منتديات الأماكن

منتديات الأماكن (https://www.al-amakn.com/vb//index.php)
-   ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ (https://www.al-amakn.com/vb//forumdisplay.php?f=6)
-   -   أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ (https://www.al-amakn.com/vb//showthread.php?t=90989)

تعبت أسافر 10-03-2016 05:31 PM

أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين أما بعد :
عندما نسأل الكثير من شبابنا عن بعض البشر الذين خلقهم الله سبحانه وتعالى ، نُصدم من كم المعلومات التي يعرفونها عن هؤلاء وأكثرهم من الكفار !!!
أما عندما نسألهم ماذا تعرفون عن الله سبحانه وتعالى ؟!!!
نجد بأن الجواب صادم مؤلم محزن مبكي
هم لا يعرفون عن رب العزة سبحانه وتعالى إلا أقل القليل .
هذا الموضوع :
هو محاولة جمع الكثير من المعلومات عنه سبحانه وتعالى من مصادر موثوق بها وهي خاصة بأهل السنة والجماعة .
الختام :
نسأل الله أن يجعل نياتنا خالصة له وحده سبحانه وتعالى
وأن يُبارك بها الموضوع .
ملاحظة :
هذا الموضوع حق لكل مسلم ومسلمة.
دمتم بحفظ الله

تعبت أسافر 10-03-2016 05:32 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
الفهرس
أولاً :
1 _ المقدمة ص1
2 _ الفهرس ص2
ثانيا : القرآن والسنة :
3 _ آيات قرآنية تتحدث عن عظمة الله وقدرته ص 3
4 _ أحاديث في توحيد الله وبيان عظمته وقدرته والتحذير من الشرك به سبحانه وتعالى ص4
ثالثاً : كُتب :
5 _ كتب تتحدث عنه سبحانه وتعالى ص5
رابعاً أين الله ؟ :
6 _ أين الله سبحانه وتعالى ( 1 ) ص6
7 _ أين الله سبحانه وتعالى ( 2 ) ص7
8 _ أين الله سبحانه وتعالى ( 3 ) ص8
9 _ أين الله سبحانه وتعالى ( 4 ) ص9
10 _ مذهب أهل السنة في استواء الله على العرش ص10
خامساً: إنه الله :
11 _ تـعـرّف على الـمَـلِـك ص11
12 _ الآداب مع جناب الوهاب ص12
13 _ إجلال ذي الجلال ص13
14 _ الحميد ص14
15 _ يا ودود ص15
16 _ سبحـان مَـن وسِـع سمعـه الأصـوات ص16
سادساً: أقوال :
17 _ ليس كمثله شيء ص17
18 _ يا الله ص18
19 _ الرجاء وإحسان الظن بالله ص19
20 _ محبة العبد لله ومحبة الله للعبد ص20
سابعاً: كُنوز ربانية :
21 _ كيف تصيد رصيدك ص21
22 - أذكار وأدعية وردفيها أجور عظيمة ص22
ثامناً: خُطب ( 1 ) :
23 _ التفكر والتدبرفي مخلوقات الله ص23
24_ مظاهر الأدب مع الله ص24
25 _ اسم الله الرزاق ص25
26 _ تقوى الله ص26
27 _ حسن الظن بالله ص27
28 _ الإيمان بمشيئة الله ص28
29 _ ذكر الله ص29
30_ مظاهر تعظيم الله عز وجل ص30
31 _ جريمة الاستهزاء بالله والقرآن والرسول ص31
32 _ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ معناها ومقتضاها ص32
33 _ ثمرات طاعة الله ورسوله ص33
34 _ محبة الله عز وجل والعوامل الجالبة لها ص34
تاسعاً : الشرك بالله سبحانه وتعالى :
35 _ توضيح معنى الشرك بالله ص35
36 _ ما هو الشرك الخفي؟ ص36
37 _ حكم الحلف بغير الله نوع من أنواع الشرك ص37
38 _ القول على الله بغير علم ص38
39 _ القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها ص39
40 _ الذبح لغير الله شرك ص41
41 _ زيارة القبور والتوسل بالأضرحة وأخذ أموال التوسل ص42
42 _ حكم طلب المدد من الرسول صلى الله عليه وسلم ص43
43 _ الرقى والتمائم والتولة ص44
44 _ حكم سؤال السحرة والمشعوذين ص45
45 _ ما حكم من مات على الشرك، وهو لا يعلم ؟ ص46
تاسعاً : لطائف قرآنية :
46 _ لطائف قرآنية ( 1 ) ص47
47 _ لطائف قرآنية ( 2 ) ص48
عاشراً : خُطب ( 2 ) :
48 _ حكم من قال القرآن مخلوق ص49
49 _ فِقْهُ أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِه ص50
50 _ معنى تقوى الله سبحانه وتعالى وثمراتها ص51
51 _ الاعتصام بالله وبحبله المتين ص52
52 _ ملازمة تقوى الله تعالى دائماً في جميع الأحوال ص53
53 _ عبادة الله والأمور المعينة على تحقيقها ص54
54 _ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ص55
الحادي عشر : نور على الدرب :
55 _ نور على الدرب ص56
الثاني عشر : التوحيد حق الله على العبيد:
56 _ تعريف وأقسام التوحيد ص57
57 _ توحيد الربوبية ص58
58 _ توحيد الألوهية ص59
59 توحيد الأسماء والصفات ص60
الثالث عشر : التوحيد تلاوات خاشعة:
60 _ تلاوات خاشعة لآيات من سورة النمل ص61
الرابع عشر : خُطب ( 3 ) :
61 _ فضائل كلمة التوحيد وشروطها ص62
62 _ صراط الله المستقيم ص63
63 _ معرفة الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا ص64
64 _ الهداية منة إلاهية ص65
65 _ آيات الله في الأرض ص66
66 _ الله الشّافي لا شفاءَ إلا شفاؤه ص67
الخامس عشر : مقاطع صوتية :
67 _ مقاطع صوتية مؤثرة بإذن الله للشيخ عبدالكريم الخضير( 1 ) ص68
68 _ مقاطع صوتية مؤثرة بإذن الله للشيخ عبدالكريم الخضير( 2 ) ص69
السادس عشر : سؤال وجواب :
69_ هل أسماء الله تعالى الحسنى تسعة وتسعون اسماً فقط ؟ ص70
70 _ كيف أثني على الله ؟ ص71
السابع عشر :محاضرات مؤثرة بإذن الله :
71 _ محاضرات مؤثرة بإذن الله للشيخ محمد المختار الشنقيطي ( 1 ) ص72
72 _ محاضرات مؤثرة بإذن الله للشيخ محمد المختار الشنقيطي ( 2 ) ص73
الثامن عشر :قبل الختام :
73 _ السير إلى الله ص 74
التاسع عشر : الختام :
74 _ رسائل لهم ولكم ولنا ص 75

تعبت أسافر 10-03-2016 05:33 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
آيات قرآنية تتحدث عن عظمة الله وقدرته :
*******
(( اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴿٢٥٥﴾ )) البقرة
**********
(( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّـهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٥٩﴾ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠﴾ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ تَعَالَى اللَّـهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٣﴾ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٦٤﴾ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴿٦٥﴾ )) النمل
**********
(( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿١٠٧﴾ )) البقرة
**********
(( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿١١٧﴾ )) البقرة
**********
(( إِنَّ اللَّـهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴿٥﴾ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٦﴾ )) آل عمران
**********
(( قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٦﴾ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٢٧﴾ )) آل عمران
**********
(( وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿١٠٩﴾ )) آل عمران
**********
(( وَلِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٨٩﴾ )) آل عمران
**********
(( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٤٣﴾ )) الأعراف
**********
(( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٤٠﴾ )) النحل
**********
((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴿١٠٥﴾ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ﴿١٠٦﴾ لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴿١٠٧﴾ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴿١٠٨﴾ يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴿١٠٩﴾ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴿١١٠﴾ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴿١١١﴾ )) طه
**********
((إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ ﴿١١٠﴾ )) الأنبياء
**********
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴿٧٣﴾ مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٧٤﴾ اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿٧٥﴾ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿٧٦﴾ )) الحج
**********
((وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴿٧٣﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴿٧٤﴾ وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿٧٥﴾ )) النمل
**********
((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨)) القصص
**********
((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّـهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ اللَّـهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ﴿٧١﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّـهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ اللَّـهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿٧٢﴾ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٧٣﴾ )) القصص
**********
((أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّـهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿١٩ )) العنكبوت
**********
((يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴿١٦﴾ )) لقمان
**********
((لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴿٢٦﴾ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٢٧﴾ مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿٢٨﴾ )) لقمان
**********
(( إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿٣٤ )) لقمان
**********
((يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴿٥﴾ )) السجدة
**********
((وَاللَّـهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿١١)) فاطر
**********
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴿١٥﴾ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿١٦﴾ وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ ﴿١٧﴾ )) فاطر
**********
((إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴿٤١﴾ )) فاطر
**********
((وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿٧٨﴾ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴿٧٩﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ ﴿٨٠﴾ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴿٨١﴾ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٨٢﴾ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٨٣﴾ )) يس
**********
((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴿١٩﴾ وَاللَّـهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿٢٠﴾ )) غافر
**********
((هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٦٨﴾ )) غافر
**********
((إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿٣٣﴾ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ ﴿٣٤﴾ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ ﴿٣٥﴾ فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٣٦﴾ )) الشورى
**********
((فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ ﴿٤٨﴾ لِّلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴿٤٩﴾ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴿٥٠﴾ )) الشورى
**********
((إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴿٤٩﴾وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴿٥٠﴾ )) القمر
**********
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
((سَبَّحَ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١﴾ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢﴾ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٣﴾هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿٤﴾ لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿٥﴾ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٦﴾ )) الحديد
**********
((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٧﴾ )) المجادلة
**********
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
(( يُسَبِّحُ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿٢﴾ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿٣﴾ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٤﴾ )) التغابن
**********
((اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴿١٢﴾ )) الطلاق
**********
((فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ﴿٤٠﴾ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴿٤١﴾ )) المعارج
**********
((نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ﴿٢٨﴾ إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا ﴿٢٩﴾ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿٣٠﴾ يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿٣١﴾ )) الإنسان
**********
((لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴿٢٨﴾ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٩﴾ )) التكوير
**********
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
(( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّـهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾ )) الصمد
**********
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
(( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿١﴾ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿٢﴾ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿٣﴾ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿٤﴾ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿٥﴾ )) الفلق
**********
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
(( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿١﴾ مَلِكِ النَّاسِ ﴿٢﴾ إِلَـٰهِ النَّاسِ ﴿٣﴾ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿٤﴾ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿٥﴾ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴿٦﴾ )) الناس
**********

تعبت أسافر 10-03-2016 05:34 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
أحاديث في توحيد الله وبيان عظمته وقدرته والتحذير من الشرك به سبحانه وتعالى :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(يامعاذُ ، أتدري ماحقُّ اللهِ على العبادِ ). قال : اللهُ ورسولُه أعلمُ ، قال : (أن يعبدوهُ ولا يُشركوا به شيئًا ، وحق الله على العباد أن لا يُعذِّبَ من لا يُشرك به شيئاً )
قلت يا رسول الله : أفلا أبشر الناس .
قال ( لا تُبشرهم فيتكلوا )
البخاري ( 2856 ) مسلم ( 30 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من شهدَ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبدُه ورسولُه ، وأن عيسى عبدُ اللهِ ورسولُه ، وكلمتُه ألقاها إلى مريمَ وروحٌ منه ، والجنةُ حقٌّ ، والنارُ حقٌّ ، أدخله اللهُ الجنةَعلى ماكان من العملِ)
البخاري ( 3435 ) مسلم ( 28 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(فإن اللهَ حرَّمَ على النارِ مَن قال : لا إلهَ إلا اللهُ ، يَبْتَغِي بذلك وجهَ اللهِ )
البخاري ( 425 ) مسلم ( 33 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من مات وهو يدعو لله نِداًّ دخل النار )
البخاري ( 4497 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من لقيَ اللَّهَ وَهوَ لا يشرِكُ بِهِ شيئًا دخلَ الجنَّةَ ، ومن لقيَهُ يُشرِك بِهِ شيئاً دخلَ النَّارَ )
مسلم ( 93 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إنك تأتي قومامن أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول اللهِ ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم. فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )
البخاري ( 1395 ) مسلم ( 19 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من قالَ : لا إلهَ إلَّا اللَّهُ ، وكفربما يُعبَدُ من دون اللَّهِ ، حُرِّم مالُهُ ودمُهُ . وحسابُهُ على اللَّهِ عز وجل )
مسلم ( 23 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لايبقينَّ في رقبةِ بعيرٍ قِلادةٌ من وترٍ ، أو قِلادةٌ ، إلا قُطِعتْ )
البخاري ( 3005 ) مسلم ( 2115 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لعن اللهُ من ذبح لغيرِاللهِ . ولعن اللهُ من آوى مُحدِثًا . ولعن اللهُ من لعن والديْهِ . ولعن اللهُ من غيَّرَ المنارَ )
مسلم ( 1978 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من نزل منزلًا ثم قال : أعوذُ بكلماتِ اللهِ التاماتِ من شرِّ ما خلق ، لم يضرُّه شيءٌ ، حتى يرتحلَ من منزلِه ذلك )
مسلم ( 2708 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
حين أُنزلَ عليه ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) قال :
يا معشرَ قريشٍ اشتروا أنفسكم ، لا أُغني عنكم من اللهِ شيئًا ، يا بني عبدِ الملطبِ لا أُغني عنكم من اللهِ شيئًا ، يا عباسُ بنَ عبدِ المطلبِ لا أُغني عنك من اللهِ شيئًا ، يا صفيةُ عمَّةَ رسولِ اللهِ لا أُغني عنك من اللهِ شيئًا ، يا فاطمةُ بنتَ محمدٍ ، سلِيني ما شئتِ ، لا أُغني عنكِ من اللهِ شيئًا )
البخاري ( 2753 ) مسلم ( 206 )
قال أبو هريرة من أسعد الناس بشفاعتك ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه )
البخاري ( 99 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(اجتَنبوا السَّبعَ الموبقاتِ ). قالوا : يا رسولَ اللهِ : وما هنَّ ؟ قال :
( الشِّركُ باللهِ ، والسِّحرُ ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ ، وأكلُ الرِّبا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ )
البخاري ( 2766 ) مسلم ( 89 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من أتى عرَّافًا فسألَه عن شيٍء فَصَدَّقَهُ لم تُقْبَلْ لهُ صلاةٌ أربعين ليلةً )
مسلم ( 2230 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(لا عدْوَى ، ولا طِيَرَةَ ، ولا هامَةَ ، ولا صفَرَ )
البخاري ( 5757 )
وزاد مسلم
( ولا نوء ولا غول )
مسلم ( 2220 ) ( 106 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(أتدرون ماذا قال ربُّكم ؟ ) قلنا : اللهُ ورسولُه أعلمُ . فقال :
(قال اللهُ : أصبَحَ مِن عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ بي ، فأما مَن قال : مُطِرْنا بفضلِ اللهِ ورحمته ؛ فهو مؤمنٌ بي ، كافرٌ بالكوكبِ . وأما مَن قال : مُطِرْنا بنوء ( نجم ) كذا وكذا ، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكبِ)
( 846 ) مسلم ( 71 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن ابنِ عباسٍ :
(حسبنا الله ونعم الوكيل . قالها إبراهيمُ عليه السلام حينَ أُلْقِيَ في النارِ، وقالها محمدٌ صلى الله عليه وسلم حينَ قالوا :
((إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ))
البخاري ( 4563 ، 4564 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(اثنتانِ في الناسِ هما بهم كُفْرٌ . الطعنُ في النسبِ والنِّياحةُ على الميتِ )
مسلم ( 67 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(ليس مِنَّا مَن ضرَب الخدودَ ، وشقَّ الجيوبَ ، ودعى بدعوى الجاهليَّةِ )
البخاري ( 1249 ) مسلم ( 103 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(قال اللهُ تباركَ وتعالَى : أنا أغنَى الشركاءِ عن الشركِ . مَن عمِل عملًا أشرك فيه معِي غيرِي ، تركتُه وشركَه )
مسلم ( 2958 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(قال اللهُ تعالَى : يُؤذيني ابنُ آدمَ ، يسبُّ الدَّهرَ وأنا الدَّهرُ ، أُقَلِّبُ الَّليلَ والنَّهارَ )
البخاري ( 4826 ) مسلم ( 2246 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إنَّ أخنعَ اسمٍ عند اللهِ رجلٌ تَسمَّى ملَكَ الأملاكِ لا مالكَ إلا اللهُ)
البخاري ( 6205 ، 6206 ) مسلم ( 2143 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إنَّ للَّهِ تسعةً وتسعينَ اسمًا ، أحصاها دخلَ الجنَّةَ ، وهو وِترٌ ، يحبُّ الوِترَ )
البخاري ( 6410 ) مسلم ( 2677 )
عن ابن مسعود رضي الله عنه : :
كنا إذا كنا معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في صلاة، قُلْنا : السلامُ على اللهِ من عبادِهِ، السلامُ على فُلانٍ وفُلانٍ،
فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
( لا تقولوا السلامُ علَى اللهِ، فإن اللهَ هو السلامُ، )
البخاري ( 835 ) مسلم ( 402 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(لا يقولنَّ أحدُكُم اللَّهمَّ اغفرْ لي إنْ شئتَ ، اللَّهمَّ ارحمْني إنْ شئتَ ، ليَعزِم المسألةَ ، فإنَّ اللهَ لا مُكرِهَ له)
البخاري ( 6339 )
ولمسلم ( 2679 )
( وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(لا يقلْ أحدُكم : أطعم ربَّك ، وضئ ربّك ، وليقلْ : سيدي مولاي ، ولا يقلْ أحدُكم : عبدي أمتي ، وليقلْ : فتاي وفتاتي وغلامي )
البخاري ( 2552 ) مسلم ( 2249 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(احرِص على ما ينفعُكَ ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزَنَّ ، وإن أصابَكَ شيءٌ ، فلا تقُل : لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا ، ولَكِن قل : قدَّرَ اللَّهُ ، وما شاءَ فعلَ ، فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ )
مسلم ( 2664 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(الإِيمانُ : أنْ تُؤمن بِاللهِ ومَلائِكتِه ، وكُتُبِهِ ، و رُسُلِهِ ، و اليومِ الآخِرِ ، و تُؤمن بِالقَدَرِ خَيرِهِ و شَرِّهِ )
مسلم ( 8 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(قال اللهُ عزَّ وجلَّ : ومن أظلم ممن ذهبَ يخلقُ كخَلْقي ، فلْيَخْلُقوا ذرَّةً ، أو : لِيخْلُقوا حبَّةً ، أو لِيخْلُقوا شعيرةً )
البخاري ( 5953 ) مسلم ( 2111 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله )
البخاري ( 2479 ) مسلم ( 2107 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(قال رجلٌ: واللهِ ! لا يغفِرُ اللهُ لفلانٍ . فقال عز وجل : من ذا الَّذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفرَ لفلانٍ ؟ إنِّي قد غفرتُ له ، وأحبطتُ عملَك)
مسلم ( 2621 )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(يَطوي اللهُ عزَّ وجلَّ السَّماواتِ يومَ القيامةِ . ثمَّ يأخذُهنَّ بيدِه اليُمنَى . ثمَّ يقولُ : أنا الملِكُ . أين الجبَّارون ؟ أين المُتكبِّرون ؟ ثمَّ يَطوي الأرضين السَّبعَ ثمَّ يأخذُهنَّ بشمالِه . ثمَّ يقولُ : أنا الملِكُ . أين الجبَّارون ؟ أين المُتكبِّرون ؟ )
مسلم ( 2788 )

تعبت أسافر 10-03-2016 05:35 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
كتب تتحدث عنه سبحانه وتعالى :
تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي
ترجمة المؤلف: عبد الرحمن السعدي
شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة
الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنه منها
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
كلمة التوحيد لا إله إلا الله فضائلها ومدلولها وشروطها ونواقضها
الشيخ عبدالرزاق البدر
من معالم التوحيد
الشيخ عبدالرزاق البدر
الصدق مع الله
الشيخ عبدالرزاق البدر
فقه الأسماء الحسنى
الشيخ عبدالرزاق البدر

تعبت أسافر 10-03-2016 05:35 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
أين الله سبحانه وتعالى ؟ ( 1 )
إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى
الشيخ صالح الفوزان
نص السؤال :
دار نقاش بيني وبين زميل لي في المكتب حول وجود الله سبحانه وتعالى في السماء، وهذا الشخص ينفي وجود الله سبحانه وتعالى في السماء وأنا أثبته بدليل قوله تعالى‏:
‏ ‏{ أَ‏أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ ‏‏ }
‏ ‏[‏سورة الملك‏:‏ آية 16‏]‏ الآية،
ولحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - للجارية قال لها‏:‏
" ‏‏أين الله‏؟‏‏" ‏ قالت‏:‏ في السماء
‏[‏رواه الإمام مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ ‏‏ من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه] ‏‏.
ما توضيح الصواب وجزاكم الله خير ‏؟‏
نص الإجابة :
لا شك أن الله سبحانه وتعالى في السماء، وهذا يعتقده
المسلمون وأتباع الرسل قديمًا وحديثًا، فهو محل إجماع لرسالات الله سبحانه وتعالى وعباده المؤمنين أن الله جل وعلا في السماء، وقد تضافرت على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة بما يزيد على ألف دليل على علو الله سبحانه وتعالى، وأنه في السماء وأنه استوى على عرشه سبحانه وتعالى ، كما أخبر الله جل وعلا بذلك، ومن ذلك ما ذكره السائل من قوله تعالى‏:‏ ‏
{ ‏ أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فإذا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا‏ }‏
‏[‏سورة الملك‏:‏ الآيتين 16، 17‏]‏
وحديث الجارية الذي في ‏"‏الصحيح‏"‏ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها‏:‏ " ‏‏أين الله‏؟‏‏" ‏ قالت‏:‏ في السماء، قال‏:‏ " ‏‏أعتقها فإنها مؤمنة‏"
‏[‏رواه الإمام مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه‏]‏
ومعنى كونه في السماء إذا أريد بالسماء العلو فـ‏(‏في‏)‏ للظرفية وهو أن الله جل وعلا في العلو بائن من خلقه سبحانه وتعالى عالٍ على مخلوقاته بائن من خلقه‏.‏
وأما إذا أريد بالسماء السماء المبنية وهي السبع الطباق فمعنى ‏(‏في‏)‏ هنا‏:‏ بمعنى على يعني‏:
‏ على السماء ، كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏سِيرُواْ فِي الأَرْضِ‏ }‏
‏[‏سورة الأنعام‏:‏ آية 11‏]‏
يعني‏:‏ على الأرض، وكما في قوله‏:‏
‏{ ‏وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ‏ }‏
‏[‏سورة طه‏:‏ آية 71‏]‏
يعني‏:‏ على جذوع النخل‏.‏ وعلى كل حال فالآيات المتضافرة والأحاديث المتواترة وإجماع المسلمين وأتباع الرسل على أن الله جل وعلا في السماء.
أما من نفى ذلك من الجهمية وأفراخهم وتلاميذهم فإنهذا المذهب باطل وإلحاد في أسماء الله، والله جل وعلا يقول‏:‏ ‏{ ‏وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏ }
‏ ‏[‏سورة الأعراف‏:‏ آية 180‏]‏
فالإلحاد في أسماء الله وصفاته جريمة عظيمة، وهذا الذي ينفي كون الله في السماء يكذب القرآن ويكذب السنة ويكذب إجماع المسلمين، فإن كان عالمًا بذلك فإنه يكفر بذلك، أما إذا كان جاهلًا فإنه يبين له فإن أصر بعد البيان فإنه يكون كافرًا، والعياذ بالله‏.

تعبت أسافر 10-03-2016 05:36 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
أين الله سبحانه وتعالى ؟ ( 2 )


https://www.youtube.com/watch?v=CZaNo_rMuTo

تعبت أسافر 10-03-2016 05:37 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
أين الله سبحانه وتعالى ؟ ( 3 )
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
السؤال :
سألني أخٌ مسلم أين الله؟! فقلت له: في السماء. فقال لي: فما رأيك في قوله تعالى: ( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ) [البقرة:255] وذكر آيات كثيرة، ثم قال: لو زعمنا أن الله في السماء لحددنا جهة معينة، فما رأي سماحتكم في ذلك، وهل هذه الأسئلة من الأمور
الجواب :
قد أصبت في جوابك وهذا الجواب الذي أجبت به هو الجواب الذي أجاب به النبي - صلى الله عليه وسلم – فالله جل وعلا في السماء في العلو سبحانه وتعالى كما قال سبحانه وتعالى ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ )(الملك:17) وقال جل وعلا : ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) وقال سبحانه : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) (لأعراف: من الآية54) .
فهو سبحانه وتعالى فوق العرش في جهة العلو فوق جميع الخلق عند جميع أهل العلم من أهل السنة، قد أجمع أهل السنة والجماعة رحمة الله عليهم على أن الله في السماء فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، وهذا هو المنقول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه - رضي الله عنهم وعن أتباعهم بإحسان .
كما أنه موجود في كتاب الله القرآن وقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم – جارية جاء بها سيدها ليعتقها فقال لها الرسول : ( أين الله ؟ ) فقالت : في السماء، قال (من أنا؟) قالت: أنت رسول الله، قال: (أعتقها فإنها مؤمنة
) رواه مسلم في الصحيح .
فالرسول أقر هذه الجارية على هذا الجواب الذي قلته أنت، (قال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة) وما ذاك إلا لأن إيمانها بأن الله في السماء يدل على إخلاصها لله وتوحيدها لله وأنها مؤمنة به سبحانه وبعلوه في جميع خلقه وبرسوله محمد حيث قالت: أنت رسول الله، أما قوله جل وعلا: وسع كرسيه السموات والأرض هذا لا ينافي ذلك، الكرسي فوق السموات، والعرش فوق الكرسي، والله فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى.
وتحديد الجهة لا مانع منه جهة العلو؛ لأن الله في العلو وإنما يشبه بهذا بعض المتكلمين، بعض المبتدعة ويقولون ليس في جهة، وهذا كلام فيه تفصيل فإن أرادوا ليس في جهة مخلوقة وأن ليس في داخل السماوات وليس بداخل الأرض ونحو هذا فصحيح،أما أن أرادوا ليس في العلو هذا باطل وهذا خالف ما دل عليه كتاب الله وما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وما دل عليه إجماع سلف الأمةفقد أجمع علماء الإسلام أن الله في السماء فوق العرش فوق جميع الخلق، والجهة التي هو فيها هي جهة العلو وهي ما فوق جميع الخلق، وهذه الأسئلة ليست بدعة ولم ننه عنها بل هذه الأسئلة مأمور بها نعلمها الناس، كما سئل عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أين الله؟، وسأله ... قال: أين ربنا؟ قال: هو في العلو سبحانه وتعالى، فالله عز وجل في العلو في جهة العلو فوق السموات فوق العرش فوق جميع الخلق وليس في الأرض ولا في داخل الأرض وليس في داخل السموات، ومن قال إن الله في الأرض وأن الله في كل مكان كالجهمية والمعتزلة ونحوهم فهو كافر عند أهل السنة والجماعة لأنه مكذب لله ولرسوله في إخبارهما بأنه سبحانه في السماء فوق العرش جل وعلا، فلا بد من الإيمان بأن الله فوق العرش، فوق جميع الخلق وأنه في السماء يعني العلو معنى السماء يعني العلو، فالسماء يطلق على معنيين أحدهما:
المسوات المبنية يقال لها سماء، والثاني: العلو يقال له سماء فالله سبحانه في العلو في جهة العلو فوق جميع الخلق، وإذا أريد السماء المبنية يعني عليها، في، يعني على، في السماء يعني على السماء وفوقها كما قال الله سبحانه : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ) التوبة 2(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) آل عمران 137
يعني عليها فوقها، وكما قال الله عن فرعون أنه قال :
(وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) طه 71
يعني على جذوع النخل فلا منافاة بين قول من قال في السماء يعني على السماء وبين من قال إنه في العلو لأن السماء المراد به العلو، فالله في العلو فوق السموات فوق جميع الخلق وفوق العرش سبحانه وتعالى ومن قال أن في على يعني فوق السماء المبنية فوقها ولا شك أنه فوقها فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى فأنت على عقيدة صالحة وأبشر بالخير والحمد لله الذي هداك ذلك ولا تلتفت إلى قول المشبهين والملبسين فإنهم في ضلال وأنت بحمد لله ومن معك على هذه العقيدة أنتم على الحق في إيمانكم بأن الله في السماء فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، وعلمه في كل مكان جل وعلا، ولا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، وليس فيه حاجة إلى العرش ولا إلى السماء بل هو غني عن كل شيء سبحانه وتعالى والسموات مفتقرة إليه والعرش مفتقر إليه وهو الذي أقام العرش وهو الذي أقام الكرسي وهو الذي أقام السموات وهو الذي أقامها سبحانه وتعالى كما قال تعالى: ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره، وقال سبحانه (إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا) فاطر 42.
فالله الذي أمسك السموات وأمسك العرش وأمسك هذه المخلوقات فلولا إمساكه لها وإقامته لها لكان بعضا على بعض، فهو الذي أقامها وأمسكها حتى يأتي أمر القيامة إذا جاء يوم القيامة صار لها حالها فهو سبحانه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم وهو العلي فوق جميع خلقه وصفاته كلها علا وأسمائه كلها حسنى فالواجب على أهل العلم والإيمان أن يصفوا الله سبحانه بما وصف به نفسه وبما وصف به رسوله عليه الصلاة والسلام من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل بل مع الإيمان بأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

تعبت أسافر 10-03-2016 05:37 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
أين الله سبحانه وتعالى ؟ ( 4 )
الدليل على أن الله في السماء
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 17522 )
س 2:
ما هو الدليل على أن الله في السماء ؟
ج 2:
عقيدة أهل السنة والجماعة: أن الله تعالى في السماء فوق العرش، كما أخبر سبحانه عن ذلك بقوله: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ) ، وقوله تعالى: ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )
(الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 384)
وقوله: ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ) ، وقوله سبحانه في سورة طه: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) ، وقوله سبحانه: ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) الآية.
في سبعة مواضع من كتاب الله.
وفي الصحيح في حديث الخوارج قوله صلى الله عليه وسلم:
( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءًوقوله صلى الله عليه وسلم للجارية: ( أين الله؟ ) فقالت: في السماء. قال:
( من أنا؟ ) قالت: أنت رسول الله، قال : (أعتقها فإنها مؤمنة ) رواه مسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم:
( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )رواه أحمد وأبو داود والترمذي .
وقال: هذا حديث حسن صحيح. والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي،
(الجزء رقم : 2، الصفحة رقم: 385)
وغيرها من الأحاديث.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(لكن ليس معنى ذلك أن الله في جوف السماء، وأن السماوات تحصره وتحويه، فإن هذا لم يقله أحد من سلف الأمة وأئمتها، بل هم متفقون على أن الله فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه ، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.. ثم نقل عن الإمام مالك قوله: إن الله فوق السماء، وعلمه في كل مكان.. إلى أن قال مالك : فمن اعتقد أن الله في جوف السماء، محصور محاط به، وأنه مفتقر إلى العرش أو غير العرش من المخلوقات، أو أن استواءه على عرشه كاستواء المخلوق على كرسيه - فهو ضال مبتدع جاهل، ومن اعتقد أنه ليس فوق السماوات إله يعبد، ولا على العرش رب يصلى له ويسجد، وأن محمدًا لم يعرج به إلى ربه ولا نزل القرآن من عنده - فهو معطل فرعوني ضال مبتدع) ا هـ. ( الفتاوى 5/ 258).
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو : بكر أبو زيد
عضو : صالح الفوزان
نائب الرئيس : عبدالعزيز آل الشيخ
الرئيس : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

تعبت أسافر 10-03-2016 05:37 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
مذهب أهل السنة في استواء الله على العرش
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في استقرار الله -سبحانه وتعالى- على العرش، وهل الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه قال: بأن الله في كل مكان بذاته. وما حكم الصلاة خلف من يفنّد أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان بذاته، أجيبونا عن هذه الأسئلة ووضحوا؟
مذهب أهل السنة والجماعة وهم الصحابة، أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه بإحسان وهو قول الرسل جميعاً -عليهم الصلاة والسلام-أن الله فوق العرش، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى، كما قال الله -عز وجل-: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) ) سورة طـه.
وقال سبحانه:
( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشَِ (54) ) سورة الأعراف.
ذكر هذا -سبحانه- في سبعة مواضع في كتابه العظيم. أنه فوق العرش -جل وعلا-، ومعنى على العرش يعني فوق العرش، قد علا عليه واستقر فوقه -سبحانه وتعالى-، هكذا قال أهل السنة على العرش يعني استوى عليه، يعني علا وارتفع، وفي عبارة بعضهم واستقر، المعنى أنه فوق العرش، والعرش فوق المخلوقات، وهو أعلاها، والله فوقه -سبحانه وتعالى- هذا قول أهل الحق جميعاً، وأبو حنيفة، منهم، ممن يقول بهذا -رضي الله عنه ورحمه- ولا يقول أن الله في كل مكان، حاشا وكلا، بل هذا قول المعتزلة والجهمية وأشباههم، وهذا كفر وضلال، الذي يقول أن الله في كل مكان هذا كافر ضال، نسأل الله العافية.
الله –سبحانه- فوق العرش، وعلمه في كل مكان –جل وعلا- يعلم كل شيء سبحانه وتعالى-.
لكنه بذاته فوق العرش -سبحانه وتعالى- فوق جميع الخلق، والواجب على المؤمن أن يعتقد هذا الاعتقاد الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وأجمع عليه سلف الأمة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعهم بإحسان،ولا يجوز أن يقال أن الله في كل مكان، هذا قول أهل الباطل من الجهمية والمعتزلة ومن سار على نهجهم، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا سبحانه وتعالى.
- من أم الناس سماحة الشيخ وهو على ذلكم المعتقد؟
ج/ الذي يؤم الناس لا يصلى خلفه، من كان يعتقد أن الله في كل مكان, هذا كافر ضال لا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يتخذ إماماً بل يجب أن يبعد ويجب على المسؤولين أن يبعدوه. وأن يولوا غيره من أهل السنة والجماعة. –
من يعترف ببعض الصفات دون بعض سماحة الشيخ هل تجوز إمامته والصلاة خلفه؟
ج/ هذا قول الأشاعرة يؤمنون ببعض الصفات ويتأولون البقية، وهو مذهب باطل لا يجوز، الواجب الإيمان بجميع الصفات الواردة في الكتاب العزيز، والسنة المطهرة الصحيحة، هذا هو الواجب. عند أهل السنة والجماعة، الواجب إثبات جميع ما ذكر الله في كتابه العظيم من أسمائه وصفاته, وهكذا ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة يجب إثباتها لله، وإمرارها كما جاءت، مع الإيمان بها واعتقاد أنه سبحانه(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(11) )سورة الشورى. فالواجب إثباتها إثباتاً بلا تمثيل, وأن ينزه -سبحانه- عن مشابهة خلقه تنزيهاً بلا تعطيل.
ولهذا يقول أهل السنة والجماعة، يجب الإيمان بأسماء الله وصفاته عن الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
والذي يُعرف أن يؤول بعض الصفات لا ينبغي اتخاذه إمام. لكن لا يكفر؛ لأنها شبهة، لكن لا ينبغي أن يتخذ إمام، ينبغي أن يتخذ إمام آخر سواه، لأن الأشاعرة وإن كانوا تأولوا بعض الصفات لهم شبهة في التأويل، فهم ليسوا كفاراً بهذا القول, ولكنهم ارتكبوا بدعة وضلالاً يجب على من كان كذلك أن يتوب الله من ذلك، وأن يلتزم مذهب أهل السنة والجماعة؛ لأن الواجب عدم التأويل في جميع الصفات.

