قديم 21-10-2009, 02:42 PM
المشاركة 2

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير الجلالين ))


يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ
مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
سَرِيعُ الْحِسَابِ


"يَسْأَلُونَك" يَا مُحَمَّد "مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ" مِنْ الطَّعَام "قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات" الْمُسْتَلَذَّات
"و" صَيْد "مَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِح" الْكَوَاسِب مِنْ الْكِلَاب وَالسِّبَاع وَالطَّيْر "مُكَلِّبِينَ"
حَال مِنْ كَلَّبْت الْكَلْب بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَرْسَلْته عَلَى الصَّيْد "تُعَلِّمُونَهُنَّ" حَال مِنْ ضَمِير
مُكَلِّبِينَ أَيْ تُؤَدِّبُونَهُنَّ "مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّه" مِنْ آدَاب الصَّيْد "فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ"
وَإِنْ قَتَلَتْهُ بِأَنْ لَمْ يَأْكُلْنَ مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْر الْمُعَلَّمَة فَلَا يَحِلّ صَيْدهَا وَعَلَامَتهَا أَنْ تَسْتَرْسِل
إذَا أُرْسِلَتْ وَتَنْزَجِر إذَا زُجِرَتْ وَتُمْسِك الصَّيْد وَلَا تَأْكُل مِنْهُ وَأَقَلّ مَا يُعْرَف بِهِ ثَلَاث مَرَّات فَإِنْ
أَكَلَتْ مِنْهُ فَلَيْسَ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَى صَاحِبهَا فَلَا يَحِلّ أَكْله كَمَا فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ
وَفِيهِ أَنَّ صَيْد السَّهْم إذَا أُرْسِلَ وَذُكِرَ اسْم اللَّه عَلَيْهِ كَصَيْدِ الْمُعَلَّم مِنْ الْجَوَارِح
"وَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهِ" عِنْد إرْسَاله .

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي
الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ


"الْيَوْم أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات" الْمُسْتَلَذَّات "وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب" أَيْ ذَبَائِح الْيَهُود وَالنَّصَارَى
"حِلّ" حَلَال "لَكُمْ وَطَعَامكُمْ" إيَّاهُمْ "حِلّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَات مِنْ وَالْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات"
الْحَرَائِر "مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ" حِلّ لَكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ "إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ" مُهُورهنَّ "مُحْصِنِينَ" مُتَزَوِّجِينَ "
غَيْر مُسَافِحِينَ
"
مُعْلِنِينَ بِالزِّنَا بِهِنَّ "وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَان"
مِنْهُنَّ تُسِرُّونَ بِالزِّنَا بِهِنَّ "وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ" أَيْ يَرْتَدّ "فَقَدْ حَبِطَ عَمَله" الصَّالِح قَبْل ذَلِك فَلَا
يُعْتَدّ بِهِ وَلَا يُثَاب عَلَيْهِ "وَهُوَ فِي الْآخِرَة مِنْ الْخَاسِرِينَ" إذَا مَاتَ عَلَيْهِ.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا
بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ
أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ
وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ


"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ" أَيْ أَرَدْتُمْ الْقِيَام "إلَى الصَّلَاة" وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ "فَاغْسِلُوا
وُجُوهكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إلَى الْمَرَافِق
" أَيْ مَعَهَا كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّة . "وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ"
الْبَاء لِلْإِلْصَاقِ أَيْ أَلْصِقُوا الْمَسْح بِهَا مِنْ غَيْر إسَالَة مَاء وَهُوَ اسْم جِنْس فَيَكْفِي أَقَلّ مَا
يَصْدُق عَلَيْهِ وَهُوَ مَسْح بَعْض شَعْره وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ "وَأَرْجُلكُمْ" بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى
أَيْدِيكُمْ وَبِالْجَرِّ عَلَى الْجِوَار "إلَى الْكَعْبَيْنِ" أَيْ مَعَهُمَا كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّة وَهُمَا الْعَظْمَانِ
النَّاتِئَانِ فِي كُلّ رِجْل عِنْد مَفْصِل السَّاق وَالْقَدَم وَالْفَصْل بَيْن الْأَيْدِي وَالْأَرْجُل الْمَغْسُولَة
بِالرَّأْسِ الْمَمْسُوح يُفِيد وُجُوب التَّرْتِيب فِي طَهَارَة هَذِهِ الْأَعْضَاء وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَيُؤْخَذ
مِنْ السُّنَّة وُجُوب النِّيَّة فِيهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَات "وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا" فَاغْتَسِلُوا
"وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى" مَرَضًا يَضُرّهُ الْمَاء "أَوْ عَلَى سَفَر" أَيْ مُسَافِرِينَ
"أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط" أَيْ أَحْدَثَ "أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء" سَبَقَ مِثْله فِي آيَة
النِّسَاء "فَلَمْ تَجِدُوا مَاء" بَعْد طَلَبه "فَتَيَمَّمُوا" اقْصِدُوا "صَعِيدًا طَيِّبًا" تُرَابًا طَاهِرًا
"فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ" مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ "مِنْهُ" بِضَرْبَتَيْنِ وَالْبَاء لِلْإِلْصَاقِ وَبَيَّنَتْ
السُّنَّة أَنَّ الْمُرَاد اسْتِيعَاب الْعُضْوَيْنِ بِالْمَسْحِ "مَا يُرِيد اللَّه لِيَجْعَل عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج"
ضِيق بِمَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْوُضُوء وَالْغُسْل وَالتَّيَمُّم "وَلَكِنْ يُرِيد لِيُطَهِّركُمْ
" مِنْ الْأَحْدَاث وَالذُّنُوب "وَلِيُتِمّ نِعْمَته عَلَيْكُمْ"
بِالْإِسْلَامِ بِبَيَانِ شَرَائِع الدِّين "لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" نِعَمه.







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 21-10-2009, 03:52 PM
المشاركة 3

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير ابن كثير ))

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ


يَقُول تَعَالَى مُذَكِّرًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ نِعْمَته عَلَيْهِمْ فِي شَرْعه لَهُمْ هَذَا الدِّين الْعَظِيم
وَإِرْسَاله إِلَيْهِمْ هَذَا الرَّسُول الْكَرِيم وَمَا أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَهْد وَالْمِيثَاق فِي مُبَايَعَته
عَلَى مُتَابَعَته وَمُنَاصَرَته وَمُؤَازَرَته وَالْقِيَام بِدِينِهِ لِإِبْلَاغِهِ عَنْهُ وَقَبُوله مِنْهُ فَقَالَ تَعَالَى
" وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقه الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا " وَهَذِهِ
هِيَ الْبَيْعَة الَّتِي كَانُوا يُبَايِعُونَ عَلَيْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد
إِسْلَامهمْ كَمَا قَالُوا بَايَعْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَة
فِي مَنْشَطنَا وَمَكْرَهنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِع الْأَمْر أَهْله وَقَالَ اللَّه تَعَالَى
" وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالرَّسُول يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ
" وَقِيلَ هَذَا تَذْكَار لِلْيَهُودِ بِمَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَوَاثِيق وَالْعُهُود فِي مُتَابَعَة
مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِانْقِيَاد لِشَرْعِهِ رَوَاهُ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن
عَبَّاس وَقِيلَ هُوَ تَذْكَار بِمَا أَخَذَ تَعَالَى مِنْ الْعَهْد عَلَى ذُرِّيَّة آدَم حِين اِسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ
صُلْبه وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسهمْ" أَلَسْت بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا " قَالَهُ مُجَاهِد وَمُقَاتِل
بْن حَيَّان وَالْقَوْل الْأَوَّل أَظْهَرُ وَهُوَ الْمَحْكِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَالسُّدِّيّ وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير ثُمَّ
قَالَ تَعَالَى" وَاتَّقُوا اللَّه " تَأْكِيد وَتَحْرِيض عَلَى مُوَاظَبَة التَّقْوَى فِي كُلّ حَال ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ
أَنَّهُ يَعْلَم مَا يَتَخَالَج فِي الضَّمَائِر مِنْ الْأَسْرَار وَالْخَوَاطِر فَقَالَ " إِنَّ اللَّه عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور " .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا
تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا


قَوْله تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ " أَيْ كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْحَقِّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
لَا لِأَجْلِ النَّاس وَالسُّمْعَة وَكُونُوا" شُهَدَاء بِالْقِسْطِ " أَيْ بِالْعَدْلِ لَا بِالْجَوْرِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي
الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير أَنَّهُ قَالَ : نَحَلَنِي أَبِي نُحْلًا فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَة بِنْتُ
رَوَاحَةَ : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِد عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ لِيُشْهِدهُ
عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ : أَكُلَّ وَلَدِك نَحَلْت مِثْلَهُ ؟ قَالَ لَا قَالَ : " اِتَّقُوا اللَّه وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادكُمْ- وَقَالَ -
إِنِّي لَا أَشْهَد عَلَى جَوْر
" قَالَ : فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَة وَقَوْله تَعَالَى
" وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآن قَوْم عَلَى أَنْ لَا تَعْدِلُوا " أَيْ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْض قَوْم عَلَى تَرْك الْعَدْل
فِيهِمْ بَلْ اِسْتَعْمِلُوا الْعَدْل فِي كُلّ أَحَد صَدِيقًا كَانَ أَوْ عَدُوًّا وَلِهَذَا قَالَ " اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى
" أَيْ أَقْرَبُ إِلَى التَّقْوَى مِنْ تَرْكه وَدَلَّ الْفِعْل عَلَى الْمَصْدَر الَّذِي عَادَ الضَّمِير عَلَيْهِ
فِي نَظَائِره مِنْ الْقُرْآن وَغَيْره كَمَا فِي قَوْله " وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ اِرْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ "
وَقَوْله : هُوَ أَقْرَب لِلتَّقْوَى مِنْ بَاب اِسْتِعْمَال أَفْعَلَ التَّفْضِيل فِي الْمَحَلّ الَّذِي لَيْسَ فِي
الْجَانِب الْآخَر مِنْهُ شَيْء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا
وَأَحْسَنُ مَقِيلًا
" وَكَقَوْلِ بَعْض الصَّحَابِيَّاتِ لِعُمَرَ : أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَاتَّقُوا اللَّه إِنَّ اللَّه خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ " أَيْ وَسَيَجْزِيكُمْ عَلَى
مَا عَلِمَ مِنْ أَفْعَالكُمْ الَّتِي عَمِلْتُمُوهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْر وَإِنْ شَرًّا فَشَرّ وَلِهَذَا قَالَ بَعْده
" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَهُمْ مَغْفِرَة ".

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ

أَيْ لِذُنُوبِهِمْ " وَأَجْر عَظِيم " وَهُوَ الْجَنَّة الَّتِي هِيَ مِنْ رَحْمَته عَلَى عِبَاده لَا يَنَالُوهَا
بِأَعْمَالِهِمْ بَلْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْل وَإِنْ كَانَ سَبَب وُصُول الرَّحْمَة إِلَيْهِمْ أَعْمَالهمْ وَهُوَ
تَعَالَى الَّذِي جَعَلَهَا أَسْبَابًا إِلَى نَيْل رَحْمَته وَفَضْله وَعَفْوه وَرِضْوَانه فَالْكُلّ مِنْهُ وَلَهُ
فَلَهُ الْحَمْد وَالْمِنَّة .






