قديم 21-12-2009, 10:00 PM
المشاركة 63

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
التلازم بين الكُفر والإفساد في الأرض وقطيعة الأرحام

هناك تلازم بين الكفر بالله ، وبين الإفساد في الأرض وبين قطيعة الأرحام
إذ الحسنة تُنادي على أختها ، والسيئة كذلك ..
فالكُفْر يدعو إلى الإفساد في الأرض ..
ومما ينبغي أن يُعلَم أن الإفساد في الأرض نوعان :
الأول : إفساد حِسِّيّ ، بالتخريب والقَتْل والدمار .
والثاني : إفساد معنوي [ وهو أشدّ ]
ولذا قال جَلّ ذِكْرُه : (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) وقال : (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) .

وسبب ذلك أن أثار القتل والدمار تزول بينما آثار الكُفر والأفكار غالباً لا تَزول ..

وانظر إلى فرعون رغم طغيانه وجبروته .. ذَهَب فرعون وذَهَب أثره !
وانظر إلى أفكار بعض فِرق الضلالة – وإن انتسبتْ إلى الإسلام – كيف ذَهَب رموزها وبَقِيَتْ أفكارها !

وهذا المعنى سبقت إليه الإشارة هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/50.htm

وقطيعة الأرحام من آثار ذلك الإفساد المعنوي .
ولذلك اتَّصَف المؤمن بِصِلَة الرَّحم ، ووُصِف الكافر بِقطيعة الرَّحِم ..

وقد قال ربنا – وقوله الصِّدْق – و وَعَد – ووعده حق – أن يَصِل من وَصَل رحِمه ، وأن يَقطع من قَطَع رحِمه ..

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بِحَقْوِ الرحمن ، فقال له : مه ! قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . قال : ألا ترضين أن أصِل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى يا رب . قال : فذاك . قال أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) .

وروى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الرحم شجنة من الرحمن ، فقال الله : من وصلك وصلته ، ومن قطعك قطعته . رواه البخاري .
وفي حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الرَّحِم شجنة ، فَمَنْ وَصَلَها وَصَلْتُه ، ومن قطعها قطعته . رواه البخاري .

وهذا يُبيِّنه ما في المسند وغيره من حديث عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : أنا الرحمن خَلَقْتُ الرَّحم ، وشققت لها من اسمي اسماً ؛ فمن وَصَلَهَا وصَلْتُه ، ومن قَطَعها بَـتَـتُّـه .

قال الإمام ابن جرير الطبري في التفسير :
القول في تأويل قوله تعالى : (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ )
قال أبو جعفر [ هو ابن جرير ] والذي رَغَّب الله في وَصْلِه ، وَذَمّ على قطعه في هذه الآية : الرَّحم . وقد بَيَّن ذلك في كتابه فقال تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) ، وإنما عَنَى بالرَّحم أهل الرجل الذين جمعتهم وإياه رَحِم والدةٍ واحدة ، وقَطْعُ ذلك : ظُلْمه في ترك أداء ما ألْزَم الله من حقوقها ، وأوجب من بِرِّها ، وَوَصْلُها أداء الواجب لها إليها من حقوق الله التي أوجب لها ، والتعطّف عليها بما يَحِقّ التعطف به عليها . اهـ .

وقال البغوي في التفسير : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) فلعلكم (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أعرضتم عن القرآن ، وفَارَقْتُم أحكامه ، (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ) تَعُودُوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية ، فَتُفْسِدُوا في الأرض بالمعصية ، والبَغي ، وسفك الدماء . اهـ .

وقال القرطبي في التفسير :
اختُلِفَ في معنى (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) :
فقيل : هو من الولاية . قال أبو العالية : المعنى : فهل عسيتم إن توليتم الْحُكْم فجُعِلْتُم حُكاماً أن تُفْسِدوا في الأرض بأخذ الرّشا .
وقال الكلبي : أي فهل عسيتم إن توليتم أمْرَ الأمة أن تُفسِدوا في الأرض بالظُّلْم .
وقال ابن جريج : المعنى : فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تُفسِدوا في الأرض بالمعاصي وقَطْع الأرحام .
وقال كعب : المعنى : فهل عسيتم إن توليتم الأمر - أن يَقْتُل بعضكم بعضا .
وقيل : من الإعراض عن الشيء . قال قتادة : أي فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تُفسِدوا في الأرض بِسَفْكِ الدماء الحرام ، وتُقَطِّعوا أرحامكم .
وقيل : فهل عسيتم : أي فلعلكم إن أعرضتم عن القرآن ، وفارقتم أحكَامِه أن تُفسِدوا في الأرض فَتَعُودُوا إلى جاهليتكم .
وقال بكر المزني : إنها نزلت في الحرورية والخوارج ، وفيه بُعْد ، والأظهر أنه إنما عُنِي بها المنافقون . اهـ .

إذا فهناك تلازم بين الكُفر والرِّدَّة والنِّفاق وبين قطيعة الأرحام ، وبين الإفساد في الأرض .


قال الإمام البيهقي :
قال الله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) فَجَعَلَ قَطْعَ الأرحام من الإفساد في الأرض ، ثم أتبع ذلك الإخبار بأن ذلك مِنْ فِعْل مَن حَقَّتْ عليه لعنته ، فَسَلَبَه الانتفاع بسمعه وبصره ، فهو يَسمع دعوة الله ، ويُبصر آياته وبَيّـنَاته ، فلا يُجيب الدعوة ، ولا ينقاد للحق ، كأنه لم يسمع النداء ، ولم يقع له من الله البيان ، وَجَعَلَه كالبهيمة أو أسوء حالا منها ، فقال : (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) ، وقال في الواصل والقاطع : (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) فَقَرَنَ وَصْلَ الرَّحم وهو الذي أمر الله به أن يُوصَل بخشيته ، والخوف من حسابه ، والصبر عن محارمه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة لوجهه ، وَجَعَلَ ذلك كله من فعل أولي الألباب ، ثم وَعَدَ به الجنة ، وزيارة الملائكة إياهم فيها ، وتسليمهم عليه ، ومدحهم له ، وَقَرَنَ قطيعة الرحم بِنَقْضِ عهد الله ، والإفساد في الأرض ، ثم أخبر أن لهم عند الله اللعنة ، وسوء المنقلب ، فَثَبَتَ بالآيتين ما في صلة الرحم من الفضل ، وفي قطعها من الوزر والإثم . وذَكَرَ سائر ما ورد في هذا المعنى أبو عبد الله الْحَلِيمِي رحمه الله . اهـ .

ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة قاطع . رواه البخاري ومسلم .
وقال : ما من ذنب أجدر أن يُعَجِّل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يُدَّخَر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .

وقطيعة الرَّحم من أبغض الأعمال إلى الله
فعن رجل من خثعم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في نَفَرٍ من أصحابه ، فقلت : أنت الذي تزعم أنك رسول الله ؟ قال : نعم . قال : قلت : يا رسول الله ! أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : الإيمان بالله . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم صلة الرحم . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر . قال : قلت : يا رسول الله ! أي الأعمال أبغض إلى الله ؟ قال : الإشراك بالله . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم قطيعة الرحم قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف . رواه أبو يعلى . وقال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح غير نافع بن خالد الطاحي وهو ثقة . والحديث في صحيح الترغيب .

وكلما ابتعد الإنسان عن الإيمان قلّ الوفاء ، وازداد الجفاء !
ولذا لما ابتعد الغَرب عن الإيمان بالله عظُمَتِ الهوّة ، واتَّسَع الْخرْق ، وزاد الجفاء ، وقلّ الـبِـرّ ، ومِن ثَمّ اتّخذ القوم الكلاب لوفائها !!
قال مُحدِّثي : رأيت في عاصمة الظلام ! [باريس] قبر كلب كَتَبَتْ عليه صاحبته : خانني كل الناس إلا أنت !
وإنك لا تجِد مؤمناً بالله واليوم الآخر ، إلا وجدته واصلاً لِرَحِمِه ، غير قاطِع لها .

وقد أمر الله بِتقواه وقَرَن ذلك بِصِلَة الرَّحِم ، فقال : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ)
أي : واتقوا الله الذي تساءلون به ، واتقوا الأرحام أن تَقْطَعُوها .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : اتقوا الله الذي تساءلون به ، واتقوا الله في الأرحام فَصِلُوها .

وصِلة الأرحام سبب في تأييد الله للعبد

فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ ، فقال : لئن كنت كما قلتَ فكأنما تُسِفّهم الملّ ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دُمْتَ على ذلك . رواه مسلم .
والمـلّ هو الرماد الحار .

وليستْ صِلة الرَّحم لِمن وَصَله غيرُه فحسب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وَصَلها . رواه البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم عن قريش : ولكن لهم رحم أبُلّها بِبلالها . يعني أصِلها بِصِلَتها .
وفي المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعقبة بن عامر : يا عقبة بن عامر صِلْ من قَطَعَك ، وأعْطِ مَن حَرَمَك ، واعْفُ عَمَّن ظلمك .

وقال عمر بن الخطاب : ليس الوَصْل أن تَصِل من وَصَلَك ، ذلك القصاص ، ولكن الوَصْل أن تَصِل من قَطَعَك . رواه عبد الرزاق .

وصِلة الأرحام سبب في زيادة العمر :
وروى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن سَرّه أن يُبسط له في رزقه ، وأن يُنسأ له في أثره ؛ فَلْيَصِل رَحِمَه .
وفي رواية : من أحب أن يُبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ؛ فَلْيَصِل رَحِمَـه .

وهذه الزيادة في العُمر حقيقية ، ولا إشكال فيها .
كما أنه لا تَعارض بينها وبين كون الأعمار مُقدّرة مكتوبة .
ولا تعارض بينها وبين قوله تعالى : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) .
فإن الله تبارك وتعالى أثبت زيادة الأعمار ونُقصها ، قال : ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ ) .
وأخبر سبحانه وتعالى أنه يَمحو ما يشاء ويُثبت ما يشاء ، فقال : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) .

والزيادة والنقص إنما تكون بما في أيدي الملائكة من الصُّحُف ، أي الذي كَتَبه الملك ، حينما كَتَب عُمر ابن آدم ورزقه وعمله وشقي أو سعيد ، كما في حديث ابن مسعود في الصحيحين .
فهذا الذي يحصل فيه المحو والإثبات .
أما ما قُدِّر في اللوح المحفوظ فهو لا يُغيّر ولا يُبدّل ولا يُمحى منه شيء .
ففي عِلم الله أن فلاناً من الناس يَصِل رَحمه ، ويكون عمره – مثلا – ستين سنة ، فإذا وصل رَحِمه بلّغه الله السبعين .
والملك يَكتب عُمر هذا الإنسان ستين سنة ، وهو في عِلم الله وزيادة فضله سبعون .
فلا يكون هناك تعارض بين الآيات ولا بين الأحاديث بعضها مع بعض .
قال الإمام الترمذي بعد أن روى حديث : صِلة الرحم محبة في الأهل ، مَثراة في المال ، مَنسأة في الأثر . قال : ومعنى قوله منسأة في الأثر : يعني زيادة في العمر .
وقال الحليمي في معناه : أن من الناس من قضى الله عز وجل بأنه إذا وَصَل رحمه عاش عددا من السنين مُبيَّنا ، وإن قطع رحمه عاش عددا دون ذلك ، فحمل الزيادة في العمر على هذا ، وبسط الكلام فيه ، ولا يخفى عليه أي العددين يعيش . نقله البيهقي في شُعب الإيمان .

وقال الإمام النووي في شرح الحديث :
وأجاب العلماء بأجوبة ، الصحيح منها :
أن هذه الزيادة بالبركة في عمره ، والتوفيق للطاعات ، وعِمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة ، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك .
والثاني : أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك ، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه ، فإن وصلها زِيد له أربعون ، وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك ، وهو من معنى قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) ويُثْبِت فيه النسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قَدَرُه ولا زيادة بل هي مستحيلة ، وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة . اهـ .