تعبت أسافر 10-03-2016 05:38 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
تـعـرّف على الـمَـلِـك
هو الـمَـلِـك الذي لا يُـرد أمـره
هو
الـمَـلِـك الذي ينفذ حكمـه
هو
الـمَـلِـك الذي يجب أن تتذلل له
بل تسجد بين يديه لتسألـه حاجتك
مِن صفات كماله :
" أنه يجود ويعطي ويمنح ، ويعيذ وينصر ويغيث ، فكما يحب أن يلوذ به اللائذون يحب أن يعوذ به العائذون ، وكمال الملوك أن يَلوذ بهم أولياؤهم ، ويعوذوا بهم "
له الملك وحده دونما سواه
( لَهُ الْمُلْكُ )
هو ملك الملوك
( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
)
" وملك الملوك يحب أن يلوذ به مماليكه وأن يعوذوا به ، كما أمر رسوله أن يستعيذ به من الشيطان الرجيم في غير موضع من كتابه "

هو مـالك الـمُلك
( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
)
قال عليه الصلاة والسلام :
( إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك ، لا مالك إلا الله ).
رواه البخاري ومسلم .
لا مالك على الحقيقة إلا الله .
هو مالك يوم الدين
وفي ذلك اليوم يتجلّى المُلك يوم لا مالك إلا الله ، فيُنادي ربنا سبحانه وتعالى :
أنا الملك
ولذا يقرأ المُصلي : ( مالك يوم الدين ) أو ( ملِك يوم الدين
)
تعرّف على ملك الملوك في حال رخائك يتعرّف عليك ويعرفك في الشدة
قال محمود الوراق :
شاد الملوك قصورهم وتحصنوا = من كل طالب حاجة أو راغب
فارغب إلى ملك الملوك ولا تكن = يا ذا الضراعة طالبا من طالب
لا ينفع ولا يضر
ولا يُجيب المضطر
إلا ملك الملوك سبحانه .
( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
) ؟
لا أحد إلا الله جل جلاله .
ولا يكشف البلوى
ولا يدفـع الضـرّ
إلا رب العزة سبحانه
( قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ
)
اللجوء إليه وحده في الملمّات
لأن غيره لا ينفع ولا يضر
( وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ
)
أما لمــاذا ؟
فيأتيك الجواب مباشرة :
( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
)
من ذا الذي أمّله فانقطعت آماله ؟
من ذا الذي رجاه فخيّب رجاءه ؟
من ذا الذي سأله فَـردّه ؟
من ذا الذي لجأ إليه فطرده ؟
من ذا الذي انطرح بين يديه فما رحِمه ؟

إذاً :
إليك وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ) .
رواه الإمام أحمد .
ومِن التّعرّف عليه جل جلاله في حال الرخاء كثرة الدعاء .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكُرب ، فليكثر الدعاء في الرخاء ). رواه الترمذي .
وما أحوجنا إلى هذا التعرّف والتضرّع حتى لا نكون كمن وصفهم الله عز وجل بقوله :
( فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) .
الشيخ عبدالرحمن السحيم

تعبت أسافر 10-03-2016 05:38 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
الآداب مع جناب الوهاب
قال ابن القيم في النونية :
وهو العزيز فلن يُرَام جَنَابه ... أنَّى يُرَام جناب ذي السلطان
إنّ كُلّ خَير ، بل كُلّ حَرَكة وسَكَنة ، وكُلّ غَمْضَة عين وانتباهتها ، وكُلّ اخْتِلاجَة عرْق ، وكُلّ دَفْقَة دم ، وكلّ عافية وسِتْر ؛ هي مِن مِنَح الجليل تبارك وتعالى .
وإذا كان ذلك كذلك فإن الوهاب الْمُعْطِي الجبار أحقّ مِن تأدّب العَبْد مع جَنَابه .
وأبواب الأدب مع الله كثيرة
وإن مِن الأدب مع الله : الحياء مِنه سبحانه وتعالى .
ومِن الحياء مِن الله :
أن تستحي أن يَراك حيث نَهَاك
أو أن يفقِدك حيث أمَرَك .

فلا تمشي بك قَدَم إلى معصية ..
ولا يَتَأخَّر بك خَطْو إلى طاعة ..
لقد كان الرجل مِن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم يُحمَل ويُهادَى بين الرَّجُلين حتى يُقام في الصف ..
وضربوا أروع الأمثلة في الحياء مِن الله .
حَدَّث الإمام الزهري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : يوما وهو يخطب : أيها الناس استحيوا مِن الله ، فوالله ما خَرَجْت لِحَاجَة منذ بَايَعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِيد الغَائط إلاَّ وأنا مُقنع رأسي حَياء مِن الله .
والحياء مِن الله أن تستحيي مِن نَظَر الله إليك .. فتحفظ السَّمْع والبصر .. والبَطْن والرأس .. والفَرْج ..
قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه :
( استحيوا من الله حق الحياء ). قالوا : يا رسول الله إنا نَستحيي والحمد لله . قال ( ليس ذاك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تَحْفَظ الرأس وما وَعَى ، والبَطْن ومَا حَوى ، ولتذكر الموت والْبِلَى ، ومن أراد الآخرة تَرَك زينة الدنيا ؛ فمن فعل ذلك فقد استحيا مِن الله حق الحياء ) . رواه الإمام أحمد والترمذي . وحسنه الألباني .
ورجّح الذهبي وقْف الحديث .
وقال عليه الصلاة والسلام :
(اسْتَحْيُوا مِن الله ، فإن الله لا يستحي مِن الحق ، لا تَأتوا النساء في أدْبارهن ). رواه النسائي في الكبرى .
والحياء مِن الله إذا وُقِف الإنسان بين يديه وسأله عن أعماله .
كما قيل :
يا حَسرة العاصِين يوم مَعادهم *** ولو أنهم سِيقُوا إلى الجناتِ
لو لم يكن إلاَّ الحياء من الذي ***سَتَر الذنوب لأكْثَروا الحسراتِ
قال ابن الجوزي :
يا عظيم الجرأة يا كثير الانبساط ، ما تخاف عواقب هذا الإفراط ؟ يا مؤثر الفَاني على الباقي غَلْطة لا كالأغلاط ، ألَكَ صبر يُقاوم ألَم السِّياط ؟ ألَكَ قَدم يَصلح للمَشي على الصراط ؟ أيُعْجِبك لباس الصحة ؟ كلاّ وثَوب البلاء يُخَاط . اهـ .
والحياء مِن الله ومِن خَلْقه مفتاح كل خير ..
قال عليه الصلاة والسلام :
( الحياء لا يأتي إلاَّ بِخَيْر ) . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( الحياء خَير كُله ). قال : أو قال : (الحياء كُله خَير ).
وحِين مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ .. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الإِيمَانِ ) . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : مَرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رَجُل وهو يُعَاتِب أخَاه في الْحَياء يقول : إنك لتستحيي ، حتى كأنه يقول : قد أضَرّ بِك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (دَعْه ، فإن الحياء من الإيمان
) .
قال ابن حبان :
الحياء مِن الإيمان ، والمؤمن في الجنة . اهـ .
وذلك لأن الحيي يستحيي مِن نَظَر الله إليه .
وكان بعضُ السَّلف يقول :
أتراك تَرْحَم مَنْ لم تقرَّ عينيه بمعصيتك حتَّى عَلِم أنْ لا عَين تراه غيرك؟
وكان وهيبُ بن الورد يقول : خَفِ الله على قَدْر قُدْرته عليك ، واستحي منه على قَدْر قُربه منك .
وقال بعضُهم :
ابنَ آدم إنْ كنتَ حيث رَكبتَ المعصية لم تَصْفُ لك مِن عينٍ ناظرةٍ إليك ، فلما خلوتَ بالله وحده صَفَتْ لك معصيتُهُ ، ولم تستحي منه حياءك من بعض خلقه ، ما أنت إلاَّ أحدُ رجلين : إنْ كنت ظننتَ أنَّه لا يراك ، فقد كَفَرتَ ، وإنْ كنت عَلِمْتَ أنَّه يراك فلم يمنعك منه ما منعك مِن أضعف خلقه لقد اجْتَرَأتَ عليه . نقله ابن رجب .
وقال ابن القيم عن الحياء :
هو أصْل كُلّ خَير ، وذَهابه ذَهَاب الْخَير أجْمَعه . اهـ .
وصَدَق رحمه الله فقد قال عليه الصلاة والسلام :
(الْحَياء والإيمان قُرِنا جَميعًا ، فإذا رُفِع أحدهما رُفِع الآخر )
. رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما . وصححه الألباني .

17/ رمضان / 1431 هـ
الشيخ عبدالرحمن السحيم

تعبت أسافر 10-03-2016 05:38 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
إجلال ذي الجلال
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

حينما ذَكَّر نوح قومه قال مُسْتَفْهِمًا :
(مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) ؟
إن أعظم توقير يجب أن يكون لِمَن أسْبَغ عليك نِعَمَه وأنت في طَوْر الـنُّطْفَة ،
ولذا قال مُذَكِّرًا :
(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) حينما لم تكن شيئا مَذكورا !
ثم تَوَالَتْ عليك مِنَنه ، وتَتَابَعت عليك نِعَمه
.
هل تأمّلت أحوالك وأنت تنتقِل مِن طَور إلى طور ، مِن غير حول ولا قوة لك ولا لأحدٍ مِن البَشَر .
قال ابن القيم عن الرَّحِم :
مَن الذي أوحى إليه أن يَتَضَايق عليك وأنت نُطْفة حتى لا تَفْسد هناك ؟ وأوحى إليه أن يَتَّسِع لك ويَنْفَسِح حتى تَخْرُج منه سليما إلى أن خَرَجْتَ فَريدا وَحيدا ضَعيفا لا قِشْرة ولا لِباس ولا مَتاع ولا مَال ؟ أحْوج خَلْق الله وأضعفهم وأفقرهم ، فَصَرَف ذلك اللبن الذي كنت تَتَغَذَّى به في بَطن أمك إلى خِزَانتين مُعَلَّقَتين على صدرها ! تَحْمِل غذاءك على صدرها ، كما حَمَلَتْك في بَطنها ، ثم سَاقَه إلى تَيْنِك الخِزَانَتين ألْطَف سَوْق على مَجَارٍ وطُرُقٍ قد تَهَيَّأت له ، فلا يَزال وَاقِفًا في طُرُقه ومَجَارِيه حتى تَسْتَوفِي ما في الخزانة ، فَيَجْرِى ويَنْسَاق إليك، فهو بِئر لا تَنْقَطِع مادَّتها ، ولا تَنْسَدّ طُرُقها ، يَسُوقها إليك في طُرُقٍ لا يَهْتَدِي إليها الطَّواف ، ولا يَسْلكها الرِّجال ، فمن رَقَّقَه لك ، وصَفَّاه ، وأطَاب طَعْمه ، وحَسَّن لَونه ، وأحْكم طَبْخَه أعْدَل إحْكَام ؟ لا بِالْحَارَّ الْمُؤذِي ، ولا بالبَارِد الرَّدي ، ولا الْمُرّ ولا المالح ، ولا الكَرِيه الرائحة ، بل قَلَبَه إلى ضَرْب آخر مِن التغذية والمنفعة ، خِلاف ما كان في البطن ، فَوَافَاك في أشد أوقات الحاجة إليه على حين ظمأ شديد وجوع مفرط جمع لك فيه بين الشراب والغذاء فحين تولد قد تلمظت وحركت شفتيك للرضاع ، فتجد الثدي الْمُعَلَّق كالإدَاوَة قد تَدَلَّى إليك ، وأقبل بِدَرِّه عليك . اهـ .
أمَا خَرَجْتَ مِن بَطْن أمك مَقْلُوبا لا تَرَى ولا تَعِي ؟!
(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا)

أما وَهَبك الله عَينين ، لِتَرَى ؟
ومَنَحَك أُذُنين ، لِتَسْمَع ؟
وحَبَاك قَلْبًا وَاعِيًا لِتَعِي وتُدْرِك ؟

بلى .. فَبِهَا أدْرَكْت ووعَيت وعَقَلْت وتعَلَّمْت :
(وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
وهَداك سُبُل السَّلام وسبيل الرشاد

(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)

إن لم تتفكر في نفسك التي بين جنبيك ، ولم تَرَ دَقيق صُنع الله فيها
فَدُونَك ما هو أعظم من ذلك .

خَلْق السَّماوات
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا)
وجَعَل فيهن ما تقوم به حياتكم
(وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا)
كيف لا يُوقَّر ولا يُرْجَى له وَقَار .. مَن لا إله غيره ؟ ولا رب سواه ؟
فلا خَالِق ولا رَازِق غَيره ؟
ولا مُدَبِّر للأمْر إلاَّ إياه ؟
إذ لا كاشِف للبلوى إلاّ الله ..

قال ابن القيم :
كيف لا تُحِبّ القلوب مَن لا يأتي بالحسنات إلاّ هو ؟ ولا يَذهب بِالسيئات إلاّ هو ؟ ولا يُجيب الدعوات ، ويُقِيل العَثرات ، ويَغفر الخطيئات ، ويَستر العَورات ، ويَكشف الكُرُبات ، ويُغيث اللهفات ، ويُنِيل الطَّلَبَات سِواه ؟ فهو أحقّ مَن ذُكِر ، وأحَقّ مَن شُكِر ، وأحقّ مَن حُمِد ، وأحَقّ مَن عُبِد ، وَأنْصَر مَن ابْتُغِي ، وأرْأف مَن مَلَك ، وأجْود مَن سُئل ، وأوسع مَن أعْطَى ، وأرْحَم مَن اسْتُرْحِم ، وأكْرَم مَن قُصِد ، وأعَزّ مَن الْتُجِئ إليه ، وأكْفَى مَن تُوكِّل عليه . أرْحَم بِعَبْدِه مِن الوالِدَة بِوَلَدِها ، وأشَدّ فَرَحًا بِتَوبة عِباده التائبين مِن الفَاقِد لِرَاحِلته التي عليها طعامها وشَرَابه في الأرض الْمُهْلِكة إذا يَأس مِن الحياة فَوَجَدها . وهو الْمَلِك فلا شَريك له ، والفَرْد فلا نِدّ لَه . كُلّ شيء هالِك إلاَّ وَجْهه ، لن يُطاع إلاَّ بِإذنه ، ولن يُعْصَي إلاَّ بِعِلْمه ؛ يُطَاع فَيَشْكُر ، وبِتَوفِيقه ونِعْمَتِه أُطِيع ، ويُعْصَي فَيَغْفِر ويَعْفُ ، وحَقّه أُضِيع . فهو أقرب شَهيد ، وأدْنَى حَفيظ ، وأوْفَى وَفِيّ بِالْعَهْد ، وأعْدَل قائم بِالقِسْط ، حال دون النفوس ، وأخذ بالنواصي ، وكَتَب الآثار ، ونَسَخ الآجال ، فالقُلُوب له مُفْضِية ، والسِّرّ عِنده علانية ، والعلانية والغيوب لديه مَكْشُوف ، وكُلّ أحد إليه مَلْهُوف ، وعَنَتِ الوُجُوه لِنُور وَجْهه ، وعجِزت القلوب عن إدراك كُنْهِه ، ودَلَّت الفِطْرة والأدِلّة كُلّها على امْتِنَاع مِثله وشِبهه ، أشْرَقَت لِنُور وَجْهه الظلمات ، واسْتَنَارَت له الأرض والسماوات ، وصَلحت عليه جميع المخلوقات ، لا يَنام ولا يَنبغي له أن يَنام ، يَخفض القِسْط ويَرفعه ، يُرْفَع إليه عَمل الليل قَبل عَمل النهار ، وعَمَل النهار قبل عَمَل الليل ، حِجَابه النور لو كَشَفَه لأحْرَقَت سُبُحَات وَجْهه ما انتهى إليه بَصَره مِن خَلْقه . اهـ .

فما للنفوس لا تعظم المَلِك القُدُّوس ؟

إن مِن إجلال الله : تعظيم شعائر الله ..

(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)

قال القرطبي في تفسيره :
الشعائر جمع شعيرة ، وهو كل شي لله تعالى فيه أمْر أشْعَر به وأعْلَم . اهـ .
وتَعظيم حُرُمات الله .. مِن إجلال الله ..
(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)
ومِن ذلك :
أن لا يُحْلَف بالله كذِبًا ..
جاء في خَبَر نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام أنه قال :
ربي عز وجل يعلم أني كُنت أمُرّ على الرَّجُلين يَتَزَاعمان ، وكُلّ يَحْلِف بالله - أوْ على الـنَّفَر يَتَزَاعَمُون- فانْقَلِب إلى أهلي فأُكَـفَّـر عن أيمانهم ، إرادة ألاَّ يأثم أحَدٌ ذَكَره ، ولا يَذْكُره أحَدٌ إلاَّ بِالْحَقّ .
وفي خبَر المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام :
أنه َرأَى رَجُلًا يَسْرِقُ ، فَقَالَ لَهُ : أَسَرَقْتَ ؟ قَالَ : كَلَّا وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ . فَقَالَ عِيسَى : آمَنْتُ بِاللهِ ، وَكَذَّبْتُ عَيْنِي . رواه البخاري ومسلم .
ومِن إجلال الله :
أن لا يُجْعَل الله عُرْضَة للأيمانِ :
(وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ)
وأن لا يُجْعَل الله أهْوَن الناظِرين .. بل يُعظَّم نَظَر الإلـه ، ويُسْتَحيا مِن الله ..
أبو محمد عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني في نونيته :
وإذا خَلَوت بِريبة في ظُلْمة = والنفس داعـية إلى الطغيانِ
فاسْتَحي مِن نَظر الإله وقُل لها : = إن الذي خَلَق الظلام يراني
ومِن إجلال الله :
إجلال ذي الشيبة المسلم ؛ لأنه شَابَ في طاعة الله .
وفي الحديث : (
إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ ). رواه أبو داود ، وحسنه الألباني .
وفي الحديث الآخَر :
(مَا أَحَبَّ عَبْدٌ عَبْدًا لِلَّهِ إِلَّا أَكْرَمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ) .
رواه الإمام أحمد ، وحسنه الأرنؤوط .

ومِن إجلال الله : تعظيم كلّ ما عظَّمه الله ..


13 / رمضان / 1431 هـ .
الشيخ عبدالرحمن السحيم

تعبت أسافر 10-03-2016 05:39 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
الحــمـيـد
هو المحمود الممدوح بكل لسان
وهو
المحمود على كل حال ، إذ لا يُحمد على مكروه سواه
وهو
الذي يَحمَد ويُحمد
وهو
أهل الحمد والثناء
ولذا فإن ربك يُحب المدح ، ويُحب أن يُثنى عليه
قال عليه الصلاة والسلام :
(ولا شخص أحب إليه المدحة من الله ، من أجل ذلك وعد الله الجنة ).
متفق عليه .
وفي رواية :
( ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ، فلذلك مدح نفسه ).
ربنا المحمود ، ولذا حمِد نفسه بنفسه ، فقال :
( الْحَمْـدُ لِلّهِ ) وصُدّرت بها بعض سور الكتاب العزيز .
والمحمود هو مستحق مطلق الحمد والشكر
قال سبحانه :
( وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ )
والحميد يُحب أن يُحمد بأنواع المحامد القولية والفعلية ، ولذا لما قال سبحانه :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ ) ختم الآية بقوله
( وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) .
وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال :
( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا )
وأُمِـر نوح أن يقول :
( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
وبالحمد للحميد لهج الأنبياء
فهذا أبو الأنبياء يقول :
( الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء )
وهذا الابن وأبيه :
( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ )
بل لهَجَت به الملائكة الكرام
( وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
)
ومن أجل ذلك يلهج أهل الجنة بالحمد للحميد
( وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ
)
(
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ
)
(
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
)
فربنا جل جلاله يُحب أن يُحمد فهو الحميد
مــواطــن الحـمـــد
من مواطن الحمد :
في الصلاة
في الحديث القدسي " فإذا قال العبد :
( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى : (حمدني عبدي ) . رواه مسلم .
وفي الصلاة .
إذا رفع المصلي رأسه من الركوع
كان النبي صلى الله عليه وسلم يوما يُصلي إذ جاء رجل قد حَـفَزه النَّـفس ، فصلّى وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده . قال الرجل : ربنا ولك الحمد حمداً طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال (
من المتكلم ؟ ) قال : أنا . قال :
(رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول) . رواه البخاري .
وابتدرها بضعة وثلاثون ملكا بعـدد حروفها !
بل إن الصلاة - وإن كانت كلها حمد وشكر – إلا أنها تُفتتح بالحمد وتُختتم به
كيف ذلك ؟
تأمل قول المصلي في أشهر صيغ الاستفتاح :
" سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك
"
ثم يختم صلاته بقوله في الصلاة الإبراهيمية :
" إنك حميـــد مجيــد
"
فيفتتح صلاته بحمد ربه وتمجيده ، ويختتم صلاته بمثل ذلك .
ومن مواطن الحَــمــد :
إذا قام إلى صلاة التهجد حـمِــد الله

قال ابن عباس رضي الله عنهما :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال :
( اللهم لك الحمد ؛ أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت قـيّـم السماوات والأرض ومن فيهن ).. الحديث . متفق عليه .
وفي افتتاح الخُـطب
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح خُطبه بالحمـد
ومِن مواطن الحمد
عند الفراغ من الطعام والشراب
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال :
( الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوّغه وجعل له مخرجا ). رواه أبو داود .
وكان إذا رفع مائدته قال :
( الحمد لله كثيرا طيبا مباركا غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا ).
رواه البخاري .
وعند النوم ، وعند القيام من النوم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه قال :
( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فَـكَـمْ ممن لا كافي له ولا مؤوي ). رواه مسلم .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده اليمنى تحت خده اليمنى ثم يقول : اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت . فإذا استيقظ من الليل قال : (الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور ).
رواه الإمام أحمد .
وعند مسلم : كان إذا أخذ مضجعه قال :
(اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت ، وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) .
وعند لبس الثوب الجديد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من أكل طعاما ثم قال : الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومن لبس ثوبا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ). رواه أبو داود ، وهو في صحيح الجامع .

وعند ركوب الدابة أو السيارة
عن علي بن ربيعة قال : شهدت علياً رضي الله عنه أُتي بدابة ليركبها ، فلما وضع رجله في الركاب قال :
(بسم الله ) ثلاثا ، فلما استوى على ظهرها قال ( الحمد لله )، ثم قال ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون )، ثم قال : (الحمد لله )ثلاثا ، (والله أكبر )ثلاثا .( سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) ، ثم ضحك . قلت : من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ، ثم ضحك فقلت : من أي شيء ضحكت يا رسول الله ؟ قال :
( إن ربك ليعجب من عبده إذا قال : رب اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك ). رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
ومن مواطن الحمد :
وإذا رأى ما يُسرّ به
وإذا رأى ما يكره
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يُحب قال :
( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال ) . رواه ابن ماجه .
ولفظ الحمد شكر وحمـد
قال عليه الصلاة والسلام :
( ما أنعم الله على عبد نعمة فقال : الحمد لله ؛ إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ ) . رواه ابن ماجه .
وعند رؤية أهل البلاء
" من رأى مبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ، لم يصبه ذلك البلاء
" رواه الترمذي .
وعند هداية ضـال :
كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له :
( أسلم ) . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلم ثم مات . فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول :
( الحمد لله الذي أنقذه من النار ). رواه البخاري .
ومن أعظم مواطن الحمد
الحمد عند المصيبة
قال عليه الصلاة والسلام :
(إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع . فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسمُّوه بيت الحمد ). رواه الإمام أحمد والترمذي .
وأعظم مواطن الحمد ما يكون في المقام المحمود
وأعظم مواطن الحمد يوم العرض الأكبر حينما يقوم نبينا صلى الله عليه وسلم فينطرح بين يدي مولاه ، ويقوم في المقام المحمود فيحمده بمحامد كثيرة .

قال عليه الصلاة والسلام :
( فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن ، يُلهمنيه الله ، ثم أخرّ له ساجدا ، فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يُسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ) . متفق عليه .
وإذا دخل آخر أهل الجنة الجنة تدخل على الرجل زوجتاه من الحور العين فتقولان : (الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك
). رواه مسلم .
فاحرص – رحمك الله – على حمد مولاك فرب حَمْدٍ على شربة أو أكلة يكتب الله لك بها الرضا إلى يوم تلقاه .

قال عليه الصلاة والسلام :
(إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها .) رواه مسلم .
هذا ما تيسرت كتابته حول اسم الحميد ، ومواطن الحمد .
وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى
الشيخ عبدالرحمن السحيم
https://saaid.net/Doat/assuhaim/124.htm

تعبت أسافر 10-03-2016 05:39 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
يا ودود
قال ابن الأثير – رحمه الله – :
في أسماء الله تعالى (( الوَدُود )) وهو فْعُول بِمَعْنى مَفْعُول من الوُّدِّ ؛ المحبَّة . يُقال : وَدَدْتُ الرَّجل أوَدُّهُ وُداَ إذا أحْبَبْتَه . فالله تعالى مودود أي مَحْبُوب في قُلُوب أوْلِيَائه ، أوهو فَعُول بِمَعنى فَاعِل ، أي أنه يُحِب عِبَاده الصَّالِحين ، بمعنى أنه يَرْضَى عنهم . انتهى
وفي لسان العرب :
الوَدُودُ فـي أَسماء الله عز وجل الـمـحبُّ لعباده ، من قولك : وَدِدْت الرجل أَوَدّه ودّاً و وِداداً و وَداداً .
قال ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى :
( الودود ) : الحبيب المجيد الكريم . علّـقـه البخاري .

فالله يُـحِـبّ ويُـحَـبّ
يُحِبّ المؤمنين به من عباده
ويُحِبّ الذين يُقاتِلون في سبيله
ويُحِبّ المتقين
ويُحِبّ فعل الخيرات
ويُحِبّ أن تؤتى رُخصه
ويُحِبّ أن تؤتى عزائمه

ويُـحَـبّ ولا غرابة في ذلك
فهو المُحسن بل هو الإلـه الذي تألهه القلوب وتُحبّـه
ولا عجب أن يُـحَـبّ من أوصل إلينا الإحسان
ولا عجب أن يُـحَـبّ من يتودّد إلى عباده
قال ابن القيم :
ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبّد لـه ، ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه ، إنما العجب من مالك يتحبّب إلى مملوكـه بصنوف إنعامـه ويتودد إليه بأنواع إحسانه ، مع غناه عنه !
كفى بك عِـزّاً أنك له عبد *** وكفى بك فخراً أنه لك رب
وقال – رحمه الله – :
ليس العجيب من قوله : ( يُحِبُّونَه ) إنما العجب من قوله : ( يُحِبُّهُم ) ليس العجب من فقير مسكين يحب محسنا إليه ! إنما العجب من محسن يحب فقيرا مسكينا . انتهى .
قال بعض العارفين :
ليس الشأن أن تُـحِـبّ ، ولكن الشأن أن تُـحَـبّ
ليس المهم أن تُحِبّ الله لأنه يُحَب لعميم إحسانه وعظيم كرمه وجوده
ولكن المهم والأهـمّ أن يُحِبّـك الله
المهم أن يُحِبّـك ملِك الملوك سبحانه
المهم أن يُحِبّـك من بيده ملكوت السماوات والأرض
المهم أن يُحِبّـك من بيده الملك كلّـه
المهمأن يُحِبّـك من يوصل إليك النفع ويدفع عنك الضّـرّ

توددوا إلى الودود يودّكـم ويُحبّـكم
الودود تودّه القلوب وتُحبّـه
الودود أنزل رحمة واحدة من عنده يتوادّ بها الخلق فيما بينهم

وهذا الاسم له سـرّ عجيب لما فيه من التودد إلى الودود سبحانه

جاء في كرامات أبي معلق – رضي الله عنه – أنه عرض له لص فقال : ذرني أصلي أربع ركعات !
قال اللص : صـلّ ما بدا لك .
فتوضأ ثم صلى أربع ركعات وكان من دعائه في آخر سجدة أنه قال :
يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما تريد ، أسألك بعزك الذي لا يرام ، والملك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص . يا مغيث أغثني - ثلاث مرات - دعا بها ثلاث مرات فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة واضعها بين أذني فرسه ، فلما أبصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ، ثم أقبل إليه فقال : قُـم . قال : من أنت بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله تعالى بك اليوم ؟ قال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت الله بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجيجا ، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل : دعاء مكروب ، فسألت الله عز وجل أن يوليني قتله . قال أنس : فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب .
رواها الإمام الالكائي في كرامات الأولياء وأوردها ابن حجر في الإصابة .

