قديم 29-02-2012, 07:28 PM
المشاركة 2

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

.








.

.






مهارات الخطيب النفسية والمعرفية

للخطيب مهارات في أكثر من جانب نفسي ومعرفي،
وهذه بعضها معنصرة مستقاة من موقع "ملتقى الخطباء" بتصرف ملائم:

1- لابد للخطيب أن يكون لسنا فصيحا ذرب اللسان،
قديرا على التعبير لأن منطقه هو ثروته وعدته، وهو بمنطقه يقنع وبمنطقه يستميل،
وما هز المنابر في القديم والحديث إلا الفصحاء.
وحتى تكون الخطبة بليغة لا بد فيها من توفر عناصر الجمال الأدبي للكلام البليغ عموما،
وهي: مطابقته لمقتضى حال المخاطبين، والتزامه بقواعد اللغة وضوابطها في مفرداتها وتراكيب جملها، وخلوه من التعقيد اللفظي والتعقيد المعنوي.



2- ومن عناصر الجمال في المعاني تناسق الفِكَر وترابطها ترابطا منطقيا دون إعنات للفكر،
فينبغي أن تكون الخطبة مشتملة على عناصر الترابط: مقدمة، ثم عرض، ثم استدلال، ثم نتيجة،
وكل جزء من هذه الأجزاء مبني على الذي قبله ممهد لما بعده.





3- ومن الترابط المنطقي الانتقال من الجذور والأصول في الفِكَر إلى الفروع الكبرى
فالصغرى فالأوراق فالثمار، أما الخلط من غير ترابط منطقي فهو قبيح تنفر منه الأذهان؛
لأنها لا تستطيع أن تجريه في جداولها المنطقية الفطرية.
فمسايرة المخاطب في تداعي فِكَره وتسلسلها تحدث في نفسه الارتياح والمسرة حين يلمس الفِكَر مترابطة متناغمة
تأخذ بعضها بأعناق بعض.
وتأمل قول الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا
وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ
مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)
(فاطر:27- 28) .
فتصور اختلاف الألوان في الثمرات يستدعي في الفِكَر تصور اختلاف الألوان في الجبال؛
لأنها هي التي تبرز اللوحة الفنية بعد النظر إلى الثمار في أشجارها، فيخطر اللون الأبيض منها على اختلاف درجاته،
ثم الأحمر على اختلاف درجاته، ثم الأسود على اختلاف درجاته،
ثم ينتقل الذهن إلى الألوان في الدواب والأنعام.



4- حسن اختيار الألفاظ، وفي هذا ينبغي للخطيب أن يراعي
: أن تكون الألفاظ سهلة واضحة يمكن استيعابها وفهمها،
وألا تكون الألفاظ مبتذلة تنفر منها الأسماع والأذواق وليحذر من ألفاظ أبلاها الاستعمال أو ذكرها يؤدي إلى الابتذال.
ومما يعيب الخطبة ويجعلها مجافية للفصاحة عدم مناسبة العبارات المستعملة لمقتضى الحال،
فتجد بعض العبارات أشبه ما تكون بالعبارات الصحفية التي تمجها الآذان وتنبو عنها الأسماع وليس مقام الخطبة
بما له من قدسية مقام ذكرها، كقول: " وعلى صعيد آخر"،
و" ينصهر في بوتقة واحدة "، ونحو ذلك من العبارات التي لا يناسب ذكرها مقام الخطبة.
والتعبير الحسن يتطلب اختيار الألفاظ الجزلة في مقامها والرقيقة في مقامها،
ففي مقام التهديد وإثارة الحمية والحماسة تستعمل الألفاظ الجزلة،
وفي مقام إظهار الأسى والألم يستعمل الرقيق من الألفاظ.
وتأمل قول الله تعالى ( ونفخ في الصور فصعق من في
السماوات من في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ).
(وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها) [الزمر: 71]
كيف استعملت الألفاظ الجزلة في مقام الترهيب.
أما في مقام التسلية فتأمل كيف استعملت ألفاظا رقيقة
(والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) [الضحى: 1-3].




5- تزيين الفِكَر المقصودة لذاتها بفِكَر أخرى؛
إذ من عناصر الجمال الأدبي تزيين الفكرة المقصودة بالذات بفِكَر أخرى عن طريق التمهيد للفكرة المقصودة،
أو استعمال الاستعارات والمجاز في سبيل تحلية الفكرة؛
فالتمهيد يكون بعرض فِكَر تمهيدا للفِكَر المقصودة تجعلها مقبولة،
كالتمهيد بمقولة إقناعية تتضمن ضرورة العناية بالصحة قبل التحذير من شرب الدخان.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ
كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159).

فقوله: (فبما رحمة من الله لنت لهم)- تمهيد حلو في ثناء وتكريم للتحذير الضمني من شيء غير واقع حتما،
ألا وهو الفظاظة وغلظ القلب الذي جاء بصيغة (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
ثم نلاحظ أن الجملتين معا كانتا تمهيدين رائعين لتوجيه التكليف بقوله تعالى:
(فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر).




6- استعمال الاستعارات لإلباس الفكرة ثوبا من فكرة أخرى يتقبلها المخاطب أكثر من تقبله الفكرة
المقصودة عارية مجردة؛ فالكلام يمكن أن ندل به على المعنى بثلاثة أساليب:
- أن تفصح الكلمات عن المعنى بأسلوب مباشر وتستعمل في الأحوال الآتية:
عند بيان الحقائق العقدية الكبرى، وفي مواقف الدعاء لله،
والأسلوب الملامس القريب من المباشر وهو الأسلوب الذي يستخدم للدلالة على المعنى بطريق التشبيه والتمثيل،
أو الاستعارة أو المجاز .
- أن تفصح الكلمات عن المعنى بأسلوب غير مباشر ( الكناية ):
يكون فيه التعبير عن فكرة لتفهم فكرة أخرى يشير إليها المتكلم من طرف خفي،
ويستعمل هذا الأسلوب عند ذكر ما يستحيا منه، وعند النقد غير المباشر فالنفس قد تستنكف عن قبول النقد المباشر.


7- البراعة في تصوير الأحاسيس والمشاعر النفسية والفِكَر،
وتظهر البراعة من خلال تقدير الفكرة في نظير حسي كتمثيل العلم بالنور، والجهل بالظلمات،
قال تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ
الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ
يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ
وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (النور:35) .



8- ضرب الأمثال، بشرط أن يكون لغرض بياني وليس مجرد عبث في القول،
ويحسن الاستفادة من أسلوب الأمثال القرآنية وأغراضها، وأهم الأغراض التي جاءت بها الأمثال القرآنية:
تقريب صورة الممثل له إلى ذهن المخاطب عن طريق المثل، والإقناع بفكرة من الفِكَر،
والترغيب بتزيين الممثَّل له وإبراز حسنه أو التنفير بإبراز قبحه عن طريق التمثيل بما هو مكروه للنفوس،
والتعظيم أو التحقير.


9- التنقل والتنويع: إن التزام الخطيب طريقة واحدة من الجمال الأدبي
يكررها باستمرار يشعر سامعيه بتبلد تجاه هذا اللون فتفقد ما كان فيه من حلاوة،
ولذا حري بالخطيب الداعية أن يتبصر بمختلف الأساليب البلاغية حتى يتنقل في أرجائها،
فيتنقل من الخبر إلى التساؤل إلى الجواب إلى التمني إلى الحماسة إلى العاطفة،
إلى غير ذلك من ألوان وفنون بيانية بشرط الملاءمة وعدم التنافر.


10- التركيز في دقيق المعاني:
لفت النظر إلى معان طريفة دقيقة لا يلتفت إليها الذهن من أول وهلة،
كقول النبي صلى الله عليه وسلم
( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
وكقوله : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما) قيل كيف انصره ظالما ؟ قال : ( تحجزه عن الظلم).


11- الجمع بين المتضادات في صورة متناسقة؛
لأن الأضداد سريعة التخاطر في الأذهان، فإيرادها قد يحدث ارتياحا جماليا في النفس.
فمن تلك الصور التي يرسم لها التضاد لوحة جمالية مشهد سفينة راسخة كالطود الشامخ في وسط عاصفة هوجاء.
وفي القرآن من ذلك قوله تعالى (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) النجم:43.






.

.

.


قديم 29-02-2012, 08:01 PM
المشاركة 3

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

.








.

.






آداب الخطيب الظاهرة والباطنة
كتاب البيان الزاهر إلى فرسان المنابر

إن الخطيب إنسان يتحدث عن الإسلام، يقرب الناس إليه ويحببهم فيه ويوجههم للعمل بما يدعو إليه،
وكل هذه مهام تتطلب صفات وآدابًا وخصالًا تحمل الناس على الانقياد له والتسليم له،
وهذا لا يتأتى من روعة الخطبة وحدها ولا براعة الخطيب ومهارته،
وإنما هناك أمور وآداب ينبغي لكل خطيب أن يتحلى بها ويتأدب بها إن أراد أولًا تحصيل مكانة وثواب الداعي إلى الله
عز وجل ثم التأثير في الناس وتوجيههم لما يدعو إليه.

ويمكن تقسيم هذه الآداب إلى:

أ- آداب باطنة
وهي تتعلق بجملة من الأخلاق والآداب التي مردها إلى القلب والنفس وإن كان يظهر أثرها على السمت والظاهر،
وهذه الآداب هي:

1- الإخلاص: فيقصد بدعوته وخطبته وجه الله وحده لا سواه، ولا يقصد جاهًا ولا شهرةً ولا سمعةً.

2- القدوة الباطنة: فينبغي للخطيب أن يكون ذا سيرة سديدة وطريقة حميدة
غير متهافت على الدنيا ومراتبها صابرًا على آفاتها ونوائبها مراقبًا لله سبحانه وتعالى في سره وجهره راضيًا عنه
في عسره ويسره مغتنمًا نشاطه مهتما بتقصيره وجبره محافظًا على العمل بما أمر به في نفسه وخاصته
محبا لأهل الله تعالى مبغضًا لأهل مخالفته حذرًا من زخارف الدنيا وزينتها
غير ملته بعبيدها وشهواتها، كارهًا لرفعتها وشهرتها قائمًا بفرائض الله وحدوده،
قاعدًا عن محاذره وحدوده مقبلًا على الله معرضًا عما سواه،
لا تأخذه في الله لومة لائم ولا قعدة قاعد ولا قومة قائم.