أي أن الزيادة ليست على ما في اللوح المحفوظ ، وإنما هي على ما في أيدي الملائكة من صُحُف .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والأجل أجلان : أجل مطلق يعلمه الله ، وأجل مقيد . وبهذا يتبين معنى قوله صلى الله عليه وسلم : من سرّه أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه . فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلا ، وقال : إن وَصَل رحمه زِدْتُـه كذا وكذا ، والملك لا يعلم أيَزداد أم لا ، لكن الله يعلم ما يستقرّ عليه الأمر ، فإذا جاء ذلك لا يتقدم ولا يتأخر . اهـ .

وصِلة الأرحام سبب في عمران الديار وطول الأعمار
قال صلى الله عليه وسلم : صِلة الرحم ، وحُسن الْخُلُق ، وحُسن الجوار ؛ يُعَمِّرْنَ الدِّيار ، ويَزِدْنَ في الأعمار . رواه الإمام أحمد وغيره .
وصِلة الرَّحم سبب في محبة الأهل
قال ابن عمر : من اتَّقَى ربَّـه ، ووصل رحمه ؛ نُسىء في أجله ، وثَرى ماله ، وأحَـبّـَه أهله . رواه البخاري في الأدب المفرد .

والصَّدَقَـة على ذي الرَّحم أجرها مُضاعف
فالصدقة على ذي الرَّحِم صدقة وصِلة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرَّحم اثنتان : صَدَقة وصِلَـة . رواه الإمام أحمد وغيره .

وصِلة الأرحام سبب في دخول الجنة .
ففي المسند وغيره عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم انْجَفَل الناس عليه ، فَكُنْتُ فيمن انْجَفَل ، فلما تَبَيَّنْتُ وجهه عَرَفْتُ أن وجهه ليس بوجه كذّاب ، فكان أول شيء سمعته يقول : أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصِلُوا الأرحام ، وصَلُّوا والناس نيام ؛ تدخلوا الجنة بسلام .

فهذه دعوة لِصِلَة الأرحام ، وإعادة المياه إلى مجاريها ، وترك القطيعة ونبذ التقاطَع .

7 - ربيع الثاني - 1426 هـ

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 10:03 PM
المشاركة 64

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
تُرِيدِين لُقْيَان الْمَعَالِي رَخِيصَةً ؟

إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل .
وإن ورثة الأنبياء لهم نصيبهم من ذلك البلاء بِقَدْرِ ما تَحَمَّلُوا من ذلك الميراث ، وعلى قَدْرِ ما كُتِبَ لهم من منازل ودرجات في العُقْبَى
وحاملةُ لواء الدعوة اليوم أشدّ بلاء لِقِلَّةِ الْمُعِين وكَثْرَة المفْسِدِين ..

وهذا ما شَكَاه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه مِنْ شَكْوى : جَلَد الفاجِر وعَجْز الثقة .

وقد يكون البلاء بعدم استجابة المدعوّين ، فعلى الداعية حينئذ أن تَتَعَزَّى – بعد تَفَقُّدِ النفس – بـ " يأتي النبي وليس معه أحد " . كما في الصحيحين .

وقد يكون البلاء مِن تَخَاذُلِ قريب أو خُذلان حَبيب
وهذا أشدّ على النفس من وَقْعِ الحسام المهند !

يخادعني العدو فما أُبالي = وأبكي حين يَخْدَعُني الصَّدِيقُ
وقد يكون ِبنَقْدٍ لاذِع .. أو بِغَمْزٍ جارح
أو بكلمة حادّة تصل إلى سويداء القلب ، فتغرِز فيه خنجَراً ، وتَتْرُك فيه أثراً !

إلى غير ذلك من أنواع البلاء
وعلى كُلٍّ فإن طريق الدعوة ليس محفوفاً بالورود
بل هو محفوف بالمخاطر .. مَفْرُوش بالبلاء .. يَحُفّـه الأذى .. وقد يكتنفه الرَّدَى

على قدر فضل المرء تأتي خُطُوبُه = وتُعرَف عند الصبر فيما يُصِيبُه
ومَنْ قَلَّ فيما يَتَّقِيه اصْطِبَـاره = فقد قَـلَّ مما يَرْتَجِيـه نَصِيبُـه
قال ابن القيم :
يا مخنّث العزم ! أين أنت والطريق طريقٌ تَعِبَ فيه آدم ، وناح لأجله نُوح ، ورُمِي في النار الخليل ، وأضْجِعَ للذَّبْحِ إسماعيل ، وبيع يوسف بِثَمَنٍ بَخْس ، ولبث في السجن بضع سنين ، ونُشِرَ بالمنشار زكريا ، وذُبِحَ السيد الحصور يحيى ، وقَاسَى الضُّرّ أيوب ، وزاد على المقدار بكاء داود ، وسار مع الوحش عيسى ، وعَالَجَ الفقر وأنواع الأذى محمد – تَـزها أنت باللهو واللعب ؟! . اهـ .

وكما أن دون الشهد إبر النحل فإن دون العلياء أصناف البلاء
ودون تَسَنُّم الذُّرَى أنواع الابتلاء

ذريني أنَلْ ما لا يُنال مِن العُلا = فَصَعْبُ العُلا في الصَّعْبِ والسَّهْلُ في السَّهْلِ
تُريدِين لُقْيان المعالي رخيصـةً = ولا بُـدّ دون الشَّهْـد مِـن إبـرِ النَّحْلِ
ودون الصعود إلى القمة تحمّل المشقّة ، واحتمال السقوط
ومن يتهيّب صعود الجبال = يَعِش أبد الدهر بين الْحُفَر
ودون التَّمْكِين للشيطان كَمِين !
سئل الإمام الشافعي رحمه الله : أيما أفضل للرجل أن يُمَكَّن أو يُبْتَلَى ؟ فقال : لا يُمَكَّن حتى يُبْتَلَى .
قال ابن القيم : والله تعالى ابْتَلَى أولي العزم من الرُّسُل فلما صبروا مَكَّنَهَم ، فلا يَظُنّ أحد أنه يَخْلُص من الألم البتة ، وإنما يتفاوت أهل الآلام في العقول ، فأعقلهم مَنْ بَاعَ أَلَماً مُسْتَمِراً عظيماً بِأَلَمٍ مُنْقَطِع يسير ، وأشقاهم من باع الألم المنقطع اليسير بالألم العظيم المستمر . اهـ .

فالابتلاء سُـنَّـةٌ ماضية
وطَـرِيقٌ سـِالكـة
وكم أجرى الله من أنواع النعماء بعد الصبر على البلاء
ولذا عُدّ البلاء من النعماء التي يجب أن تُذكَر فَـتُشْكَر
قال عليه الصلاة والسلام : من أُبْلِي بلاء فَذَكَرَه فقد شَكَرَه ، وإن كَتَمَه فقد كَفَرَه . رواه أبو داود .

وكم من كريم يُبْتَلَى ثم يَصْبرُ ؟

وقول الله أصدق وأبلَغ : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ)

فلا تُنال الإمامة في الدِّين إلا بالصبر واليقين ..

فلرُبّما كان الدُّخول إلى العُلا = والْمَجْدِ من بَوَّابَةِ الأحزانِ

ودون دعوى المحبّة إثبات صِدْق قَدَم الصِّدق
فإن الله إذا أحبّ قوما ابتلاهم
والله يبتلي عِباده ، بل يبتلي الصفوة منهم لتظهر معادنهم
فالإنسان يُبتلى ليُهيأ للجنة
و " ليس المراد أن يُعذَّب ولكن يُبْتَلَى لِـيُهَذَّب " كما يقول ابن القيم .

فالمؤمن يُهيأ لِوطنه الأصلي .. فيُطهّر من دَرَنِ الدار ، ومن شَعَثِ الأسفَار !
ودون الانتقال إلى دار الكرامة تَطهير وطَهارة
وفيما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : " لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يَلْقَى الله وما عليه من خطيئة " رواه الإمام أحمد والترمذي .

قال ابن القيم : الدنيا مجاز والآخرة وَطَن ، والأوطار إنما تُطْلَبُ في الأوطان .

وقال :

فَحَيَّ عَلى جنات عدن فإنها = منازلك الأولى وفيها المخيَّمُ
ولكننا سبي العدو فهل تُرى = نعود إلى أوطاننا ونُسَلَّمُ ؟
ومن خَطَب الحسناء بَذَل مُهجَةَ الـنَّفْسِ !
ولن تَعْرِف النفس النعيم وعِزّه = إذا جَهِلَتْ حال المذلّـة والضرّ
تَهُـون علينا في المعالي نفوسنا = ومن يخطب الحسناء لم يُغْلِها مهر
الداعية .. سَمَتْ نفسه ، وعَلَتْ هِمّـتُه .. حتى عانَقَتِ السَّحَاب
فهو يسعى بِنفسٍ واحدة لِهمومٍ شَـتّى

يسعى الفتى لأمور ليس يدركها = فالنفس واحدة والهمّ منتشر
والمرء ما عاش مَمْدود له أمَـل = لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر
وإن تَعجَب فاعجَب لِصبْرِ أهل الباطل مع ما يُقاسُون من شدّة وانتقاد ، رغم أنهم لا يَرجون من الله جزاء ، ولا مِن خَلْقِه شُكورا .
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : كنت كثيرا أسمع والدي يقول : رحم الله أبا الهيثم . غفر الله لأبي الهيثم . عَفَا الله عن أبي الهيثم . فقلت : يا أبتِ من أبو الهيثم ؟ فقال : لما أُخْرِجْتُ للسياط ومُدَّتْ يداي ، إذا أنا بشاب يَجْذِبُ ثوبي من ورائي ويقول لي : تعرفني ؟ قلت : لا . قال : أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرّار ! مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضُرِبْتُ ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق ، وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا ! فاصْبِرْ أنت في طاعة الرحمن لأجل الدِّين . قال : فضُربت ثمانية عشر سوطا بدل ما ضُرِبَ ثمانية عشر ألفا ، وخَرَجَ الخادم فقال : عَفَا عنه أمير المؤمنين .

فائدة : في لسان العرب :
الطرار : هو الذي يَشُقّ كُمَّ الرَّجُل ويَسِلّ ما فيه ، من الطرّ وهو القطع والشق .

أهل البطل يَصبِرون وهم لا يَرْجُون
بل إنهم يتألّمون ويَصبِرون !
(إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ)

أفلا يكون أوْلَى بالصبر من يَرجو لقاء الله ؟!

بلى والله .

الرياض
السبت 6/8/1426 هـ

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 10:19 PM
المشاركة 65

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
دعوا الناس في غفلاتهم

يحرص الإسلام على تأليف القلوب ، وعلى إضفاء روح المحبة ، وعلى التآخي والاجتماع ، وعلى إصلاح ذات البين .
كما حرص على حماية صرح الأخوّة .
وفي المقابل حرص الإسلام على نبذ كل ما يخدش الإخوّة ، وعلى إقصاء كل ما من شأنه إحداث الخلل والنِّـزاع .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : دعُوا الناس فليُصب بعضهم من بعض ، فإذا استنصح رجل أخاه فلينصح له . رواه الإمام أحمد .
وفي رواية :
دعوا الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض ، وإذا استنصحك أخوك فانصح له .

وجاء النهي عن أسباب ضعف هذه الأخوة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ههنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ،كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه . رواه مسلم .

وقال صلى الله عليه وسلم : لا تباغضوا ، ولا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تحاسدوا ، وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله ، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام . رواه البخاري ومسلم .