والمودة أحد كان رُكني الحياة الزوجية قال سبحانه :
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)

وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بتزوّج الودود ، وهي المواتية المواسية
المُحِـبّـة لبعلها المتـودِّدَة لـه .

فيا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما تريد
نسألك بعزك الذي لا يرام ، والملك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك
أن ترحمنا رحمتك
وأن تنصر دينك وكتابك وسنة نبيّـك
وأن تُفرّج هـمّ المهمومين من المسلمين
وأن تفك أسـر المأسورين من المؤمنين

آميـــــــــــــــــن يا رب العالمين
الشيخ عبدالرحمن السحيم

تعبت أسافر 10-03-2016 05:39 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
سبحـان مَـنْ وسِـع سمعـه الأصـوات
سبحان ربي

سبحانه هو السميع الذي وسِـع سمعـه الأصوات
وسِـع سمعه الأصوات
فلا تختلط عليه الأصوات ، ولا تختلف عليه اللغـات
لا يسبق لديه صوت صوتـا
ولا تتداخل عنده الأصوات

بل يسمعها جميعا

فـيسمع داعياً ، ويُجيب سائلاً ، ويُغيث ملهوفاً ، ويُفرّج عن مكروب
بل يسمع دبيب النمل على الصفا
يسمع الجهر كما يسمع الهمس
يسمع السر وأخفى

قالت عائشة رضي الله عنها :
الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عز وجل ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها
) إلى آخر الآية . رواه البخاري .

فربنا سميع بصير
وأهل السنة يُثبتون السمع والبصر لله ، ولكنه ليس كسمع المخلوقات ولا كبصرها
قال سبحانه :
( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )

ولا يقولون ما يقوله المُبطِلون :
سميع بلا سمع ، بصير بلا بصر .

بل يُثبتون له السمع اسماً وصفة
فسبحان ربي السميع العليم

فيا سامع الصوت
ويا سابق الفوت
يا سامعاً لكل شكوى
يا سامع الدعاء
استجب دعواتنا
واغفر زلاّتنا
وتجاوز عنا بمنِّـك وكرمك
يا رب .
الشيخ عبدالرحمن السحيم

تعبت أسافر 10-03-2016 05:40 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
ليس كمثله شيء
قال مالك بن دينار رحمه الله :
"مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها ، قيل له وما أطيب ما فيها ، قال ، معرفة الله عز وجل ومحبته".
خراب القلب :
خراب القلب من الأمن والغفلة ، وعمارته من الخشية والذكر . الشوق إلى الله ولقائه نسيم يهب على القلب يُروّح عنه وهج الدنيا .
فاستغن أنت بالله :
إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله ، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله ، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله ، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة ، فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه ، تنل بذلك غاية العز والرفعة .
وصل اليقين إلى القلب :
متى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نوراً وإشراقاً وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط وهم وغم فامتلأ محبة لله وخوفاً منه ورضيً به وشكراً له وتوكلاً عليه .
هناك محبتان :
هناك محبتان . محبة هي جنة الدنيا ، وسرور النفس ، ولذة القلب ، ونعيم الروح ، وغذاؤها ودواؤها ، بل حياتها وقرة عينها ، وهي محبة الله وحده بكل القلب . ومحبة هي عذاب الروح ، وغم النفس ، وسجن القلب ، وضيق الصدر ، وهي سبب الألم والنكد والعناء ، وهي محبة ما سواه سبحانه .
اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم :
قال تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) فبين سبحانه أن محبته توجب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يوجب محبة الله للعبد ، وهذه محبة امتحـن الله بها أهل دعوى محبة الله ، فإن هذا الباب تكثر فيه الدعاوى والاشتباه ، ولهذا يروى عن ذي النون المصري أنهم تكلموا في مسألة المحبة عنده فقال : اسكتوا عن هذه المسألة لئلا تسمعها النفوس فتدعيها .
قال أبو يعقوب النهر جوري :
كل من ادعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة .
قال يحيى بن معاذ :
ليس بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده .
ليس كمثله شيء :
وكما أنه سبحانه ليس كمثله شيء، فليس كمحبته شيء، وليس كمحبته محبة، والمحبة له، مع كمال الذل له، مع كمال التعظيم له، هي العبودية التي خلق الله الخلق لأجلها، ولا يصلح ذلك إلا لله سبحانه. وحمده سبحانه يتضمن أصلين: الأول: الإخبار بمحامده وصفات كماله. الثاني: المحبة له عليها. فمن أخبر بمحاسن غيره من غير محبة له لم يكن حامداً، ومن أحبه من غير إخبار بمحاسنه لم يكن حامداً له، حتى يجمع الأمرين .
عن الفضيل ابن عياض أن رجلاً سأله فقال:
يا أبا علي متى يبلغ الرجل غايته من حب الله تعالى؟ فقال له الفضيل: إذا كان عطاؤه ومنعه إياك عندك سواء، فقد بلغت الغاية من حبه.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
عشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، والمتعوضة بغيره عنه؛ فإذا امتلأ القلب من محبة الله، والشوق إلى لقائه دفع ذلك عنه مرض عشق الصور .
قال يحيى بن معاذ:
من تأدب بأدب الله صار من أهل محبة الله .

تعبت أسافر 10-03-2016 05:40 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
يــا الله
يــا الله :
يــا الله ﴿ يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ﴾ : إذا اضطرب البحر ، وهاج الموج ، وهبت الريح ، نادى أصحاب السفينة : يا الله. إذا ضل الحادي في الصحراء ومال الركب عن الطريق ، وحارت القافلة في السير ، نادوا : يا الله. إذا وقعت المصيبة ، وحلت النكبة وجثمت الكارثة ، نادى المصاب المنكوب : يا الله. إذا أوصدت الأبواب أمام الطالبين ، وأسدلت الستور في وجوه السائلين ، صاحوا : يا الله .
إذا بارت الحيل :
إذا بارت الحيل وضاقت السبل وانتهت الآمال وتقطعت الحبال ، نادوا : يا الله. إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت وضاقت عليك نفسك بما حملت ، فاهتف: يا الله. إليه يصعد الكلم الطيب ، والدعاء الخالص ، والهاتف الصادق ، والدمع البريء ، والتفجع الواله . إليه تمد الأكف في الأسحار ، والأيادي في الحاجات ، والأعين في الملمات ، والأسئلة في الحوادث.
باسمه تشدو الألسن :
باسمه تشدو الألسن وتستغيث وتلهج وتنادي،وبذكره تطمئن القلوب وتسكن الأرواح ، وتهدأ المشاعر وتبرد الأعصاب ، ويثوب الرشد ، ويستقر اليقين، ﴿ الله لطيف بعباده ﴾ الله : أحسن الأسماء وأجمل الحروف ، وأصدق العبارات ، وأثمن الكلمات، ﴿ هل تعلم له سميا ﴾ ؟! . الله : فإذا الغنى والبقاء ، والقوة والنصرة ، والعز والقدرة والحكمة ، ﴿ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ﴾ . الله : فإذا اللطف والعناية ، والغوث والمدد ، والود والإحسان ، ﴿ وما بكم من نعمة فمن الله ﴾ .
من وطن قلبه عند ربه :
من وطن قلبه عند ربه سكن واستراح، ومن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق‏.‏ لا تدخل محبة الله في قلب فيه حب الدنيا إلا كما يدخل الجمل في سم الإبرة‏.‏ إذا أحب الله عبدا اصطنعه لنفسه واجتباه لمحبته واستخلصه لعبادته فشغل همته بخدمته‏.‏
قال إبراهيم الجنيد رحمه الله :
" كان يقال من علامة المحب لله دوام الذكر بالقلب واللسان، وقلما ولع المرء بذكر الله إلا أفاد منه حب الله. "
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - :
من أعجب الأشياء أن تعرف ربك ثم لا تحبه وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الاجابة وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعمل غيره وان تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته .
قال رجل لطاوس:
أوصني قال أوصيك أن تحب الله حبًا حتى لا يكون شيء أحب إليك منه، وخفه خوفًا حتى لا يكون شيء أخوف إليك منه، وارج الله رجاء يحول بينك وبين ذلك الخوف وارض للناس ما ترضى لنفسك.
قَـال ابن القَيم رَحمهُ الله:
مَن دعَا إلـى مـَحَـبّـة الله أَحـَـبَّـه الله.
قال فتح الموصلى:
«المحب لا يجد مع حب الله عز وجل للدنيا لذة ولا يغفل عن ذكر الله طرفة».
محبة الله عز وجل هي حياة القلوب، وغذاء الأرواح، وليس للقلب لذة ولا فلاح ولا حياة إلا بها، وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها، والأذن إذا فقدت سمعها، بل فساد القلب إذا خلا من محبة فاطره وبارئه وإلهه الحق أعظم من فساد البدن إذا خلا من الروح، وهذا الأمر لا يصدق به إلا من فيه حياة.

تعبت أسافر 10-03-2016 05:40 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
الرجاء وإحسان الظن بالله :
قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : والذي لا إله غيره ما أعطي عبد شيئا خير من حسن الظن بالله، والذي لا إله غيره ما يحسن عبد الظن بالله إلا أعطاه الله ظنه ذلك، فإن الخير في يده. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/94].
الرجاء وإحسان الظن بالله :
مرض أعرابي، فقيل له: إنك تموت، قال: إلى أين يُذهب بي؟ قال: إلى الله، قال: فما كراهتي أن أذهب إلى من لا أرى الخير إلا منه؟.
[موسوعة ابن أبي الدنيا 5/309].
الرجاء وإحسان الظن بالله :
عن مجاهد رحمه الله قال: يؤمر بالعبد إلى النار يوم القيامة فيقول: ما كان هذا ظني! فيقول: ما كان ظنك؟ فيقول: أن تغفر لي، فيقول: خلوا سبيله.
[الحلية (تهذيبه) 2 / 12].
الرجاء وإحسان الظن بالله :
قال عمرو بن ميمون رحمه الله: ما يسرني أن أمري يوم القيامة إلى أبوي (لعلمه رحمه الله أن الله تبارك وتعالى أرحم وألطف وأبر وأكرم به من والديه).
[الحلية (تهذيبه) 2 / 72].
الرجاء وإحسان الظن بالله :
قال سهيل القطعي قال: رأيت مالك بن دينار رحمه الله في منامي فقلت: يا أبا يحيى بماذا قدمت به على الله - عزَّ وجلَّ ؟ فقال: قدمت بذنوب كثيرة محاها عني حسن الظن بالله. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/51].
الرجاء وإحسان الظن بالله :
عن عبد الله بن المبارك قال: كنت آتي سفيان الثوري رحمه الله عشية عرفة، وهو جاث على ركبتيه، وعيناه تهملان، فبكيت، فالتفت إلي فقال: ما شأنك؟ فقلت: من أسوء أهل الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر لهم.
[موسوعة ابن أبي الدنيا 1/89، 90].

تعبت أسافر 10-03-2016 05:40 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
محبة العبد لله ومحبة الله للعبد وأسباب ذلك :
عن عامر بن عبد قيس رحمه الله قال : أحببت الله - عزَّ وجلَّ - حبًا سهل عليَّ كل مصيبة، ورضاني في كل قضية، فما أبالي مع حبي إياه، ما أصبحت عليه. [الحلية (تهذيبه) 1 / 302].
محبة العبد لله ومحبة الله للعبد وأسباب ذلك :
قال مطرف بن عبد الله بن الشخير رحمه الله: إن أحب عباد الله إلى الله الشكور الصابر الذي إذا ابتلي صبر وإذا أعطي شكر. [الزهد للإمام أحمد / 413].
محبة العبد لله ومحبة الله للعبد وأسباب ذلك :
عن أبي يزيد البسْطامي رحمه الله قال: هذا فرحي بك وأنا أخافك، فكيف فرحي بك إذا أمِنتُكَ؟ ليس العَجَبُ من حبي لك، وأنا عبدٌ فقير، إنما العَجَبُ من حُبّك لي، وأنت مِلكٌ قدير. [السير(تهذيبه)].
قال الربيع ابن أنس:
علامة حب الله كثرة ذكره والشوق إلى لقائه فمن أحب شيئاً أكثرمن ذكره وأحب لقائه .
الأسباب الجالبة للمحبة الموجبة لها :
التقرب إلى الله عز وجل بالنوافل بعد الفرائض كما قال تعالى في الحديث القدسي: «وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» [البخاري].

تعبت أسافر 10-03-2016 05:41 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
كيف تزيد رصيدك؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر الميامين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
ففما لا شك فيه أن الإنسان مهما تعمر في هذه الدنيا من السنين فإنه سيأتي يوم يفارق في هذه الحياة الدنيا، ويستقبل الآخرة: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} سورة الرحمن (26) (27).
ومن المعلوم أن أعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم قصيرة جداً بالنسبة لأعمار بقية الأمم، فغالب أعمار هذه الأمة ما بين ستين سنة إلى سبعين؛ كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (أعمار أمتي ما بين ستين إلى سبعين وأقلهم من يجوز ذلك)1. هذا هو الغالب ونادر من يزيد عن ذلك أو ينقص عنه.
وبما أن أعمار هذه الأمة قصيرة فإن من كرم الله وفضله وجوده وإحسانه على هذه الأمة ونبيها أن جعل لهم مواسم فاضلة إذا استغلوها في طاعة الله؛ فإن الله يأجرهم على العمل القليل الأجر الكثير، وكذلك جعل الله لهم أعمالاً إذا فعلوها بارك الله لهم في عمرهم، وضاعف الحسنات، فمن هذه الأعمال: شهر رمضان، فالأعمال الصالحة فيه مضاعفة، وهي أعظم ما تكون في العشر الأواخر، وخاصة من وفقه الله لقيام ليلة القدر، فمن وفق لها فقد حاز على خيري الدنيا والآخرة: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} سورة القدر(3). قال العلماء: أن من وفق لهذه الليلة فكأنما عبد الله في ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، هذا في السنة الواحدة، فكيف لو وفق لذلك أكثر من سنة، بل كيف لو وفق لذلك في كل سنة -نسأل الله أن يوفقنا لليلة القدر-.. هذا مثال واحد على أن هناك مواسم يضاعف الله فيها لهذه الأمة ثواب أعمالها.
كما أن هناك أعمالاً صالحة تزيد في عمر الإنسان، فمن ذلك صلة الرحم لما جاء في الحديث المتفق عليه أن النبي -صلى الله عليه - قال: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه)، وفي الحديث الصحيح: (صلة الرحم تزيد العمر).
ومن الأعمال الصالحة التي جعل الله لها أجوراً عظيمة: الصلاة في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى؛ فقد جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام). وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه)2.
وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى، وليوشكن أن لا يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا أو قال خير من الدنيا وما فيها)3. قال ابن القيم رحمه الله: "وقد روي في بيت المقدس التفضيل بخمسمائة وهو أشبه"4..
ومن الأعمال التي يزيد الإنسان بها رصيده من الحسنات: المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد فإن لها أجراً كبيراً؛ لما جاء في الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ -المنفرد- بسبع وعشرين درجة).
ومنها كذلك: أداء النافلة في البيت؛ فإن ذلك من السنة، وأفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة؛ وقد جاء في الحديث الصحيح: (صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين)5.
وكذلك: حضور الجمعة والتحلي بآدابها؛ ففي الحديث الصحيح: (من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها)6، ففضل الله عظيم على عباده، فلو مشيت ألف خطوة كأنك عشت ألف سنة تصوم النهار، وتقوم الليل، هذا في جمعة واحدة فما بالك لو حافظت على ذلك عشر سنين، وكيف لو حافظت على ذلك حياتك؟!.
إنها أجور عظيمة، ومنح ربانية، فينبغي للمسلم أن يستغلها، وأن يحرص عليها، وأن يكون مسابقاً إليها.. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 رواه الترمذي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وحسنه الألباني.
2 رواه ابن ماجه، وقال الألباني: "صحيح"؛ كما في صحيح ابن ماجه، رقم(1155).
3 رواه الحاكم في المستدرك، وقال: "وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وصححه الذهبي تلخيص الحبير.
4 المنار المنيف(93).
5 قال الألباني: "صحيح"؛ كما في صحيح الجامع، رقم(3821).
6 رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وقال الألباني: "صحيح"؛ كما في صحيح أبي داود، رقم(333).

تعبت أسافر 10-03-2016 05:41 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
أذكار وأدعية ورد فيها أجور عظيمة
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على إمام الموحِّدين وقائد المجاهدين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغرِّ الميامين، وبعد؛
فيا إخواني المسلمين، إنَّ عضلة اللسان هي مِن أقوى عضلات الجسم، وهذه العضلة قد تكون سببًا في أن نكون من أهل الجنة في عليِّين؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبِّئكُم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخير لكم مِن أن تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟) قالوا: بلى، قال: (ذكر الله تعالى)، قال معاذ بن جبل: "ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله"؛ رواه الترمذي وصحّحه الألباني.
وقد تكون عضلة اللسان سببًا في أن نكون من أهل النار - نسأل الله العافية - فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم)؛ رواه الترمذي بسند صحيح.
فيجب علينا أن نستخدم هذه العضلة لتكون سببًا في أن يَرضى الله عنا ويَرحمنا ويُدخلنا الجنة، كما أنه يجب علينا أن نحذَر مِن أن تكون هذه العضلة سببًا لسخط الله علينا وإدخالنا النار.
وطمعًا في رضا الله ورحمته نبيِّن هذه المجموعة من الأذكار والأدعية التي ورَد فيها أجور عظيمة، ونسأل الله تعالى أن يَرضى عنا وعن جميع مَن يقرأ هذه الأذكار والأدعية:
أولاً:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(مَن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)؛ رواه البخاري.
ثانيًا:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(مَن سبَّح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لهُ الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير - غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحْر)؛ رواه مسلم.
ثالثًا:
مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هريرة رضي الله عنه وهو يغرس غرسًا فقال:
(يا أبا هريرة، ما الذي تَغرسُ؟) قلتُ: غراسًا لي، قال:
(ألا أدلُّك على غراس خير لك من هذا؟) قال: بلى يا رسول الله، قال:
(قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، يُغرَس لك بكل واحدة شجرة في الجنة)؛ رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني.
رابعًا:
عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرَج من عندها بكرةً حين صلَّى الصبح، وهي في مسجدها، ثمَّ رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال:
(ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟) قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد قلتُ بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وُزنَتْ بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهنَّ: سبحان الله وبحمده، عدد خلقِه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)؛ رواه مسلم.
خامسًا:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كلمتان خفيفَتان على اللسان، ثقيلَتان في الميزان، حبيبَتان إلى الرحمن: سُبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)؛ متفق عليه.
سادسًا:
عن أبي ذرٍّ الغفاريِّ رضي الله عنه قال: كنتُ أمشي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا أبا ذرٍّ، ألا أدلُّك على كنز من كنوز الجنة؟) قلت: بلى يا رسول الله، فقال: (لا حول ولا قوة إلا بالله)؛ رواه ابن حبان في صحيحه.
سابعًا:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
(مَن قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة - كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيَت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به، إلا أحد عمل أكثَرَ مِن ذلك)؛ متفق عليه.
ثامنًا:
عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير - عشر مرات - كان كمَن أعتق أربعة أنفُسٍ مِن ولد إسماعيل)؛ رواه مسلم.
تاسعًا:
عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(سيِّد الاستغفار أن تقول: (اللهمَّ أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتَني وأنا عبدُك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومَن قالها من النهار موقنًا بها، فمات من يومه قبل أن يُمسي فهو مِن أهل الجنَّة، ومَن قالها من الليل وهو مُوقن بها، فماتَ قبْل أن يُصبح، فهو مِن أهل الجنَّة)؛ رواه البخاري.
عاشرًا:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
(مَن تعارَّ مِن الليل[*] فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهمَّ اغفر لي، أو دعا، استُجيب له، فإنْ توضَّأ وصلى قُبلت صلاته)؛ رواه البخاري.
إخواني المسلمين،
فلنعمَل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم:
(لا يَزال لسانُك رطبًا من ذكر الله).
اللهمَّ أعنَّا على ذِكرك وشُكرِك وحُسْن عبادتك، اللهمَّ حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا مِن الراشدين.
[*] تعار من الليل: أي استيقظ من نومه في الليل.

تعبت أسافر 10-03-2016 05:42 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
التفكر والتدبر في مخلوقات الله
الخطبة الأولى
الحمد لله أمر بالتفكر والاعتبار، يقلب الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الواحد القهار، وأشهد أنْ محمداً عبدُه ورسوله، المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:
أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، وتفكروا في آياته ومخلوقاته لتدلكم على وحدانيته ووجوب عبادته قال الله سبحانه وتعالى: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ*وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ*وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ*فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)، في الأرض آيات أي: دلالات واضحة على قدرة الله سبحانه وتعالى، فإن الله جلَّ وعلا مدَّ الأرض وفرشها ومهدها وأوسعها لعباده يتقلبون فيها لمصالحهم ومعايشهم ويعبدون ربهم، ثم إذا ماتوا يودعون فيها إلى الأجل الذي قدره الله لهم ثم يخرجون منها: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى)، وما في الأرض من الجبال الشامخة والبحار والأنهار والأشجار وما فيها من النباتات المختلفة: (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ)، وما فيها من المخلوقات المبثوثة مخلوقات المختلفة من الآدميين والبهائم وما دون ذلك من ما دب ودرج على وجه الأرض، وكل قد تكفل الله برزقه: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا)، في هذه الأرض من العبر والعظات ما لا يحيط به واصف، ولا يحصيه قلم حاسب، ولكن حسب الإنسان أن ينظر فيما يدركه منها ويعتبر به نظر اعتبار في أن الله ما خلقها عبثا سبحانه وتعالى وإنما خلقها لأمر عظيم، سخرها لعباده، وسخر ما فيها لعباده بني آدم لأجل أن يستعينوا بها على طاعته سبحانه وعبادته، فالواجب على المسلم أن يتفكر في هذه المخلوقات وينظر فيها نظر اعتبار لا نظر نزهة كما يحصل من بعض الناس أو كثير من الناس ينزهون فيها ينزهوا أبصارهم ونفوسهم ويتسلون ولكنهم لا يعتبرون بما وراء ذلك، ولماذا خلقت؟ لا يعتبرون بذلك، ليس لهم حظ منها إلا النزهة وسرور النفس وما أشبه ذلك مما لا يجدي شيئاً، كذلك مما في الأرض آثار السابقين الذي مضوا من قبلنا وعمروها أكثر مما عمرنها وساروا فيها وبنو فيها مساكنهم وديارهم، ثم هلكوا وبقية آثارهم تدل عليهم ليعتبر من جاء بعدهم بهذه الآثار حتى يعبد ربه على بصيرة، وحتى لا يعمل مثل ما عمل الكفرة من الأمم السابقة الذين حل بهم الدمار وبقية ديارهم شاهدةً عليهم (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً) (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ*أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)، يفتخرون الآن بالآثار القديمة وأنها تدل على عظمة من بناها ويعجبون بمن بناها دون أن ينظروا في حالهم وما حل بهم لما عصوا الله سبحانه وتعالى، فهذه الآثار عبرة أبقاها الله عبرة لنعتبر بها لا لنغتر بها و نفتخر بها أو ننزهه أنفسنا وأبصارنا برؤيتها ولهذا لما مرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بديار ثمود في طريقه إلى تبوك في غزوة تبوك قال لأصحابه: "لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ" لأن بيوتهم شارعه في الجبال منحوتة "إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ"، فالمسلم يعتبر بذلكولا يعتبر هذه الآثار مفخرة للسابقين تدل على حضارتهم وعلى رقيهم وعلى وعلى... لا هذه أبقاها الله لنا عبرة ودرساً نستفيد منه لئلا يصيبنا ما أصابهم فنهلك مثلهم (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ)، ثم قال (وَفِي أَنفُسِكُمْ) أقرب شيء إليك نفسك قد لا تذهب في الأرض قد لا تسافر، أنظر إلى نفسك يا أخي؟ ماذا فيها من عجائب الصنعة ودلائل القدرة الربانية؟ هذا الجسم المبني في أحسن تقويم جسمك (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، أنظر إلى جسمك وما فيه من الأعضاء الدقيقة والغليظة، وما فيه من العروق والمفاصل، وما فيه من الحواس، وما فيه من السمعِ والبصرِ والعقل، في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا كما في الحديث، لأجل مصلحة هذا الجسم ليقوم ويقعد ويتحرك ويعمل في هذه المفاصل منها المفاصل الكبيرة والدقيقة والتي لا ترى إلا بالمناظير، واسألوا علماء التشريح عن جسم الإنسان وما فيه من العجائب وما لم يدركوه أكثر (وَفِي أَنفُسِكُمْ) في أنفسكم آيات (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) لا تبصرون في أنفسكم، ثم هذه الروح التي تحل في هذا الجسم يتحرك ويمشي ويأكل ويشرب، ثم تسل منه هذه الروح ويبقى جثة هامدة لا حراك فيها هذا من أكبر العبر والعظات لمن يتعظ (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) فليتدبر الإنسان في نفسه أقرب شيء ويتدبر في مخلوقات الله المبثوثة يقول الشاعر:
فيا عجباً كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحدُ
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحدُ
يا سبحان الله لا نعتبر ولا نتعظ يعني مثل البهائم سوا بهائم تأكل وتشرب وتعرف مصالحها ونحن مثلها لا نعتبر البهائم ليس لها حساب ليس لها بعث إلا أنها تبعث لأجل القصاص بينها ثم يقال لها كوني تراباً فهي ليس لها آخرة ولا جنة ولا نار لكنها خلقت لمصالح العباد، أما نحن فخلقنا لما وراء الدنيا خلقنا للآخرة أمامنا الآخرة، وما فيها من الحساب، وما فيها من النعيم والعذاب، وما فيها من الأهوال، فهل نتدبر؟ هل نتفكر في أحوالنا؟ (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ*وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) لما ذكر ما في الأرض ذكر ما في السماء (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) من المطر الذي ينزل من عند الله سبحانه وتعالى وتدبيره وأمره سبحانه وتعالى، (وَمَا تُوعَدُونَ) وهو الجنة، الجنة في السماء (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) أي: المطر(وَمَا تُوعَدُونَ) وهو الجنة، فلنتذكر هذه الأمور ولا نعيش في هذه الدنيا عيشة البهائم التي لا هم لها إلا ملؤوا بطونها وهي غير ملومة ليس لها آخره ليس لها حساب تعذب وتنعم لا تبعث إلا بقدر ما يقتص لبعضها من بعض (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) ثم يقول الله لها كوني تراباً فتكون تراباً.
فاتقوا الله، عباد الله، وفكروا في أنفسكم، فكروا فيما حولكم (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً) (فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)،إن في إحياء الأرض بعد موتها بالجذب في أحياءها بالمطر إذا نزل وأنبتت دليل، إن في ذلك دليلا على البعث فالذي أحي الأرض بعد موتها يحيينا بعد موتنا إذا شاء سبحانه وتعالى (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ)، فعلينا أن نتدبر وأن نتفكر لا ننشغل ذلك بملذات الدنيا شهواتها لا ننشغل بذلك بالأخبار والأباطيل التي يروجها الأعداء في وسائل الإعلام تشغلنا ليلا ونهارا، علينا أن نتدبر لأنفسنا، ونعتبر في مصيرنا، ولنتأمل فيما أمامنا قال صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى"، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ*وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكرِ الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفرُ الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:
أيُّها الناس، وكما يجب علينا أن نتفكر في آيات الله الكونية، فكذلك يجب علينا أن نتفكر في آياته القرآنية، يجب علينا أن نتدبر القرآن وأن نتفكر بما فيه من المعاني والمقاصد الإلهية والأوامر والنواهي، فإن القرآن أعظم حجة لله جلَّ وعلا على عباده ما أنزل من أجل أن نتغنى به فقط أو نحسن أصواتنا بتلاوته ونلذذ أسماعنا ونلذذ الآخرين بالتلاوة، إنما أنزل لتتدبر والعمل بما فيه وهو حجة لنا إذا عملنا به، أو حجة علينا إذا أهملناه ولم نلتفت إليه.
فاتقوا الله، عباد الله، تدبروا آياته القرآنية كما أنكم تتفكرون في آياته الكونية أمامكم نوعان من الآيات: آيات كونية في خلق السموات والأرض، وآيات قرآنية وهي الوحي المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فليكن لنا مع هذه الآيات يكن لنا منها انتفاع وتبصر ونعمل بها ونستقيم على طاعة الله سبحانه وتعالى هذا هو المقصود من خلق الإنسان (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ*إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، فالله ما خلقنا من أجل أن يتقوى بنا، أو من أجل أن ننفعه، أو نرزقه سبحانه: (هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) فهو الرزاق سبحانه الذي يرزق عباده، يرزق كل مخلوق من الأحياء يرزق الإنسان، يرزق الحيوان، يرزق الحشرات، يرزق كل ما على وجه الأرض، قائم بأرزاقها سبحانه وتعالى كلها، فهو لم يخلقنا من أجل أن نجلب له نفعا أو ندفع عنه ضررا لأنه هو (الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)، وإنما خلقنا لمصلحتنا نحن لنعبده وعبادته نفعه لنا أما الله جل وعلا لا ينتفع بعبادتنا ولا يتضرر بمعصيتنا، وإنما نفع العبادة وضرر المعصية يرجعان إلينا نحن.
فلنتقي الله يا عباد الله ، نتبصر لأنفسنا ولا نغفل مع الغافلين، المغفلات اليوم كثيرة والملهيات اليوم كثيرة، والشواغل كثيرة وقلّ من ينظر إلى الآخرة، قلّ من يتفكر، قلّ من يتبصر في مصيره ومرجعه ويستعد لذلك إلا من رحم الله.
فاتقوا الله، عباد الله،واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةَ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمناً مطمئنا وسائر بلاد المسلمين عامة يا ربَّ العالمين، اللَّهُمَّ أدفع شر الفتن، اللَّهُمَّ قنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، ورد كيده في نحره، وجعل تدميره في تدبيره إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ كف عنا بأس الذين كفروا فأنت(أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً)، على الله توكلنا (رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، ونجينا برحمتك من القوم الكافرين، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا وأصلح سلطاننا، وولي علينا خيارنا، وكفنا شر شرارنا يا رب العالمين، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، اللَّهُمَّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، عاجلاً غير آجل، اللَّهُمَّ أغثنا غيثا مباركاً هنيئاً مريئاً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أسقنا وأغثنا، اللَّهُمَّ أسقي عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروا نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الشيخ صالح الفوزان