3- الحلم وسعة الصدر: فكمال العلم في الحلم، ولين الكلام مفتاح القلوب
فيستطيع الخطيب أن يعالج أمراض النفوس ويداوي عللها بهدوء نفسه واطمئنان قلبه وسعة صدره،
أما إذا استفزه الغضب واستثاره الحمق نفرت منه القلوب وأعرضت النفوس.

4- التواضع: الداعية إلى الله والخطيب الذي يوجههم أحوج من غيره إلى هذا الخلق،
فالناس لا يقبلون قول من يستطيل عليهم ويحتقرهم ويستصغرهم ويتكبر عليهم، وإن كان ما يقوله حقا وصدقًا.
والتواضع في الأصل يقال للكبار الذين هم في حقيقة الأمر كبار، أما نحن فيقال لكل واحد: اعرف قدر نفسك.
وأساس التواضع أن تضع نفسك عند من دونك في نعمة الدنيا حتى تعلمه أنه ليس لك عليه بدنياك فضل،
وأن ترفع نفسك عمن هو فوقك في الدنيا حتى تعلمه أن ليس له بدنياه عليك فضل.

5- ضبط النفس واحتمال المكاره:
فالخطابة منصب خطير إذ تعترض الخطيب مصاعب ومكاره، وقد يقابل بصد أو إعراض وربما سخرية واستهزاء
وعلاجه في ذلك كله الصبر والاحتمال.

6- القناعة والعفة واليأس من الناس:
فعلى قدر قناعة العلماء والدعاة والخطباء في الدنيا وتقللهم منها تكون مكانتهم في نفوس الناس،
والتفافهم حولهم والانقياد لهم، وعلى قدر تعلقهم في الدنيا تكون زهادة الناس فيهم وعزوفهم عنهم ونفرتهم منهم.

7- الورع واتقاء الشبهات: والبعد عن مواضع الريبة ومسالك التهمة،
فذلك أبرأ لذمة الداعية والخطيب، وأسلم لعرضه وأهون على الإقبال عليه، وأدعى إلى الانقياد له لأن حال الداعي
يؤثر في القلوب أكثر من مقاله.

8- علو الهمة: فينبغي للخطيب أن يكون كبير الهمة عالي النفس مترفعًا عن الدنايا
والسفاسف يستصغر ما دون النهاية من معالي الأمور.

وهي تتعلق بجملة من الآداب والأخلاق المتعلقة بالسمت والسلوك،
وهذه الآداب لها دور بارز مؤثر في تأثير الخطيب في الناس واقتناعهم به وإقبالهم عليه، ومن هذه الآداب:



ب- آداب ظاهرة
1- حسن الهيئة:
فالخطيب مطمع الأنظار يفعل في القلب فعل الكلام في السمع،
فينبغي له أن يتهيأ قبل الخطبة بالطهارة والادهان والطيب والاغتسال والتزين على مقتضى الشريعة في جميع ذلك.
لكن لا ينبغي للخطيب أن يبالغ في ارتداء الثياب بدعوى الوجاهة والوقار لما يترتب على ذلك من حصول فجوة
في الغالب بينه وبين الجماهير خاصة إذا كانوا من وسط الناس وخير الأمور الوسط، وأفضل الهدي هدي محمّد.

2- الوقار والرزانة: وذلك بالإمساك عن فضول الكلام وكثرة الإشارة والحركة فيما
يستغني عن الحركة فيه والتحفظ من التبذل بالهزل والقبيح وضبط اللسان من الفحش وذكر الخنا والقبيح والمزاح السخيف
فلا كرامة لمبتذل ولا عظمة لمن يسرف في المزاح ويفحش فيه، وينبغي له الترفع عن الجلوس في الأسواق
وقوارع الطرق من غير ضرورة فإن الإكثار من ذلك مخل بكرامته.
لكن يجب الحذر من الخلط بين الوقار والرزانة وبين الكبر والعجب بالنفس والترفع عن الخلق،
فليس مقصود كلامنا أن يصبح الخطيب شخصًا منبوذًا في مملكة موهومة لا يألف ولا يؤلف
ولا يجرؤ أحد على مخاطبته والحديث إليه.

3- المحافظة على السنة:
وذلك بالاقتداء به ظاهرًا وباطنًا وهذا أدعى لقبول الناس منه ما يدعوهم إليه من اتباع أمره وسنته وشرعته.

4- السلامة من اللحن والتصحيف والخطبة المكتوبة وعيوب الإلقاء،
وكثرة الحركة أو ضعف الصوت، أو استغلال المنبر لأغراض شخصية أو لأغراض حزبية أو طائفية أو عصبية،
أو محاكاة غيره من الخطباء، أو الجفاء والغلظة والقسوة على المخاطبين ... إلخ.






.

.

.


قديم 29-02-2012, 08:08 PM
المشاركة 4

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

.








.

.





الشواهد والأمثلة التي تدل على حرصه -صلى الله عليه وسلم-
على تعليم الناس أصول العقيدة
أحمد عبد السلام

هناك عدد من الشواهد والأمثلة التي تدل على حرصه -صلى الله عليه وسلم- على تعليم الناس أصول العقيدة،
وتفقيههم في دينهم من خلال خطبة الجمعة،
وهي على النحو التالي:

الأول: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: )
جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فجلس،
فقال له: "يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما" ثم قال: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب،
فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما (.

وجه الاستشهاد من الحديث:

يلاحظ في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علم سليكا -رحمه الله- وجوب تحية المسجد مع أنه يخطب،
ولم يؤخر النبي- صلى الله عليه وسلم- هذا البيان عن وقته ليعلم أيضا المصلين وجوب تحية المسجد
كي لا يظن ظان أن هذا الأمر خاص بهذا الصحابي.



الثاني: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال:
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب على المنبر، فقال: )
من جاء إلى الجمعة فليغتسل ( .

وجه الاستشهاد من الحديث:

إن هذا الحديث يدل على إرشاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهمية الاغتسال لصلاة الجمعة.



الثالث: عن أبي رفاعة -رضي الله عنه- قال: )
انتهيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب قال: فقلت:
يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال:
فأقبل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وترك خطبته حتى انتهى إلي
فأتى بكرسي -حسبت قوائمه حديدا- قال: فقعد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم آخرها (.

وجه الاستشهاد من الحديث:

هذا الحديث يدل دلالة واضحة على اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بتعليم أصحابه،
وبخاصة أن السائل كانت فيه عدد من المواصفات التي ربما جعلت النبي -صلى الله عليه وسلم-
يبادر إليه هذه المبادرة الكريمة؛ حيث إنه رجل غريب قد يعود إلى دياره عاجلا، كما أنه جاهل في دينه.



الرابع: عن أبي موسى الأشعري أنه قال: )
إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال:
"إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قال:
"غير المغضوب عليهم ولا الضالين" فقولوا: آمين. يجبكم الله (.



الخامس: عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال ذات يوم في خطبته: )
ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا ...(.



السادس: عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
كان يخطب يوم الجمعة: ) فدخل رجل يتخطى رقاب الناس فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
يبطئ أحدكم ثم يتخطى رقاب الناس ويؤذيهم! فقال: ما زدت على أن سمعت النداء فتوضأت،
قال: أَوَيوم وضوء هو؟ (.



السابع: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-:
أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب.
فجعل يتخطى الناس. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ) اجلس فقد آذيت وآنيت (.






.

.

.


قديم 29-02-2012, 08:12 PM
المشاركة 5

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

.








.

.




الهدي الفعلي للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة


اشتملت الأحاديث التي وقفت عليها من ذلك على ما يلي:
* كان يخطب قائما.
كما في حديث جابر بن سمرة -رضي اللّه عنه- عند مسلم وأبي داود.
وقد استدل كعب بن سمرة -رضي اللّه عنه- على ذلك بقوله تعالى:
﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ﴾ كما في الحديث عند مسلم والنسائي.
* كان يخطب على المنبر.
لما ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان له منبر يخطب عليه.
* كان يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلوس.
كما في حديث ابن عمر - رضي اللّه عنهما - عند البخاري ومسلم وغيرهما.
* كان يقرأ القرآن في الخطبة ويُذكّر الناس.
كما في حديث جابر ابن سمرة السابق، وفي حديث جابر بن عبد اللّه عند مسلم وغيره: يقرأ بآيات من القرآن ويذكّر الناس .
* كان يشير إِشارة خفيفة بيده بإِصبعه المسبّحة.
كما يدل عليه حديث عمارة بن رويب -رضي اللّه عنه-، عند مسلم والترمذي وأبي داود والنسائي.
* كان إِذا خطب احمرّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبّحكم ومسّاكم كما في حديث مسلم والنسائي عن جابر بن عبد اللّه.
وفي رواية للنسائي:
وكان إذا ذكر الساعة احمّرت وجنتاه، وعلا صوته، واشتد غضبه، كأنه نذير جيش،
يقول: صبّحكم ومساكم .
* كانت صلاته -صلى الله عليه وسلم- قَصْداً؛ وخطبته قَصداً.
كما في حديث جابر ابن سمرة -رضي اللّه عنه-، عند أبي داود.
وله: كان رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات .
وفي حديث عمّار -رضي اللّه عنه-:
إني سمعت رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنّة من فقْهه،
فاقصروا الخطبة وأطيلوا الصلاة، وإن من البيان لسحراً أخرجه مسلم.
وفي رواية عنده وعند أبي داود عن عمار قال:
أمرنا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بإقصار الخطبة .
* وقد كان كلامه -صلى الله عليه وسلم- بصفة عامة قليلا لو عده العادّ لأحصاه.
* وقد كان في بعض كلامه -صلى الله عليه وسلم- تكرار للكلام حتى يفهم عنه.



الهدي القولي للنبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبه

اشتملت الأحاديث التي وقفت عليها من ذلك على ما يلي:
* قد صحّ من فعله -صلى الله عليه وسلم- أنه إِذا خطب حمد اللّه وأثنى عليه
بما هو أهله.
* كان في الخطبة يقرأ القرآن ويذكّر الناس
* كان يحمد اللّه ويثني عليه بما هو أهله،
ثم يقول: من يهده اللّه فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له وخير الحديث كتاب اللّه.. .
ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعا، فإليي وعليّ .
* كان يقول : نحمد اللّه ونثني عليه بما هو أهله، من يهده اللّه فلا مضل له،
ومن يُضلل فلا هادي له، إن أصدق الحديث كتاب اللّه، وأحسن الهدي هدي محمد،
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار
ثم يقول: بُعثت أنا والساعة كهاتين... .
* وكان إِذا تشهد قال: الحمد للّه، نستعينه، ونستغفره،
ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا، من يهده اللّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا اللّه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة،
من يُطع اللّه ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر اللّه شيئاً .






