الموضوع
:
تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة الأنفال )
عرض مشاركة واحدة
11-12-2009, 04:33 PM
المشاركة
2
تاريخ الإنضمام :
Mar 2008
رقم العضوية :
17365
المشاركات:
53,311
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة الأنفال )
((
تفسير ابن كثير
))
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ
وَقَوْله تَعَالَى "
وَمَا جَعَلَهُ اللَّه إِلَّا بُشْرَى
" الْآيَة . أَيْ وَمَا جَعَلَ اللَّه بَعْث الْمَلَائِكَة
وَإِعْلَامه إِيَّاكُمْ بِهِمْ إِلَّا بُشْرَى "
وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبكُمْ
" وَإِلَّا فَهُوَ تَعَالَى قَادِر عَلَى
نَصْركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبكُمْ وَمَا النَّصْر إِلَّا مِنْ عِنْد اللَّه أَيْ بِدُونِ
ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ "
وَمَا النَّصْر إِلَّا مِنْ عِنْد اللَّه
" كَمَا قَالَ تَعَالَى "
فَإِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ
كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَاب حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً
حَتَّى تَضَعَ الْحَرْب أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّه لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ
بِبَعْضٍ وَاَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ
وَيُدْخِلهُمْ الْجَنَّة عَرَّفَهَا لَهُمْ
" وَقَالَ تَعَالَى "
وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْن النَّاس وَلِيَعْلَمَ
اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذ مِنْكُمْ شُهَدَاء وَاَللَّه لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّه الَّذِينَ
آمَنُوا وَيَمْحَق الْكَافِرِينَ
" فَهَذِهِ حِكَمٌ شَرَعَ اللَّهُ جِهَادَ الْكُفَّارِ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ
لِأَجْلِهَا وَقَدْ كَانَ تَعَالَى إِنَّمَا يُعَاقِب الْأُمَم السَّالِفَة الْمُكَذِّبَة لِلْأَنْبِيَاءِ بِالْقَوَارِعِ الَّتِي
تَعُمّ تِلْكَ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة كَمَا أَهْلَكَ قَوْم نُوحٍ بِالطُّوفَانِ وَعَادًا الْأُولَى بِالدَّبُورِ وَثَمُود
بِالصَّيْحَةِ وَقَوْم لُوط بِالْخَسْفِ وَالْقَلْب وَحِجَارَة السِّجِّيل وَقَوْم شُعَيْب بِيَوْمِ الظُّلَّة
فَلَمَّا بَعَثَ اللَّه تَعَالَى مُوسَى وَأَهْلَكَ عَدُوَّهُ فِرْعَوْن وَقَوْمه بِالْغَرَقِ فِي الْيَمّ ثُمَّ
أَنْزَلَ عَلَى مُوسَى التَّوْرَاة شَرَعَ فِيهَا قِتَال الْكُفَّار وَاسْتَمَرَّ الْحُكْم فِي بَقِيَّة
الشَّرَائِع بَعْده عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى "
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب مِنْ بَعْد
مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُون الْأُولَى بَصَائِر
" وَقَتْل الْمُؤْمِنِينَ لِلْكَافِرِينَ أَشَدّ إِهَانَة لِلْكَافِرِينَ
وَأَشْفَى لِصُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة
"
قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّه بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُور
قَوْم مُؤْمِنِينَ
" وَلِهَذَا كَانَ قَتْل صَنَادِيد قُرَيْش بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ
إِلَيْهِمْ بِأَعْيُنِ اِزْدِرَائِهِمْ أَنْكَى لَهُمْ وَأَشْفَى لِصُدُورِ حِزْب الْإِيمَان فَقَتْل أَبِي
جَهْل فِي مَعْرَكَة الْقِتَال وَحَوْمَة الْوَغَى أَشَدّ إِهَانَة لَهُ مِنْ مَوْته عَلَى فِرَاشه
بِقَارِعَةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ أَوْ نَحْو ذَلِكَ كَمَا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ لَعَنَهُ اللَّه بِالْعَدَسَةِ بِحَيْثُ لَمْ
يَقْرَبْهُ أَحَد مِنْ أَقَارِبه وَإِنَّمَا غَسَّلُوهُ بِالْمَاءِ قَذْفًا مِنْ بَعِيدٍ وَرَجَمُوهُ حَتَّى دَفَنُوهُ
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى "
إِنَّ اللَّه عَزِيز
" أَيْ لَهُ الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِهِمَا فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى "
إِنَّا لَنَنْصُر رُسُلنَا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا
وَيَوْم يَقُوم الْأَشْهَاد
" . "
حَكِيم
" :
فِيمَا شَرَعَهُ مِنْ قِتَال الْكُفَّار مَعَ الْقُدْرَة عَلَى دَمَارهمْ وَإِهْلَاكهمْ بِحَوْلِهِ وَقُوَّته
سُبْحَانه وَتَعَالَى .
