ads | ||||
---|---|---|---|---|
دليل المواقع السعودية | انشأ رابط لصفحاتك | اعلانات المبوبة | نشر بلس | اختصار واتساب |
|
|
|
الْحَسِيبُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحسيب، وهو اسم له ثابتٌ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً} [النساء: 86] وقولـه: {وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً} [النساء: 6 والأحزاب: 39] الدليل من السنة: حديث أبي بكرة رضي الله عنه: (( إن كان أحدكم مادحاً لا محالة؛ فليقل: أحسب كذا وكذا - إن كان يرى أنه كذلك -، وحسيبه الله، ولا يُزكَّى على الله أحد)) قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (فمن أظهر لنا خيراً؛ أمَّناه وقرَّبناه، وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته) ومعنى الحســيب؛ أي: الحفيظ، والكافي، والشهيد، والمحاسب انظر: تفسير الآية 6و86 من سورة النساء في (تفسير ابن جرير) وابن الجوزي في (زاد المسير) صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص113 الْحِفْظُ صفةٌ من صفاته تعالى الثابتة بالكتاب والسنة من اسميه (الحافظ) و(الحفيظ) الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [هود: 57] وقولـه: {فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ} [يوسف: 64] الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما المشهور: (( احفظ الله يحفظك )) يقول ابن القيم : وَهُوَ الحَفِيظُ عَلَيْهِمُ وَهُوَ الكَفِيلُ بِحِفْظِهِمْ مِنْ كُلِّ أمْرٍ عانِ يقول الهرَّاس في الشرح (باختصار): ومن أسمائه سبحانه: الحفيظ، وله معنيان: أحدهما: أنه يحفظ على العباد ما عملوه من خير وشر، وعرف ونكر، وطاعة ومعصية والمعنى الثاني من معنيي الحفيظ: أنه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون وحفظه لخلقه نوعان: عام وخاص فالعام هو حفظه لجميع المخلوقات.. والنوع الثاني حفظه الخاص لأوليائه حفظاً زائداً على ما تقدم؛ يحفظهم عما يضر إيمانهم ويزلزل يقينهم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص113 الْحَفِيُّ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه حفيٌّ، وهذا ثابت بالكتاب العزيز الدليل: قولـه تعالى: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيَّاً} [مريم: 47] ومعنى الحفيِّ؛ أي: البَر اللطيف قاله الراغب في (المفردات) وقال ابن قتيبة في (تفسير غريب القرآن): أي: بارَّاً عوَّدني منه الإجابة إذا دعوته صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص114 الْحَقُّ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحق سبحانه وتعالى، وهو اسمٌ له ثابتٌ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج: 6] وقولـه تعالى: {فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكـَرِيمِ} [المؤمنون: 116] الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضــي الله عنهما: (( أنت الحق وقولك الحق)) قال قَوَّام السنة: ومن أسمائه تعالى: الحق، وهو المتحقق كونه ووجوده، وكل شيء صح وجوده وكونه فهو حق اهـ وبنحوه قال ابن الأثير ، وقال السعدي: الحق؛ في ذاته وصفاته؛ فهو واجب الوجود، كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء من الأشياء إلاَّ به، فهو الذي لم يزل ولا يزال بالجلال والجمال والكمال موصوفاً ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً، فقولـه حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسله حق وكتبه حق، ودينه هو الحق، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق، وكل شيء ينسب إليه فهو حق،{ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج:62]، {وَقُل الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29]، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ} [يونس:32] 00 اهـ قلت: قولـه: وكل شيء ينسب إليه فهو حق؛ أي: كل شيء ينسب إليه بحق، فهو حق صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص115 الْحِكْمَةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، و(الحكيم) من أسمائه تعالى، وهو ثابتٌ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 18] وقولـه: {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228] الدليل من السنة: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (( وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم )) قال ابن القيم : وهو الحكيمُ وذَاكَ من أوْصَافِه حُكْمٌ وإحْكَامٌ فَكُلٌّ مِنْهُمَا نَوْعَانِ أيْضاَ مَا هُمَا عَدَمَانِ نَوْعَانِ أيْضاً ثَابِتا البُرْهَانِ قـال الهرَّاس: ومن أسمائـه الحسنى سبحانه: (الحكيم)، وهو إما فعيل بمعنى فاعل؛ أي: ذو الحكم، وهو القضاء على الشيء بأنه كذا أو ليس كذا، أو فعيل بمعنى مفعل وهو الذي يُحكِم الأشياء ويتقنها، وقيل: الحكيم ذو الحكمة، وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص116 الْحِِلْمُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بالحِلم، وهي صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ له بالكتاب والسنة، و(الحليم) اسم من أسمائه تعالى الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263] وقولـه: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41] الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم )) قال ابن القيم : وَهُوَ الحليمُ فَلاَ يُعاجِلُ عَبْدهُ وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى بعُقُوبَةٍ لِيَتُوبَ منْ عِصْيَانِ لَوْلاَهُ غَارَ الأرْضُ بِالسُّكَّانِ وقال الهرَّاس في (الشرح): ومن أسمائه سبحانه (الحليم) و(العفو)؛ فالحليم الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة؛ رجاء أنَّ يتوبوا، ولو شاء؛ لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم؛ فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة، ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم؛ كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} [فاطر:45] صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص117 الْحَمِيدُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الحميد، وهو صفةٌ ذاتيةٌ له، و(الحميد) اسم من أسمائه ثابتٌ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: 1- قولـه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267] 2- وقولـه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُم الْفُقَرَاءُ إلى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15] الدليل من السنة: حديث كعبٍ بن عُجرة رضي الله عنه في التشهد: (( قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)) المعنى: قال ابن منظور في (اللسان): الحميد من صفاته سبحانه وتعالى، بمعنى المحمود على كل حال، وهو فعيل بمعنى مفعول وقال ابن الأثير: الحميد: المحمود، الذي استحق الحمد بفعله، وهو فعيل بمعنى مفعول صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص118 |