.

.

.


قديم 29-02-2012, 08:21 PM
المشاركة 6

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

.








.

.




أمور ينبغي التنبه لها أثناء الصياغة

وهناك أمور ينبغي التنبه لها أثناء الصياغة، وهي على النحو التالي:

الأول: الإخلاص
الإخلاص لله -تعالى- في كتابته، واستحضار النية الخالصة،
ومجاهدة النفس في ذلك؛ فلا تعجبه نفسه أثناء الكتابة، أو يتذكر مدح المصلين له،
وماذا سيقولون عن خطبته؛ فإنه إن أخلص لله -تعالى- بارك الله في كتابته وجهده، ونفع به الأمة.

الثاني: التعايش مع الخطبة
أن يعيش مع الخطبة بقلبه، ويضع نفسه محل السامع؛
أي كأنه المخاطَب بهذه الخطبة؛ لأن ذلك سيجعله يختار العبارات التي يرضاها ويحبها وتقنعه؛
فمثلا لو كان يوجه نصيحة لواقعٍ في معصية معينة؛ فليضع نفسه مكان صاحب هذه المعصية،
وكأنه المخاطَب بهذا الخطاب؛ فذلك أدعى للتأثر، وأجود في انتقاء الألفاظ المناسبة.
وبعض الخطباء الذين لا يراعون هذه الناحية تجدهم يترفعون على صاحب المعصية،
ويخاطبونه من علو؛ فيكون عتابهم عنيفا، وربما لا يقبله صاحب المعصية، لكنه لو وضع نفسه مكان صاحب المعصية،
وبدأ بالعتاب فسيكون عتابا رقيقا، تقبله النفوس وتتأثر به.

الثالث: الاستقرار النفسي
إنْ أحسّ الخطيب أن القلم لا يجاريه في الكتابة، وأن أفكاره مشتتة،
وذهنه مشوَّش فليتوقف عن الكتابة حتى يزيل ما يشغله أو ينسيه، ثم يعود إليها مرة أخرى.

الرابع: سلامة العبارة وجودة الأسلوب
إذا أشكلت عليه بعض الكلمات أو الجمل من جهة إعرابها، أو صرفها، أو دلالتها على المعنى الذي يريده،
أو كونها غير فصيحة فله خياران:
1- الرجوع إلى المعاجم اللغوية للتأكد من صحة الكلمة،
ومناسبتها للمعنى الذي أراده، أو سؤال من يعلم ذلك من أهل اللغة والنحو.
2- استبدال الكلمة أو الجملة التي يشك فيها بكلمة،
أو جملة أخرى يعلم صحتها، واللغة العربية غنية بالمترادفات من الكلمات والجمل.
وإن كنتُ أستحسن الطريقة الأولى؛ لكي ينمِّي الخطيب مهاراته اللغوية، وتزداد حصيلته من الكلمات والجمل.

الخامس: الاهتمام بعلامات الترقيم
العناية بعلامات الترقيم، وبداية الجمل ونهايتها؛
حتى يعينه ذلك على قراءة الخطبة بشكل صحيح، وعدم التعتعة والإعادة، وكثرة التوقف والتلكؤ.

السادس: عرض الأمثلة
ويكون بضرب أمثلة محددة إذا توافرت من الماضي الإسلامي وغير الإسلامي،
أو قصص تصويرية أو ألغاز أو أشعار، ومناقشة ما اقتُرِح من حلول لوقائع تاريخية مشابهة وما حققته تلك الحلول من نجاح أو إخفاق،
أما إذا كانت القضية جديدة تماما فتُناقش أوجه الشبه أو التباين بينها وبين حالات سابقة.

السابع: شَخِّص المشكلة واقترح الحلول
ويكون ذلك:
- بتشخيص المشكلة بشكل إبداعي مستشهدا بالآيات القرآنية التي تعين في التحدث عن الحل.
- ارجع إلى السنة الشريفة لمزيد من التوضيح.
- افحص إمكان تطبيق المبادئ القرآنية في واقع المسلمين اليوم.
- خذ في حسابك ما طرح من اجتهادات في تفسيرها كمحاولة للتوصل إلى الحل.
- قدم اقتراحات لحلول جديدة في إطار مقاصد الشريعة الغراء حين لا توجد النصوص المباشرة في القضية محل البحث.




عناصر الخطبة
أحمد عبد السلام

إن للخطبة عناصر يحسن للخطيب مراعاتها عند إعداد خطبة الجمعة، ومن أهم ما ذكروا منها ما يأتي:

الأول: ترابط عناصر الخطبة
ينبغي أن تكون عناصر الخطبة مترابطة، متكاملة، بحيث يكون كل عنصر جزءا من موضوع الخطبة العام،
وثيق الصلة بالعنصر السابق له واللاحق به، لتجتمع هذه العناصر بأفكارها،
مكونة الفكر العام للخطبة، محققة بذلك الهدف المنشود، مركزة على موضوع واحد،
دون التطرق والتشتت في مواضيع أخرى مختلفة، مما يؤدي بالسامع إلى أن يسمع فكرة واحدة مترابطة.
فتعدد المواضيع في الخطبة الواحدة يشتت ذهن السامع،
ويجعل الحيرة رفيقة، وقد يخرج من المسجد وليس في ذهنه موضوع معين؛ لكثرة المواضيع.

الثاني: الربط والاستنتاج
ويكون بعد تنسيق الأفكار، وترتيبها، وتقسيمها، فيقوم الخطيب باستنباط العبر،
والعظات والدروس والأحكام من خلال ما عرض من معلومات، تضمنتها العناصر المستنبطة من النصوص،
ثم يقوم الخطيب بعد ذلك بربط هذه الدروس والأحكام بواقع الناس، ويبين لهم كيفية الاستفادة منها،
بضرب الأمثلة المتعددة المتنوعة.

الثالث: الاعتماد على صحة المعلومات
بأن تكون المعلومة صحيحة صادقة، فتكون مصدر ثقة للمصلين مملوءة بأفكار
وقيم سلوكية تأخذ الناس إلى الخير.

الرابع: الأسلوب الحكيم
الخطيب صاحب الأسلوب الحكيم يجلب القلوب،
ويثير في النفوس الخشية من الله جل جلاله، وحب الطاعة، والامتثال لأحكام الدين،
والتذكير الجميل والكلم الصادق يبث الأمل في نفوس الناس، ويبعدهم عن اليأس والقنوط.

الخامس: أن يعي الجمهور لماذا أصبحت هذه القضية هامة؟ ولماذا طرحها الخطيب في هذا الوقت؟
بعض الخطب تخلو من الربط بالواقع، بل تخلو أحيانا من آية أو حديث أو قصة مشوقة،
وهذا يرجع إلى أن بعض الخطباء قد يحضر خطبته في أقل من ساعة، ثم يخرج يلقيها على الناس دون أن يعي
ولو بعض جوانبها، فلنعلم أحبتنا أن الخطيب في كل أسبوع يقدم فكره، وثقافته للناس.

طريقة بناء الخطبة

تبنى الخطبة من ثلاثة أركان: المقدمة، الموضوع، الخاتمة.
وهذه الأركان الثلاثة متداخلة، متناسقة، يبلغ بها حد الجودة مقدرة الخطيب،
وغزارة علمه، والانتظام في هذه الأجزاء، يجعل الخطبة واضحة المقاصد،
وتضمن للمتحدث حسن الإصغاء من سامعيه.

1- المقدمة:
هي أول ما يلقيه الخطيب على جمهوره، فإذا فاجأهم بحسن المقدمة،
استطاع متابعة جمال خطبته معهم.
فعلى الخطيب أن يعتني بمقدمته، بأن يأتي بالعبارة السهلة،
التي توحي للسامعه بمقصود الخطبة، مما يشد الانتباه ويهيئ النفوس،
وقد يكون بآيات قرآنية زاجرة، أو مرغبة.

ويشترط في المقدمة:
1- أن تكون متصلة بالموضوع، تخدمه، تمهد له، وفي هذا العصر أصبح البعض يتفنن في مقدمته،
ويوثق صلتها بالموضوع بطرق شتى.
2- أن تكون واضحة، مناسبة لعقول السامعين، موزونة المعاني، دقيقة التعبير، لأن السامعين
في أول الخطبة أبصر بالنقد، وأقرب إلى العناد، حتى إذا ما بهرهم الخطيب، أسلسوا له القياد.
3- أن تكون مشوقة، تجذب السامعين إلى موضوع حديثه، غير مبتذلة، أو مشاعة صالحة لكل خطبة.
وكما قال ابن المقفع: ليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك،
كما إن خير أبيات الشعر البيت الذي إذا سمعت صدره عرفت قافيته.
4- أن تناسب الخطبة طولا وقصرا، لأنها مقدمة لا خطبة، وتمهيد لا موضوع،
ولأنها إن طالت استنفدت جهد الخطيب، وانتباه السامعين، فيُحرم الموضوعُ نشاطَه ونشاطهم.

2- الموضوع:
إن استغنى الخطيب أحيانا عن المقدمة، أو عن الخاتمة، فلا يستطيع أن يستغني عن عرض الموضوع،
لأنه الخطبة ذاتها أيا كان نوعها، وهو مقصود الخطبة الأعظم،
ويجوز ذكر موضوع الخطبة بداية، ولكن الأولى التدرج في تناول الموضوع، تناولا غير مباشر،
متسلسلا، إلى أن يصل إلى مبتغاه.



.

.

.


قديم 29-02-2012, 08:32 PM
المشاركة 7

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

.








.

.