تعبت أسافر 10-03-2016 05:42 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
مظاهر الأدب مع الله
الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:
فيا أيُّها النَّاسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، منزلة الأدب من أعظم المنازل والمقامات، وأعظمها شأننا وأكبرها قدرا، إذ هي جامعة لخصال الخير من كل قول وفعل حسن، وأعظم الأدب وأجله، الأدب مع ربنا جل وعلا، وكل أدب دونه فالأمر يسير، وإذا خلى العبد من التأدب مع الله لم يكن له أدب صحيح نافع في أي مجال من المجالات، فالأدب مع الله أصل كل خير وأساسه، ولهذا الأب فضائل عديدة، فمن تأمل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم رأى لهذا الأدب منزلة في الإسلام.
فأعظم فضائل الأدب مع الله: تجد التوحيد له جل وعلا بأن تفرده بجميع العبادة وتعتقد حقا أن الله وحده المعبود بحق وأن كل ما سواه بالباطل عبد: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ) وأن لا تجعل معه شريكا في عبادته لأنه لا شريك له في خلقه فلا شريك له في عبادته: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ).
ومن مظاهر توحيده: إيمانك الحق بكل اسم سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم أو كل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم تثبت ذلك حقا على ما يليق بجلال الله من غير تكييف ولا تمثيل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ).
ومن مظاهر أدبك مع الله: محبتك لله جل وعلا المحبة الصادق بأعماق قلبك وذلك أن تتصور أن الله جل وعلا أنعم عليك بنعم عظيمة أوجدك من العدم، ورباك بالنعم وأحسن خلقك فجعلك في أحسن تقويم وأمدك بالسمع والبصر والفؤاد وأصبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنه فكلما تدبرت نعم الله عليك وإفضاله وإحسانه ازددت حبا لله جل وعلا قال جل وعلا: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ) فهم يحبون الله محبة من أعماق قلوبهم يقول صلى الله عليه وسلم: "ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بهن حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا"، ومن لازم هذه المحبة أن تحب أنبياءه ورسوله فتحب جميع الرسل وتحب محمدا صلى الله عليه وسلم محبة صادقة لحب الله قال جل وعلا: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ)، تحب أولياء الله وعلى طاعته، تحب أوامر الله فتمتثلها وتكره نواهي الله وتجتنبها كل ذلك من محبتك لربك جل وعلا.
ومن مظاهر أدبك مع الله: أن تخلص لله العبادات كلها فمن صلاة وزكاة وصوم وحج وغير ذلك من الأعمال الصالحة تؤديها خالصة لله تبتغي بها وجه الله والدار الآخرة لعلمك أن غير الله لا يصرف شيء من ذلك، فتصلي لله، فتصدق لله، تعمل صالحا لله، ترجوا بكل عمل ثواب الله فتخلص العمل لله لأن الله يقول: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "قال الله أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ" وفي لفظ: "وأَنَا مِنْهُ بَرِىءٌ".
ومن مظاهر أدبك مع الله: أن تعظم شعائر الله وحرمات الله قال الله جل وعلا: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)، وقال: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) فتعظم الأزمنة والأمكنة والأشخاص الذين أمرت بتعظيمهم تعظم الأشهر الحرم، تعظم رمضان، تعظم يوم الجمعة، تعظم أماكن العبادة، تعظم الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى تعظيما لله لها، فتعظم ما عظم الله، ولهذا تعظم شرع الله ودينه وتعظم أولياء الله، تعظم الكبير والتقدير والإحسان إليه كل ذلك من تعظيم حرمات الله.
ومن مظاهر أدبك مع الله: أن تستلم للنصوص الكتاب والسنة وتنقاد لها دون أي اعتراض على ذلك أو الشك في ذلك، بل تعلم أن ما قضاء به محمد صلى الله عليه وسلم فحق وعدل ورحمة وإحسان فلا اعتراض؛ ولكن قبول وتسليم قال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
ومن مظاهر أدبك مع الله: أن لا تقول في شرع الله إلا بما تعلم فلا تفتي برأي أو ظن أو تخلص قال الله جل وعلا: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)، وقال: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) فكل من أفتى بغير علم فقد كذب على الله ولم يتأدب مع الله، فأدب المسلم مع ربه أن لا يفتي في دينه إلا بما هو عالم به وبدليله ليكون بذلك على بصيرة من أمره.
ومن مظاهر أدبك مع الله: أن تشكر الله جل وعلا على عموم نعمه التي أنعم بها عليك ظاهرا وباطنا، تشكره على عظيم نعمه وامتنانه وتثني عليه، تشكره بقلبك فتعتقد أن هذه النعم فصلا من الله عليك لا بحولك ولا بقوتك، تشكره بلسانك فتثني عليه وتعظمه وتحمده على كل نعمة، إن الله يرضى عن العبد يأكل الأكل فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها، تشكره بجوارحك وتؤدي ما أوجبه الله عليك شكرا لله على نعمته قال جل وعلا عن نبيه سليمان لما أنعم عليه من النعم: (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)، ومحمد صلى الله عليه وسلم قام الليل حتى تفطرت قدماه فقيل له فقال: "أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا".
ومن مظاهر أدبك مع الله: مراقبتك لأمر الله وعلمك الحق أن الله مراقب أعمالك وأقوالك، لا يخفى عليه شيء من حالك حضورك وغيبتك، راءك الناس أم غابوا عنك: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) فتراقب الله وتعلم أن الله مطلع عليك في كل أحوالك: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ* وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ* إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
ومن مظاهر أدبك مع الله: حياءك من الله وخجلك من الله، حياءك أن يراك حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك، تستحي من ربك لعلمك باطلاعك عليك وعظيم آلاءه وستره عليك فتستحي منه فتتوب إليه وتنوب إليه يقول صلى الله عليه وسلم لما سأل الرجل يا رسول عوراتنا ما نأتي منها وما نذر، قال: "احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ" قال يا رسول الله الرجل يكون خاليا، قال: "اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْ الناس".
ومن مظاهر أدبك مع الله: توبتك إليه، وإنابتك إليه عندما تزل القدم وتقع في المخالفات تنوب إلى ربك وتتوب وتعتذر وتستعتب وتتوب إليه جل وعلا: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ)، (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) وقال عن أولياءه المتقين: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ).
ومن مظاهر أدبك مع الله: خوفك من الله وإشفاقا من الله قال الله جل وعلا: (إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ* أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ* أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ).
ومن مظاهر أدبك مع الله: الرغبة فيما عند الله والرهبة والخشوع له قال جل وعلا في وصف بعض أنبياءه: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
ومن مظاهر أدبك مع الله جل وعلا: إخلاصك الدعاء لله بأن تدعوا الله جل وعلا مخلصا موقننا بالإجابة مدرك أن الله سميع عليم قادر بأن يجيب دعوتك قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ)، وأخبرنا أنه قريب يجيب دعوة الداعي قال الله جل وعلا: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فتدعوا الله وترجوه في أدب واحترام وذل وخضوع لله من غير رفع صوت وإنما بينك وبين الله سمع النبي أصحابه يكبرون ويهللون قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، أقرب إلى أحدكم من شراك نعله".
أيها المسلم، ومن مظاهر أدبك مع الله: تسليمك للقضاء والقدر وإيمانك بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، تؤمن بقدر الله الذي قدره خيره وشره، فاعلموا أن الله علم الأشياء ثم كتب ذلك العلم قبل أن يخلق الخليقة بخمسين ألف سنة وشاءه وقدره تؤمن بهذا حق الإيمان.
ومن مظاهر أدبك مع الله: حسن ظنك بربك فتعتقد أن قضاء الله وقدره مبنين على حكمة الرب وكمال عدل الرب وكمال رحمته، وكمال علمه ورحمته وعدله، ترضى بذلك لا تسوء الظن به يفقر من يشاء ويغني من يشاء يعز من يشاء يذل من يشاء كل ذلك على كمال الحكمة والعدل: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ* مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ) ليس لسفه ولا لباطل ولكنه حق وعدل: (قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، أحسن الظن بربك فيما قضاء وقدر، واعلم أنه حكيم عليم لا اعتراض عليه: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ).
ومن مظاهر أدبك مع الله: إتيانك الصلاة على أحسن آية في ظهورها ولباسك وحسن ذلك: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
ومن مظاهر أدبك مع الله: خشوعك في صلاتك وسكونك فيها وإتيانها بأركانها وواجباتها ومستحباتها على أحسن حال مع الإخلاص لله في ذلك.
ومن مظاهر أدبك مع الله: إمساك اللسان عن الأقوال البذيئة والأقوال الساقطة تبتعد عنها طاعة لله فإنك مسئول عن كل ألفاظك: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، فاحذر أخي المسلم من مذلات اللسان فإنها خطيرة جدا في الأثر: إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه، فتأدب مع الله في الأقوال والأفعال هذا الواجب علينا، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، أقولٌ قولي هذا، واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناس، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، عباد الله، إن من سوء الأدب مع الله ما يجري على بعض ألسنت الناس من سخرية بهذه الشريعة واستهزاء بها وبأحكامها ومن المتمسكين بها وإساءة الظن بذلك تلك من أخلاق المنافقين الذين تفوت ألسنتهم بمن انطوت عليه قلوبهم من الخبث قال الله جل وعلا: (وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)، وقد حذر من الناس فقال: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ* وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فالسخرية بهذا الدين والاستنقاص منه والتشكيك في عموم الشريعة وشمولها وكمالها أو اعتقاد أنها غير صالحة وغير مواكبة للعصر وضرورياته كل هذا من الاستهزاء بالدين، والسخرية به، والنظر إليه نظرة الدون كل هؤلاء من النفاق نسأل الله السلامة والعافية.
ومن سوء الأدب مع الله: السخرية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومناهج التعاليم الإسلامية والحط من قدرها أو التشكيك في حفظة القرآن أو المناهج الإسلامية الطيبة والدعوة إلى ما يبعد الناس عن تعاليم دينهم وشريعتهم.
ومن سوء الأدب مع الله: أن تستمر في طغيانك وتلج في هواك وضلالاتك من غير خوف من الله قال جل وعلا: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) ذلك أوقعهم في الطغيان والمعاصي فلو كمل علمهم بإطلاع الله عليهم وأن الله لا يخفى عليه شيء من أعمالهم: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)، (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ).
ومن سوء الأدب: ظلم الناس في أموالهم وأعراضهم ودماءهم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة في الحديث: "إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قوله: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)".
فعلينا جميعا التأدب مع الله ومع نبيه ومع دينه، وتلقي ذلك بالسمع والطاعة والقبول، أسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه وأن يتوفنا وإياكم مسلمين إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم الله أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا رحمكم الله على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين الأئمة المهدين أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، وجعل اللَّهمّ هذا البلاد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، اللَّهمّ وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدالله بن عبدالعزيز لكل خير، سدده في أقواله وأعماله ومنحه الصحة والسلامة والعافية إنك على كل شيء قدير، اللَّهمّ ووفق ولي عهده لما يرضيك، والنائب الثاني وجعلهم جميعا على البر والتقوى إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ
مفتي المملكة

تعبت أسافر 10-03-2016 05:43 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
اسم الله الرزاق
خطبة جمعة بتاريخ / 15-2-1429 هـ
إن الحمد لله ؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
معاشر المؤمنين عباد الله :
اتقوا الله تعالى ؛ فإن من اتقى الله وقاه ، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه.
ثم اعلموا - رعاكم الله - أن أعظم أبواب المعرفة والعلم والإيمان معرفة الله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف:180] ، وقال جل وعلا: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر:24] ، وقال جل وعلا: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه:8] .
عباد الله : وإن مما تمس الحاجة إليه في هذه الأزمان معرفة الله تبارك وتعالى بأنه الرزاق ، مع أن الحاجة ماسة في كل زمان وأوان لمعرفة أسماء الله الحسنى جميعها وتدبرها كلها في ضوء كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عباد الله :
إن من أسماء الله الحسنى العظيمة الرزاق ، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات:58] ، وقال جل وعلا: ﴿وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [المائدة:114] ، وقال جل وعلا: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الحج:58] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
عباد الله :
والرزاق هو الذي بيده أرزاق العباد وأقواتهم ، وهو جل وعلا الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، الذي بيده أزمة الأمور ومقاليد السموات والأرض ، قال الله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ [هود:6] ، وقال جل وعلا: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت:60] ، وقال جل وعلا: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ [الإسراء:30] ، وقال جل وعلا: ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور:38] . فالأرزاق - عباد الله - كلها بيد الله ، أقوات العباد ، طعامهم ، شرابهم ، غذاؤهم ، جميع أمورهم ، كلُّ ذلك بيد الله جل وعلا، فهو المعطي المانع ، القابض الباسط ، الخافض الرافع ، المعِزّ المذل ، الذي بيده أزمة الأمور ، فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم.
عباد الله :
ولقد جاء في القرآن الكريم حديثٌ واسع وبيان وافر لهذا الأمر العظيم ألا وهو : أن الرزق بيد الله تبارك وتعالى ، وأنه جل وعلا هو الرزاق ذو القوة المتين ، وقد جاء حديث القرآن في بيان هذا الأمر العظيم في مقامين :
المقام الأول: مقام التفضل والإنعام ، والعطاء والإكرام ؛ وهذا جاء منه آيات كثيرة في كتاب الله تبارك وتعالى، منها قول الله جل وعلا : ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء:70] .
والمقام الثاني - عباد الله - : مقام الدعوة إلى عبادة الله وطاعته سبحانه وتحقيق التوحيد له والقيام بطاعته جلَّ وعلا كما أمر ، وفي هذا المعنى وردت آيات كثيرة في كتاب الله ، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:21-22] ، أي: لا تجعلوا لله شركاء في العبادة وأنتم تعلمون أنه لا خالق لكم ولا رازق لكم غير الله تبارك وتعالى . وقال جل وعلا في مقام إبطال الشرك وبيان سفَه أهله وغيّهم وضلالهم ، قال الله جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ﴾ [فاطر:3] .
عباد الله : إن الرزق بيد الله جل وعلا ؛ فالعطاء عطاؤه ، والمنُّ مَنُّه ، والجود جوده ، والكرم كرمه ، وكل ذلك بيده جل وعلا ، ورزقه جل وعلا لعباده على نوعين :
رزق عام يشمل البر والفاجر والمؤمن والكافر كما تقدم معنا في قوله تبارك وتعالى : ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ ، وهذا عطاء عام لا يختص به أحد دون أحد ، قال الله جل وعلا: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ﴾ أي: المؤمنين والكفار والأبرار والفجار ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا﴾[الإسراء:20-21]. هذا عطاء عام ، وهو عطاء للطعام والشراب والغذاء والملبس والمسكن ونحو ذلك ، وهذا النوع من العطاء - عباد الله - لا يدل على رضا الله تبارك وتعالى عمن أعطاه ؛ فإنه جل وعلا يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، وأما الآخرة فإنه جل وعلا لا يعطيها إلا من أحب، وتأمل في هذا المعنى قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ(15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾[الفجر:15-16] قال جل وعلا: ﴿كَلَّا﴾ أي: ليس الأمر كذلك ، ليس الأمر أنَّ الإنسان إذا أعطي وأكرم في الدنيا دليل على إكرام الله له ورضاه عنه ، وليس أيضا التضييق على الإنسان في طعامه ورزقه دليل على عدم رضا الله عنه وإهانته له ، ﴿كَلَّا﴾ أي: ليس الأمر كذلك ، فإنه جل وعلا يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب . والعطاء في الدنيا من الإنعام والملبس والمسكن ليس دليلاً على الرضا ، وكذلك التضييق في ذلك ليس دليلا على مهانة الله لعبده ؛ فالعطاء في الدنيا والمنع - عباد الله - كل ذلكم ابتلاء من الله تبارك وتعالى لعباده ، فهو جل وعلا يبتلي عباد بالغنى كما يبتليهم بالفقر ، ويبتليهم بالصحة كما يبتليهم بالمرض ، ويبتليهم بالرخاء كما يبتليهم بالشدة ، فالدنيا دار امتحانٍ وابتلاءٍ واختبار.
عباد الله :
والواجب على عبد الله المؤمن الذي عرف أن الأرزاق بيد الله تبارك وتعالى أن لا يلجأ في شيء منها إلا إلى الله تبارك وتعالى ، سواء منها الرزق العام أو الرزق الخاص الذي خصَّ به عباده المؤمنين ، وهو رَزق الإيمان ، والهداية إلى الطاعة ، والتثبيت على التوحيد ، والحفظ الوقاية والتسديد، وغير ذلك من الأرزاق التي خص بها عباده المؤمنين وأولياءه المتقين ، فعبد الله المؤمن يلجأ إلى الله في كل أموره وفي جميع أرزاقه، وجميع شؤونه، يلجأ إلى الله تبارك وتعالى وحده ولا يلجأ لأحدٍ سواه .
وإن من أعظم ما يُطلب به رزق الله ومنّه سبحانه تقوى الله والإيمان ، فهذا أساس كل خير وأساس كل فضيلة ، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق:2-3] ، وقال جل وعلا: ﴿فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الحج:50] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
عباد الله :
وخلاصة القول أن الواجب علينا في هذا الباب - في باب طلب الرزق والوقاية من عُسره - أن نلجأ إلى الله جل وعلا صادقين كما تقدَّم معنا في قوله: ﴿وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ ، وأن نتجنَّب - عباد الله- الذنوب والمعاصي ، فإن الذنوب - عباد الله - سبب لزوال النعم والأرزاق ، وسبب لحلول النقم ، فما حلت نقمة ولا رُفعت نعمة إلا بذنب كما قال علي رضي الله عنه وأرضاه: "ما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة" ، قال تعالى: ﴿ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ [نوح:25] أي: بسبب خطيئاتهم، وقال جل وعلا : ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ﴾ [العنكبوت:40] ، وقال جل وعلا: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ [الروم:41] . فالواجب علينا - عباد الله - أن نتوب إلى الله توبة نصوحا من كل ذنبٍ وخطيئة، وأن نقبِل على الله تبارك وتعالى طائعين منيبين ، مؤمنين مخبتين، والله تبارك وتعالى يتولى عباده الصالحين بمنّه وكرمه، وجوده وعطائه، وأفضاله وأرزاقه ، وهو جل وعلا خير الرازقين .
نسأل الله تبارك وتعالى أن يتولانا أجمعين بتوفيقه ، وأن يهدينا إليه صراطا مستقيما ، وأن يرزقنا فهو تبارك وتعالى خير الرازقين . أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله عظيم الإحسان ، واسع الفضل والجود والامتنان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد عباد الله : اتقوا الله تعالى .
عباد الله :
إنَّ من آمن بأن الله هو الرزاق ، وأن الأرزاق بيده جل وعلا، وأنه ما من نفس تموت إلا وقد استتمت رزقها وحصّلت ما كتب الله تبارك وتعالى لها ؛ إن من كان بهذا الإيمان فإنه بعيد أشد البعد عن القنوط من رحمة الله واليأس من روح الله ، بل لا يزال دائما وأبدا يرجو الله تبارك وتعالى ويطمع في نواله ويرجو منه ورزقه وكرمه سبحانه ، ولا يزال - عباد الله - يمد يدي الرجاء إلى الله ، والتوجه الصادق إليه سبحانه وهو واثق بالله أنه لا يخيب عبداً دعاه ولا يرد مؤمنا ناجاه ، يسأله أن يرزقه تبارك وتعالى من غير قنوطٍ ولا يأس ، بل بأمل واثق ورجاء تام فيما عند الله تبارك وتعالى.
فأحسِنوا - عباد الله - رجاءكم بالله ، وثقتكم به، وحسن توجهكم إليه، وأملكم فيما عنده، فإنه جل وعلا واسع النوال عظيم العطاء جزيل المن جل وعلا ، لا يخيب من دعاه ، ولا يرد من ناداه ، وهو القائل جل وعلا: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة:186] .وفي هذا المقام - عباد الله - لا بد من بذل الأسباب والجد والاجتهاد في طلب الأرزاق ووجوه المكاسب المباحة التي أباحها الله تبارك وتعالى لعباده كما قال جل وعلا: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ [الملك:15] ، ومع بذل الأسباب لابد من طلب الرزق من الله جل وعلا ﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [العنكبوت:17] .
اللهم أصلح أحوالنا أجمعين ، اللهم أصلح أحوالنا أجمعين ، اللهم أصلح لنا أحوالنا أجمعين ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير ، والموت راحة لنا من كل شرّ ، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والمحن كلها ، والزلازل والفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا ، واهدنا سبل السلام ، وأخرجنا من الظلمات إلى النور ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأقواتنا وأزواجنا وذرياتنا واجعلنا مباركين أينما كنا ، اللهم أعنا ولا تعن علينا ، وانصرنا ولا تنصر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا ، وانصرنا على من بغى علينا ، اللهم اجعلنا لك شاكرين ، لك ذاكرين ، إليك أواهين منيبين ، إليك مخبتين ، لك مطيعين ، اللهم اهد قلوبنا، وأجب دعوتنا ، وتقبل توبتنا ، وثبت قلوبنا ، واسلل سخيمة صدورنا ، اللهم اهدنا إليك صراطا مستقيما ، اللهم وفقنا لما تحب وترضى ، اللهم جنِّبنا كل أمر يسخطك وتأباه يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم اغفر لنا ذنبنا كله ، دقه وجله ، أوله وآخره ، سره وعلنه ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا رزاق يا منان يا واسع الجود والعطاء والإحسان اللهم إنا نتوجه إليك باسمك الرزاق وبأسمائك الحسنى كلها وصفاتك العليا أن ترزقنا وأنت خير الرازقين ، اللهم ابسط علينا من أبواب جودك ومنّك وكرمك وعطائك من حيث لا نحتسب ، اللهم ارزقنا ، اللهم ارزقنا ، اللهم ارزقنا.
اللهم إنا نسألك غيثاً مغيثا ، هنيئاً مريئا، سحاً طبقا، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر ، اللهم يا رزاق نسألك سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق ، اللهم يا رزاق أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، وزدنا ولا تنقصنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، اللهم إنا نسألك الغيث فلا تجعلنا من القانطين ، اللهم إنا نسألك الغيث فلا تجعلنا من اليائسين ، اللهم يا رزاق نسألك يا واسع المن أن تنزّل علينا من بركات السماء ، وأن تُخرج لنا من بركات الأرض ، وأن ترضى عنا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم وارض عن أصحاب نبيِّك أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الشيخ عبدالرزاق البدر

تعبت أسافر 10-03-2016 05:44 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
تقوى الله
الحمد لله رب العالمين أغنانا بحلاله عن حرامه وكفانا بفضله عما سواه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نعبد إلا إياه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه وسلم تسليما كثير أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا فإن تقوى الله هي التي تقربكم إلى الله (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، فتقوى الله لها فوائد عظيمة ولذلك أوصى الله بها الأولين والآخرين، فقال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ)، وتقوى الله التقوى كلمة جامعة لكل خصال الخير كلها تدخل تحت تقوى الله عز وجل، وتقوى الله فيها خيرات كثيرة ورتب الله عليها نتائج عظيمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)، (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)، (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ)، (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ)، (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)، والجنة أعدها الله للمتقين فهي دار المتقين فهذه الكلمة كلمة التقوى كلمة جامعة، ولهذا سمى الله لا إله إلا الله كلمة التقوى لأن من قالها عالما بمعناها عاملا بمقتضاها ظاهرا وباطنا فقد اتقى الله سبحانه وتعالى وقال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، وذلك أن يطاع فلا يعصى أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر هذا معنى قوله حق تقاته عند سلف هذه الأمة، وعند المفسرين، وهل أحد يستطيع أن يتقي الله حق تقاته، الله جل وعلا بين ذلك في آية أخرى فقال سبحانه: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وقال تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)، فمن اتقى الله بحسب استطاعته وسعته فقد اتقى الله حق تقاته فعلى المسلم أن يتقي الله دائما وأبدا وفي أي مكان، يتقي الله في عسره ويسره يتقي الله في حال وجوده مع الناس ويتقي الله في حال خلوته عن الناس كما قال صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيث ما كنت"، أما من يتقي الله في الظاهر وعند الناس فإذا خلا يبارز الله بالمعاصي فهذه طريقة المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا، فالمؤمن يتقي الله دائما وأبدا في حال الشدة وفي حال الرخاء وفي أي مكان يراقب الله ويتقيه هذا هو المتقي لله حق فلازموا التقوى بارك الله فيكم، والتقوى أمرنا الله أن نتقيه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ)، أي اتقوا الأرحام أيضا فلا تقطعوها، اتقوا القطيعة قطيعة الأرحام فالواجب على المسلم أن يتقي الله في كل أمر يأتيه، الله أمرنا أن نتقي النار (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، قوا أنفسكم جنبوا أنفسكم هذه النار وجنبوا أولادكم هذه النار كيف تجنب نفسك وأولادك هذه النار، بأن تتجنب أسباب دخولها أسباب دخولها أن تتجنبها فهي لها لدخولها أسباب وهي المعاصي والشرور والمنكرات وحفت بالشهوات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فأتق النار وابتعد عنها بفعل الأسباب الواقية منها وأبعد أولادك ومن تحت يدك فإنك مكلف بوقايتهم وحمايتهم من النار، وكذلك ليتقي الإنسان الفتن، (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، فيتقي الفتن ويبتعد عنها ويحذر منها ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هذا اتقاء الفتن تجعل بينك وبين النار وقاية تجعل بينك وبين الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه وبطاعته فلا يقيك إلا طاعة الله سبحانه وتعالى ومن الفتن التي تتقى وهي شديدة وخطيرة فتنة النساء قال صلى الله عليه وسلم: "ما تركت من بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، وقال عليه الصلاة والسلام: "واتقوا النساء فإن فتنة بني اسرائيل كانت في النساء"، فحافظوا على نسائكم حافظوا عليهن من كل فتنة ومن كل شر لا يختلطن بالرجال في المكاتب أو في الشوارع أو في أي مكان اختلاط يثير الشهوة ويسبب الفتنة امنعوا نسائكم من الخلوة مع الرجال فلا تخلوا امرأة مع رجل إلا كان ثالثهما الشيطان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ألزموا نسائكم بالحجاب الساتر فإن هذا مما تتقى به الفتنة أما إذا تركت المرأة لهواها فإنها تتبرك وتتزين وتخرج على الناس بفتنتها وزينتها فلا بد من الأخذ على يدها والذي يأخذ على يدها أن كل من ولاه الله على امرأة أو نساء يلزمه أن يأخذ على أيديهن وإلا فإنه مسؤول عنهن أمام الله سبحانه وتعالى فأتقوا النساء فإن فتنة بني اسرائيل كانت في النساء، والنساء ضعيفات إذا تركن بدون قيم وبدون راع فإنهن يسرحن ويمرحن ويتخبطن في الشبهات وتعاطي الزينة والمظاهر الفاتنة اقتداءا بالشقيات من النساء من الكافرات والفاسقات وما يشاهدنه في الشاشات وفي الحفلات أخطر شيء اليوم الحفلات حفلات النساء تحضرها النساء كاسيات عاريات كاشفات لصدورهن وظهورهن وأعضدهن وسيقانهن يحضرن الحفلات بهذه الصورة الشيطانية وهن بناتكم وأخواتكم وزوجاتكم وأنتم المسؤولون عنهن أمام الله سبحانه وتعالى فحافظوا على نسائكم فإنهن أشد فتنة في المجتمع وأشد ما وقع في بني اسرائيل من الفتن هي النساء لما تركوا نساءهم تبرجن وتزين فحصلت الفواحش ونزلت عليهم العقوبة والعياذ بالله، نزلت عليهم الأمراض والأوبئة نزلت فيهم العقوبات الكثيرة مما ذكره الله وذكره الرسول صلى الله عليه وسلم وذكره التاريخ عنهم فأمر النساء خطير جدا، إذا لم يكن هناك حماية لهن من دعاة الشر وداعيات الشر والفتنة فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على تقوى الله سبحانه في كل حين وفي كل حال، الله أمرنا أن نتقيه وأمرنا أن نتقي النار (وَاتَّقُوا النَّارَ)، وأمرنا أن نتقي النساء وأمرنا أن نتقي الفتن كلها فعلينا أن نحذر لأننا في هذه الدنيا ما دمنا على قيد الحياة فنحن معرضون للفتن والشرور ولا سيما إذا تأخر الزمان فإنها تكثر الفتن ويكثر دعاة الشر دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها، فلنتق الله ولنعرف مواقفنا في هذه الحياة مع أنفسنا ومع ذرارينا ومع مجتمع المسلمين عموما، فاتقوا الله عباد الله، وحافظوا على حرمات الله عز وجل أن تقعوا فيها أو يقع فيها من تملكون منعه منها فإن هذا ضمانة من للنجاة من النار ومن غضب الجبار (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولي جميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنهُ هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكرهُ على توفيقهِ وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهِ وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:
أيُّها الناس،، ومن أعظم تقوى الله أن الإنسان إذا وقع في معصية أو مخالفة فإنه لا ييأس من رحمة الله بل يبادر في التوبة يبادر بالتوبة والاستغفار والله يتوب على من تاب ويغفر لمن استغفره (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، فإن كثير من الناس قد يأتيهم الشيطان ويقول لهم ليس لكم توبة أو أنهم يتكاسلون عن التوبة أو ييأسون من رحمة الله سبحانه وتعالى أو لا يبالون بما حصل منهم ويعتادون ذلك فلا يبادرون في التوبة فيهلكون لأن السيئات إذا لم تمنع تتابع وتكثر ويجر بعضها بعض ولها دعاة ولها قدوات سيئة في المجتمعات فعلى المسلم أن يحذر من ذلك أن يحذر من ترك نفسه مع الذنوب بدون توبة صادقة وبدون استغفار صحيح يبادر بتوبة وإلا ليس هناك أحد معصوم من الوقوع بالأخطاء والمعاصي إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فنحن معرضون ولكن الحمد لله باب التوبة مفتوح ونحن مدعوون بأن نتوب ونبادر بذلك (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً).
واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامةً يا ربَّ العالمين، اللَّهُمَّ احم بلادنا من كل عدو وكافر وملحد وزنديق ومن كل منافق وشرير، اللهم احم هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين من كيد الكفار وشر الأشرار وعذاب النار يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء، اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا اللهم اجعلهم هداة مهتدين اللهم اصلح شأنهم اللهم اجمع كلمتهم على الحق وأيدهم بنصرك وتوفيقك وحمايتك يا رب العالمين، اللهم أعنهم على الحق، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم إنك على كل شيء قدير، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث بلادنا، اللهم أغث ديارنا، اللهم أغث مزارعنا وآبارنا وأشجارنا، اللهم اغثنا غيثا مغيثا، اللهم أحيي بلدك الميت، اللهم أحي بلدك الميت، اللهم أحي بلدك الميت بالغيث المبارك يا رب العالمين (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الشيخ صالح الفوزان

