منتديات الأماكن

منتديات الأماكن (https://www.al-amakn.com/vb//index.php)
-   ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ (https://www.al-amakn.com/vb//forumdisplay.php?f=6)
-   -   سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي. (https://www.al-amakn.com/vb//showthread.php?t=72893)

أم عبدالرحمن 08-10-2010 10:59 AM

سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اسم المحاضرة:سلامة الصدر.
إعداد وتقديم:أ. حورية قاضي.


الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، له الحمد في الأولى والآخرة على كل نعمة أنعمها علينا، القائل في محكم تنزيله : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }. (الإسراء:36)
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه تسليماً كثيراً.
وبعد .. الحديث عن القلب وأحواله حديث بالغ الأهمية خاصة وأن غالب الناس انشغلوا بالظواهر واستهانوا بأمور القلوب والبواطن، وما علموا أن شأنها عند الله عظيم؛ بل هي الشأن ، قال تعالى: { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }. (الشعراء:88-89)
قال ابن القيم في الجواب الكافي: " القلب السليم هو الذي سلم من الشرك، والغل، والحقد، والحسد، والشح، والكبر، وحب الدنيا، والرئاسة؛ فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل آفة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله".
والقلوب هي محل نظر الرحمن، كما جاء في الحديث عن رسول الله r : [ إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم ولا أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ]. (صحيح مسلم)
بل إن الأمر عظيم يا أخواتي؛ فعلى صلاحه وفساده يكون حسن الخاتمة وسوءها.
ونتناول في هذه المحاضرة جانب هام من هذا الموضوع، وفرع من فروع ألا، وهو سلامة الصدر والقلب في التعامل مع الناس.
أخواتي: ليس أروح للمرء ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم الصدر، مبرأ من وساوس الضغينة وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمة تنساق إلى أحد رضي بها، وأحس فضل الله فيها، وإذا رأى أذى يلحق أحداً من خلق الله رثى له، ورجا الله أن يفرج كربه، ويغفر ذنبه.
بذلك والله يحيا المسلم ناصع الصفحة، مستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى؛ فإن فساد القلب بالضغائن داء، وما أسرع أن يتسرب الإيمان من القلب المغشوش.
ونظرة الإسلام إلى القلب خطيرة؛ فالقلب الأسود يفسد الأعمال الصالحة، ويعكر صفوها، أما القلب المشرق؛ فإن الله يبارك في قليله، وينال الأفضلية، وجاء في الحديث عن الرسول r عندما سئل: أي الناس أفضل؟ قال: [ كل مخموم القلب صدوق اللسان ]، وقيل: صدوق اللسان نعرفه؛ فما مخموم القلب ؟! قال: [ هو النقي التقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد ] (إسناده صحيح حسن ) ، وكلمة مخموم مأخوذة من خممت البيت إذا كنسته.
أخواتي: ربما عجز الشيطان أن يجعل من الرجل العاقل عابد صنم، ولكنه – وهو الحريص على إغواء الإنسان، وإيراده المهالك – لن يعجز عن المباعدة بينه، وبين ربه، ومن خطواته إيقاد نار العداوة في القلوب؛ فإذا اشتعلت استمتع برؤيتها، وهي تحرق حاضر الناس ومستقبلهم.
استمعي إلى هذا الحديث العظيم الذي إن ذكرناه دائماً استطعنا بإذن الله أن نتخلص من الضغائن والأحقاد، قال r: [ إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكنه لم ييأس في التحريش بينهم ]. (رواه مسلم)
الله أكبر، إن الشر إذا تمكن من الأفئدة يتنافر ودها ، وتتقطع الأواصر بينهم.