إعداد الخطبة

من أهم ما يحتاجه الخطيب إعداد خطبة الجمعة؛
وذلك لأنه قد يفرض موضوع ذو ملامح معينة أنموذجا مختلفا،
ولكن الهدف يجب أن يكون دائما هو إعداد خطبة متكاملة تنقل أفكار المتحدث بوضوح مع العناية
بجذب اهتمام المستمعين، وحسن إنصاتهم وتركيزهم .
ويمكن عرض الخطوات اللازمة لإعداد الخطبة على النحو التالي:
الأولى: اختيار الموضوع.
يكون بتحديد عنوانه وعناصره بدقة، وضع خطة شاملة له،
مستحضرا الأسباب التي تجعلك تعتقد بأن هذه القضية هامة للمستمعين متيقنا
ضرورة طرحها أمام الرأي العام، مع توضيح مرامي الخطبة.
الثانية:
جمع النصوص والنقول والأفكار والعناصر للموضوع المختار،
وبعد الجمع سيتضح للخطيب أن مادة الخطبة: إما أن تكون كثيرة فيقسمها إلى أكثر من موضوع،
وإما أن تكون مناسبة فيكتفي بها، وإما أن تكون قليلة فيزيد البحث في مظان أخرى،
فإن ضاق عليه الوقت أجَّل هذا الموضوع، وبحث عن موضوع آخر تكون مادته متوافرة.
وينبغي في الجمع مراعاة ما يلي:
أ - البدء بالمصادر المتخصصة وجعلها أصلا،
ثم البحث عن مصادر أخرى مساعدة؛ فلو اختار مثلا موضوع (الشكر) فإنه يبدأ بالكتب المتخصصة في ذلك:
ككتاب الشكر لابن أبي الدنيا، ثم يرجع إلى آيات الشكر في القرآن،
وما قاله أهل التفسير، ثم الأحاديث وشروحها، ثم أبواب الشكر في كتب الآداب والمواعظ والأخلاق..؛
لأن الكتب المتخصصة في الموضوع ستكفيه ما يقارب ثلثي الموضوع أو نصفه على الأقل؛
فتخفف عنه مؤنة البحث والتقصي. والكلام على مصادر الخطبة يحتاج إلى مقدمة مستقلة.
ب - أن ينطلق في عناصره وأفكاره من النصوص التي جمعها؛ فذلك أدعى للإقناع، وأيسر عليه.
وبعض الخطباء قد تقدح الفكرة في ذهنه فتعجبه فيكتبها، ثم يعيا في البحث عن دليل يعضدها،
ويقنع السامع بها؛ فيضيع وقته هدرا في ذلك، ثم يشعر باليأس، وربما توقف عن الكتابة،
أو يذكرها بلا دليل فلا تقنع السامع، وربما كانت خاطئة وهو لا يدري.
ولذا فإن صياغة الأفكار، ووضع العناصر على ضوء النصوص والنقول التي جمعها يُؤَمِّنُه من الخطأ بإذن الله تعالى،
ويريحه من التعب، ويقنع المستمعين؛ وبناءً عليه فإن جمع النصوص والنقول يكون قبل وضع الأفكار والعناصر للموضوع.
الثالثة: بعد اختيار النصوص والنقول التي سيجعلها في خطبته يضع لها عناصر مختصرة
(عناوين تدل عليها)؛
فمثلا عنده نص وهو قول الله تعالى:
﴿ وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ (إبراهيم، آية: 7) ،
يجعل له عنوانا أو عنصرا: (الشكر يزيد النعمة)، وهكذا في بقية النصوص والنقول.
الرابعة: يرتب العناصر التي وضعها بنصوصها حسب رؤيته التي يراها مناسبة
لوضعها في الخطبة، فيجعل العناصر المترابطة متوالية؛ فمثلا في موضوع الشكر سيكون عنده عناصر في فوائد الشكر،
وعناصر في عاقبة الكفر (كفر النعمة)، وعناصر في نماذج للشاكرين،
وعناصر في نماذج لمن كفروا النعمة..، فيضم العناصر بعضها مع بعض تحت موضوعاتها. ويكون هذا الترتيب بالترقيم والإشارة إلى العناصر لا بالكتابة من جديد، حتى لا يُثقِل على نفسه، ثم يسير في صياغة الموضوع وفق الأرقام التي لديه؛
فلا يفوته شيء، ويكون موضوعه مترابطا منسجما.
الخامسة: بعد الفهرسة والترتيب يقرر ما للخطبة الأولى، وما للثانية من العناصر المذكورة.
السادسة: ثم يبدأ بالصياغة حسب الخطة التي وضعها، والمادة التي جمعها.



التخطيط للخطبة
أحمد عبد السلام


التخطيط: هو تصور ذهني مسبق لما سيقوم الخطيب بتناوله في الخطبة،
وهو الكيفية الصحيحة التي يُقَدِّمُ لها.
ولهذا علينا أن نضع في فكرنا إعداد خطبة متكاملة، متناسقة، محضر لها،
لكي لا تضطرب الأفكار، وتختل المفاهيم، مما يؤدي إلى اهتزاز في الأسلوب،
وعدم ترابط بين العبارات، وعدم تناسق الحديث، وتكون في أغلب الأحيان فارغة من المعنى،
خالية من المضمون، غير صادقة اللهجة، ولا سديدة الفكرة.
فلا ترتفع بعقلية المصلي، ولا تسمو بعواطفه، ولا تؤثر في وجدانه،
ولا تحرك في قلبه خشية الله، ولهذا على الخطيب أن يخطط لخطبته تخطيطا دقيقا، ويدرسها دراسة واعية، شاملة.
وهناك خطوات ينبغي مراعاتها عند التخطيط لخطبة الجمعة، وهي على النحو التالي:

الأولى: اعرف مستمعيك
أول خطوة في التخطيط للخطبة هي معرفة جمهور المستمعين
فعليك مثلا أن تعي طبيعة المجموعة التي ستتحدث إليها والقضايا التي تهم الحاضرين،
ومن تحدث إليهم قبلك، وما مواقف المستمعين تجاه موضوع الحديث كما ينبغي التعرف على
أي عناصر مشاكسة موجودة بين الحاضرين والعناصر "الصديقة" أو المتعاطفة مع آراء المتحدث.
ولتحقيق جو من الألفة والتواصل مع جمهور المستمعين،
على المتحدث أن يصل مكان الاجتماع مبكرا، وأن يكون بين آخر المنصرفين هذا من شأنه أن يمكن المتحدث
من التعرف على بعض الحاضرين واكتشاف العناصر الحليفة بينهم كما يوفر فرصة للتحدث إلى المعارضين
والتعرف عليهم بصفة شخصية إذا دعت الحاجة إلى الإشارة إليهم بالاسم أثناء الحديث
وإلى آرائهم كنوع من إبداء التقدير والاحترام لهم، ويمكن الاستفادة من ذلك لتعزيز وتقوية بعض النقاط
التي سترد في الخطبة أو الحديث.

الثانية: أكد مصداقيتك
يستجيب الجمهور المستمع للمتحدث إذا اقتنع بمصداقيته ولتأكيد هذه المصداقية
فإن على المتحدث أن يكون على دراية تامة بالموضوع الذي يتناوله، وأن يكون بإمكان مستمعيه أن يصدقوه فيما يطرح من أفكاره،
وأن يكسب بتصرفاته حب الجمهور وإقباله عليه.
فعندما آن الأوان لأن يجهر رسول الله -عليه السلام- لأهل مكة ببعثته وأن يبلغهم رسالة ربه
وقف على جبل الصفا ودعاهم للتجمع ليخطب فيهم بأن قال: ) يا معشر قريش،
لو أخبرتكم أن جيشا يوشك أن يظهر عليكم من وراء هذا الجبل فهل كنتم مصدقي؟
فقالوا: نعم. وذلك لأنهم لم يعرفوا عليه الكذب طوال أربعين عاما، وبعد أن أكّد مصداقيته لديهم قال لهم: )
فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (.
وذكر أهل العلم بأن هناك ثلاثة أمور تلعب دورا كبيرا على مستوى كبير من الأهمية والتأثير في نطق الخطيب:

الأمر الأول: شخصية ومكانة الخطيب في أذهان الرأي العام،
فكلما ازداد حب المجتمع للخطيب، ورغب إليه، كلما اهتم بحديثه،
وأعطوه أدنى صاغية، وكان كلامه أكثر وقعا وتأثيرا.
الأمر الثاني: موضوع الخطيب المعلن للمستمعين، الذي يريد أن يتناوله الخطيب،
حيث تزداد رغبتهم إلى الاستماع، بالمقدار الذي يراه الجمهور المخاطَب مهما في معالجة قضاياهم الدينية،
والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وأمثالها.
الأمر الثالث: مهارة الخطيب، وكيفية إلقاء الخطاب،
وتشكيل الكلمات، فالخطيب الماهر في الخطابة، يستطيع أن يلقي خطبته بشكل جميل،
يستقطب ألباب مستمعيه ما استطاع، فمهارة الإلقاء، ليست أقل أهمية من مادة الخطبة في بيان الموضوع،
إن لم تكن أهم منها، كما قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (رب كلام أنفذ من السهام).



.

.

.


قديم 29-02-2012, 08:40 PM
المشاركة 8

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

.








.

.



كيف تعد عناصر خطبة الجمعة
إبراهيم بن محمد الحقيل

مجلة البيان

يختلف مَنْ يُعِدُّون خطبهم بأنفسهم من الخطباء تبعًا لاختلاف اهتماماتهم وعلمهم وثقافتهم،
ونوعية المصلين معهم، ومدى تفاعلهم مع الخطيب؛ فبعض الخطباء يكتفي بفِكَره وخطراته عن الرجوع إلى المراجع والمصادر،
ويخط بنانه ما يوحي به ذهنه وقت الكتابة، بغض النظر عن أهمية ما يكتب من عدمه،
أو ترابط الموضوع من تفككه.

وبعض الخطباء يكتفي بمرجع واحد ينقل منه، أو يختصره ويُعدِّل عليه،
ويرى أنه أحسن من غيره ممن لم يكتب، أو كتب من ذهنه وخواطره.
ومن الخطباء من لا يكتب خطبته حتى يقرأ في موضوعها عددًا من الكتب،
ويراجع فيها مراجع كثيرة، وهؤلاء قلة، وفي الغالب تكون خطبهم متميزة ومفيدة.

كذلك يختلف الخطباء في مدى اهتمامهم بالخطبة؛ فبعض الخطباء لا يفكر في موضوع الخطبة
إلا ليلة الجمعة أو صباحها، أو قبل صعود المنبر بوقت قصير. بل إنني سمعت مرة خطيبًا في مجلس
يفاخر بأنه يصعد المنبر وليس في ذهنه موضوع محدد، فيطرأ عليه الموضوع والمؤذن يؤذن،
وهذا فيه استخفاف بعقول الناس، واستهانة بخطبة الجمعة التي أوْلاها الشارع الحكيم عناية كبيرة.

