لا.. الأماكن ليست مشتاقة لأحد غيرك، فهي أجمل عندما تتحرّر من الذكريات.. الطرقات أجمل عندما لا تقود إلى مشوارٍ مضى، والابتسامة أجمل عندما تتحرّر من عبء الحنين، والضحكة أجمل عندما تدوّي بعيداً عن غصّة الشوق..
كلّ شيء أجمل عندما تلقي الروح عن كتفيها الذكرى والحنين.. الحياة أجمل عندما يغيب عنك..
عن ذاكرتك.. عن قلبك.. عن روحك.. عن مفردات كلماتك.. كلُّ ما كنت تعتقد أنّه معك، وكلّ ما كنت تعتقد أنّه لك.
تعيش المكان حنيناً.. ذهب الحنين وبقي المكان.. مكانك..
الابتسامة مرهونة بذكرى مؤلمة، أقفل الذكرى، وأطلق الابتسامة.. ابتسامتك.. ألست صانع المكان وصانع الابتسامة؟، بلى أنت، لذلك لا تعطهما أحداً، لا تجعل أحداً يسرقهما منك..
لا تعش ذاكرة أحد.. اصنع في كلّ يوم تعيشه مكاناً لك، وأصنع في كلّ يوم تعيشه ابتسامة لك..
دعها تمضي، دعها تمرّ.. لا تتمسّك بها، فهي حبال من رمل، لا تعشها.. فهي وهم حياة، لا تقارن معها.. فهي حضور انتهى..
الأماكن تشتاق لك وحدك، والابتسامة تحضن شفتيك وحدك.. جرّب مرة أن تخرج من ذكرياتك، جرّب أن تقود روحك في الطريق وحدك، جرّب أن تقول ما كنت تقوله بكلماتك.. جرّب أن تكون حراً من كلّ ما لست حراً به، وما لست حراً فيه، وما لست حراً له..
لأنّ الأماكن مشتاقة لك، أنت وحدك، أنت وقلبك وابتسامتك وحريتك.. ألست صانع كلِّ هذه الأشياء في النهاية...