فضل سلامة الصدر ونقاوته:-
لقد أصبحت هذه الخصلة العظيمة عند كثير من المسلمين عزيزة المنال، وبعيدة التحصيل إلا من استلهم العون من الله عز وجل، وصدق في طلبه وبحثه، وأحب للناس ما يحب لنفسه.
ولقد بين الله عز وجل الفضل العظيم لمن وقى شح نفسه، وشح النفس ليس مقصوراً على الشيء المادي كالمال والإنفاق؛ بل يتعدى ذلك إلى المعنويات، مثل : العفو، والسماحة، وسلامة الصدر، ونقاوته من الحقد، والضغينة، والكراهية للخلق دون أدنى مبرر، قال تعالى : { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }. (الحشر:9)
كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يكثر من الدعاء في طوافه فيقول: اللهم قني شح نفسي؛ فقال له رجل: ما أكثر ما تدعو بهذا؛ فاقل: إذا وقيت شح نفسي وقيت الشح، والظلم، والقطيعة.
هذه الخصلة المهمة قد يغفل كثير من الناس عن معرفة فضلها، ويجهلون ذلك؛ فهي:
أولاً: سبب في دخول الجنة، وكلنا يعرف قصة عبد الله بن عمرو بن العاص مع الرجل الذي شهد له الرسول r بأنه من أهل الجنة، والشاهد في تلك القصة قوله: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي على أحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه، وقد امتدح الله عز وجل الأنصار فقال : { وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }. (الحشر:9)
ثانياً: سلامة الصدر طريق للجنة، وهي كذلك صفة من صفات أهل الجنة من كان عليها في هذه الدنيا فإنه يذوق عيش أهل الجنة ومسراتهم وعسى أن تكون من المبشرات له بأن يكون من أهلها يوم القيامة ، يقول تعالى : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}.(الحجر:47)
وعلى هذا فسلامة الصدر راحة في الدنيا، وغنيمة في الآخرة، وقد أشار ابن حزم إلى هذا المعنى، وأنقل إليكم بعضاً من كلماته بتصرف: رأيت أكثر الناس إلا من عصم الله وقليل ما هم يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا، وذلك بنياتهم التي تحمل الخبث يتمنون أشد البلاء لمن يكرهون ويتمنون الهلاك للناس، وقد علموا أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئاً يتمنونه، وأنهم لو صفوا نياتهم وحسنوها لتعجلوا الراحة لأنفسهم وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم ولاقتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد.
يقول أحد العلماء: إنما هي أربع لا غير: عينك، ولسانك، وقلبك، وهواك: فانظر عينك لا تنظر بها إلا ما يحل، وانظر لسانك لا تقل به شيئاً يعلم الله خلافه من قلبك، وانظر قلبك لا يكون منه غل ولا حقد على أحد من المسلمين، وانظر هواك لا يهوى شيئاً من الشر فإذا لم يكن فيك هذه الأربع خصال فاجعل الرماد على رأسك فقد شقيت.
إنها موازين قيمة حري أن نتفكر فيها.
ثالثاً: من فضائل سلامة الصدر محبة الناس للعبد وحصول الطمأنينة وسعة البال، وانشراح الصدر، وحصول المأمول بإذن الله.
رابعاً: تركيز العبد في عبادته حين تأديتها حيث يكون القلب مقبلاً على الله جميعه، والاتسام بالخيرية.
خامساً: سد باب الحسد والغل، واختلاف ذات البين التي تعتبر من أعظم أسباب تطهير القلوب، وقد جعلها الله من أعظم الأعمال أجراً ومثوبة؛ فقد جاء في الحديث : قال رسول الله r : [ ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ] ؟ قالوا : بلى ، قال : [ إصلاح ذات البين ، وفساد ذات البين الحالقة ] (سنن أبي داوود) ، وقال r : [ إن الله لا ينظر إلى صوركم وأقوالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ] . (صحيح مسلم)

أم عبدالرحمن 08-10-2010 11:00 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 