تعبت أسافر 10-03-2016 05:45 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
حسن الظن بالله
الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:
فيا أيُّها النَّاسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، حسن الظن بالله شعبة من شعب الإيمان، وخصلة من خصال التوحيد، ولا يكمل إيمان عبدٍ حتى يكون محسن الظن بربه، فأحسنوا الظن بربكم يقول الله جل وعلا: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، فسرها سفيان رحمه الله: بحسن الظن بالله، يقول صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ"، وفي الحديث القدسي يقول الله جل وعلا: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي" الحديث، وفيه أيضا: "من ظن بي خيرا وجده ومن ظن بي سواء ذلك وجده".
وحسن الظن بالله: أن تطن بالله البر والإحسان والعطاء والمعاملة الحسنة في الدنيا والآخرة.
أيها المسلم، وحسن الظن بالله يكون في أمور:
فأولا: دعاء الله جل وعلا، فقد أمرك الله بدعائه، ووعدك بالإجابة فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وتهدد المعرضين عن دعائه بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) أي: عن دعاءي (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، وقال جل جلاله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال جل وعلا: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ) فأنت إذا دعوة ربك وطلبت حاجة من ربك فأحسن الظن بربك، وكن موقنا بأنه القادر على إجابة الدعاء يقول الله جل وعلا: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) ويقول صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ" وقد تتأخر الإجابة فلا تستعجل فإن ربك أرحم بك من نفسك ومن رحمة أبويك بك.
أيها المسلم،
أدعوا الله وأطلبه وألح في الدعاء فإنك تسأل غنيا حميدا قادرا جوادا كريما ولا تستبطئ الإجابة وقد لا تجاوب تلك الدعوة لأن الله يعلم أن في إجابتها ضررا عليك ومصائب عليك وقد يصرف هذا دعاءك إلى أن تعطى خير من مسألتك أو يصرف عتك من السوء ما لا تعلم أو يدخر لك في الآخرة، المهم أحسن الظن بالله في دعاءك فإن الله يقول: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فدعوا ربك وألح في الدعاء فإذا وفقت في الدعاء أخفت قلبك لربك وخضت له وأنبت إليه، وسمع دعاء أنبياءه عليهم السلام قال جل وعلا: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) قال الله: ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) وقال: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ) أحسن الظن بربك في دعاءك واعلم أن الاستجابة قد يكون سببها غفلت قلبك وكثرت المعاصي وأكل الحرام فإن هذه معوقات للدعاء فإذا أقبلت على الله بدعائك واثقا بربك مصدقا لوعده فإما أن يتحقق المطلوب لك وإلا فإقبالك على الله وتضرعك بين يديه من أعظم الخيرات والحسنات.
أيها المسلم،
كلما أظلمت أمامك الدنيا وكلما أحاطت بك الهموم والأحزان فلجأ إلى الله وتضرع بين يديه: (لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ)، دعاء الكرب: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" فدعوا الله وأنت موقن بالإجابة فإن الله يسمع كلامك ويرى مكانك ويعلم سرك وعلانيتك.
ومن حسن الطن بالله:
أن تحسن الظن بربك، أن أعمالك الصالحة التي أخلصتها لله وعملتها على وفق ما دل الكتاب والسنة عليه أن ثوابها مدخر لك ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا قال الله جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً*) وقال جل وعلا: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) وقال جل وعلا: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فكن واثقا بربك وأن أعمالك الصالحة مدخرة لك أحوج ما تكون إليه، أصلح العمل وأخلص لله وأبشر كل خير يقول جل وعلا: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً).
ومن إحسان الظن بالله جل وعلا:
أن تكون مصدقا بوعده وما وعد به عباده المؤمنين بجنات النعم، ما أخبر به من ذلك النعيم المقيم، فكن صادقا في حسن ظنك بربك وأمل وقوي رجاءك بربك فذلك خير لك.
ومن حسن الظن بالله:
أن تظن به خيرا، وإنك تلاقيه إن شاء الله وسيستر عليك وسيعاملك بالعفو فإنه يحاسب عباده ويخلو بعبده المؤمن فيضع كنفه عليه ويذكره أعماله السيئة فيقول الله: سترتها عليك في الدنيا وأن أغفرها لك اليوم.
أيها المسلم،
ومن حسن الطن بالله أنك إذا وقعت في الصائب والبلايا وأحاطت بك الهموم والغموم فعلم أن هذه المصائب سبيلها الفرج والتسهيل يقول صلى الله عليه وسلم: "وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" يقول الله: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً).
أيها المسلم،
فالمؤمن يحسن الظن بربه في كل أحواله، وغير المؤمن يسيء الظن بربه لضعف إيمانه وقلة يقينه قال الله جل وعلا: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً).
سوء الظن بالله:
أن تظن من دعا الله ولتجئ إليه أن الله يخيب رجاءه ولا يحقق مطلوبة، وكل هذا من الجهل والضلال أو تعتقد أن الله جل وعلا يسوي بينه وبين أعداءه، وأن ما عنده من الخير ينادي بالمعاصي كما ينال بالطاعات وهذا أمر خطير فإن الله جل وعلا أخبر أنه فرق بين أهل طاعة وأعداءه: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)، وقال جل وعلا: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) (سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ).
ومن سوء الطن بالله أن :
تسوى ظنك بقضاء الله وقدره وما ترى من تفاوت الخلق في أرزاقهم وأخلاقهم كل ذلك لحكمة الرب جل وعلا العظيمة، فإن قضاء الله وقدره مبنيين على كمال الرب وعلى كمال حكمة الرب، وعلى كمال عدل الرب، وعلى كمال رحمته، فين قضاء الله وقدره من كمال العلم والحكمة والرحمة والعدل ما يجعل المؤمن يوقفن بهذا كله.
أيها المسلم،
ولحسن الظن آثار في الدنيا والآخرة:
فأثره في الحياة: أن المؤمن مطمئن القلب منشرح صدره بقضاء الله وقدره، يعلم أن الله أحكم الحاكمين، يرى هذا غنيا وهذا فقيرا وهذا عالما وهذا جاهلا وهذا رئيسا وهذا مرؤوسا ويقين بأن الله حكيم عليم، في قسمه الأخلاق والأرزاق بالعباد: "إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاَقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ" فيعلم أن هذا بحكمة الرب جل وعلا فيطمئن نفسه ويرضى بقضاء الله، ولهذا أمرنا أن ننظر إلى من دوننا في الخلق والرزق لا إلى من فوقنا فإن إن نظرنا إلى من فوقنا ربما احتقرنا شأننا، وإلى نظرنا إلى من دوننا علمنا فضل الله وسعت كرمه وجوده علينا.
أيها المسلم،
وإن بين حسن الظن بالله والعمل الصالح الارتباط الوثيق فالذي يحسن الظن بربه هو الذي يعمل ويجد في العمل ويخلص لله فإن الله يقول: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فحسن الظن بالله إنما يكون عند حسن العمل، فالمؤمن يحسن الظن بربه فأحسن العمل، وغير المؤمن ساء الظن بربه فساء عمله والعياذ بالله.
ومن سوء الطن بالله:
أن تظن أن ما يجري في الكون عبدا غير كمال فهذا كله من الخطأ فالله يقول: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النَّارِ)، وقال جل وعلا: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ* مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ)، فأحسن الظن ربك في قضاءه وقدره وتفضيله بعض العباد على بعض، كلها لحكمة يعلمها جل وعلا، فهو القادر على كل شيء لكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه حكيم عليم قال جل وعلا: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ) فضل بعض العباد: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).
أيها المسلم،
وحسن الظن بالناس أيضا مطلوب أن تحسن الظن بالآخرين وتحمل على الخير ما وجدته سبيلا قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)، فأحسن الظن بأصحابك ما لم يأتي بخلاف ذلك، فالأصل إحسان الظن إلا أن يأتي ما يخالف ذلك، فحسن الظن يريحك ويجعل صدرك سليما مطمئنا مرتاح البال.
أيها المسلم،
أحذر الوشاة والمفرقين بين الناس الناقل النميمة المفرق بين الأحبة فإنهم يملئون قلبك حقدا وحسدا على إخوانك وأصحابك فتفارقهم من أجل نميمة هذا وبهتان هذا وكذب هذا: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ).
فمن كمال راحة القلب استراحته من سوء الظن وثقته بالله واطمئنانه وأن يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به.
ومن حسن الظن أيضا
ما يكون بين الزوجين، فالزوجان إذا اتفقا واصطلحا وتوافقا عمر البيت ونشأت الأسرة على أحسن حال واتفاق؛ ولكن عند اختلاف الزوجين وسوء الظن بعضهما ببعض يكون سببا لهدم البيت وحصول الطلاق وتشتت الأسر، فإن حسن الظن بين الزوجين من أسباب استقامة الحال، ولهذا لا يجوز للزوج ولا للزوجة أن يسوء الظن كل بصاحبه، فإن الوساوس والشكوك والأوهام من أسباب الفرقة.
أيها الزوج الكريم، أيتها الزوجة الكريمة،
أحسن الطن بزوجك، ويحسن الزوج الظن بامرأته ولنبتعد عما يثير ذلك وفي الحديث: "لعن الله مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا"، وكما أدت الاتصالات الحديثة إلى إحداث بلبلة ونشر رسالة مكذوبة من زوج إلى زوجته أو من الزوجة إلى زوجها أدت تلك الرسائل المكذوبة إلى الفرقة بين الزوجين وشك أحدهما بالآخر، الغيرة مطلوبة من الرجل لكن غيرة مبنية على قواعد شرعية لا غيرة مبنية على الوساوس والأوهام، والشكوك المتبادلة.
أيها الزوج الكريم،
اتقي الله في نفسك، فكلما صلحت سيرتك واستقامة أخلاقك وعف فرجك ترك آثرا على امرأتك في استقامتها وصلاحها وفي الأثر: عفوا تعف نساءكم، فسوء الظن يصدر أحيانا من تصرف بعض الأزواج وبعض الرجال وتصرفاتهم الخاطئة واتصالاتهم المشبوهة.
فلنتقي الله في أنفسنا وليحسن الظن بعضنا ببعض، ولنرتقي إلى مستوى المسئولية فيما بيننا.
إن المجتمع لا تنتظم حياته ولا تستقيم أموره إلا إذا كنا بين الراعي والرعية تبادل حسن الظن بينهم، فالراعي يهتم برعيته، ولا يحمل إلى على الخير يحسن الظن بهم ويسعى في مصالحهم ولا يبني على سوء الظن إلا إذا قام دليل واضح على ما أدى بعضهم إلى المخالفات الشرعية، الرعية يحسون الظن بقادتهم وأنهم ساعون في مصالحهم وما يضعون من أنظمة ولوائح كلها تهدف إصلاح المجتمع واجتماع الكلمة وبث الخير في المسلمين.
أطياف المجتمع من علماء ومفكرين ومثقفين وتربويين واقتصاديين وإعلاميين ولو لتصرفات خاصة يجب أن يكون بين الجميع حسن ظن بعضنا ببعض في النهوض لمجتمعنا وحرصه على سلامته ووحدة صفه، إن في زمن نحتاج فيه إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة وتراصي الأمور لأننا في زمن التحديات والأفكار السيئة فلا يجوز لأحد أن يسعى في نشر أراجيف وإشاعات باطلة يزعزع بها أمن المجتمع ويبغض الثقة بعضنا ببعض كل هذه من الأخلاط، يجب أن يكون الجميع هدفهم نصرة هذا الدين ثم هدفهم إصلاح المجتمع والبقاء على كيان متماسكا مترابطا قويا لا يبدله الإشاعات والأراجيف والأكاذيب التي تلقيها بعض وكالات الأنباء وبعض الصحف المأجورة وتبث الدعايات المظللة، فالواجب الحذر من هذه كله والارتقاء بمستوى المسئولية والتناصح مع كل بحسبه، فأطياف المجتمع كلها يجب أن تلقي الخلافات الجانبية جانبا وأن يسعى الجميع في اتحاد الكلمة ولم الشعب ورص الصفوف والوقوف صفا واحدا أما كل التحديات التي تواجه الأمة اليوم، فإنها تحديات كثيرة فمن أعظم أسبابها الوقوف صفا واحدا واجتماع الكلمة وتآلف القلوب وحسن الظن والصدق في كل المعاملات يقول الله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، وقال: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)، إذا فأطياف المجتمع على اختلافها واجبها أن تكون صفا واحدا ويدا واحدة وبنيان متراص يسعى الجميع في نصرة هذا الدين والدعوة إلى الخير وإلى إصلاح المجتمع وحمايته، وحماية كيانه والاستقامة وشكر الله على نعمة هذا الأمن والرخاء لأن في ذلك تحديات كثيرة فما يوقظ أعداءنا سوى وقوفنا صفا واحدا أمام كل التحديات ولتحامنا مع قيادتنا على ما يحقق الخير والصلاح للأمة بحاضرها ومستقبلها، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني إيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا، واستغفرُ الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها المسلمون، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، عباد الله، إن الله جل وعلا كفل هذا الدين النصر والتمكين قال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وقال جل وعلا: (إنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ* كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)، يتسأل البعض عن هذه المصائب والفتن التي حلت بالمسلمين سفك فيها الدماء وانتهكت فيها الأعراض ونهبت فيها الأموال وضيعت الأخلاق والأعراض هذه المصائب العظيمة هل لها حل؟
نعم إنها مصائب وبلايا لكن ليعلم المسلم أن دين الله منصور ولابد وأن هذا الدين باقين وأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، إن من يشاهد هذه الأمور كلما فرجت كربة حدثت كربة أخرى؛ لكن هذه أمور بقضاء الله وقدره وأسبابها ذنوب العباد: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)؛ لكن الله ناصر دينه ومعلن كلمته، فعلينا جميعا أن نكون واثقين بالله مطمئنين ساعين إلى ما يحقق الخير والصلاح في ديننا وأمتنا، إن هذا الدين منصور ولابد ومهما عظمت الخصوم وتوالت الفتن فلابد لهذا الدين من ظهور وقوة، لقد مر بالعالم الإسلامي أمور كثيرة، ارتد العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا قليل ما زال الصديق بهم يقاتلهم ويدافع حتى عادته إلى ملة الإسلام، وكم عان المسلمون من الحروب الصليبية والمغولية ما عانوا ومع هذا فالدين لا يزال قويا باقيا عزيزا إذا وجد من يرفع لواءه ويعلي شأنه، فنسأل الله أن ينصر دينه وأن يجعلنا وإياكم من أنصار هذا الدين، وأن يوفق قادتنا وولي أمرنا لنصرة هذا الدين والقيام بواجبه إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم الله أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا رحمكم الله على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين، الأئمة المهديين أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، ووفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدالله بنَ عبدِالعزيزِ لكل خير، وسدده في أقواله وأعماله، ومنحه الصحة والسلامة والعافية إنك على كل شيء قدير، اللَّهمَّ وفق ولي عهده سلمان بن عبدالعزيز، سدده في أقواله وأعماله ووفق النائب الثاني وأعنهم جميعا على الخير والتقوى إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
خطبة الجمعة 27-12-1434هـ
الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ
مفتي المملكة

تعبت أسافر 10-03-2016 05:46 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 


خطبة جمعة بتاريخ / 4-6-1435 هـ
إنَّ الحمد لله ؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضلَّ له ، ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ وصفيُّه وخليله ، وأمينه على وحيه ، ومبلِّغ الناس شرعه ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد أيها المؤمنين عباد الله :
اتقوا الله تعالى ؛ فإنَّ من اتقى الله وقاه ، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه . وتقوى الله جلَّ وعلا : عملٌ بطاعة الله على نورٍ من الله رجاء ثواب الله ، وتركٌ لمعصية الله على نورٍ من الله خيفة عذاب الله.
أيها المؤمنونعباد الله: إن من مقصود الخلْق وإيجاد الناس ؛ أن يعرف الناس ربهم بعظمته وجلاله ، وكبريائه وكماله، وشمول علمه ، ونفوذ مشيئته ، وكمال قدرته ، وأنه الرب لا شريك له ، والخالق لا ندَّ له ، والملِك لا نظير له ، المتصرف في الخلق عطاءً ومنعا ، وخفضًا ورفعا ، وقبضًا وبسطا ، وعزًا وذلّا ، وحياةً وموتا ، يقول الله تبارك وتعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا }[الطلاق:12] .
أيها المؤمنون عباد الله : إن الواجب على كل مسلم أن يعرف ربه سبحانه بالعظمة والجلال ، والكمال والكبرياء ، وسعة العلم والاطلاع ، وعموم القدرة وشمولها ، ونفوذ المشيئة ، وأنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن . علينا عباد الله أن نعرف ربنا سبحانه بعلمه الشمل المحيط ؛ فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . وأن نعرفه سبحانه بالإرادة الكاملة ؛ فلا راد لحكمه ولا معقِّب لقضائه . وأن نعرفه سبحانه بنفوذ مشيئته؛ فما شاء الله كان في الوقت الذي يشاء على الوجه الذي يشاء . وأن نعرفه سبحانه بقدرته على كل شيء وأنه جل وعلا لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء . وأن نعرفه سبحانه بالحكمة البالغة ؛ فلم يخلق الخلق عبثا ولا أوجدهم سدًى وهملا .
أيها المؤمنون عباد الله :
من عرف الله سبحانه وتعالى معرفةً صحيحة مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم عظُمت صلته بالله ، وحسُن إقباله عليه جل في علاه .
أيها المؤمنون عباد الله :
وفي القرآن الكريم ما يزيد على الأربعمائة آية فيها ربط الأمور كلها بمشيئة الله جل وعلا ، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، لا معطي لما منع ولا مانع لما أعطى ، ولا قابض لما بسط ولا باسط لما قبض، ولا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى ، ولا مباعد لمن قرَّب ولا مقرِّب لمن باعد ، الخلْق خلْقُه والأمر أمْره يعطي ويمنع ، يخفضُ ويرفع ، ويعزُّ ويذل ، ويحيي ويميت ، ويهدي ويضل ، له الأمر سبحانه وتعالى ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .
في القرآن آيات كثيرات تقرِّر هذا الأصل العظيم والأساس المتين :
%فالهداية -معاشر المؤمنين- أمرها بيد الله تبارك وتعالى ، يقول الله عز وجل: { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة:13] ، ويقول جل وعلا: { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }[البقرة:172] ، ويقول الله جل وعلا: { وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }[النور:46] .
%والفضل كله والرزق بيد الله ؛ قال الله تعالى: { وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد:29]، وقال الله تعالى: { وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }[النور:38] ، وقال الله تعالى: { اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ }[الرعد:26] .
%والتوبة بيد الله ؛ فمن شاء الله شرح صده لها ومنَّ عليه بها ، يقول الله تعالى: { وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}[التوبة:15] .
%والصلاح -عباد الله- وزكاء القلوب واستقامتها على طاعة الله أمرٌ بيد الله جل في علاه ، قال الله تعالى : {بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ }[النساء:49] ، وقال الله تبارك وتعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ }[النور:21] .
%والملك كله بيد الله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء ، قال الله تعالى: { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }[آل عمران:26-27] .
% أيها المؤمنون عباد الله :
%والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ في كتاب الله عز وجل ، ومن ذلكم : أن صورة العباد من أسمر وأحمر وطويلٍ أو قصير وجميلٍ أو ذميم أو غير ذلك كل ذلكم بيد الله تبارك وتعالى؛ { هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ}[آل عمران:6] .
%تناسل العباد ووجود الذرية ؛ فمنهم من له بنين ، ومنهم من هو عقيم ، وأمْر ذلك كله بيد الله تبارك وتعالى ، قال الله عز وجل: { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }[الشورى:49-50] .
إلى غير ذلكم عباد الله من الآيات البينات والدلائل الظاهرات على كمال قدرة الرب جل في علاه ونفوذ مشيئته وأن الأمر أمره والملك ملكه والخلق خلقه سبحانه وتعالى ؛ عطاءً ومنعا ، خفضًا ورفعا ، قبضًا وبسطا ، عزًا وذلا ، حياةً وموتا ، صحةً ومرضا ، الأمر كله بيد الله جل في علاه .
عباد الله :
وهذه العقيدة العظيمة إذا ثبتت في القلوب تحققت آثارها العظيمة في العبد استقامةً على طاعة الله ، وحُسن توكلٍ على الله جل وعلا ، ودوام إلحاحٍ عليه بالدعاء وسؤالٍ للثبات والتوفيق ، وحُسن إقبال على الله بالعبادة ، وبُعدًا عن العُجب والاغترار ، ورضًا بالقضاء ، وصبرًا على ما قدره الله جل وعلا وقضاه ، وبُعدًا عن الجزع والتسخط ، إلى غير ذلك من الآثار الإيمانية والعوائد الحميدة التي تعود على العبد استقامةً وطاعةً وعبادةً لله وحُسن توكل على الله جل في علاه .
اللهم يا رب العالمين أصلح عقائدنا ، وقوِّ إيماننا ، وأصلح أعمالنا ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، تعلم عجزنا وضعفنا وقلة حيلتنا وأنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك ، اللهم يا ربنا اهدنا جميعًا إليك صراطًا مستقيما ، وأصلح لنا شأننا كله ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله كثيرا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أمَّا بعد عباد الله : اتّقوا الله تعالى .
روى البخاري ومسلم في صحيحيها عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ؟)) قُلْتُ: «بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ» ، قَالَ: ((قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ )) . وجاء في المسند وغيره الأمْر بالإكثار من هذه الكلمة العظيمة ، وهي -معاشر المؤمنين- كلمة استعانة بالله وتوكلٍ على الله وإظهارٌ من العبد لعجزه وافتقاره إلى الله ، وبراءةٌ من العبد من حوله وقوته وأنه لا حول له في قيامٍ بطاعة وثباتٍ على إيمان ودوامٍ على صلاح إلا بإذن الله تبارك وتعالى ، ولا قوة له على أداء أيِّ أمرٍ من الأمور من مصالحه الدينية والدنيوية إلا بإذن الله تبارك وتعالى ؛ فالعبد فقيرٌ إلى الله جل وعلا من كلِّ وجه ، والله عز وجل غنيٌ عن العباد وعن أعمالهم من كل وجه ، وهو القائل جل في علاه: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ }[فاطر:15-17] .
هذا ؛ وصلُّوا وسلِّموا - رعاكم الله - على محمد ابن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب:٥٦] ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)).
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديِّين ؛ أبي بكرٍ الصديق ، وعمرَ الفاروق ، وعثمان ذي النورين ، وأبي الحسنين علي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، اللهم انصر من نصر دينك يا رب العالمين ، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم ناصرًا ومُعينا وحافظًا ومؤيِّدا ، اللهم يا ربنا احفظهم بما تحفظ به عبادك الصالحين ، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ، اللهم إنَّا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم .
اللهم لك الحمد ؛ لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا هادي لمن أضللت ، ولا مضل لمن هديت ، ولا مقرِّب لمن باعدت ، نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت ؛ أن تصلح قلوبنا أجمعين ، وأن تمنَّ علينا بالاستقامة على طاعتك يا عظيم ، وأن لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم إنك تعلم ضعفنا وعجزنا وضعفنا وقلة حيلتنا ، اللهم لا تكلنا إلا إليك ، اللهم إنك إن تكلنا إلى أنفسنا تكِلنا إلى ضعفٍ وعجزٍ وقلة حيلة ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر . اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ، ونسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ، ونسألك شكر نعمتك وحُسن عبادتك ، ونسألك قلبًا سليمًا ولسانًا صادقا ، ونسألك من خير ما تعلم ، ونعوذ بك من شر ما تعلم ، ونستغفرك لما تعلم ، إنك أنت علام الغيوب . اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات .
اللهم آمنَّا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال ، اللهم وفِّقه يا رب العالمين وولي عهده وولي ولي العهد يا رب العالمين لما تحب وترضى يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام . اللهم ولِّ على المسلمين أينما كانوا خيارهم ، واصرف عنهم شرارهم يا عظيم .
اللهم آتِ نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليُّها ومولاها ، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الشيخ عبدالرزاق البدر

تعبت أسافر 10-03-2016 05:46 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
ذكر الله تعالى
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، أعد الله للذاكرين الله كثيرا والذاكرات أجراً عظيما، وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعلم ما في السموات وما في الأرض، ويعلم ما كانا وما يكون وكفى به عليما، وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله، أنزل عليه الكتاب والحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد:
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، قال الله سبحانه وتعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)، قال سبحانه وتعالى(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِعباد الله، إن ذكر الله مطردة للشيطان، ومنجاة من النار، وسبب لدخول الجنة، فتقوا الله، وأكثروا من ذكره وشكره، وذكر الله يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالأعمال قال سبحانه وتعالى(أَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)، وقال سبحانه وتعالى(وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)، ذكر الله يكون بالقلب كما قال الله جلَّ وعلا في الحديث القدسي:"أنا مع عبدي إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملئي ذكرته في ملأ خير منهم"، ذكر الله يكون بالأعمال من صلاة وزكاة وحج وعمرة، وكل أنواع الطاعات قولينا أول فعليتاً أو مالية فإنه ذكر لله سبحانه وتعالى، ذكر الله تطمأن به القلوب كما قال سبحانه وتعالى(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، ذكر الله يعمر البيوت قال صلى الله عليه وسلم:"مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت"، فأكثروا من ذكر الله، ذكر الله يطرد الشيطان، ويحصن الإنسان قال صلى الله عليه وسلم:"وآمركم بذكر الله فإن مثل ذلك من خرج العدو في طلبه مسرعين فأووا إلى حصن حصين فمنعه الله منهم"، فالمسلم يلجأ إلى ذكر الله دائماً وأبداً ويتحصن به من أعدائه، فيتحصن به من عذاب النار، ومن جميع المكارة.
عباد الله، وأفضل أنواع الذكر لا إله إلا الله، وهي كلمة الإخلاص، وهي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى، وهي الكلمة الطيبة(أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا)، فالكلمة الطيبة هي لا إله إلا الله كما جاء في التفسير، فأكثروا من هذه الكلمة أحيوا بها قلوبكم واعمروا بها بيوتكم ونوروا بها أوقاتكم، لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة قال:"لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله"، فعودوا ألسنتكم ذكر الله دائماً وأبداً، ولا تنسوا ذكر الله فإن من نسي ذكر الله نسيه الله وستولى عليه الشيطان، كلمة لا إله إلا الله كلمة خفيفة لكنها ثقيلة خفيفة على اللسان ولكنها ثقيلة عند الله، في الحديث:"أن موسى عليه السلام قال:يا ربي علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به، قال:قل يا موسى لا إله إلا الله، قال:يا ربي كل عبادك يقولون هذا، قال:يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهم غيري، والأرضيين السبع وعامرهم في كفه، ولا إله إلا الله في كفه، مالت بهن لا إله إلا الله"، يؤتى يوم القيامة برجل معه تسع وتسعون سجلا من السيئات والأعمال السيئة مملؤه بالأعمال السيئة، كل سجل منها مد البصر، فيقال له هل لك من حسنة؟ فيستحي ويقول:لا يا ربي، فيقال له:بلى إن لك عندنا حسنة وأنك لا تظلم، فيؤتى ببطاقة يعني:ورقة صغيرة مكتوب فيها لا إله إلا الله فتوضع لا إله إلا الله في كفه وتوضع السجلات التسع والتسعين، كل سجل مد البصر توضع في كفه فترجح بهن لا إله إلا الله فيدخل بذلك الجنة، فهي كلمة عظيمة لها وزنها عند الله، ولكنها ليست لفظاً يقال باللسان فقط، وإنما هي كلمة لها معنى، ولها مقتضى لابد من معرفة معناها، ولابد من العمل بمقتضاها، فلا إله إلا الله معناها لا معبود بحق إلى الله، وكل معبود سواه فهو باطل، كما قال سبحانه وتعالى(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)، لا إله إلا الله أرسلت بها الرسل كما قال الله سبحانه(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)، كلمة لا إله إلا الله لها معنى لابد أن يعرفه المسلم ولابد أن يعمل به فهي تنفي جميع الشرك وجميع المعبودات وتثبت العبادة لله وحده فـ(ـلا إله) نفي لجميع ما يعبد من دون الله وإبطال له(إلا الله) إثبات للعبادة لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، لابد أن يقولها الإنسان من القلب كما في الحديث لما سأل أبو هريرة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له:يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم:"من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه"، لا يقولها بلسانه فقط، وفي الحديث الآخر:"فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" لا يقولها بلسانه، المنافقون يقولون لا إله إلا الله وهم في الدرك الأسفل من النار، ولن تجد لهم نصيرا، لأنهم يقولونها بألسنتهم ولا يعتقدونها في قلوبهم، ولما قال صلى الله عليه وسلم للمشركين قولوا:لا إله إلا الله تفلحوا قال( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداًإِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)، (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ)، فأهل الجاهلية أبوا أن يقولها لأنها تبطل أصنامهم كلها تبطل عبادتها للأصنام ومهم لا يردون أن يتركوا عبادة الأصنام، بل يردون أن يتمسكوا بها، وكثير من القبوريين اليوم يعبدون القبور ويستغيثون بها، ويذبحون لها، وينذرون لها، هم يقولون:لا إله إلا الله يقولون:لا إله إلا الله بكثرة ولكنهم لا يعملون بمقتضاها، فلا يتكون عبادة غير الله، لا يخلصون العبادة لله وحده لا شريك له، فكفار قريش أفهم من هؤلاء بمعنى لا إله إلا الله، فلنعرف هذا فإن هذه الكلمة ليست مجرد لفظٍ يقال باللسان فهي كلمة عظيمة لأن لها معناً عظيم ومقتضاً كريم كما قال صلى الله عليه سلم:"أفضل الدعاء دعاء عرفة، وخير ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، فهي أفضل الذكر، وأعظم الذكر، وهي أخف أنواع الذكر على اللسان كلمة خفيفة لا تأخذ وقت من حياة الإنسان، وفيها الفضل العظيم لكن لمن يعرف معناها، ويعمل بمقتضاها.
فتقوا الله عباد الله، وأكثروا من ذكر الله، ولاسيما كلمة لا إله إلا الله حتى الميت المحتضر يلقن هذه الكلمة قال صلى الله عليه وسلم:"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإن من كان آخر كلمه لا إله إلا الله دخل الجنة"، يختم بها حياته ويخرج من هذه الدنيا بكلمة عظيمة معتقداً لها مؤمناً بها فيدخل بذلك الجنة، إن لا إله إلا الله تقتضي أن يعمل الإنسان بكل ما أمر الله به، ويترك ما نهاه الله عنه، يترك أولا عبادة غير الله، يترك المعاصي والسيئات، يكثر من الأعمال الصالحة والحسنات، فإن لا إله إلا الله هي مفتاح الجنة، هي مفتاح دار السلام، ولهذا لما قال لوهب بن منبه رحمه الله أليست لا إله إلا الله مفتاح الجنة، قال: بلى ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان فإن جيتا بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك، معناه أن لا إله إلا الله لا يكفي مجرد لفظها كما لا يكفي مجرد المفتاح بدون أسنان بل لابد من الأعمال الصالحة فأسنانها هي الأعمال الصالحة وفي مقدمة ذلك الفرائض.
فتقوا الله عباد الله، وأكثروا من ذكر الله، وأكثروا من لا إله إلا الله، ولا تغفلون عن ذكر الله (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاًبارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا،أما بعد:
عباد الله، فإن ذكر الله يخالط أعمال المسلم، بل هو روح الأعمال الصالحة ولهذا أمر الله بذكره بعد الصلوات(فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ)،فالله جلَّ وعلا أمر بذكره بعد أداء الصلوات المفروضة، وأن يداوم الإنسان على ذكر الله في المسجد وفي خارج المسجد، وقال في الجمعة(فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، ونهى أن تولهينا الأموال الأولاد عن ذكر الله قال سبحانه وتعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ)، وقال سبحانه في المساجد(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ* لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، فعليكم بالإكثار من ذكر الله في جميع (اذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمأذكروا الله ماشيين وجالسين، أذكروا الله في دكانيكم، ومحلات أعمالكم، أذكروا الله في دوائركم، أذكروا الله في بيوتكم، وأكثروا من ذكر الله دائماً وأبدا لينوره الله قلوبكم ويصلح أعمالكم.
واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمَّد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ ادفع عنا الغلا والوبا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ أصلح إمامنا وولي أمرنا، اللَّهُمَّ دله على الخير والرشاد، اللَّهُمَّ رده إليك رداً جميلا، اللَّهُمَّ أصلح بطانته وقرب إليه أهل الخير والصلاح، وأبعد عنه أهل الشر، اللَّهُمَّ أبعد عنه بطانة السوء والمفسدين، اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمور المسلمين عامة يا رب العالمين (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)،فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الشيخ صالح الفوزان

