلاتك ورأيت على ثوبك أثر دم، ولم تذكر متى وقع فلا تُعِد، وإذا كنت علمت بأن هذا دم ولكن قلتَ: سأؤخر غسله ونسيت غسله، ولما صليتَ به تذكرتَ بعد ذلك، فهل تعيد؟ الأولى أن تعيد؛ لأنك متساهل حيث أخرته.
وكذلك المحدِث الذي عليه حدث أكبر أو حدث أصغر، عليه إذا صلى وهو يعلم أن يعيد، وكذلك أيضًا يعيدون وذلك لأنه يعتبر متلاعبًا، وأما إذا لم يعلم فإنهم لا يعيدون ويعيد وحده.
ثبت أن عمر -رضي الله عنه- خرج مرة إلى ... فلما جلس يبول رأى على فخده أثر احتلام، فاغتسل وأعاد صلاة الفجر، وكان هو الذي صلى بالجماعة ولم يأمرهم أن يعيدوا.
وقد روى عن علي أنه أمر المصلين أن يعيدوا، صلى مرة وعليه حدث ناسيًا حدثه فأمرهم بعد يوم أن ينادى في الأسواق: من صلى مع الأمير أو صلاة كذا فليعدها، فلعل ذلك من باب الاجتهاد.
فالحاصل: أنه إذا صلى المأموم خلف إمام يعلم أنه محدِث فإنها تبطل صلاة المأموم وكذلك الإمام يعيد، وإذا صلى الإمام وهو يعلم بطلت صلاته وصلاة من خلفه وأمرهم أن يعيدوا؛ لأنه متلاعب، وأما إذا لم يعلم بالحدث ولم يعلم بالنجس إلا بعدما صلى، فإنهم إذا صلوا ولم يعلموا إلا بعدما انتهى فلا يعيدون.. لا يعيدون الصلاة، وأما الأمام فإنه يعيد.
" ولا تصلح من أميّ "
المراد بالأمي في اللغة: الذي لا يقرأ ولا يكتب؛ لقوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ وفي قوله تعالى: وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ وكان العرب تغلب عليهم الأمية، لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، ولكن اصطلح الفقهاء ههنا على أن الأمي هو الذي لا يحسن قراءة الفاتحة، هذا مرادهم بقوله: "ولا من أميّ" أي: لا يكون الذي لا يحسن الفاتحة إمامًا.
( ولا مِن أَرَكٍّ )، الرُّكة خبثة في اللسان، يعني: إذا كان ثقيل اللسان بحيث إنه لا ينطق بالحروف كما ينبغي، يعني: شبه الريح يمنع من الكلام، إذا جاء شيء منه ثَقُل، بعض الناس يكون معه شبه الثقل عند الكلام، إذا أراد أن يقرأ فإنه يتوقف، يثقل عليه أن يقرأ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فيسمى أركًّا؛ لأنه قد يسكت بين الآيات يحاول أن ينطق بـ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فلا يقدر إلا بعد مدة.
( ولا من أخرس )، الأخرس: هو الذي لا يتكلم، والغالب -أيضًا- أنه لا يسمع، وسبب الخرس فقد السمع في الصغر، يولد -مثلا- وهو لا يسمع أصلا، ولا يسمع ما يقوله الناس، فإذا لم يسمع كلامهم لم يدري ما يحرك به لسانه.
أما الذي يسمع فإنه متى سمع حرفًا قلده ونطق به، ثم سمع الحرف الثاني فنطق به، ثم سمع اللغة فنطق بها؛ ولأجل ذلك الذي يكون بين العجم يسمع كلامهم فينطق به، والذي يكون بين العرب يسمع كلامهم فينطق به في الصغر، والذي يكون بين البربر يسمع كلامهم فينطق به.
وأما الذي لا يسمع أصلًا فإنه لا يدري ما يتكلم به، وإنما يتكلم بالإشارة، فمثل هذا لا يكون إمامًا؛ لأنه لا يسمع إذا سبحوا به، ولأنه لا يقدر أن ينطق بالتكبير.