من صور عدم سلامة الصدر :-
تم جمع هذه الصور من خلال الاستبانات التي تم توزيعها على الأخوات الفاضلات، وأشكر منهن من تجاوبت معنا لتحقيق الفائدة؛ لأن ذلك يساعد على العلاج بإذن الله، ومن ذلك :
1- التعالي على الآخرين بغير وجه حق، وهذا يوجد كثيراً للأسف إذ ترى نفسها أفضل من غيرها علماً، وعملاً، ونسباً وخاصة إذا وجدت الثناء من أحد؛ كمديرة أو غيرها، وهذا الأمر يجر إلى أمر خطير، ويمثل ذلك الصورة الثانية :
2- انتقاص مكانة الغير، وتحقير أعمالهم، وهذه يدخل ضمنها، إما بسبب النسب، وينسى هؤلاء أن أبا جهل، وهو من كبار قريش لم ينفعه نسبه عند الله، بينما بلال، وهو عبد جاوز السحب بإيمانه، ورفع الله مكانته في الدنيا والآخرة؛ فالله أكبر.
أو بسبب الغيرة من مركز علمي أو منصب أو جمال، وغير ذلك، وقد تكون هناك علاقة حميمة بين الأطراف، وتتقطع سبب ذلك، وبعض الناس يكون هذا الإحساس في نفسها، ولكن تضعه في إطار النصيحة؛ فتبدأ بالانتقاص من عمل غيرها بصورة النصيحة، وترفق معها الألفاظ التي إن دلت على شيء فإنما تدل على عدم سلامة الصدر؛ فالنصيحة لا يمكن أن تلحق بالألفاظ التي تدل على التنقيص من شأن العمل، قال الفضيل رحمه الله : " المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير ".
3- تغير الوجه عند مدح زميلة أخرى كما ذكر في إحدى الاستبانات.
4- إخفاء الأعمال عن الزميلات حتى تكون هي الأحسن.
5- إعطاء معلومات خاطئة عند السؤال، أو عدم إعطاء إجابة كاملة حتى لا تكون أفضل منها، ولتبرز عند القيادة.
6- بعض الأخوات يكون لهن أعمال متميزة ، ولكن من طبيعتهن لا يحرصن على إظهارها ؛ فتأخذ زميلتها المجهود ، وتظهر على أنها هي التي قامت به حباً في الظهور والعياذ بالله.
7- الإيذاء باللمز، والهمز عند وقوع الخلاف أو من باب الاستهزاء، وسبب ذلك كما يقول الميداني: " إن الإنسان حينما ينفخ في نفسه الغرور؛ فيرى أنه كبير، ويرى غيرهـ أصغر منه، وأقل شأناً؛ فيشعر نحوه بنوع من الاستعلاء؛ فإذا ظفر بعيب في الجسم أو القول أو بنقص في الرأي ؛ أسرع إلى لفت الأنظار إليه ، والاستهزاء به والسخرية منه، وإذا لم يظفر حاول أن يتصيد من أسمائهم أو ألقابهم ما يكون مثاراً للاستهزاء والسخرية ، كل ذلك إرضاءً لاستكباره وشعوره بالنقص".
8- التنافس على أمور الدنيا، والمقاطعة بسببها.
9- عدم التثبت عند نقل الأخبار.
10- الأنانية، وحب الذات، يقول الميداني : " أما بقاء الإنسان في حدود دائرة أنانيته الضيقة، وانحصاره في إطار محبته لنفسه فقط؛ فهو من دون شك انحطاط خلقي، وكثيراً ما يرافق الأنانية كراهية الآخرين، وحسدهم وبغضهم؛ لأنهم منافسون أو منازعون أو مشاركون، وكل ذلك مما يؤذي أصحاب النفوس الصغيرة ذات الأنانية الضيقة ".
أسأل الله أن يكون ذلك مفتاحاً للوقوف على مكامن النفس ومصارحتها؛ فإن أول أبواب العلاج : الوقوف على العيب الذي في صدر الإنسان، ثم البحث عن العلاج.

