عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-2010, 11:01 AM
المشاركة 3

 

  • غير متواجد
رد: سلامة الصدر..~ : أ. حورية قاضي.
طرق العلاج:-
1- الإخلاص وصدق اللجوء إلى الله والاستعانة به على طرد الخواطر، والهواجس، ومكائد الشيطان، والنفس ، والهوى، وتكرار الآية : { وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا }. (الحشر:10)
2- رضا العبد عند ربه وامتلاء قلبه بالله، وتذكر نعمه عليه، يقول ابن القيم رحمه الله في الرضا: "إنه يفتح للعبد باب السلامة؛ فيجعل قلبه نقياً من الغش، والغل، وكلما كان العبد أشد رضاً كلما كان قلبه أسلم " إلى أن قال : " والحاسد يكره نعمة الله على عبده، وقد أحبها الله ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك؛ فهو مضاد لله في قضاءه وقدره".
3- ضبط النفس في كل ميدان، ولا سيما مجال الحوار والنقاش ووزن الكلام قبل الشروع في نطقه، يقول الشيخ إبراهيم الدويش : " إذا سمعت أحداً يقول فيك شيئاً أو آذاك فإن النفس البشرية بطبعها قد يدور داخلها الانتقام والتشفي ، ولكن مهما كان ذاك الأذى على الإنسان رعاية تلك النفس وتربيتها فإن صاحب الخلق لا يتضح خلقه إلا في المواقف العصيبة، أما البسيطة؛ فهي سهلة ميسرة" ، وها هو الإمام أحمد يأتي إليه رجل فيقول: " نكتب عن محمد الطوسي؟ فقال الإمام : إذا لم تكتب عن محمد فعمن يكون ذلك ؟ قالها مراراً، ولكن هل تعرفون من هو محمد ؟ قال الرجل : إنه يتكلم فيك ، ترى ماذا قال الإمام أحمد وهو يعلم ذلك ؟! قال : رجل صالح ابتلى فينا فما نعمل ؟ ".
4- يلي كظم الغيظ : العفو، والصفح ثم الدفع بالتي هي أحسن، وذلك بدفع أي إساءة توجه له، وأية كلمة يواجه بها بالتي هي أحسن ابتغاء مرضاة الله، قال تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }. (فصلت:34-36)
يقول الميداني في كتابه الأخلاق : فمن صبر على سوء أخلاق من أساء إليه مرة بعد مرة، ولم يقابل سفاهته بالغضب ونصحه برفق وأبان له أنه قادر على أن ينتقم منه إلا أنه آثر أن يدفع بالتي هي أحسن، لابد أن يحرك فيه جذر الحياء الكمين في أعماق نفسه، ومع الاستحياء تتصاغر نفسه، وتتهدم عداوته التي حركته إلى الإساءة حتى يكون ولياً حميماً.
ويقول : قوله تعالى بعد طلب الاستعاذة بالله من نزغ الشيطان إنه سميع عليم: يدل على أن الاستعاذة باللسان لا تفسد إلا إذا حضر في القلب العلم بمعنى الاستعاذة؛ فكأنه تعالى قال : اذكر لفظ الاستعاذة بلسانك؛ فإني سميع ، واستحضر معاني الاستعاذة بعقلك، وقلبك؛ فإني عليم بما في ضميرك.
5- أن نضع قاعدة في تعاملنا مع الآخرين ، وهي إن طبقت استطعنا بإذن الله القضاء على الخلافات، وهي : [ عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ] ، وجاء في الحديث الذي رواه مسلم : [فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ].
يقول الميداني – بتصرف - : " وهذه القاعدة تشتمل على ميزان دقيق يهدي البصيرة الأخلاقية؛ فكلما اشتبه على الإنسان أمر السلوك؛ فالأمر الذي يستحسنه لنفسه من الآخرين مما لا معصية لله فيه هو الأمر الذي تدعو إليه الفضيلة الخلقية، وعلى المؤمن بناء على هذا أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه مصداقاً للحديث : [ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ] (متفق عليه) ، بذلك يعامل المسلم أخاه؛ كأنه نفس ثانية له؛ فيكون صادقاً معه، والحديث يقول : لا يؤمن ، والإيمان أعظم عنصر مسعد في حياة الإنسان لا يعرف قيمته إلا من ذاق حلاوة الإيمان، وحلاوته يذوقها المؤمنون حينما يعملون أعمالاً يقتضيها الإيمان ، وحينما يستجيبون لندائه في عمل من أعماله أو ظاهرة من ظواهره.