" ومن به عذر مستمر "
كصاحب السلس؛ وذلك لأنه ناقص الطهارة، إذا كان به سلس، فلا يجوز أن يؤم الناس للنقص في طهارته، ولأن الطهارة شرط في الصلاة فإذا نقصت فإنه لا يجوز أن يتقدمهم، ولأنه وإن أمن أن لا يلوث المسجد لكن قد يلوث ثيابه، وخروج الحدث يعتبر عذرًا.
أجاز بعضهم أن يؤم بمثله إذا وجد اثنان كلاهما به حدث دائم، حدث مستمر، يعني: كقروح سيالة أو نحوها، فيصلي واحد منهما بالآخر، وذلك لأن عذرهما موجود.


قديم 29-08-2009, 08:44 AM
المشاركة 150
ذوق الكاسر
عضو اشرق بعطاءه
  • غير متواجد
رد: حملة إلاصلآتي
موقف المأمومين من الإمام في الصلاة




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يتعلق هذا الفصل بموقف المأمومين من الإمام، فالأصل أن الجماعة يتقدمهم الإمام، يكون الإمام صفًّا وحده وهم صف خلفه أو صفوف، واحدًا خلف الآخر، هكذا الموقف، المعتاد أن الإمام يتقدم المأمومين وذلك لمعنى كونه إمامًا، يعني: قدوة يأتمون به ويتابعونه.
في الحديث: إنما جُعل الإمام ليؤتمّ به فإذا كان قُدامهم فإنهم يتبعونه ويتحركون بعد حركته، هكذا جاء في الأحاديث، إذا لم يكن معه إلا امرأة واحدة فإن المرأة تقف خلفه، ولا تقف إلى جنبه وذلك موقف النساء، ولو كان مَحرمًا لها أو زوجًا.
ففي حديث أنس: أن جدته مُليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعته، فأكل ثم قال: قوموا لأصلي بكم، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث، فنضحته بالماء، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصففتُ أنا واليتيم وراءه، والعجوز خلفنا .
قامت المرأة ولو كانوا أولادها يعني هي جدتهما قامت صفًّا خلفهم وحدها لم يكن معها أحد؛ لأن المرأة لا تصف الرجال ولو كانوا محارم لها فتكون صفًّا وحدها، إذا لم يكن مع الإمام إلا فرد فإنه يصف عن يمينه، إذا كانوا اثنين يكون المأموم عن يمين الإمام.
ذكرنا حديث ابن عباس قال: بتُّ عند خالتي ميمونة، فلما كان نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ النبي -صلى الله عليه وسلم- فتوضأ ثم قام يصلي، فجئت فصنعت مثلما صنع، وقمت عن يساره فأدارني عن يمينه هكذا جاء أنه أراده عن يمينه.
وذكرنا -أيضًا- حديث جابر وجبار الذي في آخر صحيح مسلم ذكر أنه لما توضأ النبي -صلى الله عليه وسلم- لصلاة العصر كبّر وحده ثم جاء جابر فصف عن يساره فجاء له عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فصف عن يساره فدفعهما خلفه، فأفاد أن الواحد يصير عن يمين الإمام وأن الاثنين يتقدمهما الإمام.
وكذا الثلاثة وأكثر يجوز أن يقوموا عن جانبيه، أن يتوسط الإمام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ثبت ذلك عن ابن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود وصف بينهما فكان هو المتوسط، وذكر أن ذلك من فعل.. أو فعله النبي -صلى الله عليه وسلم، فيجوز أن يكون الإمام في الوسط.
ولو امتلأ المسجد فإنه يجوز أن يصفوا عن جانبي الإمام إذا كان الإمام في وسط الصف فإنهم يصفون عن يمينه إلى أن يصلوا إلى نهاية الصف وعن يساره إلى نهاية الصف؛ وذلك لأنه يكون إمامًا ولو كان في الوسط، وإن كان الأصل أنه يتقدمهم ويكون أمامهم، ولكن قد يكون المكان ضيقًا فيقومون عن جانبيه.
أما إذا صف عن يساره فقط فإن صلاته باطلة حتى ولو كانوا كثيرا، لو كانوا واحدا عن يسار الإمام أو اثنين أو عشرة ويمينه خال ويساره فيه واحد أو أكثر فهؤلاء لا صلاة لهم.