أسباب عدم سلامة الصدر:-
1- الشيطان: عدونا الذي يترصد بنا ليوقع بيننا الشحناء، قال تعالى : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا } . (الإسراء:53)
2- ضعف الصلة بالله ، وهو سبب مباشر في سيطرة الأهواء، والشبهات على القلوب، ومتى تصبح القلوب مليئة بالغيظ، والحقد، والضغينة؛ إذاً ضعفت الصلة بالله.
3- الجهل بفضل سلامة الصدر، وخطورة عدم سلامته سبب في الوقوع فيه، وهذا من قلة العلم الشرعي، وعدم مراقبة الله عز وجل في المقاصد، والنيات، والأقوال، والأفعال.
4- الغضب، وهو مدخل عظيم من مداخل الشيطان، وقد مدح الله من يغفر عند غضبه؛ فقال: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }. (الشورى:37)
والإنسان قد يغضب فيكظم غيظه عجزاً عن التشفي، وليس لمرضاة الله ؛ فيرجع ذلك الغيظ إلى الباطن؛ فيحتقن فيه ويصير حقداً وغلاً لازماً، ولذلك لما طلب رجل من النبي r أن يوصيه، كرر عليه مراراً : [ لا تغضب ].
5- النميمة : قال تعالى : { وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } (القلم: 10-11) ، قال ابن كثير : " يمشي بين الناس، ويحرش بينهم، وينقل الحديث لفساد ذات البين".
6- ظن السوء : وهو حديث النفس بالتهمة والتخون للأهل والأقارب والناس، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ }. (الحجرات:12)
7- الحسد: وقد سماه الرسول rداء الأمم فقال : [ دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء ] (سنن الترمذي) ؛ فقد قرن r في الحديث الحسد والبغضاء ؛ لأن الحاسد يكره أولاً فضل الله على غيره، ثم ينتقل إلى بغضه، وأقبح أنواعه ما يكون بين المنتسبين إلى العلم والدعوة، وقد عده ابن تيميه رحمه الله من صفات المغضوب عليهم.
8- التعصب لغير الحق: سواء كان التعصب لمذهب أو قبيلة أو حزب أو جماعة أو شخص أو عالم أو رأي.
9- التنافس على الدنيا : يقول ابن الجوزي: " تأملت التحاسد بين العلماء؛ فرأيت منشأه من حب الدنيا؛ فإن علماء الآخرة يتوادون ولا يتحاسدون "، والله عز وجل يقول : { فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ } (التوبة: 38) ، وهو زائل لا محالة.
10- حب الرئاسة: فهي داء عضال بسببه أزهقت أرواح ، وهتكت أعراض وخطورة هذا الداء تكمن في خفائه على النفوس مع تمكنه منها في الغالب، وهي الشهوة الخفية كما سماها شداد بن أوس.
وأما علامة حب الرئاسة يجليها لنا شيخ الإسلام رحمه الله : " وطالب الرئاسة ولو بالباطل ترضيه الكلمة التي فيها تعظيمه، وإن كانت باطلاً، وتغضبه الكلمة التي فيها ذمه، وإن كانت حقاً، والمؤمن ترضيه كلمة الحق له، وعليه، وتغضبه كلمة الباطل له وعليه".
11- حب الظهور والحزن عند الذم، والفرح عند المدح يجعل الهم هو تحقيقها، وكراهية من فاقه في هذه الأمور.
12- عدم القناعة واستشراف النفس لما عند الآخرين.
13- البيئة التي يعيشها الإنسان، ولذا فعلى الأم أن تربي أولادها على سلامة الصدر.
14- الحساسية المفرطة في تفسير الأمور وحملها على غير محملها.
15- كثرة المزاح؛ فقد كان الرسول rقليل المزاح، والمزاح؛ كالملح في الطعام إذا كثر أو عدم فسد الطعام، وهو يجر إلى الهمز واللمز.
والأسباب كثيرة جداً لا يسعنا المقام لحصرها جميعاً.