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 22-10-2009, 01:32 AM
المشاركة 4

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير ابن كثير ))


وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ

ثُمَّ قَالَ " وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم " وَهَذَا مِنْ عَدْله تَعَالَى
وَحِكْمَته وَحُكْمه الَّذِي لَا يَجُور فِيهِ بَلْ هُوَ الْحَكَم الْعَدْل الْحَكِيم الْقَدِير .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ
أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ


وَقَوْله تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْم أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ
أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ
" قَالَ عَبْد الرَّزَّاق : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي
سَلَمَة عَنْ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ مَنْزِلًا وَتَفَرَّقَ النَّاس فِي الْعِضَاهِ
يَسْتَظِلُّونَ تَحْتهَا وَعَلَّقَ النَّبِيّ سِلَاحه بِشَجَرَةٍ فَجَاءَ أَعْرَابِيّ إِلَى سَيْف رَسُول اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهُ فَسَلَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
مَنْ يَمْنَعك مِنِّي قَالَ : اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالَ الْأَعْرَابِيّ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مَنْ يَمْنَعك مِنِّي ؟
وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : اللَّه قَالَ فَشَامَ الْأَعْرَابِيّ السَّيْف فَدَعَا النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابه فَأَخْبَرَهُمْ خَبَر الْأَعْرَابِيّ وَهُوَ جَالِس إِلَى جَنْبه وَلَمْ
يُعَاقِبهُ. وَقَالَ : مَعْمَر كَانَ قَتَادَة يَذْكُر نَحْو هَذَا وَيَذْكُر أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْعَرَب أَرَادُوا أَنْ يَفْتِكُوا
بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلُوا هَذَا الْأَعْرَابِيّ وَتَأَوَّلَ" اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه
عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْم أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ
" الْآيَة . وَقِصَّة هَذَا الْأَعْرَابِيّ وَهُوَ غَوْرَث
بْن الْحَارِث ثَابِتَة فِي الصَّحِيح وَقَالَ الْعَوْفِيّ : عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة
" يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْم أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ
أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ
" وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْيَهُود صَنَعُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلِأَصْحَابِهِ طَعَامًا لِيَقْتُلُوهُمْ فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ بِشَأْنِهِمْ فَلَمْ يَأْتِ الطَّعَام وَأَمَرَ أَصْحَابه
فَأَتَوْهُ. رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَالَ أَبُو مَالِك : نَزَلَتْ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَأَصْحَابه حِين
أَرَادُوا أَنْ يَغْدِرُوا بِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابه فِي دَار كَعْب بْن الْأَشْرَف رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَذَكَرَ
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَغَيْر وَاحِد أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْن بَنِي
النَّضِير حِين أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوا عَلَى رَأْس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَحًى لَمَّا
جَاءَهُمْ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَة الْعَامِرِيَّيْنِ وَوَكَّلُوا عَمْرو بْن جَحْش بْن كَعْب بِذَلِكَ وَأَمَرُوهُ
إِنْ جَلَسَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْت الْجِدَار وَاجْتَمَعُوا عِنْده أَنْ يُلْقِي تِلْكَ
الرَّحَى مِنْ فَوْقه فَأَطْلَعَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا تَمَالَئُوا عَلَيْهِ
فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة وَتَبِعَهُ أَصْحَابه فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَة قَوْله تَعَالَى
" وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ " يَعْنِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّه كَفَاهُ اللَّه مَا أَهَمَّهُ
وَحَفِظَهُ مِنْ شَرّ النَّاس وَعَصَمَهُ ثُمَّ أَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْدُوا
إِلَيْهِمْ فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى أَنْزَلَهُمْ فَأَجَلَاهُمْ .

وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي
مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ
قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ


"وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق بَنِي إسْرَائِيل" بِمَا يُذْكَر بَعْد "وَبَعَثْنَا" فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغَيْبَة أَقَمْنَا
"مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا" مِنْ كُلّ سَبْط نَقِيب يَكُون كَفِيلًا عَلَى قَوْمه بِالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ
تَوْثِقَةً عَلَيْهِمْ "وَقَالَ" لَهُمْ "اللَّه إنِّي مَعَكُمْ" بِالْعَوْنِ وَالنُّصْرَة "لَئِنْ" لَام قَسَم
"أَقَمْتُمْ الصَّلَاة وَآتَيْتُمْ الزَّكَاة وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ" نَصَرْتُمُوهُمْ "وَأَقْرَضْتُمْ اللَّه
قَرْضًا حَسَنًا
" بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيله " لَأُكَفِّرَن عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَلَأُدْخِلَنكُمْ جَنَّات تَجْرِي
مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار فَمَنْ كَفَرَ بَعْد ذَلِكَ
" الْمِيثَاق ""مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل"
أَخْطَأَ طَرِيق الْحَقّ , وَالسَّوَاء فِي الْأَصْل الْوَسَط فَنَقَضُوا الْمِيثَاق .








عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 23-10-2009, 01:05 AM
المشاركة 5

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير ابن كثير ))




فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا
حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ


قَالَ " فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ" أَيْ فَبِسَبَبِ نَقْضِهِمْ الْمِيثَاقَ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ
لَعَنَّاهُمْ أَيْ أَبْعَدْنَاهُمْ عَنْ الْحَقّ وَطَرَدْنَاهُمْ عَنْ الْهُدَى " وَجَعَلْنَا قُلُوبهمْ قَاسِيَة "
أَيْ فَلَا يَتَّعِظُونَ بِمَوْعِظَةٍ لِغِلَظِهَا وَقَسَاوَتِهَا " يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ " أَيْ فَسَدَتْ
فُهُومُهُمْ وَسَاءَ تَصَرُّفُهُمْ فِي آيَاتِ اللَّهِ وَتَأَوَّلُوا كِتَابَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَهُ وَحَمَلُوهُ عَلَى
غَيْر مُرَاده وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ عِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ " وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ"
" أَيْ وَتَرَكُوا الْعَمَل بِهِ رَغْبَة عَنْهُ وَقَالَ الْحَسَن : تَرَكُوا عُرَى دِينهمْ وَوَظَائِف اللَّه تَعَالَى
الَّتِي لَا يَقْبَل الْعَمَل إِلَّا بِهَا وَقَالَ غَيْره : تَرَكُوا الْعَمَل فَصَارُوا إِلَى حَالَة رَدِيئَة فَلَا قُلُوب
سَلِيمَة وَلَا فِطَر مُسْتَقِيمَة وَلَا أَعْمَال قَوِيمَة " وَلَا تَزَال تَطَّلِع عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ" يَعْنِي
مَكْرهمْ وَغَدْرهمْ لَك وَلِأَصْحَابِك وَقَالَ مُجَاهِد وَغَيْره : يَعْنِي بِذَلِكَ تَمَالُؤَهُمْ عَلَى الْفَتْكِ
بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ" وَهَذَا هُوَ عَيْن النَّصْر وَالظَّفَر
كَمَا قَالَ بَعْض السَّلَف مَا عَامَلْت مَنْ عَصَى اللَّهَ فِيك بِمِثْلِ أَنْ تُطِيع اللَّهَ فِيهِ وَبِهَذَا يَحْصُلُ
لَهُمْ تَأْلِيفٌ وَجَمْعٌ عَلَى الْحَقِّ وَلَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيهِمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ "
يَعْنِي بِهِ الصَّفْح عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْك وَقَالَ قَتَادَة : هَذِهِ الْآيَة " فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ "
مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر " الْآيَة .

وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ


وَقَوْله تَعَالَى " وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقهمْ " أَيْ وَمِنْ الَّذِينَ اِدَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ
أَنَّهُمْ نَصَارَى مُتَابِعُونَ الْمَسِيحَ اِبْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام وَلَيْسُوا كَذَلِكَ أَخَذْنَا عَلَيْهِمْ الْعُهُود
وَالْمَوَاثِيق عَلَى مُتَابَعَة الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُنَاصَرَته وَمُؤَازَرَته وَاقْتِفَاء آثَاره
وَعَلَى الْإِيمَان بِكُلِّ نَبِيّ يُرْسِلهُ اللَّه إِلَى أَهْل الْأَرْض فَفَعَلُوا كَمَا فَعَلَ الْيَهُود خَالَفُوا
الْمَوَاثِيق وَنَقَضُوا الْعُهُود وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى" فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنهمْ الْعَدَاوَة
وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
" أَيْ فَأَلْقَيْنَا بَيْنهمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا وَلَا يَزَالُونَ
كَذَلِكَ إِلَى قِيَام السَّاعَة وَلِذَلِكَ طَوَائِف النَّصَارَى عَلَى اِخْتِلَاف أَجْنَاسهمْ لَا يَزَالُونَ
مُتَبَاغِضِينَ مُتَعَادِينَ يُكَفِّر بَعْضهمْ بَعْضًا وَيَلْعَن بَعْضهمْ بَعْضًا فَكُلّ فِرْقَة تُحَرِّم الْأُخْرَى
وَلَا تَدَعُهَا تَلِجُ مَعْبَدَهَا فَالْمَلَكِيَّةُ تُكَفِّرُ الْيَعْقُوبِيَّةَ وَكَذَلِكَ الْآخَرُونَ وَكَذَلِكَ النَّسْطُورِيَّةُ
والآريوسية كُلّ طَائِفَة تُكَفِّر الْأُخْرَى فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَيَوْم يَقُوم الْأَشْهَاد ثُمَّ قَالَ
" وَسَوْفَ يُنَبِّئهُمْ اللَّه بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " وَهَذَا تَهْدِيد وَوَعِيد أَكِيد لِلنَّصَارَى عَلَى مَا
اِرْتَكَبُوهُ مِنْ الْكَذِب عَلَى اللَّه وَرَسُوله وَمَا نَسَبُوهُ إِلَى الرَّبّ عَزَّ وَجَلَّ وَتَعَالَى وَتَقَدَّسَ
عَنْ قَوْلهمْ عُلُوًّا كَبِيرًا مِنْ جَعْلِهِمْ لَهُ صَاحِبَةً وَوَلَدًا تَعَالَى الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ
الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ .

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو
عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ


قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ " يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ قَدْ
أَرْسَلَ رَسُوله مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ إِلَى جَمِيع أَهْل الْأَرْض عَرَبهمْ وَعَجَمهمْ
أُمِّيِّهِمْ وَكِتَابِيِّهِمْ وَأَنَّهُ بَعَثَهُ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْفَرْقِ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل فَقَالَ " يَا أَهْل الْكِتَاب
قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولنَا يُبَيِّن لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَاب وَيَعْفُو عَنْ كَثِير
"
أَيْ يُبَيِّن مَا بَدَّلُوهُ وَحَرَّفُوهُ وَأَوَّلُوهُ وَافْتَرَوْا عَلَى اللَّه فِيهِ وَيَسْكُت عَنْ كَثِير مِمَّا غَيَّرُوهُ
وَلَا فَائِدَة فِي بَيَانه وَقَدْ رَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث الْحُسَيْن بْن وَاقِد عَنْ
يَزِيد النَّحْوِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : مَنْ كَفَرَ بِالرَّجْمِ فَقَدْ
كَفَرَ بِالْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب قَوْله " يَا أَهْل الْكِتَاب قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولنَا يُبَيِّن لَكُمْ
كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَاب
" فَكَانَ الرَّجْم مِمَّا أَخْفَوْهُ ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ الْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيّه الْكَرِيم فَقَالَ
" قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّه نُور وَكِتَاب مُبِين يَهْدِي بِهِ اللَّه مَنْ اِتَّبَعَ رِضْوَانه سُبُل السَّلَام " .

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ


فَقَالَ " يَهْدِي بِهِ اللَّه مَنْ اِتَّبَعَ رِضْوَانه سُبُل السَّلَام " أَيْ طُرُق النَّجَاة وَالسَّلَامَة وَمَنَاهِج
الِاسْتِقَامَة" وَيُخْرِجهُمْ مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم "
أَيْ يُنَجِّيهِمْ مِنْ الْمَهَالِك وَيُوَضِّح لَهُمْ أَبْيَنَ الْمَسَالِك فَيَصْرِف عَنْهُمْ الْمَحْذُور وَيُحَصِّل لَهُمْ
أَحَبَّ الْأُمُورِ وَيَنْفِي عَنْهُمْ الضَّلَالَة وَيُرْشِدهُمْ إِلَى أَقْوَمِ حَالَةٍ .








عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 24-10-2009, 02:36 PM
المشاركة 6

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير الجلالين ))




لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ
أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ


يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا وَحَاكِيًا بِكُفْرِ النَّصَارَى فِي اِدِّعَائِهِمْ فِي الْمَسِيحِ اِبْنِ مَرْيَمَ وَهُوَ عَبْدٌ
مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ أَنَّهُ هُوَ اللَّه - تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ عُلُوًّا كَبِيرًا - ثُمَّ قَالَ
مُخْبِرًا عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الْأَشْيَاءِ وَكَوْنهَا تَحْت قَهْره وَسُلْطَانه " قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ
شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِك الْمَسِيحَ اِبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا
" أَيْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ
فَمَنْ ذَا الَّذِي كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْهُ أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي يَقْدِر عَلَى صَرْفه عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ
" وَلِلَّهِ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا يَخْلُق مَا يَشَاء " أَيْ جَمِيع الْمَوْجُودَات مُلْكه
وَخَلْقه وَهُوَ الْقَادِر عَلَى مَا يَشَاء لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل بِقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانه وَعَدْله وَعَظَمَته
وَهَذَا رَدٌّ عَلَى النَّصَارَى عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَة إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة .

وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ
مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَ
إِلَيْهِ الْمَصِيرُ


"وَقَالَتْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى" أَيْ كُلّ مِنْهُمَا "نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ" أَيْ كَأَبْنَائِهِ فِي الْقُرْب
وَالْمَنْزِلَة وَهُوَ كَأَبِينَا فِي الرَّحْمَة وَالشَّفَقَة "قُلْ" لَهُمْ يَا مُحَمَّد "فَلِمَ يُعَذِّبكُمْ بِذُنُوبِكُمْ"
إنْ صَدَقْتُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا يُعَذِّب الْأَب وَلَده وَلَا الْحَبِيب حَبِيبه وَقَدْ عَذَّبَكُمْ فَأَنْتُمْ كَاذِبُونَ
"بَلْ أَنْتُمْ بَشَر مِمَّنْ" مِنْ جُمْلَة مَنْ "خَلَقَ" مِنْ الْبَشَر لَكُمْ مَا لَهُمْ وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ
"يَغْفِر لِمَنْ يَشَاء" الْمَغْفِرَة لَهُ "وَيُعَذِّب مَنْ يَشَاء" تَعْذِيبه لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ "وَلِلَّهِ مُلْك
السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِير
" الْمَرْجِع.

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ
بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ


"يَا أَهْل الْكِتَاب قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولنَا" مُحَمَّد "يُبَيِّن لَكُمْ" شَرَائِع الدِّين "عَلَى فَتْرَة" انْقِطَاع
"مِنْ الرُّسُل" إذْ لَمْ يَكُنْ بَيْنه وَبَيْن عِيسَى رَسُول وَمُدَّة ذَلِكَ خَمْسمِائَةٍ وَتِسْع وَسِتُّونَ
سَنَة لـ "أَنْ" لَا "تَقُولُوا" إذَا عُذِّبْتُمْ "مَا جَاءَنَا مِنْ" زَائِدَة "بَشِير وَلَا نَذِير فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِير
وَنَذِير
" فَلَا عُذْر لَكُمْ إذًا "وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ تَعْذِيبكُمْ إنْ لَمْ تَتَّبِعُوهُ.

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا
وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ


"و" اُذْكُرْ "إذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْم اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إذْ جَعَلَ فِيكُمْ" أَيْ مِنْكُمْ
"أَنْبِيَاء وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا" أَصْحَاب خَدَم وَحَشَم "وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ"
مِنْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى وَفَلْق الْبَحْر وَغَيْر ذَلِكَ.







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 24-10-2009, 03:11 PM
المشاركة 7

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )

(( تفسير ابن كثير ))




يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ تَحْرِيض مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِبَنِي إِسْرَائِيل عَلَى الْجِهَاد
وَالدُّخُول إِلَى بَيْت الْمَقْدِس الَّذِي كَانَ بِأَيْدِيهِمْ فِي زَمَان أَبِيهِمْ يَعْقُوب لَمَّا اِرْتَحَلَ
هُوَ وَبَنُوهُ وَأَهْله إِلَى بِلَاد مِصْر أَيَّام يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ثُمَّ لَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى خَرَجُوا
زَمَان مُوسَى فَوَجَدُوا فِيهَا قَوْمًا مِنْ الْعَمَالِقَة الْجَبَّارِينَ قَدْ اِسْتَحْوَذُوا عَلَيْهَا وَتَمَلَّكُوهَا
فَأَمَرَهُمْ رَسُول اللَّه - مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام - بِالدُّخُولِ إِلَيْهَا وَبِقِتَالِ أَعْدَائِهِمْ وَبَشَّرَهُمْ
بِالنُّصْرَةِ وَالظَّفَر عَلَيْهِمْ فَنَكَلُوا وَعَصَوْا وَخَالَفُوا أَمْرَهُ فَعُوقِبُوا بِالذَّهَابِ فِي التِّيه وَالتَّمَادِي
فِي سَيْرهمْ حَائِرِينَ لَا يَدْرُونَ كَيْف يَتَوَجَّهُونَ إِلَى مَقْصِدٍ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً عُقُوبَة لَهُمْ
عَلَى تَفْرِيطِهِمْ فِي أَمْر اللَّه تَعَالَى فَقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ :
" يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة " أَيْ الْمُطَهَّرَة وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : عَنْ الْأَعْمَش عَنْ
مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة " قَالَ هِيَ الطُّور وَمَا حَوْله
وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد وَرَوَى سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي سَعْد الْبَقَّال عَنْ عِكْرِمَة عَنْ
اِبْن عَبَّاس قَالَ : هِيَ أَرِيحَاء وَكَذَا ذُكِرَ عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَفِي هَذَا نَظَر لِأَنَّ
أَرِيحَاء لَيْسَتْ هِيَ الْمَقْصُودَة بِالْفَتْحِ وَلَا كَانَتْ فِي طَرِيقهمْ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَقَدْ
قَدِمُوا مِنْ بِلَاد مِصْر حِين أَهْلَكَ اللَّه عَدُوَّهُمْ فِرْعَوْن اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِأَرِيحَاء
أَرْض بَيْت الْمَقْدِس كَمَا قَالَهُ السُّدِّيّ فِيمَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْهُ : لَا أَنَّ الْمُرَاد بِهَا هَذِهِ
الْبَلْدَة الْمَعْرُوفَة فِي طَرَف الطُّور شَرْقِيّ بَيْت الْمَقْدِس وَقَوْله تَعَالَى
" الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " أَيْ الَّتِي وَعَدَكُمُوهَا اللَّهُ عَلَى لِسَان أَبِيكُمْ إِسْرَائِيل أَنَّهُ وِرَاثَة
مَنْ آمَنَ مِنْكُمْ " وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَاركُمْ " أَيْ وَلَا تَنْكُلُوا عَنْ الْجِهَاد
" فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ " .

قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا
مِنْهَا فَإِنَّا


" قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا
مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ
" أَيْ اِعْتَذَرُوا بِأَنَّ فِي هَذِهِ الْبَلْدَة الَّتِي أَمَرْتنَا بِدُخُولِهَا وَقِتَال أَهْلهَا
قَوْمًا جَبَّارِينَ أَيْ ذَوِي خُلُق هَائِلَة وَقُوًى شَدِيدَة وَإِنَّنَا لَا نَقْدِر عَلَى مُقَاوَمَتهمْ وَلَا
مُصَاوَلَتهمْ وَلَا يُمْكِننَا الدُّخُول إِلَيْهَا مَا دَامُوا فِيهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا دَخَلْنَاهَا وَإِلَّا فَلَا
طَاقَة لَنَا بِهِمْ وَقَدْ قَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي عَبْد الْكَرِيم بْن الْهَيْثَم حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن
بَشَّار حَدَّثَنَا سُفْيَان قَالَ : قَالَ أَبُو سَعِيد قَالَ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ :
أُمِرَ مُوسَى أَنْ يَدْخُل مَدِينَة الْجَبَّارِينَ قَالَ : فَسَارَ مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا
مِنْ الْمَدِينَة وَهِيَ أَرِيحَاء فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ اِثْنَا عَشَرَ عَيْنًا مِنْ كُلّ سِبْط مِنْهُمْ عَيْن لِيَأْتُوهُ
بِخَبَرِ الْقَوْم قَالَ فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا مِنْ هَيْئَتهمْ وَجِسْمهمْ وَعِظَمهمْ
فَدَخَلُوا حَائِطًا لِبَعْضِهِمْ فَجَاءَ صَاحِب الْحَائِط لِيَجْتَنِيَ الثِّمَار مِنْ حَائِطه فَجَعَلَ يَجْتَنِي
الثِّمَار وَيَنْظُر إِلَى آثَارهمْ فَتَبِعَهُمْ فَكُلَّمَا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَخَذَهُ فَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ مَعَ
الْفَاكِهَةِ حَتَّى اِلْتَقَطَ الِاثْنَا عَشَرَ كُلَّهُمْ فَجَعَلَهُمْ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ وَذَهَبَ بِهِمْ إِلَى
مَلِكِهِمْ فَنَثَرَهُمْ بَيْن يَدَيْهِ فَقَالَ : لَهُمْ الْمَلِك قَدْ رَأَيْتُمْ شَأْننَا وَأَمْرَنَا فَاذْهَبُوا فَأَخْبِرُوا
صَاحِبَكُمْ قَالَ فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ بِمَا عَايَنُوا مِنْ أَمْرهمْ . وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد
نَظَر وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة : عَنْ اِبْن عَبَّاس لَمَّا نَزَلَ مُوسَى وَقَوْمه بَعَثَ مِنْهُمْ اِثْنَا
عَشَرَ رَجُلًا وَهُمْ النُّقَبَاء الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه فَبَعَثَهُمْ لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِهِمْ فَسَارُوا فَلَقِيَهُمْ رَجُل
مِنْ الْجَبَّارِينَ فَجَعَلَهُمْ فِي كِسَائِهِ فَحَمَلَهُ حَتَّى أَتَى بِهِمْ الْمَدِينَة وَنَادَى فِي قَوْمه
فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ قَوْم مُوسَى بَعَثَنَا نَأْتِيه بِخَبَرِكُمْ فَأَعْطَوْهُمْ
حَبَّة مِنْ عِنَب تَكْفِي الرَّجُل فَقَالُوا : لَهُمْ اِذْهَبُوا إِلَى مُوسَى وَقَوْمه فَقُولُوا لَهُمْ هَذَا
قَدْرُ فَاكِهَتِهِمْ فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا فَلَمَّا أَمَرَهُمْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام -
بِالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ وَقِتَالهمْ قَالُوا : يَا مُوسَى اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ رَوَاهُ
اِبْن أَبِي حَاتِم ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب عَنْ يَزِيد
بْن الْهَادِي حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَن قَالَ : رَأَيْت أَنَس بْن مَالِك أَخَذَ عَصًا فَذَرَعَ فِيهَا
بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي كَمْ ذَرَعَ ثُمَّ قَاسَ بِهَا فِي الْأَرْضِ خَمْسِينَ أَوْ خَمْسًا وَخَمْسِينَ ثُمَّ قَالَ :
هَكَذَا طُول الْعَمَالِيق. وَقَدْ ذَكَرَ كَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِينَ هَهُنَا أَخْبَارًا مِنْ وَضْع بَنِي إِسْرَائِيل
فِي عَظَمَة خَلْق هَؤُلَاءِ الْجَبَّارِينَ وَأَنَّ مِنْهُمْ عُوج بْن عُوق بِنْت آدَم - عَلَيْهِ السَّلَام -
وَأَنَّهُ مِنْ طُوله ثَلَاثَة آلَاف ذِرَاع وَثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَثُلُث ذِرَاعٍ تَحْرِير الْحِسَاب
وَهَذَا شَيْء يُسْتَحَى مِنْ ذِكْرِهِ ثُمَّ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُول اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم وَطُوله سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ لَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ
يَنْقُصُ حَتَّى الْآن
" ثُمَّ ذَكَرُوا أَنَّ هَذَا الرَّجُل كَانَ كَافِرًا وَأَنَّهُ كَانَ وَلَدَ زَنْيَةٍ وَأَنَّهُ اِمْتَنَعَ مِنْ
رُكُوبِ سَفِينَةِ نُوحٍ وَأَنَّ الطُّوفَانَ لَمْ يَصِلْ إِلَى رُكْبَتِهِ وَهَذَا كَذِب وَافْتِرَاء فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى
ذَكَرَ أَنَّ نُوحًا دَعَا عَلَى أَهْل الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ فَقَالَ
" رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا " وَقَالَ تَعَالَى" فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْك
الْمَشْحُون ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْد الْبَاقِينَ
" وَقَالَ تَعَالَى
" لَا عَاصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا مَنْ رَحِمَ " وَإِذَا كَانَ اِبْنُ نُوحٍ الْكَافِرُ غَرِقَ فَكَيْف يُبْقَى
عُوج بْن عُوق وَهُوَ كَافِرٌ وَوَلَدُ زَنْيَةٍ ؟ هَذَا لَا يَسُوغُ فِي عَقْلٍ وَلَا شَرْعٍ ثُمَّ فِي وُجُودِ رَجُلٍ
يُقَال لَهُ عُوج بْن عُوق نَظَر وَاَللَّه أَعْلَمُ .

قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ
غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ


وَقَوْله تَعَالَى " قَالَ رَجُلَانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا " أَيْ فَلَمَّا نَكَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ
عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمُتَابَعَة رَسُول اللَّه مُوسَى - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّضَهُمْ رَجُلَانِ
لِلَّهِ عَلَيْهِمَا نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ وَهُمَا مِمَّنْ يَخَاف أَمْرَ اللَّهِ وَيَخْشَى عِقَابَهُ وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ
" قَالَ رَجُلَانِ مِنْ الَّذِينَ يُخَافُونَ " أَيْ مِمَّنْ لَهُمَا مَهَابَةٌ وَمَوْضِعٌ مِنْ النَّاسِ وَيُقَال إِنَّهُمَا :
يُوشَع بْن نُون وكالب بْن يوفنا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَعَطِيَّة وَالسُّدِّيّ وَالرَّبِيع
بْن أَنَس وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف رَحِمَهُمْ اللَّه فَقَالَا " اُدْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَاب فَإِذَا
دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّه فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
" أَيْ إِنْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّه
وَاتَّبَعْتُمْ أَمْرَهُ وَوَافَقْتُمْ رَسُولَهُ نَصَرَكُمْ اللَّهُ عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَأَيَّدَكُمْ وَظَفَّرَكُمْ بِهِمْ وَدَخَلْتُمْ
الْبَلَدَ الَّتِي كَتَبَهَا لَكُمْ فَلَمْ يَنْفَع ذَاكَ فِيهِمْ شَيْئًا.

قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا

"قَالُوا يَا مُوسَى إنَّا لَنْ نَدْخُلهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبّك فَقَاتِلَا" هُمْ
"إنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" عَنْ الْقِتَال.

قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ

قَوْله " قَالَ رَبّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْننَا وَبَيْن الْقَوْم الْفَاسِقِينَ "
يَعْنِي لَمَّا نَكَلَ بَنُو إِسْرَائِيل عَنْ الْقِتَال غَضِبَ عَلَيْهِمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ
دَاعِيًا عَلَيْهِمْ" رَبّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي " أَيْ لَيْسَ أَحَدٌ يُطِيعنِي مِنْهُمْ
فِيمَا أَمَرَ اللَّه وَيُجِيب إِلَى مَا دَعَوْت إِلَيْهِ إِلَّا أَنَا وَأَخِي هَارُون
" فَافْرُقْ بَيْننَا وَبَيْن الْقَوْم الْفَاسِقِينَ " قَالَ الْعَوْفِيّ : عَنْ اِبْن عَبَّاس يَعْنِي اِقْضِ بَيْنِي
وَبَيْنهمْ وَكَذَا قَالَ عَلِيّ بْن طَلْحَة : عَنْ اِبْن عَبَّاس وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاك : اِقْضِ بَيْننَا
وَبَيْنهمْ وَافْتَحْ بَيْننَا وَبَيْنهمْ وَقَالَ غَيْره : اُفْرُقْ اِفْصِلْ بَيْننَا وَبَيْنهمْ كَمَا قَالَ الشَّاعِر :
يَا رَبِّ فَافْرُقْ بَيْنَهُ وَبَيْنِي أَشَدَّ مَا فَرَّقْت بَيْنَ اِثْنَيْنِ .

قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ

"قَالَ" تَعَالَى لَهُ "فَإِنَّهَا" أَيْ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة "مُحَرَّمَة عَلَيْهِمْ" أَنْ يَدْخُلُوهَا "أَرْبَعِينَ سَنَة يَتِيهُونَ" يَتَحَيَّرُونَ "فِي الْأَرْض"
وَهِيَ تِسْعَة فَرَاسِخ قَالَهُ ابْن عَبَّاس
"فَلَا تَأْسَ" تَحْزَن "عَلَى الْقَوْم الْفَاسِقِينَ" رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ اللَّيْل جَادِّينَ
فَإِذَا أَصْبَحُوا إذَا هُمْ فِي الْمَوْضِع الَّذِي ابْتَدَءُوا مِنْهُ وَيَسِيرُونَ النَّهَار كَذَلِكَ حَتَّى انْقَرَضُوا
كُلّهمْ إلَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغ الْعِشْرِينَ قِيلَ : وَكَانُوا سِتّمِائَةِ أَلْف وَمَاتَ هَارُونَ وَمُوسَى فِي
التِّيه وَكَانَ رَحْمَة لَهُمَا وَعَذَابًا لِأُولَئِكَ وَسَأَلَ مُوسَى رَبّه عِنْد مَوْته أَنْ يُدْنِيه مِنْ الْأَرْض
الْمُقَدَّسَة رَمْيَة بِحَجَرٍ فَأَدْنَاهُ كَمَا فِي الْحَدِيث وَنَبِّئْ يُوشَع بَعْد الْأَرْبَعِينَ وَأُمِرَ بِقِتَالِ
الْجَبَّارِينَ فَسَارَ بِمَنْ بَقِيَ مَعَهُ وَقَاتَلَهُمْ وَكَانَ يَوْم الْجُمُعَة وَوَقَفَتْ لَهُ الشَّمْس سَاعَة
حَتَّى فَرَغَ مِنْ قِتَالهمْ وَرَوَى أَحْمَد فِي مُسْنَده حَدِيث إنَّ الشَّمْس لَمْ تُحْبَس عَلَى
بَشَر إلَّا لِيُوشَع لَيَالِي سَارَ إلَى بَيْت الْمَقْدِس.

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ
قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ


"وَاتْلُ" يَا مُحَمَّد "عَلَيْهِمْ" عَلَى قَوْمك "نَبَأ" خَبَر "ابْنَيْ آدَم" هَابِيل وَقَابِيل "بِالْحَقِّ"
مُتَعَلِّق باُتْلُ "إذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا" إلَى اللَّه وَهُوَ كَبْش لِهَابِيلَ وَزَرْع لِقَابِيلَ "فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدهمَا"
وَهُوَ هَابِيل بِأَنْ نَزَلَتْ نَار مِنْ السَّمَاء فَأَكَلَتْ قُرْبَانه "وَلَمْ يُتَقَبَّل مِنْ الْآخَر" وَهُوَ قَابِيل
فَغَضِبَ وَأَضْمَرَ الْحَسَد فِي نَفْسه إلَى أَنْ حَجّ آدَم "قَالَ" لَهُ "لَأَقْتُلَنك" قَالَ : لِمَ ؟
قَالَ لِتَقَبُّلِ قُرْبَانك دُونِي .

لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ
رَبَّ الْعَالَمِينَ


"لَئِنْ" لَام قَسَم "بَسَطْت" مَدَدْت "إلَيَّ يَدك لِتَقْتُلنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إلَيْك لِأَقْتُلك
إنِّي أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ
" فِي قَتْلك.








عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 24-10-2009, 03:54 PM
المشاركة 8

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير الجلالين ))




إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ

"إنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء" تَرْجِع "بِإِثْمِي" بِإِثْمِ قَتْلِي "وَإِثْمك" الَّذِي ارْتَكَبْته مِنْ قَبْل
"فَتَكُون مِنْ أَصْحَاب النَّار" وَلَا أُرِيد أَنْ أَبُوء بِإِثْمِك إذَا قَتَلْتُك فَأَكُون مِنْهُمْ قَالَ تَعَالَى :
"وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ"

فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ

"فَطَوَّعَتْ" زَيَّنَتْ "لَهُ نَفْسه قَتْل أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ" فَصَارَ "مِنْ الْخَاسِرِينَ" بِقَتْلِهِ وَلَمْ
يَدْرِ مَا يَصْنَع بِهِ لِأَنَّهُ أَوَّل مَيِّت عَلَى وَجْه الْأَرْض مِنْ بَنِي آدَم فَحَمَلَهُ عَلَى ظَهْره.

فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ
أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ


"فَبَعَثَ اللَّه غُرَابًا يَبْحَث فِي الْأَرْض" يَنْبُش التُّرَاب بِمِنْقَارِهِ وَبِرِجْلَيْهِ وَيُثِيرهُ عَلَى غُرَاب
مَيِّت حَتَّى وَارَاهُ "لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي" يَسْتُر "سَوْأَة" جِيفَة "أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْت" عَنْ
"أَنْ أَكُون مِثْل هَذَا الْغُرَاب فَأُوَارِي سَوْأَة أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ" عَلَى حَمْله وَحَفَرَ لَهُ
وَوَارَاهُ.

مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ
رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ


"مِنْ أَجْل ذَلِكَ" الَّذِي فَعَلَهُ قَابِيل "كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إسْرَائِيل أَنَّهُ" أَيْ الشَّأْن
"مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْس" قَتَلَهَا "أَوْ" بِغَيْرِ "فَسَاد" أَتَاهُ "فِي الْأَرْض" مِنْ كُفْر أَوْ زِنًا
أَوْ قَطْع طَرِيق أَوْ نَحْوه
"فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا" بِأَنْ امْتَنَعَ عَنْ قَتْلهَا
"فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا" قَالَ ابْن عَبَّاس : مِنْ حَيْثُ انْتِهَاك حُرْمَتهَا وَصَوْنهَا
"وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ" أَيْ بَنِي إسْرَائِيل "رُسُلنَا بِالْبَيِّنَاتِ" الْمُعْجِزَات "ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْد ذَلِكَ
فِي الْأَرْض لَمُسْرِفُونَ
" مُجَاوِزُونَ الْحَدّ بِالْكُفْرِ وَالْقَتْل وَغَيْر ذَلِكَ.

إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا
أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ
فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ


وَنَزَلَ فِي الْعُرَنِيِّينَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة وَهُمْ مَرْضَى فَأَذِنَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنْ يَخْرُجُوا إلَى الْإِبِل وَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالهَا وَأَلْبَانهَا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِي النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِل "إنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّه وَرَسُوله" بِمُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْض فَسَادًا"
بِقَطْعِ الطَّرِيق "أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّع
أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ مِنْ خِلَاف
" أَيْ أَيْدِيهمْ الْيُمْنَى وَأَرْجُلهمْ الْيُسْرَى "أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْض"
أَوْ لِتَرْتِيبِ الْأَحْوَال فَالْقَتْل لِمَنْ قَتَلَ فَقَطْ وَالصَّلْب لِمَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَال وَالْقَطْع لِمَنْ أَخَذَ
الْمَال وَلَمْ يَقْتُل وَالنَّفْي لِمَنْ أَخَاف فَقَطْ قَالَهُ ابْن عَبَّاس وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَأَصَحّ قَوْلَيْهِ أَنَّ
الصَّلْب ثَلَاثًا بَعْد الْقَتْل وَقِيلَ قَبْله قَلِيلًا وَيُلْحَق بِالنَّفْيِ مَا أَشْبَهَهُ فِي التَّنْكِيل مِنْ الْحَبْس وَغَيْره "ذَلِكَ" الْجَزَاء الْمَذْكُور "لَهُمْ خِزْي"
ذُلّ "فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم"
هُوَ عَذَاب النَّار.







