تاه يا دنيا

الظلم عدم من روح

لا يستسيغ دمعا وإن أحرقَ عيناً

ولا رجفة يد وإن كسرت ساعدًا

يبطش بلا رحمة ولا يَفرقُ الميت أمامه من الحي

في دروب الحياة الموحشة مشيت

طرق نعلي زقاقها وأحياءها

وغشت ظلماتها عينيّ يفوح

الظلم في كل مكان وأشباح ضحاياه تنتحب

ومن زاوية من الزوايا سحبوه وعلى رأسه كبوه

وفي قفار الأرض جروه, وساد السكون كون جامد وقفر هامد

لا تسحب أذيالها نسمة ولا تقفز قطرة من غيمة

سوى صوت الظلم يزأر

على النطع وضعوا رأسه وسألوه عن آخر أمنية

تذكر أمه وأباه وأخوته وجداه

تذكر حلمه بطعام يسد رمق فاه

بنومه على فراش وثير

على نعل جديد على نقطة من ترف الحياة

لا أريد شيئا هكذا نطقت شفتاه

فقد عاش يتمنى وها هو يموت

وماذا أراد من الحياة

وشهد الخلائق إعدامه وهم يتعجبون

كيف يذرف دمعة من أمر محتوم هو قضاء الله كن فيكون

وانتهت الجنازة وانصرفوا مبتسمين

تاه على دنيا الظالم فيها رئيس والمظلوم مرؤوس

تاه على الدنيا سقط فيها الشرف صريعا تحت أقدام العاهرات

وسكن البطش بطونا وأفواه


وطأطأت الرؤوس واغتيلت الضحكات جنينا

وأخمد العز في سورته وأسند الصبر رأسه للفناء

جبال امتطاها فهوت صريعة وسهول حولها إلى أشباه جبال

وسكتنا وتجرعنا المرارة بملعقة صبر

تاه على دنيا صوت الحق فيها أخرس وصوت الظلم يعلوا ويزأر

تاه على دنيا صار فيها الموت أهون من عز الحياة

تاه يا دنيا


النابض