أم عبدالرحمن 08-10-2010 11:01 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
طرق العلاج:-
1- الإخلاص وصدق اللجوء إلى الله والاستعانة به على طرد الخواطر، والهواجس، ومكائد الشيطان، والنفس ، والهوى، وتكرار الآية : { وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا }. (الحشر:10)
2- رضا العبد عند ربه وامتلاء قلبه بالله، وتذكر نعمه عليه، يقول ابن القيم رحمه الله في الرضا: "إنه يفتح للعبد باب السلامة؛ فيجعل قلبه نقياً من الغش، والغل، وكلما كان العبد أشد رضاً كلما كان قلبه أسلم " إلى أن قال : " والحاسد يكره نعمة الله على عبده، وقد أحبها الله ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك؛ فهو مضاد لله في قضاءه وقدره".
3- ضبط النفس في كل ميدان، ولا سيما مجال الحوار والنقاش ووزن الكلام قبل الشروع في نطقه، يقول الشيخ إبراهيم الدويش : " إذا سمعت أحداً يقول فيك شيئاً أو آذاك فإن النفس البشرية بطبعها قد يدور داخلها الانتقام والتشفي ، ولكن مهما كان ذاك الأذى على الإنسان رعاية تلك النفس وتربيتها فإن صاحب الخلق لا يتضح خلقه إلا في المواقف العصيبة، أما البسيطة؛ فهي سهلة ميسرة" ، وها هو الإمام أحمد يأتي إليه رجل فيقول: " نكتب عن محمد الطوسي؟ فقال الإمام : إذا لم تكتب عن محمد فعمن يكون ذلك ؟ قالها مراراً، ولكن هل تعرفون من هو محمد ؟ قال الرجل : إنه يتكلم فيك ، ترى ماذا قال الإمام أحمد وهو يعلم ذلك ؟! قال : رجل صالح ابتلى فينا فما نعمل ؟ ".
4- يلي كظم الغيظ : العفو، والصفح ثم الدفع بالتي هي أحسن، وذلك بدفع أي إساءة توجه له، وأية كلمة يواجه بها بالتي هي أحسن ابتغاء مرضاة الله، قال تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }. (فصلت:34-36)
يقول الميداني في كتابه الأخلاق : فمن صبر على سوء أخلاق من أساء إليه مرة بعد مرة، ولم يقابل سفاهته بالغضب ونصحه برفق وأبان له أنه قادر على أن ينتقم منه إلا أنه آثر أن يدفع بالتي هي أحسن، لابد أن يحرك فيه جذر الحياء الكمين في أعماق نفسه، ومع الاستحياء تتصاغر نفسه، وتتهدم عداوته التي حركته إلى الإساءة حتى يكون ولياً حميماً.
ويقول : قوله تعالى بعد طلب الاستعاذة بالله من نزغ الشيطان إنه سميع عليم: يدل على أن الاستعاذة باللسان لا تفسد إلا إذا حضر في القلب العلم بمعنى الاستعاذة؛ فكأنه تعالى قال : اذكر لفظ الاستعاذة بلسانك؛ فإني سميع ، واستحضر معاني الاستعاذة بعقلك، وقلبك؛ فإني عليم بما في ضميرك.
5- أن نضع قاعدة في تعاملنا مع الآخرين ، وهي إن طبقت استطعنا بإذن الله القضاء على الخلافات، وهي : [ عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ] ، وجاء في الحديث الذي رواه مسلم : [فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ].
