الموضوع
:
تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة الأنفال )
عرض مشاركة واحدة
11-12-2009, 04:58 PM
المشاركة
3
تاريخ الإنضمام :
Mar 2008
رقم العضوية :
17365
المشاركات:
53,311
رد: تفسيرْ القرآنْ الكريمْ كاملاً.. ( سورة الأنفال )
((
تفسير ابن كثير
))
ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ
وَقَوْله "
ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّه مُوهِن كَيْد الْكَافِرِينَ
" هَذِهِ بِشَارَة أُخْرَى مَعَ مَا حَصَلَ مِنْ
النَّصْر أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ تَعَالَى بِأَنَّهُ مُضْعِف كَيْد الْكَافِرِينَ فِيمَا يُسْتَقْبَل مُصَغِّر أَمْرهمْ
وَأَنَّهُمْ كُلّ مَا لَهُمْ فِي تَبَار وَدَمَار وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ
عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
يَقُول تَعَالَى لِلْكُفَّارِ "
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا
" أَيْ تَسْتَنْصِرُوا وَتَسْتَقْضُوا اللَّه وَتَسْتَحْكِمُوهُ
أَنْ يَفْصِل بَيْنكُمْ وَبَيْن أَعْدَائِكُمْ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ جَاءَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ كَمَا قَالَ مُحَمَّد
بْن إِسْحَاق وَغَيْره عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن ثَعْلَبَة بْن صُعَيْر أَنَّ أَبَا جَهْل قَالَ
يَوْم بَدْر : اللَّهُمَّ أَيُّنَا كَانَ أَقْطَع لِلرَّحِمِ وَآتَانَا بِمَا لَا يَعْرِف فَأَحْنِهِ الْغَدَاة .
وَكَانَ اِسْتِفْتَاحًا مِنْهُ فَنَزَلَتْ "
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْح
" إِلَى آخِر الْآيَة .
وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد يَعْنِي اِبْن هَارُون أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي
الزُّهْرِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن ثَعْلَبَة أَنَّ أَبَا جَهْل قَالَ حِين اِلْتَقَى الْقَوْم اللَّهُمَّ أَقْطَعنَا
لِلرَّحِمِ وَآتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفهُ فَأَحْنِهِ الْغَدَاة .
فَكَانَ الْمُسْتَفْتِح وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير مِنْ حَدِيث صَالِح بْن كَيْسَان
عَنْ الزُّهْرِيّ بِهِ وَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيّ بِهِ وَقَالَ
صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ وَرُوِيَ نَحْو هَذَا عَنْ اِبْن عَبَّاس
وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة وَيَزِيد بْن رُومَان وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ السُّدِّيّ كَانَ
الْمُشْرِكُونَ حِين خَرَجُوا مِنْ مَكَّة إِلَى بَدْر أَخَذُوا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَاسْتَنْصَرُوا اللَّه
وَقَالُوا اللَّهُمَّ اُنْصُرْ أَعْلَى الْجُنْدَيْنِ وَأَكْرَم الْفِئَتَيْنِ وَخَيْر الْقَبِيلَتَيْنِ فَقَالَ اللَّه
"
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْح
" يَقُول قَدْ نَصَرْت مَا قُلْتُمْ وَهُوَ مُحَمَّد ..
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ هُوَ قَوْله تَعَالَى
إِخْبَارًا عَنْهُمْ "
وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدك
" الْآيَة وَقَوْله
"
وَإِنْ تَنْتَهُوا
" أَيْ عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَالتَّكْذِيب لِرَسُولِهِ
"
فَهُوَ خَيْر لَكُمْ
" أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقَوْله تَعَالَى "
وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ
"
كَقَوْلِهِ "
وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا
" مَعْنَاهُ وَإِنْ عُدْتُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنْ الْكُفْر وَالضَّلَالَة
نَعُدْ لَكُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَة . وَقَالَ السُّدِّيّ "
وَإِنْ تَعُودُوا
" أَيْ إِلَى الِاسْتِفْتَاح
"
نَعُدْ
" أَيْ إِلَى الْفَتْح لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّصْر لَهُ وَتَظْفِيره عَلَى
أَعْدَائِهِ وَالْأَوَّل أَقْوَى "
وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ
" أَيْ وَلَوْ جَمَعْتُمْ
مِنْ الْجُمُوع مَا عَسَى أَنْ تَجْمَعُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ اللَّه مَعَهُ فَلَا غَالِب لَهُ
"
إِنَّ اللَّه مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
" وَهُمْ الْحِزْب النَّبَوِيّ وَالْجَنَاب الْمُصْطَفَوِيّ .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ
يَأْمُر تَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَة رَسُوله وَيَزْجُرهُمْ عَنْ مُخَالَفَتِهِ
وَالتَّشَبُّه بِالْكَافِرِينَ بِهِ الْمُعَانِدِينَ لَهُ وَلِهَذَا قَالَ "
وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ
" أَيْ تَتْرُكُوا
طَاعَته وَامْتِثَال أَوَامِره وَتَرْك زَوَاجِره "
وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ
" أَيْ بَعْد مَا عَلِمْتُمْ
مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ .
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ
" قِيلَ الْمُرَاد الْمُشْرِكُونَ وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق هُمْ الْمُنَافِقُونَ
فَإِنَّهُمْ يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا وَاسْتَجَابُوا وَلَيْسُوا كَذَلِكَ .
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَذَا الضَّرْب مِنْ بَنِي آدَم شَرّ الْخَلْق وَالْخَلِيقَة فَقَالَ :
"
إِنَّ شَرّ الدَّوَابّ عِنْد اللَّه الصُّمّ
" أَيْ عَنْ سَمَاع الْحَقّ "
الْبُكْم
"
عَنْ فَهْمِهِ وَلِهَذَا قَالَ "
الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ
" فَهَؤُلَاءِ شَرّ الْبَرِيَّة لِأَنَّ كُلّ دَابَّة
مِمَّا سِوَاهُمْ مُطِيعَة لِلَّهِ فِيمَا خَلَقَهَا لَهُ وَهَؤُلَاءِ خُلِقُوا لِلْعِبَادَةِ فَكَفَرُوا وَلِهَذَا
شَبَّهَهُمْ بِالْأَنْعَامِ فِي قَوْله "
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا
يَسْمَع إِلَّا دُعَاء وَنِدَاء
" الْآيَة وَقَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى "
أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ
أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ
" وَقِيلَ الْمُرَاد بِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ نَفَر مِنْ بَنِي عَبْد
الدَّار مِنْ قُرَيْش . رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير .
وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق هُمْ الْمُنَافِقُونَ . قُلْت وَلَا مُنَافَاة بَيْن الْمُشْرِكِينَ
وَالْمُنَافِقِينَ فِي هَذَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَسْلُوب الْفَهْم الصَّحِيح وَالْقَصْد إِلَى الْعَمَل
الصَّالِح .
وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّهُمْ لَا فَهْم لَهُمْ صَحِيح وَلَا قَصْد لَهُمْ صَحِيح لَوْ فُرِضَ أَنَّ لَهُمْ
فَهْمًا فَقَالَ "
وَلَوْ عَلِمَ اللَّه فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ
" أَيْ لَأَفْهَمَهُمْ وَتَقْدِير الْكَلَام
"
وَ
" لَكِنْ لَا خَيْر فِيهِمْ فَلَمْ يُفْهِمْهُمْ لِأَنَّهُ يَعْلَم أَنَّهُ "
لَوْ أَسْمَعَهُمْ
" أَيْ أَفْهَمَهُمْ
"
لَتَوَلَّوْا
" عَنْ ذَلِكَ قَصْدًا وَعِنَادًا بَعْد فَهْمهمْ ذَلِكَ "
وَهُمْ مُعْرِضُونَ
" عَنْهُ .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ
اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ
"
يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ
" بِالطَّاعَةِ "
إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
"
مِنْ أَمْر الدِّين لِأَنَّهُ سَبَب الْحَيَاة الْأَبَدِيَّة "
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه يَحُول بَيْن الْمَرْء وَقَلْبه
"
فَلَا يَسْتَطِيع أَنْ يُؤْمِن أَوْ يَكْفُر إلَّا بِإِرَادَتِهِ "
وَأَنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ
" فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ.
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
"
وَاتَّقُوا فِتْنَة
" إنْ أَصَابَتْكُمْ
"لَا تُصِيبَن الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة
" بَلْ تَعُمّهُمْ
وَغَيْرهمْ وَاتِّقَاؤُهَا بِإِنْكَارِ مُوجِبهَا مِنْ الْمُنْكَر "
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب
"
لِمَنْ خَالَفَهُ.
وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ
وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
"
وَاذْكُرُوا إذْ أَنْتُمْ قَلِيل مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْض
" أَرْض مَكَّة "
تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفكُمْ النَّاس
"
يَأْخُذكُمْ الْكُفَّار بِسُرْعَةٍ "
فَآوَاكُمْ
" إلَى الْمَدِينَة "
وَأَيَّدَكُمْ
" قَوَّاكُمْ "
بِنَصْرِهِ
"
يَوْم بَدْر بِالْمَلَائِكَةِ "
وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَات
" الْغَنَائِم "
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
" نِعَمه.
عظَمة عَقلكْ تخلقُ لك الْحسادْ ،
وعظَمة قلبكْ تخلقُ لك
الأصدقاءْ ..
وعظـَـمة ثرائك
تخلقُ
لك الْمنافقونْ
..إنّ لله وإنّ إليه راجعون ..
اللّهم أغفر "
لأم عبدالعزيز
" واسكنها جنات الفردوس الأعلى
واعفو عنها وتغمدها برحمتك ياأرحم الراحمين..