لأن هذه الأشياء مما يتنافى مع أخوة المؤمنين ، ومما يولد العداوة والبغضاء ، ويثير الأحقاد والإحَن ، ويكون سببا في الشحناء .
فهذه الأمور من شأنها أن تُضعف بنيان الأخوة القائم على الإيمان
فجاء النهي عن التحاسد والتناجش والتباغض والتدابر والتقاطع والبيع على بيع بعض
وجاء النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه
كل ذلك لمراعاة هذه الأخوة القائمة على الإيمان
( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )

وجاء النهي عن التقاطع وعن فساد ذات البين

قال عليه الصلاة والسلام : دَبّ إليكم داء الأمم الحسد ، والبغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أنبئكم بما يثبت ذاكم لكم ؟ أفشوا السلام بينكم . رواه الإمام أحمد والترمذي .

واحتُمِل في سبيل التئام القلوب وإصلاح ذات البين ما لم يُحتمل في غيرها
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا . رواه البخاري ومسلم .
زاد مسلم : قال ابن شهاب : ولم أسمع يُرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها .
وإنما جاز الكذب في إصلاح ذات البين لما فيه من جمع الكلمة ووحدة الصف ، وائتلاف القلوب .
قال الشيخ ابن سعدي : والصدق مصلحته خالصة ، والكذب بِضدّه ، ولهذا إذا ترتّب على أنواع الكذب مصلحة كبرى تزيد على مفسدته كالكذب في الحرب وفي الإصلاح بين الناس ، فقد رخّص النبي صلى الله عليه وسلم لرجحان مصلحته . اهـ .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على جمع القلوب ، وعلى إصلاح ذات البين .
فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة ، فأُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال : اذهبوا بنا نصلح بينهم . رواه البخاري .
بل إنه عليه الصلاة والسلام تأخّر عن صلاة الجماعة من أجل الإصلاح بين المتخاصِمِين .
روى البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم ، فحانت الصلاة ، فجاء المؤذن إلى أبي بكر ، فقال : أتصلي للناس ، فأقيم ؟ قال : نعم ، فصلى أبو بكر ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة ، فتخلّص حتى وقف في الصف ، فصفق الناس - وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته - فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك ، فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه ، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف ، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى . الحديث .

ولما تم نعيم أهل الجنة نزع الله ما في صدورهم من أسباب العداوة والبغضاء ثم أثبت لهم الأخوة فقال :
( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ )

قال ابن القيم رحمه الله – وهو يذكر أسباب انشراح الصدر - :
ومنها - بل من أعظمها - : إخراج دغل القلب من الصفات المذمومة التي توجب ضيقه وعذابه وتحول بينه وبين حصول البُرء ،فإن الإنسان إذا أتى الأسباب التي تشرح صدره ، ولم يخرج تلك الأوصاف المذمومة من قلبه لم يحْـظَ من انشراح صدره بطائل ، وغايته أن يكون له مادّتان تعتوران على قلبه ، وهو للمادة الغالبة عليه منهما . انتهى .

وهذا مع كونه يُريح صاحبه ويشرح صدره إلا أنه مما يُقيم صرح الأخوّة بين المؤمنين ..

جعلنا الله ممن قيل فيهم :
( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ )


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 10:24 PM
المشاركة 66

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
أصـــابتني جـنابـــــــــة ... !

أنـحـى عليّ صاحبي باللائمـة معاتبـاً ... فقال : وأنت ... وأنت ... وأنت ...
فقلت : على رسلك اُخـيّ .
قال : ولِـمَ ؟ وأنت من أنت !
فقلت : أذكـر ( أصـــابتني جـنابـــــــــة ، ولا مــاء )
قال : هل تعني أنك كنت جنـباً ؟
قلت : لا . لا لهذا أشـرتُ ، ولا إليه أومـأتُ .
فردّ عليّ : ما فهمت إذاً .
قلت : إن من خـُـلـُـق نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم أنه كان يُبادر بالسؤال قبل التعنيف .
قال : البيّـنة على ما تقول .
قلت : البينات أشهر من أن تذكر . وخذ على سبيل المثال .
ما ذكرته آنفا ( أصـــابتني جـنابـــــــــة ولا ماء ) .
قال : هل من توضيح ؟
قلت : على الرحب والسـّـعة . ولكن القصة طويلة ، وأقتصر فيها على الشاهد .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فلما صلى رأى رجلاً معتزلاً لم يُصَـلِّ في القوم ، فقال : يا فلان ! ما منعك أن تصلي في القوم ؟ فقال : يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء . قال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك . رواه البخاري ومسلم .
فلم يُبادر ذلك الرجل بالإنكار قبل الاستفسار .

وهاك مثالاً آخر :
صلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجته صلاة الصبح في مسجد الخيف في منى ، فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه ، فقال : عليّ بهما . فجئ بهما ترعد فرائصهما ، فقال : ما منعكما أن تصليا ؟ فقالا : يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا . قال : فلا تفعلا . إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم ، وهو حديث صحيح .

وتريد مثالاً ثالثاً ؟
قال : نستفيد .

لما بعث حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه رسالة إلى أهل مكة يُخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح مكة ، ما حملك على ما صنعت ؟ قال حاطب : والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم . أردت أن يكون لي عند القوم يَـدٌ يدفع الله بها عن أهلي ومالي ، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق ، ولا تقولوا له إلا خيرا . متفق عليه .

وخذ مثالاً رابعا :
لم يقتصر السؤال والاستفسار على أصحابه ، بل تعداهم إلى الأعداء الأباعد .
ومن ذلك : أن امرأة من اليهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة ، فأرسل إليها ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ قالت : أحببت أو أردت إن كنت نبيا ، فإن الله سيطلعك عليه ، وإن لم تكن نبيا أريح الناس منك . رواه البخاري ومسلم .

ثم كان هذا هدي أصحابه من بعده ، أي أنهم يستفسرون قبل أ، يُعاتبوا أحداً .

حـدّث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال : مررت بعثمان بن عفان رضي الله عنه في المسجد فسلّـمت عليه ، فملأ عينيه منى ثم لم يرد على السلام ، فأتيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ! هل حدث في الإسلام شيء ؟ مرتين . قال : لا . وما ذاك ؟ قال : قلت : لا . إلا أنى مررت بعثمان رضي الله عنه آنفا في المسجد فسلمت عليه ، فملأ عيينة منى ، ثم لم يرد علي السلام . فأرسل عمر رضي الله عنه إلى عثمان رضي الله عنه ، فدعاه ، فقال : ما منعك أن لا تكون رددت على أخيك السلام ؟ قال عثمان رضي الله عنه : ما فعلت . قال سعد : بلى . قال : حتى حلف ، وحلفت . قال : ثم إن عثمان رضي الله عنه ذكر ، فقال : بلى ، وأستغفر الله وأتوب إليه . إنك مررت بي آنفا وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشّى بصري وقلبي غشاوة . قال سعد : فأنا أنبئك بها : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة ، ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاتبعته فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ضربت بقدمي الأرض ، فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : من هذا ؟ أبو أسحق ؟ قلت : نعم يا رسول الله . قال : فـَـمَـهْ ؟ قال قلت : لا والله ، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك . قال : نعم دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له . رواه بطوله الإمام أحمد - رحمه الله – وهو حديث حسن .

وهذا مثال آخر من حياة أصحابه عليهم الرضوان ، من أنهم كانوا يستفسرون قبل المعاتبة .

استأذن أبو موسى رضي الله عنه على عمر رضي الله عنه ثلاثا ، فكأنه وجده مشغولا ، فرجع ، فقال عمر : ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ؟ ائذنوا له . فدُعي له ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : إنا كنا نؤمر بهذا . قال : لتقيمن على هذا بينة أو لأفعلن . فخرج فانطلق إلى مجلس من الأنصار . فقالوا : لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا . فقام أبو سعيد فقال : كنا نؤمر بهذا . فقال عمر : خفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . ألهاني عنه الصفق بالأسواق . متفق عليه .

ومثال ثالث رواه رواه الإمام مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انصرف من صلاة العصر ، فلقي رجلا لم يشهد العصر ، فقال عمر : ما حبسك عن صلاة العصر ؟ فذكر له عذراً ، فقال عمر : طـَـفـفـتَ .

ولست أريد استقصاء الأدلـة والأمثلـة ، ولكن في الإشارة عبارة
وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق .

وفي هذا كفاية وعظة وعبرة

قبل أن تلقي باللائمـة على أخيك أو تعنـِّـفه استفسر واسأل ، فربما كان له عذر وأنت لا تدري .
قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه : ولا تظنن بكلمة خرجت من امـرئ مسلم شرّاً ، وأنت تجد لـه في الخير محملا .
قال جعفر بن محمد : إذا بلغك عـن أخيك الشيء تنكره ، فالتمس لـه عذراً واحداً إلى سبعين عذراً ، فإن أصبته وإلاّ قـُـل : لعل له عذراً لا أعرفه
وقال محمـد بن سيرين : إذا بلغـك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً ، فإن لم تجد له عذراً فقل له عذر

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 10:28 PM
المشاركة 67

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
قـصّــات رجـالـيّــة !!

في مدينة ( الثقبة ) يوجد شارع فريد من نوعه !
هذا الشارع لم أرَ مثله ولا قبله ولا بعده
فترى بين كل مَطْعم ومَطعم مَطعماً !
وبين كل حلاّق وحلاّق حلاقـاً !
وبين كل مغسلة ثياب ومغسلة أخرى مغسلة !

ولم يكن هذا الذي لفت نظري وإنما الذي لفت نظري واستوقفني عبارة قرأتها على لافتة أحد الحلاّقين
تلكم العبارة هي ( قصّـات رجاليـّــة )
فتعجّبت وطال تعجبي

آالقصّـات تكون للرجال ؟!
هل استنوقت الِجمال ؟!

إن كلمة ( رجـل ) كلمة ذات معنى
إن كلمة ( رجـل ) كلمة لها روح

ولذا لم ترد في كتاب الله إلا في مواطن معدودة
ولا ترد إلا في أمر ذي بال
ولا يُقال ( رجـل ) إلا لمن استكمل صفات الرجولة
لا لمن تأنـّـث !
أو تشبّـه بالكفّـار
فالتّشبّه ضعف وتبعية مقيتة

تأمل معي – رعاك مولاك –
تأمل معي في آيات الكتاب العزيز

في قصة موسى مع قومه : ( قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )
وفي خبر النذير الذي جاء إلى موسى : ( وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ )

وفي قصة مؤمن آل فرعون : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ )

وفي قصة صاحب يس :
( وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ )
ومضى في موعظته لبني قومه :
( اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ )
حتى قيل له : ( ادْخُلِ الْجَنَّةَ )
فـ ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ )

وفي أصحاب محمد قال سبحانه : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا )

وفي شأن المؤمنين : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ )

هذه صفات الرجال في كتاب ربنا

وفي آيات المواريث ورد بلفظ ذَكـَــر
ليشمل الرجال وغير الرجال !
قال سبحانه : ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ )

وقال لوط لقومه : ( أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ )
فهؤلاء ذُكران وليسوا برجال !

فالرجولة مظهر ومَخْبر
والرجولة مطلب

ما هذه السّحنات ما هذه الملامح والصفات ؟!
ما كل هذا الصرح يُطفئ وهجه تلك السمات ؟!
هل أنت حبيب عيني أم دنا منه الممات ؟!

من قال تُغريني الخصور اللدن أو تلك المهاة ؟!
أو ذلك الطول الموسوق فيكم والنمنمات ؟!
أو تلكم النغمات في الأفواه أو تلك اللماة ؟!

أبحسن أوصاف الأنوثة فيكم تحلو الحياة ؟!
أم بالدَّلال الغض في الأطراف تسبون البنات ؟!
من قال إن الحب يورى أو بذا تُسبى الفتاة ؟!