يقول الميداني – بتصرف - : " وهذه القاعدة تشتمل على ميزان دقيق يهدي البصيرة الأخلاقية؛ فكلما اشتبه على الإنسان أمر السلوك؛ فالأمر الذي يستحسنه لنفسه من الآخرين مما لا معصية لله فيه هو الأمر الذي تدعو إليه الفضيلة الخلقية، وعلى المؤمن بناء على هذا أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه مصداقاً للحديث : [ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ] (متفق عليه) ، بذلك يعامل المسلم أخاه؛ كأنه نفس ثانية له؛ فيكون صادقاً معه، والحديث يقول : لا يؤمن ، والإيمان أعظم عنصر مسعد في حياة الإنسان لا يعرف قيمته إلا من ذاق حلاوة الإيمان، وحلاوته يذوقها المؤمنون حينما يعملون أعمالاً يقتضيها الإيمان ، وحينما يستجيبون لندائه في عمل من أعماله أو ظاهرة من ظواهره.
6- الإعذار وحسن الظن يقول محمد بن سيرين : " إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً؛ فإذا لم تجد له عذراً فقل لعل له عذراً لا أعرفه".
يقول الإمام الغزالي : " ومهما خطر لك خاطر بسوء على مسلم ؛ فينبغي أن تزيد في مراعاته وتدعو له بالخير؛ فإن ذلك يغيض الشيطان ويدفعه عنك ، وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور باطلاعك على نقصه ". الله أكبر ! ما هذه المعاني العظيمة في التعامل مع الآخرين ؟!
وقد قيل : ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذراً؛ فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك؛ فتقول لقلبك : ما أقساك يعتذر إليك أخوك سبعين عذراً؛ فلا تقبله ! فأنت المعيب لا أخوك.
7- الزهد في الدنيا ، والعلم بحقارتها، والزهد بما في أيدي الناس، وهذا مدعاة لحبهم، لقوله r: [ وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ].
8- السعي للإصلاح والقضاء على المشاكل والخلافات أول بأول بالمصارحة الودية حتى لا تتراكم في النفس ، وعدم العجلة في أخذ التصرف.
9- الانشغال بعيوب النفس، والعمل على إصلاحها.
10- "هذه النقطة ذكرت في إحدى الاستبانات وهي جيدة" : استحضار الهدف الأساسي من خلق الإنسان.
11- الصدقة : لأنها تطهر القلب وتزكي النفس، يقول الله تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } (التوبة:103) ، ويقول r : [ داووا مرضاكم بالصدقة ]، وأحق المرضى بالمداواة مرضى القلوب، وأحق القلوب هو قلبك الذي بين جنبيك.
12- صوم ثلاثة أيام من كل شهر: جاء في الحديث : [ ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر: صوم ثلاثة أيام من كل شهر ]. (صححه الألباني)
وحر الصدر هو : الغل، وذكر العلماء أن سبب ذلك أن الإنسان صاحب قوتين :
أ. قوة غضبية.
ب. قوة شهوانية.
ومن أنفع الأشياء لتسكين ذلك ؛ الصوم؛ لأنه يضعف إرادة التشفي، والانتقام.
13- ومن العلاجات الناجعة – وهي مجربة – الدعاء لمن ظلمك؛ فلها طيب على القلب، وهي عامل كبير لدحض نزغ الشيطان، ومنها الجود بالعرض: كما فعل أبو ضمضم.
14- تذكر الآية : { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ }. (فاطر:43)
يقول السعدي رحمه الله : " أي الذي مقصوده سيء ومآله وما يرمي إليه سيء باطل؛ فمكره إنما يعود إليه"، وقال : " سنة الله لا تتغير فكل من سار في الظلم، والعناد، والاستكبار على العباد فلابد أن تحل به نقمته وتسلب عنه نعمته".