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 24-10-2009, 04:21 PM
المشاركة 9

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير ابن كثير ))




إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

وَقَوْله تَعَالَى " إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم "
أَمَّا عَلَى قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّهَا فِي أَهْل الشِّرْك فَظَاهِر وَأَمَّا الْمُحَارَبُونَ الْمُسْلِمُونَ فَإِذَا
تَابُوا قَبْل الْقُدْرَة عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يَسْقُط عَنْهُمْ اِنْحِتَام الْقَتْل وَالصَّلْب وَقَطْع الرِّجْل وَهَلْ
يَسْقُط قَطْع الْيَد أَمْ لَا ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَظَاهِر الْآيَة يَقْتَضِي سُقُوط الْجَمِيع وَعَلَيْهِ
عَمَل الصَّحَابَة كَمَا قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ عَنْ مُجَالِد
عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ كَانَ حَارِثَة بْن بَدْر التَّمِيمِيّ مِنْ أَهْل الْبَصْرَة وَكَانَ قَدْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْض
وَحَارَبَ فَكَلَّمَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْش مِنْهُمْ الْحَسَن بْن عَلِيّ وَابْن عَبَّاس وَعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر
فَكَلَّمُوا عَلِيًّا فِيهِ فَلَمْ يُؤَمِّنهُ فَأَتَى سَعِيد بْن قَيْس الْهَمْدَانِيّ فَخَلَفَهُ فِي دَاره ثُمَّ أَتَى
عَلِيًّا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْت مَنْ حَارَبَ اللَّه وَرَسُوله وَسَعَى فِي الْأَرْض فَسَادًا فَقَرَأَ
حَتَّى بَلَغَ" إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ " قَالَ : فَكَتَبَ لَهُ أَمَانًا قَالَ سَعِيد بْن
قَيْس فَإِنَّهُ جَارِيَة بْن بَدْر وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ مُجَالِد عَنْ الشَّعْبِيّ بِهِ وَزَادَ
فَقَالَ جَارِيَة بْن بَدْر : أَلَا بَلِّغَنْ هَمْدَان إِمَّا لَقِيتهَا عَلَى النَّأْي لَا يَسْلَم عَدُوّ يَعِيبهَا لَعَمْر
أَبِيهَا إِنَّ هَمْدَان تَتَّقِي الْإِ لَهَ وَتَقْضِي بِالْكِتَابِ خَطِيبهَا وَرَوَى اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيق سُفْيَان
الثَّوْرِيّ عَنْ السُّدِّيّ وَمِنْ طَرِيق أَشْعَثَ كِلَاهُمَا عَنْ عَامِر الشَّعْبِيّ قَالَ جَاءَ رَجُل مِنْ
مُرَادٍ إِلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ عَلَى الْكُوفَة إِمَارَة عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بَعْدَمَا صَلَّى
الْمَكْتُوبَة فَقَالَ : يَا أَبَا مُوسَى هَذَا مَقَام الْعَائِذ بِك أَنَا فُلَان بْن فُلَان الْمُرَادِيّ وَإِنِّي كُنْت
حَارَبْت اللَّه وَرَسُوله وَسَعَيْت فِي الْأَرْض فَسَادًا وَإِنِّي تُبْت مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيَّ فَقَالَ :
أَبُو مُوسَى فَقَالَ : إِنَّ هَذَا فُلَان بْن فُلَان وَإِنَّهُ كَانَ حَارَبَ اللَّه وَرَسُوله وَسَعَى فِي الْأَرْض
فَسَادًا وَإِنَّهُ تَابَ مِنْ قَبْل أَنْ نَقْدِر عَلَيْهِ فَمَنْ لَقِيَهُ فَلَا يَعْرِض لَهُ إِلَّا بِخَيْرٍ فَإِنْ يَكُ صَادِقًا
فَسَبِيل مَنْ صَدَقَ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا تُدْرِكهُ ذُنُوبه فَأَقَامَ الرَّجُل مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ فَأَدْرَكَهُ
اللَّه تَعَالَى بِذُنُوبِهِ فَقَتَلَهُ . ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي عَلِيّ حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم قَالَ :
قَالَ اللَّيْث كَذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْن إِسْحَاق الْمَدَنِيّ وَهُوَ الْأَمِير عِنْدنَا أَنَّ عَلِيًّا الْأَسَدِيّ
حَارَبَ وَأَخَافَ السَّبِيل وَأَصَابَ الدَّم وَالْمَال فَطَلَبَهُ الْأَئِمَّة وَالْعَامَّة فَامْتَنَعَ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ
حَتَّى جَاءَ تَائِبًا وَذَلِكَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة " يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه إِنَّ اللَّه يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُور الرَّحِيم
"
فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا عَبْد اللَّه أَعِدْ قِرَاءَتهَا فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ فَغَمَدَ سَيْفه ثُمَّ جَاءَ تَائِبًا حَتَّى
قَدِمَ الْمَدِينَة مِنْ السَّحَر فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَصَلَّى الصُّبْح ثُمَّ قَعَدَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَة فِي أَغْمَار أَصْحَابه فَلَمَّا أَسْفَرُوا عَرَفَهُ النَّاس
فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالَ لَا سَبِيل لَكُمْ عَلَيَّ جِئْت تَائِبًا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيَّ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة
صَدَقَ وَأَخَذَ بِيَدِهِ حَتَّى أَتَى مَرْوَان بْن الْحَكَم وَهُوَ أَمِير عَلَى الْمَدِينَة فِي زَمَن مُعَاوِيَة
فَقَالَ : هَذَا عَلِيّ جَاءَ تَائِبًا وَلَا سَبِيل لَكُمْ عَلَيْهِ وَلَا قَتْل فَتُرِكَ مِنْ ذَلِكَ كُلّه قَالَ
وَخَرَجَ عَلِيّ تَائِبًا مُجَاهِدًا فِي سَبِيل اللَّه فِي الْبَحْر فَلَقُوا الرُّومَ فَقَرَّبُوا سَفِينَةً إِلَى
سَفِينَةٍ مِنْ سُفُنِهِمْ فَاقْتَحَمَ عَلَى الرُّوم فِي سَفِينَتهمْ فَهَرَبُوا مِنْهُ إِلَى شِقّهَا الْآخَر
فَمَالَتْ بِهِ وَبِهِمْ فَغَرِقُوا جَمِيعًا .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ

"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه" خَافُوا عِقَابه بِأَنْ تُطِيعُوهُ "وَابْتَغُوا" اُطْلُبُوا
"إلَيْهِ الْوَسِيلَة" مَا يُقَرِّبكُمْ إلَيْهِ مِنْ طَاعَته "وَجَاهِدُوا فِي سَبِيله" لِإِعْلَاءِ دِينه
"لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" تَفُوزُونَ.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ


ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِمَا أَعَدَّ لِأَعْدَائِهِ الْكُفَّار مِنْ الْعَذَاب وَالنَّكَال يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ
" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا وَمِثْله مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَاب
يَوْم الْقِيَامَة مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم
" أَيْ لَوْ أَنَّ أَحَدهمْ جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة
بِمِلْءِ الْأَرْض ذَهَبًا وَبِمِثْلِهِ لِيَفْتَدِيَ بِذَلِكَ مِنْ عَذَاب اللَّه الَّذِي قَدْ أَحَاطَ بِهِ وَتَيَقَّنَ
وُصُوله إِلَيْهِ مَا تُقُبِّلَ ذَلِكَ مِنْهُ بَلْ لَا مَنْدُوحَة عَنْهُ وَلَا مَحِيص لَهُ وَلَا مَنَاص وَلِهَذَا قَالَ
" وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم " أَيْ مُوجِع .

يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ

"يُرِيدُونَ" يَتَمَنَّوْنَ "أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ النَّار وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَاب مُقِيم"
دَائِم.

وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

"وَالسَّارِق وَالسَّارِقَة" أَلْ فِيهِمَا مَوْصُولَة مُبْتَدَأ وَلِشَبَهِهِ بِالشَّرْطِ دَخَلَتْ الْفَاء فِي
خَبَره وَهُوَ "فَاقْطَعُوا أَيْدِيهمَا" أَيْ يَمِين كُلّ مِنْهُمَا مِنْ الْكُوع وَبَيَّنَتْ السُّنَّة أَنَّ
الَّذِي يُقْطَع فِيهِ رُبُع دِينَار فَصَاعِدًا وَأَنَّهُ إذَا عَادَ قُطِعَتْ رِجْله الْيُسْرَى مِنْ مَفْصِل
الْقَدَم ثُمَّ الْيَد الْيُسْرَى ثُمَّ الرِّجْل الْيُمْنَى وَبَعْد ذَلِكَ يُعَزَّر "جَزَاء" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر
"بِمَا كَسَبَا نَكَالًا" عُقُوبَة لَهُمَا "مِنْ اللَّه وَاَللَّه عَزِيز" غَالِب عَلَى أَمْره "حَكِيم" فِي خَلْقه .

فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

"فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْد ظُلْمه" رَجَعَ عَنْ السَّرِقَة "وَأَصْلَحَ" عَمَله "فَإِنَّ اللَّه يَتُوب عَلَيْهِ
إنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم
" فِي التَّعْبِير بِهَذَا مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَسْقُط بِتَوْبَتِهِ حَقّ الْآدَمِيّ مِنْ
الْقَطْع وَرَدّ الْمَال نَعَمْ بَيَّنَتْ السُّنَّة أَنَّهُ إنْ عَفَا عَنْهُ قَبْل الرَّفْع إلَى الْإِمَام سَقَطَ الْقَطْع
وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ.

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ


ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض " أَيْ هُوَ الْمَالِك لِجَمِيعِ
ذَلِكَ الْحَاكِم فِيهِ الَّذِي لَا مُعَقِّب لِحُكْمِهِ وَهُوَ الْفَعَّال لِمَا يُرِيد يَغْفِر لِمَنْ يَشَاء وَيُعَذِّب
مَنْ يَشَاء وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير.







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 25-10-2009, 03:29 PM
المشاركة 10

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير ابن كثير ))




يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ
تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ
الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ
فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي
الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ


"يَا أَيّهَا الرَّسُول لَا يَحْزُنك" صُنْع "الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر" يَقَعُونَ فِيهِ بِسُرْعَةٍ أَيْ يُظْهِرُونَهُ
إذَا وَجَدُوا فُرْصَة "مِنْ" لِلْبَيَانِ "الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ" بِأَلْسِنَتِهِمْ مُتَعَلِّق بِقَالُوا
"وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبهمْ" وَهُمْ الْمُنَافِقُونَ "وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا" قَوْم "سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ" الَّذِي
افْتَرَتْهُ أَحْبَارهمْ سَمَاع قَبُول "سَمَّاعُونَ" مِنْك "لِقَوْمٍ" لِأَجْلِ قَوْم "آخَرِينَ" مِنْ الْيَهُود
"لَمْ يَأْتُوك" وَهُمْ أَهْل خَيْبَر زَنَى فِيهِمْ مُحْصَنَانِ فَكَرِهُوا رَجْمهمَا فَبَعَثُوا قُرَيْظَة لِيَسْأَلُوا
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حُكْمهمَا "يُحَرِّفُونَ الْكَلِم" الَّذِي فِي التَّوْرَاة كَآيَةِ الرَّجْم
"مِنْ بَعْد مَوَاضِعه" الَّتِي وَضَعَهُ اللَّه عَلَيْهَا أَيْ يُبَدِّلُونَهُ "يَقُولُونَ" لِمَنْ أَرْسَلُوهُمْ
"إنْ أُوتِيتُمْ هَذَا" الْحُكْم الْمُحَرَّف أَيْ الْجَلْد الَّذِي أَفْتَاكُمْ بِهِ مُحَمَّد "فَخُذُوهُ" فَاقْبَلُوهُ
"وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ" بَلْ أَفْتَاكُمْ بِخِلَافِهِ "فَاحْذَرُوا" أَنْ تَقْبَلُوهُ "وَمَنْ يُرِدْ اللَّه فِتْنَته" إضْلَاله
"فَلَنْ تَمْلِك لَهُ مِنْ اللَّه شَيْئًا" فِي دَفْعهَا "أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّه أَنْ يُطَهِّر قُلُوبهمْ"
مِنْ الْكُفْر وَلَوْ أَرَادَهُ لَكَانَ "لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْي" ذُلّ بِالْفَضِيحَةِ وَالْجِزْيَة.

سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ
فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ


"سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ" بِضَمِّ الْحَاء وَسُكُونهَا أَيْ الْحَرَام كَالرِّشَا "فَإِنْ جَاءُوك"
لِتَحْكُم بَيْنهمْ "فَاحْكُمْ بَيْنهمْ أَوْ أَعْرِض عَنْهُمْ" هَذَا التَّخْيِير مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
"وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنهمْ" الْآيَة فَيَجِب الْحُكْم بَيْنهمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَهُوَ أَصَحّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ
فَلَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا مَعَ مُسْلِم وَجَبَ إجْمَاعًا "وَإِنْ تُعْرِض عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوك شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْت" بَيْنهمْ "فَاحْكُمْ بَيْنهمْ بِالْقِسْطِ" بِالْعَدْلِ "
إنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ
" الْعَادِلِينَ فِي الْحُكْم
أَيْ يُثِيبهُمْ.

وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ

"وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَك وَعِنْدهمْ التَّوْرَاة فِيهَا حُكْم اللَّه" بِالرَّجْمِ وَهُوَ اسْتِفْهَام تَعْجِيب أَيْ لَمْ
يَقْصِدُوا بِذَلِك مَعْرِفَة الْحَقّ بَلْ مَا هُوَ أَهْوَن عَلَيْهِمْ "ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ" يُعْرِضُونَ عَنْ حُكْمك بِالرَّجْمِ
الْمُوَافِق لِكِتَابِهِمْ "مِنْ بَعْد ذَلِكَ" التَّحْكِيم .