لا يا حبيبي فالرجولة تلك عشقي في الأنام
ما ضيم فضل في حماها ، فالحمى سامي المقام
ما ذُلّ شخص في رباها أو شكا ظُلم الظلام

جودٌ ونبـلٌ والشهامـة في الخصــام
والصدق والقلب العفيف هما لها خير الزمام
وهي السماحة والإباء الحق في عُرف الهُمام
لم أدرِ هل خُلُقٌ هي .. أم أنها الرجل الإمام ؟
والحق تلك كلاهما شِيمٌ وأقـوام عِظـام
فالمرء وصفٌ .. والصفات معالم بين الأنام

فكن الرجولة تزدري أوصافُها كلَّ الحطام
وكن الرجال بفعلهم تخطو الدنا نحو الأمام
فالوجد عندي سيد يُسبي بسادات كرام
وهي الرجولة مطلبي بل مهر قلبي بالتمام
فلترتديها في فعالك .. في خصالك والكلام
ما بالحديث العذب تمهرني ولا عبث اللئام
بل بالرجولة حلية شاهت بعصر الإنهزام
عصر المذلة والخضوع المرّ .. عصر الانفصام
عصرٌ به شَكَتْ الرجولة جُلّ ألوان السّقام
فكن الرجولة ترتقي .. تسمو خُطاك على الدوام
تلك الرجولة عشق نفسي والغرام
وهي القيودُ لعذب نبضي .. إنها كل الكرام

( كانت تلك قصيدة بعنوان : تلك الرجولة مطلبي للأستاذة الفاضلة إنصاف بنت علي بخاري )
هذه أبيات للشاعر الدكتور أحمد فرح عقيلان رحمه الله :
أفدي الشباب الطامحين إلى العُلا = متسلحين بُطولة وصمودا
دَمِيَتْ على شوك العُلا أقدامهم = فَجَنى بها الوطن الحبيب ورودا
لهفي على ابن الأكرمين مُخنفسا = رخصاً يُسابق في الدَّلال الغِيدا
مُستَعبَد التفكير خلف عدوّه = كالقرد يقضي عمره تقليدا
بسوالفٍ وسلاسل وأظافر = يعصي الإله لكي يُطيع يهودا
الشَّعر مُنسدل على أكتافه = يتسلّح الأمشاط لا البارودا
والضَّيِّق الشفاف صوّر شكله = أنثى وصيّر عقله محودا
فالكعب عالٍ والقميص مُزخرف = وغداً ترى خالاً له ونهودا !!
إن كان يُكره للفتاة تبرّج = أنكون نحن المائسين قُدودا ؟
إضــــــــــــــاءة
روى الإمام وكيع بن الجرّاح في أخبار القضاة عن عطاء بن مسلم قال :
كنت عند ابن أبي ليلى ، فشهد رجل عنده بشهادة ، فقال : اكتبوا شهادته ، ثم نظر إلى شعره مُصففاً على جبينه ، فقال : تُصفف شعرك ؟ ردّوا شهادته ! فقال : إن لي عُذراً ، فقال : وما عُذرك ؟ قال : إن برأسي شجاج ، فأنا أُفاديها بهذا الشعر . قال : لا بأس اكتبوا شهادته ، ثم نظر فإذا أظفاره فيها آثار الحناء ، فقال له : تخضب يدك بالحناء ؟ ردّوا شهادته ! فقال : إن لي عُذراً ، قال : وما هو ؟ قال : إن لي أباً شيخاً فأنا أخضبه . قال : لا بأس اكتبوا شهادته ، ثم ولّـى ، فنظر في قفاه فإذا هو يجـرّ ثوبه ، فقال له : تجـرّ ثوبك ؟ ردّوا شهادته ! فقال : إن لي عُذراً ، قال : وما عُذرك ؟ قال : إنا ثلاثة إخوة في حالنا بعض الضعف ، وإنا قطعنا هذا القميص على أوسطنا يتجمّل به إذا خرج ، وإني إذا لبسته أنا أجـرّه . قال : لا بأس اكتبوا شهادته .

مُعاناة لقبول شهادة شاهد ، فكيف لإثبات الرجولة ؟؟؟
ونقول إن الرجولة مطلب لأمة الإسلام أجمـع
تُريد الأمة اليوم رجالاً كأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
فـ
كُـن كالصحابة في زهـدٍ وفي ورع = القوم هُـم ما لهم في الناس أشباهُ
عبّـاد ليل إذا جـنّ الظلام بـهم = كم عابدٍ دمعه في الخـدّ أجـراه
وأُسدُ غاب إذا نادى الجهاد بـهم = هبُّـوا إلى الموت يستجدون رؤياه
يا رب فابعث لنا من مثلهم نفـراً = يُشيّدون لنـا مجـداً أضعـناه

يا رب .

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 10:32 PM
المشاركة 68

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
عـقـول للبيع أو للتأجير ... لعـدم التّفـرّغ !!

ليست العقول سلعة تُعرض لتباع أو تؤجر ، كما أنها ليست مواداً تموينية تنتهي صلاحيتها !!

بل هي أسمى من ذلك ولذا خاطب الله العقل – كثيراً – في القرآن الكريم .

فيكون الخطاب للثناء على أصحاب العقول الذين يُعمِلون عقولهم ويتدبّرون فيما حولهم
ولذا ورد في غير موضع من كتاب الله بعد ذِكر الآيات الكونية ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )

ويكون أحياناً لبيان أن أصحاب العقول هم الذين ينتفعون بالآيات والنذر ، كما في قوله تعالى : ( وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )

وإما نعيّ على العقول التي لا تتدبّر
( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا )

وإما توبيخ للعقول التي قد غُلّقت وغُلّفت ، فهي تقتفي آثار آباء لا يعقلون
( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ) ؟
وإما وصف للكفار بقلّة العقل
( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ )
أو تشبيه لهم بالعجماوات التي لا تعقل
( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً )

والعقل نوعان :
غريزي ومكتسب
وجرى الخلاف : هل العقل في القلب أو في الرأس ؟
وسبب الخلاف التباين في فهم ( قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا )
وفصل ابن القيم – رحمه الله – بين الفريقين ، فقال :
الصواب أن مبدأه ومنشأه من القلب ، وفروعه وثمرته في الرأس . اهـ .

غير أن هناك من الناس من يعرض عقله للبيع أو للتأجير !!!
فيُلغي عقله تماماً ، أو يُعطِّله تعطيلا جُزئياً !

ومن خلال قصة إبراهيم الخليل مع قومه يبدو إلغاء العقول واضحاً جليّاً
فهاهو خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يُحرّك عقولهم ، ويستثير فيها صفة التفكير والتّدبّر مرة بعد أخرى ، فما تزداد عقولهم إلا إغلاقـا !
هدم أصنامهم وتركها حُطاماً ، وأبقى لهم صنماً واحداً ليُقيم عليهم به الحجة
فلما رجعوا إذا بآلهتهم مُحطّمة !
( قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ )
فقال بعضهم بنظرة احتقار ( سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيم ُ )
فكان لا بُـدّ من حماية الآلهة ! ولا بُـدّ من إحضار المُتّهم على أعين الناس ، فأُحضِر وسُئل :
( أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ) ؟؟
فأراد أن يُنعش عقولهم ، فقال : ( فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ )
فكأن عقولهم أرادت أن تتحرّك أو تُـفـكـّر
( فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ )
ولكن تلك العقول سُرعان ما عادت إلى غيّها ، وعلاها الصدأ الذي كانت تتمتّع به
فـ ( نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ )
وردّوا ببلاهـة ( لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ )
وجرى بينهم وبينه الحوار مرة أخرى لتحريك تلك العقول ( أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ) أين يُذهب بكم ( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ؟؟
ولكن تلك العقول ما زالت سادرة في غيّها تُريد أن تنتصر لآلهة مُحطّمة مُكسّرة !!
( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ )
ولكن الله حافظ أوليائه ( وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ )

ومرّات ومرّات جادلهم في ما يعبدون
ونظر في أعظم المخلوقات والأجرام السماوية ، فزعم عِبادة الكوكب ، لكنه كوكب يغيب ويأفل وهو لا يُحب الآفلين ، إذ من صفات الإله الذي يُعبد ويُلجأ إليه ويُستعان به أنه حيّ لا يموت يملك الضر والنفع

ومن ذلك إلغاء بعض الناس لعقولهم أمام شيوخهم أو كبرائهم حجتهم في ذلك : لستَ أعلم منهم !
أو معهم الدليل !
أو هم أدرى !
أو هم أعلم !

وتلك حجج داحضة عند الله

فلا يُعذر الشخص بإلغاء عقله ، ولا بتأجيره ! ولا بعرضه للتقبيل !
بل وهبك الله عقلا لترى الحق من خلاله
وهبك عقلاً وميّزك به لتبصر أنوار الحقائق

وإنك لترى عجبا من بعض الناس اليوم
فتقول له هذا قول سيد ولد آدم الذي تجب طاعته مطلقاً
فيقول : مذهبي كذا !
أو شيخي قال كذا !

وما علم أنه بذلك يردّ على سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام

ويردّ قوله

وهو على خطر عظيم

أما سمع قول مولاه سبحانه - وهو يُحذّر عباده - : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
أي من يُخالفون أمره عليه الصلاة والسلام

وقوله سبحانه : ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا )

أليس من مشاقّـة للرسول صلى الله عليه وسلم تقديم قول غيره على قوله ؟

وأشد خطرا وأعظم جُرماً حينما يُقال : دع الدِّين جانباً ! واحكّم عقلك
أو دع الدِّين جانياً ولنحتكم إلى العادات والأعراف القبلية

فهؤلاء على خطر عظيم

وهؤلاء عقولهم مغلقة لا للتحسينات ، بل لعدم الصلاحية

وأصحاب العقول في راحة !

تذكير :
أما إني لا أدعو لنبذ المذاهب المتبعة ، ولا أدعو لردّ فتاوى العلماء وأقوالهم ، فالعلماء لهم فضل علينا بعد فضل ربنا ، ولكني أدعو لتعظيم سنة النبي المصطفى والرسول المجتبى عليه صلوات ربنا

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين
وعلى أزواجه أمهات المؤمنين .
والله سبحانه وتعالى أعلم .

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 10:36 PM
المشاركة 69

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
ما الذي رفـع قَـدرهـم ؟

أولئك أقوام لا قيمة لهم في موازين الجاهلية
حتى كان أحد صناديد الجاهلية يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إن سرّك أن نتبعك فاطرد عنك فلانا وفلانا ، ناسا من ضعفاء المسلمين .
فجاء الأمر من فوق سبع سماوات : ( وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )

كان هذا في مكة قبل الهجرة
وما زاد بعد ذلك إلا شدّة

قال ابن القيم رحمه الله :
وعلا كعب بلال فوق الكعبة بعد أن كان يُجرّ في الرمضاء على جمر الفتنة ، فنشر بَـزّاً طُوي عن القوم من يوم قوله : أحد أحد ، ورفع صوته بالأذان فأجابته القبائل من كل ناحية ، فاقبلوا يؤمون الصوت ، فدخلوا في دين الله أفواجا .

إنني سوف أتحدّث عن رجال أفذاذ الواحد منهم بألف
وواحد كالألف إن أمر عنى

وربما كانوا رجالاً لا قيمة لهم في موازين الجاهلية والجاهلين

ولكنهم انفردوا بالصدارة زمناً ، وبقي ذكرهم أزماناً

حتى كان بعض الخلفاء يتمنى أنه مكان ذلك العالم

لما ابتنى معاوية بالأبطَح مجلسا جلس عليه ومعه ابنه قُرَظَة ، فإذا هو بجماعة على رحال لهم ، وإذا شاب منهم قد رفع عقيرته يتغنى :
من يساجلني يساجل ماجداً *** يملأ الدلو إلى عقد الكُرب
قال : من هذا ؟ قالوا : عبدالله بن جعفر ، قال : خلُّوا لـه الطريق ، ثم إذا هو بجماعة فيهم غلام يتغنى :
بينمـا يذكـرنني أبصـرنني *** عند قِيد الميل يسعى بي الأغر
قلن تعرفن الفتى ؟ قلن : نعم *** قد عرفناه وهل يخفى القمـر
قال : من هذا ؟ قالوا : عمر بن أبي ربيعة ، قال : خلُّوا لـه الطريق فليذهب .
قال : ثم إذا هو بجماعة وإذا فيهم رجل يُسأل ، فيقال لـه : رميت قبل أن أحلق ؟ وحلقت قبل أن أرمي ؟ في أشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج ، فقال : من هذا ؟ قالوا : عبد الله بنُ عمر ، فالتَفَتَ إلى ابنه قُرَظَة وقال : هذا الشرف . هذا والله شرف الدنيا والآخرة .