بينما سمعت أن بعض الخطباء المتميزين يبدأ تفكيره بموضوع الخطبة
منذ نزوله من المنبر في الخطبة الماضية. وبين هذا وذاك مراحل متفاوتة من الحرص والاهتمام والفائدة.

قبل عرض مقترح لكيفية إعداد الخطبة أحب التنبيه إلى أن الخطبة مثل الكتاب والخطيب مثل المؤلف،
ولكل كاتب أو خطيب أو مؤلف أو باحث طريقته في البحث بيد أن عرض التجارب
في هذه المجالات يحقق جملة من الفوائد، لعل من أبرزها:

1 - توجيه المبتدئ ومساعدته بإعطائه منهجًا مجرّبًا في إعداد الخطبة.

2 - قد تكون الطريقة التي يُعدُّ بها الخطيب خطبته فيها شيء من العسر،
وهناك طرق أيسر منها، فإذا اطَّلع عليها أخذ بها.

3 - الإنسان في الأصل ناقص العمل معرض للخطأ،
والناس يكمل بعضهم بعضًا بتبادل تجاربهم وخبراتهم، وفي اطلاع الخطيب على تجارب الآخرين
وطرائقهم في إعداد الخطبة تكميل للنقص عنده، أو إصلاح لخطأ في طريقة الإعداد.

لهذا ولغيره فإنني أدعو كل خطيب أن يطرح على الخطباء طريقته في إعداد خطبته حتى تتلاقح الفِكَر،
ويستفيد بعضنا من تجربة بعض. على أن لا يزعم الواحد منا أن طريقته هي أحسن الطرق لكـل الخطباء؛
فالطريقة التي تناسبني قـد لا تناسبك، وقد أستفيد من تجربتك كلها أو بعضها ولو كان قليلًا، والمسألة اجتهادية،
ومهارات الخطيب وثقافته وعلمه وذوقه عوامل مؤثرة في ذلك.

ويمكن عرض الخطوات اللازمة لإعداد الخطبة على النحو الآتي:

1 - اختيار الموضوع.

2 - جمع النصوص والنقول والفِكَر والعناصر للموضوع المختار،
وبعد الجمع سيتضح للخطيب أن مادة الخطبة إما أن تكون كثيرة فيقسمها إلى أكثر من موضوع،
وإما أن تكون مناسبة فيكتفي بها. وإما أن تكون قليلة فيزيد البحث في مظان أخرى،
فإن ضاق عليه الوقت أجَّل هذا الموضوع،
وبحث عن موضوع آخر تكون مادته متوافرة.

وينبغي في الجمع مراعاة ما يأتي:

أ - البدء بالمصادر المتخصصة وجعلها أصلًا، ثم البحث عن مصادر أخرى مساعدة،
فلو اختار مثلًا موضوع (الشكر) فإنه يبدأ بالكتب المتخصصة في ذلك ككتاب الشكر لابن أبي الدنيا،
ثم يرجع إلى آيات الشكر في القرآن، وما قاله أهل التفسير، ثم الأحاديث وشروحها،
ثم أبواب الشكر في كتب الآداب والمواعظ والأخلاق ...؛
لأن الكتب المتخصصة في الموضوع ستكفيه ما يقارب ثلثي الموضوع أو نصفه على الأقل فتخفف عنه مؤنة البحث والتقصي.

والكلام على مصادر الخطبة يحتاج إلى مقدمة مستقلة.

ب - أن ينطلق في عناصره وفِكَره من النصوص التي جمعها؛
فذلك أدعى للإقناع، وأيسر عليه. وبعض الخطباء قد تقدح الفكرة في ذهنه فتعجبه فيكتبها،
ثم يعيا في البحث عن دليل يعضدها، ويقنع السامع بها؛ فيضيع وقته هدرًا في ذلك،
ثم يشعر باليأس، وربما توقف عن الكتابة. أو يذكرها بلا دليل فلا تقنع السامع، وربما كانت خاطئة وهو لا يدري.

ولذا فإن صياغة الفِكَر، ووضع العناصر على ضوء النصوص والنقول التي جمعها يُؤَمِّنُه من الخطأ بإذن الله تعالى،
ويريحه من التعب، ويقنع المستمعين؛ وبناءً عليه فإن جمع النصوص والنقول يكون قبل وضع الفِكَر والعناصر للموضوع.

3 - بعد اختيار النصوص والنقول التي سيجعلها في خطبته يضع لها عناصر مختصرة
(عناوين تدل عليها)؛ فمثلًا عنده نص وهو قول الله تعالى: ﴿ وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ ( إبراهيم: 7. ) ،
يجعل له عنوانًا أو عنصرًا (الشكر يزيد النعمة)، وهكذا في بقية النصوص والنقول.

4 - يرتب العناصر التي وضعها بنصوصها حسب رؤيته التي يراها مناسبة لوضعها في الخطبة،
فيجعل العناصر المترابطة متوالية؛ فمثلًا في موضوع الشكر سيكون عنده عناصر في فوائد الشكر،
وعناصر في عاقبة الكفر (كفر النعمة)، وعناصر في نماذج للشاكرين،
وعناصر في نماذج لمن كفروا النعمة..، فيضم العناصر بعضها مع بعض تحت موضوعاتها.

ويكون هذا الترتيب بالترقيم والإشارة إلى العناصر لا بالكتابة من جديد،
حتى لا يُثقِل على نفسه، ثم يسير في صياغة الموضوع وفق الأرقام التي لديه؛
فلا يفوته شيء، ويكون موضوعه مترابطًا منسجمًا.

5 - بعد الفهرسة والترتيب يقرر ما للخطبة الأولى، وما للثانية من العناصر المذكورة.

6 - ثم يبدأ بالصياغة حسب الخطة التي وضعها، والمادة التي جمعها.

وهناك أمور ينبغي التنبه إليها أثناء الصياغة منها:

أ - الإخلاص لله تعالى في كتابته، واستحضار النية الخالصة،
ومجاهدة النفس في ذلك؛ فلا تعجبه نفسه أثناء الكتابة،
أو يتذكر مدح المصلين له، وماذا سيقولون عن خطبته؛
فإنه إن أخلص لله تعالى بارك الله في كتابته وجهده، ونفع به الأمة.

ب - أن يعيش مع الخطبة بقلبه، ويضع نفسه محل السامع؛
أي كأنه المخاطَب بهذه الخطبة؛ لأن ذلك سيجعله يختار العبارات التي يرضاها ويحبها وتقنعه؛
فمثلًا لو كان يوجه نصيحة لواقعٍ في معصية معينة؛ فليضع نفسه مكان صاحب هذه المعصية،
وكأنه المخاطَب بهذا الخطاب؛ فذلك أدعى للتأثر، وأجود في انتقاء الألفاظ المناسبة.

وبعض الخطباء الذين لا يراعون هذه الناحية تجدهم يترفعون على صاحب المعصية،
ويخاطبونه من علو؛ فيكون عتابهم عنيفًا، وربما لا يقبله صاحب المعصية،
لكنه لو وضع نفسه مكان صاحب المعصية، وبدأ بالعتاب فسيكون عتابًا رقيقًا، تقبله النفوس وتتأثر به.

ج - إنْ أحسّ الخطيب أن القلم لا يجاريه في الكتابة، وأن أفكاره مشتتة،
وذهنه مشوَّش فليتوقف عن الكتابة حتى يزيل ما يشغله أو ينساه، ثم يعود إليها مرة أخرى.

د - إذا أشكلت عليه بعض الكلمات أو الجمل من جهة إعرابها، أو صرفها،
أو دلالتها على المعنى الذي يريده، أو كونها غير فصيحة- فله خياران:

1 - الرجوع إلى المعاجم اللغوية للتأكد من صحة الكلمة،
ومناسبتها للمعنى الذي أراده، أو سؤال من يعلم ذلك من أهل اللغة والنحو.

2 - استبدال الكلمة أو الجملة التي يشك فيها بكلمة،
أو جملة أخرى يعلم صحتها، واللغة العربية غنية بالمترادفات من الكلمات والجمل.

وإن كنتُ أستحسن الطريقة الأولى؛ لكي ينمِّي الخطيب مهاراته اللغوية، وتزداد حصيلته من الكلمات والجمل.

هـ - العناية بعلامات الترقيم، وبداية الجمل ونهايتها؛ حتى يعينه ذلك على قراءة الخطبة بشكل صحيح،
وعدم التعتعة والإعادة، وكثرة التوقف والتلكؤ.



? أجزاء الخطبة:


أولًا: المقدمة

وهي التي يستهل بها الخطيب خطبته، ويهيئ السامعين لسماعها،
ويجذبهم بها إليه. ونجاح الخطيب فيها كفيل بالنجاح في بقية خطبته؛
إذ إن عسيرات الأمور بداياتها. وينبغي أن يراعي الخطيب فيها جملة أمور منها:

أ - أن تكون ذات صلة وثيقة بموضوع الخطبة، وممهدة له، ومهيئة الأذن لسماعه.

قال ابن المقفع: «وليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك».
وعلق عليه الجاحظ فقال: «فرِّق بين صدر خطبة النكاح وبين صدر خطبة العيد، وخطبة الصلح، وخطبة الواهب؛
حتى يكون لكل فن من ذلك صدر يدل على عجزه؛ فإنه لا خير في كلام لا يدل على معناك،
ولا يشير إلى مغزاك، وإلى العمود الذي إليه قصدت؛ والغرض الذي إليه نزعت».

ب - أن تكون مناسبة في طولها وقصرها لمجموع الخطبة، والملاحظ أن بعض الخطباء يطيل في المقدمة إطالة قد تستوعب أكثر الخطبة أو نصفها، وهذا قد يصيب السامعين بالملال، وربما يئسوا من الدخول في الموضوع، فانصرفت أذهانهم عن الخطيب. وعكس هؤلاء الخطباء مَنْ لا يعتنون بالمقدمة، فيشرعون في الموضوع مباشرة، ولـمَّا يتهيأ المستمعون بعدُ.

وكِلا الأمرين غير حسن، والمطلوب الاعتدال في ذلك.