النبي -صلى الله عليه وسلم- أخر أولئك الذين صفوا عن يساره كابن عباس وجابر فدل ذلك على أنه لا يصح أن يكون عن يساره مع خلو يمينه، وكذلك إذا صلى خلفه وحده أو صلى خلف الصف منفردًا فإنه أيضًا تبطل صلاته.
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد، وفي الحديث: لا صلاة لمنفرد خلف الصف يعني: إذا كان الصف كاملًا وجاء إنسان فلا يصف وحده، يقع هذا كثيرًا، ويقع الذي لا يجد مكانًا في حرج؛ فلذلك يكثر البحث والسؤال عن الإنسان إذا جاء وقد كمل الصف ماذا يفعل؟
هناك بعض العلماء أجازوا له أن يصلي وحده إذا خاف أن تفوته الجماعة، ولكن بعد أن يبذل الأسباب، في حديث وإن كان فيه ضعف أنه عليه السلام قال لذلك الرجل: هلا التمستَ فُرجة أو اجتررت رجلًا يعني: إذا جاء والصف قد كمل فيلتمس فرجة، وذلك بأن يقرّب هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، وهذا إلى هذا إذا كان بينهم شيء من السعة إلى أن يتسع له فرجة فيدخل فيها، فيكون قد صف في وسط الصف، هذا معنى (هلا التمست فرجة)؛ لأنه قد يوجد بين المصلين شيء من الفرج التي تكون بين اثنين فيقرب بعضهم إلى بعض لعله أن يكون له فرجة.
وأما الاجترار فرخصوا فيه وبعضهم منعه، وهو أن يجترّ إنسانًا فقالوا: لا يجتره بقوة؛ لأن في ذلك تصرفًا في الغير، ولكن يكلمه كلامًا خفيًّا أو يتنحنح له حتى يتأخر معه، ففي حديث أنه قال: فما أعظم أجر المجتذَب الذي يُجتذب ويتأخر له أجر، حيث إنه أحسن إلى ذلك الفذ وصلى إلى جانبه، فما أعظم أجر المجتذب!
ولكن قالوا: لا يجتذبه بقوة فإن هذا تصرف في غيره، وإنما ينبهه بكلمة خفية أو بنحنحة أو ما أشبه ذلك، والذين منعوا الاجتذاب والاجترار قالوا: إنك إذا اجتذبته بقي في ذلك الصف فرجة فتكون قطعتَ هذا الصف. .
والجواب أن هذه الفرجة سيسدونها؛ لأنه يقرب بعضهم إلى بعض حتى يسدوا تلك الفرجة فلا يكون هناك محذور، ولا تكون قطعتَ صفًّا، بل هذا الذي تأخر معك له أجر حيث إنه وصل صفًّا؛ جاء في حديث من وصل صفًّا وصله الله يعني: أنك كنت وحدك فإذا قام معك فأنتما صف، فمن وصل صفًّا وصله الله، ومن قطعه قطعه الله.
إذا لم يتيسّر أن يتأخر معك أحد وصففت وحدك وركعت معهم وجاءك آخر قبل أن تسجد صحت صلاتك، يعني: أنكم صرتم صفًّا قبل السجود ولو فاته الركوع، يعني: ما أدرك هذه الركعة وأنت أدركت الركعة، ولكن حصل أنك وجدت مَن صُف معك قبل السجود.
يمكن أن يستدل على ذلك بقصة أبي بكرة لما جاء والنبي -صلى الله عليه وسلم- راكعًا يقول: "فركعت قبل الصف ومشيت إلى الصف" يمكن أنه ما وصل إلا بعدما رفعوا، بعدما قاموا وصلهم بينه وبينهم فرجة، فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم ولكنه قال: زادك الله حرصًا ولا تعد .
فأفاد بأنه أجزأته صلاته ولو أن ركوعه قبل أن يصل الصف، يمكن أنه مشى وهو راكع، ويمكن أنه مشى بعدما قام، فدل على أنه إذا صف معه أحد بعد الرفع وقبل السجود أصبح صفًّا ولا يصبح فذًّا، إذا لم يجد من يقوم معه وكانوا متراصين ولم يتيسر أن أحدًا يتأخر معه فله أن يخرق الصف ويقوم عن يمين الإمام؛ وذلك لأن الوقوف عن يمين الإمام جائز، لأنه يعتبر كأنه غير فذ إذا وقف معه أحد ولو الإمام.