هكذا يُثير معاوية في ابنه ما يُثير
ويُربي فيه ما يُربي
من حُبّ العلم ، ورفعة أهله
حتى حلف له : إن هذا لهو الشرف !
وكأنه يُشير إليه من طرف خفي : ليس فيما فيه أبوك !

وهذا خليفة آخر يُشير بتلك الإشارة
قال إبراهيم الحربي كان عطاء ابن أبي رباح عبداً اسود لامرأة من مكة ، وكان أنفه كأنه باقلاّء ! فجاء سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين إلى عطاء هو وابْـنَـاهُ ، فجلسوا إليه وهو يصلي ، فلما صلى انفتل إليهم ، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج ، وقد حول قفاه إليهم ، ثم قال سليمان لابْنَيه : قوما ، فقاما ، فقال : يا بَنيّ ! لا تَـنِـيا في طلب العلم ، فإني لا أنسى ذلّـنا بين يدي هذا العبد الأسود !

إن الذي رفعه هو العلم

قال أبو العالية : كنت آتي ابن عباس وهو على سريره وحوله قريش ، فيأخذ بيدي فيجلسني معه على السرير ، فتغامز بي قريش ، ففطن لهم ابن عباس فقال : كذا هذا العلم ، يزيد الشريف شرفا ، ويجلس المملوك على الأسرّة !

وذاك مولى ! رفعه القرآن وعلم الكتاب والسنة
روى مسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يستعمل نافع بن عبد الحارث على مكة فَلَقِيَه عمر بعسفان فقال : من استعملت على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أبزى . قال : ومَنْ ابن أبزى ؟! قال : مولى من موالينا ! قال : فاستخلفت عليهم مولى ؟ قال : إنه قارئ لكتاب الله عـز وجل ، وإنه عالـم بالفرائض . قال : عمر أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ، ويضع به آخرين .

وهذا عالم آخر وعَلَم فـذّ أصله مولى !
نعم أبوه كان عبداً يُباع ويُشترى !

ولكنه علا وارتفع بالعلم النافع ، علم الكتاب والسنة

لما قَدِم هارون الرشيد الرَّقة انجفل الناس خَلْفَ عبد الله بنِ المبارك و تقطعت النعال و ارتفعت الغَبَرَة ، فأشرفت أمُّ ولدِ أمير المؤمنين من برجٍ من قصر الخشب فلما رأت الناس قالت : ما هذا ؟ قالوا : عالمٌ من أهل خراسان قدم الرَّقة يُقال لـه عبدُ الله بنُ المبارك ، فقالت : هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان . رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد .

ذلكم هو العالم المجاهد البطل الذي لا يُشقّ له غبار ، والعالم الذي فاق الأقران ، هو عبد الله بن المبارك رحمه الله

وذاك علم آخر من أعلام الإسلام ، وإمام من أئمة التابعين
وهو مولى !
لكنه سيّـد من سادات التابعين ، سـاد بالعلم النافع

ذلكم هو الإمام محمد بن سيرين رحمه الله
فمن الذي لا يعرف ابن سيرين رحمه الله ؟
( ولعله يُفرد له ترجمة في مشكاة أعلام النبلاء )

وهذا عالم تولى القضاء بمكة عشرين سنة ، وكانت تهابه الخصوم .
ذلكم هو : محمد بن عبد الرحمن الأوقص عُنقُه داخل في بدنه ، وكان منكباه خارجين كأنهما زُجّـان فقالت أمه : يا بني لا تكون في مجلس قوم إلا كنت المضحوك منه المسخور به ، فعليك بطلب العلم ، فإنه يرفعك ، فولى قضاء مكة عشرين سنة ، وكان الخصم إذا جلس إليه بين يديه يرعد حتى يقوم قال : ومرت به امرأة وهو يقول : اللهم اعتق رقبتي من النار فقالت له : يا ابن أخي وأيّ رقبة لك ؟!

فبأي شيء ارتفع هؤلاء ؟

إنما رفع الله قدرهم ، وأعلى ذِكرهم ، بالعِلم النافع
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )

العلم الذي يُورث الخشية
( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )

العِلم الذي لا يكون مقصوراً ولا محصوراً
بل هم علماء عامّـة
يُعلّمون الناس ، ويُخالطون الناس ، ويصبرون على أذاهم

" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم "

وأختم بكلمة إمام أهل السنة يوم قال لأهل البدع :
قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز !

فكم شهِد جنازة ذلك العالم الرباني ؟
على أقل تقدير !
قال فتح بن الحجاج : سمعت في دار الأمير أبي محمد عبد الله بن طاهر أن الأمير بعث عشرين رجلا فحزروا كم صلى على أحمد بن حنبل ؟ قال : فحزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفا ، وقال غيره وثلاث مائة ألف سوى من كان في السفن في الماء .

ذلكم هو الشرف !
ذلكم هو العِلم

وكـفـى .

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 10:50 PM
المشاركة 70

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
أحمي سمعي وبصري

هذا منطق امرأة عاقلة ، تعلم علم يقين أنها مسؤولة عما تقول ، محاسبة عليه ، مَجزيّـة به .
قالت عائشة رضي الله عنها : سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش عن آمري : ما علمت ؟ أو ما رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا . قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فعصمها الله بالورع . رواه البخاري ومسلم .
ومعنى تُساميني : تعاليني من السمو ، وهو العلو والارتفاع ، أي تطلب من العلو والرفعة والحظوة عند النبي صلى الله عليه وسلم ما أطلب ، أو تعتقد أن الذي لها عنده مثل الذي لي عنده . قاله ابن حجر .

هذه جارة أو ضرّة ، وعادة الضرائر الكيد ، إذ أن عائشة رضي الله عنها وزينب بنت جحش رضي الله عنها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وما استغلت قضية التنافس لإسقاط جارتها ، والإضرار بضرّتها.
ومع ذلك قالت هذه المقولة العظيمة بكل تجرّد وإنصاف : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا .
من التي تستطيع مثل تلك المقولة ؟
ومن التي تحمي سمعها وبصرها ؟

وتلك الجارية عاقلة سُئلت عن مثل ذلك ، فَحَمَتْ سمعها وبصرها
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ، فقال : يا بريرة هل رأيت فيها شيئا يريبك ؟ فقالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق ، إن رأيت منها أمراً أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن العجين ، فتأتي الداجن فتأكله ! رواه البخاري ومسلم .

وتلك أم أيوب رضي الله عنها ألمحت لأبي أيوب رضي الله عنه حول ما يدور ، فقالت لأبي أيوب : ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال : بلى ، وذلك الكذب . أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك ؟ قالت : لا والله ! قال : فعائشة والله خير منك . فلما نزل القرآن وذكر أهل الإفك قال الله عز وجل ( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ) ذكره ابن كثير .

إن حماية السمع والبصر مطلب ضروري ، خاصة أمام أعراض عباد الله .
ولذا قال عز وجل : ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )
وقال عليه الصلاة والسلام : ومن قال في مؤمن ما ليس فيه ، أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

فأعراض عباد الله مرتعها وخيم .

فالمسلمة في فسحة من أمرها وفي سعة ما لم تقول أو تتكلم ، فإذا تكلمت أو قالت أُخذت وحُوسبت على مقالتها .
قال عليه الصلاة والسلام : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل أو تتكلم . رواه البخاري ومسلم .
فإذا تكلّم أو عمِل جرى عليه القلم ، ومن ثمّ يُحاسب على ما قال .

إن بعض النساء ربما جلست في المجلس الواحد فتناولت عشرات الأعراض ، وربما اتهمت بريئة في عرضها ، أو حَكَمَتْ على مظلومة بأنها ظالمة ، وهكذا في سلسلة يطول سردها .
فمن أين لها الخلاص والنجاة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
إنها لو تركت أعراض عباد الله لما سُئلت : لِـمَ تركت فلانة ولم تتكلّمي فيها ؟
لكنها إذا تكلّمت سُئِلت .
فإن كان ما قالته باطلاً فكيف تخرج منه ؟
إن تلك الكلمات ربما كانت سببا في إشاعة الفساد في المجتمع المسلم .
ولذا لما حذّر الله المؤمنين من الوقوع في أعراض المؤمنين والمؤمنات قال :
( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
ثم قال سبحانه وتعالى بعد ذلك مباشرة :
( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ )
ليُعلم أن القول والكلام ربما كان سببا في إشاعة الفاحشة وانتشار الفساد في المجتمع المسلم .
وربما كان التطاول على الأعراض سببا في هلاك القائل ومن قيل فيه .
وربما كانت سببا في فساد دنيا المتكلِّم إذا بلغ ذلك الكلام من قيل فيه ، وكان مظلوماً فدعا على ظالمه ، ومن أشاع ضدّه ذلك القول .
كما هنا :
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/140.htm
وليس هذا في عالم النساء فحسب بل حتى في عالم الرجال .
فهذا معاذ بن جبل رضي الله عنه يذبّ عن عرض أخيه المسلم .
قال كعب بن مالك رضي الله عنه : ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك : ما فعل كعب ؟ فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله حبسه برداه ، ونظره في عطفيه . فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت ! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا . فسكت رسول الله . رواه البخاري ومسلم .

فهل نحمي أسماعنا وأبصارنا أن نقول في مؤمن أو مؤمنة ما ليس فيهما ؟

إننا بحاجة لمنطق زينب بنت جحش رضي الله عنها : أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا .
ولمنطق معاذ رضي الله عنه : ما علمنا عليه إلا خيرا .

فهل نُحسن الظن بإخواننا وأخواتنا ؟؟؟

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 11:35 PM
المشاركة 71

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت ؟

هذا مقياس لمعرفة الإحسـان من الإسـاءة
وهذا معيار لمعرفة ما إذا أحسنت أو ما إذا أسأت

وهذا المقياس وذلك المعيار جعله من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم
فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم فقال : كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت ؟
قال : إذا سمعتَ جيرانك يقولون أن قد أحسنت ، فقد أحسنت ، وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت ، فقد أسأت . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .

قال عمر :
إذا كان في المرء ثلاث خصال فلا يُشك في صلاحه : إذا حمده ذو قرابته ، وجاره ، ورفيقه .

ولذا لما شهد رجل عند عمر رضي الله عنه بشهادة قال له عمر : لست أعرفك ولا يضرك أن لا أعرفك ، ائت بمن يعرفك .
فقال رجل من القوم : أنا أعرفه .
قال : بأي شيء تعرفه ؟
قال : بالعدالة والفضل .
فقال : فهو جارك الأدنى الذي تعرفه ليله ونهاره ، ومدخله ومخرجه ؟
قال : لا .
قال : فمعاملك بالدينار والدرهم ، اللذين بهما يستدل على الورع ؟
قال : لا .
قال : فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق ؟
قال : لا .
قال : لست تعرفه ، ثم قال للرجل : ائت بمن يعرفك . رواه البيهقي في الكبرى .

