عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-2011, 08:07 PM
المشاركة 242
رآيق
عضو يفوق الوصف
  • غير متواجد
رد: نيآح البعـض .. عند البعض "خواطر!"
خَرجتُ لَيلاً السَاعةَ الـ حَادِيَةَ عَشرْ لِلشَارِعْ بِـجِدّهـ
فَجلِستُ فِي دَرَجِنا أنظُرُ إلى بقَايَا الوَحل المُتسَاقِطة هُنَا وهُنَاك
أنظُرُ إلَى عَمُودِ الإنارةِ أتذكّر أحدَاثَ يومِ أَمسْ
لكِن بُخارُ قَهوَتِي فِي الجوّ البَاردِ لا يُساعِدُنِي عَلى النَظَر
إنتَظِر !
لَا يُعقَلُ أَن كُل هَذا البُخار مَصدَرُهُ قَهوَتِي !
أبقيتُ تِلكَ الفِكرةَ فِي رَأسِي عِندَمَا ألتفِتُ إلى جَانبِي الأيمَن...
وأُنَا أُشاهِدُ تِلكَ الطِفلَةِ مُلقاةً إلَى جآنِبِ أُمّها تَلتَحِف بِجِسمِها...
والبُخارُ يَصدُرُ مِن فمَيهِما المُرتَجِفَين مِن شِدّة البُرُودة
...
دَمعةٌ إنسَكبَت عَلى جبِينِي بإستِحياْء لِعدَمِ مَقِدرتِي عَلى فِعل شَيئ...
لأَن الشَارِع الضيّق يَعُجّ بِهِم !
فَألقيتُ نَظَرِي عَلى عُلبةِ القُمَامةِ الصَفرَاءِ مُستعِيداً مآسِي مَا رأيتُهُ أمْس ...
عِندمَا كَانَت هذِهِ العُلبةُ نَفسُها تَطفُو عَلى الماءِ وتتَدلّى
والقِطّ الَمَحبُوسُ بِداخِلِهَا واضِعً يدَيهِ عَلى حَافّةِ العُلبةِ وجِسمُهُ بِالداخِل
يُصدرُ ضَجِيجَا مِن حُنجَرتِهِ يَدعُوا لِلرحمةِ بِحقّ...
ولكِنّ مَاذَا أستطِيعُ فِعله؟
لستُ أنَا مَن خَانَ الأَمَانةَ يَا أَمَانَةَ جِدّهْ !
...
فلمّا فرِغتُ مِن البُكاءِ بِداخِلِي عَلى ذِكرياتِ أمسٍ...
مِن اطفالٍ يَغرقُون... وأمّهاتٍ يُحاولُون مُسَاعدَتهُم ويَغرقُونَ مَعَهُم...
رأيتُ الطِفلةَ نَفسَهَا التِي كَانَت بِجانِبِي أمَامَ وَجهِي مُباشَرةً تُشيرُ إلى أُمّهَا...
أُمّها التِي بدأ جِسمُهَا يَرتَجِفُ... لَم أفرّق... هَل هي رَجفةُ بردٌ أم سَكرةُ... سَكرةُ... سَكرةُ مَــوت...
فَلَم أستطِع المُقَاومَة...
دَخلتُ بَيتِي وأخرَجتُ كُلّ مالدَيّ مِن أغطيةً وألحِفَة
وَرَمَيتُها فِي السمَاء...
ومَا أروَعَ ذلِك الشُعُور...
عِندما رأيتُهُم كُلّهم يقِفون عَلَى أقدَامِهِم ويَتَسابَقوُن لأخذِ فِراشْ...
فأقفلتُ البابَ ورائِي وأنَا فِي الخارجْ...
وذَهبتُ ونِمتُ بالشَارِعِ مَعَهم رحمةً مِنّي...
ورأسِي مُتكأً عَلَى عَمُود الإنارة...
ودَعَوتٌ بِهذا الدُعاءْ "ربّي إن كَانَت هذهِ رحمةٌ منّي وهَبتهَا لِي... فأوهبنَا رحمةً مِن رَحمتِكَ يأرحمَ الرآحمِين"
وَسَقطتُ نَائِماً