ولا يقوم عن يساره، ولو كان بينه وبين الإمام حديدة المكبر يعني بينه وبين الإمام نحو شبر أو نحو ذلك، كثيرًا ما يجعل الأئمة المكبر ولاقطته عن يمينه والأولى أن يجعله عن يساره إذا خيف من مثل هذه الحالة.
قد تكون الصفوف كثيرة ولا يقدر أن يخرق هذه الصفوف، وتكون كلها متراصة، وليس فيها فرجة ويخشى أن تفوته صلاة الجماعة إذا جاء ولم يبق إلا ركعة، ولم يتيسر أحد أن يقوم معه، ولا أن يجد فرجة بينهم، ففي هذه الحال لو صلى منفردًا أجزأته صلاته؛ لأنه بذل الجهد، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم .
فهذا لم يستطع أن يصف في الصفوف، ولو فاتته الصلاة فاته خير كثير، فاته سبع وعشرون درجة، ربما يصلي وحده فنقول: إن عليه والحال هذه أن يصلي وحده وتجزئه صلاته؛ لأنه فعل ما يقدر عليه.
يقول: ( ومن لم يقف معه إلا كافر فإنه فذ )، إذا وقف معه خلف الإمام كافر، هذا الكافر لا صلاة له فيعتبر كأنه صلى وحده خلف الصف، وصلاة المنفرد خلف الصف باطلة كما سمعنا، أو وقف معه إنسان محدث وهو يعلم أنه محدث، جاء وقال: صف معي فقال: أنا ما توضأت، فقال: صف معي ولو كنت محدثًا، نقول: إنه لا يزال فذًّا لا صلاة له؛ وذلك لأن صلاة المحدث باطلة غير معتبرة، فكذلك الذي صَفَّهُ تعتبر أيضًا صلاته باطلة.
أما إذا كان لا يعلم، لا تعلم أنه محدث جاء وصف معك ولا تعلم فإن صلاتك مجزئة؛ ذلك لأنك اعتمدت أنك في صف، وكذلك إذا لم تجد من يصف معك خلف الصف إلا امرأة، فإنه لا يصح أن تصف المرأة مع الرجال، فيعتبر فذًّا لا صلاة له، ويدخل في قوله: لا صلاة لمنفردٍ خلف الصف .
( أو لم يصف معه إلا صبي دون البلوغ ) يعني: لم يحتلم ولم يبلغ، فإنه يسمى فذًّا ليس بمصلٍّ، أما إذا كان قد قارب البلوغ، يعني: قد بلغ إما بالإنبات وإما بالاحتلام، ولو كان ابن عشر أو اثنتي عشرة فإنها تصح مصافته وإلا فإنه منفرد.
( يقوم إمام العراة وسطهم) ، إذا كان كلهم عراة -نسأل الله السلامة-، لو قدر أنهم ثلاثة أو خمسة كلهم عراة، أمامهم مثلهم عار، يعني حتى منكشف السوءتين، فأنه يصلي في وسطهم.
وذكر بعضهم أنهم يصلون جلوسا؛ إذ يكون ذلك أستر لعوراتهم، ولا يتقدمهم الإمام؛ لأنه إذا تقدمهم بدت لهم عورته، بل يصير وسطهم، هكذا اختار كثير، ورأى بعض العلماء أنهم معذورون، وقال: إذا أجزنا صلاتهم وهم عراة، فلماذا لا نأمرهم بالقيام؟ القيام ركن من أركان الصلاة وهم معذرون، فيصلون قياما ولو بدت عوراتهم للناظرين؛ لأنهم معذرون، وإذا كان كذلك أيضا، فلا مانع من تقدم الإمام أن يصلي بهم أمامهم؛ وذلك لأن اسمه الإمام، ولأن الأصل أن الإمام يتقدم المأمومين. العمل على أنهم يصفون صفا واحدا وإمامهم في الوسط.