والإحسان إلى الجيران وصية رب العالمين
قال سبحانه وتعالى : ( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا )

تأمل هذه الآية
فبالرغم من قصرها فلا تتعدّى ثلاثة أسطر إلا أنها اشتملت على الوصية بعشرة حقوق .
ولذا يُسمّيها العلماء :
آية الحقوق العشرة
.
فالجيران ثلاثة :
جار مسلم قريب ، وله ثلاثة حقوق : حق الإسلام ، وحق الجوار ، وحق القرابة .
وجار مسلم ، فله حقّان : حق الإسلام ، وحق الجوار .
وجار كافر ، فله حق واحد ، وهو حق الجوار .
فيجب أن تُحسن جوار من جاورك أياً كان .

قال ابن جرير رحمه الله :
فأوصى ربنا جل جلاله بجميع هؤلاء عباده إحسانا إليهم ، وأمر خلقه بالمحافظة على وصيته فيهم ، فحقٌّ على عباده حفظ وصية الله فيهم ، ثم حفظ وصية رسوله . انتهى .

وقال صلى الله عليه وسلم : ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه . رواه البخاري ومسلم .

بل إن كفّ الأذى عن الجيران علامة على صحة الإيمان وصدقه .
قال صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره . رواه البخاري ومسلم .
وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على أن من لا يأمن جاره غدراته وفجراته أنه لا يؤمن .
فقال عليه الصلاة والسلام : والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن . قيل : ومن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه . رواه البخاري .
وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه .

ولا يكفي أن يُكفّ الأذى عن الجار بل يُبدأ بالإحسان ويُحسن إليه .

هذه أسماءُ بنت أبي بكر تقول : تَزَوّجَني الزّبَير وما لـه في الأرضِ مِنْ مالٍ ولا مَمْلوكٍ ولا شيءٍ غيرَ ناضحٍ وغير فَرَسِهِ ، فكنتُ أعلِفُ فرسَهُ وأستقي الماءَ وأخرِزُ غَربَهُ وأعجِن ، ولم أكن أُحسِنُ أخبزُ ، وكان يَخبزُ جاراتٌ لي من الأنصار ، وكن نِسوَةَ صِدق . رواه البخاري ومسلم .

وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه أبا ذر فقال : يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك . رواه مسلم .
وفي رواية له عن أبي ذر رضي الله عنه قال : إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ، ثم أنظر أهل بيت من جيرانك ، فأصبهم منها بمعروف .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة . رواه البخاري ومسلم .
والفِرْسَن : ما فوق الحافر .

وقالت عائشة رضي الله عنها : قلت : يا رسول الله إن لي جارين ، فإلى أيهما أُهدي ؟ قال : إلى أقربهما منك بابا . رواه البخاري .

وقد عظّـم النبي صلى الله عليه وسلم حق الجار حتى قَـرَنـَـه بالشرك بالله .
ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال : أن تجعل لله نداً ، وهو خلقك . قلت : إن ذلك لعظيم . قلت : ثم أي ؟ قال : وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك . قلت : ثم أي ؟ قال : أن تُزاني حليلة جارك . قال : ونزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ )

ومما يدلّ على تعظيم حق الجار قوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه يوماً : ما تقولون في الزنا ؟ قالوا : حرمه الله ورسوله ، فهو حرام إلى يوم القيامة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره . فقال : ما تقولون في السرقة ؟ قالوا : حرمها الله ورسوله ، فهي حرام . قال : لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره . رواه الإمام أحمد .

وما ذلك إلا لأن الجار أدرى بمدخل جاره ومخرجه ، وألصق به ، بل ربما اطلع على عوراته ، وهو مأمور مع ذلك أن يُحسن إليه ، ويتعاهده لا أنه يتلمّس عثراته .

وإذا بلغت إساءة المسلم جاره دلّ على إساءته ، واستحق لعنة الخلق .

ولذا لما جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : يا رسول الله إن لي جارا يؤذيني ، فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق ، فانطلق فأخرج متاعه ، فاجتمع الناس عليه فقالوا : ما شأنك ؟ قال : لي جار يؤذيني ، فذكرت للنبي صلى الله عليه على آله وسلم فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق ، فجعلوا يقولون : اللهم العنه ، اللهم أخـزه ، فبلغه فأتاه فقال : ارجع إلى منـزلك فو الله لا أؤذيك . رواه الحاكم في المستدرك والبخاري في الأدب المفرد . وهو حديث صحيح .

وربما حبِط عمل المسلم أو المسلمة بسبب أذيته لجيرانه .
فقد قيل للنبي صلى الله عليه على آله وسلم : يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل ، وتصوم النهار ، وتفعل ، وتصّدّق ، وتؤذي جيرانـها بلسانـها ، فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : لا خير فيها هي من أهل النار . قيل : وفلانة تصلى المكتوبة وتصّدق بأثوار ولا تؤذي أحداً ، فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : هي من أهل الجنة . رواه الحاكم في المستدرك والبخاري في الأدب المفرد . وهو حديث صحيح .

وجار السوء مما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتّعوذ بالله منه
قال عليه الصلاة والسلام : تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام ، فإن جار البادي يتحول عنك . رواه النسائي .

وتعاهد حُرمات الجيران ومعرفة حقوقهم كان من الأخلاق التي لم تندرس عند أهل الجاهلية الأولى .
قال أبو حازم :
بيننا وبينكم أخلاق الجاهلية . أوَ لم يقل شاعرهم :
ناري ونار الجار واحدة = واليد قبلي تنزل القدر
ما ضر لي جارا أجاوره = أن لا يكون لبابه ستر
أعمى إذا ما جارتي برزت = حتى يواري جارتي الخدر

والقائل هو حاتم الطائي ، وهو القائل أيضا :
ولا تشتكيني جارتي غير أنها = إذا غاب عنها بعلها لا أزورها
سيبلغها خيري ويرجع بعلها = إليها ولم تقصر عليها ستورها

ويقول حاتم الطائي :
إذا ما بت أختل عرس جاري = ليخفيني الظلام فلا خفيت
أأفضح جارتي وأخون جاري = فلا والله أفعل ما حييت

بل إن عنترة – الشاعر الجاهلي – يقول :
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي
= حتى يواري جارتي مأواها

فهذه نماذج لحسن تعامل أهل الجاهلية مع جيرانهم

فهل يكون أهل الجاهلية خير مِنـّـا في هذا الجانب ؟؟؟

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 11:42 PM
المشاركة 72

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
لماذا أدخل أصبعه في جحر العقرب ؟!

هذا أحد العلماء ، وهو كَهْمَس بن الحسن الحنفي البصري .
قال عنه الذهبي : من كبار الثقات
وكان رحمه الله بـرّاً بأمه ، فلما ماتت حج ، وأقام بمكة حتى مات .
فماذا بلغ من بِـرِّه ؟
قيل : إنه أراد قتل عقرب فدخلت في جحر ، فأدخل أصابعه خلفها فضربته ، فقيل له . قال : خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي تلدغها !

تلقّى لسعة العقرب بدلاً من أمـه !

إن بر الوالدين من الأعمال الصالحة التي يُتقرّب بها إلى الله
كما في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار ، والقصة في الصحيحين ، وفيها :
فقال واحد منهم : اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبنِ غنم لي فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع ، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي ، فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنَّا لشربتهما - أي يضعفا - فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء .

وإن بر الوالدين مما يبلغ معه العبد المنزلة العالية عند الله
بل يبلغ منزلة عند الله بحيث لو أقسم على الله لأبرّ الله قسمه

كما في قصة أويس القرني ، حيث قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم :
يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبَرَأ منه إلا موضعَ درهم له والدةٌ هو بـها بـرٌّ ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل . رواه مسلم .
وكان قال ذلك لعمر رضي الله عنه .
وفي رواية لمسلم : إن خير التابعين رجل يقال لـه أويس ، وله والدة ، وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم .

وإن بـرّ الأمهات يبلغ بصاحبه الدرجات العُلى

روى البخاري من حديث أنس بن مالك أن الرُّبيِّع بنت النضر - عمة أنس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة ؟ - وكان قتل يوم بدر أصابه سهم - فإن كان في الجنة صبرتُ ، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء قال : يا أم حارثة إنـها جنان في الجنة ، وإن ابنك أصاب الفـردوس الأعلى .
هو حارثة بن النعمان – رضي الله عنه – ويُقال حارثة بن سراقة ، وترجم الحافظ ابن حجر في الإصابة لاثنين ، بينما رجّح في الفتح أنه واحد .
هذا الرجل أوصلَه بـرُّه إلى الجنة .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينا أنا أدور في الجنة سمعت صوت قارئ فقلت من هذا ؟ فقالوا : حارثة بن النعمان . قال : كذلكم البر . كذلكم البر . قال : وكان أبـرَّ الناس بأمِّـه . رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين . وهو كما قال .

فما هو البر ؟

سُئل الحسن ما برّ الوالدين ؟
قال : أن تبذل لهما ما ملكت ، وأن تطيعهما في ما أمراك به إلا أن تكون معصية . رواه عبد الرزاق في المصنف .

من أجل هذه الفضائل المجتمعة في بر الوالدين حرص السلف على البر بآبائهم

فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يبـرّ ابن صاحب أبيه بعد موت أبيه .
فعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروّح عليه إذا مـلّ ركوب الراحلة وعمامةٌ يشد بـها رأسه ، فبينا هو يوما على ذلك الحمار إذ مرّ به أعرابي ، فقال : ألست ابن فلان بن فلان قال : بلى فأعطاه الحمار وقال : اركب هذا ،والعمامة أُشدد بـها رأسك ، فقال له بعض أصحابه : غفر الله لك أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروّح عليه ، وعمامةً كنت تشدُّ بـها رأسك ، فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولِّي ، وإن أباه كان صديقا لعمر رضي الله عنه . رواه مسلم .

وكان أبو هريرة رضي الله عنه من أبـرّ الناس بأمه

ومن أجل ذلك بكى الشعراء أمهاتهم

بكى الشعراء آبائهم لِمَا كانوا يرجون من بِرِّهم والإحسانِ إليهم ، ومن أجمل من رثى وبكى والديه الشاعر عمر بـهاء الدين الأميري ، وما قالَه في والدَيْه :

أبتي وأمي موئلي ومَنـاري= بكما اعتزازي في الورى وفَخَاري
يا شعلتين منيرتين أضـاءتا = قلبي الفَتِيَّ بأبـهجِ الأنــوارِ
يا مقلتينِ من الكرى قد فَرّتا = سهراً عليّ مخافـةَ الأكــدار
ما كنت أحسَبُ قبل تـركِ = حِماكُما أني أحبُّكما بذا المقـدار

وقال في شأن أمِّه :
أنتِ التي داريتِني فَنَمَوتُ في = أحضان عطفِكِ خاليَ الأكدار
أنتِ التي أنشدتِني لحنَ الوفا = وسهرتِ من أجلي إلى الأسحار
أنتِ التي قبّلتِني وبَسَمتِ لي = وضممتِني وأنا الصغير العاري
أنت التي لقَّنتِني آي الهدى = والحبَّ والإحسانِ واسمَ الباري
أرشدتِنِي ونصحتِني ومنعتِني = وعدلتِ بي عن منهج الأشرار
ولما ماتتْ أمُّه بكاها ورثاها ، فلامُه بعضُ أصحابه ، فقال :
يا صحبُ لا تعذلوني في البكاء وقدْ = فقدتُ أمي ، فقلبي ليس من حجرِ
قلبي قـد انتزعت منه حشاشتُـه = في فجأةٍ ، والردى لونٌ من القدرِ
ودّعتُها قبل شهـرٍ في ارتقابِ غدِ = اللقيا وعِشنا معاً بالروحِ في سفري
وعدتُ في لهفةٍ حرّى لأصحبَهـا = فما لها لا تُناديني : هلا عُمـري
ولا تمـدُّ يـداً نحـوي تُعانِقني = ولا تُساءل عما جـدَّ من خَبري
وقد حرّم الله أقل ما يكون من العقوق ، وهو كلمة " أف " الموحية بالتّضجّر ، المشعرة بالتذمّر

قال سبحانه وتعالى :
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا )
ثم أمر ببرهما والإحسان إليهما فقال :
( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )
قال مجاهد في قوله تعالى :
( فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ ) قال : إذا بلغا من الكبر ما كان يليان منك في الصغر فلا تقل لهما أف . رواه ابن أبي شيبة .
وقال : حين ترى الأذى وتميط عنهما الخلاء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيرا ولا تؤذهما .