ثانيًا: صُلْب الموضوع

فبعد أن يمهد الخطيب لموضوعه في المقدمة، ويتهيأ السامعون لسماعه- يبدأ في الموضوع، وينبغي أن يراعي ما يأتي:

أ - ترتيب الفِكَر وتسلسلها:

بحيث لا ينتهي من فكرة إلا وقد أعطاها حقها من الاستدلال والإقناع،
سواء كان الاستدلال لها بالنقل أم بالعقل. ولا يقفز إلى فكرة أخرى،
ثم يعود إلى الأولى مرة أخرى؛ فإن ذلك يُربك السامع ويشوش عليه.
ولا يتأتى ذلك للخطيب إلا إذا جمع مادة الخطبة من نصوص واستدلالات ونقولات وفِكَر،
ثم سلسلها ورتبها قبل أن يبدأ بصياغتها.

ب - التوازن بين الفِكَر:

فلا يُشبِع فكرة ويطيل فيها على حساب الأخريات. ومما يلاحظ عند كثير من الخطباء عدم التوازن في ذلك؛
فتراه في أول الخطبة يُشبِع كل فكرة ويطيل فيها، ويحشد النصوص لها،
ثم لما يحسّ بأنه تعب، وأتعب السامعين، وأطال عليهم سرد الفِكَر الباقية سردًا بلا استشهاد ولا إقناع رغم أهميتها،
وربما تكون أهم مما طرحه في الأول. وسبب ذلك أن الخطيب ليس عنده تصور كامل لخطبته وما فيها من مادة،
وكم تستغرق من وقت.

وعلاج هذه المشكلة أن يقدر الخطيب وقت خطبته، ويُستحسن ألا تزيد عن ثلث ساعة،
فإن زاد لأهمية الموضوع فنصف ساعة على الأكثر لكِلا الخطبتين. ويقدر كم تكون من ورقة حسب خطه وإلقائه،
ويحسب كم فكرة عنده، وكم لها من نص،
ومن ثم يسجِّل الفِكَر مع نصوصها، وما تحتاجه من صياغة على الأوراق التي قدَّرها من قبلُ،
فلا تخلو حينئذ من إحدى حالات ثلاث:

1 - أن تكون الفِكَر بنصوصها وصياغتها متناسبة مع حجم المساحة التي قدرها أي زمن الخطبة،
فيبدأ بالصياغة مرتبًا الفِكَر كما سبق ذكره، معطيًا كل فكرة حقها من الأسطر بلا زيادة ولا نقص إلا شيئًا يسيرًا لا يُخلُّ بالخطبة.

2 - أن تكون الفِكَر بنصوصها وصياغتها أقل من المساحة التي قدرها، وفي هذه الحالة له خيارات عدة:

أ - أن يقصر الخطبة فتكون أقلَّ من ثلث ساعة، فهو ينظر إلى استيعاب الموضوع، ولا يلتفت إلى الوقت.

ب - أن يزيد فِكَرًا ذات صلة بالموضوع بقدر المساحة المتبقية.

ج - أن يسترسل في الصياغة أي يطيل في صياغة كل فكرة بحيث يغطي النقص.

د - أن يزيد في الاستدلالات لكل فكرة.

وعلى الخطيب أن يقدر الأصلح في ذلك بما يتناسب مع أحوال المصلين معه.

3 - أن تكون الفِكَر بنصوصها وصياغتها أطول من المساحة المقدرة؛ فإن كان الطول يسيرًا فيمضي،
وإن كان كثيرًا فلا يخلو من إحدى حالتين:

أ - أن يمكن قسمة الموضوع إلى موضوعين فأكثر بحيث يكون كل موضوع وحدة مستقلة، فيقسمه.
ومثال ذلك: لو أراد الخطيب أن يتكلم عن حشر الناس يوم القيامة،
وابتدأ حديثه منذ بَعْثِهم من قبورهم ثم حَشْرِهم في العرصات ...
فسيجد أن موضوع البعث صالح لأن يكون موضوعًا مستقلًا؛ لكثرة ما فيه من نصوص،
وهكذا موضوع الحشر، ثم ما بعد الحشر وهو فصل القضاء، فيجعلها موضوعات عدة.

ب - أن لا يمكن قسمته بهذا الشكل، كأن يكون الموضوع بطوله وحدة متكاملة لا تُجَزَّأ.
ومثال ذلك الحديث عن فوائد الأمراض، وهي كثيرة، وفيها نصوص كثيرة أيضًا.
فلو قدرنا أن فوائد الأمراض المنصوص عليها عشرون فائدة، وفيها من النصوص ثلاثون نصًا-
فلا شك أن خطبة واحدة لا يمكن أن تستوعبها ولا اثنتين، لكن بالإمكان ذكر سبع فوائد في كل خطبة
بحيث تصير ثلاث خطب، أو عشر فوائد في كل خطبة بحيث تصير خطبتين،
فيسرد الخطيب في كل من الخطبتين أو الثلاث فوائد الأمراض جملة وتفصيلًا في الفوائد التي اختارها لهذه الخطبة بنصوصها.
ثم في خطبة أخرى يسرد ما فصّله في الأولى جملة،
ويفصل فيما لم يذكره وهكذا. ويكون عنده أكثر من خطبة في الموضوع.

ثالثًا: الخاتمة

بعضهم يجعلها في الخطبة الأولى، وينتقل في الخطبة الثانية إلى موضوع آخر في الغالب
يكون موضوعًا وعظيًا معتادًا يذكِّر بالنار، ويحث على التقوى، ويكون مسجوعًا،
وهذا الأسلوب كان مستخدمًا عند خطبائنا قبل سنوات، ولا يزال بعض كبار السن منهم ينهجونه إلى اليوم.

وأكثر الخطباء في هذا العصر حسب علمي يجعلون الخطبة الثانية موصولة بالأولى
وفي موضوعها نفسه، وينهجون في ذلك منهجين:

أ - أن يلخص فيها موضوع الخطبة بعبارات مركزة فتكون كخاتمة مركزة للموضوع.

ب - أن يذكر المطلوب من السامعين حيال الموضوع الذي طرحه،
ولعلّ هذا المنهج أحسن لتلافي التكرار، ولحصول الفائدة من عرض الموضوع؛
ذلك أن المستمعين استمعوا في الخطبة الأولى إلى عرض الموضوع بأدلته النقلية والعقلية، فاقتنعوا بأهميته،
وهم ينتظرون من الخطيب أن يبين لهم ما يجب عليهم تجاهه؛
فإن كان الموضوع عن سُنَّة مهجورة حفزهم لإحيائها، وإن كان منكرًا حثهم على إنكاره،
وإن كان نصرة للمسلمين بيّن لهم طرق النصرة ومسالكها.



? تنبيه مهم:

يلاحظ أن كثيرًا من الخطباء يجتهدون في جمع مادة الموضوع،
وحشد النصوص له، وحسن الصياغة، وهذا يُقنع المستمع بما أُلقي عليه- لكنهم لا يذكرون واجب المستمع تجاه
ما أُلقي حتى كأن الخطبة لم توجَّه للمستمع، ومن ثم لا تؤدي النتيجة المرجوة منها،
وتجد أن الناس خرجوا من عند الخطيب متأثرين مثنين على خطبته وجمالها وقوتها،
وأهمية موضوعها لكنهم لم يدركوا ما المطلوب منهم تجاه الموضوع المطروح.

وربما أن بعضهم لفطنته فهم أنه معنيٌّ بهذا الموضوع، ومخاطَب به، وعليه واجب تجاهه- لكنه لا يدري ماذا يفعل،
أو ربما اجتهد فأخطأ؛ فينبغي للخطيب أن يلخص واجب كل مسلم تجاه الموضوع الذي أُلقي،
سواء على وجه الإجمال، أو بشيء من التفصيل والبيان؛ إذ إن هذا هو مقصود الخطبة
وهو أن يخرج الناس من المسجد وهم متشوقون إلى أداء ما يجب عليهم تجاه ما ألقاه الخطيب.


.

.

.


قديم 29-02-2012, 08:47 PM
المشاركة 9

عضو له مكانه في قلوبنا

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

.








.

.