المرأة في النساء أيضا تقوم في صفهن، تكون في وسطهن، وقالوا: لا تتقدم؛ لأن تقدمها يبين لهن حجم أعضائها، ويتبين لهن عند ركوعها وسجودها شيء من بدنها، فتكون وسطهن، هكذا اختاروا.
ورأي أيضا بعض العلماء أنها تتقدم كما يتقدم الرجل الرجال، وذلك لأن هذا هو المعتاد، روي عن عائشة أنها صفت في وسط النساء، فاعتبروا ذلك دليلا، ولعله من باب الاجتهاد.
"إذا كانوا جماعة" . إذا كانوا مثلا جماعة في بيت، أو مسافرون وفيهم رجال وصبيان ونساء وخناثى، فكيف نرتبهم؟
يرتبهم الإمام، فيقول: الرجال البالغون يكونون في الصف الأول الذي يلي الإمام، ثم بعده الصبيان الذين دون البلوغ يصفون في الصف الثاني، ثم بعده الخناثى إذا كانوا مجموعة يصفون في الصف الثالث، ثم النساء يكن هن المتأخرات، وإذا لم يكن هناك خناثى فيلي الإمام الرجال، ثم بعدهم الصبيان، ثم بعدهم النساء، هكذا قالوا.
ولكن لا مانع من أن يصف الصبيان في وسط الصف الأول، إذا كانوا مميزين وتقدموا، إلا أنهم يكونون في أطراف الصف؛ لأنه جاء في الحديث: ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم فيفضل أن الرجال البالغين أهل الأحلام والنهى هم الذين يقفون خلف الإمام، الصبيان يكونون في وسط الصف الأول، ولكن في أطرافه من الجانبين، وإن جرى ترتيبهم فإنهم يكونون بعد صفوف الرجال.
إذا كان الرجال كثير، صففناهم صفين، كلهم رجال يعني بالغون، وجعلنا الصبيان في الصف الثالث أو الرابع، يعني بعد انتهاء صفوف الرجال، ثم بعد ذلك النساء يكن متأخرات، هكذا ترتيبهم.
لا خلاف في أن النساء يكن خلف، ولكن في الواقع أن الصبيان يقومون في وسط الصفوف، مع أنهم قد يكونون في العاشرة أو دون العاشرة، ومع ذلك يقومون في وسط الصف، وإن كان هذا خلاف الأولى، وذلك لأن الصبي عادة الذي في العاشرة أو الحادية عشر أو التاسعة، يحصل معهم شيء من الحركة، وهذه الحركة قد تشوش على المصلين، فلأجل ذلك يفضل أن يكونوا خلف صفوف الرجال إذا جرى ترتيبهم، هذا ترتيبهم في صفوف الصلاة.
أما ترتيبهم في الجنائز، إذا جاء في جنازة رجل وصبي وامرأة، يلي الإمام الرجل، ثم بعده الصبي، ثم بعده المرأة، المرأة تكون أبعدهم، وكذا لو تعددوا: ثلاثة رجال يلون الإمام، وصبيان يكونون بعد الرجال، ونساء يكن بعد الصبيان، وبذلك يكون ترتيبهم، هذا ترتيب تقديمهم إلى الإمام في الجنائز.
"وإلى القبلة في القبر". إذا دفن اثنان في قبر أو أكثر، فيقدم الرجل مما يلي القبلة، ثم بعده الصبي، ثم بعده المرأة، هذا إذا عجزوا عن أن يجعلوا لكل واحد قبرا.





الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حملة إلاصلآتي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حملة فتيات المبتسم ●{ منتدى الأماكن العام ~ 10 05-12-2009 11:57 PM
حملة الاتسغفار(ارجوا التثبيت) {قطر الندى~ ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 3 21-04-2009 09:27 AM
:: حملة رسآئل الجوآل لـ نصرة الرسول :: ترآنيم الغرآم ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 33 09-04-2009 04:35 PM
الأمير نايف يثمن جهود الاتصالات السعودية في دعم حملة خادم ال Fanan ●{ تْرآنيِِم آلجوٌآلـــــ ~ 8 18-01-2009 11:56 AM

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


الساعة الآن 12:45 AM.