وقال ابن كثير - رحمه الله - : يقول تعالى آمرا عباده بالإحسان إلى الوالدين بعد الحث على التمسك بتوحيده ، فإن الوالدين هما سبب وجود الإنسان ، ولهما عليه غاية الإحسان ، فالوالد بالإنفاق والوالدة بالإشفاق . انتهى .

وأمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا مشركين
قال تبارك وتعالى :
( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا )
قال القرطبي في التفسير : نزلت في سعد بن أبي وقاص فيما روى الترمذي قال : أنزلت فيّ أربعُ آيات فذكر قصة ، فقالت أم سعد : أليس قد أمر الله بالبر ؟ والله لا أطعم طعاما ، ولا أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر . قال فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها .
وروي عن سعد أنه قال : كنت بارّاً بأمي فأسْلَمْتُ ، فقالت : لتدعنّ دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي ، ويقال يا قاتل أمه ! وبَقِيَتْ يوما ويوما ، فقلت : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفساً ما تركت ديني هذا فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي ، فلما رأت ذلك أكلت .

فلا طاعة للوالدين في المعصية .
قال الحسن إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها . علّقه البخاري .

وقال سبحانه وبحمده :
( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )

فتأمل الأمر بالإحسان إلى الوالدين ، وإن كانا على الشرك بل وإن كانا يدعوان ابنهما إلى الشّرك
فالإحسان مطلوب وإن كانا على الشرك
قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : إن أمي قدمت وهي راغبة ، أفأصِل أمي ؟ قال : نعم ، صِلي أمك . رواه البخاري ومسلم .

ومن هنا ينبغي التنبّه إلى أمر يقع فيه بعض الصالحين أو الصالحات
وهو الغلظة والجفاء في حق الوالدين أو أحدهما إذا كان لديه منكرات أو مُخالفات
وحُجّتهم في ذلك أنه يُنكر المنكر ، وأنه يُغلظ عليه لأجل ما وقع في من مُنكر
فأقول :
إيهما أعظم المنكرات والمخالفات والمعاصي أو الشرك بالله عز وجل ؟

ونحن أُمِرنا أن نُحسن إلى والدينا وإن كان منهما ما كان

ماذا لو تالفت قلب والدك ببرِّه والإحسان إليه ؟
ماذا لو تالّفت قلبه بهدية ؟
ماذا لو تألفت قلب والدتك بعمرة ؟
أو بهدية
أو بزيارة

أليس أولى ؟
أليس أسرع الطرق إلى القلوب هو الإحسان ؟

هل أنت تُريد أن تنتصر لنفسك ؟
أم أنك تُريد الهداية لهما وزوال المنكر ؟

إن أولى الناس بحسن الصحبة وطيب المعاشرة هي الأم لما لها من حق عظيم ، ثم الأب
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
قال : أمك .
قال : ثم من ؟
قال : ثم أمك .
قال : ثم من ؟
قال : ثم أمك ؟
قال : ثم من ؟
قال : ثم أبوك .

كما في الصحيحين
.


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 11:52 PM
المشاركة 73

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
ألا تُجاهـد ؟

تتوق نفوس للجهاد في سبيل الله ، وتطير شوقاً إليه ، ، فتـعلّقت بالثريا ، وهي تمشي على الثرى ، ولكنها رامَتْ عسيرا ، وتمـنّت عزيزاً .
تحرّقوا على وضع أمّـتـهم ، غير أنهم اكتفوا من الغَنيمة بالغُنَيمة !
فماذا صنع أصحابها ؟
قعدوا خلف الصفوف ، فلا هُم بالذين بلغوا مُناهم ، ولا هم بالذين مشوا مع القافلة ، أو ساروا مع الرّكب .

تركوا أبواب الجهاد المشرعة أمامهم ، ونظروا إلى أبواب لا سبيل إلى الوصول إليها

تناسوا مراتب الجهاد ، التي ذكرها ابن القيم في الزّاد

ف
للجهاد ثلاث عشرة
مرتبة ذكرها ابن القيم ، فقال :

الجهاد أربع مراتب :

جهاد النفس ، وجهاد الشيطان ، وجهاد الكفار ، وجهاد المنافقين .

ثم قال :

فجهاد النفس أربع مراتب :

إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به، ومتى فاتها علمه شَقِيتْ في الدارين .

الثانية :
أن يجاهدها على العمل به بعد علمه ، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها .

الثالثة :
أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه ، وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله .

الرابعة :
أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله ، فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين ، فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه فمن علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات . اهـ .

ثم شرع - رحمه الله - في بيان ما يترتب على جهاد النفس ، فقال :

وأما جهاد الشيطان فمرتبتان :

إحداهما : جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان .

الثانية :
جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات .

وأما جهاد الكفار والمنافقين فأربع مراتب :

بالقلب واللسان والمال والنفس ، وجهاد الكفار أخص باليد ، وجهاد المنافقين أخص باللسان .

وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات
فثلاث مراتب :
الأولى ، باليد إذا قدر ، فإن عجز انتقل إلى اللسان ، فإن عجز جاهد بقَلْبِه .

فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد . و من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق.

ولا يتم الجهاد إلا بالهجرة ، ولا الهجرة والجهاد إلا بالإيمان ؛ والراجون رحمة الله هم الذين قاموا بهذه الثلاثة قال تعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
.

وقال أيضا :
وأما جهاد الكفار والمنافقين فقد يُكتفى فيه ببعض الأمة إذا حصل منهم مقصود الجهاد .
وأكمل الخلق عند الله من كمل مراتب الجهاد كلها ، والخلق متفاوتون في منازلهم عند الله تفاوتهم في مراتب الجهاد ، ولهذا كان أكمل الخلق وأكرمهم على الله خاتم أنبيائه ورسله فإنه كمّل مراتب الجهاد وجاهد في الله حق جهاده وشرع في الجهاد من حين بعث إلى أن توفاه الله عز وجل . اهـ .

تركوا هذه المراتب وغيرها

نسُوا أن القيام على شؤون الأرامل والمساكين بمنـزلة الجهاد في سبيل الله .

قال عليه الصلاة والسلام : الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، أو القائم الليل الصائم النهار . رواه البخاري ومسلم .

وما ذلك إلا لِعِظم هذا الفعل ، ولأن هذا العمل مما يتعدّى نفعه .

ودُونك يا رعاك الله هذا الباب من أبواب الجهاد قد فُتِح ، ألا وهو باب هذه العشر .
التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : ما العمل في أيامٍ أفضلُ من العمل في هذا العشر . قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهادُ إلا رجل خرج يُخاطر بنفسه ومالِهِ فلم يرجع بشيء . رواه البخاري .

فهذا باب من أبواب الجهاد ، وهذا عمل لا يعدله الجهاد ، إلا في حال واحدة : مَن خرج بنفسه ومالِه فلم ترجع ولا المال .

ودونك بابا آخر فُتِح أيضا ، وهو الحج المبرور
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد ؟ قال : لا ، لكن أفضل الجهاد حج مبرور . رواه البخاري .

وباب ثالث غَفَل عنه الكثير ، واستهان به كثير
ألا وهو باب قدّمه النبي صلى الله عليه وسلم على الجهاد في سبيل الله .
ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها . قال : ثم أي ؟ قال : ثم بـرّ الوالدين . قال : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله .

ولا يعني هذا التهوين من شأن الجهاد في سبيل الله ، إذ هو ذروة سنام الدّين ، ولكني أردت التنبيه والتذكير بهذه الأبواب المُشرَعة المفتوحة ، فدونك إياها فاختر ما شئت منها فادخُل ، وخذ ما يُناسبك منها واعمل ، ولا تكن كالـمُـنْـبَتّ لا أرضا قَطَع ، ولا ظهراً أبقى !

دونك أبواب البر ، ومفاتيح الخير ، وطُرُق الأجر
فانهض بعزم ، وسِـر بحزم
ولا تتأخر أو تتقهقر

قال ابن الجوزي :
سار القوم ورجعتَ ، ووصلوا وانقطعتَ ، وذهبوا وبقيتَ ، فإن لم تلحقهم شقيتَ .

أفلح قوم إذا دعوا وثبوا = لا يحسبون الأخطار إن ركِبوا
سارُون لا يسألون ما فعل = الفجر ولا كيف مالَت الشهب
عوّدهم هجرهم مطالبة = الراحة أن يَظفُروا بمـا طلبوا
أيها المبارَك :
لا تحقرن من المعروف شيئا
لا تحقرن كلمة ، فرب كلمة أدخلت الجنة
لا تستصغر نفسك ، فهمّتك مُعلّقة بالثريا
لا تستهن بمقترح تُقدّمـه
أو رأي تطرحـه
أو مشورة تقوم بها

فقد حُمِيت المدينة يوم الخندق برأي سلمان
وانزاح عن النبي صلى الله عليه وسلم همّـه يوم الحديبية بمشورة أم سلمة
وهزِمت جحافل المشركين يوم بدر بفضل من الله ثم برأي من الحباب بن المنذر

إن باستطاعتك أن تفعل الكثير والكثير
باستطاعتك كفالة يتيم
أو رعاية أرملة
أو من في حكمهم ، من زوجات المفقودين والمساجين .
باستطاعتك دعوة كافر إلى الإسلام ، أو ضال إلى طريق الإيمان .

هل سمعت قَسَم النبي صلى الله عليه وسلم ؟

فقد قال لعليّ رضي الله عنه يوم خيبر : " فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من أن يكون لك حُمْر الـنَّـعَـم " .

هل استهنت بهذا الخير العظيم ، والثواب الجزيل ؟

وأقعدك الشيطان عن العمل لهذا الدّين ، رجاء أن تظفر بالذروة !
فتركك في الحضيض قاعداً عن العمل ، مُزهِّـداً لك سائر القُرُبات ، ومُحقّرا في عينك بقية الطّاعات !

وقد يقول قائل : وهل يُمكن أن يأمر الشيطان بالإحسان ؟!

فأقول : نعم

وذلك أنه يأمر بالعمل المفضول ليترك المسلم العمل الفاضل .

فهل تتصوّر أن يأمرك الشيطان بقراءة القرآن ؟!

الجواب : نعم

متى وكيف ؟

ربما أمرك بقراءة القرآن ليُفوّت عليك عملاً فاضلا حاضراً ، كأن يأمرك بقراءة القرآن وقت الأذان أو وقت الأذكار ، فهذه تفوت ويفوت وقتها ، وقراءة القرآن لا يفوت وقتها .

وربما أمرك بصلاة النافلة وترك ما يكون نفعه أعظم ، من بِـرّ والد ، وصلة رحِـم ، وعيادة مريض ، واتّباع جنازة ، ونُصرة مظلوم ، وإغاثة ملهوف ، ورعاية يتيم أو أرملة ... إلى غير ذلك .