إعداد الخطبة وبناؤها
د. صالح بن عبد الله بن حميد

إن ذا الاطلاع الواسع والعلم الغزير إن لم يراجع نفسه حينا بعد حين ويفكر طويلا فيما يعتزم قوله ويزوق
في نفسه أو قرطاسه من الألفاظ والعبارات المناسبة، فلسوف يهتز موقفه ويضعف أسلوبه ويتراخى أداؤه،
ويتناقص عطاؤه، وينحدر في منجرف الابتذال السحيق وتكون معالجاته سطحية تفقد تأثيرها وتخسر جمهورها.
عناصر البناء
من المعلوم مما سبق ويتأكد فيما سيأتي أن الخطبة وسائر الأعمال العلمية والأدبية تحتاج إلى أسس ثلاثة:
قلب مفكر، وبيان مصور، ولسان معبر.
فالأول يكون به إيجاد الموضوع وابتكاره وتوليده، وبالثاني تنسيقه وترتيبه ورصه، وبالثالث عرضه والتعبير به.
وهذا بسط لهذه العناصر.
الإيجاد والابتكار: (القلب المفكر)
وقد يعبر عنه بالاختيار (اختيار الموضوع).
من المعلوم أن بواعث الاختيار متعددة، والخطيب كلما كان صادقا في قصده،
مهتما بجمهوره وسامعيه، جادا في طرحه محترما لنفسه، فسوف يحسن الاختيار،
ويقدح زناد فكره بجدية نحو الابتكار وحسن الاختيار، يضاف إلى ذلك الظروف المحيطة،
والأحوال المستجدة، والأغراض الباعثة التي تستدعي الحديث عن بعض الوقائع والتعليق
على بعض الأحداث والتفسير لبعض المواقف وتصحيح بعض المفاهيم،
ونظر الخطيب الحصيف يدله على تقديم بعض وتأخير بعض وحسن التفسير ونوع التعليق.
التنسيق والترتيب: (البيان المصور)
لا يخفى أن طريق البيان المصور هو الأسلوب.
للأسلوب سلطان لا يضعفه العقل وأثر لا يمحوه الدليل، الأسلوب ألفاظ وجمل ينطق بها المتكلم ويتحدث
بها الخطيب لا تكاد تخرج من فيه حتى تعلو الهيبة وجوه السامعين وتمتد الأعناق له احتراما،
ألفاظ وجمل تثير في النفوس صورا لا حد لها ولا انحصار، محفوفة بالإكبار والتقدير،
إذا كان هذا هو بعض أثر الأسلوب وتأثيره فكيف يكون الشأن في المعنى المحكم وقد كسي بلفظ جميل
وألقي بلفظ منسجم وعبارات تثير في النفس أخيلة وأماني ؟
وينبغي أن يلحظ أن ثمت فرقا بين أسلوب الخطابة وغيرها من ألوان الكتابة والآداب،
فالمستمع يتوجه نحو الخطيب بسمعه وذوقه وفكره فللكلمات أثر على السمع،
وللجرس في النفس وقع، وللعقل فيه إدراك.
ومن أجل هذا فينبغي أن تكون ألفاظ الخطبة سهلة النطق لا يتعثر اللسان في إبرازها،
ولا تتزاحم حروفها فلا تتقارب مخارجها ولا تتباعد،
كما ينبغي أن تكون ذات جرس خاص يهز النفس ويثير الشعور،
وتكون الجمل ذات مقاطع قصيرة كل جملة كاملة في معناها.
إن من أهم خصائص الأسلوب الخطابي عنصر الشعور والوجدان والإثارة والتشويق، وإذا فقد ذلك فقد أكبر خصائصه.
أسلوب التكرار والتفنن في التعبير عنصر في الخطابة هام،
فالخطيب محتاج إلى تكرار فكرته ومغايرة تصويره، فمرة بالتقرير ومرة بالاستفهام وأخرى بالاستنكار ورابعة بالتهكم.
أما فن الإيجاز والإطناب فيختلف من حال إلى حال،
فيراعى حال السامعين في إقبالهم ومللهم ونوع الموضوع وظروف الإلقاء وردود الفعل عند السامعين.
أما ألفاظ الخطبة وعباراتها فينبغي أن تتسم بالوضوح والبيان لتكون سهلة الإدراك
من السامعين سريعة الإيصال إلى المقصود بعيدة عن الوحشي والتكلف.
وفي ذات الوقت تبقى محترمة غير مبتذلة تحفظ للخطيب وخطبته الهيبة والوقار وللموقف مكانته وجلاله.
فهي ألفاظ منتقاة في غير إغراب في أسلوب سهل ممتنع يفهمه الدهماء ولا يجفو عنه الأكفاء.
ومن الحذق في المعرفة أن يدرك الخطيب أن خطاب الحماس غير خطاب التألم،
وحديث الترغيب غير حديث الترهيب، وأسلوب تعداد المفاخر وزرع الثقة غير أسلوب التواضع وذم الكبر والمتكبرين،
والخطيب المتمرس هو الذي يضع كل نوع في موضعه ويختار لكل كلمة قالبها وميدانها.
أما السجع فيجمل منه ما ليس بمتكلف قصير الفقرات،
سهل المأخذ يخف على السمع، ويحرك المشاعر بحسن جرسه،
ويكون خفيفا سهلا إذا سلم من الغثاثة وجانب الركاكة، اللفظ فيه تابع للمعنى وليس المعنى تابعا للفظ،
ذلك أن السجع حلية والحلية لا تحقق غرضها في الجمال ما لم تكن قليلة غير متكلفة حسنة التوزيع تبرز المحاسن ولا تغطيها.
ويرتبط بالسجع رعاية المقاطع والفواصل فتكون جملا قصيرة نظرا للفائدة عند الوقوف في آخرها،
والجملة إذا طالت وتأخرت إفادتها للسامع أدركه الثقل والملل، وضاعت عليه الفائدة وحسن المتابعة.
اللسان المعبر:
ويقصد به الإلقاء وحسن الإجادة فيه، وقبل أن نبسط القول فيه يحسن التطرق لحديث مقارنة بين الارتجال والكتابة.
بين الارتجال والكتابة:
كثير من الكاتبين والناقدين يستحسنون في الخطيب أن يلقي خطبه ارتجالا،
فهذا عندهم أعظم أثرا وأكثر انفعالا وأقدر على إعطاء الموقف متطلباته من خفض ورفع وتهدئة وزجر،
وقد يدون المرتجل عناصر مقولته في كلمات أو جمل يعاود النظر إليها بين فينة وفينة.
وقد يوجد في الخطباء من يعد الخطبة ويحسن تحبيرها ثم يحفظها حفظا عن ظهر قلب.
والارتجال بأنواعه وطرقه لا يكون مؤثرا ما لم يسبقه إعداد محكم وحبك للعناصر في النفس
على نحو ما سبق في الكلام على الأسلوب.
وثمت فئة من الناس تكتب الخطبة وتلقيها من القرطاس وهو مسلك مقبول، ولكن ذلك لا يؤتي ثمرته ولا يحقق غايته،
ما لم يكن الخطيب أحسن الإعداد وتأمل فيما كتب وأعاد النظر فيه تأملا وقراءة وإصلاحا وتخيرا للألفاظ وانتقاء للعبارات،
بحيث يكون في إلقائه متفاعلا مع ما يقول مستوعبا لما يلقي ليحرك المشاعر
ويثير العواطف ويستحسن أن يكون في قراءاته وإلقائه مشرفا على السامعين بنظره بين
فترة وأخرى ليعرف حالهم ويسبر مشاعرهم وانفعالاتهم.
الإلقاء:
هو الغاية التي ينتهي إليها الإعداد والبناء، وهو الصورة التي يتلقى بها السامع حصيلة ما جاد به خطيبه،
فلا يبقى للخطبة أثرها ولا لحسن الأسلوب وقعه ولا لجودة التحضير ثمرته ما لم يصب في قالب من الإلقاء
يحفظ الجهد ويبقي المهابة ويشنف الأسماع، ومن أجل تحقيق ذلك يحسن مراعاة ما يلي:
جودة النطق:
فيخرج الحروف مخارجها من غير تشدق أو تكلف فيلقيها حسنة صحيحة واضحة في يسر وترفق وتدفق.
مجانبة اللحن:
ينبغي للخطيب أن يعتني عناية تامة باللغة العربية صرفا ونحوا فينطق
لغة عربية صحيحة فصيحة، فاللحن يفسد المعنى ويقلب المقصود.
وإذا فسد المعنى أو التبس ذهب رونق الخطبة وبهاؤها وحسن وقعها،
إضافة إلى فساد المعنى من حيت يدري أو لا يدري.
التمهل في الإلقاء:
النطق السريع المتعجل يفقد المتابعة كما أنه قد يشوه إخراج الحروف فيختلط بعضها
ببعض وتتداخل المعاني وتلتبس العبارات، وقد يؤدي به التعجل إلى إهمال الوقوف عند المقاطع ورعاية الفواصل.
ومن جهة أخرى فإن التمهل والترسل في الأداء من أول الدلائل على رباطة الجأش
فيجمع للخطب الهدوء في الكلام، والأناة في النطق، والجزالة في الصوت.
وهذا التمهل الذي ندعو إليه لا ينبغي أن يقود إلى هدوء بارد وتثاقل مميت، ولكنه
تمهل لا يعارض ما يطلب من الخطيب من خفض ورفع وعلو نبرات مما يبعث على الحياة وحسن المتابعة ودفع السآمة.
الحركات والإشارات:
للإشارات والحركات أثرها أثناء الحدث والخطابة، ومن هذه الحركات ما هو لا إرادي
فالغاضب يقطب جبينه ويعبس وجهه، وذو الحماس تنتفخ أوداجه وتحمر عيناه،
ومنهم من تنقبض أصابعه وتنبسط، ومنهم من يبكي خشوعا ورقة ويعلو صوته حماسا وتفاعلا.
وبعضها إرادي من إشارات توجيهية يحتاج إليها في تنبيه لبعيد أو قريب،
إشارات تعكس الانفعال والمشاعر وتعين على مزيد من المتابعة والتوضيح.
وينبغي أن تكون إشارات منضبطة بقدر معقول وانفعال غير متكلف ومتساوقة مع الشعور الحقيقي.