6- الإعذار وحسن الظن يقول محمد بن سيرين : " إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً؛ فإذا لم تجد له عذراً فقل لعل له عذراً لا أعرفه".
يقول الإمام الغزالي : " ومهما خطر لك خاطر بسوء على مسلم ؛ فينبغي أن تزيد في مراعاته وتدعو له بالخير؛ فإن ذلك يغيض الشيطان ويدفعه عنك ، وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور باطلاعك على نقصه ". الله أكبر ! ما هذه المعاني العظيمة في التعامل مع الآخرين ؟!
وقد قيل : ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذراً؛ فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك؛ فتقول لقلبك : ما أقساك يعتذر إليك أخوك سبعين عذراً؛ فلا تقبله ! فأنت المعيب لا أخوك.
7- الزهد في الدنيا ، والعلم بحقارتها، والزهد بما في أيدي الناس، وهذا مدعاة لحبهم، لقوله r: [ وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ].
8- السعي للإصلاح والقضاء على المشاكل والخلافات أول بأول بالمصارحة الودية حتى لا تتراكم في النفس ، وعدم العجلة في أخذ التصرف.
9- الانشغال بعيوب النفس، والعمل على إصلاحها.
10- "هذه النقطة ذكرت في إحدى الاستبانات وهي جيدة" : استحضار الهدف الأساسي من خلق الإنسان.
11- الصدقة : لأنها تطهر القلب وتزكي النفس، يقول الله تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } (التوبة:103) ، ويقول r : [ داووا مرضاكم بالصدقة ]، وأحق المرضى بالمداواة مرضى القلوب، وأحق القلوب هو قلبك الذي بين جنبيك.
12- صوم ثلاثة أيام من كل شهر: جاء في الحديث : [ ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر: صوم ثلاثة أيام من كل شهر ]. (صححه الألباني)
وحر الصدر هو : الغل، وذكر العلماء أن سبب ذلك أن الإنسان صاحب قوتين :
أ. قوة غضبية.
ب. قوة شهوانية.
ومن أنفع الأشياء لتسكين ذلك ؛ الصوم؛ لأنه يضعف إرادة التشفي، والانتقام.
13- ومن العلاجات الناجعة – وهي مجربة – الدعاء لمن ظلمك؛ فلها طيب على القلب، وهي عامل كبير لدحض نزغ الشيطان، ومنها الجود بالعرض: كما فعل أبو ضمضم.
14- تذكر الآية : { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ }. (فاطر:43)
يقول السعدي رحمه الله : " أي الذي مقصوده سيء ومآله وما يرمي إليه سيء باطل؛ فمكره إنما يعود إليه"، وقال : " سنة الله لا تتغير فكل من سار في الظلم، والعناد، والاستكبار على العباد فلابد أن تحل به نقمته وتسلب عنه نعمته".

الخاتمة:-
أخواتي: إن قضية سلامة الصدر قضية تحتاج إلى التدرج في البناء التربوي الأخلاقي حتى نصل إلى ما هو أفضل ، وقد خلق الله جل شأنه الدنيا في ستة أيام من أيامه تبارك وتعالى، وكان في قدرته أن يخلقها في كلمة : كن فيكون، ولكنه عز وجل اختار لنفسه سنة الإنشاء المتدرج؛ فلا تيأسي إذا أخفقت مرة أو مرتين في التخلص من صفة سيئة اكتشفتها في نفسك ؛ بل توكلي واستعيني ، ومع الإخلاص والمجاهدة ستصلين بإذن الله: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }. (العنكبوت:69)
وأوصيك بالإكثار من قراءة القرآن؛ ففيه شفاء للصدور : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ }. (يونس:57)

أقول ذلك وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

"

ياربّ الطمأنينة التي تملأُ قلبي بذكرك ..