الْحَنَانُ (بمعنى الرحمة) صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيَّاً} [مريم: 12-13] الدليل من السنة: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: ((يوضع الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك كحسك السعدان ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أنَّ لا إله إلا الله مخلصاً، فيخرجونهم منها، قال: ثم يتحنَّن الله برحمته على مَن فيها، فما يترك فيها عبداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها)) قال ابن جرير: قولـه: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا}: يقول تعالى ذكره: ورحمة منا ومحبة له آتيناه الحكم صبيّاً، وقد اختلف أهل التأويل في معنى الحنان، فقال بعضهم: معناه: الرحمة اهـ، ثم نسب ذلك بإسناده إلى ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة، ثم قال: وقال آخرون: معنى ذلك: وتعطُّفاً من عندنا عليه فعلنا ذلك، ونسب ذلك بإسناده إلى مجاهد، ثم قال: وقال آخرون: بل معنى الحنان: المحبة، ووجهوا معنى الكلام إلى: ومحبة من عندنا فعلنا ذلك، ثم نسب ذلك بإسناده إلى عكرمة وابن زيد، ثم قال: وقال آخرون: معناه ت عظيماً منَّا له، ونسب ذلك بإسناده إلى عطاء بن أبي رباح ثم قال: وأصل ذلك - أعني: الحنان- من قول القائل: حنَّ فلان إلى كذا، وذلك إذا ارتاح إليه واشتاق ثم يقال: تحنَّن فلان على فلان: إذا وصف بالتعطُّف عليه والرقة به والرحمة له؛ كما قال الشاعر: تَحَنَّنْ عليَّ هَداك المليكُ فإنَّ لِكُلِّ مَقامٍ مَقالاً بمعنى: تعطَّف عليَّ؛ فالحنان: مصدر من قول القائل: حنَّ فلانٌ على فلانٍ، يقال منه: حننتُ عليه؛ فأنا أحِنُّ عليه، وحناناً اهـ وقال الفراء: وقولـه: {وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا} الحنان: الرحمة، ونصب {حناناً}؛ أي: وفعلنا ذلك رحمة لأبويه اهـ وبنحوه قال ابن قتيبة، ونسب البيت السابق للحطيئة يخاطب فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وروى أبو عبيد القاسم بن سلاَّم عن أبي معاوية (الضرير) عن هشام بن عروة عن أبيه؛ أنه كان يقول في تلبيته: لبيك ربنا وحنانيك وهذا إسناد صحيح، وعروة بن الزبير تابعي ثقة، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة قال أبو عبيد: قولـه: حنانيك؛ يريد: رحمتك والعـرب تقول: حنانك يا رب، وحنـانيك يا رب؛ بمعنى واحد اهـ وقال أبو موسى المديني: في حديث زيد بن عمرو: ((حنانيك؛ أي: ارحمني رحمة بعد رحمة))اهـ وقال الأزهري: روى أبو العباس عن ابن الأعرابي؛ أنه قال: الحنَّان: من أسماء الله؛ بتشديد النون؛ بمعنى: الرحيم قال: والحنَان؛ بالتخفيف: الرحمة قال: والحنان: الرزق، والحنان: البركة، والحنان: الهيبة والحنان: الوقار ثم قال الأزهري: وقال الليث: الحنان: الرحمة، والفعل التحنُّن قال: والله الحنَّان المنَّان الرحيم بعباده،ومنه قولـه تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا}؛ أي: رحمة من لدنا قلت (أي: الأزهري): والحنَّان من أسماء الله تعالى،جاء على فعَّال بتشديد النون صحيح، وكان بعض مشايخنا أنكر التشديد فيه؛ لأنه ذهب به إلى الحنين، فاستوحش أنَّ يكون الحنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الحنَّان: الرحيم،من الحنان،وهو الرحمة ثم قال: قال أبو إسحاق: الحنَّان في صفة الله: ذو الرحمة والتعطف اهـ كلام الأزهري وقال أبو سليمان الخطابي: الحنَّان: ذو الرحمة والعطف، والحنان – مخفف - الرحمة وقال ابن تيمية: وقال (يعني: الجوهري): الحنين: الشوق، وتوقان النفس وقال: حنَّ إليه يحنُّ حنيناً فهو حانٌّ، والحنان: الرحمة، يقال: حنَّ عليه يـحنُّ حناناً، ومنه قولـه تعالى: {وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا وزكاةً} والحنَّان بالتشديد: ذو الرحمة، وتحننَّ عليه: ترحَّم، والعرب تقول: حنانيك يا رب! وحنانك! بمعنى واحد؛ أي: رحمتك وهذا كلام الجوهري، وفي الأثر في تفسير الحنَّان المنَّان: أنَّ الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه، والمنَّان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، وهذا باب واسع اهـ كلام ابن تيمية وقال ابن القيم راداً على الجهمية نفاة الصفات: قالوا وليس لربِّنَا سَمْعٌ ولا بَصَرٌ ولا وَجْهٌ فكيفَ يَدَانِ وكذاك ليس لربِّنَا من قُدْ رَةٍ وإرادةٍ أو رحمةٍ وحَنَانِ كلا ولا وَصْفٌ يَقُومُ بِه سِوى ذاتٌ مجردةٌ بِغَيْرِ مَعَانِ تنبيهات: الأول: فَسَّرَ بعض المفسرين، ومنهم ابن كثير: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا}؛ أي آتيناه الحكم وحناناً وزكاةً؛ أي: جعلناه ذا حنان وزكاة، فيكون الحنان صفة ليحيى عليه الصلاة والسلام الثاني: روى ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجه؛ من طريق وكيع عن أبي خزيمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: ((سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك، لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض )) وهذا إسناد صحيحورواه أحمد، والنسائي، وأبو داود، والطبراني، والبغوي، والحاكم؛ من طريق خلف بن خليفة عن حفص بن عمر أخي أنس بن مالك لأمه؛ بلفظ: ((المنَّان)) وأخرجه أحمد من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان)) وأخرجه ابن حبان من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان المنَّان)) وخلف بن خليفة: قال عنه الحافظ في (التقريب): صدوق، اختلط في الآخر وادَّعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد اهـ الثالث: روى الإمام أحمد وغيره حديث: ((أنَّ عبداً في جهنم لينادي ألف سنة يا حنَّان يا منَّان )) وإسناده ضعيفالرابع: روى الحاكم من طريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان حديث: ((إنَّ لله تعالى تســعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة )) فذكرها وعدَّ منها: ((الحنَّان)) ، وعبد العزيز هذا ضعيف، قال عنه الحافظ: متفق على ضعفه، وهَّاه البخاري ومسلم وابن معين، وقال البيهقي: ضعيف عند أهل النقل اهـ قال الخطابي: ومما يدعو به الناس خاصُّهم وعامُّهم وإن لم تثبت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحنَّان اهـ هذا حسب النسخة المغربية كما أفاده الأستاذ أحمد يوسف الدقاق محقق الكتاب وفي النسخة التيمورية زيادة: ((المنَّان))، وأظنها خطأ من الناسخ، وعلى أية حال فقد تقدم إثبات أنَّ ((المنَّان)) من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ والخلاصة: أنَّ عدَّ بعضهم (الحنَّان) من أسماء الله تعالى فيه نظر؛ لعدم ثبوته والله أعلم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص119 |
الْحَيَاءُ وَالاسْتِحْيَاءُ صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة،و(الحيي) من أسمائه تعالى الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] قولـه تعالى: {وَاللهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53] الدليل من السنة: حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه مرفوعاً: ((… وأما الآخر؛ فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر؛ فأعرض، فأعرض الله عنه)) حديــث سلـمان رضي الله عنه؛ قال: قـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أنَّ يردهما صفراً خائبتين)) رواه الترمـذي واللفظ له، وأبو داود، وأحمـد، والحاكـم انظر: (جامـع الأصول 2118)، و(صحيح الجامع 1757 ومِمَّن أثبت صفة الاستحياء من السلف الإمام أبو الحسن محمد بن عبدالملك الكرجي فيما نقله عنه شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى 4/181)؛ موافقاً له وقال ابن القيم : وهو الحييُّ فليسَ يفضحُ عبده عنـدَ التجـاهُرِ منهُ بالعصـــيانِ لــكــنَّهُ يُلقِي علـــيه سِـــترهُ فَهُو السِّتِّيرُ وصـاحب الغفرانِ قال الهرَّاس: وحياؤه تعالى وصف يليق به، ليس كحياء المخلوقين، الذي هو تغير وانكسار يعتري الشخص عند خوف ما يعاب أو يذم، بل هو ترك ما ليس يتناسب مع سعة رحمته وكمال جوده وكرمه وعظيم عفوه وحلمه؛ فالعبد يجاهره بالمعصية مع أنه أفقر شيء إليه وأضعفه لديه، ويستعين بنعمه على معصيته، ولكن الرب سبحانه مع كمال غناه وتمام قدرته عليه يستحي من هتك ستره وفضيحته، فيستره بما يهيؤه له من أسباب الستر ثم بعد ذلك يعفو عنه ويغفر اهـ قـال الأزهـري: وقـال الليث: الحياء من الاستحياء؛ ممدود قلت: وللعرب في هذا الحرف لغتان: يُقال: استحى فلان يستحي؛ بياء واحدة واستحيا فلان يستحْيِي؛ بياءين، والقرآن نزل باللغة التامَّة؛ (يعني الثانية) اهـ صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص125 الْحَيَاةُ صفة من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الذاتية الثابتة بالكتاب والسنة، و(الحي) اسم من أسمائه تعالى الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] وقولـه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوت} [الفرقان: 58] الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((اللهم لك أسلمت، وبك آمنت أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون)) قال شيخ الإسلام: كلامه وحياته من صفات الله كعلمه وقدرته و قال: لم يعبر أحد من الأنبياء عن حياة الله بأنها روح الله فمن حمل كلامَ أحدٍ من الأنبياء بلفظ الروح أنه يراد به حياة الله فقد كذب و قال الهرَّاس في (شرحه للنونية) : ومعنى الحي: الموصوف بالحياة الكاملة الأبدية، التي لا يلحقها موت ولا فناء، لأنها ذاتية له سبحانه، وكما أنَّ قيوميته مستلزمة لسائر صفات الكمال الفعلية؛ فكذلك حياته مستلزمة لسائر صفات الكمال الذاتية من العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والعزة والكبرياء والعظمة ونحوها اهـ فائدة: في حديث الإفك عند البخاري ومسلم: ((قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: يا رسول الله! أنا والله أعذرك منه، إن كان من الأوس؛ ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج؛ أمرتنا، ففعلنا فيه أمـرك فقال سـعد بن عبادة رضي الله عنه: كذبت لعمر الله؛ لا تقتله، ولا تقـدر على ذلك فقام أسيد بن الحضـير رضي الله عنه فقال: كذبت لعـمر الله؛ لنقتلنَّه )) قال الحافظ: العَمْر؛ بفتح العين المهملة: هو البقاء وهو العُمُر بضمها، لكن لا يستعمل في القسم إلا بالفتح وقال القاضي عياض: وقولـه: ((لعمر الله))؛ أي: بقاء الله وقال البيهقي: فحلف كلُّ واحد منهما بحياة الله وببقائه والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص127 الْخَبِيرُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، وذلك من اسمه (الخبير) الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3] وقولـه:{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 73] الدليل من السنة: حديث عائشة رضي الله عنها؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لها في قصة تتبعها له إلى البقيع: ((ما لك يا عائش حشياً رابية ؟)) قالت: قلت: لا شيء قال: ((لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير)) معنى (الخبير): 1- العالم بما كان وما يكون: قاله ابن منظور في ((اللسان)) 2- وقال الخطابي: هو العالم بكنه الشيء، المطلع على حقيقته 3- وقال أبو هلال العسكري: الفرق بين العلم والخَبْر: أنَّ الخَبْر هو العلم بكنه المعلومات على حقائقها؛ ففيه معنى زائد على العلم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص129 الْخِدَاعُ لِمَنْ خَادَعَهُ الخداعُ صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ الفعليَّة الخبريَّة الثابتة بالكتاب والسنة، ولكنه لا يوصف بها على سبيل الإطلاق، إنما يوصف بها حين تكون مَدْحاً الدليل من الكتاب: قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] الدليل من السنة: حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه، ((أنَّ أم كلثوم بنت عقبة كانت عنده، فقالت له وهي حامل: طيِّب نفسي بتطليقة فطلقها تطليقة، ثم خرج إلى الصلاة، فرجع وقد وضعت، فقال: ما لها خدعتني خدعـها الله؟! ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سبق الكتاب أجله، اخطبها إلى نفسها)) قال ابن القيم في (إعلام الموقعين) بعد أنَّ ذكر آيات في صفة (الكيد) و(المكر): قيل: إنَّ تسمية ذلك مكراً وكيداً واستهزاءً وخداعاً من باب الاستعارة ومجاز المقابلة؛ نحو: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:40]، ونحو قولـه: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]، وقيل - وهو أصوب-: بل تسميته بذلك حقيقة على بابه؛ فإنَّ المكر إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة اهـ قلت: قولـه عن القول الثاني: وهو أصوب: قد يوهم أنَّ الأول صواب، والحق أنَّ القول الأول باطل مخالف لطريقة السلف في الصفات، وانظر كلامه رحمه الله في (مختصر الصواعق المرسلة) وقال الشيخ عبد العزيز بن بار معقباً على الحافظ ابن حجر لَمَّا تأوَّل صفةً من صفات الله: هذا خطأ لا يليق من الشارح، والصواب إثبات وصف الله بذلك حقيقة على الوجه اللائق به سبحانه كسائر الصفات، وهو سبحانه يجازي العامل بمثل عمله فمن مكر؛ مكر الله به، ومن خادع؛ خادعه، وهكذا من أوعى؛ أوعى الله عليه وهذا قول أهل السنة والجماعة؛ فالزمه؛ تفز بالنجاة والسلامة، والله الموفق اهـ وسئل الشيخ العثيمين -رحمه الله- في (المجموع الثمين): هل يوصف الله بالخيانة والخداع كما قال الله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} فأجاب بقولـه: أما الخيانة؛ فلا يوصف الله بها أبداً؛ لأنها ذم بكل حال؛ إذ إنها مكر في موضع الائتمان وهو مذموم؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [الأنفال: 71]، ولم يقل: فخانهم وأما الخداع؛ فهو كالمكر، يوصف الله تعالى به حين يكون مدحاً، ولا يوصف به على سبيل الإطــلاق؛ قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُـمْ} [النساء: 142] اهـ وانظر كلام ابن جرير الطبري في صفة (الاستهزاء)؛ فإنه مهم، وكلام الشيخ محمد بن إبراهيم في صفة (الملل) صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص129 |
الْخَلْقُ صفةٌ من صفات الله الفعلية الثابتة بالكتاب والسنة، وهي مأخوذة أيضاً من اسميه (الخالق) و(الخلاَّق)، وهي من صفات الذات وصفات الفعل معاً الدليل من الكتاب: وردت هذه الصفة في القرآن مرات عديدة، تارة بالفعل (خَلَقَ)، أو بمصدره، وتارة باسمه (الخالق) أو (الخلاَّق)، ومن ذلك: قولـه تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ واَلأمْرُ} [الأعراف: 54] وقولـه: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86] وقولـه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16] وقولـه: {هُوَ اللهُ الْخـَالِقُ الْبَارِيءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24] الدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كَخَلْقي؛ فليخلقوا ذرَّة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة)) حديث عائشة رضي الله عنها في التصاوير: (( أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله )) قال الأزهري: ومن صفات الله: الخالق والخلاق، ولا تجوز هذه الصفة بالألف واللام لغير الله جل وعز والخلق في كلام العرب ابتداع الشيء على مثال لم يسبق إليه وقال أبو بكر بن الأنبـاري: الخلق في كلام العرب على ضربين: أحـــدهما: الإنشاء على مثال أبدعه والآخر: التقدير وقال في قول الله جَلَّ وعَزَّ: {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14]: معناه: أحسن المقدرين اهـ وقال ابن تيمية: وأما قولنا: هو موصوف في الأزل بالصفات الفعلية من الخلق والكرم والمغفرة؛ فهذا إخبار عن أنَّ وصفه بذلك متقدم؛ لأن الوصف هو الكلام الذي يخبر به عنه، وهذا مما تدخله الحقيقة والمجاز، وهو حقيقة عند أصحابنا، وأما اتصافه بذلك؛ فسواء كان صفةً ثبوتِيَّةً وراء القدرة أو إضافية؛ فيه من الكلام ما تقدم وقال في موضع آخر: والله تعالى لا يوصف بشيء من مخلوقاته، بل صفاته قائمة بذاته، وهذا مطرد على أصول السلف وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم، ويقولون: إنَّ خلق الله للسماوات والأرض ليس هو نفس السماوات والأرض، بل الخلق غير المخلوق، لاسيما مذهب السلف والأئمة وأهل السنة الذين وافقوهم على إثبات صفات الله وأفعاله وقال في موضع ثالث: ولهذا كان مذهب جماهير أهل السنة والمعرفة - وهو المشهور عند أصحاب الإمام أحمد وأبي حنيفة وغيرهم من المالكية والشافعية والصوفية وأهل الحديث وطوائف من أهل الكلام من الكرامية وغيرهم - أنَّ كــون الله سبحانه وتعالى خالقاً ورازقاً ومحيياً ومميتاً وباعثاً ووارثاً وغير ذلك من صفات فعله، وهو من صفات ذاته؛ ليس من يخلق كمن لا يخلق ومذهب الجمهور أنَّ الخلق غير المخلوق؛ فالخلق فعل الله القائم به، والمخلوق هو المخلوقات المنفصلة عنه وقـد نقل رحمه الله في (مجموع الفتاوى) قول أبي يعلى الصغير الحنبلي: فالخلق صفة قائمة بذاته، والمخلوق الموجود المخترَع، وهذا بناء على أصلنا، وأن الصفات الناشئة عن الأفعال موصوف بها في القدم، وإن كانت المفعولات محدثة