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ
وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ
وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ


"إنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاة فِيهَا هُدًى" مِنْ الضَّلَالَة "وَنُور" بَيَان لِلْأَحْكَامِ "يَحْكُم بِهَا النَّبِيُّونَ" مِنْ بَنِي إسْرَائِيل "الَّذِينَ أَسْلَمُوا" انْقَادُوا لِلَّهِ "لِلَّذِينَ هَادُوا والرَّبَّانِيُّون"
الْعُلَمَاء مِنْهُ "وَالْأَحْبَار"
الْفُقَهَاء "بِمَا" أَيْ بِسَبَبِ الَّذِي "اُسْتُحْفِظُوا" اُسْتُوْدِعُوهُ أَيْ اسْتَحْفَظَهُمْ اللَّه إيَّاهُ "مِنْ كِتَاب
اللَّه
" أَنْ يُبَدِّلُوهُ "وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء" أَنَّهُ حَقّ "فَلَا تَخْشَوْا النَّاس" أَيّهَا الْيَهُود فِي إظْهَار
مَا عِنْدكُمْ مِنْ نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرَّجْم وَغَيْرهَا "وَاخْشَوْنِي"
فِي كِتْمَانه "وَلَا تَشْتَرُوا" تَسْتَبْدِلُوا "بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا" مِنْ الدُّنْيَا تَأْخُذُونَهُ عَلَى كِتْمَانهَا
"وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ" بِهِ.






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 25-10-2009, 03:55 PM
المشاركة 11

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير ابن كثير ))




وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ
بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ


"وَكَتَبْنَا" فَرَضْنَا "عَلَيْهِمْ فِيهَا" أَيْ التَّوْرَاة "أَنَّ النَّفْس" تُقْتَل "بِالنَّفْسِ" إذَا قَتَلَتْهَا
"وَالْعَيْن بِالْعَيْنِ" تُفْقَأ "وَالْأَنْف بِالْأَنْفِ" يُجْدَع "وَالْأُذُن بِالْأُذُنِ" تُقْطَع "وَالسِّنّ بِالسِّنِّ"
تُقْلَع وَفِي قِرَاءَة بِالرَّفْعِ فِي الْأَرْبَعَة "وَالْجُرُوح" بِالْوَجْهَيْنِ "قِصَاص" أَيْ يُقْتَصّ فِيهَا إذَا أَمْكَنَ
كَالْيَدِ وَالرِّجْل وَنَحْو ذَلِكَ وَمَا لَا يُمْكِن فِيهِ الْحُكُومَة وَهَذَا الْحُكْم وَإِنْ كَتَبَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ مُقَرَّر
فِي شَرْعنَا "فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ" أَيْ بِالْقِصَاصِ بِأَنْ مَكَّنَ مِنْ نَفْسه "فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ" لِمَا أَتَاهُ
"وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه" فِي الْقِصَاص وَغَيْره .

وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ
هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ


يَقُول تَعَالَى " وَقَفَّيْنَا " أَيْ أَتْبَعْنَا عَلَى آثَارهمْ يَعْنِي أَنْبِيَاء بَنِي إِسْرَائِيل " بِعِيسَى اِبْن
مَرْيَم مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاة
" أَيْ مُؤْمِنًا بِهَا حَاكِمًا بِمَا فِيهَا " وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيل
فِيهِ هُدًى وَنُور
" أَيْ هُدًى إِلَى الْحَقّ وَنُور يُسْتَضَاء بِهِ فِي إِزَالَة الشُّبُهَات وَحَلّ الْمُشْكِلَات
وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاة أَيْ مُتَّبِعًا لَهَا غَيْر مُخَالِف لِمَا فِيهَا إِلَّا فِي الْقَلِيل مِمَّا
بَيَّنَ لِبَنِي إِسْرَائِيل بَعْض مَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ الْمَسِيح أَنَّهُ قَالَ :
لِبَنِي إِسْرَائِيل " وَلِأُحِلّ لَكُمْ بَعْض الَّذِي حَرَّمَ عَلَيْكُمْ " وَلِهَذَا كَانَ الْمَشْهُور مِنْ قَوْل الْعُلَمَاء
أَنَّ الْإِنْجِيل نَسَخَ بَعْض أَحْكَام التَّوْرَاة وَقَوْله تَعَالَى " وَهُدًى وَمَوْعِظَة لِلْمُتَّقِينَ "
أَيْ وَجَعَلْنَا الْإِنْجِيل هُدًى يُهْدَى بِهِ وَمَوْعِظَة أَيْ زَاجِرًا عَنْ اِرْتِكَاب الْمَحَارِم وَالْمَآثِم لِلْمُتَّقِينَ
أَيْ لِمَنْ اِتَّقَى اللَّه وَخَافَ وَعِيده وَعِقَابه .

وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

وَقَوْله تَعَالَى " وَلْيَحْكُمْ أَهْل الْإِنْجِيل بِمَا أَنْزَلَ اللَّه " فِيهِ قُرِئَ وَلْيَحْكُم أَهْل الْإِنْجِيل بِالنَّصْبِ
عَلَى أَنَّ اللَّام لَام كَيْ أَيْ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيل لِيَحْكُم أَهْل مِلَّته بِهِ فِي زَمَانهمْ وَقُرِئَ وَلْيَحْكُمْ
بِالْجَزْمِ عَلَى أَنَّ اللَّام لَام الْأَمْر أَيْ لِيُؤْمِنُوا بِجَمِيعِ مَا فِيهِ وَلْيُقِيمُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فِيهِ وَمِمَّا
فِيهِ الْبِشَارَة بِبَعْثَةِ مُحَمَّد وَالْأَمْر بِاتِّبَاعِهِ وَتَصْدِيقه إِذَا وُجِدَ كَمَا قَالَ تَعَالَى
" قُلْ يَا أَهْل الْكِتَاب لَسْتُمْ عَلَى شَيْء حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ
مِنْ رَبّكُمْ
" الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُول النَّبِيّ الْأُمِّيّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا
عِنْدهمْ فِي التَّوْرَاة
" إِلَى قَوْله " الْمُفْلِحُونَ " وَلِهَذَا قَالَ هَهُنَا " وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه
فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ
" أَيْ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَة رَبّهمْ الْمَائِلُونَ إِلَى الْبَاطِل التَّارِكُونَ لِلْحَقِّ
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي النَّصَارَى وَهُوَ ظَاهِر مِنْ السِّيَاق .

وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ
مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ


"وَأَنْزَلْنَا إلَيْك" يَا مُحَمَّد "الْكِتَاب" الْقُرْآن "بِالْحَقِّ" مُتَعَلِّق بأَنْزَلْنَا "مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ"
قَبْله "مِنْ الْكِتَاب وَمُهَيْمِنًا" شَاهِدًا "عَلَيْهِ" وَالْكِتَاب بِمَعْنَى الْكُتُب "فَاحْكُمْ بَيْنهمْ"
بَيْن أَهْل الْكِتَاب إذَا تَرَافَعُوا إلَيْك "بِمَا أَنْزَلَ اللَّه" إلَيْك "وَلَا تَتَّبِع أَهْوَاءَهُمْ" عَادِلًا
"عَمَّا جَاءَك مِنْ الْحَقّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ" أَيّهَا الْأُمَم "شِرْعَة" شَرِيعَة "وَمِنْهَاجًا" طَرِيقًا
وَاضِحًا فِي الدِّين يَمْشُونَ عَلَيْهِ "وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَكُمْ أُمَّة وَاحِدَة" عَلَى شَرِيعَة وَاحِدَة
"وَلَكِنْ" فَرَّقَكُمْ فِرَقًا "لِيَبْلُوكُمْ" لِيَخْتَبِركُمْ "فِي مَا آتَاكُمْ" مِنْ الشَّرَائِع الْمُخْتَلِفَة لِيَنْظُر
الْمُطِيع مِنْكُمْ وَالْعَاصِي . "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات" سَارِعُوا إلَيْهَا "إلَى اللَّه مَرْجِعكُمْ جَمِيعًا" بِالْبَعْثِ "فَيُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ"
مِنْ أَمْر الدِّين وَيَجْزِي كُلًّا مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ.







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 25-10-2009, 04:27 PM
المشاركة 12

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير ابن كثير ))




وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ
لَفَاسِقُونَ


لـ "أَنْ" لَا "يَفْتِنُوك" يُضِلُّوك "عَنْ بَعْض مَا أَنْزَلَ اللَّه إلَيْك فَإِنْ تَوَلَّوْا" عَنْ الْحُكْم الْمُنَزَّل
وَأَرَادُوا غَيْره"فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيد اللَّه أَنْ يُصِيبهُمْ"
بِالْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا "بِبَعْضِ ذُنُوبهمْ" الَّتِي أَتَوْهَا
وَمِنْهَا التَّوَلِّي وَيُجَازِيهِمْ عَلَى جَمِيعهَا فِي الْأُخْرَى .

أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ

قَوْله تَعَالَى " أَفَحُكْم الْجَاهِلِيَّةَ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّه حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" يُنْكِر
تَعَالَى عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ الْمُحْكَم الْمُشْتَمِلِ عَلَى كُلِّ خَيْرِ النَّاهِي عَنْ كُلّ
شَرٍّ وَعَدَلَ إِلَى مَا سِوَاهُ مِنْ الْآرَاء وَالْأَهْوَاء وَالِاصْطِلَاحَات الَّتِي وَضَعَهَا الرِّجَال بِلَا
مُسْتَنَد مِنْ شَرِيعَة اللَّه كَمَا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَحْكُمُونَ بِهِ مِنْ الضَّلَالَات وَالْجَهَالَات
مِمَّا يَضَعُونَهَا بِآرَائِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ وَكَمَا يَحْكُم بِهِ الشَّارِع مِنْ السِّيَاسَات الْمَلَكِيَّة الْمَأْخُوذَة
عَنْ مَلِكِهِمْ جنكزخان الَّذِي وَضَعَ لَهُمْ الياسق وَهُوَ عِبَارَة عَنْ كِتَاب مَجْمُوع مِنْ أَحْكَام
قَدْ اِقْتَبَسَهَا عَنْ شَرَائِع شَتَّى : مِنْ الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة وَالْمِلَّة الْإِسْلَامِيَّة وَغَيْرهَا وَفِيهَا
كَثِير مِنْ الْأَحْكَام أَخَذَهَا مِنْ مُجَرَّد نَظَره وَهَوَاهُ فَصَارَتْ فِي بَنِيهِ شَرْعًا مُتَّبَعًا يُقَدِّمُونَهَا عَلَى
الْحُكْم بِكِتَابِ اللَّه وَسُنَّة رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِر يَجِب
قِتَاله حَتَّى يَرْجِع إِلَى حُكْم اللَّه وَرَسُوله فَلَا يُحَكِّم سِوَاهُ فِي قَلِيل وَلَا كَثِير قَالَ :
تَعَالَى " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ " أَيْ يَبْتَغُونَ وَيُرِيدُونَ وَعَنْ حُكْم اللَّه يَعْدِلُونَ
" مَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّه حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ " أَيْ وَمَنْ أَعْدَلُ مِنْ اللَّه فِي حُكْمه لِمَنْ عَقَلَ عَنْ اللَّه شَرْعه
وَآمَنَ بِهِ وَأَيْقَنَ وَعَلِمَ أَنَّ اللَّه أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمُ بِخَلْقِهِ مِنْ الْوَالِدَة بِوَلَدِهَا فَإِنَّهُ تَعَالَى
هُوَ الْعَالِم بِكُلِّ شَيْء الْقَادِر عَلَى كُلّ شَيْء الْعَادِل فِي كُلّ شَيْء وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم
حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا هِلَال بْن فَيَّاض حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَة النَّاجِي قَالَ : سَمِعْت الْحَكَم يَقُول :
مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ حُكْم اللَّه فَحُكْم الْجَاهِلِيَّة . وَأَخْبَرَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى قِرَاءَة حَدَّثَنَا
سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح قَالَ : كَانَ طَاوُس إِذَا سَأَلَهُ رَجُل : أَفْضُلُ بَيْن وَلَدِي
فِي النِّحَل ؟ قَرَأَ " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ " الْآيَة . وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ : حَدَّثَنَا
أَحْمَد بْن عَبْد الْوَهَّاب بْن نَجْدَة الْحَوْطِيّ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَان الْحَكَم بْن نَافِع أَنَا شُعَيْب بْن أَبِي
حَمْزَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حُسَيْن عَنْ نَافِع بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس
قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أَبْغَضُ النَّاس إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْ
يَبْتَغِي فِي الْإِسْلَام سُنَّة الْجَاهِلِيَّة وَطَالِبُ دَمِ اِمْرِئٍ بِغَيْرِ حَقّ لِيُرِيقَ دَمه
" وَرَوَى الْبُخَارِيّ
عَنْ أَبِي الْيَمَان بِإِسْنَادِهِ نَحْوه بِزِيَادَةٍ .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ


يَنْهَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُوَالَاة الْيَهُود وَالنَّصَارَى الَّذِينَ هُمْ أَعْدَاء الْإِسْلَام
وَأَهْله - قَاتَلَهُمْ اللَّه - ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ بَعْضهمْ أَوْلِيَاء بَعْض ثُمَّ تَهَدَّدَ وَتَوَعَّدَ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ فَقَالَ
" وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " الْآيَة قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا كَثِير بْن شِهَاب حَدَّثَنَا
مُحَمَّد - يَعْنِي اِبْن سَعِيد بْن سَابِق - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن أَبِي قَيْس عَنْ سِمَاك بْن حَرْب عَنْ
عِيَاض : أَنَّ عُمَر أَمَرَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ أَنْ يَرْفَع إِلَيْهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى فِي أَدِيم وَاحِد
وَكَانَ لَهُ كَاتِب نَصْرَانِيّ فَرَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ فَعَجِبَ عُمَر وَقَالَ : إِنَّ هَذَا لَحَفِيظ هَلْ أَنْتَ قَارِئ لَنَا
كِتَابًا فِي الْمَسْجِد جَاءَ مِنْ الشَّام فَقَالَ : إِنَّهُ لَا يَسْتَطِيع فَقَالَ عُمَر : أَجُنُبٌ هُوَ قَالَ لَا بَلْ
نَصْرَانِيّ قَالَ : فَانْتَهَرَنِي وَضَرَبَ فَخِذِي ثُمَّ قَالَ : أَخْرِجُوهُ ثُمَّ قَرَأَ " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا
الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء
" الْآيَة . ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن عَنْ مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح حَدَّثَنَا
عُثْمَان بْن عُمَر أَنْبَأَنَا اِبْن عَوْن عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة لِيَتَّقِ أَحَدُكُمْ
أَنْ يَكُون يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَهُوَ لَا يَشْعُر قَالَ : فَظَنَنَّاهُ يُرِيد هَذِهِ الْآيَة " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء
" الْآيَة . وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا اِبْن فُضَيْل عَنْ عَاصِم عَنْ
عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب فَقَالَ : كُلْ . قَالَ اللَّه تَعَالَى
" وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الزِّنَاد نَحْو ذَلِكَ .

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ


وَقَوْله تَعَالَى " فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض" أَيْ شَكّ وَرَيْب وَنِفَاق يُسَارِعُونَ فِيهِمْ أَيْ
يُبَادِرُونَ إِلَى مُوَالَاتهمْ وَمَوَدَّتهمْ فِي الْبَاطِن وَالظَّاهِر يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبنَا دَائِرَة أَيْ
يَتَأَوَّلُونَ فِي مَوَدَّتهمْ وَمُوَالَاتهمْ أَنَّهُمْ يَخْشَوْنَ أَنْ يَقَع أَمْر مِنْ ظَفَر الْكَافِرِينَ بِالْمُسْلِمِينَ
فَتَكُون لَهُمْ أَيَادٍ عِنْد الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَيَنْفَعهُمْ ذَلِكَ عِنْد ذَلِكَ قَالَ اللَّه تَعَالَى " فَعَسَى
اللَّه أَنْ يَأْتِي بِالْفَتْحِ
" قَالَ السُّدِّيّ يَعْنِي فَتْح مَكَّة وَقَالَ غَيْره يَعْنِي الْقَضَاء وَالْفَصْل أَوْ أَمْر
مِنْ عِنْده قَالَ السُّدِّيّ يَعْنِي ضَرْب الْجِزْيَة عَلَى الْيَهُود وَالنَّصَارَى" فَيُصْبِحُوا " يَعْنِي الَّذِينَ
وَالَوْا الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِنْ الْمُنَافِقِينَ عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسهمْ مِنْ الْمُوَالَاة نَادِمِينَ أَيْ
عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ مِمَّا لَمْ يُجْدِ عَنْهُمْ شَيْئًا وَلَا دَفَعَ عَنْهُمْ مَحْذُورًا بَلْ كَانَ عَيْن الْمَفْسَدَة
فَإِنَّهُمْ فُضِحُوا وَأَظْهَرَ اللَّه أَمْرهمْ فِي الدُّنْيَا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْد أَنْ كَانُوا مَسْتُورِينَ لَا يُدْرَى
كَيْف حَالهمْ فَلَمَّا اِنْعَقَدَتْ الْأَسْبَاب الْفَاضِحَة لَهُمْ تَبَيَّنَ أَمْرهمْ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَتَعَجَّبُوا
مِنْهُمْ كَيْف كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيَتَأَوَّلُونَ فَبَانَ كَذِبهمْ
وَافْتِرَاؤُهُمْ .

وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ
فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ


"وَيَقُول" بِالرَّفْعِ اسْتِئْنَافًا بِوَاوٍ وَدُونهَا وَبِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى يَأْتِي "الَّذِينَ آمَنُوا" لِبَعْضِهِمْ
إذَا هَتَكَ سِتْرهمْ تَعَجُّبًا "أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ" غَايَة اجْتِهَادهمْ فِيهَا
"إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ" فِي الدِّين "حَبِطَتْ" بَطَلَتْ "أَعْمَالهمْ" الصَّالِحَة "فَأَصْبَحُوا" صَارُوا "خَاسِرِينَ"
الدُّنْيَا بِالْفَضِيحَةِ وَالْآخِرَة بِالْعِقَابِ.






عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 26-10-2009, 12:27 AM
المشاركة 13

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير الجلالين ))




أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ
ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ


"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدّ" بِالْفَكِّ وَالْإِدْغَام يَرْجِع "مِنْكُمْ عَنْ دِينه" إلَى الْكُفْر إخْبَار
بِمَا عَلِمَ اللَّه وُقُوعه وَقَدْ ارْتَدَّ جَمَاعَة بَعْد مَوْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
"فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّه" بَدَلهمْ "بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"هُمْ قَوْم هَذَا وَأَشَارَ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ" رَوَاهُ الْحَاكِم فِي صَحِيحه
"أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" عَاطِفِينَ "أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ" أَشِدَّاء "يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه
وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَة لَائِم
" فِيهِ كَمَا يَخَاف الْمُنَافِقُونَ لَوْم الْكُفَّار "ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ
يَشَاء وَاَللَّه وَاسِع
" كَثِير الْفَضْل "عَلِيم" بِمَنْ هُوَ أَهْله وَنَزَلَ لَمَّا قَالَ ابْن سَلَام يَا رَسُول
اللَّه إنَّ قَوْمنَا هَجَرُونَا.

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ

"إنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ رَاكِعُونَ"
خَاشِعُونَ أَوْ يُصَلُّونَ صَلَاة التَّطَوُّع.

وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ

"وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا" فَيُعِينهُمْ وَيَنْصُرهُمْ "فَإِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْغَالِبُونَ"
لِنَصْرِهِ إيَّاهُمْ أَوْقَعه مَوْقِع فَإِنَّهُمْ بَيَانًا لِأَنَّهُمْ مِنْ حِزْبه أَيْ أَتْبَاعه.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ


"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينكُمْ هُزُوًا" مَهْزُوءًا بِهِ "وَلَعِبًا مِنْ" لِلْبَيَانِ
"الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ وَالْكُفَّار" الْمُشْرِكِينَ بِالْجَرِّ وَالنَّصْب "أَوْلِيَاء وَاتَّقُوا اللَّه"
بِتَرْكِ مُوَالَاتهمْ "إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" صَادِقِينَ فِي إيمَانكُمْ .

وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ

"و" الَّذِينَ "إذَا نَادَيْتُمْ" دَعَوْتُمْ "إلَى الصَّلَاة" بِالْأَذَانِ "اتَّخَذُوهَا" أَيْ الصَّلَاة "هُزُوًا وَلَعِبًا"
بِأَنْ يَسْتَهْزِئُوا بِهَا وَيَتَضَاحَكُوا "ذَلِكَ" الِاتِّخَاذ "بِأَنَّهُمْ" أَيْ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ "قَوْم لَا يَعْقِلُونَ" .

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ
وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ


وَنَزَلَ لَمَّا قَالَ الْيَهُود لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِمَنْ تُؤْمِن مِنْ الرُّسُل فَقَالَ :
"بِاَللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا" الْآيَة فَلَمَّا ذَكَرَ عِيسَى قَالُوا : لَا نَعْلَم دِينًا شَرًّا مِنْ دِينكُمْ
"قُلْ يَا أَهْل الْكِتَاب هَلْ تَنْقِمُونَ" تُنْكِرُونَ "مِنَّا إلَّا أَنْ آمَنَّا بِاَللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ
مِنْ قَبْل
" إلَى الْأَنْبِيَاء "وَأَنَّ أَكْثَركُمْ فَاسِقُونَ" عُطِفَ عَلَى أَنْ آمَنَّا - الْمَعْنَى مَا تُنْكِرُونَ
إلَّا إيمَاننَا وَمُخَالَفَتكُمْ فِي عَدَم قَبُوله الْمُعَبَّر عَنْهُ بِالْفِسْقِ اللَّازِم عَنْهُ وَلَيْسَ هَذَا
مِمَّا يُنْكَر.







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 26-10-2009, 12:45 AM
المشاركة 14

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير ابن كثير ))




قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ
الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ


"قُلْ هَلْ أُنَبِّئكُمْ" أُخْبِركُمْ "بِشَرٍّ مِنْ" أَهْل "ذَلِكَ" الَّذِي تَنْقِمُونَهُ "مَثُوبَة" ثَوَابًا بِمَعْنَى جَزَاء
"عِنْد اللَّه" هُوَ "مَنْ لَعَنَهُ اللَّه" أَبْعَده عَنْ رَحْمَته "وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَة
وَالْخَنَازِير
" بِالْمَسْخِ "وَ" مَنْ "عَبَدَ الطَّاغُوت" الشَّيْطَان بِطَاعَتِهِ وَرُوعِيَ فِي مِنْهُمْ مَعْنَى
مِنْ وَفِيمَا قَبْله لَفْظهَا وَهُمْ الْيَهُود وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ بَاء عَبَدَ وَإِضَافَته إلَى مَا بَعْد اسْم
جَمْع لعَبَدَ وَنَصْبه بِالْعَطْفِ عَلَى الْقِرَدَة "أُولَئِكَ شَرّ مَكَانًا" تَمْيِيز لِأَنَّ مَأْوَاهُمْ النَّار
"وَأَضَلّ عَنْ سَوَاء السَّبِيل" طَرِيق الْحَقّ وَأَصْل السَّوَاء الْوَسَط وَذَكَرَ شَرّ وَأَضَلّ فِي مُقَابَلَة
قَوْلهمْ لَا نَعْلَم دِينًا شَرًّا مِنْ دِينكُمْ.

وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ

قَوْله تَعَالَى " وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ " وَهَذِهِ صِفَة
الْمُنَافِقِينَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يُصَانِعُونَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الظَّاهِر وَقُلُوبهمْ مُنْطَوِيَة عَلَى الْكُفْر
وَلِهَذَا قَالَ وَقَدْ دَخَلُوا أَيْ عِنْدنَا يَا مُحَمَّد بِالْكُفْرِ أَيْ مُسْتَصْحِبِينَ الْكُفْر فِي قُلُوبهمْ
ثُمَّ خَرَجُوا وَهُوَ كَامِن فِيهَا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا قَدْ سَمِعُوا مِنْك مِنْ الْعِلْم وَلَا نَجَعَتْ فِيهِمْ
الْمَوَاعِظ وَلَا الزَّوَاجِر وَلِهَذَا قَالَ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ فَخَصَّهُمْ بِهِ دُون غَيْرهمْ وَقَوْله تَعَالَى
" وَاَللَّه أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ " أَيْ عَالِم بِسَرَائِرِهِمْ وَمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ ضَمَائِرهمْ وَإِنْ
أَظْهَرُوا لِخَلْقِهِ خِلَاف ذَلِكَ وَتَزَيَّنُوا بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ فَإِنَّ عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة أَعْلَمُ بِهِمْ
مِنْهُمْ وَسَيَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَتَمَّ الْجَزَاء .

وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

وَقَوْله" وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْم وَالْعُدْوَان وَأَكْلِهِمْ السُّحْت " أَيْ يُبَادِرُونَ
إِلَى ذَلِكَ مِنْ تَعَاطِي الْمَآثِم وَالْمَحَارِم وَالِاعْتِدَاء عَلَى النَّاس وَأَكْلهمْ أَمْوَالهمْ بِالْبَاطِلِ
لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أَيْ لَبِئْسَ الْعَمَل كَانَ عَمَلُهُمْ وَبِئْسَ الِاعْتِدَاء اِعْتِدَاؤُهُمْ .

لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ

قَوْله تَعَالَى " لَوْلَا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَار عَنْ قَوْلهمْ الْإِثْم وَأَكْلهمْ السُّحْت لَبِئْسَ مَا
كَانُوا يَصْنَعُونَ
" يَعْنِي هَلَّا كَانَ يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَار مِنْهُمْ عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ وَالرَّبَّانِيُّونَ
هُمْ الْعُلَمَاء الْعُمَّال أَرْبَاب الْوِلَايَات عَلَيْهِمْ وَالْأَحْبَار هُمْ الْعُلَمَاء فَقَطْ
" لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " يَعْنِي مِنْ تَرْكهمْ ذَلِكَ قَالَهُ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس
وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ قَالَ لِهَؤُلَاءِ حِين لَمْ يَنْهَوْا وَلِهَؤُلَاءِ حِين عَلِمُوا قَالَ
وَذَلِكَ الْأَرْكَان قَالَ وَيَعْلَمُونَ وَيَصْنَعُونَ وَاحِد رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا أَبُو
كُرَيْب حَدَّثَنَا اِبْن عَطِيَّة حَدَّثَنَا قَيْس عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب عَنْ خَالِد بْن دِينَار عَنْ اِبْن
عَبَّاس قَالَ مَا فِي الْقُرْآن آيَة أَشَدُّ تَوْبِيخًا مِنْ هَذِهِ الْآيَة " لَوْلَا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَار
عَنْ قَوْلهمْ الْإِثْم وَأَكْلهمْ السُّحْت لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
" قَالَ كَذَا قَرَأَ وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاك
مَا فِي الْقُرْآن آيَة أَخْوَف عِنْدِي مِنْهَا إِنَّا لَا نَنْهَى رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم ذَكَره
يُونُس بْن حَبِيب حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم عَنْ أَبِي الْوَضَّاح حَدَّثَنَا ثَابِت أَبُو
سَعِيد الْهَمَذَانِيّ قَالَ لَقِيته بِالرَّيِّ فَحَدَّثَ عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر قَالَ خَطَبَ عَلِيّ بْن أَبِي
طَالِب فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَيّهَا النَّاس إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ بِرُكُوبِهِمْ
الْمَعَاصِي وَلَمْ يَنْهَهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَار فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي الْمَعَاصِي أَخَذَتْهُمْ الْعُقُوبَات
فَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَر قَبْل أَنْ يَنْزِل بِكُمْ مِثْل الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَمْر
بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر لَا يَقْطَع رِزْقًا وَلَا يُقَرِّب أَجَلًا وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد
بْن هَارُون أَنْبَأَنَا شَرِيك عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْمُنْذِر بْن جَرِير عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُول
اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :" مَا مِنْ قَوْم يَكُون بَيْن أَظْهُرهمْ مَنْ يَعْمَل بِالْمَعَاصِي
هُمْ أَعَزُّ مِنْهُ وَأَمْنَعُ وَلَمْ يُغَيِّرُوا إِلَّا أَصَابَهُمْ اللَّه مِنْهُ بِعَذَابٍ
" تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَد مِنْ هَذَا الْوَجْه
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّد عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْمُنْذِر بْن جَرِير عَنْ
جَرِير قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول : " مَا مِنْ رَجُل يَكُون
فِي قَوْم يَعْمَل فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي يَقْدِرُونَ أَنْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِ فَلَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا أَصَابَهُمْ اللَّه
بِعِقَابٍ قَبْل أَنْ يَمُوتُوا
" وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ عَنْ عَلَى بْن مُحَمَّد عَنْ وَكِيع عَنْ إِسْرَائِيل
عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن جَرِير عَنْ أَبِيهِ بِهِ قَالَ الْحَافِظ الْمِزِّيّ وَهَكَذَا رَوَاهُ
شُعْبَة عَنْ إِسْحَاق بِهِ .

وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ
كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ
الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ
فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ


"وَقَالَتْ الْيَهُود" لَمَّا ضُيِّقَ عَلَيْهِمْ بِتَكْذِيبِهِمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد أَنْ كَانُوا
أَكْثَر النَّاس مَالًا "يَد اللَّه مَغْلُولَة" مَقْبُوضَة عَنْ إدْرَار الرِّزْق عَلَيْنَا كَنَّوْا بِهِ عَنْ الْبُخْل
- تَعَالَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ - "غُلَّتْ" أَمْسَكَتْ "أَيْدِيهمْ" عَنْ فِعْل الْخَيْرَات دُعَاء عَلَيْهِمْ
"وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ" مُبَالَغَة فِي الْوَصْف بِالْجُودِ وَثَنْي الْيَد لِإِفَادَةِ
الْكَثْرَة إذْ غَايَة مَا يَبْذُلهُ السَّخِيّ مِنْ مَاله أَنْ يُعْطِي بِيَدَيْهِ "يُنْفِق كَيْفَ يَشَاء"
مِنْ تَوْسِيع وَتَضْيِيق لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ "وَلَيَزِيدَن كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبّك"
مِنْ الْقُرْآن "طُغْيَانًا وَكُفْرًا" لِكُفْرِهِمْ بِهِ "وَأَلْقَيْنَا بَيْنهمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء إلَى يَوْم الْقِيَامَة"
فَكُلّ فِرْقَة مِنْهُمْ تُخَالِف الْأُخْرَى "كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ" أَيْ لِحَرْبِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَطْفَأَهَا اللَّه" أَيْ كُلَّمَا أَرَادُوهُ رَدَّهُمْ "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْض فَسَادًا"
أَيْ مُفْسِدِينَ بِالْمَعَاصِي "وَاَللَّه لَا يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ" بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعَاقِبهُمْ.

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ
ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَلَا " وَلَوْ أَنَّ أَهْل الْكِتَاب آمَنُوا وَاتَّقَوْا " أَيْ لَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله
وَاتَّقَوْا مَا كَانُوا يَتَعَاطَوْنَهُ مِنْ الْمَآثِم وَالْمَحَارِم " لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتهمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ
جَنَّات النَّعِيم
" أَيْ لَأَزَلْنَا عَنْهُمْ الْمَحْذُور وَأَنَلْنَاهُمْ الْمَقْصُود . .







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..
قديم 26-10-2009, 01:01 AM
المشاركة 15

  • غير متواجد
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
(( تفسير الجلالين ))




وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ
أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ


"وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل" بِالْعَمَلِ بِمَا فِيهِمَا وَمِنْهُ الْإِيمَان بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَمَا أُنْزِلَ إلَيْهِمْ" مِنْ الْكُتُب "مِنْ رَبّهمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقهمْ وَمِنْ تَحْت أَرْجُلهمْ"
بِأَنْ يُوَسِّع عَلَيْهِمْ الرِّزْق وَيُفِيض مِنْ كُلّ جِهَة "مِنْهُمْ أُمَّة" جَمَاعَة "مُقْتَصِدَة" تَعْمَل بِهِ
وَهُمْ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعَبْدِ اللَّه بْن سَلَام وَأَصْحَابه
"وَكَثِير مِنْهُمْ سَاءَ" بِئْسَ "مَا" شَيْئًا "يَعْمَلُونَـ" ـه.

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ


"يَا أَيّهَا الرَّسُول بَلِّغْ" جَمِيع "مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبّك" وَلَا تَكْتُم شَيْئًا مِنْهُ خَوْفًا أَنْ تُنَال
بِمَكْرُوهٍ "وَإِنْ لَمْ تَفْعَل" أَيْ لَمْ تُبَلِّغ جَمِيع مَا أُنْزِلَ إلَيْك "فَمَا بَلَّغْت رِسَالَته" بِالْإِفْرَادِ
وَالْجَمْع لِأَنَّ كِتْمَان بَعْضهَا كَكِتْمَانِ كُلّهَا "وَاَللَّه يَعْصِمك مِنْ النَّاس" أَنْ يَقْتُلُوك وَكَانَ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَس حَتَّى نَزَلَتْ فَقَالَ : "انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّه"
رَوَاهُ الْحَاكِم .

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ
رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ


"قُلْ يَا أَهْل الْكِتَاب لَسْتُمْ عَلَى شَيْء" مِنْ الدِّين مُعْتَدّ بِهِ "حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاة
وَالْإِنْجِيل وَمَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبّكُمْ
" بِأَنْ تَعْمَلُوا بِمَا فِيهِ وَمِنْهُ الْإِيمَان بِي "وَلَيَزِيدَن كَثِيرًا
مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبّك
" مِنْ الْقُرْآن "طُغْيَانًا وَكُفْرًا" لِكُفْرِهِمْ بِهِ "فَلَا تَأْسَ" تَحْزَن
"عَلَى الْقَوْم الْكَافِرِينَ" إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِك أَيْ لَا
تَهْتَمّ بِهِمْ.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ


"إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَادُوا" هُمْ الْيَهُود مُبْتَدَأ "وَالصَّابِئُونَ" فِرْقَة مِنْهُمْ "وَالنَّصَارَى"
وَيُبْدَل مِنْ الْمُبْتَدَأ "مَنْ آمَنَ" مِنْهُمْ "بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْف عَلَيْهِمْ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
" فِي الْآخِرَة خَبَر الْمُبْتَدَأ وَدَالّ عَلَى خَبَر إنَّ.

لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى
أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ


"لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاق بَنِي إسْرَائِيل" عَلَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرُسُله "وَأَرْسَلْنَا إلَيْهِمْ رُسُلًا
كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُول
" مِنْهُمْ "بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسهمْ" مِنْ الْحَقّ كَذَّبُوهُ "فَرِيقًا" مِنْهُمْ
"كَذَّبُوا وَفَرِيقًا" مِنْهُمْ "يَقْتُلُونَ" كَزَكَرِيَّا وَالتَّعْبِير بِهِ دُون قَتَلُوا حِكَايَة لِلْحَالِ الْمَاضِيَة
لِلْفَاصِلَةِ.

وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ


"وَحَسِبُوا" ظَنُّوا أَنْ "لَا تَكُون" بِالرَّفْعِ فَأَنْ مُخَفَّفَة وَالنَّصْب فَهِيَ نَاصِبَة أَيْ تَقَع "فِتْنَة"
عَذَاب بِهِمْ عَلَى تَكْذِيب الرُّسُل وَقَتْلهمْ "فَعَمُوا" عَنْ الْحَقّ فَلَمْ يُبْصِرُوهُ "وَصَمُّوا"
عَنْ اسْتِمَاعه "ثُمَّ تَابَ اللَّه عَلَيْهِمْ" لَمَّا تَابُوا "ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا" ثَانِيًا "كَثِير مِنْهُمْ" بَدَل
مِنْ الضَّمِير "وَاَللَّه بَصِير بِمَا يَعْمَلُونَ" فَيُجَازِيهِمْ بِهِ.







عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ، وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك الأصدقاءْ .. وعظـَـمة ثرائك تخلقُ لك الْمنافقونْ


..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..

اللّهم أغفر " لأم عبدالعزيز " واسكنها جنات الفردوس الأعلى

واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة المائدة )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة آل عمرآن ) | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 41 20-12-2009 01:56 AM
تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة النساء ) | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 46 20-12-2009 01:38 AM
تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( الفاتحة & البقرة ) | ▐الخلــود ▐| ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 113 20-12-2009 01:21 AM
وقــفــة مــع اسماء ســـور الــقــرآن الـكــريــم التمساح14 ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ 26 25-07-2008 05:56 PM

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


الساعة الآن 02:24 AM.