تعبت أسافر 10-03-2016 05:47 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
مظاهر تعظيم الله عز وجل
الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:
فيا أيُّها الناسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، إن تعظيم الله أعظم العبادات القلبية التي يجب تحقيقها، والقيام بها، وتربية النفوس على ذلك، إذ شريعة الله مبنيةٌ على تعظيم الله، فتوحيد الله الذي هو أساس الملة والدين هو من تعظيم الله، فالله أجلَّ وأعظم من أن يعبد معه غيره، والشرك منافياً للتوحيد يقول صلى الله عليه وسلم: "قال الله: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ مَعِى فِيهِ غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ" وقال نوح عليه السلام لقومه لما وقعوا في الشرك بالله: (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) أي مالكم لا تعظمون الله، مالكم لا تقدرون الله حق قدره؛ لأن من عبد غيره فليس بمعظم له ولا بمقدر له حق قدره، وأخبر تعالى أن عظيم المخلوقات السماوات والأرض والجبال أنه قال: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً*لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً*تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً*أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً* وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً).
أيها المسلم، إن لتعظيم الله مظاهره ومعالم فمن أعظمها، فمن مظاهر تعظيم الله أن تؤمن بأسماء الله وصفاته، تؤمن بصفات الله الذي وصف بها نفسه ووصف بها نبيه صلى الله عليه وسلم، وتسمي الله بما سماء به نفسه أو سمائه به رسوله صلى الله عليه وسلم، إيماناً بلا تعطيل وتنزيها بلا تشبيه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ*هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ*هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فمن أسمائه المجيد والكبير والعظيم والجبار، وهو جلَّ وعلا موصفٌ بالكبرياء والعظمة والعزة والجلال، فهو اكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجل من كل شيء تعالى وتقدس علواً كبيرا، ومن مظاهر تعظيم الله أن تؤمن بالأثر المترتب على إيمانك بأسماء الله وصفاته، فأنت تعلم أن الله سميعٌ بصير أثر ذلك العلم أن تعلم أن الله يسمع كلامك ويرى مكانك ويعلم سرك وعلانيتك (إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ) (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، فيدعو كذلك إلى تعظيمه وطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه، ومن مظاهر تعظيمك لربك كمال محبتك له، وتعلق قلبك به، وشوقك إلا لقائه، ومن مظاهر تعظيم ربك خشيته والخوف منه من عقوبته وغضبه وانتقامه (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)، وتؤمن به حق الإيمان مع الطمع في رحمة الله وفضله (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، ومن تعظيمك لربك أن تكون متعلق القلب به تدعوه وترجوه وتضطر إليه دائما في رخاءك وشددتك، وقوتك وضعفك؛ لأنه يقضي الحاجات ويفرج الكربات ويغيث الهفات (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، وقال جلَّ وعلا: (مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، ومن أثر تعظيمك لله الإكثار من ذكره والثناء عليه يقول الله جلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فلا أحد أحق من الله من ذلك مدح نفسه وأثناء على نفسه، مدح نفسه بخلق السماوات والأرض: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)، أثنى على نفسه بأنه هو الذي أنزل الكتاب العظيم: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا)، أثنى على نفسه بأنه جلَّ وعلا أنه لم يتخذ وليِّ من الذل: (وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً)، أثنى على نفسه إذا قضاء بعدله بين خلقه قال جلَّ وعلا: (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، ومن مظاهر تعظيمك لربك أن تعمل بما أوجب عليك من عبادات التي شرعها لك من واجب ومستحب إخلاصاً لله جلَّ وعلا، بأن تصلي وتزكي وتصوم وتحج وتبر الوالدين وتصل الرحم وتلزم الأخلاق الفاضلة طاعةً لله وقربى تتقرب بها إلى الله، قال بعض السلف: وقد سئل عن قوله: (اتقوا الله) ما حقيقة التقوى؟ قال: حقيقة التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو بذلك ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله، ومن أثار تعظيمك لربك معرفتك بقدر نعمه عليك، فأنت تعلم عظيم نعم الله عليك فتتفكر في نفسك: (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)، تذكر نعم الله عليك خلقك بأحسن تقويم، صورك فأحسن صورك، أمدك بالسمع والبصر والفؤاد، سخر لك الأبوين، سخر لك ما في السماوات وما نعم منه، نعمه عليك تترا، لا تستطيع أن تحصيها: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ) (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، ومن مظاهر تعظيمك لربك أن تتفكر في عظيم مخلوقاته، وكبيرها وجلالها لتعلم عظمة من خلقها (لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)، هذه السماوات السبع تفكر في عظيم خلقها وسعتها وكبرها وارتفاعها ودقة صنعتها (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ*ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ)، أنظر إلى الأرض التي جعلها الله ذللها الله لنا (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) جعل الأرض مهادا، وأرساها بالجبال أن لا تميد بنا، ثم أنظر إلى الدواب في السموات والأرض: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ)، فالسماوات على عظمتها يقول صلى الله عليه وسلم: "ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيها ملك قائم لله راكع أو ساجد يدخل البيت المعمور كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه آخر ما عليهم إلى يوم القيامة"، ثم تفكر في الأرض وما فيها من الدواب على اختلافها أجناسها وأنواعها النافع منها والمؤذي منها، لينتفع الناس من النافع ويعلم قدر ضعف أنفسهم أمام قوة تلك المخلوقات ليعلموا بها عظمة من خالقها، هذا الليل والنهار يتعقبان من دقيق (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ)، الشمس والقمر منذ خلقهم الله (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ثم قال: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) كلها عظات وعبر ودلالة على عظم خالق هذا الكون، ليكون في القلب تعظيم لله وإجلال لله، وإخلاص العبادة لله، وتعلق القلوب لله، في كل أحوالنا، في صحتنا ومرضنا، في قوتنا وضعفنا "تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ" كلما تعرف المؤمن هذه المخلوقات العظيمة عرف قدر خالقها وعظمة خالقها واستدل على كمال عظمته، وكمال كبرياءه وجلاله؛ وأنه مستحق أن يعبد ويخضع له ويذل له ويطاع فلا يعصى، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المعتبرين: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ*الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، إن من تعظيم الله تعظيم شرعه ودينه، بأن تعظم كتاب الله وتعظم سنة محمد صلى الله عليه وسلم تعظمهما التعظيم اللائق بهما؛ بأن تقبل نصوص القرآن وتقبل نصوص السنة بالسمع والطاعة والاستجابة المطلقة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)، لابد للمسلم أن يعظم شرع الله فإن تعظيمك لأوامر لله بالامتثال، وتعظيمك لنواهي الله بالاجتناب، دليل على تعظيمك بما أمرك ودليل على تعظيمك لما نهاك عن ذلك، ولتعظيم شرع الله معالم فأول ذلك: الاستسلام التام لشرع الله وألا يقع في نفسك حرج من ذلك ولا اختيار لك بل السمع والطاعة واجبان عليك قال جلَّ وعلا: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)، ومن مظاهر تعظيم شرع الله ألا يكون في نفسك حرج عند تطبيق أحكام الشريعة بل تقبل وينشرح صدرك بذلك قال الله جلَّ وعلا: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي: ينقادوا ويرضوا بذلك، ومن مظاهر تعظيم الله أن لا يتطول بالبحث عن الحكم، فالحكم إن وجد إن علمتها فالحمد لله، وإلا فأنت على يقين بأن شرع الله مبنيٌ على كمال حكمة الرب وكمال علمه وكمال رحمته وعدله، فقد تستدرج أحيانا وقد تخفى عنك أحيان لكن عليك بالسمع والطاعة والاستجابة التامة، ومن مظاهر تعظيمك لشرع لله أن تمسك لسانك عن الخوض فيما لا تعلمه ولا تتكلم في الشرع إلا بعلم ويقين (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) فقول على الله بلا علم دليل الجهل وضعف الإيمان وقلة البصيرة، فالمسلم المعظم لله لا يتكلم بشرع الله إلا بعلم يعلمه، وأما من الذي لا علم عنده فيمسك عما لا يعنيه فذلك أفضل له من أن يخوض بجهل ويقول باطلا ويفتي بخلاف الحق فيرتكب الإثم والعدوان، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفرٌ الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناس، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، عباد الله، إن المتأمل في كثير من أحوال المسلمين يجد أن هناك أموراً تنافي تعظيم الرب، أموراً تنافي تعظيم الرب وتقديره،أن هناك أموراً تنافي تعظيم الرب جلَّ وعلا ولا تقدر الله حق قدره، هذه المظاهر السيئة مبنيةٌ غالباً على أمور بدعوى الانفتاح، دعوى الحرية الرأي دعوى الحوار المفتوح في الأمور، هذه الأشياء يراد بها الاستهزاء والاستخفاف والسخرية والتنقص لشرع الله؛ بل الطعن في الذات الإلهية ومقام نبينا صلى الله عليه وسلم، الاعتراض على شرع الله، والقدح في أوامر الله ونواهيه، وكأن أولئك ينصبون أنفسهم بأنهم مشرعون العباد (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)، والمصيبة أن قضايا الأمة المصيرية في معتقدها وأخلاقها وسلوكها يطرحها البعض من خلال القنوات الفضائية أو الانترنت أو نحو ذلك يطرحونها على بساط البحث فيتكلم جاهلٌ ويتكلم سفيٌ ويتكلم منافقٌ، ويقول من يقول في شرع الله ودينه فيما أحل وفيما حرم، وفيما أمر وفيما نهى، ثم يأتي من يقول إن لكل إنسان حقاً أن يعترض على الله في تشريعه أو يعترض على رسوله بتشريعه أو يناقش الشرع فيقبل ما يوافق عقله ويرفض سواء ذلك، أهاذي الألفاظ ، أهاذي تصدر من قلب ذاق طعم الإيمان إن المؤمن حقاً سماع مطيع لله فيما أمره ونهوه عنه، كونه يعصي، كونه يرتكب المحرم لكن كونه يعترض على الله بما أحل وحرم ويقول هذه أمور انتهاء دورها ومحرمات مضى زمانها ونحن زمان التقدم والرقي المادي والصناعي، يجب أن نلغي بعض المحرمات ونبيح بعض المحرمات ونرفض التقيد بهذه الشريعة ونعترض عليها بأهوائنا وعقولنا كل ذلك منافي للإيمان الصحيح، اسمع الله يقول عن المنافقين هؤلاء المنافقين عن رسول الله وهم منافقو هذا العصر: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ*وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ*أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)ثم قال: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) لما أنزل الله على نبيه: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) أشفق الصحابة من عموم هذه الآية، وأتوا رسول الله فجلسوا على الركب وقالوا يا رسول الله: كلفنا من الأعمال من نطيق الصلاة والصيام، وقد جاءت آية لا طاقة لنا بها، قال: "وما هي"، قالوا: قول الله: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) قال: "أتريدون أن تقولوا سمعنا وعصينا، قولوا سمعنا وأطعنا ثم أنزل الله: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) فلما قراءها القوم ودلت بهم ألسنتهم قال الله: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) الآية، وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لي عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ يتكلموا بها أَوْ يعملوا ".
فلنتقي الله، معاشر المسلمين يا كتاب الإسلام ويا رجال الإعلام ويا رجال الثقافة والفكر لنتقي الله في أنفسنا، ولنجعل أنفسنا أنصاراً لشرع الله، دعاةً لدين الله، حماةً لهذه العقيدة ولهذه الأخلاق والفضائل، إياكم أن تزل اللسان بما يندم العبد عليه يوم القيامة "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه"، إياكم والاعتراض على شرع الله، وتنقص هذه الشريعة، آمنوا بها حق الإيمان؛ فإن العبد لا يقوي إيمانه حتى يرضى بالله ربا، ويرضى بالإسلام دينا، ويرضى بمحمد نبياً رسولا، سنسأل عن ذلك عندما نضع في ألحادنا ويتخلى عنا أهلونا وأموالنا، فيسأل كل من ما ربك؟ ما دينك؟ ما علمك بهذا الرجل؟، فلنتقي الله في إسلامنا، ولنتقي الله في شريعة رمزنا صلى الله عليه وسلم، ولنحذر من الألسنة البذيئة، والكلمة الوقحة، ولنتأدب في ألفاظنا، فكم ألفاظ يدلي بها بعض الناس؟ لو محصت الحق حقا وحملتها على ظهرها لرأيتها قد تحكم على قائلها بخروجها عن الإسلام؛ ولأنه اعترض على الله ولم يقبل شرع الله، الله جلَّ وعلا حينما ذكر شبه المعترضين ذكرها ذا من لها منتقص لها، لما قال القائل: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) قال الله: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ذكرها ذا من لها ولأهلها لا مادح لها ولا آمناً فيها، فإن الواجب علينا أن نسمع ونطيع لما قال ربنا ولما قال نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن نخضع كل أمورنا لتوافق المنهج القويم الذي رضاه الله لنا (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)، فنسأل الله الثبات على الحق، والاستقامة على الهدى (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)، نسال الله الثبات على الحق، والاستقامة على الهدى، وأن يطهر قلوبنا من النفاق والضلال، وألسنتنا من الفحش والبذاءة إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا رحمكم الله على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلكم ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهدين الذين قضوا بالحق وبه قائمون، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، واجعل هذا البلاد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا وأصلح ولاة أمور المسلمين عامة إنك علة كل شيء قدير، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدالله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير سدده في أقواله وأعماله، ومنحه الصحة والعافية، اللَّهمَّ وفق ولي عهده نايف بن عبد العزيز لكل خير، سدده في أقواله وأعماله، وأعنه على مسئوليته إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ( مفتي المملكة )

تعبت أسافر 10-03-2016 05:47 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
جريمة الاستهزاء بالله والقرآن والرسول
خطبة جمعة بتاريخ / 2-4-1433 هـ
الحمد لله حمد الشاكرين ، وأثني عليه ثناء الذاكرين ، أحمده تبارك وتعالى بمحامده التي هو لها أهل ، وأثني عليه الخير كله لا أحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تعظيمٍ لجنابه وإيمانٍ بعظمته وجلاله وكبريائه ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله الداعي إلى صراط الله المستقيم ودينه القويم ، صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :
أيها المؤمنون عباد الله : اتقوا الله تعالى ؛ فإن في تقواه جل وعلا سعادة الدنيا ، والفوز بثواب الله ، والنجاة من عقابه وسخطه سبحانه . وتقوى الله عز وجل : عملٌ بطاعة الله على نورٍ من الله رجاء ثواب الله ، وتركٌ لمعصية الله على نورٍ من الله خيفة عذاب الله .
أيها المؤمنون عباد الله :
إنَّ ديننا الإسلام دينٌ عظيم مبني على التعظيم ؛ التعظيم لله عزَّ وجل ، والتعظيم لشرعه ، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ،{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ }[الحج:32] ، وكلما قويَ التعظيم في القلب أذعن وانقاد واستسلم وأطاع ، وإذا انحلَّ القلب من التعظيم تمرَّد على هذا الدين بل وتحوَّل عبداً ساخراً مستهزئاً متهكما ؛ وهذا - عباد الله - يكشف لنا سرَّ الانحلال الذي يبتلى به بعض الناس ويصاب به بعض العباد .
إننا - أيها المؤمنون –
لا نتصور وجود شخص في ديار الإسلام يكتب كلاماً فيه استهزاءٌ بالله جلَّ وعلا أو استهزاءٌ برسوله صلى الله عليه وسلم أو استهزاءٌ بشيءٍ من شرع الله عز وجل ، لكن ذلك القلب إذا انحلَّ منه التعظيم لله عز وجل أتى بالعجائب والغرائب ، فمدار صلاح الإنسان وفلاحه على صلاح قلبه وزكائه ، ((أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ؛ أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ)) .
أيها المؤمنون عباد الله :
إن الاستهزاء بالله أو برسول الله صلى الله عليه وسلم أو بشيءٍ من شرائع الإسلام وأحكام الدين ردةٌ عن الإسلام وجريمةٌ عظمى ومصيبةٌ كبرى لا تصدُر من قلبٍ مؤمن ، فوجود هذا الاستهزاء دليلٌ على الكفر وذهاب الإيمان ؛ ولهذا قال الله تعالى في سورة التوبة - التي تسمى الفاضحة لأن الله سبحانه وتعالى فضح فيها المنافقين وهتك أستارهم وكشف عن مخازيهم - يقول الله عز وجل : { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) }؛ إنَّه الإجرام الفظيع والتعدي الشنيع أن يتطاول إنسان خَلَقه الله عز وجل ومنَّ عليه بالسمع والبصر والفؤاد والحواس فيتلفظ لسانه تطاولاً على الله رب العباد ، أو تطاولاً على شرع الله عزَّ وجل ، أو تهكماً واستهزاءً برسوله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم ، أو تعدِّياً على شيءٍ من شرع الله وأحكام الله ، أين عقل هذا الإنسان ؟! أين فكره ؟! أين وعيه ؟! أين معرفته ؟! إذا كان سمح للسانه أن يتلفظ بتلك الألفاظ وأن يتعدى ويتجاوز بتلك التعديات والتجاوزات .
لما قَفَل النبي عليه الصلاة والسلام من غزوة تبوك وأبلَى وأبلى الصحابة معه بلاءً عظيماً قال أحد المنافقين في مجلس من المجالس : " ما رأينا مثل قُرَّاءنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء " ، فقال رجل في المجلس : " كذبتَ ؛ ولكنك منافق ، لأخبرنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فبلغ ذلكم النبي صلى الله عليه وسلم ونزل بذلكم القرآن ، فجاء ذلك الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعتذر مما قال ، فكان النبي عليه الصلاة والسلام لا ينظر إليه ولا يلتفت إليه ولا يزيد على أن يقول له : { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }، وقول الله جل وعلا { لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } فيه دليلٌ أن قائل هذه المقالة كان قبلها من أهل الإيمان فتحوَّل بمقالته تلك إلى مرتدٍّ كافر بالله سبحانه وتعالى ، وهذا مما يوضح لنا قول النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري وغيره : (( وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ )) .
أيها المؤمنون عباد الله :
وفي ظل وجود مثل هذه الآفة وصدور مثل هذه الأقاويل في كلماتٍ تُكتب وألفاظٍ تسطَّر من أناسٍ هم من بني جلدتنا ومن أبناء المسلمين وفي ديار المسلمين تتأكد المسئولية ويعظم الواجب في صيانة الأبناء وحفظ النشء ، وقد قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا }[التحريم:6] .
إنه - أيها المؤمنون - خطرٌ عظيم يداهم أبناء المسلمين من هنا وهناك من خلال وسائل انفتحت على الناس فجرَّت بلاءً عظيما وشراً مستطيرا ؛ يجلس الواحد من أبناء المسلمين مع ضعفٍ في العلم وقلةٍ في الفهم وعدم بصيرةٍ بالاعتقاد يجلس أمام قنوات فضائية مسمومة ومواقع في الشبكة العنكبوتية موبوءة يسمع لهذا ويقرأ لذاك ، ثم مع الاستماع والقراءة يحصل مثل هذا التمرد والانحلال ؛ مما يتطلب - عباد الله - منَّا أجمعين أن نحرص على صيانة أنفسنا وأبناءنا وبناتنا بتسليحهم بالاعتقاد الصحيح والإيمان الراسخ والصلة العظيمة بالله تبارك وتعالى ، وأن نحذِّرهم أشد الحذر من تلك المواقع وتلك القنوات التي تبثُّ السموم وتنشر المجون والكفر والإلحاد ، يجب علينا -عباد الله - أن نتقي الله عزَّ وجل في أنفسنا وأهلينا وأولادنا وأن نحرص على رعايتهم وصيانتهم من تلك الآفات العظيمة والبلايا الجسيمة .
اللهم يا ربنا ويا خالقنا ومولانا سلِّمنا يا رب العالمين ونجِّنا من هذه الفتن واحفظ أبناءنا وبناتنا ، اللهم احفظ أبناءنا وبناتنا وجنِّبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم وأصلح لنا نيَّـاتنا وذرياتنا ولا تكِلنا إلى أنفسنا طرفة عين. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد أيها المؤمنون :
اتقوا الله تعالى .
يقول الله سبحانه : {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }[الإسراء:36] .
أيها المؤمنون : من تذكر وقوفه بين يدي الله وأنَّ الله عزَّ وجل سائله في ذلك اليوم العظيم عن سمعه وبصره وفؤاده فإن هذا التذكر ينفع العبد نفعاً عظيماً في صيانة هذه الحواس وإبعادِها عن كلِّ ما يُسخط الله جل وعلا ويُغضبه ، فالسمع والبصر وغيرهما من الحواس لها آفات ولها شرور ، والسلامة من ذلك بالفزع إلى الله وحُسن اللجوء إليه سبحانه ، وبالأخذ بالأسباب النافعات التي يكون بها صيانة هذه الحواس من كل أمرٍ يُغضب الله جل وعلا ويُسخطه .
أيها المؤمنون :
والكيِّس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . واعلموا أن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة .
وصَلُّوا وسلِّموا - رعاكم الله - على محمّد ابن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[الأحزاب:56] ، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)).وجاء عنه عليه الصلاة والسلام الحث على الإكثار من الصلاة والسلام عليه في ليلة الجمعة ويومها .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد . وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين ، الأئمة المهديين ؛ أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي ، وارضَ اللهم عن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم انصرهم في أرض الشام وفي كل مكان ، اللهم كن لنا ولهم حافظاً ومعِينا ومسدِّداً ومؤيِّدا ، اللهم كن لنا ولهم ولا تكن علينا ، وانصرنا ولا تنصر علينا ، وامكر لنا ولا تمكر علينا ، واهدنا ويسِّر الهدى لنا ، وانصرنا على من بغى علينا ، اللهم انصرنا على من بغى علينا ، اللهم انصرنا على من بغى علينا . اللهم اجعلنا لك ذاكرين ، لك شاكرين ، إليك أواهين ، لك مخبتين ، لك مطيعين . اللهم تقبَّل توبتنا ، واغسل حوبتنا ، وثبِّت حجتنا ، واهدِ قلوبنا ، وسدِّد ألسنتنا ، واسلُل سخيمة صدورنا .
اللهم واغفر لنا ذنبنا كله ؛ دقَّه وجله ، أوله وآخره ، سرَّه وعلنه ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات . اللهم إنا نسألك حبك ، وحبَّ من يحبك ، وحبَّ العمل الذي يقرِّبنا إلى حبك . اللهم زيِّنا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين . اللهم أصلح ذات بيننا وألِّف بين قلوبنا ، واهدنا سبل السلام ، وأخرجنا من الظلمات إلى النور . اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
عباد الله :
أذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ،
{ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }.
الشيخ عبدالرزاق البدر

تعبت أسافر 10-03-2016 05:48 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ معناها ومقتضاها
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، خلقنا لعبادته وأمرنا بتوحيده وطاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، في أُلُهيته كما أنه لا شريك له في ربوبيته، وأشهد أنْ محمداً عبده ورسوله، وخيرته من جميع بريته، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأهل ملته، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:
أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن كلمة (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ) هي كلمة الإخلاص، وهي كلمة التقوى والعروة الوثقى، وهي المنجية من النَّار لمن قالها بصدق وإخلاص، هي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام من كانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة كما في الحديث: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ - أي المحتضرين - لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فإن من كان آخر كلمه لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دخل الجنة"، وقد زار النبي صلى الله عليه وسلم أو عاد عمه أبا طالب وكان في الاحتضار، وكان عنده رجلان من المشركين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا عَمِّ، قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ"، فقال الكافران المشركان: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأعاد عليه كلامهم فقال: هو على ملة عبد المطلب ومات على ذلك، والعياذ بالله وأبى أن يقول لا إله إلا الله، وقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً غلاماً من اليهود كان يخدمه وهو يحتضر فقال: "يا غلام قل لا إله إلا الله ومحمد رسول الله" فنظر الغلام إلى أبيه اليهودي فقال أبوه أطع أبا القاسم، فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ثم فاضت روحه، فقال صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار" ثم قال لأصحابه "تولوا أخاكم" فغسله المسلمون كفنوه وصلوا عليه ثم دفن في مقابر المسلمين، فهذه كلمة عظيمة من قالها ومات عليها دخل الجنَّة، ولكن هذه الكلمة ليست مجرد لفظ يقال باللسان بل هي لها معنى ولها مقتضى فمعنى (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ) أن لا معبود بحق إلا الله هذا معناها، وأما مقتضاها يعني: المطلوب ممن يقولها فهو أن يؤدي أركان الإسلام ويلتزم بهذا الدين فإن فعل ذلك فهو المسلم حقا، وأما من قالها ولم يلتزم بأركان الإسلام لم يصلي لم يزكي لم يؤدي ما أوجب الله عليه فإن هذه الكلمة لا تنفعه ولو قالها ألف مرة لا تنفعه، حتى يعمل بمقتضاها قال صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوها عَصَمُوا مِنِّى دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عزَّ وَجَلَ"، ولهذا لما توفي صلى الله عليه وسلم وارتد من العرب من أرتد بعد وفاته ومنع بعضهم الزكاة قاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه على منع الزكاة لأنها من حق لا إله إلا الله قالوا له: يا خليفة رسول الله كيف تقاتلهم وهم يقولون لا إله إلا الله، فقال رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله وسلم قال: "إِلاَّ بِحَقِّهَا" وإن الزكاة من حقها والله لو منعوني عناقاً أو عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، فاقتنعوا الصحابة رضي الله عنهم بقول أبي بكر، واعتقدوا أنه الصواب وقاتلوا معه المرتدين، فهذا دليل على أنه لا يكفي مجرد النطق بـ (لا إله إلا الله) مع عدم الالتزام بمدلولها ومقتضاها، لكن من قالها فإنه يكف عنه ويحكم بإسلامه فإن تبين منه بعد ذلك ما يناقضها وتبين أنه لا يؤدي مقتضى الكلمة فإنه يحكم بردته تقام عليه أحكام الردة، ولهذا غزى بعض المسلمين غزوا جماعة من المشركين فانتصروا عليهم وفر واحد منهم فلحق به أسامة بن زيد رضي الله عنه وعن أبيه ومعه رجل من الأنصار رضي الله عنهم لحقوا بهذا الرجل فلم رفع أسامة السيف عليه قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري وقتله أسامة بن زيد، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب على أسامة وقال: "أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ"، قال يا رسول الله: إنما قالها يتقي بها السيف، قال: "هل لا شققت على قلبه فتعلم أنه قالها يتقي به السيف ماذا تعمل بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة - فما زال يكررها - ماذا تعمل بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة" حتى ندم أسامة رضي الله عنه ندامةً شديدة على ما فعل وعرف خطأه في ذلك، فهذا هو الشأن فيمن أعلن إسلامه وقال لا إله إلا الله فإنه يكف عنه وأنه يقبل منه الإسلام، فإن ظهر منه بعد ذلك ما يخالف مقتضى هذا الكلمة فإنه يجرى عليه الحكم الشرعي، ونحن ليس لنا إلا الظاهر ما لم يتبين لنا خلافه نحن نحكم على الظاهر، وأما ما في القلوب فلا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وليس هذه الكلمة مجرد لفظ يقال باللسان ولكن لها شروط لابد أن تتوفر لها شروط وقيود كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه: "فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، يَبْتَغِى يَبْتَغِي ِبذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ" لابد من هذا القيد أن يقولها يبتغي بذلك وجه الله لا يقصد منها غير ذلك، فإن قالها وهو لا يبتغي وجه الله فلا تنفعه هذه الكلمة، سأله أبو هريرة رضي الله تعالى عنه فقال: يا رسول الله من أحق الناس بشفاعتك يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ غيرك، لِمَا أرى مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ" لابد أن تكون خالصا من قلبه لا يقولها رياءا وسمعة ونفاقاً يتقي بها القتل أو يريد بها أن يعيش مع المسلمين، فإن من كان هذا قصده فإنه لا تنفعه لا إله إلا الله.
هذه الكلمة يا عباد الله عظيمة تزن السموات الأرض ومن فيهن غير الله جل وعلا في حديث موسى عليه الصلاة والسلام: "يَا رَبِّ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَذْكُرُكَ بِهِ، وْأَدْعُوكَ بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى، قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، قَالَ : يَا رَبِّ، كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولون هَذَا، قَالَ: يَا مُوسَى لَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَعَامِرَهُنَّ غَيْرِي، وَالأَرَضِيينَ السَّبْعَ أعامرهن فِي كِفَّةٍ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، مَالَتْ بِهِنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"، يُجاء يوم القيامة برجل كتبت عليه الحفظة تسعة وتسعين سجلا كل سجل منها مد البصر مملوءه بالسيئات والذنوب فيقال له: هل عندك حسنة، فيهاب الرجل ويقول: لا يا ربِّ فيؤتى ببطاقة يعني: ورقة صغيرة مكتوب فيها لا إله إلا الله يعني أنه قالها في حياته فتوضع في سجله في كفه وتوضع السجلات في كفه أخرى فتطيش السجلات وتثقل لا إله إلا الله فيدخل به الجنة، فهي كلمة عظيمة أكثروا من التلفظ بها، وهذه الكلمة كما ترون تتكون من نفي وإثبات نفي جميع المعبودات وإبطال جميع المعبودات من دون الله، وإثبات العبادة لله وحده، فقولنا (لا إله) هذا نفي لجميع الآلهة المعبودة من دون الله وإبطال لها، (إلا الله) إثبات للعبادة لله وحده ولهذا قال سبحانه: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ) هو معنى لا إله (وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ) هذا معنى إلا الله ففيها النفي والإثبات يجب أن نعرف هذا وأن نتحقق منه حينما ننطق بهذه الكلمة، فهي كلمة عظيمة لها قيمتها ووزنها عند الله سبحانه وتعالى، يجب أن نكثر من التلفظ بها معتقدين لمعناها عاملين بمقتضاها ظاهراً وباطنا، فهي شعار الإسلام، هي دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)، ثم هذه الكلمة أيضاً تقتضي أن تتبرأ من الشرك وأهله كما قال الخليل عليه الصلاة والسلام: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ*وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، أما الذي يقول أنا أقول لا إله إلا الله ولا أعبد إلا الله لكن لا أتبرأ من المشركين ولا أتبرأ من الشرك هم أحرار في عقيدتهم فهذا لا تنفعه لا إله إلا الله حتى يتبرأ من المشركين ويتبرأ من دين المشركين كما قال الخليل وقومه قال الله جلَّ وعلا: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) هذا هو الدين لا نجامل المشركين والكفار، وإنما نتبرأ منهم ونعلن ذلك لهم ونتبرأ من دينهم، وأشد من ذلك من يقول (لا إله إلا الله) ثم يدعو غير الله يذبح لغير الله، ينذر لغير الله، يستغيث بغير الله من عباد القبور والأضرحة، فهم يقولون لا إله إلا الله لكن لا يعملون بمقتضاها فهم يعبدون غير الله ويتناقضون في ذلك، نسأل الله العافية.
فتفطنوا لذلك يا عباد الله، وتعلموا عقيدتكم تعلموا معنى هذه الكلمة العظيمة واعملوا بها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكرِ الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفرُ الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أنََّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنها لا تكفي شهادة أن لا إله إلا الله حتى تشهد أن محمد رسول الله، فالشهادتان هما الركن الأول من أركان الإسلام، ومعنى أشهد أن محمد رسول الله أي أعترف وأقر بقلبي، وأنطق بلساني أنه رسول الله حقا، أنه رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم، ولا يكفي هذا حتى تتبعه فيما أمر، وفيما نهى، لو شهدت أنه رسول الله ثم لم تطاوعه ولم تمتثل ما جاء به لم تحقق شهادة أن محمد رسول الله، فمعنى أشهد أن محمد رسول الله أو من معناه طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب فيما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا فيما شرع هذه الكلمات توضح لكم معنى شهادة أن محمد رسول الله وأنها ليست مجرد لفظ يقالُ باللسان، طاعته فيما أمر تطيعه فيما أمرك به من الأوامر ولا تخالف ذلك على حسب هواك ورغبتك قال الله جلَّ وعلا: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)، ثانياً: أن تصدقه فيما أخبر، أخبر صلى الله عليه وسلم عن الماضي وعن المستقبل، وعن الجنة والنار وما يجري تصدقه في ذلك ولا تشك في شيء مما صح عنه صلى الله عليه وسلم من الأخبار فمن شك في ذلك لم تكن شهادته برسالة محمد صحيحة لأنه كذبه فيما أخبر عنه عليه والصلاة والسلام، واجتناب ما نهى عنه كما تطيعه فيما أمر تجنبه ما نهى عنه قال الله جلَّ وعلا: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) واجتناب ما نهى عنه وأن لا تعبد الله إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فيه اجتناب للبدع والمحدثات فلا تتقرب إلى الله ولا تعبد ربك إلا بشيء جاء به نبيه صلى الله عليه وسلم وشرعه لك لا تحدث البدع وتتقرب بها إلى الله لا تقبل عند الله، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ منه، فَهُوَ رَدٌّ" وفي رواية: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهْوَ رَدٌّ"، فلابد من هذه القيود في شهادة أن محمد رسول الله فليست لفظاً مجرداً يقال باللسان فقط.
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكُلَ بدعةٍ ضلالة.
وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةَ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمناً مستقراً وسائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ ولي علينا خيارنا، وكفنا شر شرارنا، وقنا شر الفتن، ولا تسلط علينا بذنوبنا ما لا يخافك ولا يرحمنا، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا واستقرارنا في ديارنا، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا واستقرارنا في ديارنا، وخلص المسلمين من كل كافر وملحد وشرير في جميع أقطار الأرض يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، أنزل علينا الغيثَ، اللَّهُمَّ أنزل علينا الغيثَ، ولا تجعلنا من القانطين، اللَّهمَّ أغثنا، اللَّهمَّ أغثنا، اللَّهمَّ أغثنا، اللَّهمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أسقي عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت، ربنا تقبل منا إنك سميع الدعاء.
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الشيخ صالح الفوزان