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله سبع عقبات يقعد فيها الشيطان لابن آدم ، فذكر منها :

العقبة السادسة : وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات ، فأمَرَهُ بـها [ يعني الشيطان يأمره بها ] ، وحسّنها في عينه وزيّنها له ، وأَراه ما فيها من الفضل والربح ليشغله بـها عما هو أفضل منها وأعظم كسبا وربحاً ، لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمع في تخسيره كماله وفضله ودرجاته العالية فشغله بالمفضول عن الفاضل ، وبالمرجوح عن الراجح ، وبالمحبوب لله عن الأحبّ إليه ، وبالمرضي عن الأرضى له . ولكن أين أصحاب هذه العقبة ؟ فهم الأفراد في العالم ، والأكثرون قد ظفِر بـهم في العقبات الأول ، فإن نجا منها بفِقْهٍ في الأعمال ومراتبها عند الله ومنازلها في الفضل ، ومعرفة مقاديرها والتمييز بين عاليها وسافلها ، ومفضولها وفاضلها ، ورئيسها ومرؤسها ، وسيدها ومَسُودِها ، فإن في الأعمال والأقوال سيداً ومسوداً ، ورئيسا ومرؤوسا ، وذروة وما دونـها ، كما في الحديث الصحيح : سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت .. الحديث ، وفي الحديث الآخر : الجهاد ذروة سنام الأمر ... ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولى العلم السائرين على جادة التوفيق قد أنْـزَلُوا الأعمال منازلها ، وأعطوا كل ذي حق حقه . انتهى كلامه رحمه الله .

فحــتّـــــــــــــامَ أنت جالس لا تُجاهد ؟!

حـتّـام : تعني : حتى متى !

والله يتولاك

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 21-12-2009, 11:59 PM
المشاركة 74

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
والله لا أُكلّمك أبداً
تحدثت في مقال سابق بعنوان :

عـقـول للبيع أو للتأجير ... لعـدم التّفـرّغ !!

واليوم سوف أتحدّث عن نوعية أخرى من عقول بعض بني آدم
وذلك أن من الناس من يَزِن الأمور بعقله ، سواء فيما للعقل فيه مجال للنظر أو ليس له فيه مجال

في يوم من الأيام سُئلت عن حُـكم إسبال الثياب للرجال ، فبيّنت الحكم .
وذكرت أن الإسبال على نوعين :
إن كان مُجرّد إسبال فهو كبيرة من كبائر الذنوب ، وقد تُوعّد المسبل بوعيد شديد كما في صحيح مسلم .
وإن كان للخيلاء فإنه بالإضافة إلى كونه كبيرة من كبائر الذنوب ، فإن الله لا ينظر إلى صاحبه يوم القيامة .
وذكرت الأدلة ، وكلام بعض أهل العلم في التفريق بينهما وفق قواعد أصول الفقه .

وهو هنا :
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=411

وكان السائل سأل لحاجة في نفسه ! وظن أنني أوافقه فيما يذهب إليه !
فلما رآني خالفته تغيّر وجهه
ثم بلغني فيما بعد أنه قال لبعض جلسائه : إيش هذا ؟! يُعذبني الله على خِـرقة ؟!

فهذا منطق أعوج !
وهذا قياس بالعقل السقيم وليس السليم !

يا هذا !
هل يُعذّب الله المشرك لأجل أنه طاف حول شجرة أو حول حجر ؟!
هل يُعذّب الله من ذبح دجاجة لغير الله بقصد التقرّب ؟!
وهل ... وهل .. ؟

وعلى هذا قِـس .

ما هكذا تُورد الإبل

وما هكذا تُورد النصوص

إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم لم يكونوا يغضبون ذلك الغضب الشديد إلا عندما تُعارَض السنة بأقوال الرجال أو بالآراء
وإن كانت تلك الأقوال من أقوال كبار الصحابة رضي الله عنهم

وما ذلك إلا لتعظيمهم لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم ولسنّته عليه الصلاة والسلام

فقد رأى عبد الله بن المغفل رجلا من أصحابه يخذف ، فقال له : لا تخذف ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أو قال : ينهى عن الخذف ، فإنه لا يُصطاد به الصيد ، ولا يُنكأ به العدو ، ولكنه يكسر السن ، ويفقأ العين ، ثم رآه بعد ذلك يخذف ، فقال له : أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أو ينهى عن الخذف ، ثم أراك تخذف ، لا أكلمك كلمة كذا وكذا . رواه البخاري ومسلم .

وفي رواية لمسلم : أن قريبا لعبد الله بن مغفل خذف ، فنهاه ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف ، وقال : إنها لا تصيد صيدا ، ولا تنكأ عدوا ، ولكنها تكسر السن ، وتفقأ العين . قال : فعاد ، فقال : أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، ثم تخذف ، لا أكلمك أبدا .

نعم . لا يرضون بمعارضة قول سيّدهم وقدوتهم ، بل ويشتدّون على المخالِف

فهذا عمران بن حصين كان في رهط وفيهم بشير بن كعب فحدّث عمران يومئذ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء خير كله . قال : أو قال : الحياء كله خير ، فقال بشير بن كعب : إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة أن منه سكينة ووقارا لله ، ومنه ضعف ! فغضب عمران حتى احمرّتا عيناه ، وقال : ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتُعارض فيه . فأعاد عمران الحديث ، فأعاد بشير ، فغضب عمران قال أبو السوار العدوي : فما زلنا نقول فيه : إنه منا يا أبا نجيد ، إنه لا بأس به . رواه البخاري ومسلم .

ولما قال عبد الله بن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها . قال : فقال بلال بن عبد الله : والله لنمنعهن .
قال الراوي : فأقبل عليه عبد الله فسبّه سبّـاً سيئاً ما سمعته سبه مثله قط ، وقال : أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : والله لنمنعهن . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : فضرب في صدره ، وقال : أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقول : لا !

وبلغوا من الامتثال أجمله وأحسنه واكمله
روى البخاري عن نافع عن ابن عمر قال : كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد ، فقيل لها : لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار ؟

قالت : وما يمنعه أن ينهاني ؟

قال : يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله .

وروي أن عمر رضي الله عنه جَلَدَ رجلين سبّحـا بعد العصر . أي صليا .

ورأى سعيد بن المسيب رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يُكثر فيها الركوع والسجود ، فنهاه ، فقال : يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة ؟!
قال : لا ، ولكن يعذبك على خلاف السنة . رواه البيهقي في الكبرى .

وبلغ من شدّة تمسُّك سلف الأمة بسُنّةِ نبيِّها مبلغاً استفاضت معه أقوالُهم .

واتّفقت كلمة العلماء أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة المتبوعة على ردِّ قولِهم إذا خالف الحديث .

قال الإمام أبو حنيفة : إذا صحّ الحديث فهو مذهبي .
وقال أيضا : لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه .
وقال أيضا : إذا قلت قولاً يُخالف كتاب الله تعالى وخبرِ الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي

وقال الإمام مالك : إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي فكلّ ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه .
وقال أيضا : ليس أحدٌ بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم .

وأما الإمام الشافعي فقال : أجمع المسلمون على أن من استبان له سُنةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحِلّ له أن يدعها لقول أحد .
وقال أيضا : إذا وجدتم في كتابي خلاف سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت .

وقال الإمام أحمد : من ردّ حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلَكَة .
وقال أيضا : لا تقلد في دينك أحداً من هؤلاء ، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ فخُذ به .

قال الحميدي : روى الشافعي يوماً حديثاً ، فقلت : أتأخذ به ؟
فقال : رأيتني خرجت من كنيسة ، أو عليَّ زُنّار حتى إذا سمعتُ عن رسول صلى الله عليه وسلم حديثاً لا أقول به ؟!

وهذا كله يدلّ على تعظيمهم لأقوال نبيِّهم صلى الله عليه وسلم .
ويدلّ على تأدّبهم مع إمامهم عليه الصلاة والسلام
وعلى شدّة محبته صلى الله عليه وسلم

إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تنبت إلا على ساق المتابعة والاقتداء

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى :
( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
: هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادّعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : مَنْ عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد . ولهذا قال : ( إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ )
أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم وهو أعظم من الأول ، كما قال بعض العلماء الحكماء : ليس الشأن أن تُحِبّ إنما الشأن أن تُحَبّ . وقال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية ، فقال : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) اهـ .

وقال الإمام الطحاوي :
ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام .
قال ابن أبي العز : أي لا يثبت إسلام من لم يسلم لنصوص الوحيين وينقاد إليها ولا يعترض عليها ولا يعارضها برأيه ومعقوله وقياسه . روى البخاري عن الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله أنه قال : من الله الرسالة ، ومن الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم . وهذا كلام جامع نافع . اهـ .

فمن أحبّ سيد ولد آدم فليُعظّم أقواله وسُننه أكثر من تعظيمه لقول مَن سواه من البشر .
أما دعوى محبته مع مُخالفته أو مع تقديم قول غيره على قوله فهذه دعاوى و " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه " كما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام .

وليدع : ( ما اقتنعت – ما يُعقل – ما يدخل مزاجي ! ) ليدع هذه الكلمات وأمثالها عند الكوكب ، كما قال ابن عمر رضي الله عنهما لمن سأله عن استلام الحجر ، فقال ابن عمر : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويُقبِّله . فقال : أرأيت إن زُحمت ؟ أرأيت إن غُلبت ؟
فقال ابن عمر : اجعل أرأيت باليمن ! رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويُقبِّله . رواه البخاري .

وقال لمن سأله عن قيام الليل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة . فقال السائل : أرأيت إن غلبتني عيني ؟ أرأيت إن نمت ؟ قال : اجعل أرأيت عند ذلك النجم . رواه ابن ماجه .

هكذا فلتُعظّم السنة

وليُربّى عليها الأولاد والأتباع


تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة









قديم 22-12-2009, 12:02 AM
المشاركة 75

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
أُريــد سُـلْــفــة

أُريــد سُـلْــفــة

أُريــد سُـلْــفــة
ما عندك سَـلَـف ؟

أُريد ثلاثة يُسلفونني ثلاثة

ثلاثـة ؟

نعم ثلاثـة

الأول :
مَـنْ يُسلفني من وقـتِـه
فالواجبات والأعمال والأماني والطموحات – ربما – أكثر من الأوقات
وأعلم أن هناك من الناس من لديه فسحة من الوقت ، بل لديه فائض من الأوقات
وربما بحث عن وسيلة حديثة لقتل الوقت ، ثم هو لا يُحسن القِتلة !
فهؤلاء يمتنّون أن لو قصر اليوم والليلة !
وهناك من الناس من يتمنّى أحدهم أن اليوم والليلة تطول وتطول ليُكمل ما بدأه من عمل
وليُنجز ما عزم عليه من مشاريع

وأعرف منهم الكثير .

والثاني :
في الهِـمّــة
من يُسلفني هـمّـتـه
أريد هِـمّـة عالية تسمو إلى العلياء حتى تكون كهمة عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – الذي قال :
إن نفسي تواقة وإنها لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه فلما أعطيت ما لا أفضل منه في الدنيا تاقت إلى ما هو أفضل منه يعني الجنة

والثالث :
من يُسلفني قلباً خالياً ، وذهنا صافياً

فمن يجد في نفسه القدرة ؟

تعصي الإلهَ وأنتَ تظهرُ حُبَّه ... هذا محالٌ في القياسِ بديعُ

لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعَتهُ ... إِن المحبَّ لمن يُحِبُّ مطيعُ



أحذروا أخواني في الله من نشر المواضيع الغير صحيحة












الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: صفحة الشيخ ( عبد الرحمن بن عبدالله السحيم) حفظه الله
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأحاديث النبوية الشريفة( كل يوم حديث) إن شاء الله تعبت أسافر ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 170 27-06-2009 01:39 PM
عقيدة اهل السنة والجماعة N.S.A ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 16 12-10-2008 11:01 PM
نبذة يسيرة عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم...ارجو التثبيت.. الزهراني ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 7 27-07-2008 02:15 AM
°•¤[ ســنــن مــنــســيــة ]¤•° .. ×عاشقة نفسها× ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 16 07-05-2008 03:56 PM
صفات الرسول صلى الله عليه وسلم fai9al ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 17 22-11-2007 03:19 PM

Bookmark and Share



الساعة الآن 05:16 PM.