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ
عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ
"
إذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاس أَمَنَة
" أَمْنًا مِمَّا حَصَلَ لَكُمْ مِنْ الْخَوْف "
مِنْهُ
" تَعَالَى
"
وَيُنَزِّل عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاء مَاء لِيُطَهِّركُمْ بِهِ
" مِنْ الْأَحْدَاث وَالْجَنَابَات
"
وَيُذْهِب عَنْكُمْ رِجْز الشَّيْطَان
" وَسْوَسَته إلَيْكُمْ بِأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ عَلَى
الْحَقّ مَا كُنْتُمْ ظَمْأَى مُحَدِّثِينَ وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمَاء "وَلِيَرْبِط" يَحْبِس
"
عَلَى قُلُوبكُمْ
" بِالْيَقِينِ وَالصَّبْر "
وَيُثَبِّت بِهِ الْأَقْدَام
" أَنْ تَسُوخ فِي الرَّمْل.
إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ
"
إذْ يُوحِي رَبّك إلَى الْمَلَائِكَة
" الَّذِينَ أَمَدَّ بِهِمْ الْمُسْلِمِينَ "
أَنِّي
" أَيْ بِأَنِّي "
مَعَكُمْ
"
بِالْعَوْنِ وَالنَّصْر "
فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا
" بِالْإِعَانَةِ وَالتَّبْشِير "
سَأُلْقِي فِي قُلُوب الَّذِينَ
كَفَرُوا الرُّعْب
" الْخَوْف "
فَاضْرِبُوا فَوْق الْأَعْنَاق
" أَيْ الرُّءُوس "
وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلّ بَنَان
"
أَيْ أَطْرَاف الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَكَانَ الرَّجُل يَقْصِد ضَرْب رَقَبَة الْكَافِر فَتَسْقُط قَبْل أَنْ
يَصِل إلَيْهِ سَيْفه وَرَمَاهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْضَةٍ مِنْ الْحَصَى فَلَمْ يَبْقَ
مُشْرِك إلَّا دَخَلَ فِي عَيْنَيْهِ مِنْهَا شَيْء فَهُزِمُوا.
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
"
ذَلِكَ
" الْعَذَاب الْوَاقِع بِهِمْ "
بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا
" خَالَفُوا "
اللَّه وَرَسُوله وَمَنْ يُشَاقِقْ اللَّه
وَرَسُوله فَإِنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب
" لَهُ.
ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ
"
ذَلِكُمْ
" الْعَذَاب "
فَذُوقُوهُ
" أَيّهَا الْكُفَّار فِي الدُّنْيَا "
وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ
" فِي الْآخِرَة .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ
يَقُول تَعَالَى مُتَوَعِّدًا عَلَى الْفِرَار مِنْ الزَّحْف بِالنَّارِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ "
يَا أَيّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا
" أَيْ تَقَارَبْتُمْ مِنْهُمْ وَدَنَوْتُمْ إِلَيْهِمْ
"
فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَار
" أَيْ تَفِرُّوا وَتَتْرُكُوا أَصْحَابكُمْ .
وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ
اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
"
وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمئِذٍ
" أَيْ يَوْم لِقَائِهِمْ "
دُبُره إلَّا مُتَحَرِّفًا
" مُنْعَطِفًا
"لِقِتَالٍ
" بِأَنْ
يُرِيهِمْ الْفَرَّة مَكِيدَة وَهُوَ يُرِيد الْكَرَّة "
أَوْ مُتَحَيِّزًا
" مُنْضَمًّا
"إلَى فِئَة
" جَمَاعَة
مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَنْجِد بِهَا "
فَقَدْ بَاءَ
" رَجَعَ "
بِغَضَبٍ مِنْ اللَّه وَمَأْوَاهُ جَهَنَّم
وَبِئْسَ الْمَصِير
" الْمَرْجِع هِيَ وَهَذَا مَخْصُوص بِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْكُفَّار عَلَى الضَّعْف.
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ
الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
"
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ
" بِبَدْرٍ بِقُوَّتِكُمْ "
وَلَكِنَّ اللَّه قَتَلَهُمْ
" بِنَصْرِهِ إيَّاكُمْ "
وَمَا رَمَيْت
"
يَا مُحَمَّد أَعْيُن الْقَوْم "
إذْ رَمَيْت
" بِالْحَصَى لِأَنَّ كَفًّا مِنْ الْحَصَى لَا يَمْلَأ عُيُون
الْجَيْش الْكَثِير بِرَمْيَةِ بَشَر "
وَلَكِنَّ اللَّه رَمَى
" بِإِيصَالِ ذَلِكَ إلَيْهِمْ فَعَلَ لِيُقْهِر الْكَافِرِينَ
"
وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاء
" عَطَاء "
حَسَنًا
" هُوَ الْغَنِيمَة "
إنَّ اللَّه سَمِيع
"
لِأَقْوَالِهِمْ "
عَلِيم
" بِأَحْوَالِهِمْ.
عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ،
وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك
الأصدقاءْ ..
وعظـَـمة ثرائك
تخلقُ
لك الْمنافقونْ
..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..
اللّهم أغفر "
لأم عبدالعزيز
" واسكنها جنات الفردوس الأعلى
واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..