تعبت أسافر 10-03-2016 05:48 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
ثمرات طاعة الله ورسوله
الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين، أمَّا بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، يقول الله جلَّ وعلا: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً).
أخيَّ المسلم،
إنَّها آية تمحيص وابتلاء لتضع المؤمن على محك الإيمان الصحيح، ليتبين صادقُ الإيمان من ضده، وليتبين الكيس من العاجز، إنَّها تكشفُ حقيقةَ الإيمان عندما يصطدمُ أمر الله وأمر رسوله بهوى النفوس ومشتهياتها، إنَّها آيةٌ يتوقف عندها المسلمُ عند معانيها ثم يفكر في واقعيه وحياته، هل هو مُطبقٌ لهذه الآية؟ هل هو مقابلٌ لأوامر الله أم يختار ما يهواه ويرفض ما سواء ذلك؟ إنَّها آيةٌ تضمن الإسلام الصحيح هو الاستسلام لأوامر الله والانقياد لها، وأن أوامر الله ورسوله يقبلها المسلم، ويستجيب لها وإن خالفة الهوى وعادات مجتمع الناس وأيُّ اعتبار آخر فلا قيمة لذلك، أمرُ الله وأمرُ رسوله مُقدم عند المسلم على كلِ اعتبار.
أيُّها المسلم،
إن الله جلَّ وعلا أمرنا بطاعته وبطاعة رسوله، ونهانا عن اتباع الهوى، وخطوات الشيطان قال الله جلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)، وقال جلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)، وقال: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)، ونهانا عن اتباع الهوى قال الله جلَّ وعلا: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)، وقال جلَّ جلاله: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)، وقال: (وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)، وحذرنا من خطوات الشيطان فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئتُ به".
أيُّها المسلم،
لطاعة الله وطاعة رسوله ثمرات عظيمة للمسلم فأول ذلك: أن طاعة الله وطاعة رسوله علامة الإيمان: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)، ومنها: أن طاعة الله وطاعة رسوله سببٌ في دخول الجنة قال جلَّ وعلا: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وطاعة الله وطاعة رسوله تجعل العبد مع النبين والصدقين والشهداء والصالحين قال جلَّ وعلا: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، طاعة الله وطاعة رسوله فيها الفوز والفلاح: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ)، وطاعة الله ورسوله سببٌ لرحمة الله: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، طاعة الله وطاعة رسوله سبباً للقوة والثبات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، وطاعة الله وسوله سببٌ لهداية: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)، وسببٌ لقبول العمل فإنَّ الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)، فطاعة ورسوله سببٌ لقبول الأعمال بتوفيق الله وفضله.
أيَّها المسلم،
إن الله جعل دين الإسلام منهجاً عظيماً للمسلم يستضيئ به في حياته الفردية والجماعية، فعلى المسلم أن يتقي الله ويلزم شرع الله ويتخذه منهجاً له في حياته ليسير على منهج قويم والطريق المستقيم: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً)، فمن توفيق الله للعبد أن يقبل ما أمره الله به وما اختاره الله له، ولا يجعل خيرةً فيما أمره الله ورسوله، بل ينفذ أوامر الله، وينفذ أوامر رسوله على قدر استطاعته وطاقته.
أيَّها المسلم،
قضى الله، وأمرك بعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدينِ له، وأن تخصه بجميع العبادات فالدعاء والرجاء والخوف والذبح والنذر والتوجه القلوب، محبتاً وخوفاً ورجاء إنَّما هو لله وعملك بكل شؤونك تريد به وجه الله والدار الآخرة: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ).
أخيَّ المسلم،
قضى الله وأمرك بالصلوات الخمس في يومك وليلتك، فهل استجبت لله في أمرك؟ واطاعته في أمره؟ فأديت تلك الصلوات الخمس في أوقاتها كاملة الأركان والواجبات مُحافظاً عليها جُمعاً وجماعات، مُحاولاً الاقتداء بنبيك والتأسي به في صلواته القائل: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، أم أطاعته هواك والشيطان فتكاسلت عن هذه العبادة واستخبت بها وقلة المحافظة عليها، فتقي الله فيها، فإنَّ محافظك عليها دل الإيمان الصحيح (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، قضى الله لأنَّ الزكاة أحد أركان الإسلام وأنَّها الركن الثالث من أركان الإسلام، فهل استجبت لأمر الله؟ وأديتها كاملةً تامة، واخترت أمر الله لك فطهرت مالك من الزكاة، أما تهاونت بذلك وارتكبت الحيل المتعدية لكي تضيق أمر الزكاة، ولكي لا تؤديها على الوجه المطلوب، فعلم أنَّ الله سوى يحاسبك عن هذا كُله، فرض الله عليك الصوم والحج، فهل أديت هذين الركنين أداءً كاملا؟ أديت الصوم وأنت في صحة وسلامة، وتجنبت ما حرم الله عليك، وأخلصت لله، أديت ركن الحج في صحة من بدنك وعافية قبل أن يحاذ بينك وبين ذلك.
أخيَّ المسلم،
قضى الله، وأمرك بالبر بالأب والأم والإحسان إليهما، وخدمتهما، والقيام بحقهما خير قيام، وهل أمثلت أمر ربك؟ واخترت ما ختاره الله لك فبررت بالأبوين وأحسن إليهما ورفقة بهما وعاملتهما بلطف والإحسان والرحمة والرقة وكنت لهما مُطيعاً في أمر الله، باراً بهما محظياً بهما، أم اخترت لنفس الكسل والتهاون بهما وجعلتهما في أماكن الرعاية، فراراً وضجراً منهما وتلك أخلاق اللؤماء.
أخي المسلم،
أمرك الله بصلة رحمك، واختار لك الأمر العظيم وجعل الصلة سبباً لبركة عمرك ومالك وولدك وعزاً لك في الدنيا والآخرة، فهل قبلت هذا من الله؟ أمَّ تهاونت بالرحم وانصرفت عنهم وخدعك مالك وصحتك وصددت عنهم لفقرهم وعادتهم وذلك خلقٌ سيء.
أيُّها الشاب المسلم،
إنَّ الله جلَّ وعلا أمرك بغضِ بصرك، وتحصين فرجك (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)، هل قبلت أمر الله؟ فغضت البصر، وحفظت الفرج، وصنت نفسك عما حرم الله عليك، وسعيت بالزواج الحلال الطيب، واستعنت بالله على ذلك، أم انشغلت نفسك بتطلع بصرك إلى هنا وهناك، ولم تحفظ فرجك عن محارم الله، فتقي الله فإن الله اختار لك ما في عزك وكرمتك وسعادتك في الدنيا والآخرة.
أخي الشاب المسلم،
هل علمت أن المسكرات والمخدرات من أعظم البلايا، وأعظم داء وجودها وتعاطيها، نسأل الله السلامة والعافية، فيها إفساد دينك وإفساد عقلك وأخلاقك القضاء على كيانك، وتحويلك من إنسان ذا خلق ودين إلى إنسان منحل بعيدا عن كل الكرامة والفضيلة، فنتبه لنفسك، هل تعلم أن من يروج المخدرات ويُساهم فيها ويبثها في المجتمع أنَّه ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لكونه أعان على الباطل وساهم في الباطل، فتقي الله، ولا يخدعنك مكاسبها المادية فتضحي بدينك وأخلاقك في سبيل الحصول على هذه المادة التي تأتيك من هذا الطريق المعوج الذي لا خير فيه.
أخي المسلم،
أخي المسلم، دينك يدعوك إلى أن تكون متمسكاً بدين الإسلام في مظهرك في سلوكك في أقوالك وأفعالك، فهل استجبت لأمر الله ورسوله؟ ومثلت الإسلام في أقوالك وأعمالك، أم اخترت التغرير وتميع والأخلاق والبعد عن هذه الفضائل، فنتبه لنفسك أخي المسلم، أقبل من الله ما أمرك به ولا تختار غير المنهج الصحيح، فإن خلاف ذلك خطئٌ وضلال مبين.
أيُّها القاضي المسلم،
إن الله أمرك بالعدل بقوله: (حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) فهل كنت كذلك؟ قضيت بالعدل وأخذت الخصمين وتقيت الله، فلم تكن العلاقة الشخصية، والعلاقة الأسرية والمصالح المادية تحول بينك وبين العدل، فإنَّ الله أوجب عليك ذلك لتكون قاضياً عادلاً موائك في الجنة، والقاضي إذا قضى بعلمه واخلاص لله، فإنه بتوفيق الله في جنات النعيم.
أخي المسلم،
يا من منَّ الله عليه بالمال، واعطاه من المال ما أعطاه، اتقي الله، في مالك وفكر في نفسك فالله جلَّ وعلا أنَّعم عليك وبتلك بهذا المال، هل أنت من الشاكرين له؟ القائمين بحق المال خير قيام، هل هذا المال سببٌ لطاعة ربك وتواضعك لربك وشكرك لنعم الله عليك؟ أم كان هذا المال سببٌ للعصيان والطغيان والكبر والتعالي على الحق والتعالي على الخلق: (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)، ونعم المال الصالح للرجل الصالح.
أيها المسئول في أي الدوائر الحكومية،
اتقي الله في نفسك، وعلم أن الله اختارك وأمرك بأن تكون عادلاً في أمورك متقياً الله في تعاملك ممنً تحت يديك بالعدل والإحسان والإنصاف بعيداً عن الميول الشخصي والذاتي، لا تقيم الناس على أسس عرقية، ولا على مصالح مادية، ولكن تقيمها على العدل وإعطاء كل ذي حق حقه، وتنفيذ الأوامر الصادرة بعدلِ ودقةٍ وأمانة لتكون ممن أداء الأمانات إلى أهلها فتكون من المتقين.
أيها المسئول
عن مشاريع الأمة وتنفيذ مصالحها، اتقي الله، أمرك الله بأداء الأمانة، والإخلاص والصدق وعدم الكذب والانحراف، فتقي الله، فيما تؤديه وما تنفذيه من مشاريع الأمة، اقتي الله وصدق في معاملتك وإيَّاك والكذب، وإيَّاك والخيانة وإيَّاك والغش، فإنها مصالح الأمة أوزاره عليك عظيمة فتقي الله وخلص نفسك وأدي ما أوكل إليك من مشروع بإخلاصٍ وصدقٍ وأمانةٍ، لأن الأمة ستنفع بهذه الطرق الطيبة، أما إن كان التنفيذ سيئاً وخيانةً ورشوةً وتساهلاً وتهاون بالمسئولية وخداع للأمة، فإنَّما يصيبُ للأمة من نقصٍ وخللٍ في أي مشروع نفذ فمسئوليته عليك حيا وميتا، فتقي الله في ذاتك تقواً تقيك عذاب الله.
أيَّها المسئولون
عن شركة التصنيع والتوريد، اتقوا الله في أنفسكم، وبما تقدموه للمجتمع من صناعة تصنعونها أو أشياء توردونها، فتقوا الله، فيها وكونوا مع الصادقين، فإن الله حرم عليكم الغش: "ومن غشنا فليس منا"، فمن الغش أن تكون الصناعة رديئة ضعيفة لا تحافظ على المواصفات المعتبرة أو يستورد أمور دنيئة يُسجلها ويكسوها بشعار قوي خداعاً للناس وتضليلاً عليهم، فتقي الله في نفسك، واعلم أن الله سألك عن كل هذا كله، فلنتقي الله، عن الله يقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)، فلا خيار لنا أمام أوامر الله إلا بالتنفيذ، ولا أمام ما نهى الله إلا بالاجتناب، فلا نختار إلا ما اختاره الله لنا، ولا نختار غير ما شرع الله لنا هذا الإيمان الصحيح، ثبتني الله وإيَّاكم على قوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنَّه وليٌ ذلك، والقادر عليه، أقولٌ قولي هذا واستغفروا الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنْ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعد:
فيا أيُّها الناسُ،
اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، واقبلوا أوامر الله ورضوا بها ولتطمأن بها نفوسكم، أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) فأتى الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم وجلسوا على الركب وقالوا: يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والحج وقد جاءت آية لا تطاق لنا بها، فقال: "ما هي؟" قالوا: قول الله (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) فإن حُسبنا على خطرات أنفسنا هلكنا قال: أتريدون أن تقولوا سمعنا وعصينا قولوا: سمعنا وأطعنا، فلما اقتراه القوم ورذلة به ألسنتهم أنزل الله عقبها: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ) الآية، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدث بها أنفسها ما لم يتكلموا به أو يعملوا".
أختي المسلمة، اختي المؤمنة،
إن الله اختار لك الخير والصلاح، اختار لك عزاً وكرامة في الدنيا والآخرة، فأمرك الله بغض بصرك وحفظ فرجك قال تعالى:(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، أمرك الله بالحجاب فقال: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)، وقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)، نهاك نبيك صلى الله عليه وسلم أن تُسافر بلا محرم "فلا يحل لإمر إلا ومعها ذي محرم"، وحرم عليك الخلوة بمن ليس لك محرماً يقول صلى الله عليه وسلم: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" وقال: "إيَّاكم والدخول على النساء" فقال: الحمو، قال: "الحمو الموت"، هكذا حماك نبيك صلى الله عليه وسلم عن الرذال والأخلاق وحفظ كرامتك وعزك.
أيتها المرأة المسلمة،
إن الله أراد لك الخير والصلاح جعلك مسلمةً مؤمنةً قانتةً صادقةً صابرةً خاشعةً متصدقةً صائمةً ذاكرة الله كثيرا، وعدك بالثواب العظيم والحافظين فروجهم والحافظات: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)، أطيعِ الله ورسوله يُبارك لك في عمرك وعملك: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ).
أيتها المسلمة،
أن الله يريد لك الخير ويريد لك اجتناب الضلال واتباع الشهوات والميل مع الشهوات والشبهات.
أيتها المرأة المسلمة،
إن الله أمرك بطاعته وطاعة رسوله، وعدك الخير، والثواب العظيم، وأمرك الإقرار في بيتك وتربية الأولاد وناك عن تبرج الجاهلية الأولى، نهاك عن السفور والتبرج والتعري للرجال وحذرك من هذه المصائب، ونبيك صلى الله عليه وسلم يقول: "اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت بالنساء".
أيتها المرأة المسلمة،
يدعوك إسلامك إلى الاستقامة على دين الله، والمحافظة على القيم والفضائل والمكارم، فهل كذا أولى بك؟ أم طاعة من يريدون تحررك من القيم والفضائل وإبعادك عن كل الأخلاق والمكارم، من يريد الزج بك في كل هاوية لا تحمدين عقباها تحت مضللة الطمع المادي فقط، فتقي الله في نفسك، ولزمِ شرع الله ففيه العزة والكرامة لك في الدنيا والآخرة، احذري طاعة من يريد أن يعرضك لذائب البشر، وضعفاء النفوس، وعباد الشهوات، اتقي الله تقواً يحفظك الله عن الحرام تكوني مسلمة مؤمنة تربين أجيال صالحة يخدم المجتمع بعزٍ وكرامة وتمسك بالقيم والفضائل، فتقي الله في نفسك تقواً تحمين به نفسك عن محارم الله، غضي البصر واحفظي الفرج، وابتعدي عن كل المغريات التي تغري بها البصائر وضعفاء الإيمان.
أسأل الله أن يحفظ الجميع بالإسلام وأنَّ يثبتنا وإيَّاكم على قوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنَّه على كل شيء قدير، واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ.
وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على سيدنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل اللَّهمَّ هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلح ولاة أمرنا، وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللَّهمّ أمده بالصحة والسلامة والعافية، وكُنَّ له عوناً ونصيراً في كل ما همه وجعله بركةً على أمته وعلى مجتمع المسلمين إنَّك على كل شيء قدير، اللهمَّ وفق ولي عهده نايف بن عبد العزيز لكل خير وسدده في أقواله وأعماله، وأعنَّه على مسئوليته إنَّك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
اللَّهمّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللّهمَّ سقيا رحمة لا سقيا بلاء، ولا هدم، ولا غرق، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ( مفتي المملكة )

تعبت أسافر 10-03-2016 05:48 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
محبة الله عز وجل والعوامل الجالبة لها
خطبة جمعة بتاريخ / 8-5-1428 هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد معاشر المؤمنين عباد الله :
اتقوا الله ؛ فإن من اتقى الله وقاه ، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه .
عباد الله :
اعلموا - رعاكم الله - أن أجلّ مقامات العابدين وأعظم منازل السائرين : محبةُ رب العالمين وخالق الخلق أجمعين . محبة الله الذي لا إله إلا هو ، محبة الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، محبة الخالق البارئ المصور ، محبة ذي الجلال والإكرام ، محبة الرب العظيم سبحانه الذي له الأسماء الحسنى والصفات العليا ، فإن هذه المحبة - عباد الله - روح الدين وغذاء الأرواح ، وأساس السعادة وقوام الأعمال وقوام الدين .
هذه المحبة - عبادَ الله –
هي الحياة التي من حُرمها كان من جملة الأموات ، والنورُ الذي من فقَده غرِق في بحار الظلمات ، والشفاءُ الذي من عُدمه توالت على قلبه أنواع الأسقام ، واللذةُ التي من حُرمها توالت عليه الهموم والآلام .
محبةُ الله - عباد الله –
هي أساس السعادة ، وسبيل الفلاح في الدنيا والآخرة . محبة الله تبارك وتعالى هي الجالبة للأعمال ، المحقِّقةُ للكمال ، البالغةُ بالعبد إلى خير المقامات وعالي المنازل . محبة الله جل وعلا شأنها عظيم وأمرها جليل ومكانتها في دين الله رفيعة ، وكان من دعاء نبينا - عليه الصلاة والسلام - كما في سنن الترمذي وغيره ((أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ )) ، وجاء عنه - عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ ، قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ )) ، وهذا هو معنى قول الله سبحانه ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم:٩٦].
وثمار المحبّة وآثارها وفوائدها وعوائدها على المحبِّين في الدنيا والآخرة لا حصر لها ولا عد ، ويكفي المحبَّ أن الله تبارك وتعالى معه مؤيّداً وحافظا ، ومسدِّداً وموفِّقا كما سيأتي دليل ذلك في كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
معاشر المؤمنين وفي خضم توالي الفتن وكثرة الصوارف وتنوّع الملهيات والصوادّ التي بُليَ بها الناس - في خضم ذلك كلّه - تضعف محبة الله في القلوب ويضعف تبعاً لذلك آثارُها وثمارُها وموجباتها ، وهذا مقامٌ - عبادَ الله- يتطلب من العبد عودةً صادقةً بنفسه إلى الله ؛ باحثاً عن سبيل نيل محبة الله تبارك وتعالى ، متطلباً الأمور الجالبة إلى قلبه محبةَ الله ، ليعود إلى قلبه صفاؤُه ونقاؤه ، وبهاؤه وضياؤه ، وذلك بعمارته بمحبة الله جل وعلا.
عباد الله :
وهذه وقفة أُذّكِر فيها بجملة من الأمور العظام التي تجلب إلى القلوب محبّة ذي الجلال والإكرام :
فأول ذلك عباد الله : عنايةٌ صادقة بكتاب الله تدبراً وتأملا ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[ص:٢٩] ، ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء:٨٢]وعندما تقرأ القرآن لا يكن همك ختم السورة وليكن همك عقلُ الخطاب وفهمُ المراد ، فهذا - أيها المؤمن - من أعظم الأمور الجالبة لمحبّة الله جل وعلا ؛ أن تتأمل في كلامه العظيم وذكره الحكيم الذي ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ [فصلت:٤٢]
ومن الأمور الجالبة للمحبة - عباد الله –
العناية بالنوافل بعد الفرائض ؛ فهذا أمرٌ عظيم يجلب للقلوب المحبة ويغذي القلوب بها ، وتأمّلوا شاهد ذلك ودليله فيما جاء في صحيح البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلمفيما يرويه عن ربه أنه قال : ((مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ؛ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ )) ، والمعنى أن الله سبحانه يؤيده ويسدده في سمعه وبصره وفي قدمه ويده وفي جميع أحواله .
ومن الأمور الجالبة للمحبة - عباد الله - : إيثار محابِّ الله على محابِّ نفسك ، وتقديمها على ما تحب مهما كانت رغبة النفس ومهما كان طلبها ، وقد جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ )) .
ومن الأمور الجالبة للمحبة - عباد الله - :
معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ؛ فإن العبد كلما كان أعظم معرفة بالله كان لله أحب ولعبادته أطلب وعن معصيته أبعد ، وشاهِدُ ذلك في قول الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر:٢٨] .
ومن الأمور الجالبة للمحبة - عباد الله - :
تذكُر نعم الله وآلائه وإحسانه وبِرّه ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾[النحل:٥٣] فإذا تذكرتَ نعم الله عليك ومننه المتوالية وعطاياه المتتابعة تحركت في قلبك المحبة وزاد شأنها وارتفع مقامها . تأمل مَن الذي خلق لك هذا الجسم الجميل !! ومَن الذي شقّ لك سمعك وبصرك !! ومَن الذي منّ عليك بيديك وقدميك !! ومَن الذي منّ عليك بمطعمك ومشربك وصحتك وعافيتك !! مَن الذي منَّ عليك بالمسكن والأولاد !! والأمن والأمان !! إلى غير ذلك من النعم والعطايا ، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام - كما ثبت في الصحيح – إذا أوى إلى فراشه كل ليلة تذكر نعم الله جل وعلا وقال مثنياً وحامدا ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا ، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ ))
ومن الأمور الجالبة للمحبة - عباد الله - :
مجالسة أهل الصلاح والتقى والإيمان والاستقامة ، والاستفادة من أطايب أقوالهم ومحاسن أعمالهم وجميل أخلاقهم وآدابهم و ((الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ )) كما ثبت ذلك عن نبينا صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود وغيره .
ومن الأمور الجالبة للمحبة - عباد الله - :
أن يبتعد المرء عن الأمور التي تحُول بين القلب وبين ربه ومولاه ، وما أكثرها في هذا الزمان ؛ كم هي الأمور الصارفة والأمور الصادة والأمور المبعدة للقلوب عن محبة الله !! ولنتأمل ذلك في تلك القنوات التي بُلي بها الناس في هذا الزمان ، والشبكات العنكبوتية التي عمَّت وطمَّت ، والمجلات الهابطة وغير ذلك من الوسائل والملهيات التي شغَلت القلوب وأمرَضت النفوس وأضعَفت الإيمان وحالت بين القلوب وبين محبة الرحمن ، فمن كان يريد لقلبه محبّةً صافية ومحبةً صادقة فليقطع كل طريق يحول بينه وبين المحبّة، ولا يكون حاله كحال من قال:
ألقاه في اليمِّ مكتوفاً وقال له إياكَ إياك أن تبتل بالماءِ
فهذا أمرٌ لا سبيل إلى نيله والحالة هذه إلا من عاد صادقاً إلى ربه طالبا رضاه وطالباً محبته سبحانه فبذلك تُنال وهذا هو سبيلها. ونسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرزقنا حبه . اللهم إنا نسألك حبك وحب كل من يحبك وكل عملٍ يقربنا إلى حبك يا ذا الجلال والإكرام . اللهم اجعل حبك في قلوبنا أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وملذاتنا وأحب إلينا من الماء البارد في شدة الظمأ والعطش ، إنك سميع الدعاء وأنت أهل الرجاء وأنت حسبنا ونعم الوكيل .
الخطبة الثانية :
الحمد لله عظيم الإحسان ، واسع الفضل والجود والامتنان , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد :
عباد الله : روى الإمام البخاري في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ ؟ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا - تأملوا جوابه رعاكم الله - فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ )) ، وفي رواية ((حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ )) .
فانظر - أيها المؤمن - قراءة القرآن ومعرفة أسماء الرحمن وصفاته العليا والعناية بها تأملاً وتدبرا من أعظم الأمور الجالبة لمحبة للرحمن والموجبة لدخول الجنان والنجاة من النيران رزقنا الله جميعا ذلك إنه تبارك وتعالى سميع مجيب.
وصلوا وسلموا رعاكم الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب:٥٦] ، وليس في عباد الله عبدٌ أعظم في تحقيق محبة الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهو إمام المحبين ، وقدوة الموحدين ، وسيد ولد آدم أجمعين .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد , وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين ؛ أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وأبي الحسنين علي , وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واحم حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمنّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا . اللهم ولِّ علينا خيارنا يا ذا الجلال والإكرام . اللهم وفق ولي أمرنا لهداك ، واجعل عمله في رضاك ، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا ذا الجلال والإكرام . اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة ورأفة على عبادك المؤمنين .
اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها . اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى . اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور . اللهم وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأزواجنا وذرياتنا وأموالنا وأوقاتنا ، واجعلنا مباركين أينما كنا .
اللهم إنا نسألك حبك ، وحب من يحبك ، وحبَّ كل عمل يقربنا إلى حبك . اللهم إنا نسألك رضوانك والجنة ، اللهم إنا نسألك رضوانك والجنة ، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، وشكر نعمتك وحسن عبادتك ، وقلبا سليما ولسانا صادقا . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
عباد الله : اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم )وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ( .
الشيخ عبدالرزاق البدر

تعبت أسافر 10-03-2016 05:49 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
توضيح معنى الشرك بالله
ما هو الشرك وما تفسير قوله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ )؟
الجواب :
الشرك على اسمه هو :
تشريك غير الله مع الله في العبادة كأن يدعو الأصنام أو غيرها ، يستغيث بها أو ينذر لها أو يصلي لها أو يصوم لها أو يذبح لها ، ومثل أن يذبح للبدوي أو للعيدروس أو يصلي لفلان أو يطلب المدد من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من عبد القادر أو من العيدروس في اليمن أو غيرهم من الأموات والغائبين فهذا كله يسمى شركا ، وهكذا إذا دعا الكواكب أو الجن أو استغاث بهم أو طلبهم المدد أو ما أشبه ذلك ، فإذا فعل شيئا من هذه العبادات مع الجمادات أو مع الأموات أو الغائبين صار هذا شركا بالله عز وجل ، قال الله جل وعلا :
( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )[1] وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [2]ومن الشرك أن يعبد غير الله عبادة كاملة ، فإنه يسمى شركا ويسمى كفرا ، فمن أعرض عن الله بالكلية وجعل عبادته لغير الله كالأشجار أو الأحجار أو الأصنام أو الجن أو بعض الأموات من الذين يسمونهم بالأولياء يعبدهم أو يصلي لهم أو يصوم لهم وينسى الله بالكلية فهذا أعظم كفرا وأشد شركا ، نسأل الله العافية ، وهكذا من ينكر وجود الله ، ويقول ليس هناك إله والحياة مادة كالشيوعيين والملاحدة المنكرين لوجود الله هؤلاء أكفر الناس وأضلهم وأعظمهم شركا وضلالا نسأل الله العافية ، والمقصود أن أهل هذه الاعتقادات وأشباهها كلها تسمى شركا وتسمى كفرا بالله عز وجل ، وقد يغلط بعض الناس لجهله فيسمى دعوة الأموات والاستغاثة بهم وسيلة ، ويظنها جائزة وهذا غلط عظيم . لأن هذا العمل من أعظم الشرك بالله ، وإن سماه بعض الجهلة أو المشركين وسيلة ، وهو دين المشركين الذي ذمهم الله عليه وعابهم به ، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لإنكاره والتحذير منه ، وأما الوسيلة المذكورة في قول الله عز وجل :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) [3].
فالمراد بها التقرب إليه سبحانه بطاعته ، وهذا هو معناها عند أهل العلم جميعا ، فالصلاة قربة إلى الله فهي وسيلة ، والذبح لله وسيلة كالأضاحي والهدي ، والصوم وسيلة ، والصدقات وسيلة ، وذكر الله وقراءة القرآن وسيلة ، وهذا هو معنى قوله جل وعلا : ( اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ )
[4]
يعني ابتغوا القربة إليه بطاعته ، هكذا قال ابن كثير وابن جرير والبغوي وغيرهم من أئمة التفسير ، والمعنى التمسوا القربة إليه بطاعته واطلبوها أينما كنتم مما شرع الله لكم ، من صلاة وصوم وصدقات وغير ذلك ، وهكذا قوله في الآية الأخرى :
( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) [5] هكذا الرسل واتباعهم يتقربون إلى الله بالوسائل التي شرعها من جهاد وصوم وصلاة وذكر وقراءة قرآن إلى غير ذلك من وجوه الوسيلة ، أما ظن بعض الناس أن الوسيلة هي التعلق بالأموات والاستغاثة بالأولياءفهذا ظن باطل ، وهذا اعتقاد المشركين الذين قال الله فيهم : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) [6] فرد عليهم سبحانه بقوله : ( قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [7].
[1] سورة الأنعام الآية 88.
[2] سورة الزمر الآية 65.
[3] سورة المائدة الآية 35.
[4] سورة المائدة الآية 35.
[5] سورة الإسراء الآية 57.
[6] سورة يونس الآية 18.
[7]سورة يونس الآية 18.