طريقة البناء
تبنى الخطبة عادة من ثلاثة أجزاء: المقدمة والموضوع والخاتمة.
وهى عناصر لا يصرح بها أثناء الكتابة أو الإلقاء، كما أنها عناصر متداخلة متناسقة،
يبلغ الترابط بينها جودته حسب مقدرة الخطيب وغزارة علمه وخبرته فتنتظم أجزاء الخطبة ويحكم تركيبها.
وهذا الانتظام والإحكام يجعل المعاني واضحة والمقاصد ظاهرة،
ويضمن للمتحدث حسن الإصغاء من سامعيه وكمال الانتباه من جالسيه.
وقد لا يلزم مراعاة هذه الأجزاء في كل خطبة لكن خطبة الجمعة غالبا ما تحتاج
إليها نظرا لأنها خطبة طويلة غير قصيرة.
المقدمة:
ينبغي أن يهتم الخطيب بمقدمته وافتتاحيته، فيأتي بعبارات الاستهلال التي توحي للسامع بمقصود الخطبة،
مما يشد الانتباه ويهيئ النفوس، وقد يكون ذلك بآيات قرآنية زاجرة أو مرغبة أو بعض الحكم البليغة،
والافتتاحية هي أول ما يلقيه الخطيب على جمهوره، فإذا ما فاجأهم بحسن التقديم استطاع متابعة بقية خطبته
بانطلاق ونشوة وعاش مع جمالها اللفظي وسبكها الفني ومعناها الدقيق.
وإن الناظر في افتتاحيات أوائل السور في القرآن الكريم يدرك
ما تثيره في النفس من الإجلال والشوق والرغبة في المتابعة،
فترى الافتتاح حينا بالثناء على الله عز وجل تسبيحه وتنزيهه، وحينا بالنداء أو الاستفهام أو القسم
مما يولد الرغبة في المتابعة ويولد اللهفة في الاستكشاف لدى كل ذي ذوق رفيع وحس مرهف.
والمقصود أن يكون في صدر الكلام ما يدل على غاية المتحدث،
على أن من المعلوم أن خطبة الجمعة تفتتح بحمد الله والثناء عليه والشهادتين
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون في هذه الألفاظ
من حسن الانتقاء ما يدل على موضوع الخطبة ومقصودها.
ومعروف عند المتقدمين من السلف -رحمهم الله- أن ما لا يبتدأ بالحمد فهو الأجذم الأبتر،
وما لم يزين بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو المشوه.
الموضوع:
وهو مقصود الخطبة الأعظم، وقد أشرنا في الكلام على أنواع الخطب إلى معظم مقاصد خطبة الجمعة.
وقد يكون من المناسب التصريح به في مبتدأ الخطبة كأن يقول:
أريد أن أحدثكم عن كذا.. إذا كان من قضايا الساعة التي يخوض فيها المجتمع ويتطلع إلى كلام شاف فيها.
وقد لا يحسن التصريح به، إما لأنه شائك أو يوجب انقسام الناس،
وفي هذه الحالة ينبغي أن يدخل إليه الخطيب دخولا متدرجا، ويتناوله تناولا غير مباشر،
ليأخذ السامعين بتسلسل منطقي فيصل إلى مبتغاه باعتدال وتوازن متحاشيا الإثارة
والانقسام، ومن ثم يبلغ الخطيب غايته من تهيئة النفوس إن كانت عنه معرضة وإليه غير مقبلة
أو كان حديثا في غير ما تألفه نفوسها.
وموضوع الخطبة عادة ما يبتنى على ركنين أساسيين هما التعريف والإيضاح والاستدلال.
التعريف والإيضاح:
أما التعريف والإيضاح: فلا يقصد به ما يعتني به الباحثون المختصون من اللغة والاصطلاح،
ولكنه يكون بذكر الصفات والخواص والمزايا لذات الموضوع وقد يكون الاستعارات
والتشبيهات وضرب الأمثال والإجمال ثم التفصيل وبالصلة والتضاد والتقابل. وانظر إلى هذا التعريف
من علي رضي الله عنه للمتقين من خلال أوصافهم ونعوتهم فهو يقول: " المتقون هم أهل الفضائل،
منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، غضوا أبصارهم عن الحرام،
ووقفوا أسماعهم على النافع من العلم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء،
ولولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب ".
الاستدلال:
أما الاستدلال: فغالبا يحتاج الموضوع إلى ما يدعمه بالأدلة والحجج والبراهين
والشواهد وهي عادة ما تكون من الكتاب والسنة وأقوال السلف، وإيراد بعض الوقائع
والأحداث من باب القياس والاعتبار بل إن زيادة الإيضاح والبسط والبيان نوع من التدليل
وكسب إقناع المستمعين بصدقها أو أهميتها أو خطورتها، ومما يدخل في هذا الباب دخولا أوليا ربط الحاضر
بالماضي وبخاصة تاريخ السلف الماضين، فإن من النفوس من تحفظ تقديرا وإكبارا لسلفها المجيد، وأصحابه الأماجد،
ولأمر ما قال الكفار: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ)(1)، وقالوا: (بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا)(2).
ويفيد في هذا الباب النقل عن مشاهير الأئمة وحكمائها ممن عرفوا بالصلاح والإمامة
والمروءة والزهد والشجاعة والورع حسبما يقتضي المقام ويناسب المقال.
الخاتمة:
بعد أن يفرغ الخطيب من عرض موضوعه، وسوق أدلته، وضرب أمثلته وبيان دروسه، وعبره،
وترغيبه وترهيبه، يحسن أن ينهي خطبته بخاتمة مناسبة تجمع أفكاره، وتلخص موضوعه،
بعبارات مغايرة، وطريقة مختصرة؛ لأن الإطالة في هذه الحالة تجلب الملل وتشتت الفكر.
ولا ينبغي أن تحتوي على أفكار جديدة وأدلة جديدة؛ لأنها حينئذ لا تكون خاتمة وإنما جزء من الخطبة وامتداد لها.
وتكون الخاتمة قوية في تعبيرها وتأثيرها، لأنها آخر ما يطرق سمع السامع ويبقى في ذهنه،
وإذا كانت ضعيفة في تركيبها فاترة في إلقائها، ذهبت فائدة الخطبة، ذلك أن من نجاح الخطيب أن يلقي خاتمته بثقة وطريقة مؤثرة ومقنعة، وكأنه يشعر جمهوره بأنه قد انتهى إلى رأي ومسألة لا تقبل الجدل ولا تحتمل النظر.
وقد تكون الخاتمة آيات قرآنية لم يسقها من قبل تجمع موضوعه في الترغيب أو الترهيب أو التدليل والإثبات،
وقد تكون حديثا نبويا يفيد ما تفيده الآيات القرآنية.
وقد يكون إعادة لعناصر الخطبة بأسلوب مغاير -كما أسلفت-
وبطريقة جامعة واضحة ذات تأثير قوي.
هذا ما يتعلق في بناء الخطبة وثمت مسائل لا يسع الكاتب إغفالها من أجل استكمال التصور الشامل
عن الخطبة وحسن إعدادها وهي مسائل ثلاث: وحدة الموضوع، الجدة والتغيير، طول الخطبة.
وحدة الموضوع:
ينبغي الاقتصار على موضوع واحد تستوفى عناصره، وتحبر كلماته وتعمق معالجته،
لأن تشعب المواضيع وتعدد القضايا في المقام الواحد يشتت الأذهان، وينسي بعضها بعضا،
ويقود إلى الإطالة المملة والصورة الباهتة وسطحية المعالجة.
الجدة والتغيير:
ويعني ذلك ألا يلتزم الخطيب طريقا واحدة أو وتيرة واحدة في أسلوبه وطريقة إلقائه،
بل يكون استفهاميا تارة، وتقريريا أخرى، وضربا للأمثال، وتلمسا للحكم والأسرار،
مع ما يطلب من معايشه الأحداث، ومتابعة المتغيرات، وتلمس حاجات الناس وتوجيههم وتبصيرهم
تمشيا مع أثر هذه المتغيرات عليهم.
على أن الخطب المنبرية بطبيعتها قد تستدعي تكرارا لبعض مواضيعها إن لم يكن كثيرا منها ؛
لأن من أعظم أغراضها ومقاصدها الدعوة والتذكير. والتذكير في حقيقته يعني الحديث
عن شيء سبق علم السامع به فهو تنبيه لغافل، وحث لمقصر، مما تستدعي التجديد
في الطرق والأسلوب والمعالجة، كالتوحيد والعبادة والصلاة والصوم والزكاة وبر الوالدين
والمحرمات من الربا والزنا والخمر والزور وأكل أموال الناس بالباطل وأمثالها مما يجب
مراعاة التجديد في طرقها والتغيير في عرضها.
طول الخطبة:
من المعلوم أن معالجات المواضيع تختلف باختلاف محتواها وظروفها وسامعيها،
ففي بعض الظروف يحسن البسط والإطناب، ويكون السامعون مستعدين لاستماع،
كما هو مشاهد في ظروف الأزمات والأوضاع ذات النقاشات الحادة والأحوال المتوترة،
كما أن بعض الخطباء عنده من الجاذبية وحسن العرض والإلقاء ولطف التودد والأخذ بالألباب
ومجامع العقول ما يجعلهم يطلبون المكوث حول خطيبهم ويقبلون منه الإطالة،
إن هذه ظروف وأوضاع لا تنكر ولكن الحال الأغلب والواقع الأعم أن
النفوس لها حد تحسن فيه الاستماع وتدرك فيه المعاني، بعده تتشبع وتقف ويصبح الكلام عندها مملولا،
والكلام ثقيلا، وينسي بعضه بعضا، فالوصية العامة للخطباء أن يجتنبوا الإطالة ويجنحوا إلى الاعتدال
وتغليب جانب الاختصار على الإطناب في أعم الأحوال، وقد قال عليه الصلاة السلام:
" إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه "(3).
ويحسن من الخطيب أن يعود سامعيه على زمن معتدل ثابت يلتزمه فإنهم إذا خبروه
بانضباطه ودقة التزامه أحبوه ولازموا حضوره.
ومن الخير للخطيب وجمهوره أن ينفضوا وهم متعلقون بخطيبهم من غير ملل أو سآمة.

(1) سورة الزخرف آية: 22.
(2) سورة البقرة آية: 170.
(3) مسلم الجمعة (869)، أحمد (4/263)، الدارمي الصلاة (1556).

انتهى الموضوع
المصدر
موقع الاسلام للدعوة و الارشاد



.

.

.


قديم 01-03-2012, 04:12 AM
المشاركة 10

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء











][ جووود..
جَزاكِ الله خَيرَ الْجَزاءْ وَبارَكَ الله فِيكِ عَـ الْطَرحْ الْقَيّمْ وَالْنقاطْ الْهامَهـْ
جَعلَ ال خآلقْ مآ كتبتـِ بِ مِيزآنَ حَسنآتُكِ


حَماكِ الرَحْمَنْ....




عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 02-03-2012, 01:29 AM
المشاركة 11
الجفووول
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء

شكر الله لك جهد النقل وروعة التنسيق
وجزاك الله خير وجعله في موازين حسناتك

قديم 04-03-2012, 02:04 AM
المشاركة 12

 

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء
جــــــــوود
الله يجزيك كل الخير غاليتي
بميزان حسناتك ان شاء الله
آرق تحيه لـ قلبك








ثِقُـوآ تَمَامَاًإ .,
أَن الْسَّمَآء كَبِيـْرَة جِدّاً . .
تَتَّسِع لِكُل رَسَائِلُكُـم المُتلَهْفة لِلْإِجَابَة
فَقَط أَكْثِرُوْ مِن قَوْل : يَ رَ بَ
قديم 06-03-2012, 09:44 AM
المشاركة 13
 

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
اثابك الله وجعله في ميزان حسناتك



تحياتي





[أسأل الله رب العرش العظيم ...
أن يغفر لوالدي ويجعله في روضةمن رياض الجنة ]
قديم 06-03-2012, 09:55 PM
المشاركة 14

 

  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء








ζζ ..


ربي يجزاك كل خير، نسأل الله أن يجعل فيما طرحت الخير والنفع
ويجعله في ميزان حسناتك



خآلص ....التحيّة .. ζζ






إذا كان الجمال .. كل الجمال يكمن في العيون وسحرهـا ،
ماذا يفعل الجمال إذا حان وقت النوم؟
قديم 08-03-2012, 01:40 AM
المشاركة 15
شذي الروح
عضو أمتعنا وجوده
  • غير متواجد
رد: مُلتقى الخطباء
جزاكــــي الله خـــــــــيرآآآآآآ
وجعــــــــــــله الله في مواااازين حسنااااتكـ
دمتي بحب.....
شذي الرووووح




الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

Bookmark and Share



الساعة الآن 07:45 PM.