قال: وهذا هو الصحيح صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص131 الخُلَّةُ صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، فالله عَزَّ وجَلَّ يحبُ ويخالِلُ من يشاء ويكرهُ ويبغضُ من يشاء الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125] الدليل من السنة: حديث: (( ولقد اتخذ الله صاحبكم خَلِيلاً))؛ يعني نفسه صلى الله عليه وسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((قيل: يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم، فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله؛ )) قال البغوي في تفسير آية النساء: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}؛ صفيَّاً، والخُلَّةُ: صفاء المودة، ثم قال: قال الزجاج: معنى الخليل الذي ليس في محبته خلل والخُلَّة: الصداقة، فسمي خليلاً لأن الله أحبه واصطفاه وقال ابن كثير في تفسير الآية نفسها: وإنما سمي خليل الله لشدة محبة ربه عَزَّ وجَلَّ له؛ لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها ونقل ابن تيمية من كلام أبي عبد الله محمد بن خفيف من كتابه (اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات) قولـه: والخُلَّة والمحبة صفتان لله، هو موصوف بهما، ولا تدخل أوصافه تحـت التكييف والتشبيه وصفات الخلق من المحبة والخُلَّة جائز عليها الكيف صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص134 الدَّلالَةُ أو الدَّلِيِلُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الدليل يدُلُّ عباده ويهديهم طريق الرشاد وليس الدليل من أسمائه والدليل: الهادي، والدِّلالة (بفتح الدال وكسرها): الهداية الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10] الدليل من السنة: حـديث أبيِّ بن كعب رضي الله عنـه قـال: سمعت رســول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه بينما موسى عليه السلام في قومه يذكرهم بأيام الله - وأيام الله: نعماؤه وبلاؤه - إذ قال: ما أعلم في الأرض رجلاً خيراً وأعلم مني، قال: فأوحى الله إليه إني أعلم بالخير منه، أو عند من هو، إنَّ في الأرض رجلاً هو أعلم منك قال: يا رب فَدُلَّنِي عليه)) قال شيخ الإسلام: وهدايتُه ودلالتُه من مقتضى اسمه الهادي وفي الأثر المنقول عن أحمد بن حنبل أنه أمر رجلا أنْ يقول يا دليل الحيارى دُلَّنِي على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين وقال: وفي الدعاء الذي علَّمه الإمام أحمد لبعض أصحابه: (يا دليل الحيارى دُلَّنِي على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين) ولهذا كان عامة أهل السنة من أصحابنا وغيرهم على أنَّ الله يسمى دليلاً، ومنع ابن عقيل وكثيرٌ من أصحاب الأشعري أن يسمى دليلاً لاعتقادهم أنَّ الدليل هو ما يستدل به وأن الله هو الدالُّ وهذا الذي قالوه بحسب ما غلب في عرف استعمالهم من الفرق بين الدال والدليل وجوابه من وجهين؛ أحدهما: أنَّ الدليل معدول عن الدال وهو ما يؤكد فيه صفة الدلالة فكلُّ دليلٍ دالٌ وليس كلُّ دالٍ دليلاً، وليس هو من أسماء الآلات التي يفعل بها فإن فَعِيل ليس من أبنية الآلات كمِفْعَل ومِفْعَال، وإنما سُمِّي ما يستدل به من الأقوال والأفعال والأجسام أدلة باعتبار أنها تدل من يستدل بها كما يخبر عنها بأنها تَهْدِي وَتُرْشِدُ وَتَعْرِفُ وَتَعْلَمُ وَتَقُولُ وَتُجِيبُ وَتَحْكُمُ وَتُفْتِي وَتَقُصُّ وَتَشْهَدُ وإن لم يكن لها في ذلك قصد وإرادة ولا حس وإدراك كما هو مشهورٌ في الكلام العربي وغيره، فما ذكروه من الفرق والتخصيص لا أصل له في كلام العرب، الثاني: أنه لو كان الدليل من أسماء الآلات التي يفعل بها فقد قال الله تعالى فيما روى عنه نبيه في عبده المحبوب: فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يعقل، وبي ينطق، وبي يبطش، وبي يسعى، والمسلم يقول: استعنت بالله، واعتصمت به، وإذا كان ما سوى الله من الموجودات الأعيان والصفات يستدل بها سواء كانت حية أو لم تكن بل ويستدل بالمعدوم، فلأن يستدل بالحي القيوم أولى وأحرى، على أنَّ الذي في الدعاء المأثور: (يا دليل الحيارى دُلَّنِي على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين) يقتضي أنَّ تسميته دليلاً باعتبار أنه دالٌ لعباده لا بمجرد أنه يستدل به كما قد يستدل بما لا يقصد الدلالة والهداية من الأعيان والأقوال والأفعال اهـ قلت: أسماء الله توقيفية وليس منها (الدليل) وتوجيه كلام شيخ الإسلام في ردِّه على ابن عقيل وكثيرٍ من الأشاعرة أنهم لا يُوصِفُون الله بالدليل ويقولون هو دالٌ وليس دليلاً، فردَّ عليهم مُثبتاً صفةَ الدَّلالة لله عَزَّ وجَلَّ بما سبق نقله ومنه قولـه: (الدليل معدولٌ عن الدالِّ وهو ما يؤكد فيه صفةَ الدِّلالة فكلُّ دليلٍ دالٌ وليس كلُّ دالٍ دليلاً)؛ أما دعاء الإمام أحمد –إن صحَّ عنه- فليس فيه تسمية الله بـ (الدليل) إنما فيه مناداة الله عَزَّ وجَلَّ بصفة من صفاته وهذا جائز كقولك: يا فارج الهم ويا كاشف الغم، ويا دليل الحيارى ونحو ذلك، وليس الفارج والكاشف من أسمائه تعالى، والله أعلم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص135 الدَّيَّانُ يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه الدَيَّان الذي يجازي عباده بعملهم ،وهو اسم له ثابتٌ بالسنة الدليل: حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الناس يوم القيامة أو قال العباد عراة غرلاً بُهْمَاً قال قلنا وما بهما قال ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من قرب أنا الملك أنا الدَيَّان ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه)) وممن أثبت هذا الاسـم لله عَزَّ وجَلَّ الإمـام ابن القيـم في قصـيدته النـونـية المشهورة المسماة (الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية) في أكثر من موضع من ذلك قولـه: جَهْمُ بنُ صَفْوَانٍ وشِيِعَتِهِ الأُلَى جَحَدُوا صِفَاِت الخَاِلقِ الدَيَّان وفي (مختار الصحاح): وقولـه تعالى {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات:53] أي: لمجزيون محاسبون ومنه الدَيَّان في صفة الله تعالى وفي (لسان العرب): الدَيَّان من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ معناه: الحكم القاضي وسئل بعض السلف عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: كان ديان هذه الأمة بعد نبيها أي قاضيها وحاكمها، والدَيَّان: القهار وهو فعال من دان الناس أي قهرهم على الطاعة يقال دنتهم فدانوا أي قهرتهم فأطاعوا صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص138 الذَّاتُ يصح إضافة لفظة (الذات) إلى الله عَزَّ وجَلَّ؛ كقولنا: ذات الله، أو: الذات الإلهية لكن لا على أنَّ (ذات) صفة له، بل ذات الشيء بمعنى نفسه أو حقيقته وقد وردت كلمة (ذات) في السنة أكثر من مرة، ومن ذلك: ما رواه البخاري ومسلم؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((إنَّ إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث كذبات، اثنتين في ذات الله)) وما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة مقتل خبيب الأنصاري رضي الله عنه، وقولـه: ولَسْتُ أبالي حَيْنَ أُقْتَلُ مسلماً وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشأْ على أي شِقٍّ كان لله مصْرعِي يُبَارِكْ على أوْصَالِ شِلْوٍ مُمَـزَّعِ وقد أفرد قَوَّام السُّنَّة في (الحجة في بيان المحجة) فصلاً في الذات، فقال: فصل في بيان ذكر الذات، ثم قال: قال قوم من أهل العلم: ذات الله حقيقته وقال بعضهم: انقطع العلم دونها وقيل: استغرقت العقول والأوهام في معرفة ذاته وقيل: ذات الله موصوفة بالعلم غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهو موجود بحقائق الإيمان على الإيقان بلا إحاطة إدراك، بل هو أعلم بذاته، وهو موصوف غير مجهول، وموجود غير مدرك، ومرئي غير محاط به؛ لقربه، كأنك تراه، يسمع ويرى وهو العلي الأعلى، وعلى العرش استوى تبارك وتعالى، ظاهرٌ في ملكه وقدرته قد حجب عن الخلق كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته؛ فالقلوب تعرفه، والعقول لا تكيفه وهو بكل شيء محيط، وعلى كل شيء قدير اهـ وقال شيخ الإسلام: اسم (الله) إذا قيل: الحمد لله، أو قيل: بسم الله؛ يتناول ذاته وصفاته، لا يتناول ذاتاً مجردة عن الصفات، ولا صفات مجردة عن الذات، وقد نص أئمة السنة كأحمد وغيره على أنَّ صفاته داخلة في مسمى أسمائه، فلا يقال: إنَّ علم الله وقدرته زائدة عليه، لكن من أهل الإثبات من قال: إنها زائدة على الذات وهذا إذا أريد به أنها زائدة على ما أثبته أهل النفي من الذات المجردة؛ فهو صحيح؛ فإن أولئك قصروا في الإثبات، فزاد هذا عليهم، وقال: الرب له صفات زائدة على ما علمتموه وإن أراد أنها زائدة على الذات الموجودة في نفس الأمر؛ فهو كلام متناقض؛ لأنه ليس في نفس الأمر ذات مجردة حتى يقال: إنَّ الصفات زائدة عليها، بل لا يمكن وجود الذات إلا بما به تصير ذاتاً من الصفات، ولا يمكن وجود الصفات إلا بما به تصير صفات من الذات، فتخيل وجود أحدهما دون الآخر، ثم زيادة الآخر عليه تخيل باطل اهـ وقال في أيضاً: ويفرق بين دعائه والإخبار عنه؛ فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وأما الإخبار عنه؛ فلا يكون باسم سيء، لكن قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيئ، وإن لم يحكم بحسنه؛ مثل اسم: شيء، وذات، وموجود اهـ وقال الشيخ عبد الله الغنيمان: وبعض الناس يظن أنَّ إطلاق الذات على الله تعالى كإطلاق الصفات؛ أي أنه وصف له، فينكر ذلك بناء على هذا الظن، ويقول: هذا ما ورد، وليس الأمر كذلك، وإنما المراد التفرقة بين الصفة والموصوف، وقد تبين مراد الذين يطلقون هذا اللفـظ؛ أنهم يريدون نفـس الموصـوف وحقيقته فلا إنكار عليهم في ذلك؛ كما وضحه كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص139 الرَّأفَةُ صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الرؤوف)، وهو ثابت بالكتاب العزيز الدليل: قولـه تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [النور: 20] قولـه تعالى: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] والرأفة أشد وأبلغ من الرحمة قال ابن جرير في تفسير الآية 65 من سورة الحج {إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}: إنَّ الله بجميع عباده ذو رأفة، والرأفة أعلى معاني الرحمة، وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ولبعضهم في الآخرة وقال الخطابي: الرَّؤوف: هو الرحيم العاطف برأفته على عباده، وقال بعضهم: الرأفة أبلغ الرحمة وأرقها، ويقال: إنَّ الرأفة أخص والرحمة أعم، وقد تكون الرحمة في الكراهـة للمصلحة، ولا تكاد الرأفة تكون في الكراهة؛ فهذا موضع الفرق بينهما وقال الأزهري: ومن صفات الله عَزَّ وجَلَّ: الرؤوف وهو الرحيم، والرأفة أخص من الرحمة وأرقّ صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص141 |
الرُّؤيَةُ الرؤية - كالبصر والنظر- صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] وقولـه: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى} [العلق: 14] الدليل من السنة: حديث جبريل المشهور وفيه: (( قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه؛ فإنه يراك )) رواه البخاري، ومسلم؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ورواه مسلم أيضاً من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قول أنس بن النضر رضي الله عنه في غزوة أحد: (( لئن الله أشهدني قتال المشركين؛ لَيرَيَنَّ الله ما أصنع)) قـال قَوَّامُ السُّـنَّة الأصبهاني: قال الله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [هود:37]، وقال: {تَجْري بِأَعْيُنِنَا} [القمر:14]، وقال: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39]، وقال: {وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور:48]؛ فواجب على كل مؤمن أن يثبت من صفات الله عَزَّ وجَلَّ ما أثبته الله لنفسه، وليس بمؤمن من ينفي عن الله ما أثبته الله لنفسه في كتابه؛ فرؤية الخالق لا تكون كرؤية المخلوق، وسمع الخالق لا يكون كسمع المخلوق، قال الله تعالى: {فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُـونَ} [التوبة:105]، وليس رؤية الله تعالى أعمال بني آدم كرؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنـين، وإن كان اسم الرؤية يقع على الجميع، وقال تعالى: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ} [مريم:42] جل وتعالى عن أن يشبه صفة شيء من خلقه صفته، أو فعل أحد من خلقه فعله؛ فالله تعالى يرى ما تحت الثرى، وما تحت الأرض السابعة السفلى، وما في السماوات العلى، لا يغيب عن بصره شيء من ذلك ولا يخفي؛ يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى ما في السموات، وبنو آدم يرون ما قرب من أبصارهم ولا تدرك أبصارهم ما يبعد منهم، لا يدرك بصر أحد من الآدميين ما يكون بينه وبينه حجاب، وقد تتفق الأسامي وتختلف المعاني اهـ صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص142 رُؤْيَتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أهل السنة والجماعة يؤمنون أنَّ المؤمنين يرون ربهم عياناً يوم القيامة، وهذا ثابت بالكتاب والسنة الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22-23] الدليل من السنة: قولـه صلى الله عليه وسلم: ((إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون القمر ليلـة البدر، لا تضامون في رؤيته )) حديث صهيب رضي الله عنه مرفوعاً: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة؛ يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عَزَّ وجَلَّ، ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحسنَى وَزِيَادَةٌ})) قال أبو الحســن الأشعــري: وأجمعوا على أنَّ المؤمنين يرون الله عَزَّ وجَلَّ يوم القيامة بأعين وجوههم، على ما أخبر به تعالى، في قولـه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وقد بيَّن معنى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ودفع إشكالــه فيه؛ بقولـه للمؤمنين: ((ترون ربكم عياناً))، وقولـه: ((ترون ربكم يوم القيامة كما تـرون القمــر؛ لا تُضامون في رؤيته))، فبيَّن أنَّ رؤيـته تعالى بأعين الوجوه اهـ وقال الشيخ عبد الله الغنيمان: والأحاديث في رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة كثيرة جدّاً، وقد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقاها أتباعه بكل قبول وارتياح وانشراح لها وكلهم يرجو ربه ويسأله أن يكون ممن يراه في جنات عدن يوم يلقاه صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص144 الرُّبُوبِيَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ، وذلك من اسمه (الرب) الثابت بالكتاب والسنة في مواضع عديدة؛ تارة وحده (الرب)، وتارة مضافاً؛ مثل: (رب العالمين)، و(رب المشرقين) الدليل من الكتاب: قولـه تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] وقولـه: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] الدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً: ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً وساجداً، فأمـا الركوع؛ فعظموا فيه الرب عَزَّ وجَلَّ …)) حديث عمرو بن عبسة مرفوعاً: ((أقرب ما يكون الرَّبُّ من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة؛ فكن)) ومعنى الرَّب: المالك والمتصرف والمدبر والسيد والمربي قال ابن قتيبة: ومن صفاته (الرب)، والرب المالك، يُقال: هذا رب الدار ورب الضيعة ورب الغلام؛ أي: مالكه قال الله سبحانه: {ارْجعْ إلى رَبِّك}؛ أي: إلى سيدك ولا يُقال لمخلوق: هذا الرَّبُّ؛ معرفاً بالألف واللام؛ كما يُقال لله، إنما يُقال: هذا رب كذا، فيُعرَّف بالإضافة؛ لأن الله مالك كل شيء فإذا قيل: الرَّبُّ؛ دلَّت الألف واللام على معنى العموم، وإذا قيل لمخلوق: ربُّ كذا وربُّ كذا؛ نُسب إلى شيء خاص؛ لأنه لا يملك شيئاً غيره اهـ وقال ابن القيم: وتأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة، وهي (الله) و(الرب)، و(الرحمن)؛ كيف نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب، وكيف جمعت الخلق وفرقتهم؛ فلها الجمع، ولها الفرق فاسم (الرب) له الجمع الجامع لجميع المخلوقات؛ فهو رب كل شيء وخالقه والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته وتحت قهره، فاجتمعوا بصفة الربوبية، وافترقوا بصفة الإلهية، فألَّهه وحده السعداء، وأقروا له طوعاً بأنه الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا تنبغي العبادة والتوكل والرجاء والخوف والحب والإنابة والإخبات والخشية والتذلل والخضوع إلاَّ له، وهنا افترق الناس، وصاروا فريقين: فريقاً مشركين في السعير، وفريقاً موحدين في الجنة؛ فالإلهية هي التي فرقتهم كما أنَّ الربوبية هي التي جمعتهم؛ فالدين والشرع، والأمر والنهي –مظهره وقيامه- من صفة الإلهية، والخلق والإيجاد والتدبير والفعل من صفة الربوبية، والجزاء بالثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك، وهو ملك يوم الدين، فأمرهم بإلهيته وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته، وأثابهم وعاقبهم بملكه وعدله، وكل واحدة من هذه الأمور لا تنفك عن الأخرى … إلخ صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص146 الرِّجْلُ وَالْقَدَمَانِ صفةٌ ذاتيةٌ خبريةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بصحيح السنة الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في تحاجج الجنة والنار، وفيه: ((فأما النار؛ فلا تمتلئ حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله، فتقول: قط قط …)) ورواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه بنحوه أثر ابن عباس رضي الله عنه؛ قال: (الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره) أثر أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ قال: (الكرسي موضع القدمين، ولـه أطيطٌ كأطيطِ الرَّحْل) وبهذه الأحاديث والآثار الصحيحة نثبت لله عَزَّ وجَلَّ صفة القَدَم والرِّجل، وأن لله عَزَّ وجَلَّ قدمين – كما في أثر ابن عباس وأبي موسى رضي الله عنهما – تليقان به وبعظمته، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] قال الشـيخ عبد الله الغنيمان في (شرحه لكتاب التوحـيد من صحـيح البخاري) بعد ذكر روايات صفة القدم والرجل: (ففي مجموع هذه الروايات البيان الواضح بأن القدم والرجل – وكلاهما عبارة عن شيء واحد – صفة لله تعالى حقيقة على ما يليق بعظمته) اهـ صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص148 |
المطلب الثاني: الأحاديث الواردة في الحوض الأحاديث الواردة في الحوض متواترة، لا شك في تواترها عند أهل العلم بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسين صحابياً، وقد ذكر ابن حجر أسماء رواة أحاديثه من الصحابة القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 258 ونحن نسوق هنا بعض هذه الأحاديث: فأما عن أنس بن مالك فقال البخاري رحمه الله تعالى: حدَّثنا آدم حدَّثنا شيبانُ حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: ((لما عُرِجَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى السَّماء قال: أتيت على نهرٍ حافَّتاهُ قبابُ اللؤلؤ المجوَّف فقلتُ ما هذا يا جبريلُ؟ قال هذا الكوثر)) وقال رحمه الله تعالى: حدَّثنا أبو الوليد حدَّثنا همام عن قتادة عن أنسٍ عن .. النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. وحدَّثنا هدبة بن خالد حدثنا همامُ حدثنا قتادة حدثنا أنسُ بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((بينما أنا أسيرُ في الجنَّةِ إِذ أنا بنهر حافَّتاهُ قِبابُ الدرِّ المجوَّف، قلت ما هذا يا جبريلُ؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربُّكَ، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر)) شك هُدْبَة .وقال رحمه الله تعالى: حدثنا سعيدُ بن عفير قال حدثني ابنُ وهب عن يونس قال ابن شهاب: حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ قدر حوضي كما بين أَيْلَه وصنعاء من اليمن، وإِنَّ فيه مِنَ الأباريقِ بعدد نجوم السماءِ)) ووافقه على إخراجه مسلم بهذا اللفظ ، وبلفظ: ((ما بين ناحيتي حوْضي كما بين صنعاءَ والمدينة)) وبلفظ ((ترى فيه أباريق الذَّهب والفضة كعدد نجوم السماء)) . وقال البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا مسلم بنُ إبراهيم حدثنا وهيبٌ حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((لَيَرِدَنَّ عليَّ ناسٌ من أصحابي الحوضَ حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقولُ أصحابي، فيقولُ لا تدري ما أحْدثوا بعدك)) . ورواه مسلم بلفظ ((إِنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ليردن علي الحوض رجالٌ ممن صاحَبني حتى إذا رأيتهم وُرفعوا إليَّ اختلجوا دوني، فلأقولن أي ربِّ أصيحابي أصيحابي، فليقالنَّ لي إِنَّك لا تدري ما أَحْدَثوا بعدك)) وأما عن ابن عمر فقال البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا مسدَّدُ حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافعُ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أمامكم حوضٌ كما بين جرباءَ وأذرُح)) ورواه مسلم بلفظ ((ما بين ناحيتيهِ كما بين جَرْباءَ وأذرُح)) وزاد في رواية ((فيه أباريق كنجوم السماءِ، مَنْ ورده فشرب منه لا يظمأ بعدها أبداً)) زاد في أخرى: قال عبيد الله (( فسألته فقال: قريتين بالشَّامِ بينهما مسيرةُ ثلاث ليال)) . وأما عن حارثة بن وهب فقال البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا عليُّ بنُ عبدالله حدثنا حرمي بنُ عمارة حدثنا شعبة عن معبد بن خالد أِنِّه سمع حرثة بن وهب رضي الله عنه يقول: ((سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحوض فقال: كما بين المدينةِ وصنعاءَ)) . وزاد ابن أبي عدي عن شعبة عن معبد بن خالد عن حارثه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((حَوْضه ما بين صنعاءَ والمدينة)) فقال له المستورد: ((ألم تسمعْهُ قال الأواني؟ قال لا. قال المستورد: تُرى فيه الآنيةُ مثل الكواكب)) . ورواه مسلم بهذا اللفظ .وأما عن جندب بن عبدالله فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا عبدان أخبرني أبي عن شُعبة عن عبد الملك قال: سمعتُ جنْدَباً قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((أَنَا فَرَطُكُمْ على الحوض)) . ورواه مسلم هكذا. .وأما عن سهل بن سعد فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا سعيدُ بن أبي مريم حدثنا محمد بن مطوف حدثني أبو حازم عن حازم عن سهل بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إنِّي فرطُكُم على الحوض، من مَرَّ عليَّ شرب، ومَنْ شربَ لم يظمأ أبداً. لَيَرِدَنَّ عليَّ أقوامٌ أعرفهم ويعرفونني ثمَّ يحالُ بيني وبينهم)) قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عيَّاش فقال: هكذا سمعت مِنْ سهل؟ فقلت: نعم. فقال: أشهَدُ على أبي سعيد الخدري لسمعتُهُ هو يزيدُ فيها ((فأقول إنَّهم مِنِّي، فيقالُ: إنَّك لا تدري ما أحْدَثُوا بعدك، فأقول سُحْقاً سُحقاُ لمن غير بعدي)) ورواه مسلم وفيه: ((لمن بدل بعدي)) وأما عن عائشة فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا خالدُ بن يزيد الكاهليَ حدثنا إسرائيلُ عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عَنْ عائشة رضي الله عنها قال: سألتُها عن قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1] قالت: ((نهْرٌ أعطيهِ نبيّكُم صلى الله عليه وسلم شاطئاهُ عليه دُرٌّ مجوَّفٌ آنيته كعدد النجوم)) وقال مسلم رحمه الله تعالى: حدَّثنا ابن أبي عمر حدثنا يحيى بن سليم عن ابن خُثيم عن عبدالله بن عبيد الله بن أبي مُليكة أنَّه سمع عائشة رضي الله عنها تقول: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول وهو بين ظهراني أصحابه ((إنِّي على الحوض أنتظرُ مَنْ يردُ عليَّ منكم، فوالله ليقتطعنَّ دوني رجالٌ فلأقولنَّ أي ربِّ منِّي ومن أُمَّتِي ، فيقول: إنَّك لا تدري ما عملوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم)) وأما عن عقبة بن عامر فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا عمرو بن خالد حدثنا الليثُ عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلَّى على أهل أُحُدٍ صلاته على الميِّتِ، ثم انصرف على المنبر فقال: ((إنّي فرطٌ لكم وأنا شهيدٌ عليكم، وإنِّي والله لأنظُرُ إلى حوضي الآن وإنِّي أعطيت مفاتيح خزائن الأرض – أو مفاتيح الأرض – وإنِّي والله ما أخاف أن تُشْرِكُوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أنْ تنافسوا فيها)) ورواه مسلم بهذا اللفظ ، وبلفظ وصلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على قتلى أُحُدٍ، ثم صعد المنبر كالمودِّع للأحياء والأموات فقال: ((إنِّي فرطُكُم على الحوض، وإنَّ عرضه كما بين أيلة إلى الجُحفة. إنِّي لستُ أخشى عليكم أنْ تشركوا بعدي، ولكنِّي أخشى عليكم الدنيا أنْ تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم)). قال عقبة: وكانت آخر ما رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على المنبر . وأمَّا عن عبدالله بن مسعود فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا يحيى بن حمَّاد حدَّثنا أبو عوانة عن سليمان عن شقيق عن عبدالله رضي الله عنه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم ((أنا فرطُكُمْ على الحوضِ)) .وحدثني عمرو بن علي حدَّثنا محمدُ بن جعفر حدَّثنا شُعبةُ عن المغيرة قال سمعتُ أبا وائل عن عبدالله رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ((أنا فرطُكُم على الحوض، وليُرْفَعَنَّ رجالٌ منكم ثم لَيُختلَجُنَّ دوني فأقول يا ربِّ: أصحابي، فيقال إنَّك لا تدري ما أحْدثوا بعدك)) تابعه عاصم عن أبي وائل، وقال حصين عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وروى مسلم حديث ابن مسعود بلفظ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أنا فَرَطُكُم على الحوض ولأُنازعنَّ أقواماً ثم لأُغلبَنَّ عليهم فأقولُ: يا ربِّ أصحابي أصحابي فيقالُ: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك)) . وأشار إلى حديث حذيفة بنحو رواية الأعمش ومغيرة.وأما عن أبي هريرة فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ المنذر الحزامي حدَّثنا محمدُ بن فليح حدثنا أبي قال حدثنا هلال عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((بينا أنا قائمٌ فإذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرجَ رجلٌ من بيني وبينهم فقال هلمَّ، فقلت إلى أين؟ قال إلى النَّار واللهِ، قلت وما شأنهم، قال إنهم ارتدُّوا بعدك على أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرجَ رجلٌ من بيني وبينهم قال هلمَّ، قلت إلى أين؟ قال إلى النَّار واللهِ، قلت ما شأنهم، قال إنهم ارتدُّوا بعدك على أدبارهم القهقري فلا أراهُ يخلصُ منهم إلا مثل همل النِّعم)) . وله عنه أنه كان يحدِّث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((يردُ عليَّ يوم القيامة رهطٌ من أصحابي فيحلأون عن الحوض فأقولُ يا ربِّ أصحابي، فيقولُ إنَّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنَّهم ارتدُّوا على أدبارهم القهقري)) .وله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة، ومنبري على حوضي)) وقال مسلمٌ رحمه الله تعالى: حدَّثنا عبدالرحمن بن سلامٍ الجمحي حدَّثنا الربيع يعني ابن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال ((لأذودنَّ عن حوضي رجالاً كما تذادُ الغريبة من الإبل)) وله عن أبي حاتم عنه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إِنَّ حوضي أبعد من أيلة من عدنٍ، لهو أشدُّ بياضاً من الثلج وأحلى من العسل باللَّبن، ولآنيتُهُ أكثر من عدد النجوم، وإنِّي لأصدُّ الناس عنه كما يصدُّ الرجل إبل الناس عن حوضه، قالوا يا رسولَ اللهِ أتعرفنا يومئذٍ. قال: نعم، لكم سيما ليست لأحدٍ من الأمم، تردون عليَّ غُرَّاً محجَّلين من أثر الوضوء)) وأما عن عبدالله بن عمرو بن العاص فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا سعيد بن أبي مريم حدَّثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: قال عبدالله بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم ((حَوْضي مسيرةُ شهرٍ ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء من شرب منها فلا يظمأ أبداً)) ، ورواه مسلم بلفظ: ((حوضي مسيرة شهرٍ وزواياه سواء وماؤُه أبيض من الورِقِ وريحُهُ أطيبُ من المسك وكيزانه كنجوم السماءِ، فمن شرب منه فلا يظمأ بعده أبداً)) .وأما عن ابن عباس فهو ما تقدم في أول الباب، وروى ابنُ جرير عن سعيد بن جبير عنه رضي الله عنه قال: الكوثرُ نهرٌ في الجنَّة حافَّتاه من ذهبٍ وفضةٍ يجري على الياقوت والدُرَّ ماؤُه أبيض من الثلج وأحلى من العسل .وله عن عطاء بن السائب قال قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جبير في الكوثر؟ قلت: حدَّثنا عن ابن عباس: أنه الخير الكثير، فقال صدق والله إنه للخير الكثير، ولكن حدَّثنا ابن عمر قال: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الكوثر نهرٌ في الجنَّة حافَّتاه من ذهبٍ يجري على الدر والياقوت)) . وأما عن أسماء فقال البخاريُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا سعيدُ بن أبي مريم عن نافع بن عمر، قال حدثني بن أبي مليكة عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنِّي على الحوض حتى أنظر من يردُ عليَّ منكم، وسيؤْخذ ناسٌ دوني فأقول: يا ربِّ مِنِّي ومن أُمَّتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك واللهِ ما برحوا يرجعون على أعقابهم)). وكان ابن أبي مليكة يقول ((اللَّهُمَّ إنَّا نعوذ بك أَنْ نرجع على أعقابنا أو نُفتن عن ديننا)) ورواه مسلم بسند حديث عبدالله بن عمرو متصلا بمتنه ولفظه كلفظ البخاري .وأما عن ثوبان فقال مسلمٌ رحمه الله تعالى: حدَّثنا أبو غسان المسمعيُّ ومحمد بن المثنى وابنُ بشار وألفاظهم متقاربة قالوا: حدَّثنا معاذُ وهو ابنُ هشام حدَّثني أبي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمريُّ عن ثوبان رضي الله عنه أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنِّي لَبِعُقْرِ حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم، فسئل عن عرضه فقال: من مقامي إلى عمّان، وسُئل عن شرابه فقال: أشدُّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل يغت فيه ميزابان يمدَّانه من الجنة أحدهما من ذهبٍ والآخر من ورق)) .وقال الترمذي رحمه الله تعالى: حدَّثنا محمد بن إسماعيل أنبأنا يحيى بن صالح أنبأنا محمدُ بن مهاجر عن العباس عن أبي سلام الحبشي قال: بعث إليّ عمر بن عبد العزيز فحملت على البريد فلمَّا دخل عليه قال: يا أميرَ المؤمنين لقد شقَّ عليَّ مركبي البريد. فقال: يا أبا سلاّم ما أردت أن أشق عليك، ولكن بلغني عنك حديث تحدِّثه عن ثوبان عن النَّبيّ.. صلى الله عليه وسلم في الحوض فأحببت أن تشافهني به، قال أبو سلام: حدَّثني ثوبانُ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((حوضي من عدن إلى عمَّان البلقاءِ، ماؤُه أشدُّ بياضاً من اللبن وأَحْلى من العسل، وأكوابه عدد نجوم السماء، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبداً، أوَّل الناس وروداً عليه فقراء المهاجرين، الشُّعث رؤوساً الدُّنس ثياباً، الذين لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم السدد)) قال عمر: لكنِّي نكحت المتنعمات وفتحت لي السدد، ونكحت فاطمة بنت عبد الملك، لا جرم إِنِّي لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ . ورواه ابن ماجه بلفظ ((إنَّ حوضي ما بين عدنٍ إلى أيلة أشدُّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، أكاويبه كعدد نجوم السماء، من شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً)) الحديث وفيه قال: فبكى عمر حتى اخضلت لحيته. وفيه ((ولا أدهن رأسي حتى يشعث)) . وأما عن أبي ذر فقال مسلمٌ رحمه الله تعالى: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لابن أبي شيبة، قال إسحاق أخبرنا - وقال الآخران حدثنا - عبد العزيز بن عبد الصمد العمى عن أبي عمران الجوني عن عبدالله بن الصامت عن أبي ذر قال: ((قلتُ يا رسول الله ما آنية الحوض؟ قال: والذي نفس محمدٍ بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها، ألا في الليلة المظلمة المصحية. آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه يشخُب فيه ميزابان من الجنة من شرب منه لم يظمأ. عرضه مثل طوله ما بين عمَّان إلى أيْلة ماؤُه أشدُّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل)) رواه الترمذي بهذا اللفظ وقال: حسن صحيح غريب .وأمَّا عن أم سلمة رضي الله عنها فقال مسلمُ بن الحجاج: حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفيُّ أخبرني عبدالله بن وهب أخبرني عمرو وهو ابن الحارث أنَّ بكيراً حدَّثه عن القاسم بن عباس الهاشمي عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة عن أُمِّ سلمة زوج النبي.. صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت: ((كُنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان يوماً من ذلك والجارية تمشُطني فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيُّها الناس. فقلت للجارية: استأخري عني. قالت: إنَّما دعا الرجال ولم يدع النساء. فقلت: إنِّي من الناس. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لكم فرطٌ على الحوض، فإيَّاي لا يأْتينَّ أحدكم فيذبُّ عني كما يذبُّ البعير الضال، فأقول فيم هذا؟ فيقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقاً)) .وأما عن جابر بن سمرة فقال مسلم رحمه الله تعالى: حدَّثني الوليد بن شجاع بن الوليد السَّكوني حدثني أبي رحمه الله تعالى: حدَّثني زياد بن خيثمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة عن رسولِ الله.. صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا إِنِّي فرطٌ لكم على الحوض، وإِنَّ بُعْدَ ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأَيلة، كأَنَّ الأباريق فيه النجوم)) . وأَمَّا عن زيد بن أرقم فقال أبو داود رحمه الله تعالى: حدَّثنا حفص بن عمر النمري حدَّثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة عن زيد بن أرقم قال: ((كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلاً فقال: ما أنتم بجزءٍ من مائة ألف جزءٍ ممَّن يرد عليَّ الحوض. قال قلت: كم كنتم يومئذٍ؟ قال: سبعمائة أو ثمانمائة)) .وأما عن سمرة بن جندب فقال الترمذيُّ رحمه الله تعالى: حدَّثنا أحمد بنُ نيزك البغداديُّ أنبأنا محمد بكَّار الدمشقي أنبأنا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن بن سمرة قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ لكلِّ نبيٍّ حوضاً وإِنَّهم يتباهون أَيُّهم أكثر وارده، وإِنِّي أرجو أن أكون أكثرهم وارده)) .وقال ابن ماجه رحمه الله تعالى: حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن أبي مالك سعدِ بن طارق عن ربعيِّ عن حذيفة قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ حوضي لأبعد من أيلة إلى عدنٍ، والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد النجوم، ولهو أشدُّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، والذي نفسي بيده إِنِّي لأذود عنه الرجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه. قيل: يا رسول الله أتعرفنا؟ قال: نعم تردون عليَّ غُرّاً محجَّلين من أَثر الوضوء، ليست لأحدٍ غيركم)) . ورواه مسلم في الطهارة بهذا اللفظ وبهذا السند .وأما عن أبي برزة فقال أبو داود رحمه الله تعالى: حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم حدَّثنا عبد السلام بن أبي حازم أبو طالوت قال: شهدتُ أبا برزة دخل على عبيدِ الله بن زيادٍ فحدَّثني فلانٌ سماه مسلم وكان في السِّماط فلما رآه عبيدُ اللهِ قال إِنَّ محمديكم هذا لدحداح، ففهمها الشيخ فقال: ما كنت أحسب أَنِّي أبقى في قومٍ يعيروني بصحبةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال له عبيد الله: إِنَّ صحبة محمدٍ صلى الله عليه وسلم لك زين غير شين، ثم قال: إِنَّما بعثت إليك لأسألك عن الحوض، سمعت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئاً؟ فقال أبو برزة: نعم لا مرَّة ولا اثنتين ولا ثلاثاً ولا أربعاً ولا خمساً، فمن كذب به فلا سقاهُ الله منه، ثم خرج مغضباً . وأما حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ فقال ابن ماجه رحمه الله تعالى: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدَّثنا محمد بنُ بشرٍ حدَّثنا زكريا حدَّثنا عطية عن أبي سعيد الخدري أَن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ لي حوضاً ما بين الكعبة وبيت المقدس أبيض من اللبن آنيته عدد النجوم، وإِنِّي لأكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة)) . وأما عن عبدالله بن زيد فرواه البخاري ومسلم عنه مطولاً في قصة قسم غنائم حنين، وفي آخره قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار رضي الله عنهم: ((إنَّكم ستلقوْنَ بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلْقَوْنِي على الحوض)) وأما عن أسامة بن زيد فقال ابن جرير رحمه الله تعالى: حدَّثني البرني حدَّثنا ابن أبي مريم حدَّثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخبرني حرامُ بنُ عثمان عن عبدالرحمن الأعرج عن أسامة بن زيد: ((أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب فلم يجده فسأل عنه امرأته وكانت من بني النجار فقالت: خرج يا نبيَّ الله عامداً نحوك، فأظنُّه أخطأك في بعض أزقة بني النجار. أوَلا تدخل يا رسول الله؟ فدخل، فقدمت إليه حيساً فأكل منه، فقالت: يا رسولَ الله هنيئاً لك ومريئاً، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك لأهنيك وأمريك، أخبرني أبو عمارة أنَّك أعطيت نهراً في الجنة يدعى الكوثر. فقال: أجل وعرضه – يعني أرضه – ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ)) . قال ابن كثير رحمه الله تعالى: حرام بنُ عثمان ضعيف، ولكن هذا سياق حسن، وقد صحّ أصل هذا بل قد تواتر من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث .اهـ. قلت: وقد ذكرنا منها ما تيسر. وفي الباب عدة أحاديث غير ما ذكرنا، ولمن ذكرنا من الصحابة أحاديث أخر لم نذكرها، ولهم روايات في الأصول التي عزونا إليها غير ما سقناه، وإنما أشرنا إشارة إلى بعضها لتعرف شهرة هذا الباب واستفاضته وتواتره مع الإيجاز والاختصار. ولله الحمد والمنة. معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص 1047 وقد أورد القرطبي في (التذكرة) بعض الأحاديث التي سقناها ثم قال: قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين: فكل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض، المبعدين عنه، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدلون. وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وتطميس الحق وقتل أهله وإذلالهم والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع . ثم البعد قد يكون في حال ، ويقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال ، ولم يكن في العقائد ، وعلى هذا يكون نور الوضوء يعرفون به ، ثم يقال لهم: سحقاً، وإن كانوا من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يُظهرون الإيمان ويسرون الكفر فيأخذهم بالظاهر ، ثم يكشف لهم الغطاء فيقال لهم: سحقاً سحقاً، ولا يخلد في النار إلا كل جاحد مبطل، ليس في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 262 |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. آلجُزْْءْ آلثآني ]] | | ▐الخلــود ▐| | ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ | 19 | 15-12-2009 09:29 AM |
المَوْسُوعَةُ العَقَدِيَّةُ .. آلجُزْْءْ الآوَلْ ]] | | ▐الخلــود ▐| | ●{منْتدَى نْفحآتْ روٌحــآنيِهـ إسْلاميّة ~ | 24 | 15-12-2009 09:04 AM |