تعبت أسافر 10-03-2016 05:49 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
ما هو الشرك الخفي؟ وما الفرق بينه وبين الشرك الأصغر؟ وكيف يمكن أن يتخلص منه المسلم؟
السؤال:
يقول في سؤال الأول: ما هو الشرك الخفي؟ وما الفرق بينه وبين الشرك الأصغر؟ وكيف يمكن أن يتخلص منه المسلم؟
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. الشرك: شرك أكبر وشرك أصغر وشرك خفي. أما الشرك الأكبر:
فمثل أن يصرف الإنسان شيئاً من العبادة لغير الله عز وجل، ومن العبادة الدعاء فإذا دعا الإنسان غير الله كما لو دعا نبياً أو ولياً أو ملكاً من الملائكة أو دعا الشمس أو القمر لجلب نفع أو دفع ضرر كان مشركاً بالله شركاً أكبر، وكذلك لو سجد لصنم أو للشمس أو للقمر أو لصاحب القبر أو ما أشبه ذلك، فإن ذلك شرك أكبر مخرج عن الملة والعياذ بالله:﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾، وهذا في الأعمال الظاهرة، وكذلك لو اعتقد بقلبه أن أحداً يشارك الله تعالى في خلقه أو يكون قادراً على ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل فإنه يكون مشركاً شركاً أكبر.
أما الشرك الأصغر:
فإنه ما دون الشرك الأكبر، مثل:
أن يحلف بغير الله غير معتقد أن المحلوف به يستحق من العظمة ما يستحقه الله عز وجل، فيحلف بغير الله تعالى تعظيماً له، أي للمحلوف به ولكنه يعتقد أنه دون الله عز وجل في التعظيم، فهذا يكون شركاً أصغر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك »، وهو محرم سواء حلف بالنبي أو بجبريل أو بغيرهما من الخلق، ويكون به مشركاً شركاً أصغر.
وأما الشرك الخفي:
فهو ما يتعلق بالقلب من حيث لا يطلع عليه إلا الله، وهو إما أن يكون أكبر، وإما أن يكون أصغر، فإذا أشرك في قلبه مع الله أحداً يعتقد أنه مساوٍ لله تعالى في الحقوق وفي الأفعال كان مشركاً شركاً أكبر وإن كان لا يظهر للناس شركه، فهو شرك خفي عن الناس لكنه أكبر فيما بينه وبين الله عز وجل، وإذا كان في قلبه رياء في عبادة يتعبد بها لله فإنه يكون مشركاً شركاً خفياً لخفائه عن الناس لكنه أصغر؛ لأن الرياء لا يخرج به الإنسان من الإسلام. نعم.
السؤال: يقول: كيف يمكن أن يتخلص منه المسلم؟
الشيخ: التخلص من الشرك الأصغر أو الأكبر بالرجوع إلي الله عز وجل، والتزام أوامره فعل،اً والتزام اجتناب نواهيه، وبهذه الاستقامة يعفيه الله تعالى من الشرك. نعم.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين

تعبت أسافر 10-03-2016 05:49 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
حكم الحلف بغير الله نوع من أنواع الشرك
السؤال:
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا المستمع صلاح من العراق يقول: إن كثيراً من الناس عندنا في مجتمعنا يحلفون بغير الله علماً بأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد أشرك؛ لذا أرجو أن تنصحوا هؤلاء الناس بارك الله فيكم؟
الجواب:

الشيخ: نعم الحلف بغير الله معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونوع من الشرك، قال النبي صلي الله عليه وسلم: «لا تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك»، فالواجب الحذر من ذلك، وأن يحلف الإنسان بالله إذا أراد أن يحلف، على أنه لا ينبغي للإنسان أن يكثر من الأيمان من الحلف؛ لقول الله تعالى: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ فإن من أحد معانيها ألا تكثروا الحلف بالله عزَّ وجلَّ، ولكن ما يجيء على اللسان بلا قصد لا يؤاخذ عليه الإنسان لقول الله تعالى: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ وقوله في آية أخرى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُم﴾ واعلم أن مَن حلف بغير الله أن يتوب إلى الله ويستغفره وألا يعود إلى مثل ما جرى منه.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين

تعبت أسافر 10-03-2016 05:49 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
القول على الله بغير علم.
السؤال:
لمَاذا يجرأ بعض النَاس على إصدار تلك الأَحْكام والفتوى؟
الجواب:ـ
لعَدم الخَوف من الله وعدم الوْرَع وهو مَسؤول عن الفتوى هذا من القَول على الله بِغير علم والله –جل وعلا-جعل القول عليه بغير علم فوق الشرك (تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33)
(وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النحل:116-117)
فالوَعيد في هذا شَديد والعياذ بالله لأنه قَول على الله بغير علم .
الشيخ صالح الفوزان

تعبت أسافر 10-03-2016 05:50 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على عبده ورسوله وخليله، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا ريب أن سلامة العقيدة أهم الأمور، وأعظم الفرائض، ولهذا رأيت أن يكون عنوان هذه الكلمة: "القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها".
العقيدة:
هي ما يعتقده الإنسان ويدين به من خير وشر، من فساد وصلاح.
والمطلوب:
هو التمسك بالعقيدة الصحيحة، وما يجب على العبد في ذلك؛ لأن في هذا العالم عقائد كثيرة، كلها فاسدة إلا العقيدة التي جاء بها كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي العقيدة الإسلامية الصافية النقية من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، هذه هي العقيدة التي جاء بها كتاب الله، ودلت عليها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الإسلام.
قال الله تعالى( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ )[1]، وقال عز وجل( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا)[2].
فالإسلام هو دين الله لا يقبل من أحد سواه، قال الله عز وجل( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[3]، وهو دين الأنبياء كلهم.
فهو دين آدم أبينا عليه الصلاة والسلام، وهو دين الأنبياء بعده نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وداود، وسليمان، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، ودين غيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو دين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الذي بعثه الله به للناس عامة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد))[4]، وفي لفظ: ((أولاد علّات)) والمعنى: أن دين الأنبياء واحد وهو توحيد الله، والإيمان بأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق للعبادة دون كل ما سواه، والإيمان بالآخرة والبعث والنشور، والجنة والنار والميزان، وغير هذا من أمور الآخرة، أما الشرائع فهي مختلفة، وهذا معنى "أولاد علّات" أولاد لضرّات، كنى بهذا عن الشرائع، كما قال سبحانه:
(لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا )[5]. إخوة الأب: أبوهم واحد وأمهاتهم متفرقات، هكذا الأنبياء دينهم واحد وهو توحيد الله والإخلاص له.
وهو معنى "لا إله إلا الله"، وهو إفراد الله بالعبادة، والإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وما يتفرع بعد ذلك من البعث والنشور، والجنة والنار، والميزان والحساب والصراط، وغير هذا.
هكذا الأنبياء دينهم واحد، كلهم جاءوا بهذا الأمر - عليهم الصلاة والسلام - ولكن الشرائع تفرقت، بمثابة الأولاد لأمهات العلات، فشريعة التوراة فيها ما ليس في شريعة الإنجيل، وفي الشرائع التي قبلها أشياء ليست فيها، وفي شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أشياء غير ما في التوراة والإنجيل، فقد يسر الله على هذه الأمة وخفف عنها الكثير، كما قال جل وعلا: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)[6]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((بعثت بالحنيفية السمحة))، فالله بعثه بشريعة سمحة ليس فيها آصار، وليس فيها أغلال، وليس فيها حرج، كما قال سبحانه( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[7]، كان أتباع الشرائع الماضية قبل شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا يتيممون عند فقد الماء، بل يؤخرون الصلوات ويجمعونها حتى يجدوا الماء، ثم يتوضئون ويصلون، وجاء في هذه الشريعة المحمدية التيمم، فمن عدم الماء أو عجز عنه تيمم بالتراب وصلى، وجاء في ذلك أنواع كثيرة من التيسير والتسهيل.
وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة، إلى الجن والإنس، والعرب والعجم، وجعله الله خاتم الأنبياء. وكان من قبلنا لا يصلون إلا في بيعهم ومساجدهم ومحلات صلاتهم، أما في هذه الشريعة المحمدية فإنك تصلي حيث كنت، في أي أرض الله حضرت الصلاة صليت، في أي أرض الله من الصحاري والقفار، كما قال عليه الصلاة والسلام:
((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً))[8].
فالشريعة الإسلامية التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم شريعة واسعة ميسرة ليس فيها حرج ولا أغلال، ومن ذلك المريض لا يلزمه الصوم، بل له أن يفطر ويقضي، والمسافر يقصر الصلاة الرباعية، ويفطر في رمضان، ويقضي الصوم، كما قال الله عز وجل: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)[9]، والمصلي إن عجز عن القيام صلى قاعداً، وإن عجز عن القعود صلى على جنبه، وإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقياً، كما صحت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا لم يجد من الأكل ما يسد رمقه من الحلال جاز له أن يأكل من الميتة ونحوها ما يسد رمقه حتى لا يموت.
فالعقيدة الإسلامية هي توحيد الله والإخلاص له سبحانه، والإيمان به، وبرسله، وبكتبه، وبملائكته، وباليوم الآخر من البعث والنشور، ومن الجنة والنار وغير ذلك من أمور الآخرة، والإيمان بالقدر خيره وشره، وأنه سبحانه قدر الأشياء، وعلمها وأحاط بها، وكتبها عنده سبحانه وتعالى. ومن أركان الإسلام الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج. ومن واجباته وفرائضه الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، إلى غير ذلك.
فالإسلام: هو الاستسلام لله، والانقياد له سبحانه بتوحيده، والإخلاص له والتمسك بطاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولهذا سمي إسلاماً؛ لأن المسلم يسلم أمره لله، ويوحده سبحانه، ويعبده وحده دون ما سواه، وينقاد لأوامره ويدع نواهيه، ويقف عند حدوده، هكذا الإسلام.
وله أركان خمسة وهي:
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.
والشهادتان معناهما:
توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأن محمداً رسوله عليه الصلاة والسلام إلى جميع الثقلين الجن والإنس، وهاتان الشهادتان هما أصل الدين، وهما أساس الملة، فلا معبود بحق إلا الله وحده، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، كما قال عز وجل:
( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ)[10].
وأما شهادة أن محمداً رسول الله :
فمعناها أن تشهد عن يقين وعلم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي المكي ثم المدني هو رسول الله حقاً، وهو أشرف عباد الله، وقرابته وأسرته هم أفضل العرب على الإطلاق، فهو خيار من خيار من خيار عليه الصلاة والسلام، وهو أشرف الخلق وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه.
فعليك أن تؤمن بأن الله بعثه للناس عامة إلى الجن والإنس، إلى الذكور والإناث، إلى العرب والعجم، إلى الأغنياء والفقراء، إلى الحاضرة والبادية، هو رسول الله إلى الجميع، من اتبعه فله الجنة، ومن خالف أمره فله النار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) خرجه البخاري في صحيحه[11].
فهذه العقيدة الإسلامية العظيمة مضمونهاتوحيد الله، والإخلاص له، والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسوله حقاً، والإيمان بجميع المرسلين، مع الإيمان بوجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج، والإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، هذه هي العقيدة الإسلامية المحمدية، وقد وقع من بعض الناس قوادح فيها، ونواقض تنقضها يجب أن نبينها في هذه الكلمة.
والقوادح قسمان:
قسم ينقض هذه العقيدة ويبطلها، فيكون صاحبه كافراً نعوذ بالله. وقسم ينقص هذه العقيدة ويضعفها.
فالأول:
يسمى ناقضاً، وهو الذي يبطلها ويفسدها، ويكون صاحبه كافراً مرتداً عن الإسلام، وهذا النوع هو القوادح المكفرة، وهي نواقض الإسلام، وهي الموجبة للردة، هذه تسمى نواقض.
والناقض يكون قولاً، ويكون عملاً، ويكون اعتقاداً، ويكون شكاً، فقد يرتد الإنسان بقول يقوله أو بعمل يعمله، أو باعتقاد يعتقده، أو بشك يطرأ عليه، هذه الأمور الأربعة كلها يأتي منها الناقض الذي يقدح في العقيدة ويبطلها، وقد ذكرها أهل العلم في كتبهم وسموا بابها: "باب حكم المرتد".
فكل مذهب من مذاهب العلماء، وكل فقيه من الفقهاء ألف كتباً في الغالب عندما يذكر الحدود يذكر "باب حكم المرتد"، وهو الذي يكفر بعد الإسلام، ويسمى هذا مرتداً، يعني أنه رجع عن دين الله وارتد عنه، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) خرجه البخاري في الصحيح[12].
وفي الصحيحين[13]: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى الأشعري إلى اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل رضي الله عنهما فلما قدم عليه قال: أنزل وألقي له وسادة، وإذا رجل عنده موثق قال: ما هذا؟ قال: هذا كان يهودياً فأسلم، ثم راجع دينه - دين السوء - فتهود، فقال معاذ: لا أنزل حتى يقتل قضاء الله ورسوله، فقال: انزل، قال: لا أنزل حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات، فأمر به أبو موسى رضي الله عنه فقتل))، فدل ذلك على أن المرتد عن الإسلام يقتل إذا لم يتب، يستتاب فإن تاب ورجع فالحمد لله، وإن لم يرجع وأصر على كفره وضلاله يقتل، ويعجل به إلى النار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه))[14].
فالنواقض التي تنقض الإسلام كثيرة منها:
الردة بالقول:
مثل سب الله، هذا قول ينقض الدين، وهكذا سب الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني اللعن والسب لله ولرسوله، أو للعيب والتنقص، مثل أن يقول: إن الله ظالم، إن الله بخيل، إن الله فقير، إن الله جل وعلا لا يعلم بعض الأمور، أو لا يقدر على بعض الأمور، كل هذه الأقوال وأشباهها سب وردة عن الإسلام.
فمن انتقص الله أو سبه أو عابه بشيء فهو كافر مرتد عن الإسلام - نعوذ بالله من ذلك - وهذه ردة قولية، إذا سب الله أو استهزأ به أو تنقصه أو وصفه بأمر لا يليق، كما تقول اليهود إن الله بخيل، إن الله فقير ونحن أغنياء، وهكذا لو قال إن الله لا يعلم بعض الأمور، أو لا يقدر على بعض الأمور، أو نفى صفات الله ولم يؤمن بها، فهذا يكون مرتداً بأقواله السيئة.
أو قال مثلاً: إن الله لم يوجب علينا الصلاة فهذه ردة عن الإسلام، فمن قال: إن الله لم يوجب الصلاة فقد ارتد عن الإسلام بإجماع المسلمين، إلا إذا كان جاهلاً بعيداً عن المسلمين لا يعرف فيعلم، فإن أصر كفر، وأما إذا كان بين المسلمين، ويعرف أمور الدين، ثم قال: ليست الصلاة بواجبة فهذه ردة، يستتاب منها فإن تاب وإلا قتل.
أو قال: الزكاة غير واجبة على الناس، أو قال: صوم رمضان غير واجب على الناس، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب على الناس، من قال هذه المقالات كفر إجماعاً، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل نعوذ بالله من ذلك، وهذه الأمور ردة قولية.
ومنها الردة بالفعل:
والردة الفعلية مثل ترك الصلاة، فكونه لا يصلي وإن قال: إنها واجبة، لكن لا يصلي هذه ردة على الأصح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) رواه الإمام أحمد، والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح[15]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) أخرجه مسلم في صحيحه[16].
وقال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي المتفق على جلالة قدره رحمه الله: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) رواه الترمذي[17] وإسناده صحيح. وهذه ردة فعلية، وهي ترك الصلاة عمداً.
ومن ذلك لو استهان بالمصحف الشريف وقعد عليه مستهيناً به، أو لطخه بالنجاسة عمداً، أو وطأه بقدمه يستهين به، فإنه يرتد بذلك عن الإسلام.
ومن الردة الفعلية كونه يطوف بالقبور يتقرب لأهلها بذلك، أو يصلي لهم أو للجن، وهذه ردة فعلية، أما دعاؤه لهم والاستعانة بهم والنذر لهم فردة قولية.
أما من طاف بالقبور يقصد بذلك عبادة الله، فهو بدعة قادحة في الدين، ووسيلة من وسائل الشرك، ولا يكون ردة، إنما يكون بدعة قادحة في الدين إذا لم يقصد التقرب إليهم بذلك، وإنما فعل ذلك تقرباً إلى الله سبحانه جهلاً منه.
ومن الكفر الفعلي كونه يذبح لغير الله، ويتقرب لغيره سبحانه بالذبائح، يذبح البعير أو الشاة أو الدجاجة أو البقرة لأصحاب القبور تقرباً إليهم يعبدهم بها، أو للجن يعبدهم بها، أو للكواكب يتقرب إليها بذلك، وهذا مما أهل به لغير الله، فيكون ميتة، ويكون كفراً أكبر، نسأل الله العافية من ذلك، هذه كلها من أنواع الردة والنواقض عن الإسلام الفعلية.
ومنها: الردة بالاعتقاد:
ومن أنواع الردة العقدية التي يعتقدها بقلبه وإن لم يتكلم بها ولم يفعل، بل بقلبه يعتقد، إذا اعتقد بقلبه أن الله جل وعلا فقير، أو أنه بخيل، أو أنه ظالم، ولو أنه ما تكلم، ولو لم يفعل شيئاً، هذا كفر بمجرد هذه العقيدة بإجماع المسلمين. أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد بعث ولا نشور، وأن كل ما جاء في هذا ليس له حقيقة، أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد جنة أو نار، ولا حياة أخرى، إذا اعتقد ذلك بقلبه ولو لم يتكلم بشيء، هذا كفر وردة عن الإسلام نعوذ بالله من ذلك وتكون أعماله باطلة، ويكون مصيره إلى النار بسبب هذه العقيدة.
وهكذا لو اعتقد بقلبه ولو لم يتكلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس بصادق، أو أنه ليس بخاتم الأنبياء وأن بعده أنبياء، أو اعتقد أن مسيلمة الكذاب نبي صادق، فإنه يكون كافراً بهذه العقيدة.
أو اعتقد بقلبه أن نوحاً أو موسى أو عيسى أو غيرهم من الأنبياء عليهم السلام أنهم كاذبون أو أحداً منهم هذا ردة عن الإسلام، أو اعتقد أنه لا بأس أن يدعي مع الله غيره كالأنبياء أو غيرهم من الناس، أو الشمس والكواكب أو غيرها، إذا اعتقد بقلبه ذلك صار مرتداً عن الإسلام؛ لأن الله تعالى يقول: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ )[18]، وقال سبحانه( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)[19]، وقال( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[20]، وقال: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ)[21]، وقال( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[22]، وقال سبحانه( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[23]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فمن زعم أو اعتقد أنه يجوز أن يعبد مع الله غيره من ملك، أو نبي، أو شجر، أو جن، أو غير ذلك فهو كافر، وإذا نطق وقال بلسانه ذلك صار كافراً بالقول والعقيدة جميعاً، وإن فعل ذلك ودعا غير الله واستغاث بغير الله صار كافراً بالقول والعمل والعقيدة جميعاً، نسأل الله العافية من ذلك.
ومما يدخل في هذا ما يفعله عباد القبور اليوم في كثير من الأمصار من دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، وطلب المدد منهم، فيقول بعضهم: يا سيدي المدد المدد، يا سيدي الغوث الغوث، أنا بجوارك اشف مريضي، ورد غائبي، وأصلح قلبي، يخاطبون الأموات الذين يسمونهم الأولياء، ويسألونهم هذا السؤال، نسوا الله وأشركوا معه غيره - تعالى الله عن ذلك - فهذا كفر قولي وعقدي وفعلي.
وبعضهم ينادي من مكان بعيد وفي أمصار متباعدة يا رسول الله انصرني ونحو هذا، وبعضهم يقول عند قبره: يا رسول الله اشف مريضي، يا رسول الله: المدد المدد، انصرنا على أعدائنا، أنت تعلم ما نحن فيه، انصرنا على أعدائنا. والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، إذ لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه، هذا من الشرك القولي والعملي، وإذا اعتقد مع ذلك أن هذا جائز وأنه لا بأس به صار شركاً قولياً وفعلياً وعقدياً نسأل الله العافية من ذلك. وهذا واقع في دول وبلدان كثيرة، وكان واقعاً في هذه البلاد، كان واقعاً في الرياض والدرعية قبل قيام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فقد كانت لهم آلهة في الرياض والدرعية وغيرهما، أشجار تعبد من دون الله، وأناس يقال: إنهم من الأولياء يعبدونهم مع الله، وقبور تعبد مع الله.
وكان قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنه موجوداً في الجبيلة حيث قتل في حروب الردة أيام مسيلمة، كان قبره يعبد من دون الله حتى هدم ذلك القبر ونسي اليوم والحمد لله بأسباب دعوة الشيخ محمد قدس الله روحه وجزاه عنا وعن المسلمين أفضل الجزاء.
وقد كان في نجد والحجاز من الشرك العظيم والاعتقادات الباطلة، ودعوة غير الله ما لا يعد ولا يحصى، فلما جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، أي قبل ما يزيد عن مائتي سنة، دعا إلى الله، وأرشد الناس، فعاداه كثير من العلماء الجهلة وأهل الهوى، لكن الله أيده بعلماء الحق، وبآل سعود - رحم الله الجميع - فدعا إلى الله، وأرشد الناس إلى توحيد الله، وبين لهم أن عبادة الجن والأحجار والأولياء والصالحين وغيرهم شرك من عمل الجاهلية، وأنها أعمال أبي جهل وأمثاله من كفار قريش في عبادتهم اللات والعزى، ومناة، وعبادة القبور، هذه هي أعمالهم، فبين رحمه الله للناس، وهدى الله على يديه من هدى، ثم عمت الدعوة بلاد نجد والحجاز وبقية الجزيرة العربية، وانتشر فيها التوحيد والإيمان، وترك الناس الشرك بالله وعبادة القبور والأولياء بعد أن كانوا يعبدونها إلا من رحم الله، بل كان بعضهم يعبد أناساً مجانين لا عقول لهم ويسمونهم أولياء، وهذا من عظيم جهلهم الذي كانوا واقعين فيه.

تعبت أسافر 10-03-2016 05:50 PM

رد: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
 
تابع القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها
ومنها الردة بالشك:
عرضنا للردة التي تكون بالقول، والردة بالعمل، والردة بالعقيدة، أما الردة بالشك فمثل الذي يقول: أنا لا أدري هل الله حق أم لا؟ أنا شاك، هذا كافر كفر شك، أو قال: أنا لا أعلم هل البعث حق أم لا؟ أو قال: أنا لا أدري هل الجنة والنار حق أم لا؟ أنا لا أدري، أنا شاك.
فمثل هذا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافراً لشكه فيما هو معلوم من الدين بالضرورة وبالنص والإجماع.
فالذي يشك في دينه ويقول: أنا لا أدري هل الله حق؟ أو هل الرسول حق؟ وهل هو صادق أم كاذب؟ أو قال: لا أدري هل هو خاتم النبيين؟ أو قال: لا أدري مسيلمة كاذب أم لا؟ أو قال: ما أدري هل الأسود العنسي - الذي ادعى النبوة في اليمن - كاذب أم لا؟ هذه الشكوك كلها ردة عن الإسلام، يستتاب صاحبها ويبين له الحق، فإن تاب وإلا قتل. ومثل لو قال: أشك في الصلاة هل هي واجبة أم لا؟ أو الزكاة هل هي واجبة أم لا؟ وصيام رمضان هل هو واجب أم لا؟ أو شك في الحج مع الاستطاعة هل هو واجب في العمر مرة أم لا؟ فهذه الشكوك كلها كفر أكبر يستتاب صاحبها، فإن تاب وآمن وإلا قتل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) رواه البخاري في الصحيح[24].
فلا بد من الإيمان بأن هذه الأمور - أعني الصلاة والزكاة والصيام والحج - كلها حق وواجب على المسلمين بشروطها الشرعية، هذا الذي تقدم هو القسم الأول من القوادح، وهو القسم الذي ينقض الإسلام ويبطله، ويكون صاحبه مرتداً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
أما النوع الثاني: فهو وجود القوادح دون الكفر، لكنها تضعف الإيمان وتنقصه، وتجعل صاحبها معرضاً للنار وغضب الله، لكن لا يكون صاحبها كافراً.
وأمثلة ذلك كثيرة منها: الزنا إذا آمن أنه حرام ولم يستحله، بل يزني ويعلم أنه عاص، هذا لا يكون كافراً وإنما يكون عاصياً، لكن إيمانه ناقص، وهذه المعصية قدحت في عقيدته لكن دون الكفر، فلو اعتقد أن الزنا حلال صار بذلك كافراً.
وهكذا لو قال: السرقة حلال، أو ما أشبه ذلك، يكون كافراً؛ لأنه استحل ما حرم الله، وكذلك الغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وأكل الربا وأشباه ذلك، كل هذه من القوادح في العقيدة المضعفة للدين والإيمان.
وهكذا البدع، وهي أشد من المعاصي، فالبدع في الدين تضعف الإيمان، ولا تكون ردة ما لم يوجد فيها شرك.
ومن أمثلة ذلك: بدعة البناء على القبور، كأن يبني على القبر مسجداً أو قبة، فهذه بدعة تقدح في الدين وتضعف الإيمان، لكن إذا بناها وهو لا يعتقد جواز الكفر بالله، ولم يقترن بذلك دعاء الميتين والاستغاثة بهم والنذر لهم، بل ظن أنه بفعله هذا يحترمهم ويقدرهم، فهذا العمل حينئذ ليس كفراً، بل بدعة قادحة في الدين تضعف الإيمان وتنقصه، ووسيلة إلى الشرك.
ومن أمثلة البدع: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي حيث يحتفل بعض الناس في الثاني عشر من ربيع الأول بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا العمل بدعة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا خلفاؤه الراشدون، ولم يفعلها أهل القرن الثاني ولا الثالث، بل هذه بدعة محدثة[25].
أو الاحتفال بمولد البدوي، أو عبد القادر الجيلاني، أو غيرهما، فالاحتفال بالموالد بدعة من البدع، ومنكر من المنكرات التي تقدح في العقيدة؛ لأن الله ما أنزل بها من سلطان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) رواه مسلم[26]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته[27]، أي فهو مردود عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) خرجه مسلم في صحيحه[28]، وقال: ((إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة))[29]، فالبدع من القوادح في الدين التي دون الكفر، إذا لم يكن فيها كفر، أما إذا كان في الاحتفال بالمولد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به وطلبه النصر صار شركاً بالله، وكذا دعاؤهم يا رسول الله انصرنا، المدد المدد يا رسول الله، الغوث الغوث، أو اعتقادهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب أو غيره، كاعتقاد بعض الشيعة في علي والحسن والحسين أنهم يعلمون الغيب، كل هذا شرك وردة عن الدين، سواء كان في المولد أو في غير المولد.
ومثل هذا قول بعض الرافضة: إن أئمتهم الإثني عشر يعلمون الغيب، وهذا كفر وضلال وردة عن الإسلام؛ لقوله تعالى( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ)[30]، أما إذا كان الاحتفال بمجرد قراءة السيرة النبوية، وذكر ما جرى في مولده وغزواته، فهذا بدعة في الدين تنقصه ولكن لا تنقضه.
ومن البدع: ما يعتقده بعض الجهال في شهر صفر من أنه لا يسافر فيه، فيتشاءمون به[31]، وهذا جهل وضلال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة)) متفق على صحته، وزاد مسلم: ((ولا نوء ولا غول))[32]؛ لأن اعتقاد العدوى والطيرة والتعلق بالأنواء، أو الغول[33]، كل هذه من أمور الجاهلية التي تقدح في الدين.
ومن زعم أن هناك عدوى فهذا باطل، ولكن الله جعل المخالطة لبعض المرضى قد تكون سبباً لوجود المرض في الصحيح، ولكن لا تعدي بطبعها، ولما سمع بعض العرب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا عدوى..)) قال: يا رسول الله الإبل تكون في الرمال كأنها الظباء فإذا دخلها الأجرب أجربها، قال صلى الله عليه وسلم ((فمن أعدى الأول))[34] أي: من الذي أنزل الجرب في الأول[35]. فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى إذا شاء أجربها بسبب هذا الجرب، وإن شاء لم يجربها. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يوردن ممرض على مصح))[36] يعني لا توردوا الإبل المريضة على الصحيحة، بل تكون هذه على حدة وهذه على حدة، وذلك من باب اتقاء الشر والبعد عن أسبابه، وإلا فالأمور بيد الله، لا يعدي شيء بطبعه إنما هو بيد الله: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا[37]، فالخلطة من أسباب وجود المرض فلا تنبغي الخلطة، فالأجرب لا يخالط الصحيح، هكذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من باب الاتقاء والحذر من أسباب الشر، لكن ليس المعنى أنه إذا خالط فإنه سيعدي لا، قد يعدي وقد لا يعدي، والأمر بيد الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((فمن أعدى الأول؟)).
ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم: ((فر من المجذوم فرارك من الأسد))[38]، والمقصود: أن تشاؤم أهل الجاهلية بالعدوى وبالتطير أو الهامة وهي روح الميت، يقولون: إنها تكون كأنها طائر حول قبره يتشاءمون بها، وهذا باطل لا أصل له، وروح الميت مرتهنة بعمله إما في الجنة أو النار.
والطيرة والتشاؤم بالمرئيات والسمعيات من عمل الجاهلية، حيث كانوا يتشاءمون إذا رأوا شيئاً لا يناسبهم مثل الغراب، أو الحمار الأسود، أو مقطوع الذنب، أو ما أشبه ذلك، فيتشاءمون به، هذا من جهلهم وضلالهم، قال الله جل وعلا في الرد عليهم: أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ[39]، فالله بيده الضر والنفع، وبيده العطاء والمنع، والطيرة لا أصل لها، ولكنه شيء يجدونه في صدورهم ولا حقيقة له، بل هو شيء باطل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((لا طيرة))، ولذا يجب على المسلم إذا رأى ما يتشاءم به ألا يرجع عن حاجته، فلو خرج ليسافر وصادفه حمار غير مناسب، أو رجل غير مناسب أو ما أشبه ذلك، فلا يرجع، بل يمضي في حاجته ويتوكل على الله، فإن رجع فهذه هي الطيرة، والطيرة قادحة في العقيدة ولكنها دون الشرك الأكبر، بل هي من الشرك الأصغر.
وهكذا سائر البدع كلها من القوادح في العقيدة، لكنها دون الكفر، إن لم يصاحبها كفر. فهذه البدع مثل بدعة الموالد، والبناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، ومثل صلاة الرغائب هذه كلها بدع، والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج التي يحددونها بسبع وعشرين من رجب، هذه بدعة ليس لها أصل، وبعض الناس يحتفل بليلة النصف من شعبان ويعمل فيها أعمالاً يتقرب بها، وربما أحيا ليلها أو صام نهارها يزعم أن هذا قربة، فهذا لا أصل له، والأحاديث فيه غير صحيحة، بل هو من البدع.
والجامع في هذا أن كل شيء من العبادات يحدثه الناس ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ولم يقره فهو بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وقال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، وكان يقول في خطبة الجمعة: ((وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة))[40] يحذر الناس من البدع ويدعوهم إلى لزوم السنة صلى الله عليه وسلم.
فالواجب على أهل الإسلام أن يلزموا الإسلام ويستقيموا عليه، وفي هذا كفايتهم وكمالهم، فليسوا بحاجة إلي بدع، يقول الله تعالى:
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا)[41]، فالله أكمل الدين وأتمه بحمده وفضله، فليس الناس بحاجة إلى بدع يأتون بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ))[42].
فليس الناس بحاجة إلى بدع زيد وعمرو، بل يجب التمسك بما شرعه الله، والسير على منهج الله، والوقوف عند حدوده، وترك ما أحدثه الناس، كما قال الله سبحانه وتعالى ذماً للبدع وأهلها: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ[43].
وفق الله الجميع لما فيه الخير، وأصلح أحوال المسلمين، ووفقهم للفقه في دينه، وجنبهم أسباب الزيغ والضلال والانحراف، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.
[1] سورة آل عمران الآية 19.
[2] سورة المائدة الآية 3.
[3] سورة آل عمران الآية 58.
[4] جزء من حديث رواه البخاري (3442، 3443)، ومسلم (2365) (143، 144، 145) وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال في (مختار الصحاح): بنو العلات: أولاد الرجل من نسوة شتى، سميت بذلك لأن الذي تزوج أخرى على أولى قد كانت قبلها ناهل، ثم علَّ من هذه، والعلل: الشرب الثاني، يقال عَلَلُ بعد نهل ا. هـ. قال الحفظ ابن حجر رحمه الله: (معنى الحديث: أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع) انظر فتح الباري (6/ 489).
[5] سورة المائدة الآية 48.
[6] سورة الأعراف الآية 157.
[7] سورة الحج الآية 78.
[8] جزء من حديث رواه البخاري (335، 438، 3122)، ومسلم (521).
[9] سورة البقرة الآية 185.
[10] سورة الحج الآية 62.
[11] صحيح البخاري (8/ 139).
[12] صحيح البخاري (3017).
[13] صحيح البخاري (6923)، صحيح مسلم (1733، 15)، واللفظ هنا لمسلم في (باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها)، من كتاب الإمارة.
[14] صحيح البخاري (3017).
[15] المسند (5/ 346)، سنن الترمذي (2623)، سنن النسائي (1/ 231، 232)، سنن ابن ماجه (1079) من حديث بريدة رضي الله عنه.
[16] صحيح مسلم، كتاب الإيمان 35 ـ باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (86)، ورواه الإمام أحمد بلفظ)) بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة)) المسند (3/ 389)
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله


الساعة الآن 08:56 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
This Forum used Arshfny Mod by islam servant