الخاتمة:-
أخواتي: إن قضية سلامة الصدر قضية تحتاج إلى التدرج في البناء التربوي الأخلاقي حتى نصل إلى ما هو أفضل ، وقد خلق الله جل شأنه الدنيا في ستة أيام من أيامه تبارك وتعالى، وكان في قدرته أن يخلقها في كلمة : كن فيكون، ولكنه عز وجل اختار لنفسه سنة الإنشاء المتدرج؛ فلا تيأسي إذا أخفقت مرة أو مرتين في التخلص من صفة سيئة اكتشفتها في نفسك ؛ بل توكلي واستعيني ، ومع الإخلاص والمجاهدة ستصلين بإذن الله: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }. (العنكبوت:69)
وأوصيك بالإكثار من قراءة القرآن؛ ففيه شفاء للصدور : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ }. (يونس:57)

أقول ذلك وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

واحشني موووت 08-10-2010 07:54 PM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
شكراً .. أم عبدالرحمن
والشكر موصول لصاحبة المحاضرة ..
لهذا الطرح القيًم والأكثر من رااائع ..
جزاكم الله كل خير
اخوكم / واحشني

عيون طفله. 08-10-2010 08:18 PM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
محاضـــرهـ مرهـ حــلوهـ
أم عبدالرحمــن }ْ~
يعطييك العافيه ع حسن الاختيار
وجعله بموازين حسناتك
وجعل يديك ماتمسها الناار
لآهنتــي

لــ ج ــيــن..||~ 08-10-2010 08:47 PM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 

جزاك الله الف خير..
جد محاضره ولااروع..
احتاج لاعادئه قرائتها بتمعن..
واتعمق بنبض كلماتها لاكتسب الاجر والثواب عند التعلم..
تم حفظ الماحضره وبأذن الله اكون مستفيده داعيه لك
بأجره تعالى وثوابه..
من كل قلبي يعطيك الف عافيه..
كنت محتاجه لها النوع من المحاضرات..
دمتي دوما معطائه بنقاء..
تقديري واحترامي لك...

http://www.w-elbalad.com/vb/vb/images/smilies/2.gif لقلبك...

صادق وعد 08-10-2010 10:37 PM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
أم عبدالرحمن

جزاكِ الله الف خير
وجعلها في موازين حسناتك
ويجعل مثواكِ الجنه

الفراشه الزرقاء 09-10-2010 12:35 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
جزاك الله خيراً

ܓܨ

أم عبدالرحمن 09-10-2010 11:49 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة واحشني موووت (المشاركة 1406307)
شكراً .. أم عبدالرحمن
والشكر موصول لصاحبة المحاضرة ..
لهذا الطرح القيًم والأكثر من رااائع ..
جزاكم الله كل خير
اخوكم / واحشني



وإيآك


شكرآ لك على آلتوآجدّ ! . .

أم عبدالرحمن 09-10-2010 11:50 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيون طفله. (المشاركة 1406311)
محاضـــرهـ مرهـ حــلوهـ
أم عبدالرحمــن }ْ~
يعطييك العافيه ع حسن الاختيار
وجعله بموازين حسناتك
وجعل يديك ماتمسها الناار
لآهنتــي


وإيآكِ


شكرآ لكِ على آلتوآجدّ ! . .

أم عبدالرحمن 09-10-2010 11:50 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لــــجــــيــــن (المشاركة 1406318)

جزاك الله الف خير..
جد محاضره ولااروع..
احتاج لاعادئه قرائتها بتمعن..
واتعمق بنبض كلماتها لاكتسب الاجر والثواب عند التعلم..
تم حفظ الماحضره وبأذن الله اكون مستفيده داعيه لك
بأجره تعالى وثوابه..
من كل قلبي يعطيك الف عافيه..
كنت محتاجه لها النوع من المحاضرات..
دمتي دوما معطائه بنقاء..
تقديري واحترامي لك...

http://www.w-elbalad.com/vb/vb/images/smilies/2.gif لقلبك...


وإيآكِ


شكرآ لكِ على آلتوآجدّ ! . .

أم عبدالرحمن 09-10-2010 11:50 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صادق وعد (المشاركة 1406361)
أم عبدالرحمن

جزاكِ الله الف خير
وجعلها في موازين حسناتك
ويجعل مثواكِ الجنه


وإيآك


شكرآ لك على آلتوآجدّ ! . .

أم عبدالرحمن 09-10-2010 11:50 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفراشه الزرقاء (المشاركة 1406471)
جزاك الله خيراً

ܓܨ


وإيآكِ


شكرآ لكِ على آلتوآجدّ ! . .

( غانم ) 10-10-2010 09:41 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
يجزاك الله كل خير
وإن شاء الله في ميزان حسناتك

تحياتي !!

أم عبدالرحمن 10-10-2010 09:53 AM

رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ( غانم ) http://www.al-amakn.net/vb/amakn/buttons/viewpost.gif
يجزاك الله كل خير
وإن شاء الله في ميزان حسناتك

تحياتي !!


وإيآك


شكرآ لك على آلتوآجدّ ! . .


الساعة الآن 08:50 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
This Forum used Arshfny Mod by islam servant