منتديات الأماكن - زمن اللا انسانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

صمت كئيب ..يسود المكان..الكل منشغل عن الآخر...وظلمة كالحة تعم المكان....يجلس وحيداً يلتفت يمنة ويسرة...لاأحد...لا صديق وفي ..لاقلب رحيم..لاأخ ودود..سالت دمعاته البريئة على وجنتيه...لم يحتمل..صرخ صرخة سمعها كل من حوله...لكن لا يأبه أحد لذلك..ازداد حزنه وألمه، مرت بالقرب منه فتاة رائعة الجمال ،ملامحها تدل على طيبتها، بدا على وجهها علامات الاستغراب، الأسى لحال هذا الفتى الصغير، أخذته بسرعة ..ضمته إلى صدرها الحنون، ودون سؤاله عن حاله أو حتى عن اسمه،أسرعت به إلى بيتها، كان صغيرا ومتواضعا لكنه يفي بالغرض، ويقيها شر البرد والحر..والأعداء،أطعمته واسقته،ووضعت له فراشا بالقرب من المدفأة، وكان منهكا تماما، فنام دون أن يحدثها أو يعلمها بحاله.
شقشق الصبح، استيقظ الفتى، ورأى أن هذه الفتاة قد استيقظت منذ فترة، فقال لها : صباح الخير. قالت : صباح الخير،أتمنى أن تكون قد ارتحت في نومك البارحة، قال : الحمد لله..وبعدها تناولا إفطارهما، ثم قالت: ماقصتك أيها الفتى؟ قال بعدما أطلق أنة قوية: ماذا أقول؟؟إن قصتي يشيب لها شعر الأس،كنت أعيش حياة سعيدة بين والدي لكن فجأة..دب بينهما النزاع حتى انتهى بهما للطلاق،وذهبت مع والدتي، وكنا نعيش سوية، لكن لايدوم الحال على وتيرة واحدة، فبعد عام من طلاقوالتي جاء رجل لخطبتها ، وكان طيبا في البداية، ووعد أمي بان أعيش معها، وبعد زواجهما بدت علامات الكره،بدأ يضربني ويشكو لأمي بتصرفات لم افعلها،حرمني من المدرسة وجعلني خادما له، وفي الظاهركأنه يحبني ويخاف علي ، ويوجهني للصواب، والحقيقة عكس ذلك تماما، وفي يوم من الأيام اخبر أمي بأننا سنخرج للنزهة أنا وهو فقط، وأخذني معه وتوهني في طرقات بعيدة، ثم رمى بي في إحدى طرقات هذه البلدة، وذهب بعيدا، ولاادري ماذا قال لامي؟ وماذا حصل لها منذ ذلك الوقت..ومن حينها وأنا أعيش مشردا في الشوارع، لحافي السماء..وضوءي القمر..وطعامي مخلفات القمامة..تشتت وضياع..وضاقت بي الأرض..وأغلقت الأبواب في وجهي ولم يهتم بي أحد،ولكني عندما رايتك شعرت بسعادة لامثيل لها،ورأيت حنانا وعطفا كبيرين يشعان من عينيك الزرقاوان، ولكن لماذا تسكنين لوحدك؟قالت:والداي توفيا وليس لي أحد إلا الله، الكل تخلى عني ..حتى عمي الوحيد،لم يرعني ولم يهتم بي ، فوجدت نفسي في الشارع لامكان لي ، وكان عمري آنذاك اثنا عشرة سنة، فعملت في محل خياطة براتب جيد، وكنت أنام فيه، حتى وجدت منزلا مهجورا وقد كان قديما جدا، فأصلحته ورممته ، واصبح جميلا، وعشت فيه كما ترى الآن..
قال: نعم ..إن قصتنا متشابهة إلى حد ما، فقالت:اذن من اليوم سنعيش سوية،وننسى ماحصل لنا في زمن انعدمت فيه الرحمة من قلوب الناس، في زمن الظلم والانانية ...في زمن اللاإنسانية..ثم بكت بكاء طويلا..أخذت الفتى بسرعة وقالت:أتعدني بذلك؟قال وقد اغرورقت عيناه بالدموع:بكل تأكيد..فحالنا واحدة..وروحنا واحدة..ولنحطم هذا الوحش الكاسر..زمن اللاإنسانية..
الوحيدااان..